بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ على محمد المصطفى و على أهل بيته النجباء و سلم عليهم تسليماً كثيراً و عجل فرجنا بوليهم
اللهم صلّ على محمد المصطفى و على أهل بيته النجباء و سلم عليهم تسليماً كثيراً و عجل فرجنا بوليهم
خلال سنين عمري الأولى (وأنا لا أزال في بداية المتوسطة) وجدت نفسي حاضراً في عائلة أرضعتني على المبادىء القومية و أغاني عبدالحليم حافظ الوطنية العروبية و النظرية الطبقية للمجتمع في إطار إجتماعي و فلسفة جدلية العقل الإنساني، فوجهني والدي -أطال الله في عمره- الى الأدبيات القومية الناصرية، خاصة تلك للكاتب المصري المرحوم عصمت سيف الدولة، و إن كنت عندما قرأتها في ذلك المقتبل من العمر, ما فهمت ما أراد الرجل تماماً، إذ كان يدفعني التقليد الى الترنن بكلماته من دون فحص و لا تحليل.
فها أنا حسبت نفسي كنت يوماً من متبعي أفكار الرجل، وها أنا لا أستطيع أن أُعرّف (جدل الإنسان) الذي وضع له و نظّر له عصمت سيف الدولة، ولا أستطيع أن أشرح أهم الفروقات بين الإشتراكية العربية التي أدعاها عبدالناصر و النظرية الإسلامية او النظرية الرأسمالية، و السبب في ذلك طريقة توصلي لتلك المعلومات في إطار الفهم التقليدي المحبب (وليس المفروض) من قبل المحيط.
وبعدها، بدأ النضوج الفكري و العمري لدي يخرجني من العائلة الصغرى (الأسرة) الى العائلة الأكبر، فوجدت الإختلاف و التناطح الفكري، بين أقوى إتجاهين في عائلتنا، و هما الإتجاهان الناصري و الإسلامي (إتجاهان جعلا من العائلة و الأسرة مشتتة في البلدان في ظل النظام السابق، بسبب مواقفهما المعارضة، و مواقف النظام منهما، و سبّب في سنين مضت تركنا العراق هرباً من مصير محقق لرب العائلة و هذا فصلٌ يطول ليس موضعه هنا)، هذا التناطح الفكري بدأ يوّلد التناقض الأيدلوجي في نفسي.
و كان من بين أول القضايا التي واجهتني (الامة العربية) أم (الامة الإسلامية)، وكان من بين الكتب التي قدمت لي في ذلك المجال كتاب "عن العروبة و الإسلام" لعصمت سيف الدولة.
وحتى لا نطيل عليكم، فهذا بيان موقف، و أنا لا أزال أتراوح في تلك القضايا الإجتماعية ذات اليمين و ذات الشمال، ولا أحسب نفسي أكاديمياً في ذلك، و إنما إبن هذه الأمة تدفعني العواطف نحو قضيتها المركزية و هي القوة و الوحدة في معترك الحضارات، فأنا أحسب نفسي مؤمنا بأن قاعدة التعارف بين الأمم هي أن يكون لك هيكل يمكن للناس أن تتعرف عليه، و لا يبنى أي بنيان بلا يد، ولكن، ما لي أخوض أبحث عن هذا، و أنا لا اعرف ما هي الأمة تلك؟
"عن العروبة و الإسلام" أراد أن يقدم نظرة وسطية في الموضوع، إذ يقول الكاتب في "بيان" وضعه في مطلع الكتاب :
فها أنا حسبت نفسي كنت يوماً من متبعي أفكار الرجل، وها أنا لا أستطيع أن أُعرّف (جدل الإنسان) الذي وضع له و نظّر له عصمت سيف الدولة، ولا أستطيع أن أشرح أهم الفروقات بين الإشتراكية العربية التي أدعاها عبدالناصر و النظرية الإسلامية او النظرية الرأسمالية، و السبب في ذلك طريقة توصلي لتلك المعلومات في إطار الفهم التقليدي المحبب (وليس المفروض) من قبل المحيط.
وبعدها، بدأ النضوج الفكري و العمري لدي يخرجني من العائلة الصغرى (الأسرة) الى العائلة الأكبر، فوجدت الإختلاف و التناطح الفكري، بين أقوى إتجاهين في عائلتنا، و هما الإتجاهان الناصري و الإسلامي (إتجاهان جعلا من العائلة و الأسرة مشتتة في البلدان في ظل النظام السابق، بسبب مواقفهما المعارضة، و مواقف النظام منهما، و سبّب في سنين مضت تركنا العراق هرباً من مصير محقق لرب العائلة و هذا فصلٌ يطول ليس موضعه هنا)، هذا التناطح الفكري بدأ يوّلد التناقض الأيدلوجي في نفسي.
و كان من بين أول القضايا التي واجهتني (الامة العربية) أم (الامة الإسلامية)، وكان من بين الكتب التي قدمت لي في ذلك المجال كتاب "عن العروبة و الإسلام" لعصمت سيف الدولة.
وحتى لا نطيل عليكم، فهذا بيان موقف، و أنا لا أزال أتراوح في تلك القضايا الإجتماعية ذات اليمين و ذات الشمال، ولا أحسب نفسي أكاديمياً في ذلك، و إنما إبن هذه الأمة تدفعني العواطف نحو قضيتها المركزية و هي القوة و الوحدة في معترك الحضارات، فأنا أحسب نفسي مؤمنا بأن قاعدة التعارف بين الأمم هي أن يكون لك هيكل يمكن للناس أن تتعرف عليه، و لا يبنى أي بنيان بلا يد، ولكن، ما لي أخوض أبحث عن هذا، و أنا لا اعرف ما هي الأمة تلك؟
"عن العروبة و الإسلام" أراد أن يقدم نظرة وسطية في الموضوع، إذ يقول الكاتب في "بيان" وضعه في مطلع الكتاب :
بيــــان
في الوطن العربي طائفتان اختلفتا فاتفقتا. طائفة تناهض الاسلام بالعروبة وطائفة تناهض العروبة بالاسلام. فهما مختلفتان. وتجهل كلتاهما العروبة والاسلام كليهما فهما متفقتان. وإنهما لتثيران في الوطن العربي عاصفة غبراء من الجدل تكاد تضل الشعب العربي المسلم عن سبيله القويم. وانهما لتحرضان الشباب العربي على معارك نكراء تكاد تلهيه عن معركة تحرير أمته .
هذا حديث الى الشعب العربي عن الطائفتين تباعاً. سيقول نفر ممن يقرأونه : مابال هذا الرجل يتلو آيات الكتاب لايلتمس فيها عوناً من رجال الدين؟ فنقول لأننا مسلمون ، ولا كهانة في الاسلام. وسيقول نفر : ماباله يتحدث عن الأمة العربية لايلتمس عوناً من مفكريها؟ فنقول لهم : هذا مذهبنا. مذهبنا الاسلامي في القومية ومذهبنا القومي في الاسلام، فلينظروا ماذا هم فاعلون. أما الطائفتان فسينظرهم الشعب العربي إلى حين .
( إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ) { يونس : 49 } صدق الله العظيم .
د . عصمت سيف الدولة
القاهرة : ايلول / سبتمبر 1985
في الوطن العربي طائفتان اختلفتا فاتفقتا. طائفة تناهض الاسلام بالعروبة وطائفة تناهض العروبة بالاسلام. فهما مختلفتان. وتجهل كلتاهما العروبة والاسلام كليهما فهما متفقتان. وإنهما لتثيران في الوطن العربي عاصفة غبراء من الجدل تكاد تضل الشعب العربي المسلم عن سبيله القويم. وانهما لتحرضان الشباب العربي على معارك نكراء تكاد تلهيه عن معركة تحرير أمته .
هذا حديث الى الشعب العربي عن الطائفتين تباعاً. سيقول نفر ممن يقرأونه : مابال هذا الرجل يتلو آيات الكتاب لايلتمس فيها عوناً من رجال الدين؟ فنقول لأننا مسلمون ، ولا كهانة في الاسلام. وسيقول نفر : ماباله يتحدث عن الأمة العربية لايلتمس عوناً من مفكريها؟ فنقول لهم : هذا مذهبنا. مذهبنا الاسلامي في القومية ومذهبنا القومي في الاسلام، فلينظروا ماذا هم فاعلون. أما الطائفتان فسينظرهم الشعب العربي إلى حين .
( إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ) { يونس : 49 } صدق الله العظيم .
د . عصمت سيف الدولة
القاهرة : ايلول / سبتمبر 1985
وأظن الرجل واضحٌ فيما يريد تقديمه في كتابه، فجعله ثلاث فصول، الفصل الاول أسماهُ "الظالمون" وهم الإسلاميون الذين يرفضون القومية اللاعنصرية، و فصل ثاني أسماهُ "المنافقون" و هم الليبراليون/العلمانيون/القوميون الذين يرفضون الدين، فجعل يصف كل فرقة و كلامها و يحاول الرد عليها.
والفصل الثالث أسماه "الجواب"...
و هذا الفصل الثالث ما سوف أعرضه في هذا الموضوع المتجدد، و قد كنت أيما إعتزازاً فيما قرأت فيه، و لكني اليوم أتصفح بعضه فأناقضه، أو أحاسبه، أو أقتنع به..
ولكنني في كل هذا لدي غرض أتوخاه و هو أن أكشف مصطلح "الطابور الخامس" الذي ينهي عصمت سيف الدولة به كتابه كما أنقل لكم :
هل يعرفون ؟
230 – خلال الحرب الأهلية في اسبانيا التي نشبت في ايلول / سبتمبر 1936 وانتهت في آذار/ مارس 1939 اقتحم الجنرال فرانكو مدينة مدريد بأربعة طوابير عسكرية ، فلما استولى عليها قال ، أو قيل ، ان الفضل في الاستيلاء على المدينة العاصمة يرجع أساساً إلى " الطابور الخامس " ، وكانوا يعنون به عملاء فرانكو داخل المدينة الذين اندسوا بين المدافعين وأشاعوا روح الهزيمة في نفوسهم ، وخربوا ما أعدّوه للدفاع عن المدينة ، فانهزموا . وإلى عهد قريب كان يطلق وصف " الطابور الخامس " على أولئك الذين يخدمون أغراض الغزاة من داخل الأرض المعرّضة لخطر الغزو كما فعل عملاء فرانكو . ولم يعد منكوراً ولا خفياً أنّ للولايات المتحدة الأمريكية " طابور خامس " في كل دولة من دول الأرض صديقة أو عدوة . فقد أصبحت الطوابير الخامسة أجهزة من نظم الحكم الحديثة . كل ما يفرق بين " الطابور الخامس " في عام 1939 ، و " الطابور الخامس " بعد الحرب الاوروبية الثانية ( 1945 ) ، أنه لم يعد من الممكن القطع بأن المنتمين إليه عملاء مأجورون . قد يكونون وقد لايكونون . فإن التقدم العلمي في " تشكيل الطابور الخامس " لم يعد يشترط في جنده حتى معرفة أنهم مجندون .
230 – خلال الحرب الأهلية في اسبانيا التي نشبت في ايلول / سبتمبر 1936 وانتهت في آذار/ مارس 1939 اقتحم الجنرال فرانكو مدينة مدريد بأربعة طوابير عسكرية ، فلما استولى عليها قال ، أو قيل ، ان الفضل في الاستيلاء على المدينة العاصمة يرجع أساساً إلى " الطابور الخامس " ، وكانوا يعنون به عملاء فرانكو داخل المدينة الذين اندسوا بين المدافعين وأشاعوا روح الهزيمة في نفوسهم ، وخربوا ما أعدّوه للدفاع عن المدينة ، فانهزموا . وإلى عهد قريب كان يطلق وصف " الطابور الخامس " على أولئك الذين يخدمون أغراض الغزاة من داخل الأرض المعرّضة لخطر الغزو كما فعل عملاء فرانكو . ولم يعد منكوراً ولا خفياً أنّ للولايات المتحدة الأمريكية " طابور خامس " في كل دولة من دول الأرض صديقة أو عدوة . فقد أصبحت الطوابير الخامسة أجهزة من نظم الحكم الحديثة . كل ما يفرق بين " الطابور الخامس " في عام 1939 ، و " الطابور الخامس " بعد الحرب الاوروبية الثانية ( 1945 ) ، أنه لم يعد من الممكن القطع بأن المنتمين إليه عملاء مأجورون . قد يكونون وقد لايكونون . فإن التقدم العلمي في " تشكيل الطابور الخامس " لم يعد يشترط في جنده حتى معرفة أنهم مجندون .
فانا ومنذ ذلك الوقت صار لي معنى سياسي لالــ(سبعين محمل) التي أحمل أخي فيها، و إن كنت أخرج عنها في بعض النقاش، لأن بعض الناس يحتاجون التسفيه عندما لا يمكن تنبيههم عن يقظتهم المسروقة..
هذه الكلمات التي انهى بها عصمت سيف الدولة بها كتابه، ظلت، و أظنها ستظل أبداً في ذهني، فقد خرج الأمر من سيطرة من يناقشني، فقد نوّم وهو يتكلم معي، أو قد أكون أنا نوّمت وأنا أتكلم معه، أو قد نكون كلينا في ذلك الدرب.
ولكن لماذا أريد ذلك ؟
لأن وضع اليوم يستوجب، أن ننظر نظرة جديدة، لمصطلح الطابور الخامس، و أيضاً للإنتماء و فهمه.
وهذا المتوخى الأساسي، ومن بعده فهو محاولة لتقريب مفهوم جديدة يتناول الإسلام و العروبة في منصهر إجتماعي جديد..
فهذا موضوع متجدد، سوف أقتبس فيه نصوص عصمت سيف الدولة من كتابه "عن العروبة و الإسلام" في فصله الختامي و أعلق عليها، و من بعد أتركها للقارىء أن يناقشها، ولكن بإحترام تنسيق الردود لكي لا يضيع المجهود..
و لنا من الكلام بقية، و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تعليق