إثبات بطلان دعوة احمد البصري
من خلال طرحه الســـــــــــــــخيف لمســـــألة الرجعـــــة



الحمد لله الذي نصب لنا الميزان لمعرفة الحق من بين ما يتفوه به الأوثان والصلاة والسلام على اشرف الأنام محمد وعلى آله محطمي الأصنام , واللعن الدائم على أعدائهم وظالميهم من الأولين والآخرين آمين يا رب العالمين .
وبعد ...
لقد بين آل المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) جملة من المسائل التي يعرف بها صاحب الدعوة المحقة في آخر الزمان , ومن هذه المسائل بل من أعظمها هي معرفة الداعي لعظائم الأمور من الرجعة وأشباهها , حيث جاء عن المفضل بن عمر أنه قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : (( إن لصاحب هذا الأمر غيبتين يرجع في أحدهما إلى أهله والأخرى يقال مات أو هلك في أي واد سلك، قلت : كيف نصنع إذا كان ذلك ؟
قال: إن إدعى مدع فاسئلوه عن تلك العظائم التي يجيب فيها مثله )) .
وقد وصف خبر آخر الرجعة بأنها من العظائم التي سيكون العلم بتأويلها وحقيقتها في زمن القائم (عجل الله فرجه الشريف) تحديداً , فعن زرارة قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الأمور العظام من الرجعة وأشباهها ، فقال : (( إن هذا الذي تسألوني عنه لم يجيء أوانه ، وقد قال الله عز وجل : بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّايَأْتِهِمْ تَأويلُهُ))
وقد توجه نفس السؤال للإمام الباقر (عليه السلام) فقال : (( إن هذا الذي تسألون عنه لم يأت أوانه , قال الله : بَلْكَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأويلُهُ )) .
من هذه المقدمة البسيطة بعباراتها العظيمة بمعناها نفهم أن الداعي لابد أن يكون على علم بتأويل الرجعة , لكونها من عظائم الأمور التي لا يجيب عنها إلا من هو أهلاً للإجابة , وسوف تكون أجابته محلاً لتوثيقه أو لبيان بطلان دعوته وسخافتها .
وقد يتوجه إلينا إشكال مفاده : (( كيف ستعرفون صحة الجواب من الداعي فربما يعطيكم احد الدجالين جواباً وتظنون انه الصواب وما هو إلا كذب وافتراء ؟! )) .
نقول : إن لصحة الجواب علامات أهمها حل التعارض والتناقض الموجودة في مسألة الرجعة , ولعل أهمها هو قلة أنصار الإمام المهدي (عجل الله فرجه) مع القول برجوع 120 ألف نبي مع خيار أنصارهم ! بل العدد سيتضاعف بكثير لو أضيف إليهم الرسل والصالحين من أنصارهم ! والأمر يزداد بكثير حين تعرف بان خيار الشيعة الذين ماتوا أو استشهدوا منذ زمن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) والى يومنا هذا سيرجعون مع القائم (عجل الله فرجه) ! , هذه المسألة لا تنسجم مع قلة أنصار الإمام المهدي (عجل الله فرجه) والتي وصفتها الروايات وأكدت عليها ...
هذا من جهة ومن جهة أخرى أن يكون جواب الداعي لا عوج له , والعوج هو مخالفة الثوابت المروية في أخبار الائمة (عليهم السلام) , فأن ثبتت المخالفة ضرب بالطرح عرض الجدار , إذ لابد من موافقة الطرح لقول المعصومين (عليهم السلام) وأن لا يكون بخلاف قولهم , وفي مثل هذه الحالة يثبت دجل المدعي وضلالته .
أخي القارئ الكريم لقد توجهت الكثير من الأسئلة للأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) وقد صدق وآمن العديد من المؤمنين بصحة جواب حجج رب العالمين (عليهم السلام) دون العلم المسبق بماهية الجواب , فكيف آمن السابقين ؟!
نقول : لابد أن يكون جواب الحجة المبعوث من الله لا عوج له , فلا يمكن أن يكون جواب الحجة مناقض ومعارض لجواب الحجج السابقين , فما بعث الله رسولا إلا كان مصدقاً للحجج السابقين (عليهم السلام) , قال تعالى :{ وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} , وقال تعالى :{ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ} , وقال تعالى :{ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ } , وقال تعالى : { َيا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم} ., وقال تعالى : { َوَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ} . وقال تعالى : { َوَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} .
والنصوص بهذا المعنى كثيرة , فينتج مما تقدم أن الحجة المبعوث لابد أن يقيم الحجة على الناس , وحجة الله هي الحجة الواضحة , وإلا ما سميت حجة من الأساس , ومن هنا أخواني الأعزاء يكون لدينا فهماً مجزي لكيفية معرفة صدق المدعي من كذبه ...
أخواني الأعزاء لقد ناقشنا أتباع البصري في أكثر من منتدى وكنا نطالبهم بالتطرق لمسألة الرجعة في كل نقاش , ولكن كان التهرب منهم واضح للعيان , ولعل هذه المطالبة قد وصلت للبصري نفسه وقد أحيطت به الروايات الدالة على أن الداعي لابد أن يُعرف بجملة من المسائل منها مسألة العلم بالرجعة , فلم يجد البصري بداً من المماطلة لسنوات , ولكن لكثرة الأسئلة رضخ للواقع , مما دعاه لطرح تأويلاً للرجعة مؤخراً , وأنا شخصياً كنت مشتاقاً لأسمع الطرح لأنني على يقين ببطلان دعواه وضلالته وكل دجال ضال لابد أن يطرح السخافة والاعوجاج حاله كحال مسيلمة الذي أصبح أضحوكة بقرآنه الذي ابتدعه , وهذه المسألة – أي طرح السخافات – من السنن التي تجري مع الكذبة والدجالين ...
بعد ما تقدم نأتي الآن أخواني الأعزاء لمعرفة ما طرحه المدعو أحمد البصري في أمر الرجعة , حيث بين في كتاب ((الرَّجْعَة ثالثُ أيّامِ اللهِ الكُبْرَى)) وهذا الكتاب عبارة عن أسئلة وجهت للبصري وتمت إجابتها , والكتاب من إعداد ((علاء السالم)) .
قبل كل شيء نحب أن نبين بان أحمد البصري مخطئ حتى في عنوان الكتاب ! حيث انه سمى الرجعة بأنها ثالث أيام الله الكبرى , ولا اعرف كيف وصفها بأنها ثالث الأيام والحديث الشريف الوارد عن الإمام الصادق عن أبيه (عليهما السلام) ، أنه قال : ((أيام الله عزوجل ثلاثة : يوم يقوم القائم ،ويوم الكرة ،ويوم القيامة))
إن هذا الحديث قد نقله البصري في كتابه , ومع علمه بهذا الخبر قال بان الرجعة هي ثالث الأيام !! والرواية وصفت الرجعة بأنها اليوم الثاني كما هو واضح من الحديث , فما بالك أيها القارئ العزيز أن يخطي المؤلف حتى في أسم كتابه !! هل لمثل هذا علم أو تبحر في العلوم ؟!
قبل أن نتعرف على ماهية الرجعة التي طرحها البصري لابد من انتقاد التعريف بالرجعة فهو مخطئ في تعريفه للرجعة أيضاً , حيث يقول - بعد أن سُئل عنها - ما هذا نصه : (( الرجعة اسمها دال عليها وفقك الله ، هي رجعة أي أنها إعادة ، أناس ماتوا يعودون ،امتحان انتهى يعاد ،أيام مضت تعاد )) ص5
نقول : إن هذا التعريف ما هو إلا خطئ جسيم , حيث انك تقول بان الرجعة هي امتحان انتهى يعاد وأيام مضت تعاد !! وهذا لغط غير منطقي بالمرة وغير متوافق مع الأخبار المروية , حيث أن الهدف الأساسي من الرجعة هو للقصاص من الجناة والمجرمين , وهذا القصاص سيكون على يد المظلومين في الأيام الخالية , فأننا حين نتحدث عن رجعة الحسين (عليه السلام) وعن رجعة يزيد وغيره من الطغاة لا نتحدث عن رجعة تلك الأيام كما تقول ولا نتحدث عن رجعة امتحان سابق , بل إن الهدف من الرجعة هو ليس عودة الامتحان وعودة تلك الأيام وإلا ما هي فائدة عودة تلك الأيام وتلك المأساة مرة أخرى ؟! فلا فائدة من هذه الرجعة أبداً , بل الحق أن الرجعة ليست امتحان بالمطلق كما إنها لا تُشبه بعودة لأيام خلت , وذلك لان أيام الرجعة مختلفة كلياً , فالمظلوم سيكون هو المنتصر والظالم سيكون الخاسر والقضية محسومة للمظلومين والمستضعفين , فكيف يصح تشبه الرجعة بعودة الأيام والامتحانات الماضية , لابد أن تتعقل الكلام قبل أن تطالب العقلاء بالتعقل ...
يقول احمد البصري : (( فعالم الرجعة عالم آخر لابد أن يُغفل الله من يدخله فيه عن حاله السابق ؛ ليدخل الجميع للامتحان بعدالة ويعطوا نفس الفرصة للفوز والخسارة )) ص 40
نقول : إن تنزلنا وقلنا بأن الرجعة هي عودة لامتحان سابق , فهل ستعطى نفس الفرصة للفوز والخسارة في الامتحان كما تقول ؟! وهنا الاحتمال وارد في كلامك بإمكان قتل الحسين (عليه السلام) من جديد وسبي عياله ! وبإمكان فوز الظلم وتقهقر الحق وأتباعه ! وهذه المسألة لو تكررت كما تقول فما الفائدة منها يا ترى ؟! هل سيفرح المؤمنون بالخسارة وبالظلم مرة أخرى !؟ أم سيرثون الأرض وهم قد خسروا النزال ؟؟!!
إن هذا الكلام مما لا دليل عليه إطلاقاً اقسم بذلك , بل إن كل الأخبار تقول بان الأمر في الرجعة محسوم للحق ولأتباع الحق وأنهم سيرثون الأرض في رجعتهم ...
كما أن هذا الكلام الذي قاله البصري في ((ص 40)) قد ناقضه في ((ص 21)) ! حيث قال هناك ما هذا نصه : (( ﴿وإليه ترجعون﴾ : إلى الله سبحان هوتعالى في الرجعة ، أي ليجازي الصالحين بصلاحهم ، والظالمين بظلمهم في الرجعة ( من محض الإيمان محضا ومن محض الكفرمحضا ) كما ورد عنهم ع ، فيكال لكل ظالم كيله،ويكال لكل صالح كيله ، فينتقم الله للأنبياء والمرسلين والأئمة من الظالمين الذين محضوا الكفر محضاً)) ص21
نقول : كيف يستقيم هذا المعنى مع كلامك الذي قلته في ((ص40)) ؟؟!! فهنالك قلت بان الفرصة متاحة للطرفين للفوز والخسارة , وهنا تقول أن الله سيتدخل في الرجعة ليجازي الصالحين بصلاحهم والظالمين بظلمهم !! فأين هو الصواب يا معصوم ؟؟!! هل ستكون الفرصة متاحة للفوز والخسارة لكلا الطرفين أم سيتدخل الله لينصر أوليائه في الرجعة ؟؟!!
وهنا أقول لك مرة أخرى تعقل الكلام الذي يخرج منك , والحقيقة أنك معذور في تناقضك لان هذا الموضوع لا يحله من هو مثلك أبداً بل لابد من شخص إلهي يبين الحق فيه من الأباطيل الذي عكف أمثالك على طرحها للناس لأجل إضلالهم ...
نعود الآن إلى ماهية الرجعة التي طرحها البصري , في الحقيقة أن الرجعة عند البصري رجعتان , الأولى وهي ((الرجعة بالمثل)) وهي في زمن القائم (عجل الله فرجه) ويعني بها رجعة من هو مثال للحسين (عليه السلام) من حيث المبدأ, والثانية هي ((الرجعة بالمصداق)) وهي لا تحدث في عالمنا هذا بل لها عالم خاص سماه بـ ((عالم الرجعة)) , وهذا العالم كما يزعم يقع في السماء الأولى وهي سماء الرجعة ولهذه السماء قوانين تخالف قوانين دنيانا هذه لأنها عالم آخر كما يقول , فالحسين (عليه السلام) في رجعته يرجع في ذلك العالم بروحه وله جسد يناسب ذلك العالم وليس بجسده الدنيوي , لان قوانين ذلك العالم تخالف قوانيننا أي قوانين الدنيا التي وضعها الله تعالى .
كل ما تقدم كان ملخصاً لما زعمه أحمد البصري , ولأجل هذا لابد من مناقشة الرجعتان التي طرحها في كلامه ولهذا سنفصل الكلام في نقطتين :
أولا : مناقشة البصري في ((الرجعة الأولى)) أي الرجعة بالمثل :
يقول البصري : (( الرجعة رجعتان : رجعة في قيام القائم بِمثَلهم ، ورجعة في عالم الرجعة "الأولى" بأنفسهم وبأجساد تناسب ذلك العالم بعد أن ينسيهم الله حالهم والامتحان الأول والثاني ))
نقول : هذا كلام ليس عليه دليل مطلقاً وكل ما تأولته ليس في محله أبداً , حيث إن الروايات بينت بان الحسين (عليه السلام) سيرجع وقد تحدثت الأخبار قائلة : ((ويقبل الحسين عليه السلام في أصحابه الذين قتلوا معه)) وهذا الحديث لا يتناسب مع قولك بان للحسين (عليه السلام) مثيل يمثله في زمن القائم (عجل الله فرجه) وأي إنسان سيمثل الحسين (عليه السلام) يا ترى ؟؟!! ثم كيف سيرجع نفس العدد الذين قتلوا معه وهل لكل واحد منهم مثل ؟؟!! كما أن الأخبار قالت : ((يرجع إليكم نبيكم صلى الله عليه وآله)) فمن هو نبينا ؟! هل سيمثله شخص ما ؟! غير المهدي (عجل الله فرجه) ؟!!
هذا ومع امتناع ما تقدم من الكلام يبقى أن هذه المسألة ليست بجديدة فقد طرحها العديد من الرجال السابقين , بل العديد من الشعراء الذين وصفوا بعض الرجال بالحسين (عليه السلام) , بمعنى أن مبدأهم هو مبدأ الحسين (عليه السلام) وموقفهم هو كموقف الحسين (عليه السلام) , وقد جسدوا قصائدهم وأشعارهم بذلك , وكما أن التاريخ يشهد بان العديد من الرجال قد وصفوا بأنهم مثل الحسين ( عليه السلام) في الموقف والأفعال , فإذا كان موضوع الرجعة يعلم به حتى الشعراء فمن التفاهة أن نسأل عنه القائم (عجل الله فرجه) , كما أن وصف الرجعة بأنها من عظائم الأمور لا يبقى له وجود ولا مبرر , وكيف يبقى وقد استطاع الشعراء العلم بالرجعة وتحصيل كيفيتها !! , وهي الرجعة بالمثل أو المبدأ كما يقول أحمد البصري , فكم منا قد سمع وشاهد أناس يطلق عليهم لقب (حسين العصر) فهل سنقول بأن مخترع هذا اللقب هو عالم بالرجعة وكيفيتها ؟ وهذا ينتج بأنه المهدي الموعود ؟؟!!
لقد تعود البصري على السرقة والخداع فهو يسرق مواضيع الاستاذ ناطق سعيد وغيره من الاخوان الاعضاء وينشرها في جريدته المسماة بالصراط المستقيم , وهذه المرة يسرق موضوع قد طرح مسبقاً ويلونه بألوان أخرى ويطرحه على انه تلقاه من أبيه (المهدي المنتظر) ولا ندري كيف يقبل من يدعي ألقاب تكاد تسجد لها كما يفعل البصري كيف يقبل أن يسرق موضوع قد كثر من طرحه وتبناه .
إن الأخبار الشريفة قد بينت رجعة أناس إلى الدنيا ولم تقل برجعة مبدأهم أو موقفهم أبداً , كما أن رجعة المبدأ والموقف ليس بالأمر العظيم حتى يوصف بــ (( عظائم الأمور )) كيف يوصف بهذا الوصف والتأريخ يشهد بالكثير من المواقف التي تشابه إلى حد كبير مواقف الائمة (عليهم السلام) من حيث الظاهر , ولا يمكن القول مع هذا الفرض بتحقق الرجعة في أكثر من زمان سابق ! ولو قلنا بهذا لم تعد الرجعة مخصوصة بآخر الزمان أبداً , بل هي في كل زمان , حيث يوجد هنالك خير وشر ويمكن تشبيه الخير وتمثيله بالائمة (عليهم السلام) وتشبيه الشر بأعدائهم , ويعني هذا بان الرجعة أصبحت في كل جيل من الأجيال وخرجت من كونها في آخر الزمان فتأمل عزيزي القارئ .
يتبع
من خلال طرحه الســـــــــــــــخيف لمســـــألة الرجعـــــة



الحمد لله الذي نصب لنا الميزان لمعرفة الحق من بين ما يتفوه به الأوثان والصلاة والسلام على اشرف الأنام محمد وعلى آله محطمي الأصنام , واللعن الدائم على أعدائهم وظالميهم من الأولين والآخرين آمين يا رب العالمين .
وبعد ...
لقد بين آل المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) جملة من المسائل التي يعرف بها صاحب الدعوة المحقة في آخر الزمان , ومن هذه المسائل بل من أعظمها هي معرفة الداعي لعظائم الأمور من الرجعة وأشباهها , حيث جاء عن المفضل بن عمر أنه قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : (( إن لصاحب هذا الأمر غيبتين يرجع في أحدهما إلى أهله والأخرى يقال مات أو هلك في أي واد سلك، قلت : كيف نصنع إذا كان ذلك ؟
قال: إن إدعى مدع فاسئلوه عن تلك العظائم التي يجيب فيها مثله )) .
وقد وصف خبر آخر الرجعة بأنها من العظائم التي سيكون العلم بتأويلها وحقيقتها في زمن القائم (عجل الله فرجه الشريف) تحديداً , فعن زرارة قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الأمور العظام من الرجعة وأشباهها ، فقال : (( إن هذا الذي تسألوني عنه لم يجيء أوانه ، وقد قال الله عز وجل : بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّايَأْتِهِمْ تَأويلُهُ))
وقد توجه نفس السؤال للإمام الباقر (عليه السلام) فقال : (( إن هذا الذي تسألون عنه لم يأت أوانه , قال الله : بَلْكَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأويلُهُ )) .
من هذه المقدمة البسيطة بعباراتها العظيمة بمعناها نفهم أن الداعي لابد أن يكون على علم بتأويل الرجعة , لكونها من عظائم الأمور التي لا يجيب عنها إلا من هو أهلاً للإجابة , وسوف تكون أجابته محلاً لتوثيقه أو لبيان بطلان دعوته وسخافتها .
وقد يتوجه إلينا إشكال مفاده : (( كيف ستعرفون صحة الجواب من الداعي فربما يعطيكم احد الدجالين جواباً وتظنون انه الصواب وما هو إلا كذب وافتراء ؟! )) .
نقول : إن لصحة الجواب علامات أهمها حل التعارض والتناقض الموجودة في مسألة الرجعة , ولعل أهمها هو قلة أنصار الإمام المهدي (عجل الله فرجه) مع القول برجوع 120 ألف نبي مع خيار أنصارهم ! بل العدد سيتضاعف بكثير لو أضيف إليهم الرسل والصالحين من أنصارهم ! والأمر يزداد بكثير حين تعرف بان خيار الشيعة الذين ماتوا أو استشهدوا منذ زمن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) والى يومنا هذا سيرجعون مع القائم (عجل الله فرجه) ! , هذه المسألة لا تنسجم مع قلة أنصار الإمام المهدي (عجل الله فرجه) والتي وصفتها الروايات وأكدت عليها ...
هذا من جهة ومن جهة أخرى أن يكون جواب الداعي لا عوج له , والعوج هو مخالفة الثوابت المروية في أخبار الائمة (عليهم السلام) , فأن ثبتت المخالفة ضرب بالطرح عرض الجدار , إذ لابد من موافقة الطرح لقول المعصومين (عليهم السلام) وأن لا يكون بخلاف قولهم , وفي مثل هذه الحالة يثبت دجل المدعي وضلالته .
أخي القارئ الكريم لقد توجهت الكثير من الأسئلة للأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) وقد صدق وآمن العديد من المؤمنين بصحة جواب حجج رب العالمين (عليهم السلام) دون العلم المسبق بماهية الجواب , فكيف آمن السابقين ؟!
نقول : لابد أن يكون جواب الحجة المبعوث من الله لا عوج له , فلا يمكن أن يكون جواب الحجة مناقض ومعارض لجواب الحجج السابقين , فما بعث الله رسولا إلا كان مصدقاً للحجج السابقين (عليهم السلام) , قال تعالى :{ وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} , وقال تعالى :{ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ} , وقال تعالى :{ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ } , وقال تعالى : { َيا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم} ., وقال تعالى : { َوَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ} . وقال تعالى : { َوَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} .
والنصوص بهذا المعنى كثيرة , فينتج مما تقدم أن الحجة المبعوث لابد أن يقيم الحجة على الناس , وحجة الله هي الحجة الواضحة , وإلا ما سميت حجة من الأساس , ومن هنا أخواني الأعزاء يكون لدينا فهماً مجزي لكيفية معرفة صدق المدعي من كذبه ...
أخواني الأعزاء لقد ناقشنا أتباع البصري في أكثر من منتدى وكنا نطالبهم بالتطرق لمسألة الرجعة في كل نقاش , ولكن كان التهرب منهم واضح للعيان , ولعل هذه المطالبة قد وصلت للبصري نفسه وقد أحيطت به الروايات الدالة على أن الداعي لابد أن يُعرف بجملة من المسائل منها مسألة العلم بالرجعة , فلم يجد البصري بداً من المماطلة لسنوات , ولكن لكثرة الأسئلة رضخ للواقع , مما دعاه لطرح تأويلاً للرجعة مؤخراً , وأنا شخصياً كنت مشتاقاً لأسمع الطرح لأنني على يقين ببطلان دعواه وضلالته وكل دجال ضال لابد أن يطرح السخافة والاعوجاج حاله كحال مسيلمة الذي أصبح أضحوكة بقرآنه الذي ابتدعه , وهذه المسألة – أي طرح السخافات – من السنن التي تجري مع الكذبة والدجالين ...
بعد ما تقدم نأتي الآن أخواني الأعزاء لمعرفة ما طرحه المدعو أحمد البصري في أمر الرجعة , حيث بين في كتاب ((الرَّجْعَة ثالثُ أيّامِ اللهِ الكُبْرَى)) وهذا الكتاب عبارة عن أسئلة وجهت للبصري وتمت إجابتها , والكتاب من إعداد ((علاء السالم)) .
قبل كل شيء نحب أن نبين بان أحمد البصري مخطئ حتى في عنوان الكتاب ! حيث انه سمى الرجعة بأنها ثالث أيام الله الكبرى , ولا اعرف كيف وصفها بأنها ثالث الأيام والحديث الشريف الوارد عن الإمام الصادق عن أبيه (عليهما السلام) ، أنه قال : ((أيام الله عزوجل ثلاثة : يوم يقوم القائم ،ويوم الكرة ،ويوم القيامة))
إن هذا الحديث قد نقله البصري في كتابه , ومع علمه بهذا الخبر قال بان الرجعة هي ثالث الأيام !! والرواية وصفت الرجعة بأنها اليوم الثاني كما هو واضح من الحديث , فما بالك أيها القارئ العزيز أن يخطي المؤلف حتى في أسم كتابه !! هل لمثل هذا علم أو تبحر في العلوم ؟!
قبل أن نتعرف على ماهية الرجعة التي طرحها البصري لابد من انتقاد التعريف بالرجعة فهو مخطئ في تعريفه للرجعة أيضاً , حيث يقول - بعد أن سُئل عنها - ما هذا نصه : (( الرجعة اسمها دال عليها وفقك الله ، هي رجعة أي أنها إعادة ، أناس ماتوا يعودون ،امتحان انتهى يعاد ،أيام مضت تعاد )) ص5
نقول : إن هذا التعريف ما هو إلا خطئ جسيم , حيث انك تقول بان الرجعة هي امتحان انتهى يعاد وأيام مضت تعاد !! وهذا لغط غير منطقي بالمرة وغير متوافق مع الأخبار المروية , حيث أن الهدف الأساسي من الرجعة هو للقصاص من الجناة والمجرمين , وهذا القصاص سيكون على يد المظلومين في الأيام الخالية , فأننا حين نتحدث عن رجعة الحسين (عليه السلام) وعن رجعة يزيد وغيره من الطغاة لا نتحدث عن رجعة تلك الأيام كما تقول ولا نتحدث عن رجعة امتحان سابق , بل إن الهدف من الرجعة هو ليس عودة الامتحان وعودة تلك الأيام وإلا ما هي فائدة عودة تلك الأيام وتلك المأساة مرة أخرى ؟! فلا فائدة من هذه الرجعة أبداً , بل الحق أن الرجعة ليست امتحان بالمطلق كما إنها لا تُشبه بعودة لأيام خلت , وذلك لان أيام الرجعة مختلفة كلياً , فالمظلوم سيكون هو المنتصر والظالم سيكون الخاسر والقضية محسومة للمظلومين والمستضعفين , فكيف يصح تشبه الرجعة بعودة الأيام والامتحانات الماضية , لابد أن تتعقل الكلام قبل أن تطالب العقلاء بالتعقل ...
يقول احمد البصري : (( فعالم الرجعة عالم آخر لابد أن يُغفل الله من يدخله فيه عن حاله السابق ؛ ليدخل الجميع للامتحان بعدالة ويعطوا نفس الفرصة للفوز والخسارة )) ص 40
نقول : إن تنزلنا وقلنا بأن الرجعة هي عودة لامتحان سابق , فهل ستعطى نفس الفرصة للفوز والخسارة في الامتحان كما تقول ؟! وهنا الاحتمال وارد في كلامك بإمكان قتل الحسين (عليه السلام) من جديد وسبي عياله ! وبإمكان فوز الظلم وتقهقر الحق وأتباعه ! وهذه المسألة لو تكررت كما تقول فما الفائدة منها يا ترى ؟! هل سيفرح المؤمنون بالخسارة وبالظلم مرة أخرى !؟ أم سيرثون الأرض وهم قد خسروا النزال ؟؟!!
إن هذا الكلام مما لا دليل عليه إطلاقاً اقسم بذلك , بل إن كل الأخبار تقول بان الأمر في الرجعة محسوم للحق ولأتباع الحق وأنهم سيرثون الأرض في رجعتهم ...
كما أن هذا الكلام الذي قاله البصري في ((ص 40)) قد ناقضه في ((ص 21)) ! حيث قال هناك ما هذا نصه : (( ﴿وإليه ترجعون﴾ : إلى الله سبحان هوتعالى في الرجعة ، أي ليجازي الصالحين بصلاحهم ، والظالمين بظلمهم في الرجعة ( من محض الإيمان محضا ومن محض الكفرمحضا ) كما ورد عنهم ع ، فيكال لكل ظالم كيله،ويكال لكل صالح كيله ، فينتقم الله للأنبياء والمرسلين والأئمة من الظالمين الذين محضوا الكفر محضاً)) ص21
نقول : كيف يستقيم هذا المعنى مع كلامك الذي قلته في ((ص40)) ؟؟!! فهنالك قلت بان الفرصة متاحة للطرفين للفوز والخسارة , وهنا تقول أن الله سيتدخل في الرجعة ليجازي الصالحين بصلاحهم والظالمين بظلمهم !! فأين هو الصواب يا معصوم ؟؟!! هل ستكون الفرصة متاحة للفوز والخسارة لكلا الطرفين أم سيتدخل الله لينصر أوليائه في الرجعة ؟؟!!
وهنا أقول لك مرة أخرى تعقل الكلام الذي يخرج منك , والحقيقة أنك معذور في تناقضك لان هذا الموضوع لا يحله من هو مثلك أبداً بل لابد من شخص إلهي يبين الحق فيه من الأباطيل الذي عكف أمثالك على طرحها للناس لأجل إضلالهم ...
نعود الآن إلى ماهية الرجعة التي طرحها البصري , في الحقيقة أن الرجعة عند البصري رجعتان , الأولى وهي ((الرجعة بالمثل)) وهي في زمن القائم (عجل الله فرجه) ويعني بها رجعة من هو مثال للحسين (عليه السلام) من حيث المبدأ, والثانية هي ((الرجعة بالمصداق)) وهي لا تحدث في عالمنا هذا بل لها عالم خاص سماه بـ ((عالم الرجعة)) , وهذا العالم كما يزعم يقع في السماء الأولى وهي سماء الرجعة ولهذه السماء قوانين تخالف قوانين دنيانا هذه لأنها عالم آخر كما يقول , فالحسين (عليه السلام) في رجعته يرجع في ذلك العالم بروحه وله جسد يناسب ذلك العالم وليس بجسده الدنيوي , لان قوانين ذلك العالم تخالف قوانيننا أي قوانين الدنيا التي وضعها الله تعالى .
كل ما تقدم كان ملخصاً لما زعمه أحمد البصري , ولأجل هذا لابد من مناقشة الرجعتان التي طرحها في كلامه ولهذا سنفصل الكلام في نقطتين :
أولا : مناقشة البصري في ((الرجعة الأولى)) أي الرجعة بالمثل :
يقول البصري : (( الرجعة رجعتان : رجعة في قيام القائم بِمثَلهم ، ورجعة في عالم الرجعة "الأولى" بأنفسهم وبأجساد تناسب ذلك العالم بعد أن ينسيهم الله حالهم والامتحان الأول والثاني ))
نقول : هذا كلام ليس عليه دليل مطلقاً وكل ما تأولته ليس في محله أبداً , حيث إن الروايات بينت بان الحسين (عليه السلام) سيرجع وقد تحدثت الأخبار قائلة : ((ويقبل الحسين عليه السلام في أصحابه الذين قتلوا معه)) وهذا الحديث لا يتناسب مع قولك بان للحسين (عليه السلام) مثيل يمثله في زمن القائم (عجل الله فرجه) وأي إنسان سيمثل الحسين (عليه السلام) يا ترى ؟؟!! ثم كيف سيرجع نفس العدد الذين قتلوا معه وهل لكل واحد منهم مثل ؟؟!! كما أن الأخبار قالت : ((يرجع إليكم نبيكم صلى الله عليه وآله)) فمن هو نبينا ؟! هل سيمثله شخص ما ؟! غير المهدي (عجل الله فرجه) ؟!!
هذا ومع امتناع ما تقدم من الكلام يبقى أن هذه المسألة ليست بجديدة فقد طرحها العديد من الرجال السابقين , بل العديد من الشعراء الذين وصفوا بعض الرجال بالحسين (عليه السلام) , بمعنى أن مبدأهم هو مبدأ الحسين (عليه السلام) وموقفهم هو كموقف الحسين (عليه السلام) , وقد جسدوا قصائدهم وأشعارهم بذلك , وكما أن التاريخ يشهد بان العديد من الرجال قد وصفوا بأنهم مثل الحسين ( عليه السلام) في الموقف والأفعال , فإذا كان موضوع الرجعة يعلم به حتى الشعراء فمن التفاهة أن نسأل عنه القائم (عجل الله فرجه) , كما أن وصف الرجعة بأنها من عظائم الأمور لا يبقى له وجود ولا مبرر , وكيف يبقى وقد استطاع الشعراء العلم بالرجعة وتحصيل كيفيتها !! , وهي الرجعة بالمثل أو المبدأ كما يقول أحمد البصري , فكم منا قد سمع وشاهد أناس يطلق عليهم لقب (حسين العصر) فهل سنقول بأن مخترع هذا اللقب هو عالم بالرجعة وكيفيتها ؟ وهذا ينتج بأنه المهدي الموعود ؟؟!!
لقد تعود البصري على السرقة والخداع فهو يسرق مواضيع الاستاذ ناطق سعيد وغيره من الاخوان الاعضاء وينشرها في جريدته المسماة بالصراط المستقيم , وهذه المرة يسرق موضوع قد طرح مسبقاً ويلونه بألوان أخرى ويطرحه على انه تلقاه من أبيه (المهدي المنتظر) ولا ندري كيف يقبل من يدعي ألقاب تكاد تسجد لها كما يفعل البصري كيف يقبل أن يسرق موضوع قد كثر من طرحه وتبناه .
إن الأخبار الشريفة قد بينت رجعة أناس إلى الدنيا ولم تقل برجعة مبدأهم أو موقفهم أبداً , كما أن رجعة المبدأ والموقف ليس بالأمر العظيم حتى يوصف بــ (( عظائم الأمور )) كيف يوصف بهذا الوصف والتأريخ يشهد بالكثير من المواقف التي تشابه إلى حد كبير مواقف الائمة (عليهم السلام) من حيث الظاهر , ولا يمكن القول مع هذا الفرض بتحقق الرجعة في أكثر من زمان سابق ! ولو قلنا بهذا لم تعد الرجعة مخصوصة بآخر الزمان أبداً , بل هي في كل زمان , حيث يوجد هنالك خير وشر ويمكن تشبيه الخير وتمثيله بالائمة (عليهم السلام) وتشبيه الشر بأعدائهم , ويعني هذا بان الرجعة أصبحت في كل جيل من الأجيال وخرجت من كونها في آخر الزمان فتأمل عزيزي القارئ .
يتبع
تعليق