معالم المنهج التفسيري عند الشيخ محمّد جواد مغنيّة
يبدو أن الشيخ مغنية كان في الغالب يهدف مخاطبة الشباب والجيل الصاعد، لا مخاطبة المفكرين والباحثين إلا قليلاً، ولهذا ضعفت اللغة التخصصية في كلامه، وصارت لغته ـ كما يقول بعض دارسيه ـ بعيدة عن مخاطبة طبقة النخبة من العلماء والمفكرين الى حد معين.
ولا يمكن لقارىء شخصية كبيرة كالعلامة الشيخ محمد جواد مغنيّة وراصد لدورها الإحيائي والتنويري الا أن يصنفها في عداد الرادة الهامين لحركة الإصلاح الديني في العالم الإسلامي في النصف الثاني من القرن العشرين، ومن ثم ليضم صوته إلى صوت الكاتب الإسلامي «جواد علي كسّار» في الإعابة على أمثال «فهمي جدعان»، حيث لم يأت في كتابه "أسس التقدّم عند مفكّري الإسلام في العالم العربي الحديث" على ذكر عدد كبير من الرادة من امثال الطباطبائي والصدر والمطهري ومحسن الامين ومحمد جواد مغنية والشهرستاني والمظفر وكاشف الغطاء و... ما يستحقونه من ذكر سيما وأنهم لا يقلّون شأناً وإسهاماً عن غيرهم، ومن ثم لنسجّل نقدنا على التيار الإسلامي عموماً في العالم العربي الذي أسهم هو الآخر في تغييب بعض شخصيات الإصلاح الديني كمغنية، لأسباب سياسية وغيرها، فيما كان من المفترض أن تحظى هذه الشخصيات باهتمامات أكبر.
لقد طرق الشيخ محمد جواد مغنية في مؤلفاته التي تقارب الستين، مختلف اشكاليات النهضة والإحياء والإصلاح... وعالج العديد منها ـ وفق رؤيته ـ تحت مظلّة عقلانية جادّة، وكان القرآن من أهم مشاغله في القسم الأخير من حياته، حيث قدّم إسهامين جديدين احدهما: تفسير الكاشف في مجلدات سبعة، وثانيهما «التفسير المبين» في مجلد واحد مرفق بالنص القرآني، هدف منه التبسيط والوصول الى اكبر قدر من القرّاء. وسوف نحاول هنا تلمّس تجربته القرآنية، من خلال تجربة التفسير الهامـة له، أي «الكاشف»، بغية تحديد رؤيته ومنهجه في هذا المضمار.
لكن يبدو أنه من المنطقي افتراض حاجة ماسّة لدراسة السياق الفكري والاجتماعي العام الذي وقع المفسّر في إطاره، كمقدّمة بنيوية لفهم منهجه التفسيري، وهذه القاعدة المستقاة من آخر منجزات فلسفة العلوم تؤكّد وجود نحوٍ من العلاقة الجدلية بين السياق الفكري والاجتماعي العام وبين المنجزات العلمية التي يقدّمها باحثٌ ما أو مدرسة معينة، وكذلك المنهج المخصّص لمجال معرفي معين.
عناصر المنهج التفسيري عند الشيخ مغنية
ومن هنا، نجد أنفسنا مضطرّين ـ منهجياً ـ لاكتشاف عناصر عامة في المنهج والأدوات التي سار عليها مفسّرنا العلامة الشيخ محمد جواد مغنية كمقدّمة ـ كما أشرنا ـ تأسيسية لاكتشاف عناصر المنهج التفسيري. والاشياء التي لابد من تكشّفها في هذه الجولة تتركّز بالدرجة الأولى على الدور، الأهداف وما شابه ذلك، ومن هنا سوف نقوم في هذه الوريقات بمحاولة اكتشاف عناصر المنهج التفسيري عند الشيخ مغنية مستدعين معنا السياق الفكري والاجتماعي العام الذي وقع فيه.
وبصورة موجزة يمكن هنا الاشارة الى النقاط التالية:
1 ـ جدلية الخطاب والواقع
أستعير هذا العنوان من الباحث الإسلامي الدكتور يحيى محمّد، لأحاول رصد هذه الجدلية في المنهج عند الشيخ مغنية ولو بمعنى مخفّف لها والسبب الذي يحدونا إلى التركيز على هذه الجدلية عند الشيخ مغنية، هو أن حضور الواقع في المنظومة الفكرية العامة لمغنية كان حضوراً بارزاً، الأمر الذي سجله ملاحظة تيّار النص البعيد عن الواقع في الساحة الإسلامية.
فعلى الصعيد الفقهي انطلق الشيخ مغنية من اشكاليات الواقع فيما يخص ـ كمثال ـ الفتوى القائلة بنجاسة أهل الكتاب، قارئاً الحرج الشديد الذي يعيشه المسلمون في حياتهم مع أتباع الديانات الأخرى، سيما تلك الأقلية المسلمة التي تعيش في الغرب المسيحي، ومن إشكاليات الواقع نفسه نحى الشيخ منحى نصّ التسامح الاسلامي العام، ليرى في مسامحة الدين خطاً عريضاً يحيل فتاوى تخلق إرباكاً في الواقع.
وهذه الانطلاقة الواقعية نحو النص، تغاير المسار المدرسي العام في الأوساط العلمية الدينية، والتي تجعل الفقيه على تماس مع النص فقط، واذا ما أراد أن يجدّ السير نحو الواقع فهو يُدخل نفسه فيما يسمّيه الموضوعات المستنبطة، وهي موضوعات وإن قرّبته نسبياً من الواقع بيد أن المسحة المفهومية التي تحكم البحث فيها تخلق عازلاً بين الفقيه والواقع.
وعلى غرار الآليات التي استخدمها مغنية في بحثه الفقهي كانت تجربة التفسير الموضوعي للسيد محمد باقر الصدر، ففي تفسيره لهذا النهج التفسيري انطلق الصدر من الواقع أيضاً ليحمل كل تناقضاته وجدلياته عارضاً إياها أمام النص، وقد اعتقد الصدر أن العلاقة الصامتة مع النص القرآني شلّت حركة الانتاج التفسيري الى حدّ تصريحه بنص هام وبالغ الحساسية يشكك فيه على الاقل في جدوى الجهود التفسيرية التي أعقبت النتاجات الهامة الموسوعية في التفسير كنتاج الطبري والطوسي والرازي، وهذا يعني ـ في تصّور الصدر ـ أن إقحام الواقع في الإنتاج التفسيري شرط أساسي لتبلور إبداعات تفسيرية قرآنية وإذا كان الصدر قد وضع صياغةً نظرية لإقحام الواقع في التجربة التفسيرية، مؤسّساً لجدلية الخطاب والواقع، فإن الشيخ مغنية مارس ـ بشكل من الأشكال ـ تجربة المزاوجة بين النص والواقع في جهده التفسيري، كما سيتجلّى لدى الحديث عن المنحى العملاني في تفسيره.
لكن إقحام الواقع في تجربة التفسير أمرٌ تشوبه من الجهة الأخرى مخاطر، ذلك أن ضغط الواقع قد يفضي بالمفسّر لتطويع النص والتلاعب به كما حصل كثيراً، ومن هنا كان الواقع في علاقته مع النص مساهماً لتثويره ومعيناً لاستنطاقه، أكثر من سلطة تلعب به وتؤوّل مفاداته.
2 ـ إعادة إنتاج خطاب شفّاف:
امتاز الشيخ محمد جواد مغنية بخطاب بالغ الشفافية والوضوح، مرتكزاً على عنصر التيسير والتسهيل واللغة المبسّطة، وقد غطّت مجمل أعماله ونتاجاته لغةٌ واضحة شفافة سهلة يسيرة على القارئ، ولم تختلف في ذلك نتاجاته الثقافية العامة ككتاب "الشيعة والحاكمون" و"الخميني والدولة الإسلامية" و "قيم أخلاقية من فقه الإمام الصادق(ع)" و... عن نتاجاته التخصّصية ككتابه "علم أصول الفقه في ثوبه الجديد" و"فقه الإمام جعفر الصادق (ع)" و"معالم الفلسفة الإسلامية" و"تفسير الكاشف" و... .
وقد افتخر الشيخ مغنية بأسلوبه الجذّاب هذا، وقد ساهم هذا الاسلوب في انتشار كتبه ودراساته وعلى نطاق واسع في مختلف الأوساط الشبابية في العالم العربي حيث كانت تصل ويمكن التماس أهمّ سمات الخطاب اللغوي الذي قدّمه مغنية على الشكل التالي:
1 ـ بلغ اليسر في اللغة التي استخدمها مغنية حدّاً قلّ نظيره في أوساط الكتّاب الشيعة بمن فيهم المصلحين الجدد، فإذا أخذنا السيد الصدر نموذجاً وهو ممّن نافح بقوّة عن تيسير اللغة الدينية لوجدنا أن لغة السيد الصدر ما تزال تتسم بطابع نخبوي إذا ما قايسناها باللغة التي مارسها مغنية، وحتى تلك النتاجات العامة التي قدّمها الصدر ـ وهي نتاجات امتازت بيسر واضح ـ كرسالته حول المهدي وحول الولاية وموجز أصول الدين و... ، يلاحظ في طيّاتها وجود بعض الاصطلاحات الاصولية كالمعنى الحرفي وما شابه ذلك.
وهكذا الحال في الخطاب الثقافي الذي وجّهه الإمام الخميني كما في مصباح الهداية وشرح دعاء السحر، وشرح الاربعين حديثاً وجنود العقل والجهل و... فقد امتازت اللغة بكسوة عرفانية فلسفية وخطاب يؤصل ذاته اكثر ممّا يراعي الطرف الآخر رغم كل التبسيط الذي مورس.
ان مقارنةً سريعةً لنتاجات مغنية مع نتاجات الافغاني والصدر والإمام الخميني(ره) وشمس الدين تبدي يسر اللغة وسهولتها، الامر الذي أفقد نتاجات مغنية طابع النخبوية فضلاً عن النخبوية المفرطة ورغم أن يسر اللغة أمرٌ مطلوب، وكسر الطوق المضروب على العلوم الدينية محيلاً إياها علوماً معقّدة أمر لازم، وتوجيه خطاب ديناميكي للشباب ضرورة ملحّة، إلاّ أن تقديم لغة شديدة التبسيط على أنها اللغة النهائية للعلوم، لا فقط لغة تبليغية، أمرٌ قد يربك بعض العلوم ويفقدها قوّة المصطلح.
وعلى سبيل المثال تجربة تفسير الكاشف، ففي بعض الحالات جرى تبسيط بعض الافكار الى حدّ مبالغ فيه، وتمّ استبعاد بعض الموضوعات الهامة كاللغة والنحو والصرف والبلاغة تحت ستار أنها تعيق تكوين خطاب عصري، وإذا ما اريد القول بأن تفسير الكاشف يهدف الى بلورة تفسير هادف دينياً بالنسبة للشباب فكل تلك التصوّرات صحيحة، أما إذا أريد تقديم تفسير الكاشف ـ كتفسير سيد قطب ـ على أنهما الخطوة المكتملة للجهد تفسيري الى زمانهما فثمة ما يحدونا للتوقف.
ويبدو أن الشيخ مغنية كان في الغالب يهدف مخاطبة الشباب والجيل الصاعد، لا مخاطبة المفكرين والباحثين إلا قليلاً، ولهذا ضعفت اللغة التخصصية في كلامه، وصارت لغته ـ كما يقول بعض دارسيه ـ بعيدة عن مخاطبة طبقة النخبة من العلماء والمفكرين الى حد معين وينبغي التفكيك بين اللغة العلمية الهادفة لايجاد تطوّر داخلي في العلم نفسه، وتلك اللغة الهادفة لاقحام العلم غمار الحياة ممارساً دوراً عملانياً، والخلط بين هذين المنحيين قد يسبّب إعاقةً في التكامل العلمي كما حصل عندما بلغ التعقيد اللغوي في العلوم حداً شديد الإفراط من جهة، وكما حصل ـ من الجانب الآخر ـ عندما أريد حل هذا الوضع المشكل فسكبت أعقد الموضوعات في لغة لا تحملها، وأوجد ذلك التباساً وتسطيحاً معاً.
2 ـ امتاز اسلوب مغنية بشفافية غير معتادة في الأوساط الدينية كثيراً، فقد بلغ به ذلك حدّ الحديث بصراحة وصدق مع قارئه حتى عن خصوصياته النفسية وتجاربه الشخصية مستحضراً أبسط الاحداث وقد كانت خطوته في كتابه "تجارب محمد جواد مغنية" خطوةً ملحوظة، أبدى فيها بشفافية مع مخاطبيه تماساً كبيراً، وفي الكثير من مقدّمات كتبه كان ذا صراحة شخصية ملحوظة.
والنقطة الهامة في هذه اللغة الشفافة بهذا المعنى، هو أنها تهدم التباعد ما بين الأفكار المنتجة وما بين انتاجها عند الباحث نفسه، فالشيء المعتاد عند كثير من الأوساط الدينية وغيرها هو تقديم النظريات والأفكار بصورة ناجزة، لا يفهم القارئ مسلسل المعاناة اليومي الذي مرّ فيه الباحث أو المفكّر، ولا يستطيع تحديد السبب الذي دفعه الى التفكير بهذا الموضوع أو الميل إليه، وعندما تستخدم لغة مغنية تتقلّص هذه المسافة الطويلة ما بين النص وصاحبه، ويغدو القارئ أكثر استشرافاً للمعطيات من الزاوية المحيطة، ومن البعد التاريخي أيضاً، وحتى من زاوية النهج العام للأفكار أحياناً كثيرة.
وهذا ما نجده عند مغنية بارزاً في كتابه «الكاشف»، إذ يسير مغنية بقارئه رويداً رويداً، ويشرح له كيف تنامت عنده فكرةٌ ما أو تفاعلت الأفكار مع بعضها، ويصارح قارئه بأفكار اختلجته أو مواقف وأحداث أحاطت به.
وكان لهذه اللغة الصريحة التي استخدمها مغنية دوراً كبيراً في ارتياح قارئه، وتخفيف الهالة التي تلقى على القارئ لدى مواجهته النص المكتوب، فيتهيب الكاتبَ ويحمل صورةً مضخّمةً عنه.
3 ـ جرأة اللغة، صراحة النقد:
أسهم العلامة مغنية إسهاماً ملحوظاً في نقد الفكر الديني السائد وفقاً لعصره ومحيطه، ولم يقتصر على نقد الأوضاع السائدة في زمانه مادياً (الماركسية، الغرب..) كما فعل اكثر المصلحين الإسلاميين في القرنين الأخيرين، بل مارس نقداً عنيفاً ولاذعاً للموروث الديني التقليدي، ولمؤسسة علماء الدين أيضاً، بل لم تكن باكورة مؤلفاته كتاب "الوضع الحاضر في جبل عامل"، والذي نشر عام 1947م، سوى عمليات نقد واسع للوضع السياسي والاجتماعي لجبل عامل في ذلك الحين ويمكن ـ وبكل ثقة ـ تصنيف الشيخ مغنية أحد الناقدين الدينيين في القرن العشرين، وفي تجربته التفسيرية «الكاشف» مارس نقداً صريحاً للاوضاع القائمة في العالم الإسلامي، فكرياً، واجتماعياً، وسياسياً... كما أدّى دوره في نقد الداخل الشيعي بغية إصلاحه، في أوضاع كانت أحياناً شديدة الإحراج، كما يلاحظ في كتابه "الخميني والدولة الإسلامية".
ومن هنا يمكن القول بتغلّب الطابع النقدي على نتاجات مغنية، بما فيها تفسيره الكاشف، أكثر من الطابع التأسيسي، رغم اشتمال أفكاره على الكثير من الاسهامات الفكرية والبنيوية الهامّة وفي الحقيقة فإن موضوع النقد والموقف منه في الوسط الديني عموماً ينتابه شيء من الحساسية، ذلك أن الوسط الديني يعاني من مشكلتين مع النقد، فمن ناحية تطغى على بعض الشخصيات حالة ناقدة للتيارات والأفكار الأخرى إلى حدّ تلازم الآخر مع نقده، بحيث لا تبدو فيه علامات قابلة للاخذ والإقرار، وهذا ما يحكم عموماً العلاقات المذهبية، ويفرط الاتجاه الديني على هذا الصعيد حينما يستقبل كل جديد نشأ في غير مناخه (مناخ الاتجاه الديني الخاص) استقبالاً ناقداً وعنيفاً وشاكّاً، لا أقل استقبال يشوبه القلق والريبة، الأمر الذي يمكن اكتشافه بسهولة لدى مطالعة العلاقة مع الغرب عموماً.
أما من الناحية الأخرى فيبدي الاتجاه الديني منحى تبريرياً وتسويغياً إزاء قضاياه أمام الآخرين، فهو يسعى حتّى إلى تبرير ما يراه أحياناً أمراً خاطئاً، ويظن أنه مسؤول عن الدفاع عن آراء أي مفكر ديني أو عالم ديني يمثل الوضعُ القائمُ امتداداً له بشكلٍ أو بآخر، حتى لو كان الخطاب الداخلي يحتوي قدراً أكبر من النقد.
ولعل السبب في هذه الظاهرة ـ أو بالأخرى أحد الاسباب ـ هو الطابع الجدالي الذي حكم علاقة الحالة الدينية مع غيرها.
واذا أردنا قراءة تجربة الشيخ مغنية على هذا الصعيد وجدناه تجاوز إلى حد معين ظاهرة التسويغ الثانية، وإن أبقى على علاقة جدالية مع الآخر (الماركسية ـ الغرب ـ أهل السنّة ـ التيار العلماني العربي)، ففي نقده لمؤسسة علماء الدين في تفسير الكاشف وغيره، ولبعض المناهج الدينية، حقق خطوةً ملحوظة، وان لم يكن الرائد فيها، اذا استثنينا مستوى اللغة ودرجة الصراحة التي لم يتمتع بهما إلا القليل غيره ومع اعتقادنا بأنه على الاتجاه الديني، بحكم كونه اتجاهاً علمياً بالأساس، أن يقوّم تجربته على الصعيدين المتقدّمين، ألا وهما النقد الشمولي للآخر، والتسويغ الكلّياني للذات، انطلاقاً من معطيات التعددية بأكثر أنواعها على الأقل، إلا أننا نرى من الجانب الآخر ضموراً في إعادة هيكلية المنظومة الدينية، وفي برنامج البَنْيَنَةِ والتأسيس، استغراقاً في البعد النقدي.
فأولئك الذين نقدوا الداخل الإسلامي أو الشيعي كثرت في أوساطهم عمليات الهدم دون تقديم بدائل محكمة، كما وأولئك الذين نقدوا الآخر قلّ فيهم من نجح في عرض بدائل مقنعة ومنسجمة، ولم يكن الذين انفتحوا على الآخر (الغربي ـ الماركسي ـ العلماني ـ السني / الشيعي) بأحسن حالاً من غيرهم، فقد كثرت ظواهر الانتقاء والتشطير والتوفيق، وقلّت محاولات اعادة تأسيس شامل لمنظومة المعارف والقيم.
ومن هنا يبدو النقص عند الشيخ مغنية في مشروعه، سيما التفسيري، فمع كون التفسير مظهراً جيداً لمشروع اعادة الانتاج الفكري، بيد أن الشيخ مغنية غلّب عليه الطابع النقدي ولكننا لا نريد تحميل الشيخ اكثر مما يتحمل، بقدر ما نريد التأكيد على أن مشاريع اعادة تنظيم بنى الفكر والقيم كانت قليلة من نوع تجربة السيد الصدر، وإلى حد معين الشيخ محمد مهدي شمس الدين.
بقلم "حيدر حب الله"، باحث ومفكر لبناني
تعليق