إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

ولادة أمير المؤمنين (ع) في الكعبة المشرفة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ولادة أمير المؤمنين (ع) في الكعبة المشرفة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    ولادة أمير المؤمنين (ع) في الكعبة المشرفة

    الشيخ أحمد صمادي*

    نسبه الشريف
    كل مولود تتأثر شخصيته بآبائه وأجداده وتأخذ شخصيته منهم، والإمام علي (عليه السلام) معروف النسب، فهو ابن سادة العرب وأهل المروءة والشجاعة والكرم, والذين توارثوا السيادة وخصالها أبًا عن جد، فهو علي بن أبي طالب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
    ذخائر العقبى، أحمد بن عبد الله الطبري، مكتبة القدسي القاهرة: ص55.

    والده:
    أبو طالب المسمى بعبد مناف, استنادًا إلى ما جاء في وصية عبد المطلب لولده أبي طالب (عليهما السلام) بكفالة النبي (صلى الله عليه وآله), حيث جاء فيها: أوصيك يا عبد مناف...

    سفينة البحار، دار الأسوة، قم: 5 /312.

    وقيل اسمه عمران, لِما جاء في زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) من بعيد حسب بعض النسخ.
    بحار الأنوار، مؤسسة الوفاء، بيروت، ط2: 97 /189

    وهو كفيل النبي (صلى الله عليه وآله) بعد والده عبد المطلب، وحاول أعداء علي (عليه السلام) النيل من إسلام وإيمان أبي طالب (عليه السلام) حقدًا لولده أمير المؤمنين (عليه السلام), فنسبوا إليه كفر المعاندة، فقد مثّل كل من ابن منظور في لسان العرب والزبيدي في تاج العروس في مادّة كفر لكفر المعاندة بأبي طالب (عليه السلام) نقلاً عن التهذيب, فقالا: وفي التهذيب: يعترف بقلبه ويقر بلسانه ويأبى أن يقبل كأبي طالب حيث يقول:
    ولقد علمت بأن دين محمد * من خير أديان البرية دينا

    ولا أدري أين الكفر ما دام يعترف بقلبه ويقرّ بلسانه؟!, ويكفيه فخرًا وتأييدًا لإيمانه ما روي عن الصادق (عليه السلام) بحقه: لو وضع إيمان أبي طالب في كفة ميزان وإيمان باقي الخلق في كفة ميزان لرجح إيمانه على إيمانهم.
    بحار الأنوار، ط2 مؤسسة الوفاء، بيروت: 35 /112.

    جدّه: عبد المطلب شيبة الحمد المكنّى بأبي الحرث، وقد كفل النبي (صلى الله عليه وآله) حتى رحل إلى الرفيق الأعلى، وكان عمره (صلى الله عليه وآله) ثماني سنوات, فكفله عمه أبو طالب بوصية أبيه عبد المطلب (عليهما السلام), كما ذكرنا آنفاً.

    أمه: فاطمة بنت أسد (عليها السلام), التي كانت خير أم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) كذلك، وكانت من السابقات للإسلام والإيمان برسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن جملة المهاجرين إليه، بل كانت (عليها السلام) مؤمنة بالله ورسله وكتبه وعلى دين جدها إبراهيم الخليل قبل بعثة النبي (صلى الله عليه وآله), كما يشهد بذلك دعاؤها عندما جاءها المخاض عند الكعبة كما سيأتي، وقد خطب أبو طالب من أسد بن هاشم عقيلته فاطمة, فقال له: (الحمد لله رب العالمين، رب العرش العظيم، والمقام الكريم، والمشعر والحطيم، الذي اصطفانا أعلاماً، وسدنة، وعرفاء، وخلصاء، وحجبة بهاليل، أطهاراً من الخنى والريب والأذى والعيب، وأقام لنا المشاعر، وفضّلنا على العشائر، نخب آل إبراهيم وصفوته وزرع إسماعيل... ثم قال: تزوجت فاطمة بنت أسد وسقت المهر ونفذت الأمر، فاسألوه واشهدوا، فقال أبوها أسد: زوجناك ورضينا بك...).
    مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب، المطبعة الحيدرية: 2 /20.

    وقد ولدت لأبي طالب عليه السلام: طالبًا وعقيلاً وجعفرًا وعليًا (عليه السلام) وهو أصغرهم, وكان لها من البنات أم هانئ وجمانة وريطة.
    أعيان الشيعة، دار التعارف بيروت: 4 /219.

    وكانت تؤثر رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أولادها, كما نقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (فكانت تشبعني وتجيعهم, وتكسوني وتعريهم وتدهنني وتشعثهم)، وقد كفنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما قبضت روحها الطاهرة بقميصه, وكبّر عليها (صلى الله عليه وآله) عندما صلى عليها أربعين تكبيرة, ولقّنها الشهادة واضطجع في لحدها, وبكى وحزن عليها.
    بشارة المصطفى لمحمد بن علي الطبري، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، ط1، ص373.

    هذا, وقد امتاز أميرالمؤمنين (عليه السلام) بفضائل لم تكن لأحد غيره بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله), فهو السبّاق إلى الإسلام, وهو من رُدّت له الشمس في أكثر من موقع، وأخ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونفسه بحسب آية المباهلة، وهو قسيم الجنة والنار، وهو باب مدينة علم النبي (صلى الله عليه وآله), فقد كان أعلم الناس وأعبدهم وأشجعهم، فقد شارك في كل الغزوات والسرايا عدا غزوة تبوك, حيث أبقاه الرسول النبي (صلى الله عليه وآله) في المدينة لأمر أهم, ألا وهو الحفاظ عليها من المشركين، ويكفي في بيان فضائله ما قاله الشافعي عندما سئل: ما تقول في علي؟ فقال: وماذا أقول في رجل أخفى أولياؤه فضائله خوفًا، وأخفى أعداؤه فضائله حسدًا، وشاع له بين ذين وذين ما ملأ الخافقين.
    مشارق أنوار اليقين، الحافظ رجب البرسي، مؤسسة الأعلمي، ط 1419، تحقيق السيد علي عاشور، ص 171.

    بل لا يمكن معرفة خصائصه, ولا يمكن إحصاء فضائله, لأنه لا يعرف فضائله إلا الله ورسوله (صلى الله عليه وآله), كما نقل عن لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا علي لا يعرفك إلا الله وأنا).
    رسائل في حديث رد الشمس للشيخ المحمودي، مؤسسة المعارف الإسلامية، قم، ص6.

    ومن بين تلك الفضائل ولادته( عليه السلام) في الكعبة المشرفة والتي هي موضوع حديثنا.

    الولادة في جوف الكعبة
    شاءت إرادة العلي القدير, أن تكون الكعبة المشرفة, ذلك المكان المقدس والذي كان وما يزال موضع اهتمام العرب والمسلمين, أن يكون موضعًا لولادة أمير المؤمنين (عليه السلام)، تلك الولادة التي أطبق عليها المؤالف والمخالف والسلف والخلف، وذكرها العامة قبل الخاصة، ورويت في كتب الحديث والتاريخ ودواوين الشعر, حتى غدت من الحقائق الناصعة التي لا شك فيها، وصارت كالنار على المنار بل كالشمس في رابعة النهار، فبعد ثلاثين سنة من عام الفيل, وقبل عشر سنوات من بعثة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، وبالتحديد في يوم الجمعة، الثالث عشر من شهر رجب الأصب, كانت الكعبة على موعد تنتظر بفارغ الصبر وبمنتهى الشوق ولادة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فالتجأت إليها فاطمة بنت أسد (عليها السلام), وبإلهام رباني, بعد أن أتمّت شهرها التاسع وأحسّت بألم المخاض, فتعلقت بأستار الكعبة واهنة مرتعشة, وألصقت نفسها بجدارها من الجانب الغربي عند الركن اليماني من جهة المستجار, ودعت ربها: يا ربي إني مؤمنةٌ بك, وبما جاء من عندك من رسلٍ وكتب, وإني مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل (عليه السلام) الذي بنى بيتك العتيق، فبحقّ الذي بنى هذا البيت، وبحق المولود الذي في بطني، إلا ما يسّرت عليَّ ولادتي.

    وما إن انتهت من كلامها حتى انشق لها جدار الكعبة, ونوديت نداءً خفيًا أن يا فاطمة ادخلي بيت ربك، فدخلت ثم ارتأب الصدع, والناس يعاينون ما يحدث بذهول واستغراب، وكان من بين الحاضرين العباس بن عبد المطلب ويزيد بن قعنب وفريق من بني هاشم وجماعة من بني عبد العزى.

    قالوا فحاولنا أن نفتح باب الكعبة ليدخل بعض النساء لمساعدتها في أمر الولادة فلم ينفتح الباب, فعلمنا أن ذلك من أمر الله تعالى.

    وفي اليوم الثالث (
    وفي رواية يزيد ابن قعنب: "خرجت في اليوم الرابع"، روضة الواعظين للنيسابوري، منشورات الرضي، قم، ص76) خرجت فاطمة بنت أسد (عليها السلام) من نفس الجهة التي دخلت منها, وهي تحمل ولي الله علي بن أبي طالب (عليه السلام).
    الأمالي للشيخ الطوسي، دار الثقافة، قم، ص707.

    فاستقبلها أبو طالب (عليه السلام) مهنئًا لها, فناولته وليده الحبيب فضمه إلى صدره, ثم أعطاه لمحمد (صلى الله عليه وآله) فقبله وحمد الله على ظهوره، وحنّكه وأذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى, ففتح (عليه السلام) عينيه وضحك في وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله), ثم نحر أبو طالب الأنعام وأقام وليمة على شرف الوليد المبارك.
    رجال تركوا بصمات على جبين التاريخ، للشيخ لطيف القزويني، ص72 ؛ الأنوار العلوية للشيخ جعفر النقدي، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف، ص37.

    وقد ولدته على الرخامة الحمراء الكائنة بين الاسطوانتين بين الباب والركن اليماني.
    منار الهدى في النص على إمامة الاثني عشر, للشيخ علي البحراني، دار المنتظر، ص299، وقد أشار لها الحر العاملي في منظومته.

    وساعدها في الولادة حوّاء ومريم ابنة عمران وآسية وأم موسى (عليهن السلام)، ولما ولد سجد (عليه السلام) معطيًا ظهره للأصنام المنصوبة فوق الكعبة, وهو يقول: أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا رسول الله (صلى الله عليه وآله), تُختم به النبوة وتُختم بي الوصية.. ثم أخذته مريم ابنة عمران (عليها السلام) وضمخته بطيب الجنة، ثم تناولته آسية بنت مزاحم ولفّته بثوب أحضرته معها من الجنة.
    الفضائل لابن شاذان، المطبعة الحيدرية، النجف الاشرف، ص54.

    وقد حدثت فاطمة بنت أسد (عليها السلام) عما جرى معها, قالت: إني دخلت بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنة وأرزاقها، فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة، سميه عليًا، فهو علي، والله العلي الأعلى يقول: إني شققت اسمه من اسمي وأدبته بأدبي، وأوقفته على غامض علمي، وهو الذي يكسر الأصنام في بيتي، وهو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي ويقدسني ويمجدني، فطوبى لمن أحبه وأطاعه، وويل لمن أبغضه وعصاه.
    معاني الأخبار للشيخ الصدوق، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، ص77.

    ثم قالت (عليها السلام): فولدت عليًا ولرسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثون سنة، فأحبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حبًا شديدًا، وقال لها: اجعلي مهده بقرب فراشي, وكان (صلى الله عليه وآله) يلي أكثر تربيته, وكان يطهّر عليًا في وقت غسله, ويوجره اللبن عند شربه, ويحرك مهده عند نومه، ويناغيه في يقظته, ويحمله على صدره ورقبته، ويقول: هذا أخي ووليي وناصري وصفيي وذخري وكهفي وصهري ووصيي وزوج كريمتي وأميني على وصيتي وخليفتي.
    كشف الغمة للإربلي، دار الأضواء، بيروت، ط1: 1 /61 -62.

    وقد هبط جبرائيل على النبي (صلى الله عليه وآله) عند ولادة علي (عليه السلام) مهنئًا له, قال النبي (صلى الله عليه وآله): هبط حبيبي جبرئيل عليه السلام في وقت ولادة علي عليه السلام, فقال: يا حبيب الله، الله يقرئك السلام ويهنئك بولادة أخيك علي، ويقول: هذا أوان ظهور نبوتك وإعلان وحيك، وكشف رسالتك، إذ أيدتك بأخيك ووزيرك وصنوك وخليفتك, ومن شددت به أزرك، وأعليت به ذكرك.
    حلية الأبرار، للسيد هاشم البحراني، مؤسسة المعارف، الإسلامية، قم: 2 /58.

    أثر الشِّق على جدار الكعبة
    من المعلوم أن للكعبة بابًا يمكن الدخول منه, ولكن فاطمة بنت أسد (عليها السلام) لم تدخل من الباب بل انشق لها الجدار, ليكون أوضح وأدل على أن الولادة بأمر رباني لا يستند إلى الصدفة والاتفاق, جعله الله تعالى ليطلع عليه الناس حتى مستقبلاً, ليعرفوا أن عليًا (عليه السلام) هو الذي اصطفاه الله عزوجل بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومما يؤكد ذلك: أن أثر الفطر على الجدار, من الجهة المقابلة للحجر من الجانب الغربي عند المستجار جنب الركن اليماني, ما يزال واضحًا وماثلاً للعيان حتى يومنا هذا، وسيبقى رغم تجديد بناء الكعبة أكثر من مرة.

    فقد بنيت قبل البعثة بخمس سنوات عندما هدمها السيل, وقصة اختلاف القبائل - في القبيلة التي لها حق وضع الحجر الأسود في مكانه, حتى كاد يقع الدم بينهم, ثم تحكيمهم النبي (صلى الله عليه وآله), الذي كان يعرف بالصادق الأمين حتى قبل البعثة, فأشار عليهم بوضع الحجر في ثوب, ثم يأخذ سيد كل قبيلة بطرف منه ويرفعونه, فيأخذه النبي (صلى الله عليه وآله) فيضعه في مكانه, حتى وأد الفتنة بحكمته - قصة مشهورة.
    الكامل في التاريخ لابن الأثير، دار صادر، بيروت:2 /45.

    وبُنيت في زمن عبد الله بن الزبير, بعد أن تسلّط على الحجاز في عهد يزيد ابن معاوية, فحاربه الحصين قائد جيش يزيد بمكة، وأصاب الكعبة بالمنجنيق, فانهدمت وأحرقت كسوتها وبعض أخشابها، ثم انكشف عنها لموت يزيد، فرأى ابن الزبير أن يهدم الكعبة ويعيد بناءها، وتم الفراغ من بنائها في 17 رجب سنة 64 هجرية.

    وبنيت في زمن الحجاج بن يوسف الثقفي، فبعد أن تولى عبد الملك بن مروان الخلافة, بعث الحجاج قائد جيشه, فحارب ابن الزبير حتى غلبه فقتله, فأخبر الحجاج عبد الملك بما أحدثه ابن الزبير في الكعبة, فأمره بإرجاعها إلى شكلها الأول, فهدمت وأعيد بناؤها.

    ولما تولى السلطان سليمان العثماني الملك سنة تسعماية وستين للهجرة غيّر سقفها.

    ولما تولى السلطان أحمد العثماني سنة إحدى وعشرين بعد الألف أحدث فيها ترميمًا, ولما حدث السيل العظيم سنة تسع وثلاثين بعد الألف هدم بعض حوائطها الشمالية والشرقية والغربية، فأمر السلطان مراد الرابع من ملوك آل عثمان بترميمها، ولم تزل على ذلك حتى اليوم.
    ميزان الحكمة للشيخ الري شهري، مكتب الإعلام الإسلامي: 8 /23-24.

    ومع هذا بقي الأثر ظاهرا للعيان من المكان الذي دخلت منه فاطمة (عليها السلام)، ويقال بأنهم جهدوا لإخفائه بشتى الوسائل فلم يُفلحوا, وكيف يقدرون على إخفاء ما يريد الله إظهاره؟!

    بل إن لإدخال والدة أمير المؤمنين عليه السلام من عند المستجار من جانب الركن اليماني - حيث يستحب الالتصاق هناك والتضرع والدعاء والسؤال لقضاء الحوائج - دلالات أخرى, تؤكد على أن الله سبحانه وتعالى يريد حثّ المسلمين على الالتصاق بحائط الكعبة عند المستجار, لإعلامهم بذلك الحدث المبارك.

    روي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ): إذا فرغت من طوافك وبلغت مؤخر الكعبة - وهو بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل - فابسط يديك على البيت, وألصق بطنك وخدك بالبيت وقل: " اللهم البيت بيتك والعبد عبدك, وهذا مكان العائذ بك من النار, " ثم أقرّ لربك بما عملت, فإنه ليس من عبد مؤمن يقر لربه بذنوبه في هذا المكان إلا غفر الله له إن شاء الله، وتقول: "...اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي, واغفر لي ما اطلعت عليه مني وخفي على خلقك"، ثم تستجير بالله من النار وتدعو لنفسك, ثم استلم الركن اليماني, ثم ائت الحجر الأسود.
    الكافي، للشيخ الكليني، دار الأضواء: ج 4، ص405، ح5.

    في الحديث: فلما هبط آدم إلى الأرض طاف بالبيت، فلما كان عند المستجار دنا من البيت, فرفع يديه إلى السماء فقال: يا رب اغفر لي, فنودي إني قد غفرت لك، قال: يا رب ولولدي, قال: فنودي: يا آدم من جاءني من ولدك فباء بذنبه بهذا المكان غفرت له.
    تفسير العياشي، المكتبة العلمية الإسلامية، طهران: 1 /31.

    كما أن لولادته (عليه السلام) على الرخامة الحمراء بين الاسطوانتين, التي يستحب الصلاة عليها لمن دخل إلى الكعبة بعد الاغتسال والدعاء بعدها بالمأثور سرًا آخر، وقد عقد صاحب الوسائل بابًا لذلك, في أنه: يستحب لمن أراد دخول الكعبة أن يغتسل, ثم يدخلها بسكينة ووقار بغير حذاء, ولا يبزق ولا يمتخط، ويدعو بالمأثور, ويصلى بين الأسطوانتين على تلك الرخامة ركعتين.
    وسائل الشيعة للحر العاملي، المكتبة الإسلامية، طهران، ج9، كتاب الحج، ب36 من أبواب مقدمات الطواف وما يتبعها، ص 372.

    وقد قال بعض العلماء الذين وفقوا للدخول إلى الكعبة: قد وفقت لدخول الكعبة المشرفة, فرأيت بلاط الكعبة المشرفة يميل إلى البياض, عدا بلاطة واحدة حمراء بين الباب والركن اليماني من داخل الكعبة, وهي علامة لموضع ولادة أمير المؤمنين (عليه السلام).
    منار الهدى في النص على إمامة الاثني عشر، للشيخ علي البحراني، دار المنتظر، ص301.
    الولادة في الادب والشعر (تجدها في المصدر (اضغط هنا)
    ـــــــــــــــــــــــ
    * مبلّغ ديني ومدرّس في الحوزة العلمية.
    والمقال منشور في مجلة رسالة النجف التي تصدرها جامعة النجف الأشرف للعلوم الدينية في لبنان - الجنوب - حاريص - العدد: السادس / السنة الثانية / تموز - آب - أيلول : 2006م الموافق جمادى الأولى - جمادى الثانية - رجب : 1427هـ (اضغط هنا)

    يتبع..

  • #2
    الحكمة والسرّ في ولادة الأمير "ع" في جوف الكعبة
    لو نظرنا إلى أصغر أمر يصدر عن الله سبحانه، لوجدنا أنه يكمن فيه حكمة ربانية، بدءًا من مسألة كراهة النفخ على الطعام، مرورًا بالدخول إلى الأماكن المقدسة والمساجد بالرجل اليمنى والخروج باليسرى، وصولاً إلى عقاب القاتل والسارق والزاني.

    فكيف بحادثة بهذه الأهمية تحصل في جوف الكعبة, التي كانت وما تزال موضع نظر العالم كله؟!، فإن أي حدث مهما قلّ شأنه يحصل عند الكعبة سيعلم به الناس, لأن الكعبة موضع اهتمام الجميع, وهي تعني لهم شيئًا عظيمًا قبل الإسلام وبعده. فكيف إذا كان هذا الحدث هو الولادة في جوف الكعبة، ذلك المكان المقدس، وكان الدخول من شق في حائط الكعبة لا من بابها؟!، فسيكون موضع دهشة الناس وتساؤلهم عن سرّ هذا الحدث.

    ولقد تواتر نقلها بين المؤمنين في جميع سلسلة الرواة عبر العصور إلى زمان ولادته المباركة, حتى لا تجد أحدًا لم يسمع بها، والشقّ الذي حصل في جدار الكعبة حين ولادته بقي على شكل فطر في جدارها، وهو أكبر شاهد على الولادة, وآية من آيات الله لجميع خلقه، لم يستطع أحد أن يزيله على مرّ العصور، فلا بد أن هناك حكمة وسرًا وراء تلك الولادة المباركة والميمونة, فما هو هذا السر؟

    ما يمكن استشرافه من ذلك السر:
    إن الله تعالى جعل ولادته في الكعبة ليشرفها بتلك الولادة الميمونة, وقد أشار إلى هذا الوجه جماعة من الأعلام، منهم السيد إسماعيل الشيرازي كما مرَّ من قصيدته، ومنهم محمد مبين بن محب الله بن أحمد اللكهنوي الحنفي, حيث قال: وقد خصّه الله تعالى بهذه الفضيلة، وشرّف الكعبة بهذا الشرف، وقد أشار إلى ذلك الكثير من علمائنا.
    وسيلة النجاة للكهنوي الحنفي، ص60.

    ومنها: أن الله تعالى جعل ولادته في الكعبة حيث خرّ ساجدًا لله عند ولادته, مديرًا ظهره لتلك الأصنام التي كانت فوق الكعبة, والتي سيحطّمها عليّ (عليه السلام) صاعدًا على كتف رسول الله (صلى الله عليه وآله).
    الفضائل لابن شاذان، المطبعة الحيدرية، النجف، ص54.

    ومنها: ما ذكره بعض علماء السنة في إحدى محاضراته: أن الله تعالى جعل ولادة علي في الكعبة, التي يتّجه إليها المسلمون خمس مرات على الأقل في اليوم, غير الاتجاه إليها عند الذبح, والصلاة على الأموات, ودفن الموتى وغيرها, حتى يلتفت المسلم إلى حقيقة علي (عليه السلام) كلما اتجه إلى الكعبة في صلاته, وحتى لا يزول ذكره من الأذهان.
    عبد الفتاح عبد المقصود, من محاضرة له في مدينة قم المقدسة, عن سرّ ولادة الأمير (ع) في الكعبة.

    ومنها: ما أشار إليه العقّاد بقوله: ولد علي (عليه السلام) في داخل الكعبة, وكرم الله وجهه عن السجود لأصنامها، فكأنما كان ميلاده ثمة إيذانًا بعهد جديد للكعبة وللعبادة فيها، وكاد علي أن يولد مسلمًا.. بل لقد ولد مسلمًا على التحقيق إذا نحن نظرنا إلى ميلاد العقيدة والروح، لأنه فتح عينيه على الإسلام, ولم يعرف قط عبادة الأصنام، فهو قد تربى في البيت الذي خرجت منه الدعوة الإسلامية.
    المجموعة الكاملة، العبقريات الإسلامية للعقاد، دار الكتاب اللبناني، بيروت: 2 /35.

    ومنها ما ذكره بعض كبار الأعلام, عندما طرح البحث والسؤال بطريقة أخرى, حيث قال:


    لا ينبغي أن يقال: ما سرّ تولد أمير المؤمنين (عليه السلام) في الكعبة, بل اللازم أن نقول: ما سرّ شرف الكعبة وهو تولده فيها؟

    وقال في مقام الجواب عن هذا السرّ:
    لعل سرّ هذا الرمز الإلهي والإيماء الربوبي, إشارة إلى ما بين أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين الكعبة أعزّها الله تعالى من المناسبة، فكما أن الصلاة لا تقبل ولا تصح إلا بالتوجه إليها, فكذلك الأعمال لا تقبل إلا بالتوجه إليه, والاعتماد على الأخذ منه ومن ذريته, والتقرب إلى الله بولايتهم وولايته، فهم كعبة الأرواح وهي كعبة الأشباح، وهم كعبة الأسرار والمعاني وهي كعبة الظواهر والمباني، وهم كعبة المعارف واللطائف وهي كعبة العاكف والطائف، والغاية أن تولده سلام الله عليه في الكعبة إشارة إلى أنه هو سرّ شرف الكعبة وروح معناها وجوهر حقيقتها, ولعل الحق جل شأنه إنما شرّفها في عالم الأزل, لسابق علمه الأزلي بأنها ستكون مهبط ذلك النور الأقدم, ومحط ذلك التجلي الأعظم, وموضع بزوغ ذلك القبس الإلهي والعلم الغير المتناهي، ويشير إلى هذا ما هو المشهور من حديث مفاخرة كربلاء والكعبة, الذي صدع وسطع منه النداء الربوبي للكعبة: قري يا كعبة وتطامني, فلولا كربلاء ومن حلّ فيها لما خلقتك ولا شرفتك... وإلا فليست الكعبة ولا المشاعر ولا البيت ولا الحجر والمروة ولا الصفا, لولا طلوع تلك الأنوار منها وسطوع هاتيك الأقمار الربوبية عنها, إلا كسائر الأماكن والبقاع.
    جنة المأوى للشيخ كاشف الغطاء، مطبعة شفق تبريز، ص305-307.
    وفي كامل الزيارات، ابن قولويه، ص 450 ح675: بسنده عن الصادق قال: إن ارض الكعبة قالت من مثلي وقد بني بيت الله على ظهري أتاني الناس من كل فج عميق، وجعلت حرم الله وأمنه. فأوحى الله إليها أن كفّي وقرّي ما فضل به فيما أعطيت به أرض كربلاء إلا بمنزلة الإبرة غرست في البحر فحملت من ماء البحر، ولولا تربة أرض كربلاء ما فضلتك، ولولا من تضمنه أرض كربلاء لما خلقتك ولا خلقت البيت الذي به افتخرت، فقرّي واستقرّي وكوني دنيا متواضعًا ذليلاً مهينًا غير مستنكف ولا مستكبر لأرض كربلاء، وإلا سخطت بك وهويت بك في نار جهنم.
    راجع مجمع النورين - الشيخ أبو الحسن المرندي - ص 188- 189 طبعة حجرية. والهداية الكبرى للحسين بن حمدان الخصيبي، ط4، مؤسسة البلاغ،بيروت، لبنان، سنة 1991.

    والذي ينبغي أن يقال في مقام استكشاف سرّ هذه الولادة المباركة الميمونة: أن مما لا شك فيه أن هذه الولادة شرّفت الكعبة، ولكن ليست هي الحكمة الوحيدة التي أريدت من وراء تلك الحادثة العظيمة، وإلا لو كان المراد مجرد تشريف الكعبة وكفى، لزادها الله تعالى تشريفا بولادة خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) وبقية أنبيائه على نبينا وآله وعليهم السلام, ولكن هناك حكمة أخرى من وراء جعلها موضعًا لولادة علي (عليه السلام), وهي الرحمة واللطف بالأمة من قبل الله تعالى, لمساعدة الناس على معرفة حجج الله وأوليائه، ولهذا نجد أن سنة الله تعالى عند ولادة أوليائه, هي تأييدهم ببعض الآيات التي تساعد الناس على معرفة أنبيائهم وأوصيائهم (عليهم السلام), كما حصل في حادثة خروج ماء زمزم من تحت قدمي النبي إسماعيل (عليه السلام) في ذلك الوادي غير ذي الزرع، وكما حصل للنبي موسى (عليه السلام), وقذفه بالتابوت وإلقائه في النهر تحت رعاية وعناية الله تعالى, وتربيته في بيت عدوه، وكما حصل لعيسى (عليه السلام), حيث ولد من غير أب, وتكلم في المهد صبيًا، وما حصل لنبينا محمد (صلى الله عليه وآله) عند ولادته من آيات باهرة, حيث خرج منه نور أضاء قصور بصرى في الشام, وسقطت شرفات إيوان كسرى, وخمدت نيران فارس التي كانت مشتعلة منذ أكثر من ألف سنة, وغارت بحيرة ساوه وغيرها، وكذلك الحال بالنسبة لولادة أميرالمؤمنين (عليه السلام) أشرف الخلق بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله), الذي أعده الله تعالى بعد نبيه ليهتدي الناس بهديه, لا سيما وأنه بعد رحيل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) سيفتتن الناس أشد فتنة, فلذا هم بحاجة إلى هذا اللطف وهذه الولادة, حتى يطمئنوا بعد اطلاعهم عليها وبهذه الطريقة التي حصلت بها, أن عليًا (عليه السلام) هو الذي اصطفاه الله ليكون الوصي والحجة على خلقه بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ويتأكد احتياج الناس لهذا اللطف لأنهم سيحقدون على علي (عليه السلام) في المستقبل, بسبب ما سيفعله بصناديد العرب في حروبه وغزواته التي قامت على سيفه.
    أشار إلى مضمون هذا الوجه العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى في "مختصر مفيد"، المجموعة 5، ص49-55.

    هل ولد غير علي (ع) في الكعبة
    رغم أن ولادة علي (عليه السلام) في جوف الكعبة أوضح من الشمس وأبين من الأمس، إلا أن بعض الحاقدين نسبوا هذه المكرمة - التي خصّ بها الله تعالى أمير المؤمنين (عليه السلام) - لشخص آخر, لنفي الاختصاص وللتقليل من أهمية الحادثة، فقد روى بعضهم أن حكيم بن حزام (*) هو أول من ولد في الكعبة، وأن عليًا هو أول من ولد فيها من بني هاشم،
    أخبار مكة في قديم الزمان وحديثه، محمد بن إسحاق الفاكهاني، دار الخضر، بيروت، ط2: 3 /226-236.
    *هو: حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وعمته زوجة النبي خديجة بنت خويلد، وأمه أم حكيم فاختة بنت زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي، دخل في الإسلام في عام الفتح عندما كان النبي (ص) في طريقه لفتح مكة، شارك قريش في حرب النبي يوم بدر ولكنه فرّ منها على راحلة عبد الرحمان بن العوام بن خويلد، وقد اشتهر قسمه "لا والذي أنجاني يوم بدر (تاريخ دمشق 10 /97-99)، كان مولده قبل عام الفيل بـ 13 سنة, وتوفي سنة 54 هجرية في أيام معاوية, وعاش 120 سنة، 13 سنة قبل عام الفيل، و40 سنة إلى البعثة، و13 سنة إلى الهجرة، فتصبح 66 سنة، و54 بعد الهجرة, فتكون 120 سنة, (أسد الغابة: 20 /40-42).
    بل إن بعضهم لم يشر من قريب أو بعيد لولادة علي (عليه السلام)(
    كالزبير بن بكار في جمهرة النسب، تحقيق محمد محمود شاكر، القاهرة، ص353 ؛ وأخبار مكة لمحمد بن عبد الله الأزرقي، دار الأندلس، مكة المكرمة: 1 /174), وقد رواها [ولادة حكيم] مسلم في صحيحه بلا سند ضمن كتاب البيع استطرادا.
    صحيح مسلم، دار الفكر، بيروت: 5 /11.

    والغريب ما ذكره ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة، قال: اختلف في مولد علي (عليه السلام) أين كان؟ فكثير من الشيعة يزعمون أنه ولد في الكعبة، والمحدثون لا يعترفون بذلك، ويزعمون أن المولود في الكعبة: حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
    شرح نهج البلاغة، ط إسماعليان، قم، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط1: 1 /14.
    حيث نسب القول بولادة علي (عليه السلام) في الكعبة لأكثر الشيعة لا للشيعة قاطبة, مع أن هناك إجماعًا منهم على انحصار هذه الفضيلة بعلي (عليه السلام) دون غيره, من زمن الصدوق إلى آخر علمائنا رضوان الله عليهم, ويكفي في ذلك ما قاله المحدث النوري, من أن ولادة الإمام علي (عليه السلام) في جوف الكعبة من ضروريات مذهب آل البيت (عليهم السلام).
    اللؤلؤ والمرجان للمحدث النوري، ص163.

    وأما قوله: "بأن المحدثين لا يعترفون بذلك ويزعمون ولادة حكيم..."، فهو اغرب من سابقه، فقد اشتهرت هذه الولادة المباركة بين محدثي العامة،
    ورواها كل من المسعودي(
    مروج الذهب للمسعودي، دار الأندلس، بيروت: 2 /349
    وابن المغازلي المالكي(
    المناقب لابن المغازلي، ص6
    وابن طلحة الشافعي(
    مطالب السؤل لابن طلحة، 69
    وسبط ابن الجوزي(
    تذكرة الخواص لابن الجوزي، 10
    وممن جاء بعد ابن أبي الحديد: النخجواني(
    تجارب السلف للنخجواني، 37
    والسكتواري البسنوي الحنفي(
    محاضرة الأوائل للبسنوي، ط الآستانة، 120
    والدهلوي الحنفي(
    إزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء للدهلوي، ط باكستان: 2 /251
    والشبلنجي(
    نور الأبصار للشبلنجي، ص85
    وحبيب الله الشنقيطي(
    كفاية الطالب في فضائل علي ابن أبي طالب للشنقيطي، ص37
    وعلي القاري الحنفي(
    شرح الشفا لعلي القاري، 1 /150 ؛ والسيرة الحلبية للحلبي الشافعي، 1 /154، 3 /405).

    بل إن بعضهم ادعى تواتر ولادته (عليه السلام) في الكعبة، كالحاكم في المستدرك، وهو من أشهر محدثي العامة، ويعرف حقّ المعرفة مصطلح التواتر، قال: "تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في جوف الكعبة".
    المستدرك: 3 /550.

    ولم يعترض الذهبي الشافعي - المعروف بمواقفه من أهل البيت وشيعتهم, الذي لخص المستدرك - على ادعاء التواتر من الحاكم.
    تلخيص المستدرك على الصحيحين للذهبي: 3 /550

    بل إن جملة منهم صرّحوا بعدم ولادة غير علي (عليه السلام) في الكعبة, كالسبتي المعتزلي حيث قال: "لعلي كرم الله وجهه في المساجد خاصية ومزية لا يشاركه فيها أحد، وهو أنه ولد في الكعبة".

    المراتب للسبتي، ص49.

    والكنجي الشافعي الذي قال: "ولد أميرالمؤمنين علي ابن أبي طالب بمكة في بيت الله الحرام، ليلة الجمعة لثلاث عشر ليلة خلت من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل، ولم يلد قبله ولا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه, إكراماً له بذلك، وإجلالاً لمحله في التعظيم".
    كفاية الطالب للكنجي، ص406 وص407.

    والمصلي الشافعي قال: "ولد في الكعبة المعظمة ولم يولد بها سواه في طلقة واحدة".
    النعيم المقيم للمصلي الشافعي، ص129.

    والجويني الشافعي قال: "لم يولد في الكعبة إلا علي".
    فرائد السمطين للجويني: 1 /425.

    وابن الصباغ المالكي قال: "ولد علي عليه السلام بمكة المشرفة بداخل البيت الحرام... ولم يولد في البيت الحرام قبله أحد سواه، وهي فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً له وإعلاءًا".
    الفصول المهمة لابن الصباغ، ص13.

    والصفوري الشافعي قال: "إن عليًا رضي الله عنه ولدته أمّه بجوف الكعبة شرّفها الله، وهي فضيلة خصّه الله بها، ذلك أن فاطمة بنت أسد رضي الله عنها، أصابها شدّة الطلق، فأدخلها أبو طالب الكعبة، فطلقت طلقة, فولدته يوم الجمعة في رجب سنه ثلاثين من عام الفيل".
    نزهة المجالس للصفوري، ط القاهرة، 2 /204، عن شرح إحقاق الحق، منشورات مكتبة المرعشي، قم: 7 /489.

    وابن خاوند شاه قال: "كانت ولادته (عليه السلام)... في جوف الكعبة..., ولم تتح هذه السعادة لأي أحد منذ بدء الخليقة إلى الغاية، وإن لصحة هذا الخبر بين المؤرخين المتحفظين على الفضائل, صيتًا لا تشوبه شبهة, وتجاوز عن أن يصحبه الشك والترديد".

    روضة الصفا في آداب زيارة المصطفى لابن خاوند، 2.

    ومحمود بن محمد علي الشيخاني القادري الشافعي قال: "لم يولد قبله ولا بعده مولود في البيت الحرام سواه, إكرامًا له بذلك وإجلالاً لمحله في التعظيم".
    الصراط السوي للقادري، 152، نسخة المكتبة الناصرية، الهند, عن مجلة تراثنا، ج26، السنة السابعة، محرم 1412 هـــ, عدد1

    وابن باكثير الحضرمي الشافعي قال: "كانت ولادته بالكعبة المشرفة, وهو أول من ولد بها، بل لم يعلم أن غيره ولد بها".

    وسيلة المآل للحضرمي، 282.

    واللكهنوي الحنفي قال: "ولادة معدن الكرامة (عليه السلام) في جوف الكعبة، ولم يولد أحد فيها غيره، وقد خصّه الله تعالى بهذه الفضيلة, وشرّف الكعبة بهذا الشرف".

    مرآة المؤمنين للكهنوي، طبعة الهند، 21؛ وسيلة النجاة للكهنوي، ص 60.

    ومحمد صديق خان البخاري القنوجي قال: "ولم يولد أحد غيره في هذا المكان المقدس".
    تكريم المؤمنين بتقويم مناقب الخلفاء، الراشدين للقنوجي، 99

    وغيرهم الكثير..., وهذه المصادر وغيرها موجودة في مجلة تراثنا, التي تصدرها مؤسسة آل البيت, السنة السابعة, محرم 1412, العدد (1).

    فبعد كل هذه المصادر وهذا التواتر, هل يبقى أدنى شك بهذه الولادة العظيمة؟!، وهل يبقى عذر لابن أبي الحديد في هذا النقل التاريخي؟!، ثم كيف ينسب ذلك في كتابه في مثل هذه الحادثة المهمة والمشهورة من دون أدنى تدبّر وتتبّع، ولا يمكننا أن نحمل ابن أبي الحديد على الحقد والتعصّب الأعمى كغيره، ولا يسعنا إلا أن نقول: لعله أخذه من بعض المعاصرين الحاقدين ووثق بكلامه, فذكره من دون تتبّع, فسقط هذه السقطة العجيبة التي لا تُغتفر من أمثاله.

    وأما الرواية في بقية المصادر، فهي إما مرسلة كما في رواية المستدرك، التي رواها عن علي بن عثام(
    المستدرك، 3 /549), والذي توفي سنة 228 (الكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة للذهبي، دار القبلة للثقافة الإسلامية جدة، 2 /44)، فيكون بين وفاته وبين ولادة حكيم حوالي 294 سنة، وكذا رواية مصعب بن عثمان الذي روى عنه الزبير بن بكّار في جمهرة النسب, فانه توفي سنة 233 (الفهرست لابن النديم، 160)، فيكون بينه وبين تولد حكيم 299 سنة، وكذا رواية مسلم حيث أوردها بلا سند.

    وأما ما روي عن بعض ذوي الميول الأموية وأتباعهم, كعبد الله بن أبي سليمان, الذي روى عنه الأزرقي في أخبار مكة، فقد كان مولى لعثمان،
    تهذيب التهذيب لابن حجر، 5 /246
    وكذا عروة بن الزبير بن العوام والد مصعب، فهو من أعوان الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.

    تاريخ الطبري، 2 /421.

    ومن هنا نعرف السرّ في دسّ رواية ولادة حكيم بن حزام في جوف الكعبة، وأن وراءها الأمويين وآل الزبير, الذين اتخذوا موقفا سلبيًا من علي (عليه السلام) بعد حرب الجمل، بل إن سياسة بني أمية كانت قائمة عن عمد وقصد إلى التصدّي لفضائل الأمام علي (عليه السلام) وتشويهها بشتى الأساليب، تلك السياسة التي عمّمها معاوية في مرسوم سلطاني جاء فيه:
    "برئت الذمة ممن روى شيئاً في فضل أبي تراب وأهل بيته".
    بحار الأنوار، العلامة المجلسي، مؤسسة الوفاء، ط2، 33 /191 ؛ شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد ؛ دار إحياء الكتب العربية: 11 /44

    ثم كتب إلى عماله في جميع الآفاق:

    "إذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين، ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب، إلا وتأتوني بمناقض له في الصحابة، فإن هذا أحب إليّ وأقر لعيني، وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته".
    بحار الأنوار: 33 /192.

    قال الرواي (علي بن محمد المدائني صاحب كتاب الأحداث): "فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها(
    شرح نهج البلاغة، ط إسماعليان، قم، 11 /45)، في قبال فضائل أميرالمؤمنين وآل البيت (عليه السلام), وكتب التاريخ مملوءة منها, وحادثة الولادة في الكعبة من تلك الفضائل التي أرادوا التقليل من أهميتها بنسبتها إلى غيره (عليه السلام)، ولعل الذهبي قد تنبّه إلى ما في الرواية من الوهن والضعف, فحذفها من مختصره ولم يأتِ على ذكرها، ولو صحت بوجه من الوجوه لم يتركها، إذ استنفد ما لديه من حقد وعلم مقلوب, في تجريح وتضعيف وتقبيح وسب, لرواة مناقب علي وأهل بيته, وهو المعروف بتعصبه".
    مجلة تراثنا السنة السابعة، محرم 1412 العدد 1 /36.

    انتهى المقال

    تعليق


    • #3
      يا يتيم
      يا زميلنا الفاضل
      نريد رواية واحدة فقط كدليل على ولادة امير المؤمنين في الكعبة
      ان من الشيعة لغلاة
      لا شك انهم سمعوا بولادة حكيم بن حرام في الكعبة المشرفة وهؤلاء لغلوهم يظنون انه كل فضيلة في البشر يجب ان تكون في علي بن ابي طالب سواء كانت فيه او لم تكن وهؤلاء هم الذين وصفهم الامام انه يذهب بهم حب علي الى غير الحق

      نريد رواية واحدة صحيحة متصلة السند لانه لايعقل ان يذكر الحاكم فضائل علي رض في كتابه من غير خوف ولا وجل ثم لما يأـي الى فضيلة الولادة في الكعبة يقول تواترت الاخبار ولا يروي رواية او حرف واحد من هذه الروايات المتواترة
      فلا شك ان هذا الكلام ليس هو كلام الحاكم بل متقول عليه
      فالحاكم متشيع لعلي وليس فيه نفس اموي فلماذا اخفى هذه الفضيلة وذكر بقية الفضائل
      اضف الى ان النسائي المتشيع والترمذي وابن ماجة وابي داود ذكروا فضائل علي المتعددة ومنها من كان بسند ضعيف فكيف يعقل انهم اغفلوا روايات متواترةفي فضيلة ولادة علي في الكعبة

      ونحن انصفاك ولم نطلب منك طرق الروايات المتواترة التي تدعيها نحن طالبناك برواية واحدة فقط بسندها
      واحدة فقط

      التعديل الأخير تم بواسطة م9; الساعة 29-05-2013, 03:12 PM.

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x

      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

      صورة التسجيل تحديث الصورة

      اقرأ في منتديات يا حسين

      تقليص

      لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

      يعمل...
      X