على نفسها جنت "اسرائيل"
منذ القدم كانت السماحة والتآلف والتكافل، عنوان العلاقة بين اتباع الديانات الابراهيمية (الاسلام والمسيحية واليهودية) في منطقتنا، حتى زرع الاستعمار الغربي "اسرائيل" في فلسطين عام 1948، لتشكل عبء على الدول والشعوب، ولتكون "حاملة طائرات اميركية اوروبية" لخلق الازمات واحتلال المناطق الاستراتيجية واشعال الاضطرابات والتناقضات في الشرق الاوسط.
وقد خاض المحتلون الصهاينة الحروب والمعارك ومارسوا جميع الانتهاكات والخروقات لـ "القانون الدولي" بما فيها المجازر الجماعية وجرائم الحرب وتخزين اسلحة الدمار الشامل ومنها الرؤوس النووية، ومع ذلك لم تتحرك اميركا ولا اوروبا قيد انملة من اجل كبح جماح " تل ابيب" ولجم غطرستها ، او تحذيرها من مغبة التمادي في هذا الغي، بل فرض الغربيون على المسلمين والعرب " عقيدة استراتيجية" مفادها ان جميع الخطوط الحمراء محرمة عليهم ما خلا "اسرائيل" فانه يحق لها الخروج على كل مواثيق ما يسمى بـ "الشرعية الدولية" دون ان تخضع للمساءلة او العقاب!!
ويعترف القاصي والداني ان الكيان الصهيوني قوض العلاقات الحميمة التي كانت قائمة بين شعوب المنطقة على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم ومشاربهم، وهذا دليل علی انه بعيد عن التعاليم الدينية القويمة، كما سيطر على المعادلة الاقليمية على قاعدة العدوان والعربدة والمزيد من الاحتلال والارهاب المنظم وضرب القوانين الدولية عرض الحائط طيلة اكثر من 65 عاما ( من 1948 وحتی يومنا هذا)، بيد ان هذه المعادلة تغيرت بواقع 180 درجة بعد انتصار الثورة الاسلامية المباركة في ايران( 11شباط 1979) وانبثاق المقاومة الباسلة منها في لبنان وفلسطين ونجاح المجاهدين المؤمنين بهذين البلدين الكريمين بالاستفادة من ابسط الاسلحة الميليشياوية في الحاق اقسى الهزائم المرة والمذلة والمخزية بـ"اسرائيل" وتحطيم "اسطورة جيشها الذي زعمت انه لا يقهر" وانكفاء العتاة الصهاينة الى المزيد من التقوقع والاحباطات والانهيارات والهجرة المعاكسة، وسط ذهول ابناء الامة الذين اكتشفوا هشاشة "الدولة العبرية" من جانب وتواطؤ الانظمة العميلة في تسويق فكرة استحالة مقارعة هذه "الدولة المصطنعة" المزودة بأقوى اسلحة الفتك والتدمير والإبادة الاميركية والاوروبية من جانب آخر.
وجاءت انتصارات الصحوة الاسلامية المعاصرة لتعزز من مكانة المقاومة الباسلة عبر اسقاط الدكتاتوريات القامعة لارادة الشعوب العربية في تونس و مصر وليبيا، وهي مافتئت تواصل مسيرتها التكاملية لتطهير المنطقة من الانظمة اللصيقة بالغرب المتصهين في البحرين والسعودية والاردن وقطر.
مما تقدم نريد القول ان الحاجة الى التذكر هي التي دفعتنا الى تقديم العرض الآنف الذكر، لتعليل تطورات الفترة الماضية في سوريا ولبنان والعراق، ومحاولة "اسرائيل" الظهور بمظهر صاحب السطوة واليد الطولى في المنطقة لاسيما بعد تكرراعتداءاتها الغاشمة على مناطق في العاصمة السورية ، واختراقها حرمة الاجواء اللبنانية، واطلاق التصريحات البهلوانية ضد الجمهورية الاسلامية من حين لآخر.
ويبدو ان انخراط العدو الصهيوني في "المناورات البحرية الدولية" المزمع اجراؤها في مياه الخليج الفارسي بمشاركة 30 بلدا بقيادة الولايات المتحدة، هو احدى الوسائل التي تسعى "اسرائيل" من خلالها "تضخيم نفسها" أمام ايران ودول الجوار العربية في آن معا.
بيد ان العدوان الصهيوني الاخير على سوريا ــ برأي القادة العسكريين والاستراتيجيين الايرانيين وغيرهم ــ هو بمثابة القشة التي ستقصم ظهر البعير، لان اسرائيل تورطت في (لعبة خطرة) سوف تجرها بالتاكيد الى (مرحلة الازالة) التي تنبأ بها الامام الخميني(قدس سره) قبل 34 عاما، وهذا ما يعني ان الكيان الصهيوني ارتكب خطأ استراتيجيا من حيث يدري ولايدري، باعتبار ان العدوان على سوريا والتي تشهد منذ اكثر من سنتين حربا اميركية ــ اوروبية خليجية قوامها الطائفية السوداء، لن تمررها دمشق ببساطة ، كما انه يعتبر عدوانا على جميع دول محور المقاومة والممانعة في الشرق الاوسط.
في هذا المجال من الغباء جدا ان يصرح السناتور الاميركي المتطرف جون ماكين(6/5/2013) بأن "السوريين والايرانيين قد تخطوا الخطوط الحمراء التي وضعها لهم الاسرائيليون".
فالحقيقة هي خلاف ذلك فعلا لان العدو الصهيوني هو في الاساس لا يعترف ولا يأبه بأية خطوط حمر او قوانين دولية، كما ذكرنا من قبل.
وازاء ذلك ، ينبغي التاكيد على ان "اسرائيل" تورطت في حماقة عسكرية غير محمودة العواقب، حتى وان كانت بتنسيق مسبق مع الادارة الاميركية كما ذكرت بعض المصادر الصهيونية الموثقة، لان شعوب المنطقة التي حرمت حلاوة التعايش السلمي والحضاري، كما حرمت الامن والاستقرار والتعاون البناء، هي معبأة اليوم اكثر من أي وقت مضى لمعاقبة العدو الصهيوني الغاصب لفلسطين والقدس الشريف، عقابا صارما يمكن ان يقلص المدة التي حددها السياسي الاميركي المخضرم هنري كيسنجر لبقاء "اسرائيل" بعشر سنين الى بضعة اعوام، وليكون بعدها الامان والمحبة والسلام، عنوان العلاقة بين الدول الاسلامية والعربية في الشرق الاوسط.
ولابد من القول هنا: ان هذا التفسير ليس كلاما دعائيا ولا هو للاستهلاك المحلي، بل هو حصيلة قراءة معمقة لشريط التحولات والمستجدات في المنطقة باعتبارها تعيش زمن الصحوة الاسلامية والثورات الشعبية التحررية ، اضافة الی جهوزية قوی المقاومة والممانعة لتلقين الصهاينة وحلفائهم الغربيين والاقليميين درسا لن ينسوه ، لكي يكونوا عبرة لغيرهم من المعتدين وليذوقوا وبال امرهم ايضا.
حميد حلمي زادة
7 - 5 - 2013
منذ القدم كانت السماحة والتآلف والتكافل، عنوان العلاقة بين اتباع الديانات الابراهيمية (الاسلام والمسيحية واليهودية) في منطقتنا، حتى زرع الاستعمار الغربي "اسرائيل" في فلسطين عام 1948، لتشكل عبء على الدول والشعوب، ولتكون "حاملة طائرات اميركية اوروبية" لخلق الازمات واحتلال المناطق الاستراتيجية واشعال الاضطرابات والتناقضات في الشرق الاوسط.
وقد خاض المحتلون الصهاينة الحروب والمعارك ومارسوا جميع الانتهاكات والخروقات لـ "القانون الدولي" بما فيها المجازر الجماعية وجرائم الحرب وتخزين اسلحة الدمار الشامل ومنها الرؤوس النووية، ومع ذلك لم تتحرك اميركا ولا اوروبا قيد انملة من اجل كبح جماح " تل ابيب" ولجم غطرستها ، او تحذيرها من مغبة التمادي في هذا الغي، بل فرض الغربيون على المسلمين والعرب " عقيدة استراتيجية" مفادها ان جميع الخطوط الحمراء محرمة عليهم ما خلا "اسرائيل" فانه يحق لها الخروج على كل مواثيق ما يسمى بـ "الشرعية الدولية" دون ان تخضع للمساءلة او العقاب!!
ويعترف القاصي والداني ان الكيان الصهيوني قوض العلاقات الحميمة التي كانت قائمة بين شعوب المنطقة على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم ومشاربهم، وهذا دليل علی انه بعيد عن التعاليم الدينية القويمة، كما سيطر على المعادلة الاقليمية على قاعدة العدوان والعربدة والمزيد من الاحتلال والارهاب المنظم وضرب القوانين الدولية عرض الحائط طيلة اكثر من 65 عاما ( من 1948 وحتی يومنا هذا)، بيد ان هذه المعادلة تغيرت بواقع 180 درجة بعد انتصار الثورة الاسلامية المباركة في ايران( 11شباط 1979) وانبثاق المقاومة الباسلة منها في لبنان وفلسطين ونجاح المجاهدين المؤمنين بهذين البلدين الكريمين بالاستفادة من ابسط الاسلحة الميليشياوية في الحاق اقسى الهزائم المرة والمذلة والمخزية بـ"اسرائيل" وتحطيم "اسطورة جيشها الذي زعمت انه لا يقهر" وانكفاء العتاة الصهاينة الى المزيد من التقوقع والاحباطات والانهيارات والهجرة المعاكسة، وسط ذهول ابناء الامة الذين اكتشفوا هشاشة "الدولة العبرية" من جانب وتواطؤ الانظمة العميلة في تسويق فكرة استحالة مقارعة هذه "الدولة المصطنعة" المزودة بأقوى اسلحة الفتك والتدمير والإبادة الاميركية والاوروبية من جانب آخر.
وجاءت انتصارات الصحوة الاسلامية المعاصرة لتعزز من مكانة المقاومة الباسلة عبر اسقاط الدكتاتوريات القامعة لارادة الشعوب العربية في تونس و مصر وليبيا، وهي مافتئت تواصل مسيرتها التكاملية لتطهير المنطقة من الانظمة اللصيقة بالغرب المتصهين في البحرين والسعودية والاردن وقطر.
مما تقدم نريد القول ان الحاجة الى التذكر هي التي دفعتنا الى تقديم العرض الآنف الذكر، لتعليل تطورات الفترة الماضية في سوريا ولبنان والعراق، ومحاولة "اسرائيل" الظهور بمظهر صاحب السطوة واليد الطولى في المنطقة لاسيما بعد تكرراعتداءاتها الغاشمة على مناطق في العاصمة السورية ، واختراقها حرمة الاجواء اللبنانية، واطلاق التصريحات البهلوانية ضد الجمهورية الاسلامية من حين لآخر.
ويبدو ان انخراط العدو الصهيوني في "المناورات البحرية الدولية" المزمع اجراؤها في مياه الخليج الفارسي بمشاركة 30 بلدا بقيادة الولايات المتحدة، هو احدى الوسائل التي تسعى "اسرائيل" من خلالها "تضخيم نفسها" أمام ايران ودول الجوار العربية في آن معا.
بيد ان العدوان الصهيوني الاخير على سوريا ــ برأي القادة العسكريين والاستراتيجيين الايرانيين وغيرهم ــ هو بمثابة القشة التي ستقصم ظهر البعير، لان اسرائيل تورطت في (لعبة خطرة) سوف تجرها بالتاكيد الى (مرحلة الازالة) التي تنبأ بها الامام الخميني(قدس سره) قبل 34 عاما، وهذا ما يعني ان الكيان الصهيوني ارتكب خطأ استراتيجيا من حيث يدري ولايدري، باعتبار ان العدوان على سوريا والتي تشهد منذ اكثر من سنتين حربا اميركية ــ اوروبية خليجية قوامها الطائفية السوداء، لن تمررها دمشق ببساطة ، كما انه يعتبر عدوانا على جميع دول محور المقاومة والممانعة في الشرق الاوسط.
في هذا المجال من الغباء جدا ان يصرح السناتور الاميركي المتطرف جون ماكين(6/5/2013) بأن "السوريين والايرانيين قد تخطوا الخطوط الحمراء التي وضعها لهم الاسرائيليون".
فالحقيقة هي خلاف ذلك فعلا لان العدو الصهيوني هو في الاساس لا يعترف ولا يأبه بأية خطوط حمر او قوانين دولية، كما ذكرنا من قبل.
وازاء ذلك ، ينبغي التاكيد على ان "اسرائيل" تورطت في حماقة عسكرية غير محمودة العواقب، حتى وان كانت بتنسيق مسبق مع الادارة الاميركية كما ذكرت بعض المصادر الصهيونية الموثقة، لان شعوب المنطقة التي حرمت حلاوة التعايش السلمي والحضاري، كما حرمت الامن والاستقرار والتعاون البناء، هي معبأة اليوم اكثر من أي وقت مضى لمعاقبة العدو الصهيوني الغاصب لفلسطين والقدس الشريف، عقابا صارما يمكن ان يقلص المدة التي حددها السياسي الاميركي المخضرم هنري كيسنجر لبقاء "اسرائيل" بعشر سنين الى بضعة اعوام، وليكون بعدها الامان والمحبة والسلام، عنوان العلاقة بين الدول الاسلامية والعربية في الشرق الاوسط.
ولابد من القول هنا: ان هذا التفسير ليس كلاما دعائيا ولا هو للاستهلاك المحلي، بل هو حصيلة قراءة معمقة لشريط التحولات والمستجدات في المنطقة باعتبارها تعيش زمن الصحوة الاسلامية والثورات الشعبية التحررية ، اضافة الی جهوزية قوی المقاومة والممانعة لتلقين الصهاينة وحلفائهم الغربيين والاقليميين درسا لن ينسوه ، لكي يكونوا عبرة لغيرهم من المعتدين وليذوقوا وبال امرهم ايضا.
حميد حلمي زادة
7 - 5 - 2013
تعليق