إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الدرس الثالث - الدعابة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الدرس الثالث - الدعابة

    همام، وكان عابداً ناسكاً مجتهداً إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يخطب، فقال: يا أمير المؤمنين: صف لنا المؤمن كأننا ننظر إليه؟ فقال: يا همّام، المؤمن هو الكيس الفطن، بشره في وجهه، وحزنه في قلبه، أوسع شيء صدراً، وأذلّ شيء نفساً زاجر عن كلّ فان، حاضّ على كل حسن، لا حقود ولا حسود، ولا وثّاب ولا سبّاب، ولا غيّاب ولا مرتاب، يكره الرّفعة، وشنأ السمعة، طويل الغمّ، بعيد الهمّ، كثير الصّمت، وقور ذكور صبور شكور، مغموم بفكره، مسرور بفقره، سهل الخليقة، لين العريكة، رصين الوفاء قليل الأذى، لا منافق ولا متهتّك، إن ضحك لم يخرق، وإن غضب لم ينزق، ضحكه تبسم، واستفهامه تعلّم، ومراجعته تفهّم، كثير علمه عظيم حلمه، كثير الرّحمة، لا يبخل ولا يعجل، ولا يضجر ولا يبطر، ولا يحيف في حكمه، ولا يجور في عمله، نفسه أصلب من الصّلد، ومكادحته أحلى من الشّهد، لا جشع ولا هلع، ولا عنف ولا صلف، ولا متكلّف ولا متعمّق، جميل المنازعة، كريم المراجعة، عدل إن غضب، رفيق إن طلب، ولا يتهوّر ولا يتهتّك ولا يتجبر، خالـــص الود، وثيق العهد وفيّ العهد، شفيق وصول، حليم خمول، قليل الفضول، راض عن الله عزّ وجلّ، مخالف لهواه، لا يغلظ على من دونه ولا يخوض فيما لا يعنيه، ناصر للدّين، محام عن المؤمنين، كهف للمسلمين، لا يخرق الثّناء سمعه، ولا ينكى الطّمع قلبه، لا يصرف اللّعب حكمه، ولا يطلع الجاهل عمله، قوّال عمّال عالم حازم، لا بفحّاش ولا بطيّاش، وصول في غير عنف، بذول في غير سرف، لا بختّال ولا بغدّار، ولا يقتفي أثراً، ولا يحيف ببشر، رفيق بالخلق ساع في الأرض، عون للضعيف غوث للملهوف، لا يهتك ستراً، ولا يكشف سرّاً، كثير البلوى قليل الشكوى، إن رأى خيراً ذكره، وإن عاين شّراً سرّه، يستر العيب ويحفظ الغيب،

    هنالك من يتخذ الحياة لهواً ولعباً. وهناك من يتخذها شدةً وغضباً. وكلاهما على خطأ!

    ففي الحياة ساعات جِدّ، لابدّ أن يكون المرءُ فيها، كجلمود من الصخر، جاداً بلا حدود.. وفيها ساعات فرح فلابد أن يتمتع فيها بالمرح.

    إن العظماء، شأنهم شأن باقي الناس، يتمتعون بقلوب ملؤها الرحمة، والعطف والحب.. ومن هنا فإنهم، كغيرهم من البشر، يحبون المرح الحق، في ساعاته، ويمارسون المزاح والدعابة مع من حولهم، ولا يقولون إلا حقاً..

    وحدهم الجبارون هم الذين لا يتضاحكون، ولا يمزحون.

    يقول الحديث الشريف: (المؤمن: دعب لعب، والمنافق: قطب غضب) (1).

    ولذلك فإنه (ما من مؤمن إلا وفيه دعابة) (2).

    إلا أن المزاح له حدود، فليس المؤمن كثير المزاح لأن (من جعل ديدنه الهزل، لم يعرف جدّه) (3) و(من كثر مزاحه قلّ وقاره) (4).

    وعلى كل حال (فإن الله يحب المداعب في الجماعة بلا رفث) (5).

    وقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (إني لأمزح ولا أقول إلا حقاً) (6).

    وهكذا الإمام علي (عليه السلام) كان مع أصحابه كأحدهم يمزح معهم حيناً، ويسوقهم إلى الحق بجد أحياناً.. حتى لقد قالوا فيه بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله): إنه أحق الناس بالخلافة، لولا أن فيه دعابة!

    وقد نشروا ذلك عنه في الشام، حتى قال (عليه السلام): (عجباً لابن النابغة، يزعم لأهل الشام أن فِيّ دعابة، وأني امرؤ تلعابة، أعافس وأمارس، لقد قال باطلاً، ونطق آثماً) (7).

    فدعابة الإمام كانت في حق، لا في باطل فلم يكن (عليه السلام) (تلعابة) ولم (يعافس) أو (يمارس).


    العدل وما فيه حتى :

    وجد الإمام علي (ع) - أيام خلافته - درعه عند مسيحي من عامة الناس، فأقبل به إلى أحد القضاة (شريح) ليخاصمه ويقاضيه، ولما كان الرجلان أمام القاضي قال الإمام علي :«إنها درعي ولم أبع ولم أهب».

    فسأل القاضي الرجل المسيحي: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟ فقال المسيحي: ما الدرع إلا درعي وما أمير المؤمنين عندي بكاذب.

    وهنا التفت القاضي شريح إلى علي يسأله: هل من بينة تشهد أن هذه الدرع لك؟ فضحك علي(ع) وقال:«أصاب شريح ، ما لي بينة».

    فقضى شريح بالدرع إلى المسيحي فأخذها ومشى وأمير المؤمنين ينظر إليه! إلا أن الرجل لم يخط خطوات قلائل حتى عاد يقول: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام أنبياء، أمير المؤمنين يدينني إلى قاضي يقضي عليه..

    ثم قال: الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين وقد كنت كاذباً فيما ادعيت.

    وبعد زمن شهد الناس هذا الرجل وهو من أصدق الجنود، وأشد الأبطال باساً وبلاء في قتال الخوارج يوم النهروان إلى جانب الإمام علي (ع).
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X