إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

:: الإمام الحسن (عليه السلام) كلمة على ثغر الزمان ::

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • :: الإمام الحسن (عليه السلام) كلمة على ثغر الزمان ::

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

    سبب إستشهاد الإمام الحسن عليه السلام!
    قال الشيخ المفيد في الإرشاد في سبب مقتل الإمام الحسن :
    ولما استقر الصلح بين الحسن عليه السلام وبين معاوية على .. خرج الحسن عليه السلام إلى المدينة فأقام بها كاظما غيظه، لازما بيته، منتظرا لامر ربه عزوجل إلى أن تم لمعاوية عشر سنين من امارته وعزم على البيعة لابنه يزيد فدس إلى جعدة بنت الاشعث بن قيس - وكانت زوجة الحسن عليه السلام - من حملها على سمه، وضمن لها ان يزوجها بابنه يزيد، فارسل إليها مئة ألف درهم فسقته جعدة السم فبقى أربعين يوما مريضا، ومضى لسبيله في شهر صفر سنة خمسين من الهجرة، وله يومئذ ثمانية واربعون سنة وكانت خلافته عشرسنين، وتولى أخوه ووصيه الحسين عليه السلام غسله وتكفينه و دفنه عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف رضى الله عنها بالبقيع (1) .
    وقال أيضا :
    فمن الاخبار التى جائت في سبب وفاة الحسن عليه السلام وما ذكرناه من سم معاوية له وقصة دفنه و ماجرى من الخوض في ذلك والخطاب: مارواه عيسى بن مهران قال: حدثنا عبيد الله بن الصباح، قال: حدثنا جرير عن مغيرة، قال: ارسل معاوية إلى جعدة بنت الاشعث بن قيس: اني مزوجك ابني يزيد على ان تسمي الحسن وبعث إليها مائة ألف درهم، ففعلت وسمت الحسن عليه السلام فسوغها المال ولم يزوجها من يزيد، فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها وكان إذا وقع بينهم وبين بطون قريش كلام عيروهم وقالوا: يا بني مسمة الازواج.
    وروى عن عمر بن اسحاق قال: كنت مع الحسن والحسين عليهما السلام في الدار، فدخل الحسن عليه السلام المخرج، ثم خرج فقال: لقد سقيت السم مرارا ما سقيته مثل هذه المرة، لقد لفظت قطعة من كبدي فجعلت أقلبها بعود معي فقال له الحسين عليه السلام: ومن سقاكه؟ فقال: وما تريد منه؟ أتريد قتله؟ ان يكن هوهو فالله اشد نقمة منك، وان لم يكن هو فما أحب أن يؤخذ بي بريء (2) .
    قال الشيخ عباس القمي في كتابه ( منتهى الآمال ) :
    إعلم أن هناك إختلافا في يوم وفاة الإمام المظلوم ، فالبعض يقول : توفي في السابع من صفر سنة خمسين للهجرة ، وقيل : في الثامن والعشرين من صفر (3) .
    ====
    المصادر:
    1- الإرشاد – للشيخ المفيد / ص278 .
    2- الإرشاد – للشيخ المفيد / ص279 .
    3- منتهى الآمال – للشيخ عباس القمي / ج1 / 325 .

    ونسألكم الدعاء.

  • #2
    :×: أربعون حديث في فضل الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام :×:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
    اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف


    :×: أربعون حديث في فضل الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام :×:


    1ـ عن البراء قال: رأيت النبي (صلى الله عليه وآله) والحسن بن علي (عليهما السلام) على عاتقه يقول: (اللهم إني أحبّه فأحبّه).

    2ـ عن الحاكم النيسابوري بإسناده عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو حامل الحسين بن علي (عليهما السلام) وهو يقول: (اللهم إني أحبّه فأحبّه).

    وقال الحاكم عن هذا الحديث: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد روي بإسناد في الحسن مثله وكلاهما محفوظان.

    3ـ وفي رواية أخرى للحاكم بإسناده عن أبي هريرة قال: (خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه الحسن والحسين هذا على عاتقه، وهذا على عاتقه، وهو يلثم هذا مرة، وهذا مرة، حتى انتهى إلينا فقال له رجل:يا رسول الله إنك تحبهما؟! فقال: نعم من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني).

    ثم علّق الحاكم قائلاً: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

    4ـ عن ابن عباس قال:لما نزلت (لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله ومن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: (علي وفاطمة وابناهما).

    5ـ عن أبي بكرة قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) على المنبر والحسن (عليه السلام) إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة ويقول: (ابني هذا سيّد ولعلّ الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين).

    وفي رواية الترمذي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إنّ ابني هذا سيّد يصلح الله على يديه فئتين عظيمتين).

    ثم علّق قائلاً: هذا حديث حسن صحيح.

    6ـ عن يعلى بن مرة قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدعينا إلى طعام فإذا الحسين يلعب في الطريق فأسرع النبي (صلى الله عليه وآله) أمام القوم، ثم بسط يديه فجعل إحدى يديه في ذقنه والأخرى بين رأسه وأذنيه، ثم اعتنقه، فقبله، ثم قال: (حسين مني وأنا منه أحب الله من أحبه، الحسن والحسين سبطان من الأسباط).

    وعلّق الحاكم على هذا الحديث قائلاً أنه صحيح؛ ووافقه الذهبي في التلخيص وأخرجه الترمذي مختصراً وقال عنه: حديث حسن.

    7ـ عن أنس قال: لم يكن أحد أشبه بالنبي (صلى الله عليه وآله) من الحسن بن علي (عليهما السلام).

    8ـ ومن حديث ابن سيرين عن أنس قال: كان الحسن والحسين أشبههم برسول الله (صلى الله عليه وآله).

    9ـ حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الطيوري الحلبي بسنده عن الحارث عن علي (عليه السلام) قال: (كان الحسن أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) ما بين الذقن إلى الرأس وكان الحسين أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) من الذقن إلى القدم وفيهما شبه رسول الله (صلى الله عليه وآله)).

    10ـ عن أنس بن مالك قال:سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (نحن ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة، أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي).

    11ـ عن سلمان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للحسن والحسين (عليهما السلام): (من أحبهما أحببته، ومن أحببته أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله جنات النعيم، ومن أبغضهما أو بغى عليها أبغضته، ومن أبغضته أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله عذاب جهنم وله عذاب مقيم).

    12ـ عن أبي إسحاق قال: قال علي (عليه السلام) ونظر إلى ابنه الحسن أو الحسين (عليهما السلام) فقال: (إن ابني هذا سيّد كما سمّاه النبي (صلى الله عليه وآله) وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه في الخلق).

    وفي رواية الطبري عن حذيفة بن اليمان أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من ولدي اسمه كاسمي، فقال سلمان: من أيّ ولدك يا رسول الله؟ قال: من ولدي هذا وضرب بيده على الحسين (عليه السلام) ).

    13ـ عن حذيفة قال: رأينا في وجه رسول الله ‚ السرور يوماً من الأيام فقلنا: يا رسول الله لقد رأينا في وجهك السرور قال: (وكيف لا أسر وقد أتاني جبريل (عليه السلام) فبشرني أن حسناً وحسيناً سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما أفضل منهما).

    وفي لفظ آخر: (وأبوهما خير منهما).

    وعلّق الحاكم على هذا الحديث قائلاً: هذا حديث صحيح بهذه الزيادة ولم يخرجاه.

    14ـ عن زيد بن أرقم قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي وفاطمة والحسن والحسين: (أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم).

    15ـ عن عبد الله بن عمران أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (إن الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا).

    وقد صحح الألباني هذا الحديث. وأخرجه الترمذي قائلاً عنه:هذا حديث حسن صحيح.

    16ـ عن عائشة قالت: خرج النبي (صلى الله عليه وآله) غداة وعليه مِرْطٌ مُرَحَّل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).

    وفي لفظ آخر: (اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا).

    17ـ عن جابر بن عبد الله قال: بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم بعرفات وعلي تجاهه إذ قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أدن مني يا علي خلقت أنا وأنت من شجرة، صنع جسمك من جسمي، خلقت أنا وأنت من شجرة: فأنا أصلها، وأنت فرعها، والحسن والحسين أغصانها،فمن تعلّق بغصن منها أدخله الله الجنة).

    18: عن ميناء بن ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف أنه قال: ألا تسألون قبل أن تشاب الأحاديث بالأباطيل، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا شجرة، وفاطمة أصلها أو فرعها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرها، وشيعتنا ورقها، فالشجرة أصلها في عدن، والأصل والفرع واللقاح والورق والثمر في الجنة.

    19ـ عن جابر قال: دخل الحسين بن علي (عليهما السلام) المسجد من باب فلان فقال جابر: من سرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا، سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) بقوله.

    20ـ عن علي (عليه السلام) قال: زارنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبات عندنا والحسن والحسين (عليهما السلام) نائمان فاستسقى الحسن فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى قربة لنا يعصرها في القدح ثم جاء يسقيه فناول الحسن، فتناول الحسين ليشرب فمنعه وبدأ بالحسن فقالت فاطمة (عليها السلام) يا رسول الله كأنه أحبهما إليك، قال: إنه استسقى أول مرة، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إني وإياك وهذين وهذا الراقد ـ يعني علياً ـ يوم القيامة في مكان واحد.

    21ـ عن علي (عليه السلام) قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله) أخذ بيد حسن وحسين فقال: من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة.


    22ـ عن علي (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: أنا وعلي وفاطمة وحسن وحسين مجتمعون ومن أحبنا يوم القيامة نأكل ونشرب حتى يفرّق بين العباد. فبلغ ذلك رجلاً من الناس، فسأل عنه فأخبرته، فقال: كيف بالعرض والحساب فقلت له: كيف كان لصاحب ياسين بذلك حين أدخل الجنة من ساعته.

    23ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): إن أول أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن والحسين، وذرارينا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرارينا، وشيعتنا عن أيماننا وعن شمائلنا.

    24 ـ عن سلمان قال: كنا حول النبي (صلى الله عليه وآله) فجاءت أم أيمن فقالت: يا رسول الله لقد ضل الحسن والحسين، قال وذلك راد النهار يقول ارتفاع النهار، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قوموا فاطلبوا ابني، قال: وأخذ كل رجل اتجاه وجهه وأخذت نحو النبي (صلى الله عليه وآله) فلم يزل حتى أتى سفح جبل، وإذا الحسن والحسين (عليهما السلام) ملتزق كل واحد منهما صاحبه، وإذا شجاع قائم على ذنبه يخرج من فيه شبه النار، فأسرع إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم انساب فدخل بعض الأجحرة، ثم أتاهما فأفرق بينهما ومسح وجههما وقال: بأبي وأمي أنتما ما أكرمكما على الله، ثم حمل أحدهما على عاتقه الأيمن، والآخر على عاتقه الأيسر، فقلت: طوباكما نعم المطية مطيتكما، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ونعم الراكبان هما وأبوهما خير منهما.

    25ـ عن أنس بن مالك قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) راقد في بعض بيوته على قفاه إذا جاء الحسن يدرج حتى قعد على صدر النبي (صلى الله عليه وآله) ثم بال على صدره، فجئت أميطه عنه، فاستنبه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: ويحك يا أنس، دع ابني وثمرة فؤادي، فإن من آذى هذا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ثم دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بماء فصبه على البول.

    26ـ عن سلمان قال: دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله) وإذا الحسين (عليه السلام) على فخذه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ويقول: إنك سيد ابن سيد أخو سيد أبو سادة، إنك إمام ابن إمام، أخو إمام أبو أئمة، إنك حجة ابن حجة، أخو حجة أبو حجج تسع من صلبك، تاسعهم قائمهم.

    27ـ عن عكرمة قال: لما ولدت فاطمة (عليها السلام) الحسن (عليه السلام) أتت به النبي (صلى الله عليه وآله) فسماه حسناً، فلما ولدت حسيناً أتت به النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت: هذا أحسن من هذا، فشق له من اسمه وقال: هذا حسين.

    28ـ عن سلمان، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: سميتهما ـ يعني الحسن والحسين ـ بأسماء ابني هارون شبّراً وشبيرا).

    29ـ ومما رواه الكنجي الشافعي بإسناده عن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن ربيعة السعدي قال: لما اختلف الناس في التفضيل رحّلت راحلتي وأخذت زادي وخرجت حتى دخلت المدينة، فدخلت على حذيفة بن اليمان فقال لي: ممن الرجل؟

    قلت: من أهل العراق، فقال: من أي العراق؟

    قلت: رجل من أهل الكوفة، قال: مرحباً بكم أهل الكوفة.

    قال: قلت: اختلف الناس علينا في التفضيل فجئت لأسألك عن ذلك.

    فقال: على الخبير سقطت، أما إني لا أحدثك إلا ما سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي، خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) كأني أنظر إليه كما أنظر إليك الساعة، حامل الحسين بن علي (عليه السلام) على عاتقه، كأني أنظر إلى كفه الطيبة واضعها على قدمه يلصقها إلى صدره فقال:

    أيها الناس لأعرفن ما اختلفتم فيه من الخيار بعدي:

    هذا الحسين بن علي خير الناس جداً وجدة، جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيد النبيين، وجدته خديجة بنت خويلد سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله.

    هذا الحسين بن علي خير الناس أباً، وخير الناس أماً، أبوه علي بن أبي طالب أخو رسول الله ووزيره وابن عمه وسابق رجال العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله، وأمه فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين.

    هذا الحسين بن علي خير الناس عماً وخير الناس عمة، عمه جعفر بن أبي طالب المزين بالجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء، وعمته أم هاني بنت أبي طالب.

    هذا الحسين بن علي خير الناس خالاً، وخير الناس خالة، خاله القاسم بن محمد رسول الله؛ وخالته زينب بنت محمد.

    ثم وضعه على عاتقه فدرج بين يديه وجثا ثم قال: أيها الناس هذا الحسين بن علي جده وجدته في الجنة، وأبوه وأمه في الجنة، وعمه وعمته في الجنة، وخاله وخالته في الجنة وهو وأخوه في الجنة، إنه لم يؤت أحد من ذرية النبيين ما أوتي الحسين ابن علي ما خلا يوسف بن يعقوب (عليها السلام).

    30ـ أخرج الهيثمي في مجمعه والطبراني في معجمه بإسناد حسن عن ابن عباس أنه قال:

    كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله) وعلى فخذه الأيمن الحسين (عليه السلام) وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم (عليه السلام)، وهو يقبل هذا تارة وذاك تارة أخرى، إذ هبط جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد إن الله يقرأ عليك السلام وهو يقول: لست أجمعها لك، فافد أحدهما بصاحبه، فنظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى ابنه إبراهيم فبكى، ونظر إلى الحسين وبكى، ثم قال: إن إبراهيم أنه إذا مات لم يحزن عليه غيري، وأمُّ الحسين فاطمة وأبوه علي بن أبي طالب ابن عمي ودمي، ومتى مات حزنت عليه ابنتي وحزن ابن عمي وحزنت أنا، وأنا أوثر حزني على حزنهما، فقبض إبراهيم بعد ثلاث، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا رأى الحسين مقبلاً قبله وضمه إلى صدره وشف ثناياه وقال: فديته بابني إبراهيم.

    31ـ عن ابن عباس، قال: اتخذ الحسن والحسين ـ أي تصارعا ـ عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجعل يقول: هيّ يا حسن، خذ يا حسن، فقالت عائشة ـ وفي لفظه آخر فاطمة (عليها السلام) ـ: تعين الكبير على الصغير؟ فقال: إن جبريل يقول: خذ يا حسين.

    32ـ عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما استقر أهل الجنة في الجنة قالت الجنة: يا رب أليس وعدتني أن تزينني بركنين من أركانك؟ قال: ألم أزينك بالحسن والحسين؟ قال:فماست الجنة ميساً كما تميس العروس.

    33ـ عن عمرو بن زياد الثوباني قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن فاطمة وعلياً والحسن والحسين في حظيرة القدس في قبة بيضاء سقفها عرش الرحمن.

    34ـ عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليلة عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوباً: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي حب الله، الحسن والحسين صفوة الله، فاطمة أمة الله، على باغضهم لعنة الله.

    35ـ عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال:دخل الأقرع بن حابس على النبي (صلى الله عليه وآله) فرآه يقبل إما حسناً أو حسيناً، قال: تقبله ولي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنه من لا يَرحم لا يُرحم.

    36ـ عن ابن عباس قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله) يُعوّذ الحسن والحسين (عليهما السلام) فيقول: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، ثم يقول: هكذا كان يعوذ إبراهيم بنية إسماعيل وإسحاق.

    ثم علق الحاكم على هذا الحديث قائلاً: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

    37ـ عن علي بن الحسين قال: خطب الحسن بن علي الناس حين قتل علي (عليه السلام)، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لا يسبقه الأولون بعمل ولا يدركه الآخرون، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعطيه رايته فيقاتل وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فما يرجع حتى يفتح الله عليه، وما ترك على هذه الأرض صفراء ولا بيضاء ألا سبعمائة درهم فضلت من عطاياه أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله ثم قال:

    أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، وأنا ابن النبي، وأنا ابن الوصي، وأنا ابن البشير، وأنا ابن النذير، وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا من أهل البيت الذي كان جبريل ينزل إلينا ويصعد من عندنا، وأنا من أهل البيت الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وأنا من أهل البيت الذي افترض الله مودتهم على كل مسلم فقال تبارك وتعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله): (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له حسنا) فاقتراف الحسنة: مودتنا أهل البيت.

    38ـ عن عبد الله بن العباس قال: سئل النبي (صلى الله عليه وآله) عن الكلمات التي تلقى آدم من ربه فتاب عليه، قال: سأله: (بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي) فتاب عليه.

    39ـ أخرج الطبراني حديثاً عن علي بن عبد العزيز قال: حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبد السلام بن حرب، عن يزيد بن أبي زياد قال: خرج النبي (صلى الله عليه وآله) من بيت عائشة فمر على بيت فاطمة (عليها السلام)، فسمع حسيناً يبكي فقال: ألم تعلمي أن بكاؤه يؤذيني.

    40ـ أخرج الخوارزمي حديثاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (أنا ميزان العلم، وعلي كفتاه، والحسن والحسين خيوطه، وفاطمة علاقته، والأئمة من أمتي عموده، يوزن فيه أعمال المحبين لنا والمبغضين لنا).

    41ـ عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): والذي نفسي بيده لا تفارق روح جسد صاحبها حتى يأكل من ثمر الجنة أو من شجرة الزقوم، وحتى يرى ملك الموت، ويراني ويرى علياً، وفاطمة والحسن والحسين، فإن كان يحبنا، قلت: يا ملك الموت ارفق به فإنه كان يحبني وأهل بيتي، وإن كان يبغضني ويبغض أهل بيتي، قلت: يا ملك الموت شدد عليه فإنه كان يبغضني ويبغض أهل بيتي، لا يحبنا إلا مؤمن، ولا يبغضنا إلا منافق شقي.

    ====

    مصادر 40 حديثا في فضائل الحسن والحسين (عليهما السلام):

    1ـ الاتحاف بحب الأشراف المذيّل بكتاب حُسنُ التوسل ـ عبد الله الشبراوي الشافعي ـ المطبعة الأدبية بمصر.

    2ـ أسد الغابة في معرفة الصحابة عز الدين علي بن الأثير الشيباني ـ دار إحياء التراث ـ بيروت.

    3ـ إسعاف الراغبين بسيرة المصطفى بذيل نور الأبصار للشيخ محمد علي الصبان ـ دار الفكر ـ بيروت.

    4ـ إحياء الميت بفضائل أهل البيت ـ جلال الدين السيوطي ـ دار العلوم للتحقيق والطباعة ـ بيروت.

    5ـ الإصابة في تمييز الصحابة المذيل بالاستيعاب ـ ابن حجر العسقلاني ـ مكتبة المثنى ـ بغداد.

    6ـ البداية والنهاية ـ عماد الدين أبي الفداء بن كثير الدمشقي ـ مكتبة المعارف ـ بيروت.

    7ـ البيان في أخبار صاحب الزمان المطبوع في ذيل كفاية الطالب محمد بن يوسف القرشي الكنجي الشافعي تحقيق محمد هادي الأميني.

    8ـ تاريخ دمشق لابن عساكر الدمشقي ـ دار الفكر ـ بيروت ـ لبنان.

    9ـ تاريخ بغداد للحافظ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي ـ تحقيق مصطفى عبد القادر عطا /دار الكتب العلمية ـ بيروت.

    10ـ تذكرة الخواص ـ سبط ابن الجوزي ـ مؤسسة أهل البيت (عليه السلام) ـ بيروت ـ لبنان

    11ـ الجامع الصحيح (سنن الترمذي) لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي ـ المكتبة الإسلامية ـ القاهرة.

    12ـ الجامع الصغير من حديث البشير النذير ـ الحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي ـ تحقيق عبد الله محمد الدرويش ـ دمشق.

    13ـ جامع الأصول في أحاديث الرسول ـ للإمام المبارك بن محمد بن الأثير الجزري ـ دار الفكر ـ بيروت.

    14ـ الجوهرة في نسب عليٍّ وآله محمد بن أبي بكر التلمساني تحقيق الدكتور محمد التونجي مكتبة النوري ـ دمشق.

    15ـ ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ـ محب الدين الطبري ـ مؤسسة الوفاء ـ بيروت ـ لبنان.

    16ـ سنن ابن ماجة ـ أبي عبد الله محمد بن ماجة القزويني ـ دار الفكر ـ بيروت.

    17ـ سنن أبو داود في موسوعة السنة ـ للحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث ـ دار سحنون ـ تونس.

    18ـ سير أعلام النبلاء ـ شمس الدين الذهبي ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

    19ـ شرح مسند أحمد بن حنبل ـ أحمد بن محمد شاكر ـ حمزة أحمد الزين ـ دار الحديث ـ القاهرة.

    20ـ سلسلة الأحاديث الصحيحة ـ ناصر الدين الألباني ـ المكتب الإسلامي ـ بيروت.

    21ـ صحيح البخاري ـ محمد بن إسماعيل البخاري ـ تحقيق الدكتور مصطفى البغا ـ دار العلوم الإسلامية دمشق.

    22ـ صحيح مسلم لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري ـ تحقيق الدكتور أحمد عمر هاشم مؤسسة عز الدين للطباعة.

    23ـ العقد الفريد ـ أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي ـ تحقيق مفيد محمد قمحية ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.

    24ـ عقد الدرر في أخبار المنتظر ـ يوسف بن يحيى المقدسي الشافعي ـ مكتبة عالم الفكر ـ القاهرة.

    25ـ الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة ـ أحمد بن جر الهيتمي المكي ـ مكتبة القاهرة ـ مصر.

    26ـ فرائد السمطين ـ إبراهيم بن أحمد الجويني الخراساني ـ المطبعة الإسلامية ـ مؤسسة المحمودي ـ بيروت.

    27ـ كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب محمد بن يوسف القرشي الكنجي الشافعي تحقيق محمد هادي الأميني دار إحياء تراث أهل البيت (ع) طهران.

    28ـ مقاتل الطالبين ـ أبو الفرج الأصفهاني ـ منشورات المكتبة الحيدرية ـ النجف.

    29ـ مناقب الإمام علي لأبي الحسن بن علي بن محمد ابن المغازلي الشافعي ـ دار الأضواء ـ بيروت.

    30ـ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ـ كمال الدين بن طلحة الشافعي ـ مؤسسة البلاغ ـ بيروت.

    31ـ مقتل الحسين لأبي المؤيد الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي، منشورات مكتبة المفيد ـ قم ـ إيران.

    32ـ المعجم الكبير ـ سليمان بن أحمد الطبراني ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

    33ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ـ نور الدين الهيثمي ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت.

    34ـ نور الأبصار في مناقب آل النبي المختار ـ المذيل بإسعاف الراغبين مؤمن بن حسن الشبلنجي الشافعي ـ دار الفكر ـ بيروت لبنان.

    35ـ ينابيع المودة لذوي القربى ـ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي ـ تحقيق سيد علي جمال أشرف.

    36ـ ميزان الاعتدال في نقد الرجال ـ محمد بن أحمد الذهبي ـ تحقيق علي محمد البجاوي ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان.

    37ـ مناقب الإمام علي من الرياض النضرة ـ محب الدين الطبري ـ تحقيق السيد عبد المحسن عبد الله السراوي ـ دار الكوثر ـ دمشق

    دار ذو الفقار ـ بيروت.

    38ـ معرفة ما يجب لآل البيت النبوي من الحق على من عداهم ـ تقي الدين المقريزي ـ دمشق تحقيق عبد المحسن عبد الله السراوي ـ منشورات السراوي ـ دمشق.

    ونسألكم الدعاء...~

    تعليق


    • #3
      :: شذرات من سيرة الإمام الحسن عليه السلام ::

      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



      :: شذرات من سيرة الإمام الحسن عليه السلام ::

      بطاقة الهوية:
      الإسم: الحسن (ع)
      اللقب: المجتبى
      الكنية: أبو محمد
      اسم الأب: علي بن أبي طالب (ع)
      اسم الأم: فاطمة (ع) بنت محمد (ص)
      الولادة: 15 رمضان 3 ه
      الشهادة: 7 صفر 50 ه
      مدة الإمامة: 10 سنوات
      القاتل: جعدة ابنة الأشعث
      مكان الدفن: البقيع

      دور الإمام الحسن (ع) في حياة جدّه وأبيه:
      في الخامس عشر من شهر رمضان المبارك من السنة الثالثة للهجرة زُفّت البشرى للنبي(ص) بولادة سبطه الأول. فأقبل إلى بيت الزهراء (ع) مهنئاً وسمّى الوليد المبارك حسناً'.

      شخصية الحسن (ع):
      عاصر الامام الحسن (ع) جده رسول الله (ص) وأمه الزهراء (ع) حدود سبع سنوات فأخذ عنهما الكثير من الخصال الحميدة والتربية الصالحة ثم أكمل مسيرة حياته الى جنب أبيه علي (ع) فصقلت شخصيته وبرزت مواهبه فكان نموذجاً رائعاً للشاب المؤمن واستقرت محبته في قلوب المسلمين.
      ومما امتازت به شخصية الحسن (ع) مهابته الشديدة التي ورثها عن جده المصطفى فكان إذا جلس أمام بيته انقطع الطريق وامتنع الناس عن المرور إجلالاً له مما يضطره الى الدخول ليعود الناس الى حالهم السابق.

      الحسن (ع) في خلافة علي (ع):
      شارك الإمام الحسن (ع) في جميع حروب والده الإمام علي (ع) في البصرة وصفين والنهروان وأبدى انصياعاً وانقياداً تامين لإمامِهِ وملهمه. كما قام بأداء المهام التي أوكلت إليه على أحسن وجه في استنفار الجماهير لنصرة الحق في الكوفة أثناء حرب الجمل وفي معركة صفين وبيان حقيقة التحكيم الذي اصطنعه معاوية لشق جيش علي (ع).

      زوجاته وأولاده:
      تزوج الحسن (ع) بعدة زوجات منهم أم بشير بنت مسعود الخزرجية وخولة بنت منظور الفزارية وأم اسحاق بنت طلحة وجعدة بنت الأشعث، وله أولاد كثيرون منهم: زيد بن الحسن والحسن المثنى والقاسم بن الحسن وغيرهم.

      خلافة الإمام الحسن (ع):
      وبعد استشهاد الإمام علي (ع) بويع الإمام الحسن بالخلافة في الكوفة. مما أزعج معاوية فبادر إلى وضع الخطط لمواجهة الموقف. وأرسل الجواسيس إلى الكوفة والبصرة. وأدرك الإمام الحسن (ع) أبعاد المؤامرة، وكشف الجواسيس، فأرسل إلى معاوية يدعوه إلى التخلّي عن انشقاقه. وأرسل معاوية رسالة جوابية يرفض فيها مبايعة الحسن (ع)، وتبادلت الرسائل بين الإمام ومعاوية، وتصاعد الموقف المتأزّم بينهما حتى وصل إلى حالة إعلان الحرب.

      أسباب الصلح مع معاوية:
      وسار الإمام الحسن (ع) بجيش كبير حتى نزل في موضع متقدم عرف ب'النخيلة' فنظم الجيش ورسم الخطط لقادة الفرق. ومن هناك أرسل طليعة عسكرية في مقدمة الجيش على رأسها عبيد الله بن العباس وقيس بن سعد بن عبادة كمعاون له. ولكن الأمور ومجريات الأحداث كانت تجري على خلاف المتوقع. فقد فوجىء الإمام (ع) بالمواقف المتخاذلة والتي أهمها:
      1- خيانة قائد الجيش عبيد الله بن العباس الذي التحق بمعاوية لقاء رشوة تلقاها منه.
      2- خيانة زعماء القبائل في الكوفة الذين أغدق عليهم معاوية الأموال الوفيرة فأعلنوا له الولاء والطاعة وعاهدوه على تسليم الإمام الحسن له.
      3- قوّة جيش العدو في مقابل ضعف معنويات جيش الإمام الذي كانت تستبد به المصالح المتضاربة.
      4- محاولات الاغتيال التي تعرض لها الإمام (ع) في الكوفة.
      5- الدعايات والإشاعات التي أخذت مأخذاً عظيماً في بلبلة وتشويش ذهنية المجتمع العراقي..
      وأمام هذا الواقع الممزّق وجد الإمام (ع) أن المصلحة العليا تقتضي مصالحة معاوية حقناً للدماء وحفظاً لمصالح المسلمين. لأن اختيار الحرب لا تعدو نتائجه عن أحد أمرين:
      أ- إمَّا قتل الإمام (ع) والثلّة المخلصة من أتباع علي (ع).
      ب- وأما حمله أسيراً ذليلاً إلى معاوية.
      فعقد مع معاوية صلحاً وضع هو شروطه بغية أن يحافظ على شيعة أبيه وترك المسلمين يكتشفون معاوية بأنفسهم ليتسنى للحسين (ع) فيما بعد كشف الغطاء عن بني أمية وتقويض دعائم ملكهم.

      بنود الصلح:
      أقبل عبد الله بن سامر الذي أرسله معاوية إلى الإمام الحسن (ع) حاملاً تلك الورقة البيضاء المذيّلة بالإمضاء وإعلان القبول بكل شرط يشترطه الإمام (ع) وتمّ الإتفاق. وأهم ما جاء فيه:
      1- أن تؤول الخلافة إلى الإمام الحسن بعد وفاة معاوية. أو إلى الإمام الحسين إن لم يكن الحسن على قيد الحياة.
      2- أن يستلم معاوية إدارة الدولة بشرط العمل بكتاب الله وسنّة نبيّه.
      3- أن يكفل معاوية سلامة أنصار علي (ع) ولا يُساء إليهم..

      المخطط الأموي:
      وانتقل الإمام الحسن (ع) إلى مدينة جدّه المصطفى (ص) بصحبة أخيه الحسين (ع) تاركاً الكوفة التي دخلتها جيوش معاوية وأثارت في نفوس أهلها الهلع والخوف. وخطب معاوية فيهم قائلاً: 'يا أهل الكوفة أترون أني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج؟ وقد علمت أنكم تصلّون وتزكّون وتحجّون... ولكنني قاتلتكم لأتأمّر عليكم: وقد اتاني الله ذلك وأنتم له كارهون... وإن كل شرط شرطته للحسن فتَحْتَ قدميّ هاتين'.
      ورغم هذا الوضع المتخلّف الذي وصل إليه المسلمون والذي أجبر الإمام الحسن (ع) على الصلح مع معاوية قام الإمام (ع) بنشاطات فكرية واجتماعية في المدينة المنورة، تعالج هذه المشكلة وتعمل على تداركها وتفضح المخطط الأموي الذي قام بتصفية العناصر المعارضة وعلى رأسها أصحاب الإمام علي (ع). وتزويد الولاة بالأوامر الظالمة من نحو: 'فاقتل كل من لقيته ممن ليس هو على مثل رأيك...'. وتبذير أموال الأمة في شراء الضمائر ووضع الأحاديث الكاذبة لصالح الحكم وغيرها من المفاسد.... ولذلك كانت تحركات الإمام الحسن(ع) تقلق معاوية وتحول دون تنفيذ مخططه الإجرامي القاضي بتتويج يزيد خليفة على المسلمين. ولهذا قرّر معاوية التخلص من الإمام الحسن، ووضع خطّته الخبيثة بالاتفاق مع جعدة ابنة الأشعت بن قيس التي دسّت السم لزوجها الإمام (ع)، واستشهد من جراء ذلك الإمام الحسن (ع) ودفن في البقيع بعد أن مُنِعَ من الدفن بقرب جده المصطفى (ص).
      فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يُبعث حياً.

      حكمة أهل البيت (ع):
      روي أنّ شامياً ممن غذاهم معاوية بن أبي سفيان بالحقد على ال الرسول (ص) رأى الإمام السبط راكباً فجعل يلعنه، والحسن (ع) لا يردّ عليه. فلما فرغ الرجل، أقبل الإمام عليه ضاحكاً وقال‏(ع): 'أيها الشيخ، أظنك غريباً ولعلَّك شبهت؟ فلو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك.. وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك.. وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حركت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك الان لنا موضعاً رحباً وجاهاً عريضاً ومالاً كبيراً'.
      فلما سمع الرجل الشامي كلامه بكى وقال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته كنت وأبوك أبغض خلق الله إلي والان أنت وأبوك أحبّ خلق الله عليَ.

      اسئلة حول الدرس:
      1 ما هي أسباب الصلح الذي تمّبين الإمام الحسن (ع) ومعاوية؟
      2 أذكر أهم ما جاء في الصلح؟
      3 هل إلتزم معاوية ببنود الصلح. بيّن ذلك؟
      4 كم استمرت إمامة الإمام الحسن (ع) وخلافته

      ونسألكم الدعاء.

      تعليق


      • #4
        بغض المجرمة عائشة بنت أبي بكر للإمام الحسن عليه السلام وضرب جنازته بالسهام!!

        بسم الله الرحمن الرحيم
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

        بغض المجرمة عائشة بنت أبي بكر للإمام الحسن عليه السلام وضرب جنازته بالسهام!!
        أولاً: بغض الحسن و الحسين يدخل النار.
        رَوى في مستدرك الصحيحين بسنده عن سلمان .
        قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه ( و آله ) و سلم يقول : " الحسن و الحسين ابناي ، من أحبهما أحبَّني ، و من أحبني أحبه الله ، و من أحبه الله أدخله الجنة ، و من أبغضهما أبغضني ، و من أبغضني أبغضه الله ، و من أبغضه الله أدخله النار " .
        قال : هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين [1] .
        المصدر: [1] مستدرك الصحيحين : 3 / 166 .
        ثانياً: منع عائشة من دفن الإمام الحسن عليه السلام بجانب الرسول (ص) وضرب جنازتة بالسهام.
        روى الشيخ الكليني في (الكافي 1 / 302 ح 3)، بسنده عن محمد بن مسلم؛ قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : (لما أحتضر الحسن بن علي (عليهما السلام) قال للحسين : يا أخي أوصيك بوصية فاحفظها؛ فإذا أنا مت فهيئني؛ ثم وجّهني إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأحدث به عهدا؛ ثم أصرفني إلى أمي فاطمة ( سلام الله عليها )؛ ثم ردّني فادفنّي في البقيع؛ واعلم أنه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها؛ وعداوتها لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) وعداوتها لنا أهل البيت .
        فلمّا قبض الحسن (عليه السلام) وضع على سريره؛ وانطلقوا به إلى مصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان يصلّي فيه على الجنائز؛ فصلّي على الحسن (عليه السلام)؛ فلمّا أن صلّي عليه حمل فأدخل المسجد؛ فلمّا أوقف على قبر رسول الله بلغ عائشة الخبر؛ وقيل لها : إنهم قد أقبلوا بالحسن بن علي ( عليهما السلام ) ليدفن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ فخرجت مبادرة على بغل بسرج؛ فكانت أول إمرأة ركبت في الإسلام سرجاً؛ فوقفت فقالت : نحوا ابنكم عن بيتي؛ فإنه لا يدفن فيه شيء؛ ولا يهتك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حجابه .
        فقال لها الحسين بن علي ( عليهما السلام ) : قديماً هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ وأدخلت بيته من لا يحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قربه؛ وإن الله سائلك عن ذلك يا عائشة؛ إن أخي أمرني أن أقرّبه من أبيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليحدث به عهدا؛ واعلمي أن أخي أعلم الناس بالله ورسوله؛ وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ستره؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول : (( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ))، وقد أدخلت أنت بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الرجال بغير إذنه؛ وقد قال الله عزوجل : (( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ))؛ ولعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند اذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) المعاول؛ وقال الله عزّ وجل : (( إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى )), ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقربهما منه الأذى؛ وما رعيا من حقّه ما أمرهما الله به على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ إن الله حرّم من المؤمنين أمواتاً ما حرّم منهم أحياء؛ وتالله ياعائشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن (عليه السلام) عند أبيه (صلوات الله عليهما) جائزاً فيما بيننا وبين الله؛ لعلمت أنه سيدفن وإن رغم معطسك .
        قال : ثم تكلّم محمد بن الحنفية وقال : يا عائشة : يوماً على بغل؛ ويوماً على جمل؛ فما تملكين نفسك ولا تملكين الأرض عداوة لبني هاشم .
        قال : فأقبلت عليه فقالت : يا بن الحنفية؛ هؤلاء الفواطم يتكلّمون فما كلامك ؟
        فقال لها الحسين (عليه السلام) : وأنى تبعدين محمداً من الفواطم؛ فو الله لقد ولدته ثلاث فواطم : فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم؛ وفاطمة بنت أسد بن هاشم؛ وفاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر .
        قال : فقالت عائشة للحسين (عليه السلام) : نحوا ابنكم واذهبوا به؛ فإنكم قوم خصمون .
        قال : فمضى الحسين (عليه السلام) إلى قبر أمّه؛ ثم أخرجه فدفنه بالبقيع) .
        ونقل العلامة المجلسي في (بحار الأنوار 44 / 154) عن كتاب الخرائج: انه روي أن الصادق (عليه السلام) قال : لمّا حضرت الحسن بن علي (عليه السلام) الوفاة؛ بكى بكاء شديداً وقال : إني أقدم على أمر عظيم؛ وهول لم أقدم على مثله قط؛ ثم أوصى أن يدفنوه بالبقيع؛ فقال : يا أخي احملني على سريري إلى قبر جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأجدّد به عهدي؛ ثم ردّني إلى قبر جدّتي فاطمة بنت أسد فأدفني؛ فستعلم يا ابن أم؛ أن القوم يظنون أنكم تريدون دفني عند رسول الله؛ فيجلبون في منعكم؛ وبالله أقسم عليك أن تهرق في أمري محجمة دم .
        فلمّا غسلّه وكفّنه الحسين (عليه السلام) وحمله على سريره؛ وتوجّه إلى قبر جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليجدّد به عهداً؛ أتى مروان بن الحكم ومن معه من بني أمية فقال : أيدفن عثمان في أقصى المدينة؛ ويدفن الحسن مع النبي ؟ لا يكون ذلك أبداً؛ ولحقت عائشة على بغل وهي تقول : مالي ولكم ؟ تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب .
        فقال ابن عباس لمروان بن الحكم؛ لا نريد دفن صاحبنا؛ فإنه كان أعلم بحرمة قبر رسول الله من أن يطرق عليه هجما؛ كما طرق ذلك غيره؛ ودخل بيته بغير إذنه؛ انصرف فنحن ندفنه بالبقيع كما وصّى .
        ثم قال لعائشة : واسوأتاه يوماً على بغل؛ ويوماً على جمل؛ وفي رواية؛ يوماً تجملت ويوماً تبغلت؛ وإن عشت تفيلت .
        فأخذه ابن الحجاج الشاعر البغدادي فقال :
        يـا بنـت أبـي بـكـر **** لا كـان ولا كـنـت
        لـك التـسع من الثـمن **** وبـالـكل تـملـكـت
        تـجـملـت تـبـلـغت **** وإن عـشـت تفـيلـت
        وروي في (الإرشاد 174) عن زياد المخارقي قال : لمّا حضرت الحسن (عليه السلام) الوفاة؛ استدعى الحسين (عليه السلام) وقال : يا أخي إني مفارقك؛ ولاحق بربّي؛ وقد سقيت السم؛ ورميت بكبدي في الطست؛ وإني لعارف بمن سقاني السم؛ ومن أين دهيت؛ وأنا أخاصمه إلى الله عزّ وجل؛ فبحقّي عليك إن تكلّمت في ذلك بشيء؛ وانتظر ما يحدث الله عزّ وجل فيّ؛ فإذا قضيت نحبي فغمّضني؛ وغسّلني وكفّني؛ وأدخلني على سريري إلى قبر جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأجدّد به عهداً؛ ثم ردّني إلى قبر جدتي فاطمة بنت أسد ( رضي الله عنها ) فأدفني هناك وستعلم يا ابن أم؛ إن القوم يظنون أنكم تريدون دفني عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيجلبون في ذلك؛ ويمنعونكم منه؛ بالله أقسم عليك أن تهرق في أمري محجمة دم؛ ثم وصّى إليه بأهله وولده وتركته؛ وما كان وصّى إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) حين استخلفه وأهله بمقامه؛ ودل شيعته على استخلافه؛ ونصّبه لهم علما من بعده .
        فلمّا مضى لسبيله؛ غسّله الحسين (عليه السلام) وكفّنه وحمله على سريره؛ ولم يشك مروان ومن معه من بني أمية؛ أنهم سيدفنونه عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فتجمّعوا ولبسوا السلاح؛ فلمّا توجّه به الحسين (عليه السلام) إلى قبر جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليجدّد به عهداً؛ أقبلوا إليه في جمعهم ولحقتهم عائشة على بغل؛ وهي تقول : مالي ولكم ؟ تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب؛ وجعل مروان يقول : (يا رب هيجاهي خير من دعة) أيدفن عثمان في أقصى المدينة ويدفن الحسن مع النبي ؟ لا يكون ذلك أبداً وأنا أحمل السيف؛ وكادت الفتنة أن تقع بين بني هاشم؛ وبين بني أمية.
        فبادر ابن عباس (رحمه الله) إلى مروان فقال له : إرجع يا مروان من حيث جئت؛ فإنا ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) لكنا نريد أن نجدّد به عهدا بزيارته؛ ثم نردّه إلى جدته فاطمة؛ فندفنه عندها بوصيته بذلك؛ ولو كان أوصى بدفنه مع النبي (صلى الله عليه وآله) لعلمت أنك أقصر باعاً من ردنا عن ذلك؛ لكنه كان أعلم بالله وبرسوله وبحرمة قبره؛ من أن يطرق عليه هدماً كما طرق ذلك غيره؛ ودخل بيته بغير إذنه .
        ثم أقبل على عائشة وقال لها : واسوأتاه يوماً على بغل؛ ويوماً على جمل ؟ تريدين أن تطفئي نور الله؛ وتقاتلي أولياء الله؛ ارجعي فقد كفيت الذي تخافين؛ وبلغت ما تحبين؛ والله منتصر لأهل هذا البيت ولو بعد حين.
        وقال الحسين (عليه السلام) : والله لولا عهد الحسن إليّ بحقن الدماء؛ وأن لا أهريق في أمره محجمة دم؛ لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مآخذها؛ وقد نقضتم العهد بيننا وبينكم؛ وأبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسنا .
        ومضوا بالحسن (عليه السلام) فدفنوه بالبقيع عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف ( رضي الله عنها ) .
        ومثله في (مناقب آل أبي طالب 4 / 29) مع اختصار وزاد فيه : ورموا بالنبال جنازته؛ حتى سل منها سبعون نبلاً .
        ونسألكم الدعاء.

        تعليق


        • #5
          من هو الإمام الحسن المجتبى ؟

          بسم الله الرحمن الرحيم
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف


          من هو الإمام الحسن المجتبى ؟

          * الإمام أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب المجتبى، ثاني أئمة أهل البيت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وسيّد شباب أهل الجنة بإجماع المحدّثين، وأحد اثنين انحصرت بهما ذريّة رسول الله، وأحد الأربعة الذين باهى بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) نصارى نجران ، ومن المطهّرين الذين أذهب الله عنهم الرجس ، ومن القربى الذين أمر الله بموّدتهم، وأحد الثقلين الذين من تمسّك بهما نجا ومن تخلّف عنهما ضلّ وغوى .

          * نشأ في أحضان جدّه رسول الله (عليه السلام) وتغذّى من معين رسالته وأخلاقه ويسره وسماحته، وظلّ معه في رعايته حتى اختار الله لنبيه دار خلده، بعد أن ورّثه هديه وأدبه وهيبته وسؤدده، وأهّله للإمامة التي كانت تنتظره بعد أبيه، وقد صرّح بها جدّه في أكثر من مناسبة حينما قال : « الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا، اللهمّ إنّي اُحبّهما فأحبّ من يحبّهما » .

          * لقد اجتمع في هذا الإمام العظيم شرف النبوّة والإمامة، بالإضافة الى شرف الحسب والنسب ، ووجد المسلمون فيه ما وجدوه في جدّه وأبيه حتى كان يذكّرهم بهما، فأحبّوه وعظّموه، وكان مرجعهم الأوحد بعد أبيه، فيما كان يعترضهم من مشاكل الحياة وما كان يستصعبهم من اُمور الدين، لا سيما بعد أن دخلت الاُ مّة الإسلامية حياة حافلة بالأحداث المريرة التي لم يعرفوا لها نظيراً من قبل .

          * وكان الإمام الزكي المجتبى في جميع مواقفه ومراحل حياته مثالاً كريماً للخُلق الإسلامي النبوي الرفيع في تحمّل الأذى والمكروه في ذات الله، والتحلّي بالصبر الجميل والحلم الكبير، حتى اعترف له ألدّ أعدائه ـ مروان بن الحكم ـ بأنّ حلمه يوازي الجبال. كما اشتهر (عليه السلام) بالسماحة والكرم والجود والسخاء بنحو تميّز عن سائر الكرماء والأسخياء .

          * وبقي الإمام المجتبى بعد جدّه في رعاية اُمّه الزهراء ـ الصدّيقة الطاهرة ـ وأبيه سيّد الوصيّين وإمام الغرّ المحجّلين، وهما في صراع دائم مع الذين صادروا خلافة جدّه(صلى الله عليه وآله) وما لبث أن طويت هذه الصفحة الثانية من حياته بوفاة اُمّه الزهراء (عليها السلام) وقد حفّت بأبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) النكبات، ولا زال يشاهد كلّ هذه المحن ويتجرّع مرارتها وهو في سن الطفولة، لكنّه كان يقوم بأكثر ممّا ينتظر من مثله، من حيث وعيه وإحساسه بالأوضاع العامة وتطوّراتها ، ومن هنا كان يتمتّع بتقدير المسلمين واحترامهم له بعد ما شاهدوا مدى اهتمام نبيّهم به .

          * وأشرف الإمام (عليه السلام) على الشباب في خلافة عمر، وانصرف مع أبيه الى تعليم الناس وحلّ مشاكلهم .

          * لقد وقف الإمام الحسن الزكي الى جانب أبيه (عليه السلام) في عهد عثمان، وعمل مخلصاً لأجل الإسلام، واشترك مع أبيه في وضع حدٍّ للفساد الذي أخذ يستشري في جسم الاُمّة والدولة الإسلامية أيام عثمان ، ولقد كان الإمام عليّ (عليه السلام) ـ كغيره من الصحابة ـ غير راض عن تصرفات عثمان وعمّاله، ولكنّه لم يكن راض بقتله، فوقف هو وابناه موقف المصلح الحكيم، ولكنّ بطانة عثمان أبت إلاّ التمادي في إفساد الأمر والتحريض غير المباشر على قتله، بينما بقي الإمام يعالج الموقف في حدود ما أنزل الله تعالى .

          * لقد كان الحسن بن عليٍّ السبط الى جانب أبيه (عليهما السلام) في كلّ ما يقول ويفعل ، واشترك معه في جميع حروبه، وكان يتمنّى على أبيه أن يسمح له بمواصلة القتال وخوض المعارك عندما يتأزّم الموقف ، فيما كان أبوه شديد الحرص عليه وعلى أخيه الحسين (عليهما السلام) خشية أن ينقطع بقتلهما نسل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبقي الحسن (عليه السلام) الى جانب والده إلى آخر لحظة، وكان يعاني ما يعانيه أبوه من أهل العراق، ويتألّم لآلامه وهو يرى معاوية يبثّ دعاته ويغري القادة من جيش أبيه بالأموال والمناصب حتى فرّق أكثرهم، وأصبح الإمام عليّ (عليه السلام) يتمنّى فراقهم بالموت أو القتل ، فاستُشهد (عليه السلام) وبقي الحسن ابن علي (عليهما السلام) بين تلك الأعاصير بين أهل الكوفة المتخاذلين وفلول الخوارج المارقين وتحدّيات أهل الشام القاسطين .

          * وبعد أن نصّ أمير المؤمنين (عليه السلام) على خلافة ابنه الحسن الزكي وسلّمه مواريث النبوّة; اجتمع عليه أهل الكوفة وجماعة المهاجرين والأنصار، وبايعوه بالخلافة، بعد أن طهّره الله من كلّ نقص ورجس، بالإضافة الى توفّر جميع متطلّبات الخلافة فيه من العلم والتقوى والحزم والجدارة، وتسابق الناس الى بيعته في الكوفة والبصرة، كما بايعه أهل الحجاز واليمن وفارس وسائر المناطق التي كانت تدين بالولاء والبيعة لأبيه (عليه السلام) وحين بلغ نبأ البيعة معاوية وأتباعه بدأوا يعملون بكلِّ ما لديهم من مكر وخداع لإفساد أمره والتشويش عليه .

          * واستلمَ الإمام الحسن السلطة بعد أبيه، وقام بأفضل ما يمكن القيام به في ذلك الجوّ المشحون بالفتن والمؤامرات ، فأمّر الولاة على أعمالهم وأوصاهم بالعدل والإحسان ومحاربة البغي والعدوان، ومضى على نهج أبيه (عليه السلام) الذي كان امتداداً لسيرة جدّه المصطفى(صلى الله عليه وآله) .

          * وبالرغم ممّا كان يعلمه الإمام الحسن من معاوية ونفاقه ودجله وعدائه لرسالة جدّه وسعيه لإحياء مظاهر جاهليته ... بالرغم من ذلك كلّه فقد أبى أن يعلن الحرب عليه إلاّ بعد أن كتب اليه المرّة بعد المرّة يدعوه الى جمع الكلمة وتوحيد أمر المسلمين، فلم يُبقِ له في ذلك عذراً أو حجةً .

          لقد راسل الإمام الحسن معاوية وهو يعلم أنه لا يستجيب لطلبه، وأنّه سيقف منه موقفاً أكثر وقاحةً من مواقفه السابقة مع أبيه أمير المؤمنين، لا سيما وقد حصد نجاحاً مؤقّتاً في مؤامراته ضدّ أبيه . إنّ الإمام (عليه السلام) كان يعلم أنّ معاوية سيقف موقف القوة إن لم يجد للمكر سبيلاً، ولكنّ الإمام المجتبى كان عليه أن يُظهر للعالم الإسلامي كلّ ما يضمره هذا البيت الاُموي تجاه النبيّ (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) من حقد وعداء وكيد للإسلام والمسلمين .

          * واطمأنّ معاوية الى أنّ الاُمور ممهّدة له باعتبار علاقته المتينة مع أكثر قادة الإمام الحسن (عليه السلام)، كما حاول إغراء الإمام بالأموال والخلافة من بعده وتضليل الرأي العام ، ولكنّ موقف الإمام لم يتغيّر لتهديده ووعوده، وأدرك معاوية صلابة الإمام (عليه السلام) على موقفه المبدئي، فأعدّ العدّة لمحاربته، واطمأنّ معاوية الى أنّ المعركة ستكون لصالحه، وسيكون الحسن (عليه السلام) والمخلصون له من جنده بين قتيل وأسير، ولكنّ هذا الاستيلاء سوف يفقد الصيغة الشرعية التي كان يحاول أن يتظاهر بها لعامة المسلمين، ولذلك حرص معاوية على أن لا يتورّط في الحرب مع الإمام الحسن (عليه السلام) معتمداً المكر والخداع والتمويه وشراء الضمائر وتفتيت جيش الإمام (عليه السلام)، ولم يكن للإمام بدّ من اختيار الصلح بعد أن تخاذل عامة جيشه وأكثر قادته، ولم يبقَ معه إلاّ فئة قليلة من أهل بيته والمخلصين من أصحابه، فتغاضى عن السلطة دفعاً للأفسد بالفاسد في ذلك الجوّ المحموم، فكان اختياره للصلح في منتهى الحكمة والحنكة السياسية الرشيدة تحقيقاً لمصالح الإسلام العليا وأهدافه المُثلى.

          * وتعرّض الإمام الحسن السبط (عليه السلام) للنقد اللاذع من شيعته وأصحابه الذين لم يتّسع صبرهم لجور معاوية، مع أنّ أكثرهم كان يدرك الظروف القاسية التي اضطرّته الى تجنّب القتال واعتزال السلطة ، كما أحسّ الكثير من أعيان المسلمين وقادتهم بصدمة عنيفة لهذا الحادث لِما تنطوي عليه نفوس الاُمويّين من حقد على الإسلام ودعاته الأوفياء، وحرص على إحياء ما أماته الإسلام من مظاهر الجاهلية بكلّ أشكالها .

          * ولكنّ الإمام بصلحه المشروط فسح المجال لمعاوية ليكشف واقع اُطروحته الجاهلية، وليعرّف عامة المسلمين البسطاء مَن هو معاوية ؟ ومن هنا كان الصلح نصراً ما دام قد حقّق فضيحة سياسة الخداع التي تترّس بها عدوّه.

          ونجحت خطّة الإمام حينما بدأ معاوية يساهم في كشف واقعه المنحرف، وذلك في إعلانه الصريح بأنّه لم يقاتل من أجل الإسلام، وإنّما قاتل من أجل المُلك والسيطرة على رقاب المسلمين، وأنّه سوف لا يفي بأيّ شرط من شروط الصلح .

          بهذا الإعلان وما تلاه من خطوات قام بها معاوية لضرب خط عليٍّ (عليه السلام) وبنيه الأبرار وقتل خيرة أصحابه ومحبّيه كشف النقاب عن الوجه الاُموي الكَريه ، ومارس الإمام (عليه السلام) مسؤولية الحفاظ على سلامة الخط بالرغم من إقصائه عن الحكم، وأشرف على قاعدته الشعبية فقام بتحصينها من الأخطار التي كانت تهدّدها من خلال توعيتها وتعبئتها، فكان دوره فاعلاً إيجابياً للغاية، ممّا كلّفه الكثير من الرقابة والحصار، وكانت محاولات الاغتيال المتكرّرة تشير الى مخاوف معاوية من وجود الإمام (عليه السلام) كقوة معبّرة عن عواطف الاُ مّة ووعيها المتنامي، ولربّما حملت معها خطر الثورة ضد ظلم بني اُمية، ومن هنا صحّ ما يقال من أنّ صلح الإمام الحسن (عليه السلام) كان تمهيداً واقعياً لثورة أخيه أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) .

          وتوّج الإمام المجتبى (عليه السلام) جهاده العظيم هذا والذي فاق الجهاد بالسيف في تلك الظروف العصيبة ، باستشهاده مسموماً على يد ألدّ أعدائه، فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يُبعث حيّاً .
          ونسألكم الدعاء...~

          تعليق


          • #6
            :: موقف عائشة من دفن الإمام الحسن (عليه السلام) ::

            بسم الله الرحمن الرحيم
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

            :: موقف عائشة من دفن الإمام الحسن (عليه السلام) ::
            وإليك بعضها :
            1ـ روى الشيخ الكليني في الكافي 1 / 302 ، بسنده عن محمد بن مسلم قال :
            سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : لما احتضر الحسن بن علي (عليهما السلام) قال للحسين : يا أخي إني أوصيك بوصية فاحفظها ، فإذا أنا مت فهيئني ثم وجّهني إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) لاحدث به عهدا ، ثم اصرفني إلى أمي فاطمة (عليها السلام) ثم ردّني فادفنّي بالبقيع .
            واعلم أنه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها ، وعداوتها لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) وعداوتها لنا أهل البيت، فلما قبض الحسن (عليه السلام) وضع على سريره، فانطلقوا به إلى مصلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان يصلي فيه على الجنائز، فصلّى على الحسن (عليه السلام) فلمّا أن صلّي عليه حمل فادخل المسجد، فلما اوقف على قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلغ عائشة الخبر وقيل لها: إنهم قد أقبلوا بالحسن بن علي ليدفن مع رسول الله، فخرجت مبادرة على بغل بسرج - فكانت أول امرأة ركبت في الإسلام سرجا - فوقفت وقالت : نحوا ابنكم عن بيتي، فإنه لا يدفن فيه شيء، ولا يهتك على رسول الله حجابه.
            فقال لها الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) : قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله، وأدخلت بيته من لا يحب رسول الله قربه، وإن الله سائلك عن ذلك يا عائشة، إن أخي أمرني أن أقربه من أبيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليحدث به عهدا .
            واعلمي أن أخي أعلم الناس بالله ورسوله، وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله ستره، لأن الله تبارك وتعالى يقول : (( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم )) (الاحزاب:35) وقد أدخلت أنت بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الرجال بغير أذنه، وقد قال الله عزوجل : (( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي )) , ولعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند اذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) المعاول، وقال الله عزوجل : (( إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى )) ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقربهما منه الاذى، وما رعيا من حقّه ما أمرهما الله به على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، إن الله حرّم من المؤمنين أمواتا ما حرّم منهم أحياء ، وتالله يا عائشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه رسول الله (صلوات الله عليهما) جائزا فيما بيننا وبين الله لعلمت أنه سيدفن، وإن رغم معطسك.
            قال : ثم تكلّم محمد بن الحنفية وقال : يا عائشة يوما على بغل، ويوما على جمل، فما تملكين نفسك، ولا تملكين الارض عداوة لبني هاشم.
            قال : فأقبلت عليه فقالت : يا ابن الحنفية هؤلاء الفواطم يتكلمون فما كلامك؟ فقال لها الحسين (عليه السلام) : وأنى تبعدين محمدا من الفواطم، فو الله لقد ولدته ثلاث فواطم : فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم، وفاطمة بنت أسد بن هاشم، وفاطمة بنت زائدة بن الاصم ابن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر.
            قال : فقالت عائشة للحسين (عليه السلام) : نحوا ابنكم واذهبوا به فإنكم قوم خصمون.
            قال : فمضى الحسين (عليه السلام) إلى قبر أمّه ثم أخرجه فدفنه بالبقيع.
            2ـ قال الحر العاملي في وسائل الشيعة 1 / 35 / ط آل البيت :
            لمّا توفّي الحسن (عليه السلام) مسموما ، وخرج به أخوه الحسين (عليه السلام) ليجدد به العهد بقبر جدّه (صلى الله عليه وآله) ، خرجت عائشة على بغلة شهباء يحف بها بنو أمية، وهي تصيح : لا تدخلوا بيتي من لا أحب، إن دفن الحسن في بيتي لتجز هذه ، وأومأت إلى ناصيتها .
            وليت شعري ألم تسمع أم المؤمنين قول جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حقه : اللهم إنّي أحبه وأحب من يحبّه (صحيح مسلم 4 / 1882 و 2421 ، تاريخ دمشق لإبن عساكر ترجمة الإمام الحسن 37) .
            وقوله (صلى الله عليه وآله) : اللهم إنّ هذا إبني وأنا أحبّه ، فأحبّه وأحبّ من يحبّه ( كنز العمّال 13 / 652 و 37653 ، ومجمع الزوائد 9 / 176 ) .
            وقوله (صلى الله عليه وآله) : من سرّه أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنة ، فلينظر إلى الحسن ( البداية والنهاية 8 / 35 ) .
            3ـ روى ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 31 / 287 ، بسنده عن أبي عتيق ، قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : شهدنا حسن بن علي يوم مات ، فكادت الفتنة أن تقع بين حسين بن علي ومروان بن الحكم ، وكان الحسن قد عهد إلى أخيه أن يدفن مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فان خاف أن يكون في ذلك قتال ، فليدفن بالبقيع ، فأبى مروان أن يدعه ، ومروان يومئذ معزول ، يريد أن يرضي معاوية بذلك ، فلم يزل مروان عدوا لبني هاشم حتى مات .
            قال جابر : فكلّمت يومئذ حسين بن علي فقلت : يا أبا عبد الله اتق الله فإنّ أخاك كان لا يحب ما ترى ، فادفنه بالبقيع مع أمّه ففعل .
            وعن ابن عمر قال : حضرت موت حسن بن علي ، فقلت للحسين : اتق الله ولا تثر فتنة ، ولا تسفك الدماء ، وادفن أخاك إلى جنب أمّه ، فإنّ أخاك قد عهد بذلك إليك ، فأخذ بذلك الحسين ( الخبر نقله الذهبي في سير الاعلام 3 / 275 ) .
            4ـ جاء في تاريخ اليعقوبي 2 / 225 :
            وقيل : إن عائشة ركبت بغلة شهباء ، وقالت : بيتي لا آذن فيه لأحد . فأتاها القاسم بن محمد بن أبي بكر ، فقال لها : يا عمّة ! ما غسلنا رؤوسنا من يوم الجمل الأحمر ، أتريدين أن يقال يوم البغلة الشهباء ؟ فرجعت .
            ومع السلامة.

            تعليق


            • #7
              بغض الحسن و الحسين يدخل النار

              بسم الله الرحمن الرحيم
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

              بغض الحسن و الحسين يدخل النار
              رَوى في مستدرك الصحيحين بسنده عن سلمان .
              قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه ( و آله ) و سلم يقول : " الحسن و الحسين ابناي ، من أحبهما أحبَّني ، و من أحبني أحبه الله ، و من أحبه الله أدخله الجنة ، و من أبغضهما أبغضني ، و من أبغضني أبغضه الله ، و من أبغضه الله أدخله النار " .
              قال : هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين [1] .
              ====
              [1] مستدرك الصحيحين : 3 / 166 .
              ومع السلامة.

              تعليق


              • #8
                كرامات الامام الحسن المجتبي (عليه السلام)

                بسم الله الرحمن الرحيم
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                كرامات الامام الحسن المجتبي (عليه السلام)
                • روى الشيخ محمّد بن عليّ العامليّ في كتاب ( تحفة الطالب ) نقلاً عن كتاب ( المصابيح ) من كتب العامّة، عن زين بن أرقم قال:
                سبعُ حَصِيّاتٍ سبّحنَ في كفّ رسول الله صلّى الله عليه وآله، فوضَعَها في يد الحسن ابن عليّ عليه السّلام فسَبّحنَ كما سبّحن في كفّه، ثمّ وضعها في كفّ الحسين عليه السّلام فسبّحن في كفّه. وكلُّ مَن حضر مِن الصحابة أخذ الحصيّات ولم يسبّحن في أيديهم، فسُئل عليه السّلام عن ذلك فقال: الحصى لا يسبّحن إلاّ في كفّ نبيّ، أو وصيِّ نبيّ (1).
                • قال أبو جعفر الطبريّ محمّد بن جرير: حدّثنا أبو محمّد عبدالله بن محمّد قال: حدّثنا سلمة بن محمّد قال: أخبرنا محمّد بن عليّ الجاشي قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي الخُدْريّ قال: رأيتُ الحسنَ بن عليٍّ ( عليه السّلام ) وهو طفل.. والطير تُظِلّه، ورأيتُه يدعو الطيرَ فتُجيبه! (2)
                • عن أبي السعادات في ( الفضائل ) أنه أملى الشيخ أبو الفتوح في مدرسة الناجية، أنّ الحسن بن عليّ عليهما السّلام كان يحضر مجلس رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو ابنُ سبع سنين، فيسمع الوحيَ فيَحفَظُه، فيأتي أُمَّه فيُلقي إليها ما حَفِظه.
                فلمّا دخل عليٌّ عليه السّلام وجدَ عندها عِلْماً، فسألها عن ذلك فقالت: مِن ولدك الحسن. فتخفّى يوماً في الدار وقد دخل الحسن وكان سمع الوحي، فأراد أن يُلقيَه فأُرْتِج عليه.. فعَجِبت أمُّه من ذلك، فقال لها: لا تعجبي يا أماه؛ فإنّ كبيراً يسمعني، واستماعه قد أوقفني. فخرج عليٌّ عليه السّلام فقبّلَه.
                وفي روايةٍ أخرى قال الحسن عليه السّلام: يا أُمّاه، قَلّ بياني، وكَلَّ لساني، لعلّ سيّداً يرعاني!
                • ادّعى رجلٌ على الحسن بن عليٍّ عليهما السّلام ألفَ دينار كذباً، ولم يكن عليه، فذهبا إلى شُرَيح ( القاضي )، فقال شريح للحسن: أتحلف ؟ قال: إن حلف خصمي أُعطيه، فقال شريح للرجل: قلْ: بالله الذي لا إله إلاّ هو عالِمُ الغيب والشهادة. فقال الحسن: لا أُريد مِثل هذا، قل: بالله أنّ لك علَيّ هذا، وخُذِ الألف. فقال الرجل ذلك وأخذ الدنانير، فلمّا قام خرّ إلى الأرض ومات! فسُئل الحسنُ عن ذلك فقال: خشيتُ أنّه لو تكلّم بالتوحيد يُغفَر له يمينُه ببركة التوحيد ويَحجِبُ عنه عقوبة يمينه (3).
                • وعن محمّد بن إسحاق بالإسناد، في حديثٍ: أنّ أبا سفيان قال لفاطمة، والحسن يدرج وهو ابنُ أربعة عشر شهراً: يا بنتَ محمّد، قولي لهذا الطفل يكلّم لي بجدّه، فقال الحسن: يا أبا سفيان! قلْ: لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله.. حتّى أكونَ لك شفيعاً. فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: الحمدُ لله الذي جعَلَ في آل محمّدٍ نظيرَ يحيى بن زكريا وآتَيناهُ الحُكْمَ صَبِيّاً مريم الاية12.
                ====
                المصادر:
                1- اثبات الهداة بالنصوص و المعجزات للشيخ الحر العاملي.
                2- دلائل الامامة للطبري.
                3- مناقب ال ابي طالب لابن شهر اشوب.

                ومع السلامة.

                تعليق


                • #9
                  صفات وعبادة الإمام الحسن عليه السلام!

                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                  صفات وعبادة الإمام الحسن عليه السلام!
                  أولاً : صفاته
                  كان الامام الحسن عليه السلام أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله خلقا وهديا وسؤددا.
                  وروى ذلك جماعة منهم معمر عن الزهري عن أنس بن مالك، قال: لم يكن أحد أشبه برسول الله صلى الله عليه وآله من الحسن بن علي عليهما السلام (1).
                  وروى الشيخ الصدوق في الخصال باسناده عن زينب بنت ابن أبي رافع ، عن أمها قالت : قالت فاطمة عليها السلام : يا رسول الله هذان ابناك فانحلهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أما الحسن فنحلته هيبتي وسؤددي ، وأما الحسين فنحلته سخائي وشجاعتي (2).
                  وروى ابراهيم بن علي الرافعي، عن أبيه، عن جدته زينب بنت أبي رافع، وشبيب بن أبي رافع الرافعي، عمن حدثه قالت: أتت فاطمة عليها السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في شكواه التى توفي فيها، فقالت: يارسول الله هذان ابناك فورثهما شيئا ! فقال: اما الحسن فإن له هيبتي و سؤددى، واما الحسين فان له جودي وشجاعتي (3).
                  وبهذا وصفه واصفوه :
                  كان ابيض اللون مشرباً بحمرة، أدعج العينين، سهل الخدين، كث اللحية، جعد الشعر ذا وفرة، كأن عنقه ابريق فضة، حسن البدن، بعيد ما بين المنكبين، عظيم الكراديس، دقيق المسربة، ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير، مليحاً من أحسن الناس وجهاً.
                  قال واصل بن عطاء: كان الحسن بن علي عليهما السلام، عليه سيماء الانبياء وبهاء الملوك .
                  وكان من تواضعه على عظيم مكانته انه مر بفقراء وضعوا كسيرات على الارض، وهم قعود يلتقطونها ويأكلونها، فقالوا له: «هلم يا ابن رسول اللّه الى الغداء !» فنزل وقال: «ان اللّه لا يحب المتكبرين». وجعل يأكل معهم. ثم دعاهم الى ضيافته فأطعمهم وكساهم (4).
                  ثانياً : عبادته
                  كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم بالدنيا .
                  حج خمساً وعشرين حجة ماشياً ، والنجائب لتقاد معه .
                  وكان اذا توضأ، او اذا صلى ارتعدت فرائصه واصفر لونه .
                  وقاسم اللّه تعالى ماله ثلاث مرات .
                  وخرج من ماله لله تعالى مرتين .
                  واذا ذكر الموت بكى ، واذا ذكر القبر بكى ، واذا ذكر البعث بكى ، واذا ذكر الممر على الصراط بكى ، واذا ذكر العرض على اللّه تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها ، واذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم ، وسأل اللّه الجنة وتعوذ باللّه من النار .
                  ثم هو لا يمر في شيء من احواله الا ذكر اللّه عز وجل (5).
                  ====
                  المصادر:
                  1- الإرشاد – للشيخ المفيد / ص 272 .
                  2- الخصال – للشيخ الصدوق / ص 86 / ح 123.
                  3- الإرشاد - للشيخ المفيد / ص 273 .
                  4- صلح الحسن عليه السلام – للسيد عبد الحسين شرف الدين / القسم الأول / ص 26 .
                  5- صلح الحسن عليه السلام – للسيد عبد الحسين شرف الدين / القسم الأول / ص 27 .

                  ونسألكم الدعاء.

                  تعليق


                  • #10
                    :: الإمام الحسن (عليه السلام) كلمة على ثغر الزمان ::

                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                    :: الإمام الحسن (عليه السلام) كلمة على ثغر الزمان ::
                    الحديث عن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) سرّ الروح في آفاقها الواسعة الصافية النقية، وعمق الإنسانية المتحرّكة بالخير كلّه والحق كله والعدل كله، ومعنى الحكمة في مواجهة حركة الواقع في سلبياته وإيجابياته، وشمولية العطاء في رعاية المحرومين من حوله، وسموّ الأخلاق التي تحتضن كل مشاعر الناس بكل اللهفة الحانية في مشاعرها، وتتحرك في مواقع العصمة في سلوكه في نفسه ومع ربه ومع الناس ومع الحياة.
                    وها نحن بين يدي الإمام الحسن متحيرون بمن نبدأ؟ وبماذا ننتهي؟ لأنه بحر متلاطم بالفضائل والمكرمات وينبوع جار مدى الحياة. وسوف ننهل مع القارئ من ذلك الينبوع الحسيني سلسبيلاً فراتاً ولو قليلاً.
                    الإمام الحسن (عليه السلام) في عالم النور:
                    إن الإمام الحسن (عليه السلام) واحد من عظماء آل محمد (عليهم السلام) وأحد أغصان الدوحة النبوية، وامتدادٌ من الرسالة المحمدية، فهو (عليه السلام) مسارٌ لذلك النور الإلهي المتمثل بالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وهذا النور كان موجوداً قبل أن يخلق الله الدنيا بسبعة آلاف عام.
                    هذا المحدث البحراني السيد هاشم (قدس سره) يحدثنا في كتابه (حلية الأبرار: ج1 ص493، ط/ بيروت) معنعناً عن أنس بن مالك، عن معاذ بن جبل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن الله (عز وجل) خلقني وعلياً وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الدنيا بسبعة آلاف عام. قلت: فأين كنتم يا رسول الله؟ قال: قدّام العرش نسبّح الله ونحمده ونقدسه ونمجّده، قال: قلت: على أي مثالٍ؟ قال: أشباح نور، حتى إذا أراد الله (عز وجل) أن يخلق صورنا صيرنا عمود نور ثم قذفنا في صلب آدم، ثم أخرجنا إلى أصلاب الآباء وأرحام الأمهات، ولا يصيبنا نجس الشرك، ولا سفاح الكفر، يسعد بنا قوم ويشقى بنا آخرون، فلما صيرنا في صلب عبد المطلب أخرج ذلك النور فشقّه نصفين فجعل نصفه في عبد الله ونصفه في أبي طالب، ثم أخرج النصف الذي لي إلى آمنة، والنصف الآخر إلى فاطمة بنت أسد فأخرجتني آمنة، وأخرجت فاطمة علياً (عليه السلام)، ثم أعاد الله (عز وجل) العمود إليّ فخرجت مني فاطمة - أي الزهراء - ثم أعاد الله (عز وجل) العمود إليه فخرج منه الحسن والحسين يعني النصفين جميعاً، فما كان من نور علي فصار في ولد الحسن وما كان من نوري صار في ولد الحسين، فهو ينتقل في الأئمة من ولده إلى يوم القيامة.
                    ميلاده (عليه السلام):
                    في الخامس عشر من شهر رمضان نلتقي بالإمام الحسن ابن الإمام علي بن أبي طالب (عليهم السلام) الذي ولد في السنة الثانية من الهجرة في المدينة، وكان أول وليد لفاطمة الزهراء وللإمام علي (عليهما السلام).
                    فروى الشيخ الصدوق (قدس سره) في أماليه (ص116 ح3) عن الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: لما ولدت فاطمة الحسن، قالت لعلي (عليه السلام): سمّه. فقال: ما كنت لأسبق باسمه رسول الله (صلى الله عليه وآله).
                    فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخذ خرقة بيضاء فلفّه فيها، ثم قال لعلي (عليه السلام): هل سميته؟ فقال (عليه السلام): ما كنت لأسبقك باسمه. فقال (صلى الله عليه وآله): وما كنت لأسبق باسمه ربي عز وجل.
                    فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرائيل أنه قد ولد لمحمد ابن فاهبط فاقرأه السلام وهنّه وقل له: إن علياً منك بمنزلة هارون من موسى، فسمّه باسم ابن هارون، فهبط جبرائيل (عليه السلام) فهنأه من الله (عز وجل) ثم قال: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تسميه باسم ابن هارون. قال: وما كان اسمه؟ قال: شبّر، قال: لساني عربي. قال: سمّه الحسن، فسمّاه الحسن (عليه السلام).
                    وقال عبد الله البحراني في (العوالم: ج16 ص19 ح7): وكانت ولادته (عليه السلام) مثل ولادة جدّه وأبيه (عليهم السلام) وكان طاهراً مطهراً يسبّح ويهلّل في حال ولادته، ويقرأ القرآن، وجبرائيل ناغاه في المهد.
                    وقال الإمام الصادق (عليه السلام) عقّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الحسن (عليه السلام) بيده، وقال: بسم الله عقيقة عن الحسن، وقال: اللهم عظمها بعظمه، ولحمها بلحمه ودمها بدمه، وشعرها بشعره، اللهم اجعلها وقاءً لمحمد وآله (البحار:ج43 ص257 ح37).
                    وقال ابن شهر آشوب في (المناقب: ج3 ص192): كنيته أبو محمد، وأبو القاسم، وألقابه: السيد، والسبط، والأمين، والحجة، والبر، والتقي، والأميرِ، والزكي، والمجتبى، والسبط الأول، والزاهد. وزاد ابن الخشاب (في تاريخه: ج1 ص518): الوزير، والقائم، والولي، والطيب..
                    لقد كان شبيهاً بجده الرسول (صلى الله عليه وآله):
                    لقد عاش الإمام الحسن (عليه السلام) مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في طفولته الأولى ليحتضنه الرسول الأكرم، فيلقي إليه في كل يوم من خُلقه خُلقاً ومن هيبته وسؤدده هيبةً وسؤدداً.
                    جاء في كتب السير والتاريخ أن الإمام الحسن (عليه السلام) كان أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) خَلقاً وخُلقاً، وكان الناس إذا اشتاقوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد غيبته، فإنهم ينظرون إلى الحسن (عليه السلام) ليجدوا فيه شمائل رسول الله (صلى الله عليه وآله).
                    روى الأربلي (في كشف الغمة: ج1 ص514): (كان أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله)).
                    وروى في المصدر نفسه عن أنس قال: (لم يكن أحد أشبه برسول الله (صلى الله عليه وآله) من الحسن بن علي (عليهما السلام)).
                    وقال شيخنا المفيد في الإرشاد: (كان الحسن بن علي (عليه السلام) يشبّه بالنبي (صلى الله عليه وآله)).
                    كان مثالاً في الحلم وحُسن الخلق:
                    ما يرويه ابن شهرآشوب (في مناقبه: ج3 ص184) عن أخلاقه (عليه السلام): أن شامياً ممن ثقّفهم معاوية (عليه اللعنة) على بغض الإمام علي وأهل بيته (عليهم السلام)، وركّز في نفوسهم سبّ ولعن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وفرض على أئمة الجمعة أن يبدأوا وينتهوا بسبّ الإمام علي (عليه السلام) ليقتلوا حبّه من قلوب الناس، ولكنهم لن يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً.
                    من هؤلاء المبغضين، هذا الشامي الذي رأى الإمام الحسن (عليه السلام) في الطريق فجعل يلعنه ويشتمه، والإمام الحسن (عليه السلام) لا يردّ عليه، فلما فرغ من سبابه وشتائمه أقبل إليه الحسن (عليه السلام) بخطاب الله: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً).
                    فسلّم عليه وتبسّم في وجهه، وقال له: (أيها الشيخ، أظنك غريباً، ولعلك شبّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا حملناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عارياً كسوناك، وإن كانت لك حاجة قضيناها لك، فلو حرّكت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود، لأن لنا موضعاً رحباً، وجاهاً عريضاً ومالاً كثيراً).
                    فلما سمع الرجل كلامه بكى، ثم قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه، والله أعلم حيث يجعل رسالته، وحوّل رحله إليه، وكان ضيفه إلى أن ارتحل، وصار معتقدا لمحبتهم.
                    انظر عزيزي القارئ إلى الإمام (عليه السلام) كيف تعامل مع هذا الرجل، فهو لم ينطلق من موقع ضعف، وعرف الإمام (عليه السلام) أن هذا الرجل هو من الناس الذين غسل دماغهم؛ لأن بعض الناس قد يسبونك ويشتمونك ويعادونك وليس لديهم عداوة شخصية معك، ولكن بعض الناس قد نقلوا لهم كلاماً كاذباً عنك وشوّهوا لهم فكرتهم، كما كان معاوية (لعنه الله) يقول لأهل الشام: نحن نقاتل علياً لأنه لا يصلي.
                    لذلك كان ديدن الأئمة (عليهم السلام) أن يصبروا على هؤلاء الناس حتى يصححوا لهم الصورة التي في أذهانهم، وعندما يكتشف الناس الصورة جيداً سيتراجعون عن كل سبابهم وحقدهم وعداواتهم.
                    هذه هي الروح الرسولية النبوية القرآنية: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) (فصلت: 34).
                    فلا نرد السباب والشتائم بالسباب والشتائم والمقاطعة قد يكون لك حق في ذلك: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) (البقرة: 194)، ولكن الله يقول أيضاً: (وأن تعفوا أقرب للتقوى) (البقرة: 237).
                    كان ذروة في الجود والكرم:
                    الجود والكرم غريزة مغروسة فيه (عليه السلام)، ونهج ما زال يقتفيه فإيصال صلاته إلى المعوزين من مناقب معانيه، وإبقاء الأموال عنده من مثالب معانديه، ويرى إخراج الدنيا عنه خير ما يجتبيه من عمله ويجنيه.
                    فهذا ابن طلحة الشافعي ينقل لنا صوراً من كرمه وجوده في كتابه (مطالب السؤول: ج2 ص23، الفصل الثامن، ط1/ أم القرى).
                    منها: إن الحسن (عليه السلام) سمع رجلاً يسأل ربه تعالى أن يرزقه عشرة آلاف درهم، فانصرف الحسن إلى منزله فبعث بها إليه.
                    ومنها: إن رجلاً جاء إليه (عليه السلام) وسأله حاجة فقال له: (يا هذا حق سؤالك إياي يعظم لديّ، ومعرفتي بما يجب لك تكبر علي، ويدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله، والكثير في ذات الله (عز وجل) قليل، وما في ملكي وفاء بشكرك، فإن قبلت مني الميسور، ورفعت عني مؤونة الاحتفال والاهتمام لما أتكلفه من واجبك فعلت).
                    فقال: يا ابن رسول الله أقبل القليل، وأشكر العطية، وأعذر على المنع. فدعا الإمام الحسن (عليه السلام) بوكيله وجعل يحاسبه على نفقاته حتى استقصاها فقال: (هات الفاضل من الثلاثمائة ألف درهم) فأحضر خمسين ألفاً. قال (عليه السلام): (فما فعل الخمسمائة دينار)؟ قال: هي عندي. قال (عليه السلام): أحضرها، فأحضرها، فدفع الدراهم والدنانير إلى الرجل فقال (عليه السلام): (هات من يحملها) فأتاه بحمالين، ودفع إليهم رداءه لكراء الحمل، فقال له مواليه: والله ما عندنا درهم.
                    فقال (عليه السلام): (لكني أرجو أن يكون لي عند الله أجر عظيم).
                    فهذه قطرتان من بحر جوده نكتفي بهما مثلاً لهذه الإطلالة.
                    عبادته (عليه السلام):
                    إن العبادة تنقسم إلى ثلاثة أنواع: بدنية، ومالية، ومركبة منهما. فالبدنية: كالصلاة والصيام وتلاوة القرآن وأنواع الأذكار، والمالية: كالصدقات والصلات والمبرّات، والمركّب منهما: كالحج والجهاد. وقد كان إمامنا الحسن (عليه السلام) ضارباً في كل واحد من هذه الأنواع بالقدح الفائز، والقدم الحائز.
                    أما الصلاة والأذكار وما في معناهما: فقيامه بها مشهور، واسمه في أربابها مذكور.
                    فروى السيد هاشم البحراني (في حلية الأبرار: ج1 ص520): عن الإمام الصادق (عليه السلام): (إن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا قام إلى صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عز وجل).
                    وأما الصدقات: فقد نقل الحافظ أبو نعيم (في حلية الأولياء: ج2 ص38) - وهو من أكابر علماء العامة -: (إنه (عليه السلام) خرج من ماله مرتين، وقاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات ويتصدق به حتى أنه كان ليعطي نعلاً ويمسك نعلاً، ويعطيه خفاً ويمسك خفاً).
                    وقد تقدمت الإشارة إلى جوده وكرمه وعطائه (عليه السلام)، وهذا فرعٌ من ذاك.
                    وأما العبادة المركبة: أيضاً نقل في المصدر المذكور نفسه: (أنه (عليه السلام) قال: إني لأستحي من ربي أن ألقاه ولم أمشِ إلى بيته، فمشى عشرين مرة من المدينة إلى مكة على رجليه).
                    وروى في (صفوة الصفوة: ج1 ص760) أنه قال: (حجّ الحسن (عليه السلام) خمس عشرة حجة ماشياً وغن الجنائب لتقاد معه).
                    وروي: لما حضرت الإمام الحسن (عليه السلام) الوفاة بكى فقيل له: يا ابن رسول الله تبكي ومكانك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي أنت به، وقد قال فيك ما قال، حججت عشرين ماشياً وقد قاسمت مالك ثلاث مرات حتى النعل بالنعل، قال (عليه السلام): إنما أبكي لخصلتين: لهول المطلع، وفراق الأحبة.
                    كان بحراً زاخراً في العلم والمعرفة:
                    إن الله تعالى قد رزقه الفطرة الثاقبة منذ نعومة أظفاره، وصغر سنّه، فذكر أصحاب السير أن الحسن (عليه السلام) كان يحضر في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعمره سبع سنين، وكان يستمع إلى جدّه ويحفظ ذلك كله، ويأتي إلى أمه الزهراء (عليها السلام) يحدثها بذلك، وكان الإمام يأتي إلى البيت ويجد كل ما تحدث به رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المسلمين في المسجد عند فاطمة (عليها السلام)، فيقول لها (عليهما السلام): من أين لك ذلك؟ فكانت تقول: إنه من ولدي الحسن، مما يدل أنه (عليه السلام) كان ينفتح على علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويعيش اهتماماته به. وفي هذا المجال نترك القارئ يستمع إلى ما ينقله الواحدي - من أعلام السنة- في تفسيره (المسمى بالوسيط: ج4 ص458): (إن رجلاً قال: دخلت مسجد المدينة، فإذا أنا برجل يتحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) والناس حوله، فقلت: أخبرني عن (شاهد ومشهود).
                    فقال: نعم، أما الشاهد فيوم الجمعة، وأما المشهود فيوم عرفة، فجزته إلى آخر يحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: أخبرني عن (شاهد ومشهود).
                    فقال: نعم، أما الشاهد فمحمد (صلى الله عليه وآله)، وأما المشهود فيوم القيامة، أما سمعته يقول: (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً) وقال تعالى: (وذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود).
                    فسألت عن الرجل الأول فقالوا: ابن عباس، وسألت عن الثاني فقالوا: الحسن بن علي بن أبي طالب، وكان قول الحسن أحسن.
                    وقيل للإمام الحسن (عليه السلام): (كم بين الحق والباطل، وكم بين المشرق والمغرب؟
                    فقال (عليه السلام): بين الحق والباطل أربع أصابع، فما رأيته بعينك فهو حق وقد تسمع بأذنيك باطلاً كثيراً.
                    وقال: بين السماء والأرض دعوة المظلوم ومدّ البصر، فمن قال لك غير هذا فكذّبه.
                    وقال: وما بين المشرق والمغرب مسيرة يوم للشمس، تنظر إليها حين تطلع من مشرقها وتنظر إليها حين تغيب من مغربها.
                    هذا هو الإمام الحسن (عليه السلام) الذي زُقّ العلم زقاً من جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبيه أمير المؤمنين (عليه السلام). فما بالك بابنهما الحسن (عليه السلام)؟
                    من معاجزه (عليه السلام):
                    روى العلامة المجلسي (في البحار: ج43 ص326 ح6) قال: (جاء أبو سفيان إلى الإمام علي (عليه السلام) فقال: يا أبا الحسن جئتك في حاجة. قال: وفيم جئتني؟ قال: تمشي معي إلى ابن عمك محمد فتسأله أن يعقد لنا عقداً ويكتب لنا كتاباً.
                    فقال: يا أبا سفيان، لقد عقد لك رسول الله (صلى الله عليه وآله) عقداً لا يرجع عنه أبداً، وكانت فاطمة من وراء الستر، والحسن يدرج بين يديها وهو طفل من أبناء أربعة عشر شهراً.
                    فقال لها: يا بنت محمد قولي لهذا الطفل يكلّم لي جده فيسود بكلامه العرب والعجم.
                    فأقبل الحسن (عليه السلام) إلى أبي سفيان وضرب إحدى يديه على أنفه والأخرى على لحيته ثم أنطقه الله (عز وجل) بأن قال: يا أبا سفيان قل: لا إله إلا الله محمد رسول الله حتى أكون شفيعاً، فقال علي (عليه السلام): الحمد لله الذي جعل في آل محمد من ذرية محمد المصطفى نظير يحيى بن زكريا (وآتيناه الحكم صبياً)).
                    وروى العلامة البحراني (في العوالم: ج16 ص85) عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: جاء الناس إلى الحسن بن علي فقالوا: أرنا عجائب أبيك التي كان يريناها؟ فقال: أتؤمنون بذلك؟ قالوا: نعم نؤمن والله بذلك. قال: أليس تعرفون أبي؟ قالوا جميعاً: بلى نعرفه، فرفع لهم جانب الستر فإذا أمير المؤمنين (عليه السلام) قاعد، فقال: تعرفونه؟ قالوا بأجمعهم: هذا أمير المؤمنين (عليه السلام) ونشهد أنك ولي الله حقاً والإمام من بعده، ولقد أريتنا أمير المؤمنين بعد موته كما أرى أبوك أبا بكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) جدك في مسجد قبا بعد موته.
                    فقال (عليه السلام): ما تقولون فينا؟ قالوا: آمنا وصدقنا يا ابن رسول الله.
                    الإمام الحسن (عليه السلام) في القرآن:
                    للإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) كما لسائر أهل البيت (عليهم السلام) مكانة عظمى في كتاب الله تعالى. فهذا القرآن الكريم، دستور الأمة ومعجزة الإسلام الخالدة، يحمل بين طياته الآيات البينات التي تنطق بمكانة الإمام الحسن (عليه السلام) وأهل البيت (عليهم السلام) عند الله تعالى، ومنها:
                    1- آية التطهير: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) (الأحزاب: 33)، فقد ورد في سبب نزولها أن النبي (صلى الله عليه وآله) دعا بعباءة خيبرية، وجلل بها علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً ثم قال: (اللهم إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)، فنزلت آية التطهير استجابة لدعاء المصطفى (صلى الله عليه وآله).
                    2- آية المباهلة: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا..) إلى آخر الآية (آل عمران: 61).
                    قال المفسرون وأولو العلم، منهم السيوطي في الدر المنثور: إنها نزلت عندما اتفق نصارى نجران مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبتهل كلا الطرفين إلى الله أن يهلك من كان على الباطل في دعوته واعتقاده، وخرج رسول الله بأهل بيته: علي وفاطمة والحسن والحسين دون سواهم من البشر بالمباهلة، وحين رأى النصارى الوجوه الزكية التي خرج بها الرسول (صلى الله عليه وآله) لمباهلتهم اعتذروا للرسول (صلى الله عليه وآله) عن مباهلته، وأذعنوا لسلطان دولته بدفعهم الجزية.
                    وأنت ترى الآية الكريمة عبرت عن الحسنين (عليهما السلام) بالأبناء.
                    3- آية المودة: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) (الشورى: 23).
                    قال المفسرون، ومنهم الطبري والقرطبي: إن الآية نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام). عن ابن عباس قال: لما نزل (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما.
                    4- روي في تفسير فرات الكوفي في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته) (الحديد: 28) قال: الحسن والحسين (عليهما السلام)، (ويجعل لكم نوراً تمشون به) قال: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
                    5- روى ابن شهرآشوب (في المناقب: ج3 ص163) ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: (والتين والزيتون) قال: الحسن والحسين. (وطور سنين) قال: علي بن أبي طالب، (وهذا البلد الأمين) قال: محمد (صلى الله عليه وآله)، (ثم رددناه أسفل سافلين) ببغضه أمير المؤمنين، (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) علي بن أبي طالب (عليه السلام) (فما يكذبك بعد بالدين) يا محمد، ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام).
                    ونكتفي بهذا القدر اليسير من الآيات، التي تؤكد مكانة الإمام الحسن السبط وأهل البيت (عليهم السلام) جميعاً عند الله تعالى. وبهذا نختم مقالنا الذي اقتطفنا فيه لمحات يسيرة جداً من حياة الإمام الحسن (عليه السلام)، الذي سيرته لا تكتب بوريقات كهذه وإنما اقتبسناه من أشعته الخالدة أضواءً ساطعة.
                    ونسألكم الدعاء.

                    تعليق


                    • #11
                      صلح الإمام الحسن عليه السلام!

                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                      صلح الإمام الحسن عليه السلام!
                      يقول السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي :
                      روى فريق من المؤرخين، فيهم الطبري وابن الاثير: «أن معاوية أرسل الى الحسن صحيفة بيضاء مختوماً على أسفلها بختمه»، وكتب اليه: «أن اشترط في هذه الصحيفة التي ختمت أسفلها ما شئت، فهو لك » (الطبري (ج 6 ص 93) وابن الاثير (ج 3 ص 162)).
                      ثم بتروا الحديث، فلم يذكروا بعد ذلك، ماذا كتب الحسن على صحيفة معاوية. وتتبعنا المصادر التي يُسّر لنا الوقوف عليها، فلم نر فيما عرضته من شروط الحسن عليه السلام، الا النتف الشوارد التي يعترف رواتها بأنها جزء من كل. وسجّل مصدر واحد صورة ذات بدء وختام، فرض أنها [النص الكامل لمعاهدة الصلح]، ولكنها جاءت - في كثير من موادّها - منقوضة بروايات أخرى تفضلها سنداً، وتزيدها عدداً.
                      ورأينا بدورنا، أن نؤلف من مجموع هذا الشتات صورة تحتفل بالأصح الأهم، مما حملته الروايات الكثيرة عن هذه المعاهدة، فوضعنا الصورة في مواد، وأضفنا كل فقرة من الفقرات الى المادة التي تناسبها، لتكون - مع هذه العناية في الاختيار والتسجيل - أقرب الى واقعها الذي وقعت عليه .
                      صورة المعاهدة التي وقعها الفريقان
                      المادة الأولى: تسليم الامر الى معاوية، على أن يعمل بكتاب اللّه وبسنة رسوله (صلى اللّه عليه وآله)، وبسيرة الخلفاء الصالحين .
                      المادة الثانية: أن يكون الامر للحسن من بعده ، فان حدث به حدث فلأخيه الحسين ، وليس لمعاوية أن يعهد به الى احد .
                      المادة الثالثة: أن يترك سبَّ أمير المؤمنين والقنوت عليه بالصلاة ، وأن لا يذكر علياً الا بخير .
                      المادة الرابعة: استثناء ما في بيت المال الكوفة، وهو خمسة آلاف الف فلا يشمله تسليم الامر.
                      المادة الخامسة: « على أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض اللّه، في شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم، وأن يؤمّنَ الاسود والاحمر، وان يحتمل معاوية ما يكون من هفواتهم، وأن لا يتبع احداً بما مضى، وأن لا يأخذ أهل العراق بإحنة » .
                      «وعلى أمان أصحاب عليّ حيث كانوا، وأن لا ينال أحداً من شيعة علي بمكروه، وأن اصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم، وان لا يتعقب عليهم شيئاً، ولا يتعرض لاحد منهم بسوء، ويوصل الى كل ذي حق حقه، وعلى ما أصاب اصحاب عليّ حيث كانوا ».
                      «وعلى أن لا يبغي للحسن بن علي، ولا لأخيه الحسين، ولا لأحد من أهل بيت رسول اللّه، غائلةً، سراً ولا جهراً، ولا يخيف أحداً منهم، في أفق من الآفاق ».
                      وكان ذلك في النصف من جمادى الاولى سنة 41 - على أصح الروايات -.
                      ويقول السيد عبد الحسين شرف الدين في تحليله لبنود الصلح :
                      فلم يهدف معاوية في صلحه مع الحسن عليه السلام ، الا الأستيلاء على الملك، ولم يرض الحسن بتسليم الملك لمعاوية الا ليصون مبادئه من الانقراض، وليحفظ شيعته من الابادة، وليتأكد السبيل الى استرجاع الحق المغصوب يوم موت معاوية ..
                      ويظهر من تصريحات الفريقين هذه النتيجة التي وصل إليها السيد عبد الحسين شرف الدين .
                      تصريحات الإمام الحسن عليه السلام لشيعته :
                      1- « ما تدرون ما فعلت واللّه للذي فعلت خير لشيعتي مما طلعت عليه الشمس » ..
                      2- وما قاله مرة أخرى لبشير الهمداني وهو احد رؤساء شيعته في الكوفة: « ما أردت بمصالحتي الا ان أدفع عنكم القتل » .. (الدينوري (ص 203))
                      3- وما قاله في خطابه - بعد الصلح -: « أيها الناس إن اللّه هداكم بأوّلنا، وحقن دماءكم بآخرنا، وقد سالمت معاوية، وان أدري لعله فتنة ومتاع الى حين » .. (اليعقوبي (ج 2 ص 192))
                      ويكفينا الآن من تصريحات معاوية بعد الصلح، فيما يمتّ الى معاهدته مع الحسن عليه السلام
                      وأما تصريحات معاوية بعد الصلح :
                      1- قوله فيما يرويه عنه كثير منهم ابن كثير: « رضينا بها ملكاً » .. (تاريخ ابن كثير (ج 6 ص 220).)
                      2- وقوله في خطبته بعد الصلح بالنخيلة : ( إِنِّي وَ اللَّهِ مَا قَاتَلْتُكُمْ لِتُصَلُّوا وَ لَا لِتَصُومُوا وَ لَا لِتَحِجُّوا وَ لَا لِتُزَكُّوا، إِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَ لَكِنِّي قَاتَلْتُكُمْ لِأَتَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ، وَ قَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ ذَلِكَ وَ أَنْتُمْ لَهُ كَارِهُونَ، أَلَا وَ إِنِّي كُنْتُ مَنَّيْتُ الْحَسَنَ وَ أَعْطَيْتُهُ أَشْيَاءَ وَ جَمِيعُهَا تَحْتَ قَدَمَيَّ لَا أَفِي بِشَيْ‏ءٍ مِنْهَا لَه‏ ) . ( بحار الأنوار : 44 / 48 )
                      فنال الإمام ما أراد ومهد الأجواء والمكان لثورة الإمام الحسين عليه السلام بهذا الصلح .
                      يقول الشيخ صالح الكرباسي :
                      كان الصلح الحسني ممهدا للنهضة الحسينية .. لقد نجح الإمام الحسن ( عليه السلام ) في تحقيق أهداف الصلح، فبعد مضي أيام على توقيع معاهدة الصلح أسقط معاوية القناع عن وجهه فبدأ يعترف بنواياه و يقول: إِنِّي وَ اللَّهِ مَا قَاتَلْتُكُمْ لِتُصَلُّوا وَ لَا لِتَصُومُوا وَ لَا لِتَحِجُّوا وَ لَا لِتُزَكُّوا، إِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَ لَكِنِّي قَاتَلْتُكُمْ لِأَتَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ، وَ قَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ ذَلِكَ وَ أَنْتُمْ لَهُ كَارِهُونَ، أَلَا وَ إِنِّي كُنْتُ مَنَّيْتُ الْحَسَنَ وَ أَعْطَيْتُهُ أَشْيَاءَ وَ جَمِيعُهَا تَحْتَ قَدَمَيَّ لَا أَفِي بِشَيْ‏ءٍ مِنْهَا لَه‏ . ( بحار الأنوار : 44 / 48 )
                      وهكذا مكَّن الإمام الحسن ( عليه السلام ) المسلمينَ من إكتشاف حقائق مهمة و الحصول على تجربة سياسية عظيمة مهدت لتجربة أخرى أكبر.
                      لذا فان هناك فرقاً كبيراً جداً بين المواجهتين، أي مواجهة الإمام الحسن ( عليه السلام ) لمعاوية، و مواجهة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ليزيد بن معاوية، حيث لم تكن الأمور ملتبسة على الناس أيام حكومة يزيد كما كانت ملتبسة أيام حكومة معاوية.
                      قراءة جديدة في معاهدة صلح الإمام الحسن عليه السلام
                      قال العلامة المحق السيد سامي البدري صاحب هذه الرؤية إن قضية صلح الامام الحسن مع معاوية تعد - كما تصورها لنا المصادر التاريخية الاولى - من اخطر القضايا وأشدها تشويشا في تاريخ اهل البيت من جهة، وفي تاريخ العراق الاسلامي المبكر من جهة اخرى، وذلك لان القراءة الاولية للمصادر التاريخية الاسلامية حول الموضوع تفرض على القارئ ان يخرج بانطباعين سلبيين هما :
                      الاول : الانطباع السلبي الشديد عن العراقيين الاوائل الذين عاصروا الأئمة عليا والحسن والحسين عليهم السلام في الكوفة خاصة، وهو الانطباع السائد لدى كل من درس الموضوع او كتب فيه، وهو : كونهم متفرقين متخاذلين -طالما تمنى علياً فراقهم -غير قادرين على النهوض بدولة مستقلة بهم نظير ما صنعه الشاميون مع معاوية، بل كان بعض العراقيين -كما بعض الروايات - يفكر بتسليم الحسن حيا الى معاوية!!!، ولذلك اضطر الحسن الى تسليم الأمر لمعاوية!! وهذا الانطباع يستوى فيه القارئ المسلم بغض النظر عن مذهبه .
                      الثاني : الانطباع السلبي عن شخصية الإمام الحسن عليه السلام لدى القارئ الذي لا تربطه معه رابطة الاعتقاد بإمامته وعصمته ولا رابطة الاعتقاد بوجوب محبته واحترامه لانه من اهل البيت، كالمستشرقين الذين كادوا يجمعون على كون الإمام الحسن عليه السلام شخصية غير جديرة بان تكون ابنا لعلي!!! وانه باع الخلافة بدراهم من اجل شهواته!!! .
                      اما القارئ المؤمن بعصمة الامام الحسن عليه السلام فلم يؤثر عليه ذلك الركام الهائل من الروايات الطاعنة في شخصيته لإيمانه المسبق ان الحسن منزه عن ذلك وان تلك الروايات لا بد ان تكون موضوعة من قبل اعدائه لتشويه صورته .
                      •ويعد كتاب صلح الحسن للباحث المحقق الشيخ راضي ال ياسين رحمه الله الذي صدرت الطبعة الاولى منه سنة 1372هـ - 1952م افضل واشهر كتاب معاصر في الموضوع، وقدم له في وقته الحجة المصلح السيد عبد الحسين شرف الدين رحمه الله صاحب التآليف القيمة بكلمة تصدرت الكتاب زادت في قيمته واهميته، و من ثم سادت الرؤية التي قدمها الكتاب في النقد و التحليل واخذ بها كل من جاء بعده من الباحثين الشيعة .
                      •ولما كنا في دراستنا عن الموضوع خرجنا برؤية مخالفة للرؤية السائدة، مع كشف اسرار جديدة للصلح وأَلَقٍ كبيرٍ في شخصية الإمام الحسن صاحب القضية التي نهض بها ونظَّر لها وتوضيحها :
                      إذ تبين الرؤية الجديدة لنا ان الإمام الحسن كان أمامه أحد خيارين :
                      الاول : قبول اطروحة الصلح بالصيغة التي قدمها معاوية وهو ان يبقى الإمام الحسن على حكم النصف الشرقي للبلاد الاسلامية، وان يبقى معاوية على حكم النصف الغربي من البلاد الاسلامية، وهو الذي كان يطمح اليه معاوية ويرغب فيه وقد عرضه على الإمام علي ايام حكمه .
                      الثاني : رفض الصلح واللجوء الى الحرب، ولم يكن جيش الإمام الحسن قاصرا عن خوض معركة كالتي خاضها زمن الإمام علي، بل كان الجيش قد تعمقت بصيرته بالإمام علي واجتمعت كلمته عليه بعد حرب النهروان خاصة .
                      أعرض الإمام الحسن عن الخيار الاول لأنه يؤدي الى تكريس الانشقاق في الامة مع تكريس ثقافة العداء للإمام علي في الشام .
                      أعرض عن الخيار الثاني لتقديره انَّ الحرب لم تعد بعد تعقيد الحالة، هي الاسلوب الصحيح للعلاج، مضافا الى ان رفع شعار السلم يقتضي الاستجابة له .
                      وهكذا فاجأ الإمام الحسن خصمه معاوية بخيار جديد لم يدُر في خَلَدِه، وهو أن يسلم أمر العراق إلى معاوية لتكون الأمة موحدة بحاكم واحد هو معاوية، ولكن – وهذا هو المهم - يكتب مواد دستور الدولة الإمام الحسن ليتضمن شروطا أولها ان يسير معاوية بالقرآن والسنة النبوية الصحيحة وأن يتنازل عن سيرة الشيخين كمادة أساسية في الدستور وان يكون الأمر للإمام الحسن بعد موت معاوية، وان حدث للإمام الحسن حدث فالأمر للإمام الحسين، وأن ليس لمعاوية ان يعهد إلى أحدٍ من بعده، الى آخر شروطه عليه السلام، ووضع وثيقة تنازله المؤقت عن السلطة بتلك الشروط.
                      لقد استمد الإمام الحسن روح هذه الأطروحة الذكية من صلح الحديبية وحقق بها فتحا مبينا بكل معنى الكلمة.

                      ما هي نتائج هذا الفتح ؟
                      وقد تمثل هذا الفتح المبين كما تصوره الرؤية الجديدة لصلح الإمام الحسن بما يلي من النتائج الإيجابية:
                      1- فضح معاوية أمام الشاميين بانه كان يطلب الملك بكل وسيلة .
                      2- اتضاح حقيقة الإمام علي وولده الإمام الحسن بانهما ائمة هداية منصوص عليهم وليسا طلاب ملك .
                      3- توحيد شقي البلاد الاسلامية واختلاط العراقيين مع الشاميين، الذين اخذوا ينظرون اليهم والى قائدهم الإمام الحسن نظرة محبة واعجاب بهم وإكبار لهم، يستمعون إليهم، يروون لهم بتفاعل مدهش ثقافة الولاء للإمام علي التي تؤسسها احاديث النبي وسيرة الإمام علي المشرقة .
                      4- ارجاع هيبة الامة في قلوب اعدائها -الروم الشرقيين - على الجبهة الشمالية الشرقية.
                      5- واخيرا تخليص الكوفة عاصمة مشروع النهضة الاحيائية للإمام علي ومركز رجالاتها من إرهاب داخلي كان على ابوابها، قام به الخوارج التكفيريين، وقد نفذوه اولاً بالإمام علي.
                      وساد الأمان في الامة كلها عشر سنوات بعد توقيع وثيقة الصلح وبرز الإمام الحسن مرجعاً دينياً لمن كان ياخذ عنه معالم دينه، وعرف الشاميون وغيرهم، من عبادته وعلمه وحسن خلقه وكرمه واهتمامه بقضاء حوائج الناس ما ذكّرهم بابيه وبجده النبي.
                      ثم غدر معاوية بالإمام الحسن بعد عشر سنوات غدرا مبينا حين دس له السم ونقض شروط الصلح ولاحق شيعة العراق بما هو معروف وواضح في كتب التاريخ .

                      ما السر إذن في وجود هذا الكم الهائل من الروايات الموضوعة ضد الشيعة والعراقيين والكوفة؟
                      يجيب العلامة المحقق السيد سامي البدري على ذلك بقوله :
                      يأتي الجواب من دراستنا للغدر المبين الذي قام به معاوية خلال النصف الثاني من حكمه فقد رأيناه يقلب ظهر المجن للإمام علي باللعن والبراءة بعد الترحم عليه وذكره بخير، ويلاحق شيعته بالسجن والقتل والتهجير وبخاصة اهل الكوفة، واقترن ذلك بسياسة ثقافية منظمة لتربية النشئ الجديد في الدولة الاسلامية شرقا وغربا على لعن الإمام علي، قائمٍ على رؤية سلبية ازاءه مبنية على احاديث نبوية، فمنعت من تداول احاديث النبي التي تدعو الى محبته وموالاته وطاعته، وشجعت الناس الذين يرغبون في الدنيا في وضع احاديث مكذوبة على النبي تدعو الى معاداة الإمام علي والبراءة منه، وبذلك تكوَّن ركام هائل من الاحاديث الموضوعة ضد الإمام علي واهل بيته تداولها الناس ثمانين سنة وصارت دينا يدان به .
                      وحين ظهرت الدولة العباسية لم يسمح الوضع العام للدولة بتداول تلك الاحاديث لكون قيادتها هاشمية و الإمام علي هو كبير بني هاشم بعد النبي، وكونها تحركت اساسا تحت شعار مظلومية الإمام علي وولده الإمام الحسين شهيد كربلا فدثر امرها تدريجيا ولم يبق منها الا طرف من قبيل (ان عليا لا يصلي!!، ان عليا دخل حفرته وما قرا القرآن!!، ان عليا سرق والنبي قطع يده!!، ان قول النبي ياعلي انت منى بمنزل هارون من موسى اشتباه من الرواة وانما بمنزلة قارون موسى!!!) .
                      وقد تكررت التجربة الاموية هذه في الدولة العباسية وذلك حين رأى العباسيون انفسهم يواجهون خصمين كبيرين يقفان عقبة امام استمرار ملكهم وحفظ ولاء الامة لهم، هذان الخصمان هما :
                      1-الخصم الاول الحسنيون الثائرون الذين يملكون الشرعية في قبال بني العباس لأمرين:
                      أ‌-الأول كونهم ذرية المصلح الكبير الإمام الحسن صاحب الفتح المبين في انقاذ الامة من سفك الدماء بطريقة بارعة تكشف عن جدارة خاصة بحكم الامة ورعايتها.
                      ب‌- الثاني كون العباسيين قد اعطوا بيعة مسبقة لزعيم الحسنين محمد بن عبد الله بن الحسن في مؤتمر عام لبني هاشم وقد انتشر خبر هذا المؤتمر والبيعة في المجتمع .
                      2-الخصم الثاني مرجعية الامام الصادق التي تقوم على فكرة امامة علي واهل بيته المعصومين بوصية من النبي، وهذه المرجعية آخذة بالتوسع والنمو .
                      ولأن الكوفة قاعدة شعبية لكلا هذين الخصمين .
                      وفي ضوء ذلك فليس للعباسيين الحاكمين الا ان يحذوا حذو الامويين لضمان استمرار ملكهم بتحريف تاريخ خصومهم وهم الحسنيون، الكوفة، الشيعة، وقاموا بتحويل حسناتهم وامتيازاتهم الى عار يلاحقهم ابد الدهر .
                      فبدأوا يروجون للترهات والأقوايل الكاذبة بحق:
                      1- الإمام الحسن من قبيل افتراءات: هل هناك عار في تاريخ الحسنيين كعار ابيهم الحسن؟!!! تبايعه الامة على الحكم ثم يبيعه الى معاوية بدراهم يغدقها فيما بعد على محظياته يتزوج واحدة ويطلق اخرى ؟!!! وهل ذرية مثل هذا الانسان جديرة بحكم الامة ؟!!!.
                      2-وبحق الكوفة من قبيل افتراءات: هل هناك عار مثل عار الكوفة؟!! تدعو الإمام الحسين لنصرته ثم تخذله ثم تقتله ثم تحمل رأسه ورؤوس اصحابه هدية الى يزيد؟!! ثم ترفقها باسرة الإمام الحسين سبايا؟!! الامر الذي يرق له يزيد وتدمع له عيناه(!!!!) ويلعن الكوفة واميرها ابن مرجانة ؟ ويقول انه لو كان صاحبه أي الحسين ما صنع به هذا الصنيع!!!!.
                      3-وبحق الشيعة من قبيل افتراءات: وهل هناك عار مثل عار الشيعة الذين استجابوا ليهودي من اليمن اسلم على عهد عثمان ليتلقوا منه عقيدتهم بالامامة ؟!!(في إشارة إلى الرجل الأسطورة عبدالله بن سبأ)
                      ثم عالجوا مرجعية الصادق بأمرين، الأول تبني مرجعية مالك بن انس وفرضها على الناس، وتبني طلابه ليكونوا قضاة وخطباء، واشاعة الشك في مرويات الامام الصادق بل تضعيفه كما روى ذلك بن سعد، قال جعفر بن محمد كثير الحديث ويستضعف، وكما قال يحيى بن سعيد القطان مجالد احب الي منه وقال عنه الذهبي وهذه زلقة من ابن القطان .مع ملاحقة اصحابه وسجن الامام من بعده ولده الكاظم.
                      وفي ضوء ذلك فان ظهور هذا الكم الهائل من الروايات الطاعنة في الامام الحسن وفي الكوفة وفي الشيعة يكون طبيعيا وكما تفرضه طبيعة الاشياء ولا نحتاج معه الى بحث اسانيد هذه الروايات الطاعنة مع وجود الروايات المادحة وذلك لان هذا المبرر وحده كاف في اسقاطها جملة وتفصيلا . ومع ذلك فاننا لم نغفل بعض الاسانيد لاجل تقديم نماذج مفيدة .
                      ونسألكم الدعاء.

                      تعليق


                      • #12
                        ولادة وتسمية الإمام الحسن عليه السلام

                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                        ولادة وتسمية الإمام الحسن عليه السلام
                        ولد الإمام الحسن عليه السلام في المدينة المنورة ليلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة، وجاءت به امه فاطمة عليهما السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله يوم السابع من مولده في خرقة من حرير الجنة ، كان جبرئيل عليه السلام نزل بها إلى النبي صلى الله عليه وآله، فسماه حسنا وعق عنه كبشا (1).
                        وقد روى الشيخ الطوسي في أماليه : عن علي بن الحسين (عليه السلام) ، قال حدثتني أسماء بنت عميس الخثعمية، قالت قبلت جدتك فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالحسن و الحسين (عليهما السلام) . قالت فلما ولدت الحسن (عليه السلام) جاء النبي (صلى الله عليه و آله) فقال يا أسماء هاتي ابني، قالت : فدفعته إليه في خرقة صفراء، فرمى بها و قال ألم أعهد إليكن ألا تلفوا المولود في خرقة صفراء ، و دعا بخرقة بيضاء فلفه فيها، ثم أذن في أذنه اليمنى، و أقام في أذنه اليسرى، و قال لعلي (عليه السلام) بِمَ سمّيتَ ابنك هذا ؟ قال: ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول الله. قال: و أنا ما كنت لأسبق ربي (عز و جل) . قال: فهبط جبرئيل. فقال: إن الله (عز و جل) يقرأ عليك السلام، و يقول لك يا محمد، علي منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك، فسم ابنك باسم ابن هارون. قال النبي ( صلى الله عليه و آله ) يا جبرئيل، و ما اسم ابن هارون ؟ قال جبرئيل : شبر قال :و ما شبر قال :الحسن. قالت :أسماء فسماه الحسن (2) .
                        ====
                        المصادر:
                        1- ينظر الإرشاد – للشيخ المفيد / باب ذكر الامام بعد أمير المؤمنين / ص 272 .
                        2- الأمالي للطوسي / ج 1 / ص 417 .

                        ونسألكم الدعاء.

                        تعليق


                        • #13
                          :: لهذه الأسباب صالح الإمام الحسن (عليه السلام) معاويه ::

                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                          اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



                          :: لهذه الأسباب صالح الإمام الحسن (عليه السلام) معاويه ::

                          إن صلح الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية هو بالتأكيد معالجة نظر فيها الإمام (عليه السلام) إلى المصلحة الإسلامية، وبالرجوع قليلاً إلى الوراء نجد أن هذه الحادثة لا تنفصل مطلقاً عن مجموعة أحداث شكلت فيما بعد صراعاً داخل الجسد الإسلامي الواحد، ولعل معاوية بن أبي سفيان وجد فرصة ثمينة في توجيه الاختراق الذي حصل بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مباشرة. حيث استثمر الأحداث لصالحه بعد أن أعدّ لنفسه جيشاً وسلطاناً بعيداً عن مركز الدولة الإسلامية، وقد وجد في دم عثمان ذريعة للتمرد على قرار الحل والعقد، واستعداده للتصادم مع الإمام علي (عليه السلام) ثم مع الإمام الحسن (عليه السلام) عسكرياً.

                          لا شك أن معاوية قد استغرق في إعداد حكمه وجيشه فترة طويلة، وتمرن على المناورة السياسية، واستمكانه لجيش جرار تحت قيادته بطرق مختلفة حقق من خلالها طاعة جيش الشام له، وحيث اعتمد على كل الأساليب غير الشرعية من أجل تمويه وعي الأفراد المنخرطين في جيشه، فقد بدأ على أهبة الاستعداد لدخول أي معركة مفاجئة.

                          أما الإمام الحسن (عليه السلام) فقد تولى أمة عصفت بها الأحداث والفتن، وبدأت تختلف على الفتن وتلتقي أحياناً على المبررات المموهة بأحابيل وسلطة الشام، وهكذا تداعت الأحداث بشكل عجيب بحيث أوصلت معاوية على رأس سلطة تستحوذ على كل موازين القوة، بينما جاء الإمام الحسن (عليه السلام) ليجد نفسه أمام مرحلة طويلة من الإعداد، وترميم مواقع سياسية وعسكريّة وحتى اقتصاديّة واجتماعية مرتبكة.

                          ولأن قرار الحرب بين السلطة الشرعية للإمام الحسن (عليه السلام) وبين التمرد الذي يمثله موقع معاوية في الشام يخدم الثاني بسب الفترة الطويلة نسبياً في إعداد سلطانه وجيشه وحتى إدارته، فإن الصلح كان نتيجة طبيعية لاختلال موازين القوى بين الطرفين وإدراكاً من الإمام الحسن (عليه السلام) بضرورة حفظ كيان الإسلام وصيانة وجوده المتمثل بالدولة الإسلامية آنذاك.

                          لكن قرار الصلح كغيره من قرارات القيادة الشرعية لم يكن موقف خال من المبررات الموضوعية التي تجعله قراراً صائباً وسليماً في مرحلة تعتبر من ضمن أخطر المراحل التي مرت بها التجربة الإسلامية الفتية آنذاك. ولهذا لعبت أربع عوامل في تحديد قرار الصلح سنذكرها بإيجاز.

                          أولاً: شرعية الصلح.

                          إذا كان الإجراء ـ أي إجراء ـ يتعلق بالمصلحة الإسلامية العليا، فمن الطبيعي أنه ينطبع بالطابع الشرعي، أي لا إشكال في اتخاذه من الناحية الشرعية، أما إذا عرفنا أن صاحب هذا الإجراء هو الإمام السن (عليه السلام) وهو إمام قام أو قعد، فلك أن تتصور الحكمة التي يتضمنها قرار بهذا المستوى.

                          فالإمام (عليه السلام) كان يحتل موقعاً قيادياً ليس من ذلك النوع الذي يتم الاستحواذ عليه بالقوة والقهر كما هو الحال في تمرد معاوية على الشرعية الإسلامية، وحيث تجد العصمة والإمامة في شخصية الإمام الحسن، فضلاً عن السيرة والتربية التي نهل بها من الوحي ونبوة جده (صلّى الله عليه وآله)، ومن الإمامة وولاية أبيه (عليه السلام) فإن قيادة الإمام الحسن (عليه السلام) كانت تدرك مصلحة الإسلام من أدق تفاصيلها، ولذلك (كان الصلح أمراً ضرورياً يحتمه الشرع ويلزم به العقل) (1).

                          إن الدولة الإسلامية آنذاك كانت بأمس الحاجة إلى هدوء أوضاعها الداخلية بعد أن أدت الاضطرابات التي سبقت صلح الإمام الحسن في نضوج الفتن الصفراء التي شغلت الدولة عن الجبهة الخارجية، واستمرار معاوية في البحث عن الزعامة على حساب أشلاء المسلمين يؤدي بالتأكيد إلى إحداث شروخ عميقة في جسد الأمة، فضلاً عن الانقسامات التي تعني في نهايتها خطورة وضع الدولة أمام الأعداء الطامعين في تمزيقها وتناثرها، ولهذا كان من الطبيعي أن يدرك الإمام الحسن (عليه السلام) خطورة هذا الوضع، حيث أصبح أمام خيارين هما:

                          إما أن يتنازع مع معاوية فتأتي النتائج لغير صالح الإسلام بالمرة.

                          وإما أن يميل إلى الصلح ويحفظ الوجود الإسلامي على الأقل، ويمارس عميلة الإصلاح خارج أداة الدولة، وهكذا فعل.

                          هذا وقد أدرك الإمام (عليه السلام) أن الأوضاع القائمة لا تساعده في حسم الموقف حتى إذا افترضنا أنه سيقدم تضحيات على هذا الجانب، ذلك أن الأمة الإسلامية تعرضت لهزات عنيفة في الداخل عندما نشط المغرمون في السلطة، وأصبحت ظاهرة نشوء القيادات والأحزاب واقع قائم احتدم فيه الصراع بشكليه المسلح وغير المسلح.

                          ولمّا كان الإمام الحسن (عليه السلام) إمام بشهادة الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله): (الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا) و(الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) (2). فليس من المعقول أن يبتعد قرار الإمامة السياسي - وفي حادثة تشكل منعطفاً خطيراً على مستقبل الإسلام والدولة الإسلامية - عن المصلحة الإسلامية، هذا على أن الإمام الحسن قد عاصر فترة من أشد الفترات سخونة في تاريخ الدولة الإسلامية وتابع عن كثبت التقلبات السياسية التي حصلت بعد وفاة جده (صلّى الله عليه وآله) واطلع عن قرب على قرارات الإمامة والقيادة، ومواقفها تجاه الأحداث العاصفة، وأحاط بكل التفاصيل التي عالجها أبوه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

                          ومن هنا يبدو تصرف الإمام الحسن (عليه السلام) خلاصة لفهم واقعي عن وضع معقد جداً، وحكمة بالغة للحفاظ على الدولة الإسلامية، ذلك أن حكم معاوية ووجوده على رأس السلطة إذا كان يتضمن ضرراً واضحاً على التجربة الإسلامية الحديثة، فإن الصراع الذي يهدد الوجود الإسلامي برمته هو بالتأكيد الضرر الأكبر، وعندئذ يكون أهون الشرين هو الصلح.

                          ثم إن الفترة الزمنية التي أمضاها معاوية في الحكم بدمشق مكنته من إعداد جيش قوي، وتوفير إمكانات كافية لإعلان الانفصال عن الدولة المركزية كاحتمال وارد إذا لم يستطع حسم الصراع لصالحه، أضف إلى ذلك أن واقع الأمة الإسلامية وتراكم الأحداث وتداعيها بتلك الصورة ربما كان لا يسمح للإمام الحسن الدخول في مواجهة مسلحة مع معاوية، ولهذا وذاك بقاء الدولة الإسلامية التي تتبنى الإسلام كقاعدة فكرية لها أفضل من كل النتائج الأخرى.

                          ثانياً: الظروف.

                          لا شك أن الظروف تتحكم بدرجة كبيرة في اتخاذ القرار، ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن القرار السياسي يؤسس على حسابات الظروف القائمة والمتوقعة حتى مع توفر أسبابه الموضوعية الأخرى، ولذلك فإن هذه المسألة شكلت ظاهرة طبيعية حتى في قرارا الرسول (صلّى الله عليه وآله) والإمام علي (عليه السلام) الظروف غير المؤاتية هي التي أجلت قرار الحرب عند الرسول مثلاً، في حين أصبح تغيّر بعض الظروف سبباً في الانتقال إلى المواجهة العسكرية مع الكفار، وهكذا مع الإمام علي (عليه السلام) أيضاً.

                          فالظروف مرة تكون بهيئة عوامل مساعدة لاتخاذ القرار، ومرة أخرى تكون بهيئة معوقات ضد القرار، ومن هنا يمكن تقسيمها إلى نوعين.. ظروف سلبية وأخرى إيجابية.


                          الظروف السلبية

                          وهي تلك العوامل والتغيرات التي حصلت في الواقع القائم والتي كانت لغير صالح اتخاذ قرار الحرب من قبل الإمام الحسن (عليه السلام) ومنها:

                          1ـ عدم توفر الحشد العسكري المؤمن الذي يكافئ جيش معاوية ويتفوق عليه، ويمكن أن تلمس ذلك وبدقة من خلال قول الإمام (عليه السلام) نفسه حيث قال: (والله ما سلمت الأمر إليه إلا أني لم أجد أنصاراً، ولو وجدت أنصاراً لقاتلته ليلي ونهاري) (3).

                          2ـ فقدان وحدة الرأي في جيش الإمام. إذ أن أخطر مظاهر تفكك الجيش هي توزع الرأي على عدة اتجاهات، ولما كان جيش الإمام الحسن خليط من مختلف الاتجاهات والفئات، فإن دخول المعركة بجيش تحكمه الاجتهادات المتنوعة والآراء المختلفة وعدم انضباطه بالقرار المركزي للقيادة هو أشبه بعملية الانتحار، ولذلك نجد أن الإمام الحسن (عليه السلام) لا يعتبر أن أهل الكوفة مؤهلين كي يدخل المعركة بهم.. يقول (عليه السلام): (إني رأيت أهل الكوفة قوماً لا يوثق بهم، وما اغتر بهم إلا من ذل، ليس رأي أحد منهم يوافق الآخر) (4).

                          3ـ تواطؤ كثير من أفراد الجيش مع معاوية، حيث كتب أكثر أهل الكوفة إلى معاوية: (فإنا معك وإن شئت أخذنا الحسن وبعثناه إليك) (5).

                          4ـ سريان الفتن والإشاعات داخل صفوف الجيش بسبب نفوذ الدعايات التي يبثها معاوية في أوساط جيش الإمام الحسن كجزء من الحرب النفسية لتثبيط عزيمة الجيش وتفكيكه من الداخل، منها على سبيل المثال تلك الشائعة التي سرت قبل أن يصالح الإمام الحسن (عليه السلام) معاوية والتي مفادها (إن الحسن يكاتب معاوية على الصلح، فلم تقتلون أنفسكم) (6).

                          5ـ تمايل الجيش نحو الصلح وعدم رغبته في القتال، حيث أن الحرب النفسية التي شنها معاوية عن طريق شراء الذمم وتجنيد الخونة أدت إلى تثاقل الأفراد، وهروب بعضهم إلى جانب معاوية ممّا أدى إلى خلخلة الجيش من الداخل.


                          الظروف الإيجابية

                          وهي تلك الظروف التي يمكن اعتبارها عوامل مساعدة لتحرك موقع الإمامة القيادي الذي تمثل بشخص الإمام السن (عليه السلام) وإذا استذكرنا عوامل السلب الكثيرة في حالة اتخاذ قرار الحرب، ومنازلة معاوية، لم يبق أمام الإمام الحسن (عليه السلام) إلا استثمار الظروف الإيجابية وهي تلك التي شجّعت الإمام (عليه السلام) على الصلح أملاً في استثمار الشروط التي أدرجها الإمام في وثيقة الصلح مع معاوية.

                          فالإمام (عليه السلام) أمامه فرصة موافقة معاوية على شروطه، حيث عندها يستطيع أن يصلح الأوضاع قدر المستطاع باتجاه تعزيز وجود الدولة الإسلامية وجمع شتات الأمة ورص صفوفها وتوحيد كلمتها على النحو الذي يتم فيه تطهير مفاصل الدولة ومؤسساتها من وجود العابثين والظواهر القاتلة التي أوجدوها. هذا على أن معاوية إذا لم يف بالشروط التي يوقعها فإن هذا النكث يشكل عاملاً مهماً في كشف زيف معاوية أمام الرأي العام، وبالتالي يكسب الإمام الحسن (عليه السلام) المعركة السياسية على الأقل.


                          شروط الإمام الحسن (عليه السلام)

                          اشترط الإمام الحسن (عليه السلام) على معاوية: (ترك سب أمير المؤمنين والعدول عن القنوت عليه في الصلوات، وإن يؤمن شيعته ولا يتعرض لأحد منهم بسوء ويوصل إلى كل ذي حق حقه) (7).

                          وصالحه على: (أن يسلّم إليه ولاية أمر المسلمين، على أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنة رسوله (صلّى الله عليه وآله) وسيرة الخلفاء الصالحين، وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهداً، وعلى أن أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم) (8).

                          وبايعه على أن: (لا يسميه أمير المؤمنين، ولا يقيم عنده شهادة، وعلى أن لا يتعقّب على شيعة علي شيئاً، وعلى أن يفرّق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل وأولاد من قتل أبيه بصفين ألف ألف درهم وإن يجعل من خراج دار ابجرد) (9).


                          وعود معاوية

                          وعد معاوية الإمام الحسن (عليه السلام) بوعود عديدة منها: لك الأمر من بعدي، ولك ما في بيت مال العراق من مال بالغاً ما يبلغ تحمله إلى حيث أحببت، ولك خراج أي كور العراق شئت، ومعونة لك على نفقتك، يجبيها أمينك ويحملها إليك في كل سنة، ولك أن لا نستولي عليك بالإساءة، ولا نقضي دونك بالأمور، ولا نعصي في أمر أردته به طاعة الله) (10).

                          وهذه الشروط والوعود تفرض منطقياً على كل من يفاضل بين الحرب والصلح، أن يختار الصلح مع تلك الظروف والموازنة العسكرية غير المتكافئة لغير صالح الإمام الحسن (عليه السلام) وإلا فإن معاوية سيستلم السلطة إما بانتصاره العسكري أو بقتل الإمام الحسن (عليه السلام) من قبل عملائه المندسين في جيش الإمام أو بسره، وفي النتيجة ستؤول السلطة إلى معاوية دون أي شروط أو قيود تقيّده أمام المسلمين.

                          ثالثاً: المصلحة العامة للمسلمين.

                          قرار الصلح انطوى على مصلحة عامة للمسلمين وللحركة التاريخية الإسلامية، وإذا كان لأي حكم شرعي مصلحة يتضمنها فمن باب أولى أن يكون لأخطر موقف وهو الصلح وفي تلك الظروف الحساسة المصلحة على المدى القريب والبعيد، وأهم مصاديق المصلحة الإسلامية العامة هي:

                          أ) وحدة الدولة والمجتمع

                          قل الإمام علي (عليه السلام): (ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم ممّا تحبون في الفرقة) (11).

                          ووقوع التصادم العسكري ينتهي حتماً إلى إحدى النتيجتين وهي أمام قيام دولتين، أو انتصار أحد الطرفين وخروجه من المعركة ضعيفاً فتتشتت الدولة والمجتمع، وكلاهما خسارة فادحة.

                          ب) حقن الدماء وإطفاء نار الفتنة

                          عندما تواجه الدولة الإسلامية أخطاراً خارجية، فإن الصراع الداخلي هو في الحقيقة كارثة تضع مستقبل الدولة في مهب الريح، وعليه فإن حقن دماء المسلمين وتوجيه قوتهم نحو الخارج لا شك إنها قضية تستوجب النظر إليها في إطار المسؤولية والحرص على كيان الأمة والإمام الحسن (عليه السلام) يدرك النتائج التي سببها عصيان معاوية والمعارك الطاحنة التي دارت رحاها في الداخل من قبل، ويدرك أيضاً أن وضع الدولة الإسلامية ربما لا يحتمل صراعاً من هذا النوع، فأراد أن يحقن الدماء أملاً في تصحيح المسيرة، وهو مكسب بلا شك كبير وضعه الإمام (عليه السلام) من جملة أهداف الصلح.

                          يقول (عليه السلام): (وقد رأيت أن حقن الدماء خير من سفكها، ولم أرد بذلك إلا إصلاحكم وبقاءكم) (12).

                          ج) الحفاظ على الوجود الإسلامي

                          إذا كان لكل حرب استحقاقاتها الخاصة، فإن دخول الإمام الحسن (عليه السلام) في حرب مع معاوية بن أبي سفيان يعني وضع جميع إمكانات الدولة الإسلامية وقوتها العسكرية في صراع يأكل الوجود الإسلامي من الداخل، وبالتالي سيكون هذا الوجود ضعيفاً منهكاً يتهاوى لمجرد أي ضربة متوقعة من الخارج، أو فتنة من الداخل وعليه فقد خطر الصلح في نفسه لأول مرة، كيف لا والإسلام يواجه خطر أعدائه إلى جانب خطر المفروضين عليه باسمه (13).

                          د) المتفرغ لتصحيح المسار

                          الصلح يعني بقاء الصفوة الخيرة في وسط الأمة من أجل تنظيم صفوفها وتنسيق برامجها في الإصلاح والتغيير وتحكيم المفاهيم والقيم الإسلامية الأصيلة والوقوف بوجه الزيف والتدليس وتحجيم الانحراف والتآمر على الإسلام باسمه. والإمام الحسن (عليه السلام) عندما هادن معاوية وتنازل عن الحكم اتجه إلى تغيير الأمة وتحصينها من الأخطار التي كانت تهددها والإشراف على القاعدة الشعبية وتوعيتها بمتطلبات الشخصية الإسلامية وتعبئتها بمستوى التغيير الرسالي للإسلام ولبعث الأمة من جديد (14).

                          رابعاً: مصلحة خط الإمامة.

                          لقد واجه الخطر العلوي ومنذ اللحظات الأولى لوفاة الرسول إلى محاولات كثيرة لتحديده عن واقع الممارسة السياسية رغم أن وصايا الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) تتضمن إشارات ونصوص واضحة وصريحة على ضرورة تفعيل دور الإمام في الحياة الإسلامية وتمكينها من واقع المسلمين بما يحفظ وجود الدولة وديمومة الإسلام. ولأن وجود هذا الخط هو من الضرورات التي تستوجب التضحيات فلابدّ أن يحفظ الإمام الحسن (عليه السلام) هذه القضية بدقة أثناء مواجهته مع معاوية.

                          وحيث أن القاعدة العريضة من الأمة التي اندرجت في خط الشرعية الإسلامية تحتاج إلى القائد الذي يوجه سلوكها وحركتها نحو أهداف الإسلام الكبرى، فإن وجود القائد الإمام المعصوم يعد من أوليات حفظ هذا التيار الشرعي وتدعيم حركته نحو وضع التحرك الإسلامي العام في إطاره الصحيح، ولهذا فإن الصلح إذا كان يعني المحافظة على الصفوة الخيرة من أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، فهو أيضاً يجعل القيادة المعصومة حاضرة في الأحداث وفي المسيرة بما يحفظ الشرعية الواعية للأمة وتوسيع قاعدتها، وتوجيه الدولة والأمة صوب المسار الصحيح لحركتها.

                          وبملاحظة شروط الإمام نجد أنه (عليه السلام) استطاع أن يصنع له دوراً بارزاً في حركة الواقع الإسلامي، وقد دعم هذا الوجود بلفت انتباه الأمة له من خلال عدم اعترافه بشرعية معاوية (15). وحينما نفحص الشرط الآخر للإمام (عليه السلام) وهو الذي ينص على حرية الإمام والشيعة في الاعتراض على معاوية وولايته فإننا سنجد أن الإمامة وقاعدتها ستوسع من نشاطها السياسي والإعلامي باتجاه توعية الأمة وتصحيح فهمها وفضح الممارسات الشاذة للسلطة الأموية. وهو عين إعداد الأمة في مناخ سياسي يسمح بالحركة السياسية.

                          أخيراً: إن جواز الصلح شرعاً، ولضغط الظروف القاهرة، وحفاظاً على المصلحة الإسلامية العليا.. كل ذلك جعل الإمام يدفع الحرب بالصلح ضمن شروط وضعت على أساس خدمة الأهداف الإسلامية، وإذا ضحى الإمام (عليه السلام) بالسلطة الفوقية من أجل سلامة البنى التحتية، فإن الواقع الذي يعيشه المسلمون في العصر الراهن هو في الحقيقة استمرار لذلك الموقف المسؤول الذي اتخذته الإمامة المعصومة.

                          ====

                          الهوامش والمصادر:

                          1- القرشي، باقر شريف، حياة الإمام الحسن، ط4، 1399، هـ ص219.
                          2- كنز العمال، ج12، ص112.
                          3- بحار الأنوار، ج44، ص147، ط2 المصححة، بيروت، 1403هـ.
                          4- نفس المصدر السابق، ص24.
                          5- نفس المصدر السابق، ص45.
                          6- شرح نهج البلاغة، ج4، ص15.
                          7- بحار الأنوار، ج44، ص48.
                          8- نفس المصدر، ص65.
                          9- بحار الأنوار، ج44، ص3.
                          10- شرح نهج البلاغة، ج16، ص36.
                          11- الإرشاد للشيخ المفيد، ص169.
                          12- القرشي، باقر شريف، حياة الإمام الحسن، ص264.
                          13- سليمان كامل، الحسن بن علي دار الكتاب اللبناني، 1979، ص105.
                          14- الأديب عادل، دور أئمة أهل البيت في الحياة الإسلامية، 1408هـ، 198.
                          15- كان ذلك شرطاً من شروط الصلح حينما رفض الإمام أن يسمي معاوية أمير المؤمنين.

                          بقلم: شهاب الدين الحسيني.

                          ونسألكم الدعاء.

                          تعليق


                          • #14
                            لماذا دفن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام في البقيع!

                            بسم الله الرحمن الرحيم
                            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                            اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



                            لماذا دفن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام في البقيع!

                            روى الشيخ المفيد (رحمه الله) في سبب دفن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام في البقيع ، وما صاحب دفنه من أحداث ومواجهة مع بني أمية :
                            لما حضرت الحسن عليه السلام الوفاة استدعى الحسين عليه السلام وقال: يا اخي اني مفارقك ولا حق بربي عز وجل ، وقد سقيت السم ورميت بكبدي في الطست ، وإني لعارف بمن سقاني السم وأنا أخاصمه إلى الله تعالى ، فبحقي عليك إن تكلمت في ذلك بشيء، وانتظر ما يحدث الله عزوجل فيّ، فإذا قضيت فغمضني وغسلني وكفني واحملني على سريري إلى قبر جدي رسول الله صلى الله عليه وآله لأجدد به عهدا، ثم ردني إلى قبر جدتي فاطمة بنت اسد رضى الله عنها فادفني هناك .
                            وستعلم يا ابن ام ان القوم يظنون انكم تريدون دفني عند رسول الله صلى الله عليه وآله فيجلبون في منعكم عن ذلك، وبالله اقسم عليك ان تهريق في أمري محجمة دم .
                            ثم وصى عليه السلام اليه بأهله وولده وتركاته، وما كان وصي به اليه أمير المؤمنين عليه السلام حين استخلفه وأهله لمقامه، ودل شيعته على استخلافه ونصبه لهم علما من بعده.
                            فلما مضى لسبيله غسله الحسين عليه السلام وكفنه وحمله على سريره ولم يشك مروان ومن معه من بني امية انهم سيدفنونه عند رسول الله صلى الله عليه وآله، فتجمعوا له ولبسوا السلاح فلما توجه به الحسين عليه السلام إلى قبر جده رسول الله صلى الله عليه وآله ليجدد به عهدا أقبلوا اليهم في جمعهم، ولحقتهم عايشة على بغل وهي تقول : مالي ولكم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب . وجعل مروان يقول : " يارب هيجا هي خيرا من دعة " أيدفن عثمان في أقصى المدينة ويدفن الحسن مع النبى صلى الله عليه وآله . لايكون ذلك أبدا وأنا احمل السيف .
                            وكادت الفتنة تقع بين بنى هاشم وبين بنى امية، فبادر ابن عباس إلى مروان فقال له : ارجع يا مروان من حيث جئت فانا ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله لكنا نريد أن نجدد به عهدا بزيارته ، ثم نرده إلى جدته فاطمة فندفنه عندها بوصيته بذلك، ولو كان أوصى بدفنه مع النبي صلى الله عليه وآله لعلمت انك أقصر باعا من ردنا عن ذلك، لكنه عليه السلام كان أعلم بالله وبرسوله وبحرمة قبره من أن يطرق عليه هدما، كما طرق ذلك غيره ودخل بيته بغير اذنه .
                            ثم أقبل على عايشة وقال لها: واسوأتاه ! يوما على بغل، ويوما على جمل تريدين ان تطفئي نورالله وتقاتلى أولياء الله، ارجعي فقد كفيت الذي تخافين، وبلغت ما تحبين والله تعالى منتصر لأهل هذا البيت ولو بعد حين .
                            وقال الحسين عليه السلام: والله لولا عهد الحسن عليه السلام إلي بحقن الدماء وان لا أهريق في امره محجمة دم لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها، وقد نقضتم العهد بيننا و بينكم، وأبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسنا .
                            ومضوا بالحسن عليه السلام فدفنوه بالبقيع عند جدته فاطمة بنت اسد بن هاشم بن عبد مناف رضى الله عنها(1).

                            الهوامش
                            ـــــــــــــــ
                            1- الإرشاد – للشيخ المفيد / ص279 .

                            ونسألكم الدعاء.

                            تعليق


                            • #15
                              لعن الله الحميراء بنت ابي قحافه لولها ولولا حقدها ونفسيتها القذرة ما انقسم امر الامة ولعن الله ابيها وعمر معهما . لقد ابتلينا بها كما ابتلي الصالحان لوط ونوح ولكن ابتلائنا بها اشد وطاءة .. فلما تمقت الامام المجتبى وامه وابيه واخية وذرية امير المؤمنين جميعا دون سائر نساء النبي عدا حفصة االتي شربت الحقد من ابيها طبعا ...برايي انه الشيطان الذي تمكن منهم فدفعنا نحن الثمن

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X