13/6/2013
هل بات حزب الله «قوّة عظمى»؟ أم هي الحرب الكونيّة عليه؟
أمين حطيط - صحيفة البناء
في عام 2000 سجّل حزب الله أول نصر له من طبيعة استراتيجية استثنائية وأجبر «إسرائيل» على إخلاء معظم الجنوب اللبناني من غير أيّ مكسب لها في ارض لبنان أو مياهه ومن دون مسّ بسيادته وحرية قراره كما كان حال العرب من مصر الى الاردن الى منظمة التحرير الفلسطينية التي اعترفت بـ«إسرائيل» من دون ان تتقاضى بدل ذلك ما يُعوّل عليه. وقد قضَّ هذا النصر مضجع كل منظومة الاستعمار بالقيادة الاميركية التي رأت فيه عاملاً مفسداً لمشروعها الكوني لحكم العالم وإقامة الامبراطورية الاميركية الوريثة لمن لم تغب الشمس عن أملاكها.
ومنذ ذاك الحين يتعرّض حزب الله خصوصاً ومحور المقاومة عموماً لشتى محاولات الثأر والانتقام حتى يمكننا القول إنه لم تُترك وسيلة على الاطلاق يمكن استعمالها إلا وتمّ اللجوء اليها لكنّ الحزب بمقاومته مع محوره تمكّن وبنجاح من إدارة معركة دفاعية عن الذات والقيم والاهداف التي يلتزمها معركة وضع لها الخُطط والاستراتيجيات المرنة التي مكّنته من التغلب على خصومه والتفلّت من كل الأفخاخ والكمائن والهجومات الصاخبة أو الصامتة العلنية أو الخفيّة و بعد 11 سنة من المواجهة الدفاعية تلك استطاع الحزب ان يتفلّت من المخاطر وأن يُراكم قوّته وقدراته العسكرية القتالية أضعاف أضعاف ما كانت عليه عام 2000 إلى الحدّ الذي يُقال فيه إن أضعاف القوة تلك تعدّت الـ20 ضعفاً في أقل التقديرات.
لقد أذهلت نتائج المواجهة خصوم الحزب وأربكتهم كما فاجأت الكثير من الأصدقاء لكنّ الخصوم والأعداء لم يستطيعوا تقبّل الوضع ورأوا في ما اندلع في سورية من تحرّك ميدانيّ فرصة مثالية لهم لتعويض كل ما فاتهم أو ما عجزوا عنه في المواجهات السابقة ووجدوا أنّ في إسقاط سورية ضربة استراتيجية جذرية توجّه الى الحزب في الصميم عبر تجريده من الظهير الاستراتيجي والعمق الجغرافي الوحيد الذي يمكّنه من الاتصال بالخارج في ظلّ الحصار البحري الذي فُرض عليه بموجب القرار 1701 الذي سرق من المقاومة بعض النصر الذي صنعه رجالها عام 2006 سرقة ما كانت لتقع لو لم يكن في لبنان حكومة تعمل بارتهان كلّي للإدارة الاميركية ولو لم يكن الموقف العربي الرسمي معادياً لقضاياه.
لقد أدرك حزب الله المخاطر التي سيواجهها في حال تمكّنت اميركا من اسقاط النظام المقاوم في سورية وإقامة النظام العميل للغرب بدلاً منه بحيث يتكرّر المشهد الذي قام في غزة عام 2007 ولكن بصورة أبشع وأسوأ أيضاً لأن غزة في قبضة حركة حماس التي تستفرد بقرارها وحكمها بينما يختلف الوضع في لبنان بالنسبة إلى حزب الله إذ أنّ ما يقارب النصف من القوى السياسية المشاركة بالحكم يناصب الحزب العداء لا بل إنه يكيد له كما تأمره أميركا. وحتى لا يصل الحزب الى هذا الموقف الصعب والمعقّد وحتى يحقن الدماء في سورية سارع ومنذ البدء إلى إخراج سورية من أزمة دُفعت اليها وعمل على خطين متلازمين: خط سوري - سوري حاول عبره تهيئة البيئة لحوار داخلي يمكّن من اجراء الاصلاح والتطوير للنظام وخط لبناني - سوري عبر الدفع باتجاه منع انزلاق لبنان كدولة أو فئات لبنانية كفرقاء الى موقع العداء لسورية الدولة والشعب والنظام.
وقد تمكّن الحزب على الخط الاول من الحصول على مواقف من الحكم السوري أكثر ممّا كان يتوقع هو أو يتوقع المعارضون انفسهم أما على الخط الثاني فقد دفع باتجاه إعلان بعبدا والتزام سياسة النأي بالنفس وكان يُقصد منها يوم إعلانها ما ذكرناه أعلاه من امتناع لبنان عن القيام بأيّ تصرّف أو سلوك يؤذي سورية أو يتنكر لالتزاماته المحدّدة بالاتفاقيات المعقودة مع الدولة السورية.
وعلى النقيض ممّا كان يرجو جاءت نتائج السعي مخيّبة للآمال فعلى الصعيد الحواري والحلّ السياسي رفضت المعارضة السورية بأوامر مباشرة من قيادة العدوان على سورية اميركا الدخول في اي نوع من انواع الحوار رافعة شعاراً وحيداً «اسقاط النظام وتنحّي الرئيس» و هو الشعار الذي حكم كل سلوك هؤلاء وكل مكونات جبهة العدوان منذ اليوم الاول للحرب الكونية على السورية لأن ما تريد أميركا و«إسرائيل» بلوغه من اهداف في سورية وعبرها الى المقاومة في لبنان لا يتحقق الا بتغيير النظام والرئيس المقاوم.
أمّا على صعيد النأي بالنفس فقد كانت النتائج اكثر مرارة إذ تحوّلت المنطقة شمال خط عرسال طرابلس الى جسر إمداد عسكري دائم للجماعات المسلحة وملاذ آمن لهم وتحوّل مرفأ طرابلس الى «مرفأ الثورة السورية» على حدّ ما راج في أدبيات تلك الجماعات ولم تُفلح كل محاولات الحزب عبر الحكومة التي هو جزء منها أو عبر العلاقات مع المكوّنات السياسية اللبنانية في تغيير هذا الواقع لا بل كانت درجة الوقاحة ترتفع عند بعض الفئات اللبنانية التي راحت تجاهر وتفاخر بدعمها «للثوار المزعومين» وببذل كل متاح في سبيل ذلك ثم بدأ شبح المخاطر يلوح في أعين المقاومة وحزب الله الذي قادها بعد ان وصل عدد المسلحين الأجانب في سورية إلى مئة الف مسلح من 42 دولة وبعد ان كشف قادة هؤلاء عن صلاتهم بـ«إسرائيل» واستعدادهم لأوثق العلاقات معها عندما يصلون الى السلطة وعندما كشفوا عن التزامهم بقتال حزب الله وزاد الامر سوءاً خروج الاصوات التكفيرية التي تتوعد المقاومة وحزب الله بالقتال المرير تحت شعارات دينية الى ان كانت الفتوى الاخيرة التي تستبيح دماء الشيعة كل الشيعة وليس حزب الله وحده وأعراضهم ونساءهم و ممتلكاتهم. ثم تفاقم الخطر عندما بدأ المسلحون التكفيريون بوضع اليد على المناطق السورية المحاذية للحدود اللبنانية والتي تشكّل محاور الإمداد الرئيسية للحزب بما يحتاجه لقتال «إسرائيل» والمحافظة على الإنجازات التي سجّلها في وجهها.
في ظلّ هذا المشهد قرّر حزب الله القيام بتدخل ميداني محدود لمنع محاصرته وللإيفاء بالتزاماته الدينية المتضمنة احترامه للأولياء والصالحين والسعي إلى المحافظة على مقاماتهم وأضرحتهم التي بدأ التكفيريون بهدم ما تصل نارهم إليه منها ونبش ما تصل اليه ايديهم من قبور وفي سياق التدخل الدفاعي عن الذات والقيم والمعتقدات ارسل الحزب بضع مئات من مقاتليه الى ميدان يرى فيه خطراً على الذات والمعتقد مقاتلين عملوا الى جانب الجيش السوري ووفقاً لما حدّده لهم من قطاع او اتجاه و قد أدى هذا الأمر والعمل الميداني المنسّق الى تحقيق انجاز في مدينة القصير قلنا فيه ما يمكن قوله من حيث الأهمية والمفاعيل ولكنّ الذي لم نذكره سابقاً ويجب التوقف عنده الآن هو ردة الفعل الكونية على وجود هذه المئات من مقاتلي حزب الله في سورية مقابل مئة الف مسلح اجنبي حيث نسجّل:
ذهول أميركي ثم رعب ثم اسقاط كل الاقنعة والذهاب مباشرة الى التحضير للاعلان صراحة عن قرار اميركي بتسليح المعارضة السورية بالاسلحة الفتاكة. ثم تهديد لبنان بحرب اهلية سيُدفع اليها ان لم ينسحب حزب الله من سورية.
صخب ورعب أوروبي وتحذير وتهديد بوضع حزب الله على لائحة الإرهاب للاتحاد الاوروبي وملاحقة الحزب في كل شأن يمكن ان يلاحق به للتضييق عليه.
فقدان الوعي والتوازن لدى مجلس التعاون الخليجي الذي ـ وبانفعال شديد ـ قرّر معاقبة كل من ينتمي الى حزب الله بالانتساب التنظيمي او التأييد المعنوي او السياسي.
حتى نيجيريا دخلت على الخط بتوجيهات من الاستخبارات الاميركية ولفقت لحزب الله تهمة حيازة اسلحة على اراضيها تهمة يجد من يدقّق فيها نفسه امام عمل استخباراتي سخيف لا يرتكبه إلا غير المحترف.
اما في لبنان فلم يُترك بوق يمكن ان يستعمل في زعيق او نعيق او تهديد او تحذير من فتنة او حرب اهلية او.. او... إلا واستُعمل في وجه حزب الله لثنيه عن متابعة مهمته الدفاعية المحدّدة في سورية.
وهكذا اجتمع الغرب مع العرب ومع آخرين من انظمة دول اسلامية وافريقية ليواجهوا حزب الله ويهددوه لأنه ادخل مئات من مقاتليه ليدافع عن مقاومته الى سورية متناسين تدخل ذاك الحشد الدولي ضد سورية الذي بلغ 133 دولة التقت في الجمعية العامة للامم المتحدة متجاوزين حجم المسلحين الاجانب في سورية وقد تعدى الـمئة الف غافلين عن خمسين مليار دولار انفقت حتى الآن بأيد خارجية لتدمير سورية ومغمضي الأعين ومصمي الآذان عن 300 وسيلة اعلامية مرئية او مسموعة او مكتوبة تحرّض ضد سورية وغير مهتمين بفتاوى مشايخ التكفيريين التي تدعو الى «الجهاد في سورية» وتقول بإمكان قتل الثلث من اجل حياة الثلثين اي قتل ثمانية ملايين سوري نعم غفلوا عن كل ذلك ولم يشغلهم ويقض مضجعهم إلا وجود بضع مئات من رجال حزب الله في سورية للدفاع عن الذات والمعتقد!! فلماذا؟ أو كيف نفسّر ذلك؟
في القواعد العامة يقال يعرف الأمر بمعناه او بمرادفه او بعكسه وضده وفي الاشخاص يعرف الشخص بصديقه قل لي من تعاشر اقول لك من انت او بخصمه وعدوه ونده قل لي من تخاصم ويخاصمك احدد لك حجمك واذا طبقنا هذه القاعدة على ما نبحث فيه ورأينا هذا الحشد كله ضد حزب الله ويناصبه العداء فاننا نسأل هل بات لحزب الله حجم كوني وخطر يبرر هذا الامر؟
اننا نترك الجواب للعقلاء ولكن يجب ألّا ننسى القرار الغربي الصهيوني الهادف للانتقام من المقاومة فكراً ووجوداً المقاومة التي نظّمها حزب الله وانتظمت في محور المقاومة الاقليمي الذي تمكّن من منع قيام النظام العالمي الأحادي القطبية الذي هو اليوم في عمله مع الجيش السوري يمنع تقسيم سورية ولبنان ويعيد الأمن والاستقرار إلى البلدين.. المقاومة تعرف ذلك وتدرك الاهداف ولهذا جهزت لكل خطر ما يناسبه لذلك لن يكون للحرب الجديدة عليها نتيجة الا كما سبق من نتائج وستبقى هي ومحورها واثقيْن بالنصر... من غير تردّد.
المصدر:
http://www.alahednews.com.lb/essaydetails.php?eid=77839&cid=55
هل بات حزب الله «قوّة عظمى»؟ أم هي الحرب الكونيّة عليه؟
أمين حطيط - صحيفة البناء
في عام 2000 سجّل حزب الله أول نصر له من طبيعة استراتيجية استثنائية وأجبر «إسرائيل» على إخلاء معظم الجنوب اللبناني من غير أيّ مكسب لها في ارض لبنان أو مياهه ومن دون مسّ بسيادته وحرية قراره كما كان حال العرب من مصر الى الاردن الى منظمة التحرير الفلسطينية التي اعترفت بـ«إسرائيل» من دون ان تتقاضى بدل ذلك ما يُعوّل عليه. وقد قضَّ هذا النصر مضجع كل منظومة الاستعمار بالقيادة الاميركية التي رأت فيه عاملاً مفسداً لمشروعها الكوني لحكم العالم وإقامة الامبراطورية الاميركية الوريثة لمن لم تغب الشمس عن أملاكها.
ومنذ ذاك الحين يتعرّض حزب الله خصوصاً ومحور المقاومة عموماً لشتى محاولات الثأر والانتقام حتى يمكننا القول إنه لم تُترك وسيلة على الاطلاق يمكن استعمالها إلا وتمّ اللجوء اليها لكنّ الحزب بمقاومته مع محوره تمكّن وبنجاح من إدارة معركة دفاعية عن الذات والقيم والاهداف التي يلتزمها معركة وضع لها الخُطط والاستراتيجيات المرنة التي مكّنته من التغلب على خصومه والتفلّت من كل الأفخاخ والكمائن والهجومات الصاخبة أو الصامتة العلنية أو الخفيّة و بعد 11 سنة من المواجهة الدفاعية تلك استطاع الحزب ان يتفلّت من المخاطر وأن يُراكم قوّته وقدراته العسكرية القتالية أضعاف أضعاف ما كانت عليه عام 2000 إلى الحدّ الذي يُقال فيه إن أضعاف القوة تلك تعدّت الـ20 ضعفاً في أقل التقديرات.
لقد أذهلت نتائج المواجهة خصوم الحزب وأربكتهم كما فاجأت الكثير من الأصدقاء لكنّ الخصوم والأعداء لم يستطيعوا تقبّل الوضع ورأوا في ما اندلع في سورية من تحرّك ميدانيّ فرصة مثالية لهم لتعويض كل ما فاتهم أو ما عجزوا عنه في المواجهات السابقة ووجدوا أنّ في إسقاط سورية ضربة استراتيجية جذرية توجّه الى الحزب في الصميم عبر تجريده من الظهير الاستراتيجي والعمق الجغرافي الوحيد الذي يمكّنه من الاتصال بالخارج في ظلّ الحصار البحري الذي فُرض عليه بموجب القرار 1701 الذي سرق من المقاومة بعض النصر الذي صنعه رجالها عام 2006 سرقة ما كانت لتقع لو لم يكن في لبنان حكومة تعمل بارتهان كلّي للإدارة الاميركية ولو لم يكن الموقف العربي الرسمي معادياً لقضاياه.
لقد أدرك حزب الله المخاطر التي سيواجهها في حال تمكّنت اميركا من اسقاط النظام المقاوم في سورية وإقامة النظام العميل للغرب بدلاً منه بحيث يتكرّر المشهد الذي قام في غزة عام 2007 ولكن بصورة أبشع وأسوأ أيضاً لأن غزة في قبضة حركة حماس التي تستفرد بقرارها وحكمها بينما يختلف الوضع في لبنان بالنسبة إلى حزب الله إذ أنّ ما يقارب النصف من القوى السياسية المشاركة بالحكم يناصب الحزب العداء لا بل إنه يكيد له كما تأمره أميركا. وحتى لا يصل الحزب الى هذا الموقف الصعب والمعقّد وحتى يحقن الدماء في سورية سارع ومنذ البدء إلى إخراج سورية من أزمة دُفعت اليها وعمل على خطين متلازمين: خط سوري - سوري حاول عبره تهيئة البيئة لحوار داخلي يمكّن من اجراء الاصلاح والتطوير للنظام وخط لبناني - سوري عبر الدفع باتجاه منع انزلاق لبنان كدولة أو فئات لبنانية كفرقاء الى موقع العداء لسورية الدولة والشعب والنظام.
وقد تمكّن الحزب على الخط الاول من الحصول على مواقف من الحكم السوري أكثر ممّا كان يتوقع هو أو يتوقع المعارضون انفسهم أما على الخط الثاني فقد دفع باتجاه إعلان بعبدا والتزام سياسة النأي بالنفس وكان يُقصد منها يوم إعلانها ما ذكرناه أعلاه من امتناع لبنان عن القيام بأيّ تصرّف أو سلوك يؤذي سورية أو يتنكر لالتزاماته المحدّدة بالاتفاقيات المعقودة مع الدولة السورية.
وعلى النقيض ممّا كان يرجو جاءت نتائج السعي مخيّبة للآمال فعلى الصعيد الحواري والحلّ السياسي رفضت المعارضة السورية بأوامر مباشرة من قيادة العدوان على سورية اميركا الدخول في اي نوع من انواع الحوار رافعة شعاراً وحيداً «اسقاط النظام وتنحّي الرئيس» و هو الشعار الذي حكم كل سلوك هؤلاء وكل مكونات جبهة العدوان منذ اليوم الاول للحرب الكونية على السورية لأن ما تريد أميركا و«إسرائيل» بلوغه من اهداف في سورية وعبرها الى المقاومة في لبنان لا يتحقق الا بتغيير النظام والرئيس المقاوم.
أمّا على صعيد النأي بالنفس فقد كانت النتائج اكثر مرارة إذ تحوّلت المنطقة شمال خط عرسال طرابلس الى جسر إمداد عسكري دائم للجماعات المسلحة وملاذ آمن لهم وتحوّل مرفأ طرابلس الى «مرفأ الثورة السورية» على حدّ ما راج في أدبيات تلك الجماعات ولم تُفلح كل محاولات الحزب عبر الحكومة التي هو جزء منها أو عبر العلاقات مع المكوّنات السياسية اللبنانية في تغيير هذا الواقع لا بل كانت درجة الوقاحة ترتفع عند بعض الفئات اللبنانية التي راحت تجاهر وتفاخر بدعمها «للثوار المزعومين» وببذل كل متاح في سبيل ذلك ثم بدأ شبح المخاطر يلوح في أعين المقاومة وحزب الله الذي قادها بعد ان وصل عدد المسلحين الأجانب في سورية إلى مئة الف مسلح من 42 دولة وبعد ان كشف قادة هؤلاء عن صلاتهم بـ«إسرائيل» واستعدادهم لأوثق العلاقات معها عندما يصلون الى السلطة وعندما كشفوا عن التزامهم بقتال حزب الله وزاد الامر سوءاً خروج الاصوات التكفيرية التي تتوعد المقاومة وحزب الله بالقتال المرير تحت شعارات دينية الى ان كانت الفتوى الاخيرة التي تستبيح دماء الشيعة كل الشيعة وليس حزب الله وحده وأعراضهم ونساءهم و ممتلكاتهم. ثم تفاقم الخطر عندما بدأ المسلحون التكفيريون بوضع اليد على المناطق السورية المحاذية للحدود اللبنانية والتي تشكّل محاور الإمداد الرئيسية للحزب بما يحتاجه لقتال «إسرائيل» والمحافظة على الإنجازات التي سجّلها في وجهها.
في ظلّ هذا المشهد قرّر حزب الله القيام بتدخل ميداني محدود لمنع محاصرته وللإيفاء بالتزاماته الدينية المتضمنة احترامه للأولياء والصالحين والسعي إلى المحافظة على مقاماتهم وأضرحتهم التي بدأ التكفيريون بهدم ما تصل نارهم إليه منها ونبش ما تصل اليه ايديهم من قبور وفي سياق التدخل الدفاعي عن الذات والقيم والمعتقدات ارسل الحزب بضع مئات من مقاتليه الى ميدان يرى فيه خطراً على الذات والمعتقد مقاتلين عملوا الى جانب الجيش السوري ووفقاً لما حدّده لهم من قطاع او اتجاه و قد أدى هذا الأمر والعمل الميداني المنسّق الى تحقيق انجاز في مدينة القصير قلنا فيه ما يمكن قوله من حيث الأهمية والمفاعيل ولكنّ الذي لم نذكره سابقاً ويجب التوقف عنده الآن هو ردة الفعل الكونية على وجود هذه المئات من مقاتلي حزب الله في سورية مقابل مئة الف مسلح اجنبي حيث نسجّل:
ذهول أميركي ثم رعب ثم اسقاط كل الاقنعة والذهاب مباشرة الى التحضير للاعلان صراحة عن قرار اميركي بتسليح المعارضة السورية بالاسلحة الفتاكة. ثم تهديد لبنان بحرب اهلية سيُدفع اليها ان لم ينسحب حزب الله من سورية.
صخب ورعب أوروبي وتحذير وتهديد بوضع حزب الله على لائحة الإرهاب للاتحاد الاوروبي وملاحقة الحزب في كل شأن يمكن ان يلاحق به للتضييق عليه.
فقدان الوعي والتوازن لدى مجلس التعاون الخليجي الذي ـ وبانفعال شديد ـ قرّر معاقبة كل من ينتمي الى حزب الله بالانتساب التنظيمي او التأييد المعنوي او السياسي.
حتى نيجيريا دخلت على الخط بتوجيهات من الاستخبارات الاميركية ولفقت لحزب الله تهمة حيازة اسلحة على اراضيها تهمة يجد من يدقّق فيها نفسه امام عمل استخباراتي سخيف لا يرتكبه إلا غير المحترف.
اما في لبنان فلم يُترك بوق يمكن ان يستعمل في زعيق او نعيق او تهديد او تحذير من فتنة او حرب اهلية او.. او... إلا واستُعمل في وجه حزب الله لثنيه عن متابعة مهمته الدفاعية المحدّدة في سورية.
وهكذا اجتمع الغرب مع العرب ومع آخرين من انظمة دول اسلامية وافريقية ليواجهوا حزب الله ويهددوه لأنه ادخل مئات من مقاتليه ليدافع عن مقاومته الى سورية متناسين تدخل ذاك الحشد الدولي ضد سورية الذي بلغ 133 دولة التقت في الجمعية العامة للامم المتحدة متجاوزين حجم المسلحين الاجانب في سورية وقد تعدى الـمئة الف غافلين عن خمسين مليار دولار انفقت حتى الآن بأيد خارجية لتدمير سورية ومغمضي الأعين ومصمي الآذان عن 300 وسيلة اعلامية مرئية او مسموعة او مكتوبة تحرّض ضد سورية وغير مهتمين بفتاوى مشايخ التكفيريين التي تدعو الى «الجهاد في سورية» وتقول بإمكان قتل الثلث من اجل حياة الثلثين اي قتل ثمانية ملايين سوري نعم غفلوا عن كل ذلك ولم يشغلهم ويقض مضجعهم إلا وجود بضع مئات من رجال حزب الله في سورية للدفاع عن الذات والمعتقد!! فلماذا؟ أو كيف نفسّر ذلك؟
في القواعد العامة يقال يعرف الأمر بمعناه او بمرادفه او بعكسه وضده وفي الاشخاص يعرف الشخص بصديقه قل لي من تعاشر اقول لك من انت او بخصمه وعدوه ونده قل لي من تخاصم ويخاصمك احدد لك حجمك واذا طبقنا هذه القاعدة على ما نبحث فيه ورأينا هذا الحشد كله ضد حزب الله ويناصبه العداء فاننا نسأل هل بات لحزب الله حجم كوني وخطر يبرر هذا الامر؟
اننا نترك الجواب للعقلاء ولكن يجب ألّا ننسى القرار الغربي الصهيوني الهادف للانتقام من المقاومة فكراً ووجوداً المقاومة التي نظّمها حزب الله وانتظمت في محور المقاومة الاقليمي الذي تمكّن من منع قيام النظام العالمي الأحادي القطبية الذي هو اليوم في عمله مع الجيش السوري يمنع تقسيم سورية ولبنان ويعيد الأمن والاستقرار إلى البلدين.. المقاومة تعرف ذلك وتدرك الاهداف ولهذا جهزت لكل خطر ما يناسبه لذلك لن يكون للحرب الجديدة عليها نتيجة الا كما سبق من نتائج وستبقى هي ومحورها واثقيْن بالنصر... من غير تردّد.
المصدر:
http://www.alahednews.com.lb/essaydetails.php?eid=77839&cid=55
تعليق