هل صحيح أن أبو بكروعمر ظلما فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) و آذوها ؟
الاجابة للشيخ صالحالكرباسي
ليس هذا القول إدعاءً من الشيعة بل هو حقيقة أثبتها التاريخ السُني قبلالشيعي ، و مع الأسف فإن الخليفتين قد روعا الزهراء ( عليها السلام ) و لم يرعيا فيهاوصايا الرسول ( صلى الله عليه و آله ) حتى ماتت و هي غاضبة عليهما ، و هي التي قالالمصطفى ( صلى الله عليه و آله ) بشأنها : " فاطمة بضعة منّي ، فمن أغضبها فقدأغضبني " [1].
و قال ( صلى اللهعليه و آله ) : " يا فاطمة إنّ اللّه يغضب لغضبك ويرضى لرضاك " [2] .
و هي سيدة نساء العالمين، حيث أن النبي ( صلى الله عليه و آله ) قال : " يا فاطمة ألا ترضين أن تكونيسيّدة نساء العالمين ، و سيّدة نساء هذه الأُمّة ، و سيدة نساء المؤمنين " [3] .
و لقد قال الله عَزَّو جَلَّ : ﴿ وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْأُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَآمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾[4].
فإغضابها و إيذائهاإغضاب لله عَزَّ و جَلَّ و للرسول ( صلى الله عليه و آله ) و موجبٌ للعذاب الأليم كماصرَّح القرآن الكريم بذلك .
هذا و قد و رَوىالبخاري في كتاب الخمس قائلاً : فغضبت فاطمة بنت رسول اللّه فهجرت أبا بكر فلم تزلمهاجرته حتى توفيت [5] .
و أخرج البخاري أيضاًفي كتاب الفرائض و قال : فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت [6] .
و ذكر البخاري أيضاًفي كتاب المغازي في باب غزوة خيبر قوله : فوجدت [7] فاطمة على أبي بكر فهجرته فلم تكلمهحتى توفيت [8].
بعض ما رواه علماءالسنة في ترويعهما و ظلمهما لها :
1. يقول البلاذري [9] ـ بعد ذكره لحادثة السقيفةالمريرة ـ : إنّ أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة ، فلم يبايع ، فجاء عمر و معه فتيلة، فتلقته فاطمة على الباب ، فقالت فاطمة : يا ابن الخطاب أتراك محرقاً عليَّ بابي ؟قال : نعم ، و ذلك أقوى فيما جاء به أبوك [10] .
2. نقل عبد الحميد بن هبة اللّه المدائني المعتزليالمتوفّى عام 655 عن كتاب السقيفة لأحمد بن عبد العزيز الجوهري انّه قال : لما بويعلأبي بكر ، كان الزبير و المقداد يختلفان في جماعة من الناس إلى عليّ ، و هو في بيتفاطمة ، فيتشاورون و يتراجعون أمورهم ، فخرج عمر حتى دخل على فاطمة ( عليها السلام) ، و قال : يا بنت رسول اللّه ، ما من أحد من الخلق أحبّ إلينا من أبيك ، و ما منأحد أحبّ إلينا قلت بعد أبيك ، و أيم اللّه ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندكأن آمر بتحريق البيت عليهم ، فلمّا خرج عمر جاءوها ، فقالت : تعلمون إن عمر جاءني ،و حلف لي باللّه إن عدتم ليحرقن عليكم البيت ، و أيم اللّه ليمضين لما حلف له [11] .
3. قال ابن عبد ربه الأندلسي [12] لدى ذكر الذين تخلّفواعن بيعة أبي بكر : علي و العباس ، و الزبير ، و سعد بن عبادة ، فأمّا علي و العباسو الزبير فقعدوا في بيت فاطمة حيث بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليُخرجهم من بيتفاطمة ، و قال له : إن أبوا فقاتلهم ، فأقبل بقَبَسٍ من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة ، فقالت : يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا ؟ قال : نعم ، أو تدخلوافيما دخلت فيه الأُمّة [13] .
4. و رَوى محمد بن جرير الطبري [14] قائلاً : أتى عمربن الخطاب ، منزل علي و فيه طلحة و الزبير و رجال من المهاجرين فقال : واللّه لأحرقنّعليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة فخرج عليه الزبير ، مصلتاً بالسيف فعثر فسقط السيف منيده فوثبوا عليه فأخذوه [15] .
5. أخرج عبد اللّه بن محمد بن أبي شيبة الكوفي العبسيـ المتوفّى سنة 235 ـ في كتابه " المصنف " ، في الجزء الثاني في باب" ما جاء في خلافة أبي بكر و سيرته في الردة " ، قال : حدّثنا محمد بن بشر، حدّثنا عبيد اللّه بن عمر ، حدّثنا زيد بن أسلم ، عن أبيه أسلم ، انّه حين بويع لأبيبكر بعد رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه و آله و سلَّم ـ كان علي و الزبير يدخلان علىفاطمة بنت رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه و آله و سلَّم ـ فيشاورونها و يرتجعون في أمرهم، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتّى دخل على فاطمة ، فقال : يا بنت رسول اللّه ـصلَّى الله عليه و آله و سلَّم ـ واللّه ما من أحد أحبّ إلينا من أبيك ، و ما من أحدأحبّ إلينا بعد أبيك منك ، و أيم اللّه ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك ،إن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت ! قال : فلما خرج عمر جاءوها ، فقالت : تعلمون أنّ عمرقد جاءني و قد حلف باللّه لئن عدتم ليحرقن عليكم البيت ، و أيم اللّه ليمضين لما حلفعليه ، فانصرفوا راشدين ، فَرَوا رأيكم و لا ترجعوا إلي ، فانصرفوا عنها فلم يرجعواإليها حتّى بايعوا لأبي بكر [16] .
6. و يقول عمر رضا كحالة [17] : و تفقد أبو بكر قوماًتخلفوا عن بيعته عند علي بن أبي طالب كالعباس و الزبير و سعد بن عبادة فقعدوا في بيتفاطمة ، فبعث أبو بكر إليهم عمر بن الخطاب ، فجاءهم عمر فناداهم و هم في دار فاطمة، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب ، و قال : و الذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنّهاعلى من فيها ، فقيل له : يا أبا حفص إنّ فيها فاطمة ، فقال : وإن ... ثمّ وقفت فاطمةعلى بابها ، فقالت : " لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم تركتم رسول اللّهـ صلَّى الله عليه و آله و سلَّم ـ جنازة بين أيدينا و قطعتم أمركم بينكم لم تستأمروناولم تردوا لنا حقاً " [18] .
إلى غيرها من المصادرالتي ذكر فيها علماء السنة هذه القضية المؤلمة [19] .
7. نقل صاحب كتاب " الوافي بالوفيات "[20] عن النظام المعتزلي [21] قال : إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتّى ألقت المحسنفي بطنها [22].
8. رَوى أحمد بن محمد المعروف بابن أبي دارم [23] ،انّ عمر رفص فاطمة حتى أسقطت بمحسن [24] .
9. و رَوى الطبراني صاحب المعجم الكبير المعجم[25] حديث عبد الرحمن بن عوف أبا بكر في مرضه الذي توفّي فيه ، فقال أبو بكر له : أمّاأني لا آسى على شيء إلاّ على ثلاث فعلتهن و وددت أني لم أفعلهن ، و ثلاث لم أفعلهنوددت أني فعلتهن ، و ثلاث وددت أني سألت رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه و آله و سلَّمـ عنها ، فأمّا الثلاث اللاتي وددت أني لم أفعلهن ، فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمةو تركته و إن أُغلق على الحرب ، و وددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر فيعنق أحد الرجلين أبي عبيدة أو عمر ، فكان أميراً و كنت وزيراً ... [26] .
10. و يقول الدكتور عبد الفتاح في حادثة الدار :
إنّ عمر قال : والذي نفسي بيده ، ليخرجنّ أو لأحرقنّها على من فيها .
قالت له طائفة ـخافت اللّه ، و رعت الرسول في عقبه ـ : يا أبا حفص إن فيها فاطمة !
فصاح لا يبالي :و إن!
و اقترب و قرع الباب، ثمّ ضربه و اقتحمه ... و بدا له عليّ .
و رنّ حينذاك صوتالزهراء عند مدخل الدار .
فان هي إلاّ رنةاستغاثة أطلقتها " يا أبت رسول اللّه ... " [27] .
هذا و تجدر الاشارةهنا إلى أن ما ذكرناه في ظلامة الزهراء ( عليها السلام ) إنما كان على سبيل الايجازو الاختصار ، و من شاء التفصيل فليراجع المصادر التالية ليطلع على ما لقيته سيدة نساءالعالمين فاطمة بنت رسول الله :
1. الحجة الغرَّاء على شهادة الزهراء ( عليهاالسلام ) ، للعلامة المُحقق آية الله الشيخ جعفر السبحاني ( حفظه الله ) .
2. مظلومية الزهراء ، للعلامة السيد علي الحسينيالميلاني ( حفظه الله ) .
3. الهجوم على بيت فاطمة ( عليها السلام )، لعبد الزهراء مهدي .
====
المصادر:
[1] فتح الباري في شرح صحيح البخاري : 7 / 84 ، و أيضاًصحيح البخاري : 4 / 210 ، طبعة دار الفكر ، بيروت .
[2] مستدرك الحاكم : 3 / 154 ، و مجمع الزوائد : 9/ 203 ، و قد استدرك الحاكم في كتابه الأحاديث الصحيحة حسب شروط البخاري و مسلم و لكنلم يخرجاه ، و على ذلك فهذا الحديث صحيح عند الشيخين و هو متفق عليه .
[3] المستدرك ( للحاكم ) : 3 / 156 .
[4] القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية :61 ، الصفحة : 196 .
[5] صحيح البخاري : 4 / 42 ، دار الفكر ، بيروت .
[6] صحيح البخاري : 8 / 30 ، دار الفكر ، بيروت .
[7] وجدت عليه : أي غضبت عليه .
[8] صحيح البخاري : 5 / 82 ، دار الفكر ، بيروت .
[9] هو أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري البغدادي من أعلامالقرن الثالث الهجري ، صاحب التاريخ المعروف بـ " أنساب الأشراف " ، وصفهالذهبي في كتاب "تذكرة الحفاظ" ناقلاً عن الحاكم بقوله : كان واحد عصره فيالحفظ و كان أبو علي الحافظ و مشايخنا يحضرون مجلس وعظه يفرحون بما يذكره على رؤوسالملأ من الأسانيد ، و لم أرهم قط غمزوه في إسناد ، راجع : تذكرة الحفاظ : 3 / 892برقم 860.
[10] أنساب الأشراف : 1 / 586 ، طبعة دار المعارف بالقاهرة .
[11] شرح نهج البلاغة : 2 / 45 ، تحقيق محمد أبو الفضلإبراهيم.
[12] هو شهاب الدين أحمد المعروف بابن عبد ربه الأندلسي( المتوفّى عام 463 هـ ) .
[13] العقد الفريد : 4 / 87 ، تحقيق خليل شرف الدين .
[14] محمد بن جرير الطبري ( 224 ـ 310 هـ ) صاحب التاريخو التفسير الشهيرين .
[15] تاريخ الطبري : 2 / 443 ، طبعة بيروت .
[16] المصنف : 8 / 572 ، طبعة دار الفكر ، بيروت ، تحقيقو تعليق سعيد محمد اللحام .
[17] كاتب و أديب معاصر معروف ، له مؤلفات عديدة منها: معجم المؤلفين ، الطلاق ، علوم الدين الإسلامي ، معجم قبائل العرب ، المرأة في القديمو الحديث.
[18] أعلام النساء : 4 / 114 .
[19] لمزيد من التفصيل يراجع كتاب الحجة الغراء في شهادةالزهراء ( عليها السلام ) ، لمؤلفه العلامة المُحقق آية الشيخ جعفر السبحاني ( حفظهالله) .
[20] هو صلاح الدين خليل بن إيبك الصفدي .
[21] هو إبراهيم بن سيار البصري المعتزلي المشهور بالنظام( 160 ـ 231هـ ) ، و قالت المعتزلة إنّما لقب بالنظام لحسن كلامه نظماً و نثراً ، وكان ابن أُخت أبي هذيل العلاف شيخ المعتزلة ، و كان شديد الذكاء .
[22] الوافي بالوفيات : 6 / 17 .
[23] مُحدِّثٌ كوفي توفى سنة 357 هجرية ، عرَّفه الذهبي، بقوله : كان موصوفاً بالحفظ و المعرفة .
[24] ميزان الاعتدال : 1 / 139 ، رقم الترجمة : 552 .
[25] هو أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (260 ـ360 هـ ) ، عرَّفه الذهبي في ميزان الاعتدال بقوله : حافظ ثبت ، راجع ميزان الاعتدال: 2 / 195 ، رقم الترجمة 3423 .
[26] المعجم الكبير : 1 / 62 ، برقم 43 .
[27] عبد الفتاح عبد المقصود ، في كتابه : الإمام عليعليه السَّلام : 4 / 274 ـ 277
.