11/6/2013
قراءة في الحراك الشعبي التركي
محمد الخليفي
بعد المواجهات العنيفة التي اندلعت في اسطنبول بين متظاهرين أتراك والشرطة التركية احتجاجا على قرار الحكومة إقامة مشروع تجاري في ساحة ‘تقسيم’، وإزالة حوالي 600 شجرة من حدائق هذه الساحة لهذا الغرض، وبعد انتقال هذه الاحتجاجات إلى مناطق ومدن أخرى، أبرزها أنقرة وأزمير، فإن هذا الحراك الشعبي التركي مازال متصاعدا، على الرغم من كل المجهود الذي تبذله وسائل الإعلام لتصوير ما يجري في تركيا على أنه لا يعدو كونه حراكا للمجتمع المدني، تعرفه كل الدول الديمقراطية من حين لآخر، لتشكل بذلك أوسع احتجاجات تشهدها الجمهورية التركية منذ تولي حزب العدالة والتنمية الحكم فيها. والأخطر في ذلك كله كونها تأتي في سياق متسم بالاضطراب والتوتر تشهده منطقة الشرق الأوسط، حيث الأزمة السورية مازالت تهدد جميع دول الجوار بانتقال حرائقها إلى حدائق هذا الجوار، فهل يمكن اعتبار تظاهرات إسطنبول مجرد اعتراض على مشروع تجاري مهدد للبيئة، أم أن الأمر يعكس حالة من الاحتقان لدى شريحة مهمة من الشعب التركي ناتجة عن سياسات يعتبرها خاطئة لحزب العدالة والتنمية الحاكم؟
كثيرا ما يتم تصوير حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا على أنه حزب إسلامي نموذجي، صالح للتطبيق في جميع الدول الإسلامية، على اعتبار أنه يعد التوليفة المناسبة التي يستطيع من خلالها الغرب أن يطمئن إلى أن مصالحه ستكون مضمونة وأكثر ازدهارا وأمنا، فهذا الحزب المحسوب على الاتجاه الإسلامي، الذي يخدم بشكل جيد المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة، والذي لا مشكلة لديه مع ‘إسرائيل’ فهو يقيم معها علاقات دبلوماسية على مستوى السفراء وعلاقات عسكرية من خلال تدريبات ومناورات مشتركة، كما أن حزب العدالة والتنمية كرس الانتماء التركي لحلف الشمال الأطلسي، وأبقى على أحلامه للانضمام للاتحاد الأوروبي، على الرغم من كل التنظير والكلام عن العودة للعمق الإستراتيجي، الذي أسس له رجب طيب أردغان، وبالتالي فإن المطلوب هو تسويق هذه الظاهرة والترويج لها بكل الوسائل المتاحة، سواء على المستوى الإعلامي أو الفني أو الثقافي، عن طريق النفخ في أرقام ومؤشرات التنمية وإظهار تركيا العدالة والتنمية كقوة اقتصادية وديمقراطية مهمة، إلا أن الحراك الشعبي الجاري الآن في هذا البلد أصاب هذه الصورة الوردية في مقتل، خصوصا أن حجمها وحدتها واستمراريتها لا تسعفنا للحديث عن كون هذا الحراك هو مجرد رد فعل مجتمع مدني على مشروع مضر بالبيئة، وعلى الرغم أيضا من كون الكثيرين قد تفاجأوا من اندلاع هذه الاحتجاجات، فإن تفكيك مسار السياسة التركية في الآونة الأخيرة وإعادة قراءتها بشكل موضوعي سيؤدي بنا لا محالة إلى الإقرار بكون ما يجري في تركيا هو في حقيقته تحصيل حاصل ناتج عن مجموعة من الاختلالات والتناقضات والمشاكل التي يحفل بها السلوك السياسي لحزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي اتسم بتزايد حدة التنافر والصراع الفكري بين خطاب وسلوك لهذا الحزب والأحزاب العلمانية، وكذا بانتقال السياسة الخارجية لتركيا في ظرف وجيز وبشكل مفاجئ من سياسة ‘صفر مشاكل’، حيث التعاون وعدم التدخل والتنمية وحوار الحضارات، أهم مبادئها إلى سياسة ‘مشاكل بدون صفر’ حيث الخصام والتدخل في الشؤون الداخلية للدول والخطاب الطائفي، هي أبرز مفردات هذه السياسة المثيرة للجدل، وعلى العموم يمكن رصد أهم مشاكل تركيا حزب العدالة والتنمية كما يلي:
نقض حزب العدالة والتنمية التركي لشعاراته التي أسس عليها خطاب العودة إلى المحيط الإستراتيجي لتركيا، ودخولها في سياسة عدائية مع العديد من الأنظمة، خصوصا النظام السوري الذي كانت تجمعه معه علاقات متميزة جدا.
الصراع الأيديولوجي بين حزب ‘أردغان’ ذي التوجهات الإسلامية والأحزاب والتيارات اليسارية والقومية والعلمانية، التي تتهم حزب العدالة والتنمية بتهديد الطابع العلماني للجمهورية التركية، التي وضع أسسها مصطفى كمال أتاتورك، فقيام الحكومة بمجموعة من الإجراءات التي ترى فيها المعارضة العلمانية مسا بثوابت الدولة التركية، من قبيل إطلاق أسماء رموز عثمانية على معالم في تركيا، وتقنين الخمور وتغيير معالم ساحة ‘تقسيم’ التي تعد رمزا علمانيا، زيادة على معاداة نظام بشار الأسد، الذي يعتبر في آخر المطاف نظاما علمانيا، على الرغم من كل التوصيفات غير العلمية التي يوصف بها.
انخراط تركيا الكامل في الأزمة السورية ودعمه للمعارضة وللحركات السلفية الجهادية، من دون مراعاة إمكانية ارتداد هذا الدعم على الوضع الداخلي.
نهج أردغان لخطاب طائفي لا يستقيم وأعراف الخطاب الرسمي لمسؤولي الدول، ما انعكس سلبا على شريحة مهمة من المجتمع التركي، حيث يشكل العلويون أكثر من ربع سكان تركيا.
عدم العمل الجاد لحل مشاكل الأقليات الدينية والعرقية في تركيا، الأكراد، العلويين، الأرمن، العرب، على الرغم من محاولة تركيا إيجاد ثغرة في جدار المشكلة الكردية المؤرقة لأنقرة، من خلال اتفاقها الغامض مع عبد الله أوجلان لوضع نهاية لهذه المشكلة.
الأزمة الاقتصادية العالمية وانعكاساتها على تركيا، خصوصا بعد فقدان امتيازاتها التجارية الهائلة في سورية ، فالنجاح الواضح والمهم لحكومة العدالة والتنمية الذي حققته على المستوى الاقتصادي بدأ يتلاشى شيئا فشيئا، حيث دخلت النقابات العمالية على خط الحراك الشعبي في تركيا، مما يضع أكثر من علامة استفهام على حجم الرخاء الاقتصادي لتركيا والفئة المستفيد منه، فالواقع يثبت أن الهوة شاسعة بين المجالات الحضرية والمجالات الريفية، حيت الفقر والتهميش وانعدام التنمية، كما أن سياسة الخصخصة التي انتهجتها تركيا ولدت نوعا من عدم العدالة الاجتماعية، خصوصا لدى الطبقات الشعبية.
من زاوية أخرى فإن الحراك الشعبي في تركيا أبان عن تناقض صارخ في خطاب أردوغان فهذا الأخير الذي كان يلبس لباس الواعظ والناصح والآمر للحكام العرب، بضرورة الاستماع لمطالب شعوبهم، أصبح يردد نفس كلام هؤلاء الحكام الذي كان ينتقدهم بالأمس القريب، حيث وصف المتظاهرين بالمتطرفين ودشن عودته من جولة في بلدان المغرب الكبير بإغلاق باب الحوار الذي كان ينوي عبد الله غول تدشينه مع المعارضة، ورفضه إجراء انتخابات سابقة لأوانها، كما دخل في مزايدات عددية لتعبئة شارع مضاد للحراك الشعبي في مشهد يعيد للأذهان صورة مؤيدي القذافي ومبارك والأسد أثناء الحراك الذي شهدته بلدان ما يسمى بـ’الربيع العربي’. كما أن الشرطة التركية لم تأل جهدا في قمع وقتل المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع والرصاص والهراوات.
ختاما يمكن الوصول إلى أن حجم مظاهرات ساحة ‘تقسيم’ في اسطنبول وحدتها وشعاراتها التي تنادي بإسقاط الحكومة، لا تتناسب مع مجرد رفض واحتجاج على عزم السلطات التركية اقتلاع أشجار حديقة ‘جيزي’ لإقامة مجمع تجاري مكانها، فلو كان الأمر كذلك لتمكنت الحكومة بسهولة من تهدئة هذه الاحتجاجات، خاصة أنها أعلنت تخليها عن هذا المشروع التجاري، وبالتالي فإن هذا الحراك هو تعبير عن رفض شعبي واسع لسياسة حزب العدالة والتنمية الحاكم، من زاوية أخرى فإن هذه الأزمة التركية وبمعزل عن مدى إمكانية تجاوز السلطات لها، قد أدخلت تركيا عمليا في مرحلة تتسم بالغموض حول مستقبل حزب العدالة والتنمية في المشهد السياسي المستقبلي لتركيا، هذا الغموض الذي سيتكرس أكثر فأكثر مع استمرار الأزمة السورية، التي يبدو أن حرائقها قد بدأت فعلا بالتمدد شمالا بعدما كانت قد انتقلت إلى كل من لبنان والعراق وجنوب الاردن، لتتشكل بذلك أولى إرهاصات حريق كبير مرشح لقضم المزيد من المساحات في الشرق الأوسط، وربما أبعد من ذلك بكثير.
http://www.alquds.co.uk/?p=53114
قراءة في الحراك الشعبي التركي
محمد الخليفي
بعد المواجهات العنيفة التي اندلعت في اسطنبول بين متظاهرين أتراك والشرطة التركية احتجاجا على قرار الحكومة إقامة مشروع تجاري في ساحة ‘تقسيم’، وإزالة حوالي 600 شجرة من حدائق هذه الساحة لهذا الغرض، وبعد انتقال هذه الاحتجاجات إلى مناطق ومدن أخرى، أبرزها أنقرة وأزمير، فإن هذا الحراك الشعبي التركي مازال متصاعدا، على الرغم من كل المجهود الذي تبذله وسائل الإعلام لتصوير ما يجري في تركيا على أنه لا يعدو كونه حراكا للمجتمع المدني، تعرفه كل الدول الديمقراطية من حين لآخر، لتشكل بذلك أوسع احتجاجات تشهدها الجمهورية التركية منذ تولي حزب العدالة والتنمية الحكم فيها. والأخطر في ذلك كله كونها تأتي في سياق متسم بالاضطراب والتوتر تشهده منطقة الشرق الأوسط، حيث الأزمة السورية مازالت تهدد جميع دول الجوار بانتقال حرائقها إلى حدائق هذا الجوار، فهل يمكن اعتبار تظاهرات إسطنبول مجرد اعتراض على مشروع تجاري مهدد للبيئة، أم أن الأمر يعكس حالة من الاحتقان لدى شريحة مهمة من الشعب التركي ناتجة عن سياسات يعتبرها خاطئة لحزب العدالة والتنمية الحاكم؟
كثيرا ما يتم تصوير حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا على أنه حزب إسلامي نموذجي، صالح للتطبيق في جميع الدول الإسلامية، على اعتبار أنه يعد التوليفة المناسبة التي يستطيع من خلالها الغرب أن يطمئن إلى أن مصالحه ستكون مضمونة وأكثر ازدهارا وأمنا، فهذا الحزب المحسوب على الاتجاه الإسلامي، الذي يخدم بشكل جيد المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة، والذي لا مشكلة لديه مع ‘إسرائيل’ فهو يقيم معها علاقات دبلوماسية على مستوى السفراء وعلاقات عسكرية من خلال تدريبات ومناورات مشتركة، كما أن حزب العدالة والتنمية كرس الانتماء التركي لحلف الشمال الأطلسي، وأبقى على أحلامه للانضمام للاتحاد الأوروبي، على الرغم من كل التنظير والكلام عن العودة للعمق الإستراتيجي، الذي أسس له رجب طيب أردغان، وبالتالي فإن المطلوب هو تسويق هذه الظاهرة والترويج لها بكل الوسائل المتاحة، سواء على المستوى الإعلامي أو الفني أو الثقافي، عن طريق النفخ في أرقام ومؤشرات التنمية وإظهار تركيا العدالة والتنمية كقوة اقتصادية وديمقراطية مهمة، إلا أن الحراك الشعبي الجاري الآن في هذا البلد أصاب هذه الصورة الوردية في مقتل، خصوصا أن حجمها وحدتها واستمراريتها لا تسعفنا للحديث عن كون هذا الحراك هو مجرد رد فعل مجتمع مدني على مشروع مضر بالبيئة، وعلى الرغم أيضا من كون الكثيرين قد تفاجأوا من اندلاع هذه الاحتجاجات، فإن تفكيك مسار السياسة التركية في الآونة الأخيرة وإعادة قراءتها بشكل موضوعي سيؤدي بنا لا محالة إلى الإقرار بكون ما يجري في تركيا هو في حقيقته تحصيل حاصل ناتج عن مجموعة من الاختلالات والتناقضات والمشاكل التي يحفل بها السلوك السياسي لحزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي اتسم بتزايد حدة التنافر والصراع الفكري بين خطاب وسلوك لهذا الحزب والأحزاب العلمانية، وكذا بانتقال السياسة الخارجية لتركيا في ظرف وجيز وبشكل مفاجئ من سياسة ‘صفر مشاكل’، حيث التعاون وعدم التدخل والتنمية وحوار الحضارات، أهم مبادئها إلى سياسة ‘مشاكل بدون صفر’ حيث الخصام والتدخل في الشؤون الداخلية للدول والخطاب الطائفي، هي أبرز مفردات هذه السياسة المثيرة للجدل، وعلى العموم يمكن رصد أهم مشاكل تركيا حزب العدالة والتنمية كما يلي:
نقض حزب العدالة والتنمية التركي لشعاراته التي أسس عليها خطاب العودة إلى المحيط الإستراتيجي لتركيا، ودخولها في سياسة عدائية مع العديد من الأنظمة، خصوصا النظام السوري الذي كانت تجمعه معه علاقات متميزة جدا.
الصراع الأيديولوجي بين حزب ‘أردغان’ ذي التوجهات الإسلامية والأحزاب والتيارات اليسارية والقومية والعلمانية، التي تتهم حزب العدالة والتنمية بتهديد الطابع العلماني للجمهورية التركية، التي وضع أسسها مصطفى كمال أتاتورك، فقيام الحكومة بمجموعة من الإجراءات التي ترى فيها المعارضة العلمانية مسا بثوابت الدولة التركية، من قبيل إطلاق أسماء رموز عثمانية على معالم في تركيا، وتقنين الخمور وتغيير معالم ساحة ‘تقسيم’ التي تعد رمزا علمانيا، زيادة على معاداة نظام بشار الأسد، الذي يعتبر في آخر المطاف نظاما علمانيا، على الرغم من كل التوصيفات غير العلمية التي يوصف بها.
انخراط تركيا الكامل في الأزمة السورية ودعمه للمعارضة وللحركات السلفية الجهادية، من دون مراعاة إمكانية ارتداد هذا الدعم على الوضع الداخلي.
نهج أردغان لخطاب طائفي لا يستقيم وأعراف الخطاب الرسمي لمسؤولي الدول، ما انعكس سلبا على شريحة مهمة من المجتمع التركي، حيث يشكل العلويون أكثر من ربع سكان تركيا.
عدم العمل الجاد لحل مشاكل الأقليات الدينية والعرقية في تركيا، الأكراد، العلويين، الأرمن، العرب، على الرغم من محاولة تركيا إيجاد ثغرة في جدار المشكلة الكردية المؤرقة لأنقرة، من خلال اتفاقها الغامض مع عبد الله أوجلان لوضع نهاية لهذه المشكلة.
الأزمة الاقتصادية العالمية وانعكاساتها على تركيا، خصوصا بعد فقدان امتيازاتها التجارية الهائلة في سورية ، فالنجاح الواضح والمهم لحكومة العدالة والتنمية الذي حققته على المستوى الاقتصادي بدأ يتلاشى شيئا فشيئا، حيث دخلت النقابات العمالية على خط الحراك الشعبي في تركيا، مما يضع أكثر من علامة استفهام على حجم الرخاء الاقتصادي لتركيا والفئة المستفيد منه، فالواقع يثبت أن الهوة شاسعة بين المجالات الحضرية والمجالات الريفية، حيت الفقر والتهميش وانعدام التنمية، كما أن سياسة الخصخصة التي انتهجتها تركيا ولدت نوعا من عدم العدالة الاجتماعية، خصوصا لدى الطبقات الشعبية.
من زاوية أخرى فإن الحراك الشعبي في تركيا أبان عن تناقض صارخ في خطاب أردوغان فهذا الأخير الذي كان يلبس لباس الواعظ والناصح والآمر للحكام العرب، بضرورة الاستماع لمطالب شعوبهم، أصبح يردد نفس كلام هؤلاء الحكام الذي كان ينتقدهم بالأمس القريب، حيث وصف المتظاهرين بالمتطرفين ودشن عودته من جولة في بلدان المغرب الكبير بإغلاق باب الحوار الذي كان ينوي عبد الله غول تدشينه مع المعارضة، ورفضه إجراء انتخابات سابقة لأوانها، كما دخل في مزايدات عددية لتعبئة شارع مضاد للحراك الشعبي في مشهد يعيد للأذهان صورة مؤيدي القذافي ومبارك والأسد أثناء الحراك الذي شهدته بلدان ما يسمى بـ’الربيع العربي’. كما أن الشرطة التركية لم تأل جهدا في قمع وقتل المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع والرصاص والهراوات.
ختاما يمكن الوصول إلى أن حجم مظاهرات ساحة ‘تقسيم’ في اسطنبول وحدتها وشعاراتها التي تنادي بإسقاط الحكومة، لا تتناسب مع مجرد رفض واحتجاج على عزم السلطات التركية اقتلاع أشجار حديقة ‘جيزي’ لإقامة مجمع تجاري مكانها، فلو كان الأمر كذلك لتمكنت الحكومة بسهولة من تهدئة هذه الاحتجاجات، خاصة أنها أعلنت تخليها عن هذا المشروع التجاري، وبالتالي فإن هذا الحراك هو تعبير عن رفض شعبي واسع لسياسة حزب العدالة والتنمية الحاكم، من زاوية أخرى فإن هذه الأزمة التركية وبمعزل عن مدى إمكانية تجاوز السلطات لها، قد أدخلت تركيا عمليا في مرحلة تتسم بالغموض حول مستقبل حزب العدالة والتنمية في المشهد السياسي المستقبلي لتركيا، هذا الغموض الذي سيتكرس أكثر فأكثر مع استمرار الأزمة السورية، التي يبدو أن حرائقها قد بدأت فعلا بالتمدد شمالا بعدما كانت قد انتقلت إلى كل من لبنان والعراق وجنوب الاردن، لتتشكل بذلك أولى إرهاصات حريق كبير مرشح لقضم المزيد من المساحات في الشرق الأوسط، وربما أبعد من ذلك بكثير.
http://www.alquds.co.uk/?p=53114