إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الشيخ الوحيد الخراساني عن قبر حجر: الوهابية إلحاد في صورة إيمان !!

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشيخ الوحيد الخراساني عن قبر حجر: الوهابية إلحاد في صورة إيمان !!

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين، واللعنة على أعدائهم إلى يوم الدين.
    وبعد

    فقد عرّج شيخنا الوحيد الخراساني حفظه الله في بحثه القرآني صباح هذا اليوم على ما تعرض له قبر الصحابي الجليل حجر بن عدي قرب دمشق.. ونحن نعرض مضمون ما أفاده بتصرف غير مخلٍّ.. فبعد ذكر قوله تعالى ﴿وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ [يس : 20]
    والتعرّض لمؤمن آل فرعون ومكانته وما جرى معه وعليه، أورد جملة من الروايات من مصادر العامة منها: أخرج أبو داود وأبو نعيم وابن عساكر والديلمي عن أبي ليل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل ياسين الذي قال ﴿يا قوم اتبعوا المرسلين﴾، وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال ﴿أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله﴾، وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم (الدر المنثور للسيوطي ج5 ص262)
    هذه الرواية من مصادر العامة وتتميز بتعدد طرقها، ولو لم تكن إلا هي لكانت عبرة لهذه الأمة !
    فإن المؤمنين على درجات، وعلي عليه السلام في أعلاها، وفي أعلى مراتب الصدّيقين، بل أفضلهم !

    ثم إن معاوية منشأ الضلال قد منع ذكر فضائل علي عليه السلام، وأعطى مبالغ من بيت المال للمحدثين لجعل الأحاديث واختلاقها، ومن ذلك أن قوله تعالى ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [لقمان : 6] قد نزل في ابن ملجم !! ومن هنا تتضح جذور ومناشئ أحاديث العامة.

    وما اكتفوا بقتل علي عليه السلام وجملة من أصحابه حتى هدموا قبر بعضهم في دمشق.. هذه حقائق يجب أن يعرفها العالم..

    لقد نقل ابن الأثير هذه الرواية وهو يعد من أكبر الشخصيات الحديثية والعلمية عند مختلف المذاهب الإسلامية.. ويتضح من ذلك معنى: الوهابية كفر بلباس الإسلام ! وإلحاد في صورة إيمان !

    يروون أنه دخل معاوية على عائشة فقالت: ما حملك على قتل حجر وأصحابه ؟
    فقال: يا أم المؤمنين أني رأيت قتلهم صلاحا للأمة وان بقاءهم فسادا للأمة!!
    فقالت: سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول: سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم وأهل السماء (تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج12 ص226)

    فمن هو هذا الرجل الذي يغضب الله لقتله وأهل السماء ؟
    وهل تتمكن الوهابية السعودية من تبرير ما فعلت ؟

    يروون أن ابن عمر كان في السوق فنعي إليه حجر فأطلق حبوته وقام وقد غلبه النحيب !
    ولما بلغ الربيع بن زياد الحارثي وكان عاملا لمعاوية على خراسان قتل حجر دعا الله عز وجل وقال: اللهم ان كان للربيع عندك خير فاقبضه إليك وعجل فلم يبرح من مجلسه حتى مات (أسد الغابة لابن الاثير ج1 ص386)

    قبر من هذا الذي هدم بخلاف فتوى أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل ؟ بخلاف اجماع المذاهب الأربعة..
    ومن الذي أهين بفعلهم ؟

    لقد وضع الالحاد يده بيد الكفر اليوم للضغط على الشيعة.

    يقول ابن الأثير فيمن أهانوا قبره في أطراف دمشق: (وكان مجاب الدعوة) (المصدر السابق)
    فلم يكن الله تعالى يرد دعاءه.. وهو تلميذ الصديق الأكبر.. أفضل الصديقين الثلاثة..
    وفي ليلة العشرين من شهر رمضان المبارك وبعد أن ضرب من صرخ لضربته جبرائيل (تهدمت والله أركان الهدى)، قام إليه حجر بن عدي الطائي وقال :
    فيا أسفى على المولى التقي * أبو الأطهار حيدرة الزكي
    قتله كافر حنث زنيم * لعين فاسق نغل شقي
    فيلعن ربنا من حاد عنكم * ويبرء منكم لعنا وبي
    لأنكم بيوم الحشر ذخري * وأنتم عترة الهادي النبي
    فلما بصر به وسمع شعره قال له: كيف لي بك إذا دعيت إلى البراءة مني، فما عساك أن تقول ؟
    فقال : والله يا أمير المؤمنين لو قطعت بالسيف إربا إربا وأضرم لي النار وألقيت فيها لآثرت ذلك على البراءة منك، فقال : وفقت لكل خير يا حجر، جزاك الله خيرا عن أهل بيت نبيك. (بحار الأنوار ج42 ص290)
    هل وصل أحد في العلم لهذا المقام الذي يدعوا له أمير المؤمنين عليه السلام بهذا الدعاء المحير للعقول ؟

    غداً ليلة الرغائب.. ليلة الجمعة الأولى من شهر رجب، فليدع المؤمنون في المساجد أن يدفع الله شر الملحدين والكفار عن شيعة سوريا والبحرين..
    وظيفة الجميع اليوم أن يدعوا لنجاة شيعة سوريا والبحرين..
    إلهي بضلع فاطمة الكسير.. وبحرقة قلب علي المرتضى قرب قبر الصديقة الكبرى.. خلص شيعة الدنيا من شر الكفار والملحدين..

    انتهى ما أردنا نقله بتصرف..
    والحمد لله رب العالمين
    شعيب العاملي

  • #2
    المشاركة الأصلية بواسطة شعيب العاملي
    من مصادر العامة منها: أخرج أبو داود وأبو نعيم وابن عساكر والديلمي عن أبي ليل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل ياسين الذي قال ﴿يا قوم اتبعوا المرسلين﴾، وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال ﴿أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله﴾، وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم (الدر المنثور للسيوطي ج5 ص262)
    هذه الرواية من مصادر العامة وتتميز بتعدد طرقها، ولو لم تكن إلا هي لكانت عبرة لهذه الأمة !
    بل موضوعة كما قال الشيخ الالباني



    يروون أنه دخل معاوية على عائشة فقالت: ما حملك على قتل حجر وأصحابه ؟
    فقال: يا أم المؤمنين أني رأيت قتلهم صلاحا للأمة وان بقاءهم فسادا للأمة!!
    فقالت: سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول: سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم وأهل السماء (تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج12 ص226)
    قال الشيخ الالباني : ضعيف
    " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 8 / 199




    قبر من هذا الذي هدم بخلاف فتوى أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل ؟ بخلاف اجماع المذاهب الأربعة..
    اساسا الذي هدنه هم المخابرات
    ولكن مع ذلك هذا النقل غير دقيق

    قال الشوكاني في النيل:
    (قوله: «وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ» فيه دليل على تحريم البناء على القبر، وفصل الشافعي وأصحابه فقالوا: إن كان البناء في ملك الباني فمكروه، وإن كان في مقبرة مسبلة فحرام، ولا دليل على هذا التفصيل، وقد قال الشافعي: رأيت الأئمة بمكة يأمرون بهدم ما يبنى،)



    تعليق


    • #3
      اللهم العن اول من اساس الظلم عليكم اهل البيت وعلى اشياعكم
      وآخر تابع له على ذلك
      اللهم العن ابا سفيان ومعاوية ويزيد وهندا وآل امية قاطبة وآل مروان وآل زياد
      والجبت والطاغوت

      آية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني
      الوهابية كفر وإلحاد

      بارك الله بكم استاذنا شعيب

      تعليق


      • #4
        نَبْش القبور في فقه اهل السنه بتفاصيله المتعددة[1]
        http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=187269

        التَّعْرِيفُ:

        1 - النَّبْشُ فِي اللُّغَةِ مِنْ نَبَشْتُ الأَْرْضَ نَبْشًا : كَشَفْتُهَا ، وَنَبَشْتُ السِّرَّ : أَفْشَيْتُهُ ، يُقَال : نَبَشْتُ الأَْرْضَ وَالْقَبْرَ وَالْبِئْرَ ، وَنَبَشْتُ الْمَسْتُورَ ، وَنَبَشْتُ عَنْهُ : أَبْرَزْتُهُ ، وَالنَّبْشُ : هُوَ اسْتِخْرَاجُ الْمَدْفُونِ ، وَمِنْهُ النَّبَّاشُ : الَّذِي يَنْبُشُ الْقُبُورَ عَنِ الْمَوْتَى لِيَسْرِقَ أَكْفَانَهُمْ وَحُلِيَّهُمْ .

        وَالنِّبَاشَةُ : حِرْفَةُ نَبْشِ الْقُبُور.ِ[2]

        وَلاَيَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.[3]

        الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالنَّبْشِ :

        تَتَعَلَّقُ بِالنَّبْشِ أَحْكَامٌ مِنْهَا :

        أَوَّلاً : نَبْشُ الْقَبْرِ قَبْل الْبِلَى لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ :

        2 - الأَْصْل أَنَّ نَبْشَ الْقَبْرِ قَبْل الْبِلَى عِنْدَ أَهْل الْخِبْرَةِ بِتِلْكَ الأَْرْضِ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكٍ لِحُرْمَةِ الْمَيِّتِ.[4].


        ثَانِيًا : نَبْشُ الْقَبْرِ قَبْل الْبِلَى لِضَرُورَةٍ :

        3 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ نَبْشُ الْقَبْرِ قَبْل الْبِلَى إِذَا كَانَ ذَلِكَ لِضَرُورَةٍ أَوْ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ ، وَمِنْ هَذِهِ الأَْغْرَاضِ مَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقٍ مَالِيَّةٍ ، وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْمَيِّتِ نَفْسِهِ ، وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِمَكَانِ الْقَبْرِ[5] .

        وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِيمَا يَلِي :

        أ - نَبْشُ الْقَبْرِ مِنْ أَجْل مَالٍ وَقَعَ فِيهِ :

        4 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ مَالٌ لَهُ قِيمَةٌ فِي الْقَبْرِ وَدُفِنَ مَعَ الْمَيِّتِ نُبِشَ الْقَبْرُ وَأُخْرِجَ الْمَال ، وَلاَ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْمَال الَّذِي يُنْبَشُ الْقَبْرُ مِنْ أَجْل اسْتِخْرَاجِهِ حَدٌّ مُعَيَّنٌ ، بَل يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ قَلِيلاً ، وَلَوْ دِرْهَمًا كَمَا قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ ، أَوْ خَاتَمًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.[6]

        وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِ هَذَا النَّبْشِ ، هَل هُوَ وَاجِبٌ أَمْ لاَ ؟ وَهَل هُوَ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ أَمْ لاَ ؟

        فَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ نَبْشُ الْقَبْرِ - فِي حَالَةِ وُقُوعِ الْمَال فِيهِ - وَإِنْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتُ ، وَإِنْ كَانَ الْمَال مِنَ التَّرِكَةِ ، أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَال ، مَا لَمْ يُسَامِحْ مَالِكُهُ ، فَإِنْ لَمْ يَطْلُبِ الْمَالِكُ ذَلِكَ حَرُمَ النَّبْشُ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ ، قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ : وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ اعْتِمَادُهُ قِيَاسًا عَلَى الْكَفَنِ ، وَقَال الزَّرْكَشِيُّ : مَا لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مِمَّنْ يُحْتَاطُ لَهُ ، قَال ابْنُ الْقَاسِمِ الْعَبَّادِيُّ : وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ النَّبْشُ سَوَاءٌ طَلَبَ مَالِكِهِ أَمْ لاَ ، وَإِنْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتِ ؛ لأَِنَّ تَرْكَهُ فِيهِ إِضَاعَةُ مَالٍ.[7]

        وَقَال الْحَنَفِيَّةُ : وَلاَ يُخْرَجُ مِنَ الْقَبْرِ بَعْدَ إِهَالَةِ التُّرَابِ إِلاَّ لِحَقِّ آدَمِيٍّ ، كَمَا إِذَا سَقَطَ فِي الْقَبْرِ مَتَاعٌ ، أَوْ كُفِّنَ بِثَوْبٍ مَغْصُوبٍ ، أَوْ دُفِنَ مَعَهُ مَالٌ وَلَوْ كَانَ الْمَال دِرْهَمًا.[8]

        وَقَال الْمَالِكِيَّةُ : مِنَ الأَْشْيَاءِ الَّتِي يُنْبَشُ الْقَبْرُ مِنْ أَجْلِهَا إِذَا نُسِيَ مَعَهُ مَالٌ نَحْوُ ثَوْبٍ أَوْ خَاتَمٍ أَوْ دَنَانِيرَ ، لَكِنْ إِنْ كَانَ الْمَال لِغَيْرِ الْمَيِّتِ أُخْرِجَ مُطْلَقًا ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أُخْرِجَ إِنْ كَانَ نَفِيسًا وَلَمْ يُسَامِحْ فِيهِ الْوَرَثَةُ.[9]

        وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ لِجَوَازِ نَبْشِ الْقَبْرِ عَدَمَ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ ، فَإِنْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتُ أُجْبِرَ غَيْرُ الْوَارِثِ عَلَى أَخْذِ عِوَضِهِ وَلاَ شَيْءَ لِوَارِثِهِ ، كَمَا أَنَّهُ لاَ شَيْءَ لِلْوَارِثِ إِذَا كَانَ الْمَال غَيْرَ نَفِيسٍ ، أَيْ غَيْرَ ذِي بَالٍ.[10]

        وَقَال الْحَنَابِلَةُ : إِنْ وَقَعَ فِي الْقَبْرِ مَالٌ لَهُ قِيمَةٌ عُرْفًا أَوْ رَمَاهُ رَبُّهُ فِيهِ نُبِشَ الْقَبْرُ وَأُخِذَ ذَلِكَ مِنْهُ بِعَيْنِهِ مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ فِي أَخْذِهِ ، وَلِمَا رُوِيَ " أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ رَ[..] وَضَعَ خَاتَمَهُ فِي قَبْرِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ ثُمَّ قَال : خَاتَمِي ، فَدَخَل وَأَخَذَهُ وَكَانَ يَقُول : أَنَا أَقْرَبُكُمْ عَهْدًا بِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ " [11] ، وَقَال أَحْمَدُ : إِذَا نَسِيَ الْحَفَّارُ مِسْحَاتَهُ فِي الْقَبْرِ جَازَ أَنْ يُنْبَشَ.[12]

        ب - نَبْشُ الْقَبْرِ مِنْ أَجْل مَالٍ بَلَعَهُ الْمَيِّتُ :

        5 - قَال الْحَنَفِيَّةُ : وَلَوْ بَلَعَ مَال غَيْرِهِ وَلاَ مَال لَهُ وَمَاتَ هَل يُشَقُّ قَوْلاَنِ :

        الأَْوَّل : عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَلاَ يُشَقُّ بَطْنُهُ ؛ لأَِنَّ فِي ذَلِكَ إِبْطَال حُرْمَةِ الأَْعْلَى وَهُوَ الآْدَمِيُّ لِصِيَانَةِ حُرْمَةِ الأَْدْنَى وَهُوَ الْمَال ؛ وَلأَِنَّ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ مَيِّتًا كَحُرْمَتِهِ حَيًّا وَلاَ يُشَقُّ بَطْنُهُ حَيًّا لَوِ ابْتَلَعَ الْمَال إِذَا لَمْ يَخْرُجْ مَعَ الْفَضَلاَتِ اتِّفَاقًا فَكَذَا مَيِّتًا .

        الْقَوْل الثَّانِي : أَنَّهُ يُشَقُّ بَطْنُهُ ؛ لأَِنَّ حَقَّ الآْدَمِيِّ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَمُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الظَّالِمِ الْمُتَعَدِّي ؛ وَلأَِنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ حُرْمَةُ الآْدَمِيِّ أَعْلَى مِنْ حُرْمَةِ صِيَانَةِ الْمَال لَكِنَّهُ أَزَال احْتِرَامَهُ بِتَعَدِّيهِ ، قَالُوا : وَهَذَا الْقَوْل أَوْلَى ، وَلَوْ تَرَكَ مَالاً فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا بَلَعَهُ ، وَلاَ يُشَقُّ بَطْنُهُ اتِّفَاقًا ، وَكَذَا لَوْ سَقَطَ فِي جَوْفِهِ مَالٌ لِغَيْرِهِ بِلاَ تَعَدٍّ مِنْهُ لاَ يُشَقُّ بَطْنُهُ اتِّفَاقًا ، كَمَا لاَ يُشَقُّ الْحَيُّ مُطْلَقًا لإِِفْضَائِهِ إِلَى الْهَلاَكِ لاَ لِمُجَرَّدِ الاِحْتِرَامِ.[13]

        إِلاَّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى أَنَّ حُكْمَ شِقِّبِ طْنِ الْمُبْتَلِعِ يَخْتَلِفُ قَبْل الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ ، أَمْ يَسْتَوِي فِيهِ الأَْمْرَانِ ، وَالأَْقْرَبُ إِلَى مَفْهُومِ كَلاَمِهِمْ أَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ أَيْ يُشَقُّ بَطْنُهُ لاِسْتِخْرَاجِ الْمَال الْمَبْلُوعِ حَتَّى بَعْدَ دَفْنِهِ، وَذَلِكَ بَعْدَ نَبْشِ قَبْرِهِ لِهَذَا الْغَرَضِ كَمَا لَوْ دُفِنَ مَعَهُ الْمَال .

        وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُشَقُّ بَطْنُ الْمَيِّتِ عَنْ مَالٍ ابْتَلَعَهُ فِي حَيَاتِهِ وَمَاتَ وَهُوَ فِي بَطْنِهِ ، سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ ، إِذَا كَثُرَ فَبَلَغَ نِصَابَ زَكَاةٍ ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ.[14]

        وَقَال الشَّافِعِيَّةُ : إِنْ بَلَعَ الْمَيِّتُ جَوْهَرَةً أَوْ غَيْرَهَا مِنَ الْمَال نُظِرَ ، فَإِنْ كَانَ مَا ابْتَلَعَهُ مَال نَفْسِهِ فَرَجَّحَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لاَ يُنْبَشُ قَبْرُهُ وَلاَ يُشَقُّ بَطْنُهُ لإِِخْرَاجِ الْمَال لأَِنَّهُ اسْتَهْلَكَ مَالَهُ فِي حَال حَيَاتِهِ .

        وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ : أَنَّهُ إِذَا بَلَعَ مَال نَفْسِهِ يُنْبَشُ قَبْرُهُ وَيُشَقُّ بَطْنُهُ لاِسْتِخْرَاجِهِ ؛ لأَِنَّهُ صَارَ لِلْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ كَمَال الأَْجْنَبِيِّ.[15]

        أَمَّا إِنْ كَانَ الْمَال الَّذِي ابْتَلَعَهُ لِغَيْرِهِ فَمَاتَ وَدُفِنَ ، وَطَلَبَهُ مَالِكُهُ وَلَمْ يَضْمَنْ بَدَلَهُ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَيُنْبَشُ قَبْرُهُ ، وَيُشَقُّ جَوْفُهُ وُجُوبًا لاِسْتِخْرَاجِ الْمَال ثُمَّ يُدْفَعُ لِمَالِكِهِ ، أَمَّا إِذَا ضَمِنَهُ أَحَدٌ مِنَ الْوَرَثَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ ، أَوْ دُفِعَ لِصَاحِبِ الْمَال بَدَلُهُ فَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ نَبْشُهُ وَشَقُّ جَوْفِهِ ؛ لِقِيَام بَدَلِهِ مَقَامَهُ ، وَصَوْنًا لِلْمَيِّتِ عَنِ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَطْلُبْ صَاحِبُ الْمَال مَالَهُ .

        وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ : أَنَّهُ لاَ يُنْبَشُ قَبْرُهُ وَلاَ يُشَقُّ بَطْنُهُ ، بَل يَجِبُ قِيمَةُ الْمَال الْمَبْلُوعِ فِي تَرِكَتِهِ ؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ قَال : كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا "[16] ، قَالُوا : وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّ كَسْرَ الْعَظْمِ وَشَقَّ الْجَوْفِ فِي الْحَيَاةِ لاَ يَجُوزُ لاِسْتِخْرَاجِ جَوْهَرَةٍ وَغَيْرِهَا فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ.[17]

        وَقَال الْحَنَابِلَةُ : إِذَا بَلَعَ مَال غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَبَقِيَتْ مَالِيَّتُهُ كَخَاتَمٍ مَثَلاً وَطَلَبَهُ رَبُّهُ لَمْ يُنْبَشْ وَغُرِّمَ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ ؛ صَوْنًا لِحُرْمَتِهِ مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ غُرْمُ الْمَال الَّذِي بَلَعَهُ الْمَيِّتُ ؛ لِعَدَمِ تَرِكَةٍ وَنَحْوِهِ نُبِشَ الْقَبْرُ وَشُقَّ جَوْفُهُ وَأُخِذَالْمَال ، فَدُفِعَ لِرَبِّهِ وَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ وَارِثٌ أَوْ غَيْرُهُ بِبَذْل قِيمَةِ الْمَال لِرَبِّهِ ، وَإِلاَّ فَلاَ يُنْبَشُ صَوْنًا لِحُرْمَتِهِ مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ لِصَاحِبِ الْمَال ، وَإِنْ بَلَعَ مَال الْغَيْرِ بِإِذْنِ رَبِّهِ فَلاَ يُضْمَنُ الْمَال الَّذِي بَلَعَهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ، وَعَلَيْهِ فَلاَ طَلَبَ لِرَبِّهِ عَلَى تَرِكَةِ الْمَيِّتِ ؛ لأَِنَّهُ هُوَ الَّذِي سَلَّطَهُ عَلَيْهِ ، وَلاَ يُتَعَرَّضُ لِلْمَيِّتِ بِنَبْشٍ أَوْ شَقٍّ قَبْل أَنْ يَبْلَى جَسَدُهُ ؛ لأَِنَّ مَالِكَ الْمَال هُوَ الْمُسَلِّطُ لَهُ عَلَى مَالِهِ بِالإِْذْنِ لَهُ فَهُوَ كَمَالِهِ.[18]

        أَمَّا إِذَا بَلِيَ جَسَدُهُ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْمَال وَظُهُورُهُ وَتَخَلُّصُهُ مِنْ أَعْضَاءِ الْمَيِّتِ فَيَجُوزُ نَبْشُهُ وَإِخْرَاجُ الْمَال مِنَ الْقَبْرِ وَدَفْعُهُ إِلَى صَاحِبِهِ ؛ لأَِنَّ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ قَال : " إِنَّ هَذَا قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ وَكَانَ بِهَذَا الْحَرَمِ يَدْفَعُ عَنْهُ ، فَلَمَّا خَرَجَ أَصَابَتْهُ النِّقْمَةُ الَّتِي أَصَابَتْ قَوْمَهُ بِهَذَا الْمَكَانِ فَدُفِنَ فِيهِ ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ دُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ إِنْ أَنْتُمْ نَبَشْتُمْ عَنْهُ أَصَبْتُمُوهُ مَعَهُ ، فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ فَاسْتَخْرَجُوا الْغُصْنَ " [19] وَلأَِنَّ تَرْكَهُ تَضْيِيعٌ لِلْمَال.[20]

        وَإِنْ بَلَعَ مَال نَفْسِهِ لَمْ يُنْبَشْ قَبْرُهُ قَبْل أَنْ يَبْلَى جَسَدُهُ ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ اسْتِهْلاَكٌ لِمَال نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ ، وَأَشْبَهُ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيُنْبَشُ قَبْرُهُ وَيُشَقُّ جَوْفُهُ فَيُخْرَجُ الْمَال وَيُوَفَّى مِنْهُ دَيْنُهُ ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمُبَادَرَةِ إِلَى تَبْرِئَةِ ذِمَّتِهِ مِنَ الدَّيْنِ.[21] قَال ابْنُ قُدَامَةَ : وَيُحْتَمَل - إِنْ بَلَعَ مَال نَفْسِهِ - أَنَّهُ إِنْ كَانَ يَسِيرًا تُرِكَ ، وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ شُقَّ بَطْنُهُ وَأُخْرِجَ ؛ لأَِنَّ فِيهِ حِفْظَ الْمَال مِنَ الضَّيَاعِ وَنَفْعَ الْوَرَثَةِ الَّذِينَ تَعَلَّقَ حَقُّهُمْ بِمَالِهِ بِمَرَضِهِ.[22]

        ج - نَبْشُ الْقَبْرِ مِنْ أَجْل كَفَنٍ مَغْصُوبٍ :

        6 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ نَبْشِ قَبْرِ الْمَيِّتِ مِنْ أَجْل كَفَنٍ مَغْصُوبٍ كُفِّنَ بِهِ .

        فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُنْبَشُ الْقَبْرُ إِذَا كُفِّنَ الْمَيِّتُ بِثَوْبٍ مَغْصُوبٍ .

        وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ نَبْشُ قَبْرِ الْمَيِّتِ بِكَفَنٍ مَغْصُوبٍ بِشُرُوطٍ :

        أَوَّلُهَا : أَنْ يَمْتَنِعَ رَبُّ الْكَفَنِ مِنْ أَخْذِ قِيمَتِهِ .
        الثَّانِي : عَدَمُ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ ، فَإِنْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتُ أُجْبِرَ رَبُّ الْكَفَنِ عَلَى أَخْذِ قِيمَتِهِ مِنَ الْوَارِثِ .
        الثَّالِثُ : أَنْ لاَ تَطُول الْمُدَّةُ بِحَيْثُ يُعْلَمُ مِنْهَافَسَادُ الْكَفَنِ وَإِلاَّ فَلاَ يُنْبَشُ ، وَيُعْطَى رَبُّ الْكَفَنِ قِيمَتَهُ .[23].

        وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي تَرْجِيحِ نَبْشِ الْقَبْرِ مِنْ أَجْل كَفَنٍ مَغْصُوبٍ أَقْوَالٌ :

        قَال النَّوَوِيُّ : لَوْ دُفِنَ فِي ثَوْبٍ مَغْصُوبٍ أَوْ مَسْرُوقٍ فَثَلاَثَةُ أَوْجُهٍ :

        أَصَحُّهَا : أَنَّهُ يُنْبَشُ كَمَا لَوْ دُفِنَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ ، وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرَّافِعِيُّ .

        وَالثَّانِي : لاَ يَجُوزُ نَبْشُهُ بَل يُعْطَى صَاحِبُ الثَّوْبِ قِيمَتَهُ ؛ لأَِنَّ الثَّوْبَ صَارَ كَالْهَالِكِ ؛ وَلأَِنَّ خَلْعَهُ أَفْحَشُ فِي هَتْكِ الْحُرْمَةِ ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْعَبْدَرِيُّ ، وَهُوَ قَوْل الدَّارِمِيِّ وَأَبِي حَامِدٍ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ عَنِ الأَْصْحَابِ .

        وَالثَّالِثُ : إِنْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتُ وَكَانَ فِي نَبْشِهِ هَتْكٌ لِحُرْمَتِهِ لَمْ يُنْبَشْ وَإِلاَّ نُبِشَ ، وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ لأَِنْفُسِهِمَا بَعْدَ حِكَايَتِهِمَا عَنِ الأَْصْحَابِ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الدَّارِمِيُّ .

        قَال الإِْمَامُ النَّوَوِيُّ : وَلَوْ كُفِّنَ الرَّجُل فِي ثَوْبٍ حَرِيرٍ ، قَال الرَّافِعِيُّ : هُوَ كَالثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ تَجْرِي فِي نَبْشِهِ هَذِهِ الأَْوْجُهُ - الثَّلاَثَةُ - وَلَمْ أَرَ هَذَا لِغَيْرِهِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ فِيهِ بِعَدَمِ النَّبْشِ بِخِلاَفِ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّ نَبْشَهُ لِحَقِّ مَالِكِهِ ، قَالُوا : وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ؛ لأَِنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَحَقُّ اللَّهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ.[24]

        وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ : لَوْ دُفِنَ فِي أَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ مَغْصُوبَيْنِ وَطَالَبَ بِهِمَا مَالِكُهُمَا فَيَجِبُ النَّبْشُ وَلَوْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ هَتْكُ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ ، لِيَصِل الْمُسْتَحِقُّ إِلَى حَقِّهِ . وَيُسَنُّ لِصَاحِبِهِمَا التَّرْكُ .

        وَمَحَل النَّبْشِ فِي الثَّوْبِ إِذَا وُجِدَ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ ، وَإِلاَّ فَلاَ يَجُوزُ النَّبْشُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلاَمُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّا إِذَا لَمْ نَجِدْ إِلاَّ ثَوْبًا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِكِهِ قَهْرًا وَلاَ يُدْفَنُ عُرْيَانًا ، وَهُوَ مَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ الأَْصَحُّ ، قَالَهُ الأَْذْرَعِيُّ[25]

        وَقَال الْحَنَابِلَةُ : إِنْ كُفِّنَ الْمَيِّتُ بِثَوْبٍ مَغْصُوبٍ وَطَلَبَهُ مَالِكُهُ لَمْ يُنْبَشِ الْقَبْرُ ، وَغُرِّمَ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ ؛ لإِِمْكَانِ دَفْعِ الضَّرَرِ مَعَ عَدَمِ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْغُرْمُ لِعَدَمِ تَرِكَةٍوَنَحْوِهِ نُبِشَ الْقَبْرُ وَأُخِذَ الْكَفَنُ الْمَغْصُوبُ فَدُفِعَ لِمَالِكِهِ إِنْ لَمْ يَبْذُل لَهُ قِيمَةَ الْكَفَنِ مُتَبَرِّعٌ ، سَوَاءٌ كَانَ وَارِثًا أَوْ غَيْرَهُ ، فَلاَ يُنْبَشُ حِينَئِذٍ ؛ لإِِمْكَانِ دَفْعِ الضَّرَرِ مَعَ عَدَمِ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ.[26]

        وَفِي احْتِمَالٍ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ يُنْبَشُ إِذَا كَانَ الْكَفَنُ بَاقِيًا بِحَالِهِ ، لِيُرَدَّ إِلَى مَالِكِهِ عَنْ مَالِهِ ، وَإِنْ كَانَ بَالِيًا فَقِيمَتُهُ مِنْ تَرَكَتِهِ.[27]

        د - نَبْشُ الْقَبْرِ إِذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ بِأَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ :

        7 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ نَبْشُ قَبْرِ الْمَيِّتِ إِذَا دُفِنَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ وَطَلَبَ مَالِكُهَا نَبْشَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِقِيمَتِهَا ؛ لأَِنَّ الْقَبْرَ فِي الأَْرْضِ يَدُومُ ضَرَرُهُ وَيَكْثُرُ ، وَلِيَفْرَغَ لَهُ مِلْكُهُ عَمَّا شُغِل بِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ .

        وَقَال الْفُقَهَاءُ : يُسَنُّ لِلْمَالِكِ تَرْكُ النَّبْشِ حَتَّى يَبْلَى الْمَيِّتُ ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ .

        وَقَال الْحَنَفِيَّةُ : يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ إِخْرَاجِهِ وَمُسَاوَاةِ الْقَبْرِ بِالأَْرْضِ ، لِيَزْرَعَ فَوْقَهُ مَثَلاً ؛ لأَِنَّ حَقَّهُ فِي بَاطِنِ الأَْرْضِ وَظَاهِرِهَا ، فَإِنْ شَاءَ تَرَكَ حَقَّهُ فِي بَاطِنِهَا وَإِنْ شَاءَ اسْتَوْفَاهُ .

        وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ لِجَوَازِ النَّبْشِ عَدَمَ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ ، فَإِنْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتُ أُجْبِرَ الْمَالِكُ عَلَى أَخْذِ الْعِوَضِ .

        أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا : يَجِبُ النَّبْشُ وَلَوْ تَغَيَّرَالْمَيِّتُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ هَتْكُ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ لِيَصِل الْمُسْتَحِقُّ إِلَى حَقِّهِ.[28]

        هـ - نَبْشُ قَبْرِ الْحَامِل مِنْ أَجْل الْحَمْل :

        8 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَبْشِ قَبْرِ الْحَامِل مِنْ أَجْل حَمْلِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ :

        أَوَّلُهُمَا : لِلشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا : لَوْ دُفِنَتِ امْرَأَةٌ فِي بَطْنِهَا جَنِينٌ تُرْجَى حَيَاتُهُ - بِأَنْ يَكُونَ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ - نُبِشَ قَبْرُهَا وَشُقَّ جَوْفُهَا وَأُخْرِجَ الْجَنِينُ تَدَارُكًا لِلْوَاجِبِ ؛ لأَِنَّهُ كَانَ يَجِبُ شَقُّ جَوْفِهَا قَبْل الدَّفْنِ ، أَمَّا إِنْ لَمْ تُرْجَ حَيَاتُهُ فَلاَ يُنْبَشُ قَبْرُهَا ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ دُفِنَتْ تُرِكَتْ حَتَّى يَمُوتَ ثُمَّ تُدْفَنُ.[29] .

        ثَانِيهِمَا : اتَّفَقَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى عَدَمِ شَقِّ بَطْنِ الْحَامِل ، فَقَال الْبُهُوتِيُّ : إِنْ مَاتَتْ حَامِلٌ بِمَنْ يُرْجَى حَيَاتُهُ حَرُمَ شَقُّ بَطْنِهَا مِنْ أَجْل الْحَمْل مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ ذِمِّيَّةً ، لِمَا فِيهِ مَنْ هَتْكِ حُرْمَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ لإِِبْقَاءِ حَيَاةٍ مَوْهُومَةٍ ؛ لأَِنَّ الْغَالِبَ وَالظَّاهِرَ أَنَّ الْوَلَدَ لاَ يَعِيشُ [30] ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ : " كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِ عَظْمِ الْحَيِّ "[31].

        ثَالِثًا : نَبْشُ الْقَبْرِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْمَيِّتِ نَفْسِهِ :

        9 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ نَبْشِ الْقَبْرِ بِحُقُوقِ الْمَيِّتِ كَدَفْنِهِ قَبْل الْغُسْل أَوِ التَّكْفِينِ أَوِ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ أَوْ دَفْنِهِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيل التَّالِي :

        أ - دَفْنُهُ قَبْل الْغُسْل :

        10 - اخْتَلَفَتْ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ نَبْشِ الْقَبْرِ إِذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ وَلاَ تَيَمُّمٍ .

        فَذَهَب الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُنْبَشُ الْقَبْرُ لِلْغُسْل بَعْدَ إِهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ ، سَوَاءٌ تَغَيَّرَ أَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ ؛ وَلأَِنَّ النَّبْشَ مُثْلَةٌ ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا[32]، كَمَا قَال الْحَنَفِيَّةُ .

        وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ نَبْشُ الْقَبْرِ إِنْ دُفِنَ الْمَيِّتُ مِنْغَيْرِ غُسْلٍ أَوْ تَيَمُّمٍ لِغُسْلِهِ ، لأَِنَّهُ وَاجِبٌ فَيُسْتَدْرَكُ عِنْدَ قُرْبِهِ إِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِنَتَنٍ أَوْ تَقَطُّعٍ ، وَإِلاَّ تُرِكَ .

        وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ عِنْدِ الشَّافِعِيَّةِ : أَنَّهُ يُنْبَشُ مَا بَقِيَ مِنْهُ جُزْءٌ .[33]

        ب - نَبْشُ الْقَبْرِ مِنْ أَجْل تَكْفِينِ الْمَيِّتِ :

        11 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ إِلَى أَنَّهُ إِنْ دُفِنَ الْمَيِّتُ بِغَيْرِ كَفَنٍ لاَ يُنْبَشُ قَبْرُهُ ، وَعَلَّل الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ السَّتْرُ ، وَقَدْ حَصَل التُّرَابُ مَعَ مَا فِي النَّبْشِ مِنَ الْهَتْكِ لِحُرْمَةِ الْمَيِّتِ .

        وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ : أَنَّهُ يُنْبَشُ وَيُكَفَّنُ ؛ لأَِنَّ التَّكْفِينَ وَاجِبٌ فَأَشْبَهَ الْغُسْل [34](2) .

        ج - نَبْشُ قَبْرِ الْمَيِّتِ مِنْ أَجْل الصَّلاَةِ عَلَيْهِ :

        12 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ لاَ يُنْبَشُ قَبْرُ الْمَيِّتِ مِنْ أَجْل الصَّلاَةِ عَلَيْهِ ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ مَعَ إِمْكَانِيَّةِ الصَّلاَةِ عَلَى الْقَبْرِ ؛ لِمَارَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ أَسْوَدَ - رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً - كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَمَاتَ ، وَلَمْ يَعْلَمِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ بِمَوْتِهِ ، فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ قَال : مَا فَعَل ذَلِكَ الإِْنْسَانُ ؟ قَالُوا : مَاتَ يَا رَسُول اللَّهِ ، قَال : أَفَلاَ آذَنْتُمُونِي ؟ فَقَالُوا : إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا - قِصَّتُهُ - قَال : فَحَقَرُوا شَأْنَهُ ، قَال : فَدُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ . فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ. " [35]

        وَفِي الرِّوَايَةِ الأُْخْرَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُنْبَشُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ ؛ لأَِنَّهُ دُفِنَ قَبْل فِعْل وَاجِبٍ فَيُنْبَشُ لِفِعْلِهِ ، كَمَا لَوْ دُفِنَ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ ، وَإِنَّمَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ .

        وَهَذَا الْخِلاَفُ فِيمَا إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَيِّتُ ، فَأَمَّا إِنْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتُ فَلاَ نَبْشَ بِحَالٍ.[36]

        وَقَال الْمَالِكِيَّةُ : إِنْ لَمْ يُصَل عَلَى الْمَيِّتِ أُخْرِجَ لَهَا مَا لَمْ يَفُتْ ، بِأَنْ خِيفَ التَّغَيُّرُ ، فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ صُلِّيَ عَلَى قَبْرِهِ.[37]

        وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ ( جَنَائِز ف 37 ) .

        د - نَبْشُ الْقَبْرِ إِذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ :

        13 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ نَبْشِ الْقَبْرِ إِذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ :

        الأَْوَّل : لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَأَبِي ثَوْرٍ أَنَّهُ يَجِبُ نَبْشُ الْقَبْرِ وَتَوْجِيهُ الْمَيِّتِ لِلْقِبْلَةِ اسْتِدْرَاكًا لِلْوَاجِبِ ، إِلاَّ إِنْ تَغَيَّرَ ، أَوْ يُخَافُ عَلَيْهِ التَّفَسُّخُ فَيُتْرَكُ وَلاَ يُنْبَشُ.[38]

        الثَّانِي : لِلْحَنَفِيَّةِ لاَ يُنْبَشُ إِذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ صَوْنًا لِحُرْمَةِ الْمَيِّتِ مِنَ الْهَتْكِ.[39]

        رَابِعًا : نَبْشُ الْقَبْرِ مِنْ أَجْل نَقْل الْمَيِّتِ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ :

        14 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ نَبْشُ الْقَبْرِ مِنْ أَجْل نَقْل الْمَيِّتِ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ ، قَال ابْنُ الْهُمَامِ : اتَّفَقَتْ كَلِمَةُ الْمَشَايِخِ - مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ - فِي امْرَأَةٍ دُفِنَ ابْنُهَا وَهِيَ غَائِبَةٌ فِي غَيْرِ بَلَدِهَا فَلَمْ تَصْبِرْ وَأَرَادَتْ نَقْلَهُ : أَنَّهُ لاَ يَسَعُهَا ذَلِكَ . فَتَجْوِيزُ شَوَاذِّ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لاَ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ ، وَلَمْ يُعْلَمْ خِلاَفٌ بَيْنِ الْمَشَايِخِ فِي أَنَّهُ لاَ يُنْبَشُ ، وَأَمَّا نَقْل يَعْقُوبَ وَيُوسُفَ عَلَيْهِمَا وَعَلَى نَبِيِّنَا السَّلاَمُ مِنْ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ لِيَكُونَا مَعَ آبَائِهِمَا الْكِرَامِ فَهُوَ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا ، وَلَمْ يَتَوَفَّرْ فِيهِ شُرُوطُ كَوْنِهِ شَرْعًا لَنَا [40]

        وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ نَبْشُ الْقَبْرِ لِنَقْل الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ فِي بُقْعَةٍ خَيْرٍ مِنْ بُقْعَتِهِ الَّتِي دُفِنَ فِيهَا ، كَمُجَاوَرَةِ صَالِحٍ لِتَعُودَ عَلَيْهِ بَرَكَتُهُ ، أَوْ لإِِفْرَادِهِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ عَمَّنْ دُفِنَ مَعَهُ ، فَيَجُوزُ نَبْشُهُ لِذَلِكَ [41] ، لِقَوْل جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ . وَفِي رِوَايَةٍ : كَانَ أَوَّل قَتِيلٍ - يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ - وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآْخَرِ ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ " [42]

        وَاسْتَثْنَى الْحَنَابِلَةُ مِنْ نَبْشِ الْقَبْرِ لِنَقْل الْمَيِّتِ إِلَى بُقْعَةٍ خَيْرٍ مِنْ بُقْعَتِهِ الشَّهِيدَ إِذَا دُفِنَ بِمَصْرَعِهِ ، فَلاَ يُنْبَشُ قَبْرُهُ لِنَقْلِهِ إِلَى غَيْرِ مَصْرَعِهِ ، حَتَّى لَوْ نُقِل مِنْهُ رُدَّ إِلَيْهِ ؛ لأََنَّ دَفْنَ الشَّهِيدِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي قُتِل فِيهِ سُنَّةٌ [43] ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ شُهَدَاءِ أُحُدٍ : " ادْفِنُوا الْقَتْلَى فِي مَصَارِعِهِمْ "[44]

        وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَقَدْ قَال ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي : وَلَمْ يَزَل الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَقْبُرُونَ فِي الصَّحَارِي.[45]

        خَامِسًا : نَبْشُ قَبْرِ الْمَيِّتِ لِدَفْنِ آخَرَ مَعَهُ :

        15 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ نَبْشُ قَبْرِ مَيِّتٍ بَاقٍ لِمَيِّتٍ آخَرَ ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ الأَْوَّل ، وَمَتَى عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْمَيِّتَ بَلِيَ وَصَارَ رَمِيمًا جَازَ نَبَشَهُ وَدَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلاَفِ الْبِلاَدِ وَالْهَوَاءِ ، وَهُوَ فِي الْبِلاَدِ الْحَارَّةِ أَسْرَعُ مِنْهُ فِي الْبِلاَدِ الْبَارِدَةِ .

        وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ أَيْ أَنَّهُ بَلِيَ وَصَارَ رَمِيمًا رَجَعَ إِلَى قَوْل أَهْل الْخِبْرَةِ لِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ .

        فَإِنْ حَفَرَ فَوَجَدَ فِيهَا عِظَامًا دَفَنَهَا فِي مَكَانِهَا ، وَأَعَادَ التُّرَابَ كَمَا كَانَ وَلَمْ يَجُزْ دَفْنُ مَيِّتٍ آخَرَ عَلَيْهِ .

        كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ إِذَا صَارَ الْمَيِّتُ رَمِيمًا الزِّرَاعَةُ وَالْحِرَاثَةُ وَغَيْرُهُمَا فِي مَوْضِعِ الدَّفْنِ إِذَا لَمْ يُخَالِفْ شُرُوطَ وَاقِفٍ ، أَوْ لَمْ تَكُنِ الْمَقْبَرَةُ مُسَبَّلَةً.[46]

        وَقَال الْحَنَفِيَّةُ : لَوْ بَلِيَ الْمَيِّتُ وَصَارَ تُرَابًا جَازَ دَفْنُ غَيْرِهِ فِي قَبْرِهِ وَزَرْعُهُ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ.[47]


        الهوامش:
        -------
        [1] . الموضوع نقلا عن الموسوعة الکويتية، ج40،ص24.
        ومصدره موقع مؤسسة التعليم والتحقيق في المذاهب الاسلامية (هنا)
        [2] . المصباح المنير ، والمغرب في ترتيب المعرب ، والمعجم الوسيط .
        [3] . مغني المحتاج 1 / 367 .
        [4] . حاشية ابن عابدين 1 / 602 ، وجواهر الإكليل 1 / 108 - 117 ، ومغني المحتاج 1 / 366 - 367 ، ودليل الفالحين 4 / 564 ، والمغني لابن قدامة 2 / 511 ، 552 ، 553 ، 554 ، والمجموع للنووي 5 / 303 .
        [5] . حاشية ابن عابدين 1 / 602 ، وجواهر الإكليل 1 / 117 ، ومغني المحتاج 1 / 366 ، والمغني لابن قدامة 2 / 552 ، 553 ، والمجموع للنووي 5 / 303 .
        [6] . حاشية ابن عابدين 1 / 602 ، وجواهر الإكليل 1 / 117 ، ومغني المحتاج 1 / 366 ، والمجموع للنووي 5 / 300 - 303 ، والمغني لابن قدامة 2 / 553 ، وكشاف القناع 2 / 145 .
        [7] . المجموع للنووي 5 / 300 - 303 ، وتحفة المحتاج مع الحاشيتين 3 / 204 ، ومغني المحتاج 1 / 366 .
        [8] . حاشية ابن عابدين 1 / 602 ، وفتح القدير 2 / 101 .
        [9] . جواهر الإكليل 1 / 117 ، والخرشي وبهامشه حاشية العدوي 2 / 144 - 145 .
        [10] . جواهر الإكليل 1 / 117 ، والخرشي مع حاشية العدوي 2 / 144 - 145 .
        [11] . حديث : " أن المغيرة بن شعبة وضع خاتمه . . . " . أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ( 60 / 29 ط دار الفكر ) وَقَال النووي في المجموع ( 5 / 300 ط المنيرية ) : حديث المغيرة ضعيف غريب . ثم نقل عن أبي أحمد الحاكم أنه قال : لا يصح هذا الحديث .
        [12]. كشاف القناع 2 / 145 .
        [13] . حاشية ابن عابدين 1 / 602 ، وفتح القدير 2 / 102 ط دار إحياء التراث العربي .
        [14] . جواهر الإكليل 1 / 117 .
        [15] . تحفة المحتاج 3 / 204 ، وقليوبي وعميرة 1 / 352 ، والمجموع للنووي 5 / 300 ، 303 ، ومغني المحتاج 1 / 366 .
        [16] . حديث : " كسر عظم الميت ككسره حيا " . أخرجه أبو داود ( 3 / 544 - ط حمص ) وابن حبان في صحيحه ( الإحسان 7 / 437 ط مؤسسة الرسالة ) ونقل علي القاري في المرقاة ( 2 / 380 ) عن ابن القطان أنه قال : " إسناده حسن " .
        [17] . تحفة المحتاج 3 / 204 ، وقليوبي وعميرة 1 / 352 ، والمجموع للنووي 5 / 300 - 303 ، ومغني المحتاج 1 / 366 .
        [18]. كشاف القناع 2 / 145 - 146 .
        [19] . حديث : " هذا قبر أبي رغال . . . " . أخرجه أبو داود ( 3 / 464 ط حمص ) ، وقال أبو الطيب : فيه بجير بن أبي بجير مجهول ( عون المعبود 8 / 346 ط دار الفكر ) .
        [20] . كشاف القناع 2 / 145 - 146 ، والمغني لابن قدامة 2 / 552 .
        [21] . كشاف القناع 2 / 146 .
        [22] . المغني لابن قدامة 2 / 552 .
        [23] . حاشية ابن عابدين 1 / 602 ، وفتح القدير 2 / 101 - 102 ، وجواهر الإكليل 1 / 117، والخرشي مع العدوي 2 / 144 - 145 .
        [24] . المجموع للنووي 5 / 299 ، ومغني المحتاج 1 / 366 .
        [25] . مغني المحتاج 1 / 366 .
        [26] . كشاف القناع 2 / 145 .
        [27] . المغني لابن قدامة 2 / 554 .
        [28] . حاشية ابن عابدين 1 / 602 ، وجواهر الإكليل 1 / 117 ، ومغني المحتاج 1 / 366 ، وتحفة المحتاج 3 / 204 ، والمغني لابن قدامة 2 / 554 ، وكشاف القناع 2 / 145 .
        [29] . مغني المحتاج 1 / 367 ، وتحفة المحتاج 3 / 205 .
        [30] . جواهر الإكليل 1 / 117 ، وابن عابدين 1 / 602 ، وكشاف القناع 2 / 146 ، والمغني لابن قدامة 2 / 551 - 552 .
        [31] . حديث : " كسر عظم الميت . . " سبق تخريجه ف 5 .
        [32] . ورد فيها حديث : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النهبى والمثلة " أخرجه البخاري ( فتح الباري 5 / 119 ط السلفية ) من حديث عبد الله بن زيد الأنصاري رضي الله عنه .
        [33] . حاشية ابن عابدين 1 / 602 ، ومغني المحتاج 1 / 366 ، والمغني لابن قدامة 2 / 553 .
        [34] . حاشية ابن عابدين 1 / 602 ، ومغني المحتاج 1 / 366 - 367 ، وتحفة المحتاج 3 / 205 ، والمغني لابن قدامة 2 / 554 .
        [35] . حديث : " أن أسود - رجلا أو امرأة . . . " أَخرجه البخاري ( فتح الباري 3 / 205 ط السلفية
        [36] . حاشية ابن عابدين 1 / 602 ، وتحفة المحتاج 3 / 204 - 205 ، ومغني المحتاج 1 / 366 - 367 ، والمغني لابن قدامة 2 / 553 .
        [37] . حاشية العدوي على الخرشي 2 / 142 .
        [38] . تحفة المحتاج 3 / 204 - 205 ، ومغني المحتاج 1 / 366 - 367 ، والمغني لابن قدامة 2 / 553 .
        [39] . حاشية ابن عابدين 1 / 602 ، وفتح القدير 2 / 101 - 102 .
        [40] . فتح القدير 2 / 101 - 102 ، وحاشية ابن عابدين 1 / 602 ، ومغني المحتاج 1 / 366 .
        [41] . كشاف القناع 2 / 86 ، 142.
        [42]. حديث جابر رضي الله عنه : " دفن مع أبي رجل . . . . " أخرجه البخاري ( فتح الباري 3 / 214 - 215 ط السلفية ) .
        [43] .كشاف القناع 2 / 86 ، 142 .
        [44] .حديث : " ادفنوا القتلى في مصارعهم " أخرجه النسائي ( 4 / 79 ط التجارية الكبرى ) وعبد الرزاق في المصنف ( 5 / 278 ط المجلس العلمي ) من حديث جابر بن عبد الله رَضي الله عنهم .
        [45] .المغني لابن قدامة ( 3 / 441 - ط هجر ) .
        [46] .كشاف القناع 2 / 143 - 144 ، وحاشية العدوي على الخرشي 2 / 144 .
        [47] .الفتاوى الهندية 1 / 167 .

        تعليق


        • #5
          أول من نبش قبور الصحابة معاوية
          http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?p=1977475

          أهل السنة رووا هذه الحادثة الأليمة، انظروا الجهاد لابن المبارك (ص 84) بسند صحيح وعبد الرزاق بسند صحيح - معاوية أول من نبش قبور الصحابة (الجهاد لابن المبارك - (1 / 84) )..
          سَمِعْتُ ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
          "لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُجْرِيَ الْكَظَامَةَقَالَ: قِيلَ مَنْ كَانَ لَهُ قَتِيلٌ فَلْيَأْتِ قَتِيلَهُ - يَعْنِي قَتْلَى أُحُدٍ - قَالَ: فَأَخْرَجْنَاهُمْ رِطَابًا يَتَثَنُّونَ، قَالَ: فَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ أُصبع رجل منهم، فَانفطرتْ دمًا " قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِي: وَلَا يُنْكِرُ بَعْدَ هَذَا مُنْكِرٌ أَبَدًا"
          ورواه عبد الرزاق بسند صحيح على شرط مسلم في كتابه: مصنف عبد الرزاق - (ج 3 / ص 547) عن ابن عيينة عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول:
          لما أراد معاوية أن يجري الكظامة قال من كان له قتيل فليأت قتيله يعني قتلى أحد قال فأخرجهم (يعني معاوية) رطابا يتثنون قال: فأصابت المسحاة رجل رجل منهم فانفطرت دما فقال أبو سعيد لا ينكر بعد هذا منكر أبدا اهـ
          وسنده صحيح على شرط مسلم، والرجل الذي عبثوا بجثته وقطعوا قدمه هو حمزة رضي الله عنه من رواية أبي الزبير عن جابر من طريق آخر:
          (قال أبو عمر: الذي أصابت المسحاة إصبعه هو حمزة - رضي الله عنه- رواه عبد الأعلى بن حماد قال: حدثنا عبد الجبار يعني ابن الورد قال: سمعت أبا الزبير يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: رأيت الشهداء يخرجون على رقاب الرجال كأنهم رجال نُوَّم حتى إذا أصابت المسحاة قدم حمزة - رضي الله عنه - فانبثقت دماً
          لكن سفيان بن عيينة فيه نصب فأخفى ذكر حمزة، ومن يعرف معاوية يعرف تماماً أن هذا لم يحدث صدفة، وأنه نبش القبور بحجة أنه يريد إجراء عين من ذلك المكان! وربما كان قصده الرئيس التمثيل بجثة حمزة فلما انبعث الدم من قدمه رطبا فعندها ربما خاف ولم يستطع هو وعماله مواصلة العبث بهذه الجثث الشريفة، فنادى في أهل المدينة بعد أن نبش القبور وتعمد ضرب قدم حمزة، ولذلك قال أبو سعيد: لا ينكر منكر بعد هذا أبداً! ولو كان الأمر مجرد خطأ ما قال أبو سعيد الخدري هذا الكلام، فهذا فهم السلف الصالح لمعاوية يا أتباع السلف!
          ومعاوية يعرف قبر حمزة تماماً!!
          لماذا؟!!
          فقبل ذلك رفسه أبو سفيان قائلاً: قد عدنا يا حمزة، والأمر الذي اجتلدنا عليه وصل إلى أبنائنا فهم يتلعبون بالملك، أو نحو هذا، فبنو أمية يعرفون قبر حمزة، ولأجل ذلك أخفى الحسن والحسين قبر الإمام علي حتى لا يجري معاوية عيناً بالنجف أيضاً ويعبث بجثة الإمام علي كهؤلاء كما عبث هو وأبوه وأمه بجثة حمزة، وهذا الحقد على حمزة لأنه قتل عتبة بن ربيعة جد معاوية لأمه، فكيف سيكون بحقد هذه العائلة على علي وقد قتل حنظلة بن أبي سفيان أخا معاوية وأسر أخاه الآخر عمرو بن أبي سفيان، وقتل الوليد بن عتبة يوم بدر واشترك في قتل عتبة بن ربيعة نفسه، فلابد هنا أن يكون بغضهم للإمام علي أكثر بكثير من بغضهم لحمزة، وهذه العائلة ماكرة لا يفهمها المغفلون، وقد ذكر القرآن الكريم عن مكر قريش ما فيه كفاية لمن أراد أن يفهم هؤلاء، وهم إضافة إلى ذلك متوحشون، يمثلون بالموتى ويرفسون القبور ويأكلون الأكباد ويقطعون المذاكي، نعوذ بالله من هذا الانحطاط في الخلق والدين والمروءة.

          وأخرج إبن أبي شيبة في المصنف – كما في شرح الصدور للسيوطي - (1 / 309)- قال: حدثنا عيسى بن يونس عن إبي إسحاق أخبرني أبي عن رجال من بني سلمة قالوا: لما صرف معاوية عينه التي تمر على قبر الشهداء فأجريت عليهما - يعني على قبر عبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بن الجموح - فبرز قبراهما فاستصرخ عليهما فأخرجناهما يتثنيان تثنيا كأنهما ماتا بالأمس... الخ
          فالعين لمعاوية وليست مصلحة عامة.
          والمسحاة يمكن أن تأخذ التراب شيئاً فشيئاً فهي ليست آلة كهربائية تقطع ما صادفها، إنما يستطيع الحافر أن يراعي ذلك بسهولة بجذب التراب.
          وفي المغازي للواقدي - (ج 1 / ص 101): ويقال إن معاوية لما أراد أن يجري كظامة - والكظامة عينٌ أحدثها معاوية - نادى مناديه بالمدينة: من كان له قتيلٌ بأحد فليشهد! فخرج الناس إلى قتلاهم فوجدوهم طرايا يتثنون، فأصابت المسحاة رجلاً منهم فثعب دماً. قال أبو سعيد الخدري: لا ينكر بعد هذا منكر أبداً...
          فذكر الحديث وفيه: ولقد كانوا يحفرون التراب، فكلما حفروا فتراً من تراب فاح عليهم المسك اهـ .
          وفي الطبقات الكبرى لابن سعد - (ج 3 / ص 563) أخبرنا عمرو بن الهيثم أبو قطن قال: أخبرنا هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر قال: صرخ بنا إلى قتلانا يوم أحد حين أجرى معاوية العين فأخرجناهم بعد أربعين سنة لينة أجسادهم تنثنى أطرافهم (وهذا سند صحيح قاله ابن حجر)
          وهذا التاريخ يعني أن ذلك جرى سنة 43هـ تقريباً..وإن صح هذا التاريخ، فكأنه لم يصبر حتى يعتمر أو يحج وإنما أراد نبش قبورهم قبل أن يقدم المدينة، أو أنه أراد أن يتم نبش قبر حمزة ونبش قبر أم النبي (ص) في وقت واحد، فاتجه هو إلى الأبواء لنبش قبر أم النبي (ص) وكتب إلى عامله بإجراء العين فوق قبور شهداء أحد ونبشهم والتمثيل بحمزة بطريقة تبين وكأن الموضوع وقع خطأ، ثم ما هذا الحفر الشديد لدرجة أن تصاب رجل حمزة وتنبعث دماً؟!
          تصور لو أنك أنت تريد نقل جثة ميت هل سيحصل هذا؟ كلا..
          فمقاس اللحد معروف، والمسحاة يمكن أن تأخذ التراب شيئاً فشيئاً فهي ليست آلة كهربائية تقطع ما صادفها، إنما يستطيع الحافر أن يراعي ذلك بسهولة بجذب التراب بطرف المسحاة، وقد اشتغلنا في المزارع ونعرف أن هذا ممكن جداً، لكن حسن الظن السلفي بالأشرار وإساءة ظنهم بالأخيار أدى إلى البرودة في تفسير الموقف بل تسويغها كما سيأتي ضاربين بقول أبي سعيد الخدري عرض الحائط.

          وفي عيون الأخبار لابن قتيبة- (ج 1 / ص 255): حدثني محمد بن عبيد قال: حدثنا سُفيان بن عُيَينة عن أبي الزبير عن جابر قال: لما أراد معاوية أن تَجرِيَ العينُ التي حفرها - قال سفيان: تُسفَى عينَ أبي زياد - نادوْا بالمدينة: من كان له قتيل فليأتِ قتيلَه. قال جابر: فأتيناهم فأخرجناهم رِطَباً يتثَنون، وأصابت المِسحَاة رِجْلَ رجلٍ منهم فانفَطَرتْ دماً. قال أبو سعيد الخدري: لا يُنكِرُ بعدَ هذا مُنكِر أبداً اهـ.
          والذي عبث معاوية بجثته هو حمزة.
          ففي تفسير الثعالبي - (ج 1 / ص 333)وذكر القصة وفيها: قال أبو سعيد الخدري لا ينكر بعد هذا منكر ابدا وفي رواية فاستخرجهم - يعني معاوية - بعد ست وأربعين سنة لينة اجسادهم تتثنى اطرافهم قال أبو عمر الذي أصابت المسحاة أصبعه هو حمزة رضي الله عنه اهـ.
          وفي صفة الصفوة لابن الجوزي: وهو في البحوث العلمية - (5 / 243) (دار الإفتاء بالسعودية) - عن جابر قال: لما أراد معاوية أن يجري عينه التي بأحد كتبوا إليه أنا لا نستطيع أن نجريها إلا على قبور الشهداء، فكتب: انبشوهم، قال: فرأيتهم يحملون كأنهم قوم نيام، وأصابت المسحاة رجل حمزة فانبعثت دما.
          وعنه (أي جابر بن عبد الله), ولكن النواصب احتجوا بفعل معاوية هذا وجعلوه من كمال فقهه! ففي [مواهب الجليل على مختصر خليل]، على قول خليل:
          والقبر حبس، لا يمشى عليه, لما كتب معاوية إلى عامله بالمدينة أن يجري عينا إلى أحد، فكتب إليه عامله: إنها لا تجري إلا على قبور الشهداء، قال: فكتب إليه: أن أنفذها، قال الراوي عن جابر: فسمعت جابر بن عبد الله يقول: فرأيتهم يخرجون على رقاب الرجال كأنهم رجال نوم حتى أصابت المسحاة قدم حمزة فانبعثت دما اهـ .
          وفي سير أعلام النبلاء - (ج 1 / ص 326) قال جابر:
          فرأيت أبي في حفرته، كأنه نائم، وما تغير من حاله شئ، وبين ذلك ست وأربعون سنة، فحولا إلى مكان آخر، وأخرجوا رطابا يتثنون
          أبو الزبير: عن جابر قال: صرخ بنا إلى قتلانا، حين أجرى معاوية العين، فاخرجناهم لينة أجسادهم، تتثنى أطرافهم.اهـ
          وتاريخ هذه الحادثة كانت سنة 50هـ وقد حج معاوية في هذه السنة.
          وقال السفاريني الحنبلي في كتابه العقائدي لوامع الأنوار البهية - (2 / 368).. وكان ذلك بعد أحد بست وأربعين سنة، وأصابت المسحاة رجل رجل منهم وهو حمزة، فانبعث الدم، فقال أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه: لا ينكر بعد هذا منكر، وكانوا وهم يحفرون يفيح عليهم من القبور ريح المسك». مصدر حنبلي عقدي سلفي.
          وفي التفسير المظهري ـ موافقا للمطبوع - (1 / 616): .. قال الشيوخ وهو حمزة فانبعث الدم قال أبو سعيد الخدري لا ينكر بعد هذا منكر.. الخ اهـ.
          ولكن النواصب احتجوا بفعل معاوية هذا وجعلوه من كمال فقهه! ففي [مواهب الجليل على مختصر خليل]، على قول خليل: (والقبر حبس، لا يمشى عليه، ولا ينبش إلا أن يشح رب كفن غصبه).
          قال الحطاب: وكذلك إذا احتيج للمقبرة لمصالح المسلمين كما فعل سيدنا معاوية رضي الله عنه في شهداء أحد، عن جابر رضي الله عنه اهـ!
          معاوية سيد! وجابر بن عبد الله حاف!
          وفي البحوث العلمية - (5 / 247):
          وقال المواق في كتابه [التاج والإكليل على مختصر خليل]: انظر في حديث لمالك عن أبي الرجال من التمهيد أنه يجوز النبش لعذر وأن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخرج أباه من قبره ودفنه بغير ذلك الموضع وكذلك فعل معاوية بمحضر الصحابة ولم ينكروه عليه..
          ثم نقل المواق عن ابن عرفة: أن معاوية إنما فعل ذلك لمصلحة عامة حاجية، كبيع الحبس لتوسيع جامع الخطبة اهـ .
          وقالت اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة السعودية في فتوى في البحوث العلمية - (5 / 249) بعد أن أوردوا الكلام السابق قالوا:
          هل أمر معاوية- على فرض ثبوته- بإجراء العين على قبور شهداء أحد وتنفيذ ذلك بمحضر من الصحابة يصلح أن يكون سندا في جواز نبش القبور للمصلحة العامة؟
          مع قول أبي سعيد في رواية عبد الرزاق حينما أصابت المسحاة رَجل من الشهداء: لا ينكر بعد هذا منكرا أبدا؟ ومع ما تشعر به كتابة عامل معاوية إليه من أنه لا يتمكن من إجراء العين إلا على قبور الشهداء من أن المعهود لدى أصحاب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم استنكار نبش القبور؟!

          عجبي!! هل استنكر الصحابة أم لا؟
          والمقصود هنا، أنه لابد من فهم التاريخ - وخاصة تاريخ المجرمين - لأنه غاية من تفصيل الكتاب (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين) ولن تستطيع فهم الحاضر إلا بقراءة التاريخ فكل جريمة يفعلها بعض المسلمين اليوم فلهم سلف من المجرمين.. فافضحوهم بفضح سلفهم وسيتوقفون لماذا؟
          لأن الشيطان أحرص على بقاء السلف المجرمين من حرصه على العبث بجثة صحابي من أولياء الله.
          اضربوا الشيطان في صنائعه الأولى وسيأمرهم بالكف فوراً.
          اعرفوا كيف تحاربون الشيطان وأولياءه اكشفوا لهم سبيل المجرمين الذي فصّل الله آياته لتستبين سبيلهم؛ لأن الشيطان يريد تعمية سبيلهم ليضل بهم!
          اتركوا هؤلاء الصغار من أولياء أولياء الشيطان! عليكم بكشف الشيطان في كبار أولياءه من سلف المجرمين الذين أصبحوا سلفاً يقتدي بهم هؤلاء المجرمون.
          هنا سيضطر الشيطان أن يأمرهم بالتوقف عن العبث بجثث الأموات أتعرفون لماذا؟
          لأننا سنضطر كشف محاولتهم العبث بجسد النبي نفسه!
          وقد أعذر من أنذر.

          الشيخ حسن بن فرحان المالكي

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          x

          رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

          صورة التسجيل تحديث الصورة

          اقرأ في منتديات يا حسين

          تقليص

          لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

          يعمل...
          X