إبتكار مدرسة فنون الرّسموالتّشكيل الرّيادي
بقلم: حسين أحمد سليم
آل الحاج يونس
المُصمّم المُبتكروالمخترع اللبناني, الفنّان التّشكيلي المتمرّس القدير والرّسّام الهندسي الفنّيالخبير.
تعلّمتُ من مهنتي الهندسيّةالمكتبيّة والميدانيّة, ومن إختصاصاتي الفنّيّة الجميلة والتّشكيليّةوالتّدريسيّة, ومن علاقاتي المتشعّبة مع جمهرة الكتّاب والفنّانين ووسائل الإعلام,تعلّمت الشّيء الكثير الكثير في مجالات عديدة ومتنوّعة... بحيث زاد ما تعلّمتوإكتسبت في تطوير وتحديث تقنيّاتي, وزاد فيها أكثر فعل ممارساتي الكثيفة لفنونالرّسم الهندسي والتّشكيل الفنّي النّظري والتّطبيقي, وقد ساهمت تقنيّاتي المتطوّرةوالمستحدثة في مستوى جودة رسوماتي ونتاجاتي الفنّيّة المختلفة...
وكان لمواكبتي وتفاعلي معثورة التّقنيّات الحديثة وثورة العولمة الثّقافيّة عبر الشّبكات العالميّةالعنكبوتيّة للمعلومات الأنترنت, كان لها التّأثير المباشر والفاعل, لتحوّلي فيمرونة أناملي من حركات الفعل اليدوي التّقليدي, بإستخدامات الأدوات الهندسيّةوالفنّيّة التّقليديّة, إلى إستخدامات الحاسوب الرّقمي, وتطبيقات برمجيّاتهالتّشغيليّة والتّنظيميّة والهندسيّة والفنّيّة والإستعراضيّة, ما زاد في إتّساعرقعة وإمتدادات خيالاتي في البعد الآخر, ممتطياً صهوات أثير منتديات ومواقعوبرمجيّات الشّبكة العالميّة العنكبوتيّة للمعلومات الأنترنت, لتتناهى لوجدانيالخيالي, المُضمّخ بثقافة شرقيّة متماذجة مع ثقافات أخرى حضاريّة, وتتشارق ومضاتمن الرّؤى المشهديّة, التي حرّضت سبات أفكاري في ضجعتها, وأثارت سكينة كوامني فيهجعتها, للكشف عمّا يتساكن هادئاً في ثنايا وجداني, وخلق وإبتكار ما يعتلج ثائراًفي خفايا تفكّري, وما تتشاغف به حناياي الإستشعاريّة المعرفيّة, وما يتكاثف فيوعيي الباطني, إستقراءً وتفرّساً فيما يتماهى في البعد والقرب, ممّا يتجلّى عظمةًتدلّ على عظمة الخالق ووحدانيّته...
هناك في رحاب كينونة بدائعصنع الخالق, حيث رسا شراعي الهائم التّائه في الأبعاد اللامتناهية, رسا بعد رحيلوإرتحال وتراحل, وهدأ ساكناً بعد إضطّراب, وصراعات على صهوات الأمواج في عباباتالإمتدادات, ليتهادى مترنّحاً في ثمله الفكريّ والمعرفيّ عند شاطيء مرفأ القنديلالأزرق, ذلك المرفأ التّاريخيّ الذي أشارت له وردة رياحي, وأومأت إليه بوصلةمغناطيسيّتي الجغرافيّة...
هناك حيث لفظني ذلك الحوتالبحريّ القدريّ من أحشائه, بعد زمن من العيش القسري في ظلماته, طائفاً بي حولمنظومة الثّقافة المعولمة... هناك تحت تلك الشّجرة التّاريخيّة, عند فعل إقترانحبيبات الرّمال الصّفراء بالأمواج الثّائرة الرّافضة, رُغم حركة فعل إنكساراتهاالدّائبة عند صلابة وعناد تلك الصّخور التي أبدع الله في صنعها, وحيث الرّذاذيتشظّى ويتطاير عالياً, ومع كلّ قطرة ماء متطايرة, تخترقها أشعّة سيّالات الشّمس,ليتجلّى الطّيف اللوني الأبيض في حزمة لونيّة أخرى سباعيّة الألوان, تتلامعوتتماهى كما اللؤلؤ البرّاق...
هناك عند شاطيء بلادي القريبمن مدينة الغدّ عاصمة وطني, حيث يحوطها حزام البؤس كإحاطة الهلال لنجمة الصّبح...هناك, إفترشت الرّمال الباردة مع طلوع الفجر, وإلتحفت الأنسام الغربيّة البحريّةاللطيفة, التي حلي لها أن تُدغدغ وجهي وجبهتي وأفكاري... هناك وأنا مستلق عند لقاءالحبّ بين مياه الأمواج والرّمال, وقرينتي القدريّة الوضحويّة تحوطني بحنان ودفءرعايتها, وتغمرني بما جعل الله بينها وبيني من مودّة ورحمة, غفوت قدراً على ذراعهاالحاني, وإمتطيت صهوات البهد الآخر تفكيريّاً, وإرتحلت في غيبوبة التّجلّيات,لتبدأ رحلتي القدريّة ريادة فنّيّة في البعد, هياماً في رؤى إبتكار وخلق وتصميمإبداع جديد, حبل به عقلي المقلبن, وإستشعر به قلبي المعقلن, فوعيت وعيي الباطني,وعرفت عرفاني الذّاتي, ووسمت إبتكاري الجديد ذاتيّاً, بمدرسة فنون الرّسموالتّشكيل الرّيادي...
الكشفيّة التي شغلتني ردحاًمن الزّمن ولا زالت تستفذّني بالمحاكاة, من رحم هذه الكشفيّة وفنونها وتطبيقاتهاالرّياديّة في المخيّمات, ومن وحي التّجمّعات للكشّافين بين الأشجار وعند ضفافالأنهار, وموسقات الأطيار وحفيف أجنحة الفراشات والأوراق النّباتيّة, ومن تلكاللوحات الرّياديّة عند مداخل المخيّمات وعند فتحات الخيم الثّمانيّة الشّكل... منتلك المشهديّات الفنّيّة المتماهية بذاتها, إستقرأت الأبعاد الأخرى لتلك الفنون الكشفيّة,وإستنبطتُ معالم فنون الرّسم والتّشكيل الرّيادي, وعكفتُ أجتهد في وضع بعض ماتراءى لوجداني, من قواعد وأسس وضوابط في حركة فعل أسلبة وتنظيم معالم هذه المدرسة,التي تُعنى فنّيّاً في رسم وتشكيل اللوحة والمشهديّة الرّياديّة...
النّقطة المجرّدة بالمفاهيمالهندسيّة, تتحرّك بإنتظام وتتابع لتُكوّن الخطّ, ويتمّ تحديد الخطّ بطرفيه, مهماطال أو قصر... فالخطّ المُحدّد الطّرفين, الممتدّ بين نقطتين متقابلتين, الواقعتينعلى مسافة متساوية مع غيرها في الطّول أو غير متساوية, هذا الخطّ المتقاطع مع غيرهمن مثيله بزاوية ضيّقة أو منفرجة, ليتشكّل من تكرار صور تقاطعه شكلاً آخر, قد يكونشبه جزء من خطّ دائري أو محيط دائرة, وقد يكون خطّاً شعاعيّاً, يمتدّ من نقطةمعيّنة وجامعة, وإلى أبعاد متساوية أو غير متساوية, لتستقرّ جميع هذه الأشعّة عندخطّ مستقيم, أو منكسر, أو دائريّ أو لولبي أو حلزوني أو غير منتظم, ذلك تبعاًللشّكل التّصميمي المحدّد...
الخطّ المستقيم إذن هوالنّموذج القياسي الأوحد الإستخدام, لرسم وتشكيل اللوحة والمشهديّة الفنّيّةالرّياديّة, وقد يكون هذا الخطّ بالمستوى الأفقي, أو يتّخذ المستوى الرّأسيالعامودي, أو يكون مائلاً ذات اليمين أو مائلاً ذات اليسار, بزوايا متعدّدة القيم,وقدي يكون شعاعيّاً... من رسمه وتشكيله وفنون تصميمه وتحديده وتكراره, تتشكّل لوحةأو مشهديّة أو جداريّة ما, أو من الممكن تحويلها كعمل يديوي إبداعي, بأسلوب ما ذاتطابع تجريدي أو سوريالي أو تكعيبي أو تعبيري أو ترميزي أو تنقيطي أو إصطلاحي أوديني... لأشكال وهيئات متنوّعة من صور ترميزيّة للإنسان بكافّة حركاته وأوضاعهالجسديّة, وصور الحيوان من وحوش ودواجن وطيور وزواحف وأسماك وعصافير وحمائموطوواويس وفراشات, ومن تشكيلات نباتيّة مختلفة كالأشجار والنّباتات والورودوالأزهار والرّياحين, ومن أشكل لوسائل النّقل كالسّيّارات والطّائرات والبالوناتوالأشرعة والمراكب والحوّامات...
والرّسم بالخطوط المستقيمةالمتوازية, الممتدّة بأطوال مختلفة بين سطحين مختلفين, أحدهما أفقي والآخر رأسي,يُعطي إنعكاساً لسطوح مائلة جميلة الهيئة, توحي بالبعد والعمق... والرّسم كذلكبالخطوط المستقيمة المتقاطعة فيما بينها بأسلوب فنّيّ مميّز, يعكس مشهديّة فائقةالجمال والإنتظام, توحي بالبعد والعمق, بفعل تدرّجها من الإتّساع فيما بينها إلىالكثافة فالتّماذج...
وفي العمليّة التّنفيذيّةالتّطبيقيّة, لو رسمنا خطّان مستقيمان, يلتقيان في نقطة مشتركة عند أحد طرفيهما,فيما يبقى طرفهما الآخران لكلّ منهما في حالة متحرّرة, ليُشكّلان زاوية ما, ضيّقةأو منفرجة... وقمنا بتقسيم هذهين الخطّين لمسافات معيّنة متساوية أو غير متساوية,إنّما متطابقة في العدد, ثمّ قمنا برسم خطوط مستقيمة ومتكرّرة, يصل كلّ منها بيننقطتين متقابلتين, بحيث يتقاطعان كلّ خطّين في نقطة ما على إمتداد كلّ منهما...بحيث نبدأ برسم الخطّ المستقيم الأوّل من النّقطة الأولى عند رأس الخطّ الرّئيسيالأوّل, وليكن الرّأسي المتعامد على الخطّ الآخر... ونمتدّ به إلى موقع النّقطةالأولى للخطّ الأساسي الآخر, الموجودة عند طرف المسافة الأولى من طرف الخطّالأساسي الأوّل... ثمّ نرسم الخطّ المستقيم الثّاني, إبتداءً من النّقطة الثّانيةعلى إمتداد الخطّ الأساسي الأوّل, ليصل إلى النّقطة الثّانية, الواقعة على إمتدادالخطّ الأساسي الثّاني, عند طرف المسافة الثّانية من طرف الخطّ الأساسي الأوّلالمتّصل طرفه بطرف الخطّ الآخر... وهكذا دواليك, حتّى الإنتهاء من رسم جميع الخطوطالمستقيمة بين جميع نقاط ومسافات الخطّ ألرّئيسي الأوّل, وجميع نقاط ومسافات الخطّالرّئيسي الثّاني, قياساً وتطابقاً بنفس وتيرة رسم الخطوط الأولى... لتتكوّن فيالمحصّلة النّهائيّة معنا, لوحة لافتة من مجموعة من الخطوط المستقيمة المتقاطعة,والتي يرسم تقاطعها فيما بينها مساراً منحنياً وشبه دائري, هو عبارة عن جزء منعناصر محيط دائرة ما... وهو ما يعكس لنا مشهديّة بمسحة من جمال أخّاذ, لتوزيعالخطوط المستقيمة الممتدّة على هذا الشّكل الجميل البسيط, ممّا يرسم لوحة فنّيّةبخطوط مستقيمة بسيطة, تمّ تشكيلها بأسلوب ما, تزداد جمالا على جمال, إذا إستخدمناالألوان الطّيفيّة في رسم خطوطها, وكلّما تكاثفت الخطوط فيما بينها كلّما تماهت اللوحةفي جمالها...