إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مجهود شخصي/ عرض و تحليل : الفصل الثالث من كتاب "عن العروبة و الإسلام"

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مجهود شخصي/ عرض و تحليل : الفصل الثالث من كتاب "عن العروبة و الإسلام"

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صلّ على محمد المصطفى و على أهل بيته النجباء و سلم عليهم تسليماً كثيراً و عجل فرجنا بوليهم

    خلال سنين عمري الأولى (وأنا لا أزال في بداية المتوسطة) وجدت نفسي حاضراً في عائلة أرضعتني على المبادىء القومية و أغاني عبدالحليم حافظ الوطنية العروبية و النظرية الطبقية للمجتمع في إطار إجتماعي و فلسفة جدلية العقل الإنساني، فوجهني والدي -أطال الله في عمره- الى الأدبيات القومية الناصرية، خاصة تلك للكاتب المصري المرحوم عصمت سيف الدولة، و إن كنت عندما قرأتها في ذلك المقتبل من العمر, ما فهمت ما أراد الرجل تماماً، إذ كان يدفعني التقليد الى الترنن بكلماته من دون فحص و لا تحليل.

    فها أنا حسبت نفسي كنت يوماً من متبعي أفكار الرجل، وها أنا لا أستطيع أن أُعرّف (جدل الإنسان) الذي وضع له و نظّر له عصمت سيف الدولة، ولا أستطيع أن أشرح أهم الفروقات بين الإشتراكية العربية التي أدعاها عبدالناصر و النظرية الإسلامية او النظرية الرأسمالية، و السبب في ذلك طريقة توصلي لتلك المعلومات في إطار الفهم التقليدي المحبب (وليس المفروض) من قبل المحيط.

    وبعدها، بدأ النضوج الفكري و العمري لدي يخرجني من العائلة الصغرى (الأسرة) الى العائلة الأكبر، فوجدت الإختلاف و التناطح الفكري، بين أقوى إتجاهين في عائلتنا، و هما الإتجاهان الناصري و الإسلامي (إتجاهان جعلا من العائلة و الأسرة مشتتة في البلدان في ظل النظام السابق، بسبب مواقفهما المعارضة، و مواقف النظام منهما، و سبّب في سنين مضت تركنا العراق هرباً من مصير محقق لرب العائلة و هذا فصلٌ يطول ليس موضعه هنا)، هذا التناطح الفكري بدأ يوّلد التناقض الأيدلوجي في نفسي.

    و كان من بين أول القضايا التي واجهتني (الامة العربية) أم (الامة الإسلامية)، وكان من بين الكتب التي قدمت لي في ذلك المجال كتاب "عن العروبة و الإسلام" لعصمت سيف الدولة.

    وحتى لا نطيل عليكم، فهذا بيان موقف، و أنا لا أزال أتراوح في تلك القضايا الإجتماعية ذات اليمين و ذات الشمال، ولا أحسب نفسي أكاديمياً في ذلك، و إنما إبن هذه الأمة تدفعني العواطف نحو قضيتها المركزية و هي القوة و الوحدة في معترك الحضارات، فأنا أحسب نفسي مؤمنا بأن قاعدة التعارف بين الأمم هي أن يكون لك هيكل يمكن للناس أن تتعرف عليه، و لا يبنى أي بنيان بلا يد، ولكن، ما لي أخوض أبحث عن هذا، و أنا لا اعرف ما هي الأمة تلك؟

    "عن العروبة و الإسلام" أراد أن يقدم نظرة وسطية في الموضوع، إذ يقول الكاتب في "بيان" وضعه في مطلع الكتاب :



    بيــــان

    في الوطن العربي طائفتان اختلفتا فاتفقتا. طائفة تناهض الاسلام بالعروبة وطائفة تناهض العروبة بالاسلام. فهما مختلفتان. وتجهل كلتاهما العروبة والاسلام كليهما فهما متفقتان. وإنهما لتثيران في الوطن العربي عاصفة غبراء من الجدل تكاد تضل الشعب العربي المسلم عن سبيله القويم. وانهما لتحرضان الشباب العربي على معارك نكراء تكاد تلهيه عن معركة تحرير أمته .

    هذا حديث الى الشعب العربي عن الطائفتين تباعاً. سيقول نفر ممن يقرأونه : مابال هذا الرجل يتلو آيات الكتاب لايلتمس فيها عوناً من رجال الدين؟ فنقول لأننا مسلمون ، ولا كهانة في الاسلام. وسيقول نفر : ماباله يتحدث عن الأمة العربية لايلتمس عوناً من مفكريها؟ فنقول لهم : هذا مذهبنا. مذهبنا الاسلامي في القومية ومذهبنا القومي في الاسلام، فلينظروا ماذا هم فاعلون. أما الطائفتان فسينظرهم الشعب العربي إلى حين .

    ( إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ) { يونس : 49 } صدق الله العظيم .

    د . عصمت سيف الدولة

    القاهرة : ايلول / سبتمبر 1985



    وأظن الرجل واضحٌ فيما يريد تقديمه في كتابه، فجعله ثلاث فصول، الفصل الاول أسماهُ "الظالمون" وهم الإسلاميون الذين يرفضون القومية اللاعنصرية، و فصل ثاني أسماهُ "المنافقون" و هم الليبراليون/العلمانيون/القوميون الذين يرفضون الدين، فجعل يصف كل فرقة و كلامها و يحاول الرد عليها.

    والفصل الثالث أسماه "الجواب"...

    و هذا الفصل الثالث ما سوف أعرضه في هذا الموضوع المتجدد، و قد كنت أيما إعتزازاً فيما قرأت فيه، و لكني اليوم أتصفح بعضه فأناقضه، أو أحاسبه، أو أقتنع به..

    ولكنني في كل هذا لدي غرض أتوخاه و هو أن أكشف مصطلح "الطابور الخامس" الذي ينهي عصمت سيف الدولة به كتابه كما أنقل لكم :



    هل يعرفون ؟


    230 – خلال الحرب الأهلية في اسبانيا التي نشبت في ايلول / سبتمبر 1936 وانتهت في آذار/ مارس 1939 اقتحم الجنرال فرانكو مدينة مدريد بأربعة طوابير عسكرية ، فلما استولى عليها قال ، أو قيل ، ان الفضل في الاستيلاء على المدينة العاصمة يرجع أساساً إلى " الطابور الخامس " ، وكانوا يعنون به عملاء فرانكو داخل المدينة الذين اندسوا بين المدافعين وأشاعوا روح الهزيمة في نفوسهم ، وخربوا ما أعدّوه للدفاع عن المدينة ، فانهزموا . وإلى عهد قريب كان يطلق وصف " الطابور الخامس " على أولئك الذين يخدمون أغراض الغزاة من داخل الأرض المعرّضة لخطر الغزو كما فعل عملاء فرانكو . ولم يعد منكوراً ولا خفياً أنّ للولايات المتحدة الأمريكية " طابور خامس " في كل دولة من دول الأرض صديقة أو عدوة . فقد أصبحت الطوابير الخامسة أجهزة من نظم الحكم الحديثة . كل ما يفرق بين " الطابور الخامس " في عام 1939 ، و " الطابور الخامس " بعد الحرب الاوروبية الثانية ( 1945 ) ، أنه لم يعد من الممكن القطع بأن المنتمين إليه عملاء مأجورون . قد يكونون وقد لايكونون . فإن التقدم العلمي في " تشكيل الطابور الخامس " لم يعد يشترط في جنده حتى معرفة أنهم مجندون .



    فانا ومنذ ذلك الوقت صار لي معنى سياسي لالــ(سبعين محمل) التي أحمل أخي فيها، و إن كنت أخرج عنها في بعض النقاش، لأن بعض الناس يحتاجون التسفيه عندما لا يمكن تنبيههم عن يقظتهم المسروقة..

    هذه الكلمات التي انهى بها عصمت سيف الدولة بها كتابه، ظلت، و أظنها ستظل أبداً في ذهني، فقد خرج الأمر من سيطرة من يناقشني، فقد نوّم وهو يتكلم معي، أو قد أكون أنا نوّمت وأنا أتكلم معه، أو قد نكون كلينا في ذلك الدرب.

    ولكن لماذا أريد ذلك ؟

    لأن وضع اليوم يستوجب، أن ننظر نظرة جديدة، لمصطلح الطابور الخامس، و أيضاً للإنتماء و فهمه.

    وهذا المتوخى الأساسي، ومن بعده فهو محاولة لتقريب مفهوم جديدة يتناول الإسلام و العروبة في منصهر إجتماعي جديد..

    فهذا موضوع متجدد، سوف أقتبس فيه نصوص عصمت سيف الدولة من كتابه "عن العروبة و الإسلام" في فصله الختامي و أعلق عليها، و من بعد أتركها للقارىء أن يناقشها، ولكن بإحترام تنسيق الردود لكي لا يضيع المجهود..

    و لنا من الكلام بقية، و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..


    التعديل الأخير تم بواسطة إبراهيم بن مريشد; الساعة 08-06-2013, 01:44 AM.

  • #2
    من هو الكاتب ؟

    الدكتور عصمت سيف الدولة





    حقوقي عروبي مصري.
    ولد سيف الدولة في قرية الهمامية وهي قرية صغيرة بمركز البداري بمحافظة أسيوط في مصر. أكمل تعليمه الأساسي في قريته ثم انتقل إلى القاهرة ليكمل فيها تعليمه الجامعي، فحصل على ليسانس الحقوق عام 1946 م من جامعة القاهرة ثم على دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي عام 1951 م ودبلوم الدراسات العليا في القانون العام عام 1952 م من جامعة القاهرة، ودبلوم الدراسات العليا في القانون عام 1955 م من جامعة باريس، ثم الدكتوراة في القانون 1957م من جامعة باريس.
    قبض عليه في أول أيام حكم السادات بتهمة التخطيط لإنشاء تنظيم قومي هدفه قلب أنظمة الحكم في العالم العربي، وهو ما سمي بعد ذلك بتنظيم "عصمت سيف الدولة" فاعتقل لأول مرة في 1972 حتى 1973. اعتقل مرة أخرى في عام 1981 م.



    عصمت سيف الدولة تأثر بفترة التغيرات العالمية ما بعد الحرب العالمية الثانية وحركة التحرر الوطني وانتشار الأفكار القومية بعد قيام ثورة يوليو في مصر والاتجاه نحو الأفكار القومية العربية والاشتراكية. سعي نحو إيجاد الأساس الفكري النظري للقومية والاشتراكية العربية. وكان لذلك اهميته بالنسبة للفكر القومي في فترة المد الأيديولوجي الشيوعي. كتب مؤلفا في الفلسفة أسماه جدل الإنسان في مقابل جدل المادة لماركس. واعتبره بمثابة الأساس النظري ل "نظرية الثورة العربية". نشر في المؤلف أفكارا عن الحرية وتطور المجتمعات الإنسانية وقوانين تطورها واعتبر ان الإنسان محور وغاية للتطور.



    له أكثر من ثلاثين منشوراً في القانون والفلسفة والاجتماع والقومية والديموقراطية والوحدة والاشتراكية و يمكن حصرها بــ :

    [LIST=1][*]نظرية الدفاع الشرعي في القانون المصري المقارن 1957 رسالة بالفرنسية[*]أسس الاشتراكية العربية 1965[*]أسس الوحدة العربية 1965[*]الطريق إلى الوحدة العربية 1966[*]الطريق إلى الاشتراكية العربية 1967[*]وحدة القوى العربية التقدمية 1968[*]ما العمل ؟ حول هزيمة 1967 1969[*]الطريق إلى الديموقراطية 1971[*]الوحدة ومعركة تحرير فلسطين 1971[*]نظرية الثورة العربية ( سبعة أجزاء) 1972[*]النظام النيابي ومشكلة الديموقراطية 1975[*]الحركة الطلابية 1975[*]الأحزاب ومشكلة الديموقراطية في مصر 1976[*]هل كان عبد الناصر ديكتاتورا ؟ 1977[*]التقدم على الطريق المسدود 1977[*]إعدام السجان 1978[*]حوار مع الشباب العربي 1978[*]رأسماليون وطنيون ورأسمالية خائنة 1979[*]هذه المعاهدة 1980[*]دفاع عن الشعب 1980[*]الاستبداد الديموقراطي 1980[*]دفاع عن الوطن 1980[*]هذه الدعوة للاعتراف المستحيل 1983[*]المحددات الموضوعية لدور مصر في الوطن العربي[*]عن الناصرين وإليهم[*]عن العروبة والإسلام 1986[*]دفاع عن ثورة مصر العربية 1990[*]الديموقراطية في فكر عبد الناصر 1990[*]الشباب العربي ومشكلة الانتماء 1991[*]مذكرات قرية الجزء الأول 1994[*]مذكرات قرية الجزء الثاني 1995[*]حكم بالخيانة كتب في أعقاب مفاوضات فض الاشتباك مع العدو الصهيوني بعد حرب1973[*]عشرات المقالات والبحوث المنشورة في الدوريات[/LIST]





    تعليق


    • #3
      من هو الكاتب ؟

      الدكتور عصمت سيف الدولة





      حقوقي عروبي مصري.
      ولد سيف الدولة في قرية الهمامية وهي قرية صغيرة بمركز البداري بمحافظة أسيوط في مصر. أكمل تعليمه الأساسي في قريته ثم انتقل إلى القاهرة ليكمل فيها تعليمه الجامعي، فحصل على ليسانس الحقوق عام 1946 م من جامعة القاهرة ثم على دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي عام 1951 م ودبلوم الدراسات العليا في القانون العام عام 1952 م من جامعة القاهرة، ودبلوم الدراسات العليا في القانون عام 1955 م من جامعة باريس، ثم الدكتوراة في القانون 1957م من جامعة باريس.
      قبض عليه في أول أيام حكم السادات بتهمة التخطيط لإنشاء تنظيم قومي هدفه قلب أنظمة الحكم في العالم العربي، وهو ما سمي بعد ذلك بتنظيم "عصمت سيف الدولة" فاعتقل لأول مرة في 1972 حتى 1973. اعتقل مرة أخرى في عام 1981 م.



      عصمت سيف الدولة تأثر بفترة التغيرات العالمية ما بعد الحرب العالمية الثانية وحركة التحرر الوطني وانتشار الأفكار القومية بعد قيام ثورة يوليو في مصر والاتجاه نحو الأفكار القومية العربية والاشتراكية. سعي نحو إيجاد الأساس الفكري النظري للقومية والاشتراكية العربية. وكان لذلك اهميته بالنسبة للفكر القومي في فترة المد الأيديولوجي الشيوعي. كتب مؤلفا في الفلسفة أسماه جدل الإنسان في مقابل جدل المادة لماركس. واعتبره بمثابة الأساس النظري ل "نظرية الثورة العربية". نشر في المؤلف أفكارا عن الحرية وتطور المجتمعات الإنسانية وقوانين تطورها واعتبر ان الإنسان محور وغاية للتطور.



      له أكثر من ثلاثين منشوراً في القانون والفلسفة والاجتماع والقومية والديموقراطية والوحدة والاشتراكية و يمكن حصرها بــ :

      [LIST=1][*]نظرية الدفاع الشرعي في القانون المصري المقارن 1957 رسالة بالفرنسية[*]أسس الاشتراكية العربية 1965[*]أسس الوحدة العربية 1965[*]الطريق إلى الوحدة العربية 1966[*]الطريق إلى الاشتراكية العربية 1967[*]وحدة القوى العربية التقدمية 1968[*]ما العمل ؟ حول هزيمة 1967 1969[*]الطريق إلى الديموقراطية 1971[*]الوحدة ومعركة تحرير فلسطين 1971[*]نظرية الثورة العربية ( سبعة أجزاء) 1972[*]النظام النيابي ومشكلة الديموقراطية 1975[*]الحركة الطلابية 1975[*]الأحزاب ومشكلة الديموقراطية في مصر 1976[*]هل كان عبد الناصر ديكتاتورا ؟ 1977[*]التقدم على الطريق المسدود 1977[*]إعدام السجان 1978[*]حوار مع الشباب العربي 1978[*]رأسماليون وطنيون ورأسمالية خائنة 1979[*]هذه المعاهدة 1980[*]دفاع عن الشعب 1980[*]الاستبداد الديموقراطي 1980[*]دفاع عن الوطن 1980[*]هذه الدعوة للاعتراف المستحيل 1983[*]المحددات الموضوعية لدور مصر في الوطن العربي[*]عن الناصرين وإليهم[*]عن العروبة والإسلام 1986[*]دفاع عن ثورة مصر العربية 1990[*]الديموقراطية في فكر عبد الناصر 1990[*]الشباب العربي ومشكلة الانتماء 1991[*]مذكرات قرية الجزء الأول 1994[*]مذكرات قرية الجزء الثاني 1995[*]حكم بالخيانة كتب في أعقاب مفاوضات فض الاشتباك مع العدو الصهيوني بعد حرب1973[*]عشرات المقالات والبحوث المنشورة في الدوريات[/LIST]





      تعليق


      • #4
        منهجية عرض الموضوع



        سوف أضع ببساطة السبيل الذي أرتضيه لكتابة الموضوع، و هو أنني سوف أقتبس نص الكاتب في حذافيره/او كما هو في النسخة الإلكترونية غير المنقحة التي وجدتها على هذا الرابط (منتدى عبدالرحمن يوسف القرضاوي)، علماً إنني املك الكتاب نفسه في مكتبة البيت.
        وبعد ذلك سوف أناقش ما تم إقتباسه من ناحية تأريخية و توثيقية فأضع صور من ذكروا في الموضوع، و إن كان هنالك من أفكار محددة يمكن مناقشتها في النص فيتم مناقشتها، فأضع عرضا للنص و أعلق عليه ومن ثم أترك المجال مفتوحاً لمن يريد مناقشة.

        أي إن كل نص من الكتاب سوف يمر بثلاث مراحل :

        1- الإقتباس المباشر
        2- التعليق و العرض التأريخي له
        3- فتح باب المناقشة

        و إن قرر أحد الأخوة مناقشة أحد النصوص فلا يُعرج الى الأخر حتى الوصول الى نتيجة في ذلك النص و إن كانت النتيجة تنطوي على إختلافٍ في الآراء..

        و إن كان هنالك من يريد مناقشة نص أُقتُبِسَ أصلاً و ترك باب النقاش فيه و لم يلحق عليه المناقش، فله أن يفتح موضوعاً منفصلاً و يجدني فيه إن شاء الله، و لكن في هذا الموضوع فأرجو ترتيب الردود و المناقشات بما يناسب، للحفاظ على النسق..

        و إن كنت أرى أنه لم يسجل أي أحد متابعة للموضوع ولكنني أرجو خيراً إن شاء الله..

        --------------------------------------

        الفهرس :

        الفصل الثالث : الجواب

        أغتصاب العقول

        الإمبريالية الحضارية

        قادة الرأي العام

        الإنسان الهدف

        إعتراض جانبي

        ذو الحدين

        الشخصية العربية

        مصر العربية

        عن الماضي الاقليمي

        الانتماء القومي

        اتجاهات الشباب العربي

        مشكلات الحياة

        القهر المادَي

        التخريب والتغريب

        خلاصة

        الاستعمار الجديد

        فهل يفلحون ؟



        الموضوعات الأساسية ستكون :
        قوانين القهر الدعائي (ولا اتوقع إنني سأناقش ذلك كثيراً لأن ما يحصل في الوطن العربي اليوم هو المصداق الأعظم)، و لكنني سأعرض له تأريخياً قدر الإمكان، ولعلني أطبقه على ما يحصل اليوم في معتركنا، وهذا كما أوضحنا متوخىً أساسي في موضوعنا.
        وبعدها يعرج على تحديدات القادة و المفكرين و فيه يحدد "سيماء" من هو الإنسان الذي لا يعد أداة في يد الإستعمار (وسأحاول أن أطبق نظرية الأستاذ عصمت سيف الدولة على شخصيات في الحركة العربية و الحركة الإسلامية، لكي نعرف من هو "العميل" و من هو "المفكر الصادق"، لكي نصل الى نتيجة نمنع فيها أن يدعى مفكرون عظام بالعملاء، كما يفعل بعض الناعقون، وهذه غاية متوخاة، و طبعاً سنناقش تلك السيماء التي يضعها الكاتب).
        و من ثم يتكلم عن الشخصية العربية وفيه أبحاث عن التأريخ العربي و نقد لأيدلوجية "الامة الشعوبية" مثل "الأمة المصرية الفرعونية" و هنا سوف نحاول بحث الأمر نفسه و إنطباعاته على الشعب المسلم العربي العراقي، وننقد أفكاراً أتى بها البعض (سابقاً في عهد الزعيم الراحل عبدالكريم قاسم، و الذي أدى نَفَسُهُ الوطني الإنعزالي في نحوٍ ما، نحو عقيدة وطنية تشوبها نواقص إجتماعية، كان من مخلفاتها أمثال البعض ممن يدّعون "الأمة العراقية" في حين أن الحقيقة هي "دولة عراقية توجد فيها صراعات فئوية و حس وطني لا يرقى الى مستوى الأمة الإجتماعية) و بعيداً عن أصل هذا الفكر الإجتماعي في العراق، فإننا سننقده كفكرة بعيداً عن شخوصه، و كما فعل الكاتب تجاه الأمة "الفرعونية" المصرية، و طبعاً قبل ذلك سنؤصل الى تأريخية ما كتبه الكاتب، ولعلنا في مظانِ ذلك نعود الى الفصل الأول من الكتاب حيث نُعرف إصطلاح "الأمة" حسبما يقول الكاتب، و معنى الكلمة في القرآن.
        ومن ثم يتجه الكاتب الى (حل العقدة) في كتابه، فيتكلم عن الإنتماء الذي يوجد في وجدان الأمة و يضعه في مضامين تأريخية سبقت تأريخ نشر الكتاب سنة 1986 (ومنها حرب إيران و العراق) و سوف يكون أكثر النقد هنا، لنحدد حقيقة الوجدان العربي.
        و لكن هنالك في خضم هذا غاية عقائدية تأريخية سنتوخاها، و هو دراسة إجتماعية لفكر شيخ الإسلام إبن تيمية، حيث يذكره الكاتب في ذيل الكتاب كجزء من ذلك المضمون التأريخي، لعلنا نجد معنى إجتماعي لعقيدة شيخ الإسلام إبن تيمية و سبب تناقضه الشديد مع ما نمتلكه كشيعة، فأنا بعد كل شئ عندي أهداف مذهبية أريد التوصل إليها، و هنا سنخاطب إبن تيمية الإنسان، وليس إبن تيمية شيخ الإسلام، و لا إبن تيمية المبتدع، و إنما إبن تيمية الذي طرد التتار أبوه من دياره، و عاد في أخر الامر يدعو الى الجهاد ضد التتار الذين أضحوا شيعة، يريدون التوسع على حساب أمته "العربية" التي يحكمها "المستعربة" من المماليك.

        --------------------

        هذا و إن الكاتب عصمت سيف الدولة وصف المتشدقين في الإسلام لحرب العروبة بالظالمين، و المتشدقين في العروبة لحرب الإسلام بالمنافقين، ووعدهم في ديالكتيك التأريخ (اللامادي بل المبني على جدل الفكرة)، أن يكون مصيرهم المعنى الاول من الآية:

        (( أما الزبد فيذهب جُفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ))


        والمعنى الثاني، فهو لمن يستطيع أن يحتوي فكره الوجدانين، العربي و الإسلامي، الذي يحمله كل إبن من أبناء الأمة..
        التعديل الأخير تم بواسطة إبراهيم بن مريشد; الساعة 09-06-2013, 09:27 PM.

        تعليق


        • #5
          المُقتبس الاول :

          اغتصاب العقول

          166 - كان جوزيف غوبلز ، وزير الدعاية في ألمانيا النازّية ، يحرّض المواطنين الألمان على فتح نوافذ المساكن والأماكن حتى آخر مداها ، ورفع أصوات المذياع حتى أقصى درجاته لكي تستطيع الافكار التي يبثها عن طريق الاذاعة الوصول إلى أذن كل ألماني واختراقها ، سواء أكان راغباً في الاستماع أم راغباً عنه . من الممكن تصور أن كثيراً من الناس في ألمانيا لم يكونوا يرون فيما يحرض عليه غوبلز إلا نوعاً من الازعاج الذي يؤذي السمع ويقلق الراحة . أما سيرجي تشاخوتين ، الكاتب التقدمي الألماني ، فقد كان يرى غير ما يراه الكثير من مواطنيه . فذهب يتابع ما يذاع ويرصده ويجمعه ويدرسه . ذلك لأنه التفت منذ البداية إلى أن غوبلز يصنع شيئا غير مسبوق في تاريخ البشرية بذلك الجهاز العبقري حديث النشأة : المذياع . كان يصنع ويصطنع ويصوغ مبادىء وأفكار وقيم أمة كاملة لتماثل مبادئه وأفكاره وقيمه ، ليضع أقدام الملايين من أبنائها على الطريق الذي حدّده حزبه ، لتندفع عليه متقدمة إلى الغاية التي أرادها . كل هذا بدون أن يعنى أقل عناية بالحوار المباشر مع أي فرد ، أو مجموعة من الأفراد ، من أولئك الملايين وبدون أن يقيم وزناً ، أي وزن ، لما يتفرد به كل منهم من مبادىء وأفكار وآمال بحكم تفرّد كل واحد منهم بملكاته الخاصة وبموقفه الاجتماعي الخاص ، وبدون أن يتوقف لحظة ليسألهم أو ليسأل أياً منهم عما يريدون . كان قد أراد " لهم " واختار ، وكانت مهمته أن يحملهم على أن يريدوا لأنفسهم ويختاروا ما أراده هو نفسه واختاره .

          ولقد صاحب سيرجي تشاخوتين تلك التجربة التاريخية المثيرة ورأى كيف أفلح غوبلز وأعوانه في صياغة أو إعادة صياغة ، أفكار أمة كثيفة العدد ، عريقة التاريخ ، متقدمة الحضارة ، متفوقة العلم ، على ما يريد الحزب النازيّ لتندفع كتلة واحدة تحت قيادة أدولف هتلر على طريق الحرب التي انتهت بهزيمتها ودمارها وانتحار قائدها ، ويبدو أن غوبلز كان يدرك أن مسؤوليته عما أصاب الأمة الألمانية أكبر من مسؤولية قائدها ، فلم يكفه قتل نفسه ، بل قتل أطفاله الخمسة ثم قتلت زوجه نفسها قبل أن يقتل هو نفسه يوم أيار / مايو 1945 .

          167 - في عام 1938 ، أي قبل أن تبدأ الحرب الأوروبية الثانية ( 1939 - 1945 ) ويشهد أهوالها كان سيرجي تشاخوتين قد أنشأ مما رصد وتابع وجمع ودرس كتاباً ( نشر عام 1939 خارج ألمانيا ) أعطاه عنواناً ذا دلالة مقزّزة : اغتصاب الجماهير ولايخفى ما في كلمة اغتصاب من دلالة الهتك القسري لحرمة العقل والتلويث لطهارة الفكر ، والاستغلال البهيمي لملكات الناس .

          168 - لم يكن غوبلز يملك من وسائل القهر الدعائي إلا الصحف والمذياع ومع ذلك نجح في أن يقنع ثمانين مليوناً من الألمان بأن ألمانيا فوق الجميع ، وبأن الجنس الآري أرقى أجناس الأرض وبأن أوروبا الشرقية هي المجال الحيوي لدولة الرايخ الثالث ( الاسم الرسمي لألمانيا النازية ) وبأن أدولف هتلر قائد ملهم لايخطىء ، وبأن انتصار ألمانيا هو عين اليقين . وورث الغرب المنتصر بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية كل ثمار عبقرية الشعب الألماني المنهزم تحت قيادة النازية وكان من بين ماورثه علم صياغة عقول الجماهير وقوانينه الاساسية الذي أسمى علم " الدعاية " أو " الاعلام " . فلم يلبث أن تعمقت جذوره وامتدت فروعه وأينع وأزدهر وأثمر وأنشئت من أجله الجامعات والمعاهد المتخصصة وتفرغ لدراسته وتدريسه مئات الالوف من خلاصة الفلاسفة وعلماء الاجتماع وعلماء النفس ، والمفكرين ، والكتّاب ، وأصبحت له في كل دولة وزارة أو إدارة ونظام أو منظمات . وزوده التقدم العلمي بأدوات بالغة الكلفة وبأسلحة خرافية المضاء . وزوده التقدم الفني بكل ذي جاذبية من أسباب الاغراء والاغواء ، فألغى المسافات ، ووحد اللغات واختصر الأزمنة حتى أحال الأرض إلى قرية على حد تعبير الماريشال ماك لوهان فيما كتبه عن " الاعلام " في كتابه قرية الأرض . وبدأت ظاهرة عالمية ليس للبشر بها عهد . ظاهرة مطاردة عقول البشر ، أيّان كانوا ، لاغتصابها بالكتب والنشرات والملصقات والمحاضرات والصحف والمجلات والاذاعة والتلفزيون ، ووسائل نقلها خرافية السرعة السلكية وغير السلكية ووسائطها العجيبة من الاقمار الصناعية . وحلت الجماعات والجمعيات والأحزاب التي تلبس ملابس وطنية محل بعثات التبشير التي انتشرت في الأرض خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بدون أن تخفي ملابسها الكهنوتية . وبلغ الأمر حداً قال فيه ج . درينكور في كتابه الدعاية قوة سياسية جديدةإن سيادة الدعاية في هذا العصر حقيقة واقعة . إنها مميز لحضارة جديدة . ان المؤرخين سيقولون في المستقبل ان القرن العشرين كان قرن الدعاية .

          تعليق


          • #6
            *مكرر*
            التعديل الأخير تم بواسطة إبراهيم بن مريشد; الساعة 09-06-2013, 10:23 PM.

            تعليق


            • #7
              باول جوزيف غوبلز
              Paul Joseph Goebbels
              (1897 - 1945 )



              أحد القادة النازيين الذين ظلوا حتى سقوط الرايخ موالين لأدولف هتلر، حتى وصل به الحال كما ذكر الدكتور عصمت سيف الدولة الى قتل نفسه و أبناءه في الأول من مايو سنة 1945.



              يقول في خطبة معروفة له تعرف بــ " المذياع القوى العظمى الثامنة " سنة 1933 :
              " إننا ... نريد أن نبني تغيراً مبدئياً في الرؤية العالمية لمجتمعنا.. ثورةً بأعظم ما يمكن حتى لا تترك شيئاً، ان تغير حياة كل الأمم ... ما كنا نستطيع أن نبني قوتنا أو نستولي على السلطة ونستعملها لولا شيئين المذياع و الطائرة! إننا لا نبالغ إن قلنا أن الثورة الألمانية لولا الطائرة و المذياع، ما قامت ولا انتصرت!"

              خلال الفترة التي تولى فيها غوبلز وزارة الإعلام (أو البروبوغاندا) النازية، كان قد أنشىء أقساماً لكل شيء، للمذياع، للصحافة، للأفلام، للمسرح، للموسيقا، للنشر، للثقاقة، وفي كل منها كان هنالك جزء مخصص للرايخ
              Reichskammer والتي كانت تتضمن أفراداً (غير معروف أنهم نازيون) يقومون بمراقبة دور اليهود و الإشتراكيين (التقدميين) و الليبراليين.

              ** على سبيل المثال : كان الملحن المعروف و الشهير ريتشارد ستراوس رئيساً لهذا التنظيم الحكومي داخل قسم الموسيقى.

              فلم يستطع مؤلفٌ أن ينشر، و لا رسامٌ أن يرسم، ولا موسيقار ان يغني، ولا ناقد أن يكتب، إلا كان فرداً من أفراد هذه الأجزاء داخل وزارة البروبوغاندا النازية، و كان غوبلز يضع هؤلاء الأفراد طبقا الى تطابق ما ينتجون مع ما يريد النظام النازي أن يوصله الى الجماهير، أو كان يغري الكثير من الجماعات و الأفراد بالمال خاصة بعد الإنحسار الذي واجه الصناعة الإعلامية، او يهدد من يحتاج الى تهديده.

              جوبه غوبلز، الذي كان يعد من الطبقة المثقفة في الحزب النازي الحاكم و أيضاً من أصحاب النوايا الصادقة نحو الثقافة الألمانية، حول إن كان ما يفعله مٌضراً بالفن و الثقافة الألمانية، فكان جوابه إن الثقافة و البروبوغاندا يقومان على غاية واحدة : التعبئة الروحية للشعب.

              من الواضح إن غوبلز خلال عمله كوزير للبروبوغاندا من سنة 1933 الى سنة 1945، لم يكن دائماً بوفاق مع أدولف هتلر، ففي حين كان مع هتلر متفقين مع إشاعة الثقافة الكلاسيكية من أوبرا و سيمفونيات، و التي كانت تستحوذ على الطبقة الوسطى، إلا إنهما لم يكونا على وئام في الثقافة المستحدثة، حيث كان هتلر يمقتها، في حين إن غوبلز كان يملك بعض التوجهات نحوها، ولكن غوبلز كان دائماً يخنع لقناعة الفهرر، كما في موسيقى باول هيندمث، التي منعت بدون أي سبب ماخلا كره هتلر لها.

              وكانت قد أختصرت مجلة Life في سنة 1938 شخصية غوبلز بكل بساطة "شخصياً هو لا يحب أي أحد، واقعاً لا أحد يحبه، و هو يدير أكثر دوائر ألمانيا حساسية و عملية".

              خلال أزمة سنة 1938، كان غوبلز (أحد المتحمسين الى الحرب و إحتلال المناطق التي تتنازع عليها ألمانيا مع غيرها) يعلم جيداً أن معظم الشعب الألماني لم يكن يريد الدخول في حرب، ولكن غوبلز أستعمل كل ما لديه لرفع مشاعر التعاطف مع الألمانيين الذين عاشوا في تلك المناطق، و خلق روح الكراهية للشعب التشيكي مثلاً، ولكن بعد إتفاق القوى الغربية مع النازيين في تلك المواضع، وجه غوبلز مكنته الإعلامية نحو بولندا، و تضمنت قصصاً مفبركة عن تظلم الالمان و قتلهم من قبل الإقطاعيين في تلك البلدان، ولكن غوبلز ظل غير قادرٍ على إقناع الشعب الألماني بالحرب.

              ---------------------------------------------------

              تعليق : بالرغم من أن غوبلز وضع أسساً للبروبوغاندا، أسساً واضحة مثل إيصال الفكرة الى أكبر قدر ممكن، و الكذب الفاحش، و السيطرة على عناصر محايدة أمام المجتمع، إلا أنه بعد ستالنغراد و الهزيمة التي مُني بها الألمان، لم يستطع أن "يتلاحق" المعنويات الهابطة للشعب الألماني، فقد الألمان كل قدرات النصر العسكري و الإقتصادي و من ثم الإجتماعي، فبالرغم من كون غوبلز صاحب الوجه الدعائي للحكومة النازية بعد أن بدأ الفهرر يغيب عن التلفاز و المذياع، إلا إنه كان في نزاع قوي في الجبهة الداخلية لألمانيا، و التي كان هو و سبير فيها بمواجهة بومان في أخر الحرب، وقبل بومان كان غورنغ مسيطراً على الجبهة، و غورنغ هذا أتجه بالألمان نحو الهزيمة.

              فلم ينجح غوبلز في الحقيقة بحربه الدعائية لـ"إغتصاب" شعبه، ولكن لربما كان السبب في ذلك الفهرر غير الثابت على رأيه و غورنغ غير الكفء لما حمّله الفهرر خلال الحرب (ظهر ضعفه في منصبه "وزير خطة الأربعة سنين" بعد الهزيمة في ستالنغراد وسقوط النظام الفاشي في إيطاليا و تقدم السوفيت في جبهة البلاروسيا، و الإنزالات في فرنسا، و من ثم أبعد غورنغ ووزعت تلك القدرات الداخلية بين غوبلز و سبير، الذين سرعان ما واجههما عنصر جديد في الجبهة الداخلية وهو بومان).

              ولكن تطبيقات غوبلز لا تزال شاخصة في الإعلام، و إن كانت بغير مسميات، ولعل الأهم من كل ما دعى له، إن إعلام اليوم في نحوِ ما يشترك مع غوبلز في غايته و هي
              التعبئة الروحية للشعب ، نحو ما يرتضيه الإعلام من "روحانية" للشعب.

              المصدر : الويكيبيديا (الموسوعة الحرة) - اللغة الإنكليزية
              الترجمة : إبراهيم بن مريشد
              ---------------------

              الخطاب "الحرب الشاملة" الذي ألقاه غوبلز لرفع المعنويات بعد إنقلاب الحرب ضد قوى المحور، غوبلز كان قد أختار الجمهور الذي أستمع الى الخطاب.


              تعليق


              • #8
                تصليح :

                "طرد التتار أباه" في السطر السادس من النهاية في المشاركة رقم "4"

                تعليق


                • #9
                  سيرجي تشاخوتين
                  Sergei Chakhotin

                  (1883 - 1973)




                  كاتب تقدمي إشتراكي ألماني من أصول روسية، كان صديقاً لكل من إينستاين و بافلوف و قد أعتمد في نظرياته على نظريات بافلوف النفسية، كان قد نشر كتاباً تٌرجم الى الإنكليزية بإسم The Rape of The Crowds أي إغتصاب الجموع او الجماهير، و كلمة "إغتصاب" التي أستعملت بالإنكليزية هي نفس الكلمة التي تستعمل للإصطلاح على الإعتداء على المرأة بصورة همجية أو غير مقبولة، و لهذا قال الدكتور عصمت سيف الدولة :

                  "أعطاه عنواناً ذا دلالة مقزّزة : اغتصاب الجماهير ولايخفى ما في كلمة اغتصاب من دلالة الهتك القسري لحرمة العقل والتلويث لطهارة الفكر ، والاستغلال البهيمي لملكات الناس ."


                  و من بين ما تكلم عنه سيرجي في كتابه، الدفع الأخلاقي المُبَطِن للإعلام، حيث يختصر ذلك بأن المعطى الإعلامي يرتد على منبع ذلك المعطى، بمعنى لأن الديمقراطية شي جيد و الدكتاتورية شي سيء فإن البروبوغاندا التي تخدم الديمقراطية صحيحة عند المتلقي، و إن كانت تستعمل التكنيك نفسه بالضبط المستعمل من قبل الديكتاتورية، ولأن التقدمية جيدة و الرجوعية سيئة، فإن إستعمال البروغاندا ليس شراً تحت أيدي الإشتراكيين التقدميين، و هو شر محض تحت أيدي الفاشيين .
                  وقد كان سيرجي مُحذراً من التوجه الذي ملكه غوبلز في الإعلام، و قد أقترح على أعضاء حزبه (الحزب الديمقراطي الإشتراكي الألماني) إستعمال البروباغاندا المضادة ولكن الحزب كان قد رفض مساعي سيرجي.

                  -----

                  المصادر :
                  1- الموسوعة الحرة بالإنكليزية
                  2- مقتضب من Propaganda : The Formation of Human Attitudes (الرابط)
                  الترجمة : إبراهيم بن مريشد

                  تعليق


                  • #10
                    ملاحظة في المقتبس الأول :

                    بالرغم من طرح موضوع الإعلام بعد الحرب الأوروبية الثانية، إلا إننا سنترك التعليق و الإسترسال في هذا الموضوع الى مقتبس لاحق، لكي يتناسق الكلام الآتي معه.

                    تعليق


                    • #11
                      المقتبس الثاني :
                      الامبريالية الحضارية

                      169 - حينما تحولت الدعاية إلى " قوة سياسية " في القرن العشرين تملكها بل احتكرها الأقوى ، واستخدمها لتثبيت قوته أو لينمّيها . والقرن العشرون هو قرن بلوغ الاستعمار ذروته الامبريالية وقرن مقاومة الاستعمار في الوقت ذاته ، فاستخدمت القوى الامبريالية السلاح الجديد لاحكام قبضتها على الشعوب وذلك عن طريق إضعاف مقدرتها على التحرر . وهكذا نشأ تعبير " الامبريالية الحضارية " الذي استعمله عالم الاجتماع الامريكي فيكتور بالدريج الاستاذ في جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة الامريكية في كتابه علم الاجتماع : دراسة نقدية في القوة والصراع والتغيير ( 1975 ) . يذهب هذا العالم الأمريكي إلى أن كل حضارة لها قيمها الخاصة وهي تساند هذه القيم حين تهاجم قيم المجتمعات الأخرى . إن هذا الهجوم قد يصل إلى أقصى مداه فيتحول إلى " امبريالية حضارية " أي محاولة من مجتمع ما لفرض قيمه على مجتمع آخر كما فرض كل من الأغريق والرومان حضارتهم بقوة السلاح على البلاد الشاسعة التي غزوها ففرضوا عليها حكامهم ودياناتهم ونظمهم الاقتصادية ، وكما فعلت أوروبا ابتداء من القرن الخامس عشر في المستعمرات فحاولت أن تفرض عليها الحضارة الأوروبية ، ولكنها لم تفعل بتلك المحاولة شيئاً أكثر من إشاعة الاضطراب في حضارات تلك المستعمرات. ويقول : " إن غزو الامبراطوريات الأوروبية للهند وأفريقيا وجنوب شرق آسيا قد كان مستتراً بستر شفّافة من البواعث المعقولة ، ولكنه في حقيقته لم يكن إلا اغتصاباً اقتصادياً وقحاً واسع النطاق . إن كثيراً ممن ينتقدون حرب فيتنام ، مثلاً ، لم يثقوا قط فيما كانت تعلنه فرنسا والولايات المتحدة الامريكية من أن غايتهما إنقاذ الفيتناميين من الخطر الشيوعي . بالعكس . إن كثيراً من الناس يعتقدون أن تلك الغاية كانت انقاذهم من أجل استغلالهم بمعرفة رجال الاعمال . من هذه الزاوية فإن اقحام الديموقراطية الامريكية والقيم الاقتصادية لم يكن إلاّ حالة تقليدية من الامبريالية الحضارية . أن تلك الأمة الخاضعة وأهلها من المدنيين الذين لاحول لهم ولاقوة قد فرضت عليهم قيم حضارية من قبل قوى دولية لها مصالح تقتضي حمايتها هذا التغيير . . . " .

                      170 - يعتمد هذا النشاط الاستعماري بشكل أساسي على البيانات التي يجمعها دارسوا الحضارات في فرع من العلوم انشأه المستعمرون وأسموه " علم الاجناس التطبيقي " ، وأنشأوا له معاهد متخصصة ، منها " الجامعة الاستعمارية " في بروكسل ( بلجيكا ) و " المدرسة الاستعمارية " في باريس ( فرنسا ) وجامعة كورنيل في نيويورك ( الولايات المتحدة الامريكية ) التابعة لوزارة الخارجية ، وأدخلوا مادة تدرس في قسم خاص في جامعات اكسفورد وكمبردج ولندن ( انكلترا ) ، وذلك لتخريج وتدريب اخصائيين يوفدون إلى أطراف الأرض يعاونهم من أبناء الأرض المستهدفة نخبة مختارة من الدارسين في مراكز البحوث ، وأساتذة الجامعات تمّ إعدادهم للتعاون ، تحت شعار البحث الاجتماعي أو العلمي بالمنح الدراسية ، والبعثات ، والمؤتمرات ، والندوات والمكافآت المغرية ، والنشر الواسع ، وبكل أجر مغر مادياً أو معنوياً . فينتشرون في " حملات مشتركة " في المدن والقرى لجمع البيانات ، واستنطاق البشر ، وتجميع الأجوبة ، ورصد الملاحظات فيما يسمى بالمسح الميداني أو المنهج الاحصائي أو الكشفي . ولما كانت الحضارة كنسق معرفي عقائدي مركب يتضمن المعتقدات والفنون والآداب والشرائع والعادات وأية سمة يكتسبها الانسان من انتمائه إلى مجتمع معين كما يقول تيلر ، فإن أنوف علماء علم الاجناس التطبيقي لاتترك مجالاً من مجالات الحياة الخاصة أو العامة بدون أن تَندَس فيه ، من أول أنواع المأكولات وأسلوب أكلها ومواعيده إلى المعتقدات الدينية والسياسية . ويذهب كل هذا إلى طالبيه ومموليه حيث يدرس بمناهج علمية غاية في التقدم والتعقيد ، ثم تقدم خلاصته إلى مراكز قيادة النشاط الاستعماري متضمنة أجوبة علمية مدروسة عن السؤال : كيف يتم التعامل مع شعب معيّن على الوجه الذي يضعف مقاومته للامبريالية ؟ ولقد استشرى هذا الأسلوب الكشفي الاستعماري في بلاد العالم الثالث ، ومن مادته تزود أجهزة اغتصاب العقول . . وما على الذين يريدون أن يروه رأي العين إلا أن يلتفتوا إلى كل أولئك الكاترة والباحثين ورفاقهم من الأجانب الذين انتشروا في مدن وقرى وريف الوطن العربي منذ بضع سنين لجمع البيانات والمعلومات واستنطاق أهلنا ، حتى من الفلاحين والفلاحات ، وتوجيه اسئلة شفوية ، أو حتى مكتوبة ، وتجميع الاجابات بحجة إجراء دراسات اجتماعية من غير طلب من الدولة وفي غيبة رقابتها ، ثم ليسألوا : لحساب من كل هذا البحث ، ومن الذي يدفع تكلفته وإلى من يذهب في نهاية الأمر ، ولماذا ؟ .

                      لقد أفزع الاستغلال الاستعماري لهذا الاسلوب الكشفي حتى بعض العلماء في أوروبا . فأصدرت " جمعية علم الاجناس التطبيقي " في انكلترا عام 1951 ميثاق شرف علمي نشرته في كتاب تنبه فيه العلماء والباحثين والدارسين إلى التناقض بين الأمانة العلمية وبين تسخير ما تسفر عنه تلك الأبحاث في الدعاية لخدمة أهداف سياسية عدوانية ضد الشعوب .

                      وكان أكثر الناس فزعاً ، بطبيعة الحال ، دول العالم الثالث .



                      171 - يقول فرانسيس بال عميد المعهد الفرنسي للصحافة والأستاذ في جامعة باريس ، في دراسة كتبها للجمعية الفرنسية للقانون الدولي نشرت في مجلتها عام 1978 ، إنه منذ زمن طويل ودول العالم الثالث تشعر بالخطر المسلط على شعوبها من خلال وسائل الدعاية والاعلام التي تملكها وتوجهها القوى الاستعمارية بقصد الحفاظ على الهيمنة الامبريالية . وكان على رأس قائمة المخاطر تشويه حقيقة مجتمعات العالم الثالث وتفكيك مكوناتها الحضارية التاريخية وإعادة بناء ثقافتها وأفكارها وتقاليدها وقيمها لتكون على ما يتفق مع مصالح دول الغرب ، مستغلة عدم التكافؤ بين مقدرتها الاقتصادية والتكنولوجية على غزو عقول شعوب العالم الثالث وبين التخلف الاقتصادي والتكنولوجي الذي يحول بين دول تلك الشعوب وبين الدفاع الدعائي لتحصين عقول الشعوب أو لتحريرها .

                      والواقع أن فزع العالم الثالث من هذا الخطر الحديث قد عمّ فأصبح إدراكه جماعياً ولقد كان الوطن العربي مركز أول حشد لمقاومة هذا الخطر . ففي الجزائر انعقد المؤتمر الرابع لدول عدم الانحياز في أيلول / سبتمبر 1973.

                      وكان خطر الغزو الغربي لعقول الشعوب أحد الموضوعات الأساسية التي ناقشها المؤتمر وأوصى في إعلانه الختامي بتعاون الدول غير المنحازة في ميدان النشاط الاعلامي " لوضع حد لمحاولة إهدار خصائصهم الحضارية والثقافية " . وفي تونس انعقد عام 1976 مؤتمر من خبراء الاعلام العرب والأفارقة استجابة لدعوة مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز الذي انعقد عام 1975 . وقد جاء في قرارات المؤتمر أن دول عدم الانحياز تعاني من هيمنة الدول المتقدمة على وسائل الاتصال بالجماهير بحكم احتكارها لأغلب وسائل الاتصال في العالم واستغلالها هذه الهيمنة للتدخل في شؤون الدول الأخرى الداخلية بقصد تحقيق أهداف النزوع الامبريالي والاستعماري الجديدة . وفي تموز / يوليو 1976 انعقد في نيودلهي بالهند مؤتمر وزراء الاعلام في الدول غير المنحازة ، وفيه عبرت السيدة أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند حينئذ ، عمّا تقوم به الدول الاحتكارية من تزييف حقيقة العالم الثالث عن طريق الدعاية والاعلام بالكلام والأقلام والأفلام ثم قالت بمرارة:

                      " اننا نريد أن نستمع إلى مايقوله الافريقيون عن الأحداث في أفريقيا وأن نقدم التفسير الهندي لما يحدث في الهند"

                      وفي تشرين الثاني / نوفمبر 1976 انعقد المؤتمر العام لمنظمة " يونسكو " في نيروبي ، وفيه عبر ممثلوا دول العالم الثالث عن إدانتهم لهيمنة الدول المتقدمة على مقدرات الدول النامية ومصائر شعوبها عن طريق الاعلام بقصد إحلال الثقافة الغربية محل الثقافة الوطنية . ويشهد فرانسيس بال في كتابه " الاعلام والمجتمع " أن قد تألق في حلبة الدفاع عن عقول الجماهير في الدول النامية ، خلال هذا المؤتمر الوزير العربي مصطفى سعودي الذي كان يمثل تونس العربية .

                      172 - بل ان الفزع قد ارتدّ إلى مصدريه! فنرى رئيس جمهورية فرنسا ، يصدر في 4 تشرين الثاني / نوفمبر 1974 قراراً جمهورياً بتكليف وزير الداخلية بأن : " يقترح على الحكومة في خلال مدة لاتزيد على ستة أشهر التدابير الكفيلة بضمان ألا يؤدي تقدم وسائل الاعلام في القطاع العام والمشترك والخاص إلى مايمس حرمة الحياة الخاصة ، والحريات الفردية العامة " . وقد شكّل وزير الداخلية لجنة برئاسة نائب رئيس مجلس الدولة تتبعها مجموعات عمل متخصصة وقدمت تقريرها في 27 حزيران / يونيو 1975 . خلاصة التقرير - فيما يعنينا - أن خطر اغتصاب عقول الجماهير الفرنسية لم يقع بعد ، ولكن مقدماته تنبىء بأنه وشيك الوقوع ، مما يقتضي أن تتخذ الدولة إجراءات وقائية تحول دون وقوعه . واقترحت اللجنة ما شاءت من إجراءات ملأت كتاباً ، نشر مستقلاً عام 1976 .

                      فمن أية قوة إمبريالية كانت تخشى فرنسا على عقول شعبها ؟ من قوة أكبر من مناعتها القومية . من الولايات المتحدة الأمريكية قائدة الامبريالية العالمية ، وأكثر الدول تقدّماً علمياً ومالياً ومقدرة تكنولوجية على اغتصاب العقول . ثم انها الدولة التي اكتشفت قبل أية دولة أخرى أحدث واخطر وأخفى وسائل الغزو الحضاري .

                      تعليق


                      • #12
                        المُقتبس الثاني :


                        الامبريالية الحضارية

                        169 - حينما تحولت الدعاية إلى " قوة سياسية " في القرن العشرين تملكها بل احتكرها الأقوى ، واستخدمها لتثبيت قوته أو لينمّيها . والقرن العشرون هو قرن بلوغ الاستعمار ذروته الامبريالية وقرن مقاومة الاستعمار في الوقت ذاته ، فاستخدمت القوى الامبريالية السلاح الجديد لاحكام قبضتها على الشعوب وذلك عن طريق إضعاف مقدرتها على التحرر . وهكذا نشأ تعبير " الامبريالية الحضارية " الذي استعمله عالم الاجتماع الامريكي فيكتور بالدريج الاستاذ في جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة الامريكية في كتابه علم الاجتماع : دراسة نقدية في القوة والصراع والتغيير ( 1975 ) . يذهب هذا العالم الأمريكي إلى أن كل حضارة لها قيمها الخاصة وهي تساند هذه القيم حين تهاجم قيم المجتمعات الأخرى . إن هذا الهجوم قد يصل إلى أقصى مداه فيتحول إلى " امبريالية حضارية " أي محاولة من مجتمع ما لفرض قيمه على مجتمع آخر كما فرض كل من الأغريق والرومان حضارتهم بقوة السلاح على البلاد الشاسعة التي غزوها ففرضوا عليها حكامهم ودياناتهم ونظمهم الاقتصادية ، وكما فعلت أوروبا ابتداء من القرن الخامس عشر في المستعمرات فحاولت أن تفرض عليها الحضارة الأوروبية ، ولكنها لم تفعل بتلك المحاولة شيئاً أكثر من إشاعة الاضطراب في حضارات تلك المستعمرات. ويقول : " إن غزو الامبراطوريات الأوروبية للهند وأفريقيا وجنوب شرق آسيا قد كان مستتراً بستر شفّافة من البواعث المعقولة ، ولكنه في حقيقته لم يكن إلا اغتصاباً اقتصادياً وقحاً واسع النطاق . إن كثيراً ممن ينتقدون حرب فيتنام ، مثلاً ، لم يثقوا قط فيما كانت تعلنه فرنسا والولايات المتحدة الامريكية من أن غايتهما إنقاذ الفيتناميين من الخطر الشيوعي . بالعكس . إن كثيراً من الناس يعتقدون أن تلك الغاية كانت انقاذهم من أجل استغلالهم بمعرفة رجال الاعمال . من هذه الزاوية فإن اقحام الديموقراطية الامريكية والقيم الاقتصادية لم يكن إلاّ حالة تقليدية من الامبريالية الحضارية . أن تلك الأمة الخاضعة وأهلها من المدنيين الذين لاحول لهم ولاقوة قد فرضت عليهم قيم حضارية من قبل قوى دولية لها مصالح تقتضي حمايتها هذا التغيير . . . " .

                        170 - يعتمد هذا النشاط الاستعماري بشكل أساسي على البيانات التي يجمعها دارسوا الحضارات في فرع من العلوم انشأه المستعمرون وأسموه " علم الاجناس التطبيقي " ، وأنشأوا له معاهد متخصصة ، منها " الجامعة الاستعمارية " في بروكسل ( بلجيكا ) و " المدرسة الاستعمارية " في باريس ( فرنسا ) وجامعة كورنيل في نيويورك ( الولايات المتحدة الامريكية ) التابعة لوزارة الخارجية ، وأدخلوا مادة تدرس في قسم خاص في جامعات اكسفورد وكمبردج ولندن ( انكلترا ) ، وذلك لتخريج وتدريب اخصائيين يوفدون إلى أطراف الأرض يعاونهم من أبناء الأرض المستهدفة نخبة مختارة من الدارسين في مراكز البحوث ، وأساتذة الجامعات تمّ إعدادهم للتعاون ، تحت شعار البحث الاجتماعي أو العلمي بالمنح الدراسية ، والبعثات ، والمؤتمرات ، والندوات والمكافآت المغرية ، والنشر الواسع ، وبكل أجر مغر مادياً أو معنوياً . فينتشرون في " حملات مشتركة " في المدن والقرى لجمع البيانات ، واستنطاق البشر ، وتجميع الأجوبة ، ورصد الملاحظات فيما يسمى بالمسح الميداني أو المنهج الاحصائي أو الكشفي . ولما كانت الحضارة كنسق معرفي عقائدي مركب يتضمن المعتقدات والفنون والآداب والشرائع والعادات وأية سمة يكتسبها الانسان من انتمائه إلى مجتمع معين كما يقول تيلر ، فإن أنوف علماء علم الاجناس التطبيقي لاتترك مجالاً من مجالات الحياة الخاصة أو العامة بدون أن تَندَس فيه ، من أول أنواع المأكولات وأسلوب أكلها ومواعيده إلى المعتقدات الدينية والسياسية . ويذهب كل هذا إلى طالبيه ومموليه حيث يدرس بمناهج علمية غاية في التقدم والتعقيد ، ثم تقدم خلاصته إلى مراكز قيادة النشاط الاستعماري متضمنة أجوبة علمية مدروسة عن السؤال : كيف يتم التعامل مع شعب معيّن على الوجه الذي يضعف مقاومته للامبريالية ؟ ولقد استشرى هذا الأسلوب الكشفي الاستعماري في بلاد العالم الثالث ، ومن مادته تزود أجهزة اغتصاب العقول . . وما على الذين يريدون أن يروه رأي العين إلا أن يلتفتوا إلى كل أولئك الكاترة والباحثين ورفاقهم من الأجانب الذين انتشروا في مدن وقرى وريف الوطن العربي منذ بضع سنين لجمع البيانات والمعلومات واستنطاق أهلنا ، حتى من الفلاحين والفلاحات ، وتوجيه اسئلة شفوية ، أو حتى مكتوبة ، وتجميع الاجابات بحجة إجراء دراسات اجتماعية من غير طلب من الدولة وفي غيبة رقابتها ، ثم ليسألوا : لحساب من كل هذا البحث ، ومن الذي يدفع تكلفته وإلى من يذهب في نهاية الأمر ، ولماذا ؟ .

                        لقد أفزع الاستغلال الاستعماري لهذا الاسلوب الكشفي حتى بعض العلماء في أوروبا . فأصدرت " جمعية علم الاجناس التطبيقي " في انكلترا عام 1951 ميثاق شرف علمي نشرته في كتاب تنبه فيه العلماء والباحثين والدارسين إلى التناقض بين الأمانة العلمية وبين تسخير ما تسفر عنه تلك الأبحاث في الدعاية لخدمة أهداف سياسية عدوانية ضد الشعوب .

                        وكان أكثر الناس فزعاً ، بطبيعة الحال ، دول العالم الثالث .



                        171 - يقول فرانسيس بال عميد المعهد الفرنسي للصحافة والأستاذ في جامعة باريس ، في دراسة كتبها للجمعية الفرنسية للقانون الدولي نشرت في مجلتها عام 1978 ، إنه منذ زمن طويل ودول العالم الثالث تشعر بالخطر المسلط على شعوبها من خلال وسائل الدعاية والاعلام التي تملكها وتوجهها القوى الاستعمارية بقصد الحفاظ على الهيمنة الامبريالية . وكان على رأس قائمة المخاطر تشويه حقيقة مجتمعات العالم الثالث وتفكيك مكوناتها الحضارية التاريخية وإعادة بناء ثقافتها وأفكارها وتقاليدها وقيمها لتكون على ما يتفق مع مصالح دول الغرب ، مستغلة عدم التكافؤ بين مقدرتها الاقتصادية والتكنولوجية على غزو عقول شعوب العالم الثالث وبين التخلف الاقتصادي والتكنولوجي الذي يحول بين دول تلك الشعوب وبين الدفاع الدعائي لتحصين عقول الشعوب أو لتحريرها .

                        والواقع أن فزع العالم الثالث من هذا الخطر الحديث قد عمّ فأصبح إدراكه جماعياً ولقد كان الوطن العربي مركز أول حشد لمقاومة هذا الخطر . ففي الجزائر انعقد المؤتمر الرابع لدول عدم الانحياز في أيلول / سبتمبر 1973.

                        وكان خطر الغزو الغربي لعقول الشعوب أحد الموضوعات الأساسية التي ناقشها المؤتمر وأوصى في إعلانه الختامي بتعاون الدول غير المنحازة في ميدان النشاط الاعلامي " لوضع حد لمحاولة إهدار خصائصهم الحضارية والثقافية " . وفي تونس انعقد عام 1976 مؤتمر من خبراء الاعلام العرب والأفارقة استجابة لدعوة مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز الذي انعقد عام 1975 . وقد جاء في قرارات المؤتمر أن دول عدم الانحياز تعاني من هيمنة الدول المتقدمة على وسائل الاتصال بالجماهير بحكم احتكارها لأغلب وسائل الاتصال في العالم واستغلالها هذه الهيمنة للتدخل في شؤون الدول الأخرى الداخلية بقصد تحقيق أهداف النزوع الامبريالي والاستعماري الجديدة . وفي تموز / يوليو 1976 انعقد في نيودلهي بالهند مؤتمر وزراء الاعلام في الدول غير المنحازة ، وفيه عبرت السيدة أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند حينئذ ، عمّا تقوم به الدول الاحتكارية من تزييف حقيقة العالم الثالث عن طريق الدعاية والاعلام بالكلام والأقلام والأفلام ثم قالت بمرارة:

                        " اننا نريد أن نستمع إلى مايقوله الافريقيون عن الأحداث في أفريقيا وأن نقدم التفسير الهندي لما يحدث في الهند"

                        وفي تشرين الثاني / نوفمبر 1976 انعقد المؤتمر العام لمنظمة " يونسكو " في نيروبي ، وفيه عبر ممثلوا دول العالم الثالث عن إدانتهم لهيمنة الدول المتقدمة على مقدرات الدول النامية ومصائر شعوبها عن طريق الاعلام بقصد إحلال الثقافة الغربية محل الثقافة الوطنية . ويشهد فرانسيس بال في كتابه " الاعلام والمجتمع " أن قد تألق في حلبة الدفاع عن عقول الجماهير في الدول النامية ، خلال هذا المؤتمر الوزير العربي مصطفى سعودي الذي كان يمثل تونس العربية .

                        172 - بل ان الفزع قد ارتدّ إلى مصدريه! فنرى رئيس جمهورية فرنسا ، يصدر في 4 تشرين الثاني / نوفمبر 1974 قراراً جمهورياً بتكليف وزير الداخلية بأن : " يقترح على الحكومة في خلال مدة لاتزيد على ستة أشهر التدابير الكفيلة بضمان ألا يؤدي تقدم وسائل الاعلام في القطاع العام والمشترك والخاص إلى مايمس حرمة الحياة الخاصة ، والحريات الفردية العامة " . وقد شكّل وزير الداخلية لجنة برئاسة نائب رئيس مجلس الدولة تتبعها مجموعات عمل متخصصة وقدمت تقريرها في 27 حزيران / يونيو 1975 . خلاصة التقرير - فيما يعنينا - أن خطر اغتصاب عقول الجماهير الفرنسية لم يقع بعد ، ولكن مقدماته تنبىء بأنه وشيك الوقوع ، مما يقتضي أن تتخذ الدولة إجراءات وقائية تحول دون وقوعه . واقترحت اللجنة ما شاءت من إجراءات ملأت كتاباً ، نشر مستقلاً عام 1976 .

                        فمن أية قوة إمبريالية كانت تخشى فرنسا على عقول شعبها ؟ من قوة أكبر من مناعتها القومية . من الولايات المتحدة الأمريكية قائدة الامبريالية العالمية ، وأكثر الدول تقدّماً علمياً ومالياً ومقدرة تكنولوجية على اغتصاب العقول . ثم انها الدولة التي اكتشفت قبل أية دولة أخرى أحدث واخطر وأخفى وسائل الغزو الحضاري .

                        تعليق

                        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                        حفظ-تلقائي
                        x

                        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                        صورة التسجيل تحديث الصورة

                        اقرأ في منتديات يا حسين

                        تقليص

                        لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                        يعمل...
                        X