إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

ماذا سيعني لنا أننا مجرد عقول جزئية في عقل واحد كلي؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ماذا سيعني لنا أننا مجرد عقول جزئية في عقل واحد كلي؟


    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وأل محمد
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ماذا سيعني لنا أننا مجرد عقول جزئية في عقل واحد كلي؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وأل محمد
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ماذا سيعني هذا القول لنا؟
    ماذا سيعني لنا أننا مجرد عقول جزئية في عقل واحد كلي؟

    في هذه المشاركة سأحاول إن شاء الله استكشاف وتقصي المخطط الأساسي للوجود بناء على رواية الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله عن ماهية العقل، وكذلك على رواية النفوس وأجزائها المروية عن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وآله، وكذلك على رواية جنود العقل وجنود الجهل، وربما أيضا من خلال بعض الروايات الأخرى ذات الصلة

    البحث يدور في أصله وجلّه حول فهم علاقة الجزء بالكل أي الجزء بـ "الواحد" أو بـ "كل شيء" أو بـ "نور السماوات والأرض" أو بـ "العقل الكل" أو أو أو

    وبعبارة أخرى البحث سيدور حول مدار فهم العلاقة بين مخلوق ومخلوق، أو بين مخلوق جزئي ومخلوق كلي، أو بين مخلوق جزئي ضعيف معلول وبين نور مخلوق وعبد مرزوق كلّي وهو معلول أيضا ولكنه علة للجزئي

    وهنا سأبدء أولا يإدراج رواية العقل ورواية عدد النفوس وأجزائها
    روي‌ المجلسي‌ّ عن‌ «علل‌ الشرايع‌» باسناد العلوي‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّي‌ اللَهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ مِمَّا خَلَقَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعَقْلَ؟
    قَالَ: خَلَقَهُ مَلَكٌ لَهُ رُؤوسٌ بِعَدَدِ الْخَلاَئِقِ، مَنْ خُلِقَ وَمَنْ يُخْلَقُ إلي يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلِكُلِّ رَأْسٍ وَجْهٌ، وِ لِكُلِّ آدَمِيٍّ رَأْسٌ مِنْ رُؤوسِ الْعَقْلِ. وَاسْمُ ذَلِكَ الإنسان علي‌ وَجْهِ ذَلِكَ الْرَأْسِ مَكْتُوبٌ. وَعلي كُلِّ وَجْهٍ سِتْرٌ مُلْقيً لاَ يُكْشَفُ ذَلِكَ السِّتْرُ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ حَتَّي‌ يُولَدُ هَذَا الْمَوْلُودُ وَيَبْلُغُ حَدَّ الرِّجَالِ أَوْ حَدَّ النِّسَاءِ؛ فَإذَا بَلَغَ، كُشِفَ ذَلِكَ السِّتْرُ، فَيَقَعُ فِي‌ قَلْبِ هَذَا الإنسان نُورٌ فَيَفْهَمُ الْفَرِيضَةَ وَالسُّنَّةَ وَالْجَيِّدَ وَالرَّدِيَّ. أَلاَ وَمَثَلُ الْعَقْلِ فِي‌ الْقَلْبِ كَمَثَلِ السِّرَاجِ فِي‌ وَسَطِ الْبَيْتِ.

    روي أن اعرابي سأل‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ النفس‌ فَقَالَ عليهِ السَّلاَمُ: أَيَّ الاْنْفُسِ تَسْأَلُ؟
    فَقَالَ: يَا مَوْلاَيَ هَلِ الاْنْفُسُ عَدِيدَةٌ؟
    فَقَالَ عليهِ السَّلاَمُ: نَفْسٌ نَامِيَةٌ نَبَاتِيَّةٌ، وَحِسِّيَّةٌ حَيْوَانِيَّةٌ، وَنَاطِقَةٌ قُدْسِيَّةٌ، وَإِلهِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ مَلَكُوتِيَّةٌ
    ثمّ إنّ الاعرابي‌ّ سأل‌ عن‌ كلّ من‌ الانفس‌ النامية‌ النباتيّة‌، الحسيّة‌ الحيوانيّة‌، والناطقة‌ القدسيّة‌، كان‌ عليه‌ السلام‌ يجيبه‌، حتّي‌ إذا ما سأله‌ عن‌ الإلهيّة‌ الكلّيّة‌ الملكوتيّة‌ أجابه‌ عليه السلام‌ بهذه‌ الكيفيّة‌:
    فَقَالَ: مَا النَّفْسُ الإلهِيَّةُ الْمَلَكُوتِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ؟
    فَقَالَ عليهِ السَّلاَمُ: قُوَّةٌ لاَهُوتِيَّةٌ، وَجُوْهَرَةٌ بَسِيطَةٌ حَيَّةٌ بِالذَّاتِ، أَصْلُهَا الْعَقْلُ، مِنْهُ بَدَتْ، وَعَنْهُ دَعَتْ، وَإِلَيْةِ دَلَّتْ؛ وَعَوْدَهَا إلَيْهِ إِذَا أَكْمَلَتْ وَشَابَهَتْ، وَمِنْهَا بَدَتِ الْمَوْجُودَاتُ، وَإِلَيْهَا تَعُودُ بِالْكَمَالِ. وَهِيَ ذَاتُ الْعليا، وَشَجَرَةُ طُوبَي‌، وَسِدْرَةُ الْمُنْتَهَي‌، وَجَنَّةُ الْمَأْوَي‌؛ مَنْ عَرَفَهَا لَمْ يَشْقَ أَبَدَاً، وَمَنْ جَهِلَهَا ضَلَّ وَغَوَي‌.
    فَقَالَ السَّائِلُ: مَا الْعَقْلُ؟
    قَالَ عليهِ السَّلاَمُ: جَوْهَرٌ دَرَّاكٌ، مُحِيطٌ بِالاْشْيَاءِ عَنْ جَمِيعِ جِهَاتِهَا، عَارِفٌ بِالشَّيْءِ قَبْلَ كَوْنِهِ؛ فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْمَوْجُودَاتِ، وَنَهَايَةُ الْمَطَالِبِ.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
    إذا نظرنا للإنسان، إلى أي إنسان وإلى كل إنسان أيضا من خلال هذه الروايات الشريفة على أنه عقل جزئي يرتبط بوجوده بشكل تام بذلك العقل الكلي، فيمكننا أن نصف دقائق وجوده بصفات محدودة وبهيئة دقيقة ستتيح لنا فهم تخطيط وجود كل إنسان ظهر أو سيظهر على وجه البسيطة حتى يوم القيامة وسنبدء إن شاء الله في محاولة سبر أغوار حقيقة الوجود الإنساني وعلاقته بخالقه وكيفية ارتباطه به وبغيره من المخلوقات أيضا

    وإذا أردنا أن ننطق بلسان أحد تلك الرؤوس المصفوفة على جسد هذا الملك الكلي ((والذي سنشير له إبتداءا من الآن بإسمي "كل شيء" و "الواحد")) مستعينين لذلك بالتمعن والتفكر بالروايتين السابقتين في محاولة معرفة حقيقة وجودنا وثوابته فسنقول:

    1- أنا موجود في "كل شيء" أو في "الواحد"
    من خلال وجودي بالواحد أنا موجود منذ الأبد وسأبقى موجود إلى الأزل
    2- الجميع هم الواحد، والواحد هو الجميع
    3- ما أضعه كعقل جزئي في وجودي هو ما سأحصل عليه
    4- كل شيء في هذا الوجود متغير ومتحول ما عدى هذه الثوابت الثلاثة،

    والإعتقاد بهذه الثوابت الأربعة سيستتبع الإعتقاد بأشياء أخرى مثل:
    1- أنا موجود في "كل شيء" أو في الواحد
    أ‌- إذا كنت موجود الأن فأنا موجود منذا الأزل
    ب‌- من خلال وجودي بالواحد أنا موجود منذ الأزل وسأبقى موجود به إلى الأبد
    ت‌- إن نوع وطبيعة وشكل وجودي قابل للتغيير والتبدل ولكن أصل وجودي ثابت وغير قابل للعدم، وسأبقى موجودا دائما وأبدا ما دام "الواحد" باقي وموجود

    2- الجميع هم الواحد، والواحد هو الجميع، وهذا سيعني أن:
    أ‌- الجميع متصلون ببعضهم البعض ولا يوجد أي إنفصال بينهم فالكل هو الواحد والواحد هو الكل، وليس البشر فقط هم المتصلون ببعضهم البعض، بل كل المخلوقات متصلة ببعضها البعض، الحجر والمدر، والسماوات والبحار، والنجوم والأشجار، فالكل متصل ببعضه البعض من خلال اتصالهم جميعهم بالواحد

    3- ما أضعه كعقل جزئي في وجودي هو ما سأحصل عليه، وهذا يعني أن:
    أ‌- العالم المادي هو مجرد تشكّل مرأتي أو انعكاس مرآتي لما أؤمن به بشدة بأنه حقيقة
    ب‌- وكما أن صورتي في المرآة لن تتغير ما لم أغيّر وبإرادتي الشخصية من شكلي خارج المرآة، فعالمي وواقعي الذي أعيشه كذلك لن تتغير صورته وأحداثه ما لم أغير أنا بنفسي ما أؤمن به وما أعتقد به، فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

    4- كل شيء في هذا الوجود متغير ومتحول ما عدى هذه الثوابت الثلاثة
    أ‌- بما أنني سأبقى حي لمدة طويلة طويلة طويلة وأتغير بها من حال الى حال الى حال فيجب أن أحاول قدر إمكاني أن أتمتع برحلة الحياة هذه، واختار لنفسي بها أجمل الأحوال لأتشكل بها
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    كل عقل جزئي في هذا العقل الكلي هو عبارة عن:

    1- كيان منفصل وواعي بنفسه
    2- وكل عقل جزئي أو كل كيان منفصل وواعي بنفسه فيه هو يعيش في عالم ذاتي خاص به وهو عبارة عن انعكاس مرآتي ذاتي ينعكس منه له، ويعبر تماما عن معتقداته الشخصية التي يؤمن بها
    3- كل كيان، أو كل عقل جزئي من الواحد هو عبارة عن كيان حر الإرادة بشكل كامل وتام
    4- كل عقل جزئي هو قادر على أن يكون بالقوة التي يريد أن يكون عليها، وهو قادر على أن يشكّل لنفسه بنفسه من نفسه وبقوته الذاتية التي يستمدها من العقل الكلي ذلك الواقع الذي يؤمن به بشدة ويريده لنفسه، وبدون أن يؤذي غيره من العقول الجزئية للحصول عليه، أو حتى أن ينقص منها بعض ما تريده لنفسها فيأخذه منها لنفسه، أو حتى أن يؤذيها بأي شكل من الأشكال المتصورة، فكل كيان منها يشكّل لنفسه بنفسه من نفسه وبقوته الذاتية ما يريد ويشاء من الوقائع والصور

    هذه الرواية الشريفة تريد أن تقول لنا أن كل هذا الوجود الذي نراه من حولنا والذي لا نراه كذلك هو مجرد وجود عقلي، وأنه وجود خواطري، وأنه وجود نوري غير مادي، تملاء الخواطر والأفكار المختلفة أرجائه وأركانه كلها، بل ان نفس ارجائه واركانه كلها هي مجرد خواطر، تماما كما عالم الأحلام، فعالم الأحلام حقيقة هو مجرد عالم خواطر وأفكار، وإذا دققنا في هذا الوصف سنجد أن أساس الخواطر والأفكار كلها هي جمل عديدة لو كانت مرتبة بشكل متناسق وجميل فسينتج منها فكر أو مشهد عقلي فكري متناسق وجميل أيضا
    وبما أن الجمل مكونة من كلمات وأن الكلمات مكونة من الحروف والتي هي بداية درجة تكوين الأفكار والخواطر، فإن بناء نفس الأفكار أو الخواطر المتجسدة على صورة أشكال مادية مختلفة سواء كانت في الأحلام الشخصية الفردية أو في العالم العقلي الكبير الكليّ، فإنها جميعها تتكون أساسا وابتداءا من الحروف والكلمات والجمل، وهذا المعني سيتكفل بإيضاحه المقطع التالي من مناظرة الامام الرضا عليه السلام مع عمران الصابئي:
    ...... قال الرضا عليه السلام: إن الله المبدئ الواحد الكائن الأول لم يزل واحدا لا شئ معه، فردا لا ثاني معه، لا معلوما ولا مجهولا ولا محكما ولا متشابها ولا مذكورا ولا منسيا، ولا شيئا يقع عليه اسم شئ من الأشياء غيره، ولا من وقت كان ولا إلى وقت يكون، ولا بشئ قام ولا إلى شئ يقوم، ولا إلى شئ استند، ولا في شئ استكن. وذلك كله قبل الخلق إذ لا شئ غيره وما أوقعت عليه من الكل فهي صفات محدثة وترجمة يفهم بها من فهم. واعلم أن الابداع والمشية والإرادة معناها واحد وأسماؤها ثلاثة، وكان أول إبداعه وإرادته ومشيته الحروف التي جعلها أصلا لكل شئ ودليلا على كل مدرك وفاصلا لكل مشكل، وتلك الحروف تفريق كل شئ من اسم حق وباطل أو فعل أو مفعول أو معنى أو غير معنى، وعليها اجتمعت الأمور كلها، ولم يجعل للحروف في إبداعه لها معنى غير أنفسها يتناهى ولا وجود لأنها مبدعة بالابداع، والنور في هذا الموضع أول فعل الله الذي هو نور السماوات والأرض، والحروف هي المفعول بذلك الفعل، وهي الحروف التي عليها الكلام والعبارات كلها من الله عز وجل، علمها خلقه، وهي ثلاثة وثلاثون حرفا، فمنها ثمانية وعشرون حرفا تدل على اللغات العربية، ومن الثمانية والعشرين اثنان وعشرون حرفا تدل على اللغات السريانية والعبرانية، ومنها خمسة أحرف متحرفة في سائر اللغات من العجم لأقاليم اللغات كلها، وهي خمسة أحرف تحرفت من الثمانية والعشرين الحرف من اللغات فصارت الحروف ثلاثة وثلاثين حرفا، فأما الخمسة المختلفة فبحجج لا يجوز ذكرها أكثر مما ذكرناه، ثم جعل الحروف بعد إحصائها وإحكام عدتها فعلا منه كقوله عز وجل كن فيكون وكن منه صنع، وما يكون به المصنوع، فالخلق الأول من الله عز وجل الابداع لا وزن له ولا حركة ولا سمع ولا لون ولا حس، والخلق الثاني الحروف لا وزن لها ولا لون، وهي مسموعة موصوفة غير منظور إليها، ...... بقية الرواية

    وهنا سأعيد هذا المقطع من هذه الرواية الشريفة لأسلط الضوء عليه بعد ذلك:
    ... والنور في هذا الموضع أول فعل الله الذي هو نور السماوات والأرض، والحروف هي المفعول بذلك الفعل .....
    فهذا النور الأول هو نفسه نور السماوات والأرض وهو نفسه العقل الكلي الأول وهو نفسه الملك الذي له رؤوس بعدد الخلائق، وهو أول فعل الله، أما الحروف فهي أول مفعول فعله نور السماوات والأرض،
    فالنور هو أول فعل الله،
    وأول فعل النور هو أنه أبدع الحروف وهذا لا يعني أن النور غير الحروف ولكنه كما قالت نفس الرواية الشريفة ((واعلم أن الابداع والمشية والإرادة معناها واحد وأسماؤها ثلاثة))
    فالمعنى واحد والأسماء ثلاثة، فتماما كما أن الإنسان يتكون من ثلاثة أسماء أو ثلاثة أجزاء وهي الروح والنفس والبدن وهي بمجموعها تشير لمعنى واحد وهو الإنسان، فكذلك الإبداع والمشيئة والإرادة، فهي ثلاثة أسماء أو ثلاثة أجزاء تشير لمعنى واحد وهو نور السماوات والأرض، و العقل الكلّيّ، أو "كلّ شيء"، أو أو أو
    وإذا انتبهنا أن هذا العقل الكلّي هو الذي يربي جميع العقول الجزئية المتقومة به فعلا وكينونة فيمكننا أن نقول أن هذا العقل الكلي هو رب جميع العقول الجزئية القائمة به، فهو رب ما كان وما يكون منها الى قيام الساعة،
    والذي خلقه، أي الذي أوجد "نور السماوات والأرض" لا من شيء هو ربه ورب كل العقول الجزئية القائمة به، فهو رب "كل شيء"، "فكل شيء" أو "نور السماوات والأرض" هو نور مخلوق وعبد مرزوق مربوب وأكثر المحتاجين لرب يرعاه ويربيه

    بعد أن عرفنا أن هذا العقل الكلي هو رب جميع العقول الجزئية أي أنه ربنا يجب علينا الآن أن نحاول فهمه لأننا حينها سنفهم تكويننا وطريقة عملنا، فمن عرف نفسه عرف ربه، وأعرفكم بنفسه أعرفكم بربه، والروايات التي تتكلم بهذا المضمون وتحث على معرفة النفس كثيرة جدا لأننا بمعرفتها سنعرف ربنا، وهنا لن نبحث في معرفة أنفسنا لنعرف ربنا بل بالعكس، فمن حيث أننا حددنا من هو ربنا فسنبحث عن الروايات التي تصفه فنعرف حينها أنفسنا، أي اننا لن ننطلق من الأدنى لمعرفة وفهم الأعلى، وذلك لقلة الروايات التي تصفها، بل سننطلق من فهم النفس العليا أو العقل الكلي لنفهم أنفسنا، وذلك لكثرة الآيات والروايات التي بين أيدينا والتي تتكلم عن العقل الكلي والنفس العليا وتشعب تفاصيل تلك الروايات التي تصفها من كل الجهات
    وهذه الرواية التالية هي واحدة من تلك الروايات القليلة التي جمعت بين وصف العقل الكل والعقول الجزئية أي جمعت بين وصف نفس رب العالمين ووصف نفوس العالمين، أي جمعت بين وصف نفس العقل الكلي الملك الذي له رؤوس بعدد الخلائق ووصف نفوس الخلائق
    عن كميل بن زياد قال سالت !اميرالمؤمنين على ع
    فقلت يا اميرالمؤمنين اريدك ان تعرفني بنفسي .قال:
    واي الانفس تريد ان اعرفك؟ فقلت هل هي الا نفس واحده؟ فقال ياكميل انما هي اربعه الناميه النباتيه والحسيه الحيوانيه والناطقه القدسيه والكليه الالهيه
    ولكل واحده من هذه خمس قوى وخاصيتان فالناميه النباتيه لها خمس قوى ماسكه وجاذبه وهاضمه ودافعه ومربيه ولها خاصيتان الزياده والنقصان وابعاثها من الكبد والحسيه الحيوانيه لها خمس قوى سمع وبصر وشم وذوق ولمس ولها خاصيتان الشهوه والغضب وانبعاثها من القلب والناطقه القدسيه لها خمس قوى فكر وذكر وعلم وحلم ونباهه وليس لها انبعاث وهي اشبه الاشياء بالنفوس الملكيه ولها خاصيتان النزاهه والحكمه والكليه الالهيه لها خمس قوى بقاء في فناء ونعيم في شقاء وعز في ذل وفقر في غناء وصبر في بلاء ولها خاصيتان الرضا والتسليم وهذه التي مبدؤها من الله واليه تعود وقال الله تعالى ونفخت فيه من روحي وقال تعالى يا ايتها النفس المطمئنه ارجعي الى ربك راضية مرضيه والعقل وسط كل شيء
    وهنا سأقتبس مرة أخرى عبارة من هذه الرواية الشريف لكي أسلط الضوء عليها
    ((والناطقه القدسيه لها خمس قوى فكر وذكر وعلم وحلم ونباهه وليس لها انبعاث وهي اشبه الاشياء بالنفوس الملكيه))
    إن الأسماء الثلاثة، أو الأجزاء الثلاثة، أو النفوس الثلاثة المكونة لكل إنسان أو لكل عقل جزئي هي النفس الناميه النباتيه، والحسيه الحيوانيه، والناطقه القدسيه، أمّا النفس الكلّية الإلهية الرابعة فهي نعم تدخل في تكوين كل إنسان ولكنها ليست حكرا على إنسان دون إنسان آخر، أو عقل جزئي دون آخر، فهي جزء من الكل والكل هم أجزائها، فهي ثانية كل عقل جزئي من أجزائها، و هي رابعة النفوس الثلاثة لكل عقل جزئي فيها
    وما يميز النفس الناطقة القدسية حسب الرواية عن غيرها هي أنها أشبه الأشياء بالنفوس الملكية، فأين هو ذكر النفوس الملكية؟
    في الرواية السابقة لا يوجد ذكر للنفوس الملكية فمن هي تلك النفوس الملكية وأين نجد ذكرها؟

    أعتقد أننا سنجد ذكر هذه النفوس الملكية في هذه الرواية الشريفة
    عن الصادق‌ صلوات‌ الله‌ و سلامه‌ عليه‌ أنه قَالَ:
    إنَّ اللَهَ خَلَقَ اسْمًا بِالْحُرُوفِ غَيْرَ مُصَوَّتٍ،وَ بِاللَفْظِ غَيْرَ مُنْطَقٍ، وَ بِالشَّخْصِ غَيْرَ مُجَسَّدٍ،وَ بِالتَّشْبِيهِ غَيْرَ مَوْصُوفٍ،وَ بِاللَوْنِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ؛مَنْفِيٌّ عَنْهُ الاقْطَارُ،مُبَعَّدٌ عَنْهُ الْحُدُودُ، وَ مَحْجُوبٌ عَنْهُ حِسُّ كُلِّ مُتَوَهِّمٍ،مُسْتَتِرٌ غَيْرُ مَسْتُورٍ .
    فَجَعَلَهُ كَلِمَةً تَآمَّةً عَلَي أَرْبَعَةِ أَجْزَآءٍ مَعًا؛لَيْسَ مِنْهَا وَاحِدٌ قَبْلَ الآخَرِ.
    فَأَظْهَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَسْمَآءٍ لِفَاقَةِ الْخَلْقِ إلَيْهَا، وَ حَجَبَ مِنْهَا وَاحِدًا، وَ هُوَ الاسْمُ الْمَكْنُونُ الْمَخْزُونُ بِهَذِهِ الاسْمَآءُ الَّتِي‌ ظَهَرَتْ، فَالظَّاهِرُ مِنْهَا هُوَ الله وتبارك وسبحان.
    وَ سَخَّرَ سُبْحَانَهُ لِكُلِّ اسْمٍ مِنْ هَذِهِ الاسْمَآءِ أَرْبَعَةَ أَرْكَانٍ؛ فَذَلِكَ اثْنَاعَشَرَ رُكْنًا، ثُمَّ خَلَقَ لِكُلِّ رُكْنٍ ثَلَاثِينَ اسْمًا، فَعَلَا مَنْسُوبًا إلَيْهَا .
    فَهُوَ الرَّحْمَنُ، الرَّحِيمُ، الْمَلِكُ، الْقُدُّوسُ، الْخَالِقُ، الْبَارِي‌ُ، الْمُصَوِّرُ، الْحَيُّ، الْقَيُّومُ، لَاتَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لَانَوْمٌ، الْعَلِيمُ، الْخَبِيرُ، السَّمِيعُ، الْبَصِيرُ، الْحَكِيمُ، الْعَزِيزُ، الْجَبَّارُ، الْمُتَكَبِّرُ، الْعَلِيُّ، الْعَظِيمُ، الْمُقْتَدِرُ، الْقَادِرُ، السَّلَامُ، الْمُؤْمِنُ، الْمُهَيْمِنُ، الْمُنْشِي‌ُ، الْبَدِيعُ، الرَّفِيعُ، الْجَلِيلُ، الْكَرِيمُ، الرَّازِقُ، الْمُحْيِي‌، الْمُمِيتُ، الْبَاعِثُ، الْوَارِثُ.
    فَهَذِهِ الاسْمَآءُ وَ مَا كَانَ مِنَ الاسْمَآءِ الْحُسْنَي‌ حَتَّي‌ يَتِمَّ ثَلَاثَ مِأَةٍ وَ سِتِّينَ اسمًا؛ فَهِيَ نِسْبَةٌ لِهَذِهِ الاسْمَآءِ الثَّلَاثَةِ، وَ هَذِهِ الاسْمَآءُ الثَّلَاثَةُ أَرْكَانٌ وَ حُجُبُ الاسْمِ الْوَاحِدِ الْمَكْنُونِ الْمَخْزُونِ بِهَذِهِ الاسْمَآءِ الثَّلَاثَةِ .
    وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَي‌: قُلِ ادْعُوا اللَهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَـٰنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الاسْمَآءُ الْحُسْنَي‌'.... إنتهى

    وهنا ألفت النظر مجددا أن الأسماء الثلاثة الظاهرة هي: الله و تبارك و سبحان

    وهنا سأقتبس مقطع من هذه الرواية الشريفة لكي أسلط عليه الضوء

    وَ سَخَّرَ سُبْحَانَهُ لِكُلِّ اسْمٍ مِنْ هَذِهِ الاسْمَآءِ أَرْبَعَةَ أَرْكَانٍ؛ فَذَلِكَ اثْنَاعَشَرَ رُكْنًا، ثُمَّ خَلَقَ لِكُلِّ رُكْنٍ ثَلَاثِينَ اسْمًا، فَعَلَا مَنْسُوبًا إلَيْهَا .
    النفس الكلية حسب هذه الرواية بدأت من إسم واحد بِالْحُرُوفِ غَيْرَ مُصَوَّتٍ،وَ بِاللَفْظِ غَيْرَ مُنْطَقٍ، وَ بِالشَّخْصِ غَيْرَ مُجَسَّدٍ و و و و،
    إن هذا الاسم إسم فرد لا ثاني له، وهو اسم مربوب مخلوق وعبد مرزوق

    ثم أن هذا الاسم الفرد المربوب المخلوق العبد المرزوق أصبحت له عائلة من أربعة أسماء هو ربها ومربيها ومالكها وهو المتصرف بها، ثم من موقع المربي والمتصرف شاء أن يظهر من هذه العائلة الأسمائية الرباعية ثلاثة أسماء فقط وطوى الإسم الرابع فيهم، فالظاهر إذا هي عائلة أسمائية ثلاثية،

    ثم بعد ذلك أصبح لكل أسم ظاهر من هذه العائلة الثلاثية عائلة أسمائية متكونة من أربعة أسماء، ليكون كل اسم من تلك الأسماء الثلاثة الظاهرة بمثابة رب لعائلته الأسمائية الرباعية يربيها ويوجهها ويتصرف بها حسب الحكمة والخطة التي تأتيه من الإسم الفرد،

    ثم بعد ذلك أصبح لكل إسم من تلك العائلات الأسمائية الرباعية الثلاثة ((إثني عشر إسما للعوائل الرباعية الثلاثة)) عائلة أسمائية ثلاثينية ليصبح كل اسم من تلك الاسماء الإثني عشر بمثابة رب مربي وموجه ومتصرف لثلاثين إسما، ليصبح المجموع ثلاث ماْئة وستين إسما
    من متابعة تلك الأسماء الثلاثين الواردة في هذه الرواية الشريفة نجد أن بداية النفوس الملائكية الفاعلة تبدء في الظهور أولا في العائلات الاسمائية الثلاثينية
    حسنا، ماذا سيحصل بعد ذلك؟
    كيف ستستمر شجرة الوجود بالتفرع نزولا؟
    هل سيصبح كل إسم من تلك الأسماء الثلاث ماْئة وستين بعد ذلك رب لثلاثين إسم؟ أم لأربعة أسماء؟ أم لثلاثة أسماء؟ أم لأسم واحد؟ أم أكثر من ذلك أم أقل؟
    سنأتي لهذه النقطة في وقت لاحق إن شاء الله، ولكن ما أريد التركيز عليه وتوضيحه هنا، أن لكل نفس في العائلة الثلاثينية يوجد لها ثلاث أنفس عليا، أو ثلاثة أرباب
    1- فكل إسم من أسماء العائلة الرباعية يعتبر كنفس عليا أو كـ رب لثلاثين إسما تقع جميعها ضمن دائرة رعايته وتخطيطه وتربيته،
    2- وكل عائلة أسمائية رباعية لها كذلك نفس عليا واحدة أو إسم واحد من العائلة الأسمائية الثلاثية وهو ربّها الذي يرعاها ويخطط لها طريقها وسلوكها ويوجهها ويربيها
    3- والعائلة الأسمائية الثلاثية لها رب واحد هو بالنسبة لها كنفسها العليا التي ترعاها وتربيها وتوجهها جميعها
    وبهذا التصور سيكون كل إسم من العائلة الثلاثية بمثابة النفس العليا الثانية أو المربي الثاني لعائلة أسمائية رباعية و كذلك بمثابة النفس العليا الثالثة أو المربي الثالث لمجموع أسماء أربع عائلات أسمائية ثلاثينية مجموع اسمائها 120 إسم، بينما ستكون النفس الإلهية الكلية بمثابة النفس العليا لجميع الأسماء بجميع مراتبها ومنازلها وأعدادها
    وهذا مخطط بسيط لشرح الفكرة

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
    الآن بعد أو صلنا لهذه النتيجة سنحتفظ بها لبعض الوقت ونذهب لرواية جنود العقل وجنود الجهل ونستنطقها كعادتنا مع روايات أهل بيت العصمة ومن منطلق أننا نصدقها بشكل كامل وبدون قيد أو شرط

    جاء في الكافي الشريف في كتاب العقل :

    14 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن سماعة بن مهران قال: كنت عند أبي عبدالله عليه السلام وعنده جماعة من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل فقال أبوعبدالله عليه السلام:

    اعرفوا العقل وجنده والجهل وجنده تهتدوا
    قال سماعة: فقلت: جعلت فداك لا نعرف إلا ما عرفتنا
    فقال أبوعبدالله عليه السلام: إن الله عزوجل خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل، فقال الله تبارك وتعالى: خلقتك خلقا عظيما و كرمتك على جميع خلقي

    قال: ثم خلق الجهل من البحر الاجاج ظلمانيا فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فلم يقبل فقال له: استكبرت فلعنه، ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جندا فلما رأى الجهل ما أكرم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة فقال الجهل: يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأنا ضده ولا قوة لي به فأعطني من الجند مثل ما أعطيته فقال: نعم فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي قال: قد رضيت فأعطاه خمسة وسبعين جندا

    فكان مما أعطى العقل من الخمسة والسبعين الجند: الخير وهو وزير العقل وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل ..... بقية الرواية

    ما الذي سيعنيه إلهام تلك الجنود لكل نفس إنسانية؟

    ونفس وما سوّاها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها

    وما هو أثر أو عمل تلك الجنود في كل نفس إنسانية؟

    ولماذا قد أفلح من زكّاها وليس سيفلح من سيُـزكّيها؟

    ولماذا قد خاب من دسّاها وليس سيخيب من سيـدسّها؟

    لماذا الفلاح والخيبة قد تحددتا منذ الاختيار الأول؟

    وهذا القول وأقصد هنا هذا القول ((ونفس وما سوّاها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها)) هو قول من؟
    ويعبّر عن وجهة نظر من؟

    وأقصد هنا: هل من الممكن أن يكون هذا القول يعبّر عن حكم الناطق بإسم العقل ووجهة نظره من المسألة؟

    أو إنه يعبر عن حكم الناطق بإسم الجهل ووجهة نظره من نفس المسألة؟

    فإن كان هذا الحكم هو حكم الناطق بإسم العقل، ومن اعتقاده الشخصي الذي ينطلق به من خلال معرفته وفهمه لمهمته ولرسالته ولخالقه ولجنود العقل وجمالها فلا بد أن يكون هذا الناطق هو نفسه رئيس وقائد حزب الله القرآني، لأنه من الواضح من خلال النص القرآني أن حزب الله يتصف بصفات العقل ويدعو لها كذلك، أو بتعبير آخر هو يتجند بجنود العقل ويدعو للتجند بها كذلك، وبما أن القرأن كله يدعو للعقل ولجنود العقل فيمكننا وصفه بأنه دستور العقل أو انه كتاب أو دستور حزب الله القرأني الذي يصف به تاريخ الحزب وإنجازاته ومعاركه وملاحمه وصراعه الطويل مع حزب الشيطان أو مع الجهل، وهذه النظرة للقرآن الكريم تتوافق مع ما قاله أهل البيت عليهم السلام لنا، من أنه أينما ووجدنا ضمير الفعل بالجمع فإنهم هم المقصودون بذلك، فغالبا ما كان ضمير المتحدث أو الفاعل يأتي بالقرآن الكريم على صيغة الجمع، كما أنه يصف فعلا تاريخ وجهاد وصراع أعضاء حزب الله القرآني المتمثلين بالأنبياء والرسل والأولياء والصالحين مع رموز وأعضاء وأتباع حزب الشيطان أو مع رموز وأعضاء وأتباع الجهل

    إن كان الناطق بالقرآن الكريم هو الناطق بإسم العقل فهو يصف اعتقاده بجنوده بأنها الجنة وأن من يتصف بها فإنه سيدخل الجنة لمجرد اتصافهم بها وإنهم سيجزون أتباعهم أحسن الجزاء جزاء لاختيارهم جنود العقل وجزاء لاختيارهم الوقوف لجانبهم

    الآن ماذا عن الجهل؟

    لا ننسى أن الجهل هو أيضا إلآهي تماما بقدر ما هو العقل إلآهي، وهو وإن كان هدفه أن يهزم العقل ولكنه يفعل ذلك من باب أنه يرى أنه جميل وأنه أجمل من العقل كذلك، وأن من يتصف به وبجنوده يستحق أن يتمتع بجنة منبع متعها وجمالها وحسنها ينبع من أصل جمال وحسن جنوده وصفاته التي يعتقد بها

    فكلا العقل والجهل إذن سيدعوان وسيعدان من يتبعهما بدخول الجنة ولكن طبيعة جنة العقل سيراها الجهل وسيصفها لأتباعه وسيحلف لهم وهو كاذب بأنها عذاب مقيم وهو يعلم بأنه كاذب حين يصفها بأنها عذاب مقيم، بينما سيرى العقل جنة الجهل بأنها هي العذاب المقيم وسيصفها لذلك وبكل صدق بمختلف الألفاظ الشنيعة وبمختلف الصور المريعة و بأنها هي العذاب المقيم

    ولكن ذلك لا يعني أن من سيتبعون الجهل وصفات الجهل سيتلذذ الله بتعذيبهم بعد ذلك الى أبد الآبدين لأنهم صدّقوا واتبعوا مخلوق إلهي هو من خلقه بيده لهم وسلطه عليهم وأمده بكل ما سيحتاجه لكي يستطيع أن يستميل ربما أكثر من 90% من مخلوقاته، وهذه النسبة طبعا إن كنت متفائلا جدا، وإلا فحسب معتقدات الأكثرية وكلمات مشائخ المنابر من مختلف الأديان والمذاهب تقول لنا أن 99.9999% سيذهبون لا محالة للعذاب وللنار الأبدية، وفقط هم وأصحابهم من سيتلذذون بما لذ وطاب لأنهم يعتقدون بشيء اسمه س أو ص، والحقيقة هي أن الجميع يعتقدون بـنفس س أو ص الذي نعتقد به ولكنهم يسمّونه بأسماء أخرى ويطلقون عليه ألفاظ مختلفة عن التي نطلقها نحن عليه

    ولو قلنا أن القرآن الكريم هو بلسان الناطق عن العقل أو بلسان رئيس حزب الله القرآني لما خالفنا أصل معتقدنا بالله وبالكتاب الكريم، فحزب الله وقياداته إذا قالوا قال الله، وإذا قال الله قالوا، فلا فرق بين قوله وقولهم، ولا فرق بين حديثهم وحديثه، فهم لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، وهم إلى الله يدعون وله يسلمون وبأمره يعملون وبكتابه يحكمون، وهم حين يصفون الجهل وجنوده وعاقبة من يتبع الجهل ويتصف بجنوده بأبشع الأوصاف فإنهم صادقون تماما بوصفهم لحالة من يتبع الجهل وجنوده ولكن يمكن وصف حال وصفهم بالوصف التالي:

    إذا وقفتم أمام زريبة الخنازير أجلكم الله وقلتم أن هذه الخنازير تعيش بالقذارة وتأكل القذارة فأنتم صادقون في وصفكم للوضع، ولكن نفس الخنزير لا يرى أنه يأكل قذارة أو إنه يعيش في القذارة، ولو أنكم قدمتم له طعام نظيف فإنه غالبا لن يأكله ما لم يخلطه بالطين وبما يختلط بالطين من قاذورات أيضا، لأنه لا يستطعم الأكل النظيف، كما إنه يرى رطوبة الأرض في زريبته القذرة جميلة ومريحة وروضة من رياض الجنة، ولو أنك وضعته في زريبة نظيفة ربما أصابته حينها الكآبة واجتاحته الأمراض، وربما سينظر الخنزير من داخل زريبته الموحلة للذين هم خارجها ويتأسف على حالهم المزري النظيف، ويتعجب منهم ومن صبرهم على العذاب الذي هم فيه ((طبعا هذا من وجهة نظر الخنزير))

    وسنجد الكثير من هذه الأمثال الحيوانية من حولنا، بل وحتى بين الناس توجد مثل هذه الأمثلة، فيوجد هناك من يرفض الحلال ولا يستسيغه رغم توفره بين يديه ويسعى بنفس الوقت لكل ما هو حرام رغم تشابهه مع الحلال.

    من هذا الوصف يمكننا القول أنه لا يوجد عذاب حقيقي كالذي نتصوره ونفهمه نحن من وجهة نظر خالق الأكوان وخالق النور والظلام أو خالق العقل وخالق الجهل، ولكن من حُكم النور على الظلام ومن حُكم الظلام على النور ظهرت فكرة العذاب والنعيم وفكرة الجنة والنار، فالنور حكم صادقا أن الظلام نار وأنه هو الجنة، والظلام حكم وحلف لأتباعه كاذبا وهو يعلم بكذبه أنه هو الجنة وأن النور هو النار، فهو يحلف لأتباعه على الكذب وهو يعلم بكذبه، هذه هي وضيفته والكذب هو أحد جنوده وهو قد أعطى العهد أن لا يعصي الله أبدا في بقائه ندا ومحاربا للنور

    كل أنظمة الإعتقاد التي سادت في يوم من الأيام على الأرض، أو التي تسود اليوم عليها، أو التي ستسود عليها بالمستقبل، أو التي سادت أو تسود أو ستسود أي عالم آخر كلها قامت وتقوم وستقوم على نفس أساس هذا الصراع الأبدي بين النور والظلام، أو بين العقل والجهل، ولكن هذا لا يعني أن خالق النور والظلام، أو خالق العقل والجهل قد أوجد هذا الصراع الأبدي بينهما وأمدهما كلاهما بالقوة والعلم اللآزمين لكي يتلذذ بعد ذلك بتعذيب أكثر مخلوقاته أشد العذاب لأنهم انحازوا لأحد هذين الطرفين الإلهيين العظيمين

    من يعبدون هكذا إلآه ساديّ أقول لهم لا أعبد ما تعبدون، فإلهي وربي رؤوف رحيم وسعت رحمته "كلّ شيء" فـ "كل شيء" أو "العقل الكلّي" يسبح في رحمة الله فأين تتوقعون يمكن لتلك الجهنم التي تتصورونها وتصورونها لنا أن تنوجد؟

    حسنا، إن كانت الجنة ليست كما نتصورها فكيف هي إذن؟
    وإن كانت جهنم ليست كما نتصورها فكيف هي إذن؟
    وما علاقة الجنة وجهنم بالحديث الذي وضعته بالجدول السابق؟

    هذه أسألة حائرة وسيأتي خلال البحث أسألة غيرها، وبعضها سنجيب عنها مباشرة وأخرى سيتكفل البحث حين الإجابة عن غيرها بالإجابة عليها، وستصبح جميعها بإجابات إن شاء الله حين تتضح الصورة شيء فشيء، فجميع الإجابات موجودة بالتأكيد داخل الصورة وما نحتاجه فعلا لمعرفة الأجوبة هو توضيح الصورة أكثر بتسليط ضوء الفكر والتفكرعليها أكثر وأكثر وأكثر، والتفاصيل العامة لهذه الصورة سنأخذها كعادتنا من القرآن الكريم ومن كلمات أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين

    الآن سنرجع لإحدى ثوابت عملية الخلق كما أوردتها في بداية البحث وتحديدا الثابت الثالث كما أدرجت ترتيبه ومضمونه أن: ما سأضعه كعقل جزئي في وجودي هو ما سأحصل عليه

    وسأقدم روايتان لأهل بيت العصمة في البداية

    3 - الكافي: عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن موسى، عن أحمد بن عمر، عن يحيى بن أبان، عن شهاب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
    لو علم الناس كيف خلق الله تبارك وتعالى هذا الخلق لم يلم أحد أحدا، فقلت: أصلحك الله، وكيف ذلك؟ قال: إن الله تبارك وتعالى خلق أجزاء بلغ بها تسعة وأربعين جزءا ثم جعل الاجزاء أعشارا فجعل الجزء عشرة أعشار، ثم قسمه بين الخلق، فجعل في رجل عشر جزء وفي آخر عشري جزء حتى بلغ به جزءا تاما وفي آخر جزءا وعشر جزء، وفي آخر جزءا وعشري جزء، وفي آخر جزءا وثلاثة أعشار جزء، حتى بلغ به جزئين تامين، ثم بحساب ذلك حتى بلغ بأرفعهم تسعة وأربعين جزءا فمن لم يجعل فيه إلا عشر جزء لم يقدر على أن يكون مثل صاحب العشرين، وكذلك صاحب العشرين لا يكون مثل صاحب الثلاثة الأعشار، وكذلك من تم له جزء لا يقدر على أن يكون مثل صاحب الجزءين، ولو علم الناس أن الله عز وجل خلق هذا الخلق على هذا لم يلم أحد أحدا.إنتهى

    هذه الرواية نضعها بجانب هذه الرواية :

    أبوعلي الاشعري ومحمد بن يحيى، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لو علم الناس كيف ابتداء الخلق ما اختلف اثنان، إن الله عزوجل قبل أن يخلق الخلق قال: كن ماء عذبا أخلق منك جنتي وأهل طاعتي وكن ملحا اجاجا أخلق منك ناري وأهل معصيتي ثم أمرهما فامتزجا، فمن ذلك صار يلد المؤمن الكافر والكافر المؤمن ثم أخذ طينا من أديم الارض فعركه عركا شديدا فاذا هم كالذر يدبون، فقال لاصحاب اليمين: إلى الجنة بسلام وقال لاصحاب الشمال: إلى النار ولا أبالي، ثم أمر نارا فاسعرت، فقال لاصحاب الشمال: ادخلوها، فهابوها، فقال لاصحاب اليمين: ادخلوها فدخلوها، فقال: كوني بردا وسلاما فكانت برداو سلاما فقال أصحاب الشمال: يا رب أقلنا فقال: قد أقلتكم فادخلوها، فذهبوا فهابوهها، فثم ثبتت الطاعة والمعصية فلا يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء، ولا هؤلاء من هؤلاء. أنتهى

    لقد شدد أهل البيت بتلك الروايتين الشريفتين على مبدء واحد وهو أن ما سنزرعه هو تمام ما سنحصده ولا مكان للتلاوم او الاختلاف بين البشر حين الحصاد، فهم الذين زرعوا ما يحصدونه الآن وهذا نستخلصه من قولهم في بداية الروايتين:

    لو علم الناس كيف ابتداء الخلق ما اختلف اثنان

    لو علم الناس كيف خلق الله تبارك وتعالى هذا الخلق لم يلم أحد أحدا،

    ومن قول الرسول صلى الله عليه وآله: ما خلقتم للفناء، بل خلقتم للبقاء وإنما تنقلون من دار إلى دار وأنها في الأرض غريبة وفي الأبدان مسجونة
    سنفهم أننا في حالة حصاد دائم وزرع دائم، ففي كل لحظة نحن نزرع وفي كل لحظة نحن نحصد أيضا، نزرع ونحصد، نزرع ونحصد، نزرع ونحصد،،،،، نحصد ما زرعناه في اللحظة السابقة ونزرع ما سنحصده في اللحظة التالية، هذه هي الحياة التي خلقنا من أجل البقاء بها، وتلك الدور التي سننتقل منها ولها هي نفسها مكان زرعنا وهي حصادنا أيضا

    وفي أي لحظة سنغير بها نوع زرعنا الذي نزرعه سيتغير معه في اللحظة التالية نوع حصادنا وشكل الدار الذي سننتقل إليه، فما نقدمه من أنفسنا في أنفسنا لأنفسنا هو ما سنحصده لأنفسنا، والقرآن الكريم شدد على هذا المعنى وهذا القانون الذي يحكم عملية الخلق فعبر عنه في أكثر من آية وعلى سبيل المثال لا الحصر قال:

    وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
    وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهًا ....
    فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
    مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ

    وتوجد الكثير الكثير من الآيات والروايات التي تشير وتصر على هذا المعنى وهو حسب تعبيري أنه ثابت من أربعة ثوابت تحكم عملية الخلق وهو: أن ما سنضعه في وجودنا هو تمام ما سنحصل عليه، وهذا القانون كما أنه الآيات والروايات تؤيده فإنه كذلك مؤيد بالقوانين الفيزيائية والكيميائية والرياضية كذلك، بل بكل القوانين العلمية أيضا، كلها تقول أن ما تضعه في تجربة أو معادلة معينة ستحصل عليه بتمامه وإن كان بصور مختلفة عن الصورة الأولى
    1+1=2 فكك 2 تحصل على 1 و 1

    ذرتين من غاز الأكسجين وذرة من غاز الهيدروجين تحصل على ذرة ماء سائل او بخار او ثلج حسب الحالة القياسية للتجربة، ولكن المهم هو أن الصورة هي فقط التي اختلفت أمّا الأصل فهو هو ولم يتغير، فلم تزيد مكوناته ولم تنقص كذلك، وحتى الانفجار النووي يخضع لنفس هذا القانون أيضا، فمقدار الطاقة قبل وبعد الإنفجار هو مقدار واحد، ولكن صورته هي التي اختلفت من صورة مقدار كامن من الطاقة الى صورة نفس المقدار من الطاقة ولكنها متحررة أو متفجرة، فالصورة هي فقط التي اختلفت


    التعديل الأخير تم بواسطة طالب التوحيد; الساعة 25-10-2013, 11:01 PM.

  • #2

    هذا هي صورة الخلق في عالم العقل الكلي، فكل عقل جزئي به هو الذي سيختار ما الذي يريده لنفسه، ما الذي يريد أن يزرعه وما الذي يريد أن يحصده، وكل عقل قادر على أن يحصد ما يريده متى ما أراد ذلك ويمكنه أن يبدل ما يريد زرعه في كل لحظة وكل دار، مرة يزرع التمر ليتذوقه وأخرى سيزرع الحنظل ليتذوقه، ومرة يزرع البطيخ وأخرى سيزرع العنب، ومرة يزرع الليمون وأخرى سيزرع الشوك، قد يزرع هذه المرة قصب السكر او ربما يريد بها أن يزرع البنجر،

    نوع الزرع غير مهم، المهم أن يزرع فمع كل زرع سيزرعه العقل الجزئي ويتذوقه سيزيد علمه علما، وسيزيد استمتاعه بالمعرفة والتجربة أيضا، سواء كان طعم الزرع مر أو حلو فإنه سيستمتع بالتجربة، يستمتع من التجربة؟ يستمتع من التجربة؟ كيف تقول سيستمتع من التجربة من سيذوق المر؟ كيف تقول سيستمتع من التجربة من سيدخل النار؟ من يسأل هذا السؤال أقول له اصبر قليلا وسترى كيف أن دخول النار قد يكون متعة في عالم العقل الكلي، فالنار كما قلنا من قبل ليست كما نتصورها، ولكن تبقى متع الجنة أكبر منها بما لا يعد ولا يحصى، ومثل الفرق بينهما كمثل من تجعل لأحدهما غرفة صغيرة بها جميع وسائل الراحة التي يحتاجها ضمن هذه الغرفة والآخر تمكنه من الإنطلاق بلا حدود في السماوات لكي يستكشفها ويختبرها ويتصل بها بأقوام ألف ألف ألف آدم سابقين ليتعرف من خلال رحلته هذه على قصصهم ومغامراتهم ومعاناتهم،

    مليون سنة سيقضيها مع وحول أبناء ذرية آدم منهم، وأخرى مع أبناء وذرية أدم ثاني، وأخرى سيقضيها يراقب بها أقوام لم يصلوا بعد للطور المهدوي ولا زال بعضهم يتقاتلون ويتلاومون بينهم وبعضهم الآخر يتحاببون، وسيستمتع مرة أخرى برؤية تعابير الخوف والحب والشوق والرعب وهي ترتسم على وجوههم، وسوف يتعجب منهم كيف أنهم يعتقدون أنهم غير متصلون بخالقهم وأن الله لا يحبهم وأنه قد خلقهم ليستمتع بعد ذلك بتعذيبهم أشد العذاب

    هذا الذي سيعيش ويعايش ويختبر السماوات والأرض بما رحبت سينظر لذاك الذي يجلس مرتاحا ومستمتعا في مكانه المحدود الصغير وكأنهم في النار والعذاب، فأين حدوده من حدودهم، وأين تمتّعه من راحتهم، وأين سمائه الواسعة من أرضهم الضيّقة بما رحبت

    سيبقى ويبقى ويبقى يستمتع بالمعرفة وبالاستزادة من المعرفة إلى أن يتولد به الشوق لأن يكون هو نفسه نفس عليا، إنه الآن يريد أن يستثمر هذه المعرفة وهذا العلم الحصولي ليجعله علم حضوري، يريد أن يعيش هذه الأحداث الجميلة والمأساوية مرة أخرى، يريد أن يشعر حضوريا بما تشعر به الأم وبما تشعر به البنت وبما يشعر به الرئيس وبما يشعر به الظالم وبما يشعر به المظلوم

    يريد أن يشعر بما تشعر به الراقصة وبما يشعر به الطبال، يريد أن يعيش أجواء الكهوف وأجواء وقع الطبول، يريد أن يشعر بما يشعر به الأبيض والأسود والأصفر والأسمر، يريد أن يعيش شعور الكافر وشعور المؤمن، يريد أن يجرب مرة أخرى طعم صلاة الليل ومعرفة لماذا كان الغناء والشعر يحلو أيضا بالليل،

    يريد الآن أن يرى الفريسة بعين الأسد وهو يراقبها، وطعم الذبابة تحت لسان الضفدع، وطعم دم الإنسان في فم البعوضة، يريد أن يعرف شعور القملة حين تقع على رأس الأصلع فلا تجد به سقف يأويها

    لقد عاش طويلا وهو يتنقل ليرى المشاعر والأحاسيس وهي ترتسم على وجوه أمم لا زالت تعيشها في مختلف أصقاع الكون وهو الآن يريد أن يعيش تلك المشاعر مرة أخرى، وطريقه الى ذلك هو أن يكون هو بنفسه نفس عليا لنفوس أخرى يربّيها هو في عوالم مختلفة من تلك التي شاهدها خلال ترحاله في الكون العظيم ولا زالت في طريقها الطويل للطور المهدوي، فهل سيستطيع ذلك؟ وهل ستتحق له مشيئته هذه؟ وكيف السبيل لذلك؟

    هل يجب عليه أن يتقطّر من وجوده قطرات حيّة تستطيع أن تعبر كل قطرة منها عن وجه من وجوه علمه وقدرته وحياته؟

    أم انه سيستطيع أن يوجد من أنفاسه الحيّة أنفاس حيّة أخرى تنسب له وتتنفس بتنفسه لها؟

    إنه الآن يريد أن يصبح هو شجرة وجود بها أغصان وفروع وأوراق وجذور بعد أن كان مجرد ورقة على شجرة وجود تربّيها نفس عُليا سابقة له وهي التي أوجدته من أنفاسها لكي تتنفس من خلاله المزيد من الحياة وتستطعم من خلاله المزيد من مختلف المشاعر والأحاسيس والتجارب في مختلف أرجاء هذا الكون الفسيح، إنه يريد الآن أن يوسّع من درجة وجوده ويرتقي بها درجة أخرى ليصبح رافد ومرفود بعد أن كان رافدا فقط،

    فلقد كان يرفد نفسه العليا من أحيث أوجدته بمختلف المشاعر والأحاسيس والتجارب الإنسانية ولا زال يفعل ذلك حتى هذه اللحظة ولن يتوقف عن فعل ذلك أبدا أبدا، فتلك الأنفاس التي سيتنفسها فكما أنه سترفده بتجارب ومعاني وأفكار وأحاسيس جديدة فإنه بدوره سيرفد بها كذلك نفسه العليا أيضا، والتي بدورها ستوصلها لنفسها العليا والتي سترتفع بها الى التي تنفستها وتلك ستوصلها للتي سبقتها حتى تصل أخيرا للنفس الإلهية الكلية التي كان البدء منها وسيكون العود إليها، عود مجاورة لا عود فناء وانتهاء،

    إنه يريد الآن بعد أن كان مجرد ورقة على شجرة أن يصبح هو بنفسه شجرة ولكن بجوار الشجرة التي هو منها ولا زال يتغذى منها، ولكنه سيصبح بهذه المجاورة يغذّيها ويرفدها بأضعاف مضاعفة عما كان يفعل بمفرده وذلك بفضل ما سترفده به أوراقه وفروعه وأغصانه من علم النور الأول، كل الأشجار الأنفسية المتجاورة وكل الأشجار الأنفسية المتحدرة من النفس الإلهية الكلية الأولى هي تمد وترفد النفس الإلهية الكلية بجميع المشاعر والتجارب والأحاسيس الممكنة في الوجود، كل شجرة تربي أوراقها وسوقها وفروعها، وأوراقها تأخذ من نور الشمس ما تريد ثم ترسله للشجرة عبر السوق والأفرع من جديد

    المعاني التي يصفها أهل بيت العصمة بكلماتهم هي هي، ولكن الألفاظ هي من تتبدل وتتنوع وإلا فإنها جميعها تحاول أن تقرب المعنى والمعاني السامية لنور السماوات والأرض للأذهان الضعيفة بشتى الصور العقلية،

    نور أول، نور أصفر، نور أبيض، نور أحمر، عقل، ملك له رؤوس بعدد الخلائق، عقل وجهل وشجرة طيبةوأخرى خبيثة، قطرات تقطرت من النور، أنفاس تنفستها القطرات، ماء وطين و و و و و و و، جميع تلك الروايات والكلمات تحاول أن تصف وتوضح لنا شيء واحد وهو نور السماوات والأرض

    عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قلت: {يا رسول الله بأبي أنت وأمي أخبرني عن أول شيء خلقه الله قبل الأشياء؟ قال: يا جابر إن الله خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله تعالى، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار، ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جن ولا إنس، فلما أراد الله أن يخلق الخلق قَسّم ذلك النور أربعة أجزاء: فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الثاني اللوح، ومن الثالث العرش، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء: فخلق من الجزء الأول حملة العرش، ومن الثاني الكرسي، ومن الثالث باقي الملائكة، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء: فخلق من الجزء الأول السموات، ومن الجزء الثاني الأراضين، ومن الثالث الجنة والنار، ثم قسم الجزء الرابع إلى أربعة أجزاء: فخلق من الجزء الأول نور أبصار المؤمنين، ومن الثاني نور قلوبهم، وهي المعرفة بالله، ومن الثالث نور أنسهم، وهو التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله. ثم نظر إليه فترشح النور عرقاً، فتقطرت منه مائة ألف قطرة وعشرين ألفاً وأربعة آلاف قطرة، فخلق الله من كل قطرة روح نبي رسول، ثم تنفست أرواح الأنبياء فخلق الله من أنفاسهم أرواح الأولياء والسعداء والشهداء والمطيعين من المؤمنين إلى يوم القيامة، فالعرش والكرسي من نوري، والكروبيون من نوري، والروحانيون من نوري، والجنة وما فيها من النعيم من نوري والشمس والكواكب من نوري، والعقل والعلم والتوفيق من نوري، وأرواح الأنبياء والرسل من نوري، والسعداء والصالحون من نتائج نوري، ثم خلق الله آدم من الأرض ورَّكب فيه النور وهو الجزء الرابع، ثم انتقل منه إلى شيث وكان ينتقل من طاهر إلى طيب إلى أن وصل إلى صلب عبد الله ومنه إلى وجه أمي آمنة ثم أخرجني إلى الدنيا فجعلني سيد المرسلين وخاتم النبيين وقائد الغر المحجلين. هكذا بدأ خلق نبيك يا جابر}

    روايات متعددة وبألفظ مختلفة تحاول أن تصف لنا كيف انقسم النور وتشعب حتى أصبح وجودا يستوعب جميع الاحتمالات التي من الممكن أن نتخيلها في أي زمان ومكان وبأي مستوى وجودي كنّا أو سنكون أو سنصبح عليه في أي مرحلة سابقة أو لاحقة


    خلقت أنا وعلي من نور واحد.
    .
    خُلِقْتُ أَنَا وَعَلِي‌ٌّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ وَالنَّاسُ مِنْ أَشْجَارٍ شَتَّي‌.
    .
    خَلَقَ الاَنْبِيَاءَ مِنْ أَشْجَارٍ شَتَّي‌ وَخَلَقَنِي‌ وَعَلِيَّاً مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَنَا أَصْلُهَا وَعَلِي‌ٌّ فَرْعُهَا وَالحَسَنُ وَالحُسَيْنُ أَثْمَارُهَا، وَأَشْيَاعُنَا وَرَقُهَا. فَمَنْ تَعَلَّقَ بِهَا نَجَي‌، وَمَنْ زَاغَ عَنْهَا هَوَي‌.
    .
    إنه نور واحد كلّي وكل الأنوار الجزئية المنبعثة منه، منه بدأت وإليه تعود بالمجاورة لا بالفناء والانعدام

    إنها شجرة واحدة كلّيّة وكل الأشجار الجزئية المتصلة بها تعود اليها بالمجاورة لا بالفناء والانعدام

    إنها نفس واحدة كلّيّة وكل النفوس الجزئية الصادرة منها تعود اليها بالمجاورة لا بالفناء والانعدام

    وإنه عقل كلّي واحد وكل العقول الجزئية تعود له بالمجاورة لا بالفناء والانعدام

    فجميع الأنوار للبقاء خُلقت وليس للفناء، ولكنها تنتقل من دار الى دار إلى دار،

    فمرة جسدها ورقة واخرى جسدها غصن وثالثة جسدها فرع وأخرى تصبح شجرة كاملة بسوقها وفروعها وأوراقها وثمارها وجذورها


    هذه الكلمات استعرتها من بعض كلماتهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وأحاول التركيب والربط فيما بين بعضها البعض لكي أصف بها صورة عقلية تقريبية لشجرة الخلق وكيفية بدئها وصورة نواتها وكيفية تفتقها ونموها وانتقالها من المُكُونِ الى الظهور، وهذه رواية شريفة أخرى تصف زاوية من زوايا شجرة الخلق التي لا نهاية لها:

    عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله تبارك وتعالى خلق اسما بالحروف غير منعوت، وباللفظ غير منطق، وبالشخص غير مجسد، وبالتشبيه غير موصوف، وباللون غير مصبوغ، منفي عنه الاقطار، مبعد عنه الحدود، محجوب عنه حس كل متوهم، مستتر غير مستور، فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا ليس منها واحد قبل الآخر، فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها، وحجب واحدا منها، وهو الاسم المكنون المخزون بهذه الاسماء الثلاثة التي اظهرت، فالظاهر هو " الله وتبارك وسبحان" لكل اسم من هذه أربعة أركان فذلك اثني عشر ركنا، ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما فعلا منسوبا إليها، فهو الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، الخالق، البارئ، المصور، الحي، القيوم، لاتأخذه سنة ولانوم، العليم، الخبير، السميع، البصير، الحكيم، العزيز، الجبار، المتكبر، العلي، العظيم، المقتدر، القادر، السلام، المؤمن، المهيمن، البارئ المنشئ، البديع، الرفيع، الجليل، الكريم، الرازق، المحيي، المميت، الباعث، الوارث فهذه الاسماء وما كان من الاسماء الحسنى حتى تتم ثلاث مائة وستين اسما فهي نسبة لهذه الاسماء الثلاثة، وهذه الاسماء الثلاثة أركان وحجب للاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الاسماء الثلاثة، وذلك قوله عزوجل : " قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الاسماء الحسنى "

    فالبداية كانت بإسم باطن لا ظهور له بأي شكل من الأشكال فكان هو بمنزلة البذرة الباطنة لشجرة الخلق،

    ثم انتقل لمرحلة البذرة الظاهرة لشجرة الخلق فظهرت الكلمة التامة من الإسم الذي لا ظهور له بأي شكل من الأشكال،

    وهذه الكلمة التامة لها أربعة أجزاء وهي أيضا أسماء،

    ويوجد لكل اسم ظاهر منها أربعة أركان،

    ثم من كل ركن منها ظهرت أسماء أفعال أو ظهرت أسماء فاعلة هي نفسها تلك الأركان فهي منسوبة لها

    إذن في البدء كان الإسم ((الباطن)) ثم الكلمة المتكونة من أربعة أجزاء ((الظاهر)) ثم الأركان ثم أسماء أفعال الأركان

    كل هذه الأسماء والأركان واسماء الأفعال كلها أسماء حية فأصل وجودها كلها ينبع إذن الروح أو من اسم الحي الأعظم وهو الذي وجوده قبل كل حيّ والذي أحيا الله به "كلّ شيء" أو من الماء الذي جعل الله منه "كل شيئ" حي

    الماء و"كلّ شيء" حين اجتمعا في كيان واحد انوجدت النفس الأولى، نفس واحدة ابتدء منها الله خلق ما كان وما سيكون، نفس واحدة هي بذرة شجرة الوجود كله، هذه البذرة، أو هذه النفس الواحدة، أو هذا الإسم "الباطن" صدر منه أول ما صدر كلمة من أربعة أجزاء أو أربعة أسماء واحد منها انطوى بالثلاثة الباقين

    لقد بدأت "بذرة" شجرة الخلق ((أصل الشجرة)) بالانقسام أو بالتجلي شيئا فشيئا بأسمائها وأركانها وسوقها وثمارها
    وأوراقها، نفس باطنة تجلت بنفس ظاهرة والتي تجلت بثلاثة أنفس والذين تجلّوا باثني عشر نفس تجلّت بدوره بثلاثمائة وستون نفس أخرى

    هذه هي النفس الكليّة الإلهية التي البدء منها والعود إليها عود مجاورة لا فناء وانعدام به،

    هذه هي الشجرة التي محمد وعلي صلوات الله وسلامه عليهما وآلهما منها وباقي الناس من شجر شتى

    هذه هي الشجرة العقلية التي البدء منها والعود إليها عود مجاورة لا عود فناء وانتهاء

    هذه هي النفس العليا أو الشجرة التي يعتقد اتباع كل دين أن نبيهم إنما هو تجلّي تلك النفس أو تجلي تلك الشجرة، لا أقول أنهم مخطؤون تماما ولكن أقول ربما اشتبهوا ولم يبلغوا الفتح بعد، فكما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله أنه نعم توجد أشجار شتى، وربما كانت البداية بمائة وأربعة وعشرون ألف شجرة، كلّها بجوار الشجرة الأولى فهي منها صدرت أو هي منها تقطرت في بادئ أمرها ولكنها تنفست بعد ذلك فأصبح لها سوق وفروع وثمار وأوراق فأصبحت كل شجرة منها أساس ظهور شعوب وقبائل معينة في طور التجلي والظهور في عالم الخلق

    فعندما يقول البوذيون أن بوذا هو النفس العليا فهم قد يكونون محقون نوعا ما ((هذا لو كان الذي يتقلب بالصور بعيدا عن هذا المعنى)) فقد يكون بوذا البوذيين هو إحدى تلك القطرات أو إحدى تلك الأشجار أو أحد تلك النفوس العليا الكلية المتجزئة من النفس العليا الكلّية والمجاورة لها

    وقد يكون كرشنا الهندوس هو أيضا أحد تلك القطرات أو أحد تلك الأشجار أو أحد تلك النفوس العليا الكلية الجزئية والمجاورة للنفس العليا الكلّية

    وقد يكون عيسى عليه السلام هو كذلك أحد تلك القطرات أو أحد تلك الأشجار أو أحد تلك النفوس العليا الكلية الجزئية والمجاورة للنفس العليا الكلّية

    وموسى وإبراهيم ونوح وآدم زوج حواء وووووووعلى نبينا وآله وعليهم السلام، جميعهم قد يكون كل واحد منهم هو أحد تلك القطرات أو أحد تلك الأشجار أو أحد تلك النفوس العليا الكلية الجزئية والمجاورة للنفس العليا الكلّية

    جميع ذلك وأكثر منه ممكن كذلك أيضا، لأن عملية الخلق وإن كان أصلها شجرة واحدة ولكنها تفرعت وتفرعت وتفرعت لأشجار وأشجار وأشجار شتّى، وكل شجرة منها لها ثمار مختلفة عن الأخريات ولها شكل أوراق وغصون وبذور وجذور مختلفة عن الأخريات أيضا، وهذه العملية التشعبية في الخلق تخدم الهدف الأصلي من الخلق ومن كل الوجوه كذلك، فبهذه الطريقة المتشعبة للخلق لن يبقى سؤال لماذا أو كيف غير مجاب عليه لمدة طويلة، نعم ربما ستبقى تلك الأسألة حائرة وبدون إجابات حاسمة لكن لمدة قصيرة جدا، وذلك يخدم هدف الخلق نفسه، بمعنى أن تلك الأشجار ستضع أوراقها في حالة النسيان المؤقت لكي تعيش أوراقها تجربة الحياة بكامل وعيها وإرادتها وبكل قوتها، فتتعاون وتتكافل وتتصارع وتتفق وتختلف و و و و و و فيظهر بسبب هذا النسيان المزيد والمزيد والمزيد من الإحتمالات التي يريد العقل الكل لها أن تظهر

    جميع الإجابات ستجدها النفس مباشرة بعد أن تنتقل الى بعد وجودي آخر أوسع أو أكبر من وجودها السابق أي بعد الموت سيكون وجودها أكبر وأوسع منه قبل الموت، وبعد انتهاء يوم القيامة سيتحول وجودها لنوع ومستوى أعلى وأشمل وأكثر إحاطة، مثل أن تتنتقل النقطة من بعد أحادي إلى بعد ثنائي فتصبح مستقيما له نقطة بداية ونقطة نهاية، أو أن المستقيم يصبح مسطّح مربع أو دائري قد يحوي بداخله الملايين من المستقيمات المتراصفة الى جانب بعضها البعض، أو أن يصبح المربع مكعب قد يحوي بداخله ملايين من المربعات المتراصفة فوق بعضها البعض، وهكذا دواليك

    وهكذا هي النفس بعد الموت وبعد يوم القيامة فسيتغير نوع وجودها بحيث أنه سيصبح نوع وجود يستطيع أن يحوي بداخله عدد كبير من النفوس، وقد تستغرق النفوس مدة طويلة من الزمان حتى تدرك هذه الحقيقة أو أنها تدركها فعلا ولكنها غير راغبة بعد بها، لكونها منشغلة عنها باستكشاف عوالم وقصص وجنّات ألف ألف ألف آدم سابقين منتشرة في أرجاء الكون الفسيح ولكن لا بأس بذلك، فبعد الموت لا معنى للوقت ولا للبداية ولا للنهاية ولا داعي أبدا للعجلة لا منها ولا من نفسها العليا التي هي أحد أوراقها،

    لكن تلك اللحظة التي ستنتبه الورقة بها أنها تستطيع أن تكون هي شجرة بحد ذاتها مجاورة للشجرة التي هي الآن مجرد ورقة بها، تلك اللحطة قادمة لا محالة، وحينها سترغب أو قد ترغب بأن تصبح شجرة لها أوراق، سـ أو قد ترغب بأن تصبح بنفسها نفس عليا لأنفس أخرى تربيها وترعاها وتوضّفها في عوالم عديدة مختلفة ومنتشرة في أرجاء هذا الكون الواسع من أجل هدف تجد في نفسها انجذاب اليه، وحينها ستعلمها نفسها العليا كيف تفعل ذلك، نعم نفس الشجرة ستعلم الورقة كيف يمكنها أن تصبح شجرة لها أوراق، أو ستعلمها الآلية التي سيمكنها بها أن تتنفس من روحها أرواح أخرى تعبر عنها هي وعن أفكارها هي وعن رغباتها هي، وسيعلمها كيف سيمكنها أن ترعاها وتوضفها لاحقا أينما تشاء، وكيف سيمكنها أن ترتقي بها شيئا فشيئا حتى تصبح تلك الأوراق أشجار مجاورة لها ولها أوراقها الخاصة بها

    قلنا سابقا أننا بعد أن عرفنا أن هذا العقل الكلي هو رب جميع العقول الجزئية أي أنه ربنا فيجب علينا الآن أن نحاول فهمه لأننا سنفهم حينها تكويننا وطريقة عملنا، فمن عرف نفسه عرف ربه وأعرفكم بنفسه أعرفكم بربه، وقلنا أن الروايات التي تتكلم بهذا المضمون وتحث على معرفة النفس كثيرة جدا لأننا بمعرفتها سنعرف ربنا، وأننا من أجل معرفة أنفسنا لن نبحث في معرفة أنفسنا لنعرف من خلال معرفتنا بها ربنا، بل بالعكس، أي سننطلق من معرفة الرب لمعرفة النفس الانسانية

    وذلك من جهة أولى لقلة الروايات التي تصف دقائق وخفايا وأجزاء النفس الإنسانية الجزئية ،

    ومن جهة أخرى لكثرة الآيات والروايات التي بين أيدينا والتي تتكلم عن العقل الكلي والنفس الكلّيّة العليا الالهية التي تربينا جميعا ولتشعب تفاصيل تلك الروايات التي تصفها من كل الجهات

    وعليه فإننا سننطلق من فهم النفس العليا أو العقل الكلي لنفهم من خلالها أنفسنا

    وقبل أن نستمر في المقاربة بين طبيعة وتركيب النفس وربها أي النفس الكلّيّة او العقل الكلّيّ سنورد بعض الأحاديث والروايات التي تحث صراحة أو رمزا على معرفة النفس كما وتشير كذلك صراحة ورمزا الى الترابط بين معرفتها ومعرفة ربها: فـ

    1 - "من حديث النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم لرجل اسمه مجاشع، قال: يا رسول الله، كيف الطريق إلى معرفة الحق فقال صلى الله عليه وآله وسلم:" معرفة النفس ".

    2 - وجاء في رواية أن إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم سألته: متى يعرف الإنسان ربه؟ فقال: "إذا عرف نفسه"

    3 - وعن أمير المؤمنين عليه السلام "أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه"

    4 - وأيضا قوله عليه السلام: "عجبت لمن يجهل نفسه كيف يعرف ربه"

    5 - وعنه عليه السلام أنه قال: "عجبت لمن ينشد ضالته، وقد اضل نفسه فلا يطلبها"

    6 - وعنه عليه السلام أنه قال: "أكثر الناس معرفة لنفسه أخوفهم لربه"

    7 - وعنه عليه السلام أنه قال: "من عرف نفسه فقد انتهي الي غاية كل معرفة و علم"

    8 - وعنه عليه السلام أنه قال: "نال الفوز الأكبر من ظفر بمعرفة النفس"

    9 - وعنه عليه السلام أنه قال: "أكثر الناس معرفة لنفسه أخوفهم لربه"

    10 - وأيضا عنه عليه السلام أنه قال ". لا تجهل نفسك، فإن الجاهل معرفة نفسه جاهل بكل شيء"

    11 - وعن أمير المؤمنين عليه السلام "معرفة النفس أعرف المعارف"

    12 - وعنه عليه السلام أنه قال "لا تعص نفسك إذا هي أرشدتك"

    13 - وعنه عليه السلام أنه قال: "أفضل المعرفة معرفة الإنسان نفسه"

    14 - وعنه عليه السلام أنه قال: "من عرف نفسه جل أمره"

    15 - وعنه عليه السلام أنه قال: "الكيس من عرف نفسه وأخلص أعماله"

    16 - وعنه عليه السلام أنه قال: "العارف من عرف نفسه فأعتقها ونزهها عن كل ما يبعدها"

    17 - وعنه عليه السلام أنه قال: "إن عقلت أمرك أو أصبت معرفة نفسك فأعرض عن الدنيا وأزهد فيها، فإنها دار الأشقياء وليست بدار السعداء، بهجتها زور، وزينتها غرور، وسحائبها متقشعة، ومواهبها مرتجعة منتزعة وعواريها مرتجعة"

    18 - وأيضا عنه عليه السلام أنه قال: "من لم يعرف نفسه بعد عن سبيل النجاة، وخبط في الضلال والجهالات"

    19 - وأيضا عنه عليه السلام أنه قال: "من عرف قدر نفسه لم يهنها بالفانيات"

    20 - وأيضا عنه عليه السلام أنه قال: "من عرف نفسه جل أمره"

    21 - وفي دعاء الإمام زين العابدين: واجعلنا من الذين عرفوا أنفسهم، وأيقنوا بمستقرهم، فكانت أعمارهم في طاعتك تفنى.

    وأعتقد أننا بعد أن تكتمل لنا الصورة أكثر وأكثر سوف تظهر لنا إن شاء الله معاني جديدة لمعنى أمر السجود، وقصة آدم وحواء وطبيعة إبليس والشيطان وحزبه، وكيف ولماذا أن الشيطان يجري منا مجرى الدم بالعروق، نعم ستظهر لنا إن شاء الله معاني جديدة ستلبي رغبة الانسان الحقيقية في فهم القصة المقنعة لآدم وحواء ولمعنى الخلافة وللخليفة وحزبه، ولعدوه ابليس، وللشيطان وحزبه، ومعنى الهبوط من الجنة، وسيظهر لنا إن شاء الله فهم جديد يروي عطشنا للحقيقة ويعيننا على فهم أسباب جميع تلك الأحداث المأساوية والفتن التي تحيط بنا من كل جانب فتجعل ربما نصف أو أكثر من نصف فترة حياتنا الأرضية مملوئة بمشاعر الحزن والخوف والألم، وسنعرف لماذا أن تلك الإبتلاءات التي تقع على رؤوسنا خلال فترة حياة كل واحد منا تكون مرة مؤلمة وأخرى مُفرِحة

    ولكن قبل أن نواصل طريقنا بالتفكّر والبحث في أنفسنا من خلال التفكّر والبحث في الآيات الكريمة والروايات الشريفة التي تتكلم وتصف لنا النفس الإلهيّة الكلّيّة تماما مثل ما علمنا وأمرنا الإمام الصادق عليه السلام فيما روي عنه من حديث طويل مع سدير الصيرفي أورد هنا ما له علاقة بطريقة البحث:

    ""قيل له (عليه السلام) فكيف سبيل التوحيد؟

    قال (عليه السلام) باب البحث ممكن وطلب المخرج موجود إن معرفة عين الشاهد قبل صفته ومعرفة صفة الغائب قبل عينه.

    قيل وكيف نعرف عين الشاهد قبل صفته.؟

    قال (عليه السلام) تعرفه وتعلم علمه وتعرف نفسك به ولا تعرف نفسك بنفسك من نفسك وتعلم أن ما فيه له وبه كما قالوا ليوسف إنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي فعرفوه به ولم يعرفوه بغيره ولا أثبتوه من أنفسهم بتوهم القلوب أما ترى الله يقول (ما كان لكم أن تنبتوا شجرها) يقول ليس لكم أن تنصبوا إماما من قبل أنفسكم تسمونه محقا بهوى أنفسكم وإرادتكم.إنتهى النقل

    نحن نريد إذن أن نعرف أنفسنا به ومن خلال معرفته من خلال كلماتهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ولنصل من خلال هذا البحث والى حيث نريد جميعا أن نصل يجب أولا أن نتفق أو على الأقل أن نفترض وهذا أضعف الإيمان أن تلك الروايات تتكلم عن شيء واحد ولكنها تصفه من زوايا مختلفة، فهي دائما تتكلم عن أول ما خلق الله ومنه خلق كل شيء،أو ما منها البدء والعود إليها، أو ما هو نهاية المطالب، وما هو وسط الجميع أي ما وجوده قبل الجميع

    فعندما تشير آية النور الكريمة إلى مشكاة ومصباح وزجاجة وشجرة مباركة وزيت يجب أن نلتفت إلى أنها تتحدث عن نفس ذلك النور الأول وتصفه، وعن نفس تلك النفس الكلية الإلهية وتصفها، وعن نفس العقل الكلّيّ وتصفه، وعن نفس الإسم الذي هو بالحروف غير منعوت، وباللفظ غير منطق و و و، وكلمته الظاهرة ذات الأسماء الأربعة وأركانهم الإثني عشر وأسمائهم الفاعلة الثلاثمائة والستون

    فجميع تلك الروايات الشريفة تتكلم عن شيء واحد ولكن من زوايا متعددة وذلك لكي تزيد في توضيحه وإفهامه لمن يطلب من المخلوقات معرفته وفهمه،

    وهذا الشيء الواحد قد حثت مختلف الآيات الكريمة والروايات الشريفة وبشدة وبإلحاح كبير على السعي إلى معرفته، فلقد وصفت نفس آية النور الكريمة أن الإلحاح في طلب معرفته والوصول إليه بعد ذلك بأنه هو الهداية الحقيقية فقالت """"نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء"""" فقمة الهداية هي أن يهتدي الإنسان لنور الله، وقمة الرعاية الإلهية هي أن يشاء الله أن يهدي لنوره،

    ولكن سيشاء أن يهدي منْ لنوره؟

    هل سيشاء الله ابتداءا أن يهدي الجميع له؟ كلا بالتأكيد، إنه سيشاء أن يهدي فقط من يشاء من عباده معرفة النور والاهتداء إليه، فمشيئته مرتبطة بمشيئتنا، فلا إكراه في الدين،

    والمعرفة الحقيقية لهذا النور والتي يمكن القول معها أنها قمة الهداية وغاية المنى هي ليست معرفة الاسم فقط ،أو معرفة الإسم واتّباعه فقط ،وإن كان في ذلك طبعا الشرف العظيم والطريق الى النعيم، ولكن قمة الهداية هي في معرفته في كل مرحلة نخوضها معرفة شاملة قدر إمكان ظروف تلك المرحلة، من معرفة الإسم والرسم ومعرفة القرب والمنزلة من الله خالقه ومعرفة أثره التكويني أو ولايته التكوينية في الوجود ومعرفة علاقته الوثيقة مع كل ذرة من ذرات الوجود، وما الى ذلك من دقائق الامور، فبهذا النور خلق الله أرضه وسمائه، وبهذا النور ملاء الله أرضه وسمائه بما شاء مما خلق، وبهذا النور بدء الله كل شيء، واليه أخيرا سيرجع كل شيء

    فبنفس نسبة معرفتنا لهذا النور الإلهي واقترابنا من فهمه نكون قد حققنا نفس تلك النسبة من الهدف الذي من أجله قد خلقنا الله، فمقدار سعادتنا مرتبط إذن بمقدار معرفتنا له واقترابنا منه، فنفس المعرفة إذن وبحد ذاتها هي السعادة، وبمعرفتنا أولا لإسم ورسم هذا النور وباتباعنا له سنكون قد وضعنا أول قدم لنا في الجنة أو نكون قد دخلنا فعلا في السعادة التي خُلقنا من أجلها، وكلما توغلنا بمعرفة هذا النور أكثر وأكثر نكون قد توغلنا أو ارتقينا صعودا في مراتب السعادة، أو ارتقينا صعودا أكثر وأكثر في درجات جنّات الفردوس اقترابا من العلي الأعلى

    عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي داود الحداد، عن موسى بن بكر قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فقال رجل في المجلس: أسأل الله الجنة فقال أبو عبد الله عليه السلام: أنتم في الجنة فاسألوا الله أن لا يخرجكم منها فقالوا: جعلنا فداك نحن في الدنيا؟ فقال: ألستم تقرون بامامتنا؟ قالوا: نعم، فقال: هذا معنى الجنة الذي من أقر به كان في الجنة فاسألوا الله أن لا يسلبكم.

    والسعادة التي نتكلم عنها هنا هي ليست فقط سعادة عقلية لا فعل لنا معها، بل هي سعادة فكرية عقلية وفعلية كذلك، فكلما ارتقينا بالمعرفة أكثر ازدادت معها حدود علمنا ومشيئتنا وقدرتنا وأفعالنا بنفس ذلك المقدار كذلك،

    ولقد قلنا سابقا أن الانسان بعد الموت أو بعد يوم القيامة تحديدا سيعيش طويلا يتنقل في مملكة الله الواسعة ليزور ويستمتع برحلته تلك ويتعرف على قصص وحضارات وجنّات أقوام ألف ألف ألف آدم وآدم سابقين لنا، وسيستمتع بذلك أيّما استمتاع خصوصا حين يراقب مختلف المشاعر والأحاسيس وهي ترتسم على وجوه أفراد أمم وحضارات جديدة في طور نشوئها ولا زالت تعيشها في مختلف أصقاع الكون ولم تصل بعد للطور المهدوي، وأنه أخيرا قد يرغب أن يعيش تلك المشاعر المختلفة مرة أخرى، وفي أن يحاول بطريقة ما نشر ما استقر قلبه عليه من المعرفة والاعتقاد، وأن طريقه الى جميع ذلك هو في أن يصبح هو بنفسه نفس عليا لنفوس أخرى تعبّر عنه وعن فكره وقلبه فيربّيها هو في عوالم مختلفة من تلك التي شاهدها خلال ترحاله في الكون العظيم ولا زالت في طريقها الطويل نحو الطور المهدوي، وحينها تسائلنا هل سيستطيع ذلك؟ وهل ستتحق له مشيئته هذه؟ وكيف السبيل لذلك؟ فلقد انتقل بالموت الى بعد آخر هو عالم البرزخ ثم ما بعد يوم القيامة سينتقل الى بعد آخر هو أكبر وأوسع من وجوده وبعده السابق في عالم البرزخ وفي عالم ما قبل البرزخ، وذلك مثل أن يصبح مستقيم بعد أن كان نقطة، أو أن يصبح سطح مستوي بعد أن كان مستقيم، أو أن يصبح مكعب بعد أن كان مربع، فنوع وجوده الذي أصبح عليه الآن لا يتيح له المشاركة في تلك الأحداث الجارية بين شعوب وأفراد تلك الحضارات الناشئة، وما لم يتعلم كيف يمكنه أن يتقطر من روحه أرواح أخرى وكيف يمكنه أن يمكّن تلك القطرات ويعلمها أن تتنفس فتوجد من أنفاسها أرواح أخرى، وكيف يمكّن ويعلم تلك الأرواح من أن تتنفس بدورها أرواح أخرى هي انفاسه هو والتي تعبر عنه، ويكون نوع وجودها وجود قابل للتوضيف من قبله في تلك العوالم أو الحضارات البدائية الناشئة،

    ((((فتقطرت منه مائة ألف قطرة وعشرين ألفاً وأربعة آلاف قطرة، فخلق الله من كل قطرة روح نبي رسول، ثم تنفست أرواح الأنبياء فخلق الله من أنفاسهم أرواح الأولياء والسعداء والشهداء والمطيعين من المؤمنين إلى يوم القيامة،))))

    أقول أنه ما لم يستطع تعلم فعل جميع ذلك فإنه لن يستطيع اختبار تلك المشاعر مرة أخرى ولا أن يساهم في عملية الخلق التي أصبح يدرك أنها مفتوحة وممكنة لجميع من يصل أو يصبح نوع وجوده على درجة معينة من السعة والشمولية.

    إن ما أدركه بعد انتهاء يوم القيامة وعبور بوابته هو:

    أن جميع تلك الأحداث التي كانت تجري في العالم الدنيوي على اختلاف صورها من الشدة والرخاء كان يتم الإتفاق على أدق تفاصيلها بين النفوس العليا الجزئية لكل نفس من تلك الأنفس الجزئية التي انوجدت في الحياة الدنيا وماتت ومرت بالمرحلة البرزخية ثم بجميع ارهاصات يوم القيامة والحساب والشفاعة، أقول كانت النفوس العليا تتفق على أدق تفاصيل جميع تلك التجارب والمواقف التي كانوا يريدون أن يختبروا نوع وحقيقة تلك المشاعر والأحاسيس التي من الممكن لهم أن يستشعروها ويستذوقوها من خلال مرورهم شخصيا بتلك التجارب والصراعات الفكرية المختلفة ومعايشتها حضوريا واختيارهم للجهة التي يريدون الإصطفاف معها في هذا الصراع

    وأن جميع القوانين الفيزيائية والكيميائية والرياضية والفلسفية التي كانت سائدة في كل مرحلة مرّوا بها كان يتم الإتفاق عليها بين نفوسهم العليا وبأدقّ التفاصيل كذلك، ولكل مرحلة من تلك المراحل ولكل سنة من تلك السنين أيضا وحتى انتهاء التجربة أو انتهاء القصة، كما وكانت توجد دائما هناك استثناءات لمن ترغب من تلك النفوس العليا أن تختبر بشكل منفرد بعض المشاعر حضوريا، ولكن طبعا ضمن شروط وضوابط معينة مقدرة تقديرا دقيقا ومتفق عليها فيما بينهم، وكل ذلك طبعا بقيادة النفس الالهية الكلية وتحت إشراف أسمائها وأركانها وأسمائها الفعلية

    اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ

    وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ

    وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ

    لو علم الناس كيف ابتداء الخلق ما اختلف اثنان

    لو علم الناس كيف خلق الله تبارك وتعالى هذا الخلق لم يلم أحد أحدا،

    لقد تم الاتفاق المبدئي بين جميع الأنفس العليا على جميع تفاصيل تلك التجارب والأحداث التي يريدون الخوض بها حضوريا، وفصلوا لذلك أحداث فتن رخاء وفتن شدة متلاحقة ومتتابعة ومتصلة ومتقاطعة، وكل نفس عُليا منها حددت أيّ من نفوسها الجزئية ستنزلها متى وأين وكيف ووسط من الأنفس وحددت بدقة متناهية جميع تفاصيل ظروف حياتها ومماتها والهدف الأساسي الذي من أجله تريد أن تساهم في هذه التجربة و و و و و، وتمت كتابة هذا الاتفاق وهذا التفصيل الدقيق لنوع الصراع وموقع كل نفس فيه والطرف الذي تريد الانحياز اليه فيه وشكل التجربة التي تريد كل نفس عليا في المستويات الثلاثة أن تستذوقها وأن تمر بها من خلال أنفسها الجزئية الثلاثون، أو المائة والعشرون أو الثلاثمائة والستون، وصولا الى شكل ونوع وساعة ولحظة موت كل نفس منها

    ((((عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن غير واحد، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام قالا: إن الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذبهم عليها والله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون، قال : فسئلا عليهما السلام هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟ قالا: نعم أوسع مما بين السماء والارض.)))

    (((عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله: والذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة، ولا عن فئة تهدي مائة وتضل مائة إلا نبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها، ومناخ ركابها، ومحط رحالها، ومن يقتل من أهلها قتلا، ومن يموت منهم موتا)))

    ((ما أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ))

    ((وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ))

    ولكن هذا الاتفاق المكتوب بيننا والذي وافقنا عليه برضانا وتعاهدنا عليه وكتبناه بشهادة النفس الكلية الالهية هو مجرد اتفاق مبدئي سيمكننا تبديل الكثير من تفاصيله خلال نفس التجربة التي نخوضها وذلك اعتمادا على نوع تلك المشاعر والاحاسيس التي سنستحضرها حين نمر ببعض المواقف التي اتفقنا عليها، وحينها ربما ستكون تلك المشاعر التي شعرنا بها غير تلك التي كنا نتوقعها من إحدى تلك المواقف أو التجارب، فربما كنا نتوقع منها مشاعر جميلة ولكننا استشعرنا بدلا منها مشاعر غير جميلة، أو اننا ربما كنا نريد استشعار مشاعر مؤلمة من تجربة معينة ولكن تلك التجربة اتتنا بدل منها بمشاعر محببة لم نكن نتوقعها من خلال تلك المواقف التي اتفقنا عليها في البدء، وربما سنريد خلال التجربة أن نبدل جهة اصطفافاتنا التي اشتبهنا واخترناها في بادئ الأمر ولكننا اكتشفنا خلال التجربة أننا لا نريد أن نستمر مع هذه الجهة ونريد أن ننتقل للجهة المقابلة في الصراع بدلا من التي اخترناه في البدء، ولذلك قد ترغب كل نفس عليا أن تبدل بعض أو حتى العديد من صور وتفاصيل الأحداث والتجارب التي اتفقت عليها سابقا معنا ووضعتها في الخطة الشاملة ضمن الاتفاق المبدئي الأول

    وعندما أقول النفس العليا والنفس الجزئية فلا أقصد أنهما شخصيتان اثنان بشعورين مختلفين، بل هما سوية يمثلان شخصية واحدة وشعور واحد، ولكن الفرق أن جزء من هذه الشخصية سعته الوجودية والشعورية كبيرة يستطيع بها أن يستشعر أكثر من شعور واحد بنفس الوقت وكذلك بأن يتخيل أو أن يرى نفسه أو أجزاء نفسه في أكثر من مكان وفي نفس الوقت، بينما الجزء الثاني سعته الوجودية والشعورية ضيقة فلا يستطيع أن يشعر بأكثر من شعور واحد أو أن ينوجد في أكثر من مكان واحد في كل آن من الآنات


    تعليق


    • #3

      هذا هو التقسيم الشجري للنفس الكلية الإلهية، إسم باطن فكلمة ظاهرة تتكون من أربعة أسماء ثلاثة منها ظاهرة والاسم الرابع مستبطن بتلك الثلاثة الظاهرة، وهذه الأسماء تقطر كل اسم منها بأربعة قطرات أو بأربعة أرواح ((أي باثني عشر روح)) وتلك الأرواح تنفست كل روح منها بدورها بثلاثين نفس ((أي ثلاثمائة وستون نفس للمجموع))

      شجرة واحدة لها أصل أو جذع ثابت ولهذا الجذع فرعين، فرع يمين وفرع شمال، ولكن صفة كِلا فرعيه أنهما يمين، ولكل من الجذع والفرعين ماْئة وعشرون إسم فعل ليصبح المجموع ثلاثمائة وستون اسم فعل

      ونفس هذا التقسيم الشجري للشجرة الأم سيستمر ليتشجر من كل اسم من تلك الثلاثمائة والستون إسم بنفس الطريقة لثلاثمائة وستون اسم وتستمر العملية وتستمر في التفرع والتمدد من كل الجهات وكل تفرع منها سيعطي للوجود احتمال جديد وصورة جديدة وجميع تلك الاحتمالات الوجودية أو التشجرات الكلماتية والأسمائية ستمثل اللوحة الخلفية العقلية للوجود العقلي ولما سيظهر لكل عقل جزئي من صور وأحداث كذلك، ولكن فقط على قدر العقل او النفس المتوجة والمتابعة لتلك الصورة الخلفية أو الأحداث التي ستنعكس على مرآة وجودها أو على جزئها الثالث فتتابعها بوعيها وتراقبها حين تنعكس لها من على جزئها المرآتي الثالث




      فحسب التقسيم الروائي من أهل بيت العصمة لشجرة النفس الإنسانية وأجزائها نجد أن كل إنسان له ثلاثة أجزاء تشبه في عملها لثلاث مرايا ترسل وتعكس كل واحدة منها للأخريات صورة معينة من الأحاسيس ناتجها يكون شعور الثلاث أجزاء بشعور واحد مترابط وهو الشعور بالحياة والقدرة والعلم والشعور بالوجود وبالأنا وتلك الأجزاء الثلاثة هي:

      1. النفس النباتية وهذه هي التي ستعود عود ممازجة لا عود مجاورة بمعنى أن وجودها كنفس نامية نباتية سينتهي أخيرا لأنها ستتمازج مع جزء آخر فيذوب وجودها في وجوده

      2. والنفس الحسية الحيوانية وهذه ستعود للنفس الناطقة القدسية كذلك عودة ممازجة لا عودة مجاورة، بمعنى أن وجودها سيذوب في وجود النفس الناطقة القدسية وينعدم
      3. والنفس الناطقة القدسية وهي التي ستعود للنفس الكلية الإلهية عودة مجاورة لا عودة ممازجة، بمعنى أنها سيبقى لها نوع من الوجود ولا تنعدم في حالة رجوعها

      وهذا التفصيل نجده في الرواية الشريفة التالية:

      روي (ان أعرابيا سأل امير المؤمنين عليه السلام عن النفس فقال له عن اي نفس تسأل فقال: يا مولاي هل النفس أنفس عديدة فقال عليه السلام: نعم نفس نامية نباتية، ونفس حسية حيوانية، ونفس ناطقة قدسية، ونفس إلهية ملكوتية كلية.

      قال: يا مولاي ما النامية النباتية؟

      قال: قوة أصلها الطبايع الاربع بدو إيجادها مسقط النطفة، مقرها الكبد، مادتها من لطايف الأغذية، فعلها النمو والزيادة، وسبب فراقها اختلاف المتولدات فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة.

      فقال: يا مولاي وما النفس الحسية الحيوانية؟

      قال: قوة فلكية وحرارة غريزية أصلها الافلاك بدو ايجادها عند الولادة الجسمانية فعلها الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية مقرها القلب سبب فراقها اختلاف المتولدات، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة فتعدم صورتها ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها.

      فقال: يا مولاي وما النفس الناطقة القدسية؟ قال: قوة لاهوتية بدو ايجادها عند الولادة الدنيوية، مقرها العلوم الحقيقية الدينية، موادها التأييدات العقلية، فعلها المعارف الربانية، سبب فراقها تحلل الآلات الجسمانية، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود مجاورة لا عود ممازجة.

      فقال: يا مولاي وما النفس اللاهوتية الملكوتية الكلية؟ فقال: قوة لاهوتية جوهرة بسيطة حية بالذات أصلها العقل منه بدت وعنه دعت وإليه دلت وأشارت وعودتها إليه إذا كملت وشابهته، ومنها بدأت الموجودات وإليها تعود بالكمال فهو ذات الله العليا وشجرة طوبى وسدرة المنتهى وجنة المأوى، من عرفها لم يشق، ومن جهلها ضل سعيه وغوى .

      فقال السائل: يا مولاي وما العقل؟ قال: العقل جوهر دراك محيط بالاشياء من جميع جهاتها، عارف بالشيء قبل كونه، فهو علة الموجودات ونهاية المطالب).انتهى

      وكما قلنا قبل قليل فتلك الأجزاء الثلاثة تمثل بمجموعها جزء واحد وشعور واحد وشخصية واحدة ولكن هذا لا يعني أن حدة وقوة شعور تلك الأجزاء في تجربة او موقف ما سيكون بنفس النسبة او بنفس المعنى لجميع الأجزاء، فعندما تفرح نفس ما بنسبة 100% وتشعر أنها قد بلغت قمة السعادة وغاية المنى فنفسها العليا ليس بالضرورة أن تبلغ مثلها نسبة سعادتها القصوى في هذا الموقف، فقوة شعورنفسها العليا وأحاسيسها أقوى بدرجات كثيرة من أحاسيس نفوسها الجزئية الثلاثون مجتمعة، وهي تستمتع بذلك الشعور الذي يصلها من نفسها الجزئية كيفما كان ذلك الشعور، سواء كان شعور ألم وحزن أو فرح وسعادة،

      فكيفما كان نوع الشعور فالنفس العليا ستستمتع به، والإستمتاع شعور آخر يختلف تماما عن شعور الحزن والفرح والراحة والتعب ولا علاقة له بها، فالإستمتاع يحصل مع التعب تماما كما يحصل للرياضين في انواع كثيرة من الرياضات البدنية وأنواع عديدة من الأعمال اليومية، ويحصل كذلك مع الألم كما يحصل للملاكمين والمصارعين والمتقاتلين في الحلبات والجبهات، ويحصل مع الخوف مثل الاستمتاع بالخوف الناتج من متابعة أفلام الرعب والقتل والدمار

      الخلاصة أن شعور الإستمتاع يختلف عن بقية المشاعر وقد يرافق أو ينتج عن جميع المشاعر الانسانية على مختلف أنواعها، وهذا هو ما تشعر به النفس العليا، فهي مستمتعة على الدوام وتشعر بالسعادة على الدوام وكيفما كان شعور جزئها الآخر ومهما كانت التجربة التي تمر بها أحد أجزائها الأخرى، فسواء كانت في الجنة التي نتخيلها او في حقيقتها، أو في النار التي نتخيلها او في حقيقتها فالنفس العليا تشعر بالإستمتاع على الدوام وفي جميع الحالات،

      ولعل هذه الرواية الشريفة تخبرنا كذلك عن معنى وسبب ربط الإستثناء بالرب في قوله تعالى :

      أمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ

      خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ
      وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ
      فجميع الأجزاء الانسانية لكل نفس إنسانية سترجع أخيرا لربها لكن منها ما سيفنى ويتحلل بالرجوع ومنها ما سيبقى له نوع من الوجود، لكن سيبقى موعد فناء كل جزء منها وتحلل بعضها مرتبط بإرادة ومشيئة النفس العليا ومقدار ونوعية تلك المشاعر التي تردها من كل جزء منها، فإذا وصلت نفس جزئية منها لمرحلة لن تستطيع أن ترفد بها نفسها العليا بمشاعر جديدة فإنها قد تخرجها من تلك التجربة المؤلمة وتدخلها بأخرى جميلة فتحصل منها على مشاعر جديدة، أو ربما تخرجها من عالم مشاعر السعادة والفرح وتدخلها في عالم مشاعر الإستمتاع على كل حال، فتعلمها حينها كيف يمكنها أن تتنفس من روحها أنفاس أخرى لتصبح حينها مربية لثلاثين نفس غيرها وتستمر دورة الحياة من جديد

      هذا التصور قد لا يوجد به جزء واحد من الحقيقة، بل قد لا يوجد به جزء واحد من بعض رائحة الحقيقة وشخصيا أرجّح ذلك ((طبعا الآيات الكريمة والروايات الشريفة مستثناة من هذا الكلام))، فأي عقل بشري يمكنه أن يتصور جمال الحقيقة وحقيقة الأمر وواقعه، ولكنه على كل حال يبقى تصور وتوجد بعض أو الكثير من الآيات والروايات التي تدعمه وهو قابل للتصديق أيضا، حيث أنني قد سردته فعلا لبعض من هم حولي ولقد تفاعلوا معه بدرجة كبيرة بلغت بعض الاحيان حتى درجة الاقتناع والتصديق والفرح به، ولكن ما أناْ مقتنع به فعلا هو أن الله جل جلاله يحبنا أكثر من أنفسنا ومن غير المعقول أنه سيخلق أو انه قد خلق فعلا آلآف المليارات من الضعفاء أمثالي سواء في كوكب الأرض أو غيره ليستمتع بعد ذلك بحرقهم وتعذيبهم بنيرانه بسبب بعض الذنوب التي أوجد هو بهم قابلية ارتكابها وارتكبوها فعلا، ولو أعطاني أحدهم قضيب من النار وأفتى لي بحرق ألد أعدائي به لوجدت في قلبي ما يمنعني من ذلك بل ويدفعني للعفو عنه أيضا، فهل أصف الله بما أستنكف أناْ عن الاتصاف به؟ تلك اذن قسمة ضيزى ((أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى () تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى))

      الأمر بالتأكيد أجمل من الوصف السابق وأحكم وأجل منه/ ولكنني أردت من خلاله أن أقول أو أوصل فكرة إمكانية تصور أو تخيل أن تكون حقيقة العذاب وحقيقة النيران على غير ما نتصورها

      ورغم اعتقادي أن حقيقة الأمر لا تشبه الوصف السابق لعلاقة النفس العليا الكلية بالنفس العليا الجزئية ولتلك النفوس الجزئية التي تقع في دائرة رعاية وتربية النفس العليا المربية لها لكن هذا لا يمنع أنني فعلا أجد أن معنى الكثير من الآيات الشريفة يمكننا فهمه من خلال هذا الفهم لطبيعة شجرة الخلق بكل ما تحويه من نفوس عليا ونفوس جزئية،

      فعلى سبيل المثال سيبرز لنا من هذه الرؤية الكونية الجديدة معنى جديد لليلة القدر ةماذا سيحصل في ليلة القدر من كل سنة، وهل الاستعداد لهذه الليلة يقتصر على نفس الليلة فقط بل يجب أن نكون مستعدين أو مستنفرين لها طوال السنة ونتوقع قطف ثمار ذلك الإستعداد والإستنفار في هذه الليلة؟
      وكيف يمكننا أن نوفق بين قولهم سلام الله عليهم أجمعين :
      لو علم الناس كيف ابتداء الخلق ما اختلف اثنان
      لو علم الناس كيف خلق الله تبارك وتعالى هذا الخلق لم يلم أحد أحدا،
      ((((عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن غير واحد، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام قالا: إن الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذبهم عليها والله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون، قال : فسئلا عليهما السلام هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟ قالا: نعم أوسع مما بين السماء والارض.)))

      فمن خلال هذا الفهم لن يكون هناك مجال لاعتراض أي إنسان بالقول كيف لا ألوم أحد على تلك المصائب التي تنزل أو نزلت علّيّ في الأعوام السابقة وهي يكتبها الله عليّ وينزلها على رأسي سنة بسنة وفي ليلة القدر من كل سنة وبدون أن يستشيرني أو يأخذ رأيِ، فما يحدث فعلا هو أن نفسك العليا وبلفظ آخر هو أنك أنت نفسك ولكن من مستوى وجودي أعلى قد اخترت تلك التجارب التي تريد أن تخوضها في كل سنة مضت من حياتك وبحثت حينها لك عن شركاء في العالم العلوي يتقاسمون معك هذه التجربة وعلى أساس أن يخرج كل واحد منكم من تلك التجربة بشعور جديد أو بشعور معين يريد أن يستشعره، ونفسك العليا لا تقوم بهذا الأمر أي بترتيب واختيار تجارب حياتك للسنة المقبلة دائما بشكل تعسفي مع نفسك الجزئية، خصوصا إن كانت النفس الجزئية ملتفتة من يجب عليها أن تسأل أولا، ومع من يجب عليها أن تبدء بالتنسيق والطلب، فإذا علمت من الذي سيرفع سؤالها ويسعى لتحقيقه لها ويضعه في خطة السنة المقبلة، فإنها ستكون على اتصال وسؤال دائم بها خلال كل أيام سنتها، وستعلم في ليلة القدر أن نفسها العليا تقدمت بطلبها أو رفعت طلباتها للسنة المقبلة وهي في هذه الليلة بين يدي الذي سيعتمدها كما هي أو سيبدل بها ويجعلها مناسبة بما يتوافق مع الخطة السنوية لجميع النفوس الجزئية في الأرض

      وعليه فإننا يجب أن نتقدم بطلباتنا للنفس العليا طوال أيام السنة، أما في نفس ليلة القدر فإننا يجب أن ندعوا وأن نطلب من النفس الكلية الإلهية أو من اسمها الأعظم اعتماد وتثبيت ما تقدمت به أنفسنا العليا من طلبات لهذه السنة وعدم تأجيلها للسنة المقبلة، فتكون بذلك حينها أحداث وتجارب كل سنة من سنين حياتنا هي من تصميمنا واختيارنا، فإذا علمنا بذلك وآمنّا به وأيقنا منه فإننا سنعيش حالة الرضى والقبول وعدم السخط على كل ما يجري لنا وعلينا، فحينها الأمر منّا دائما يبدء ولنا بالتأكيد دائما يعود، وستصبح حالة الرضى التي يأمرنا بالإتصاف بها جميع الأنبياء والرسل والصالحين والعرفاء تحصيل حاصل، ولا داعي حتى للدعوة، فأنت لا تحتاج لمن يقنعك بأن ترضى أو تتقبل الكدمات والآلآم التي ستشعر بها من خلال مشاركتك في جولة ملاكمة، أو لأن تتقبل التعب حين تشارك في سباق الماراثون، أو لأن تستمتع بالخوف حين تشارك في مغامرة ليلية في كهوف الجبال،
      من سيعيش حياته حسب هذا الإعتقاد فإنه سيعيش حياته كلها كمغامرة واحدة متصلة، وسيجد أن أحداث حياته ستبدء بالتنوع والتبدل، فنفسه العليا ستستمتع معه حينها، فمع حالة الرضى سيمكنها حينها أختبار وتذوق مشاعر مختلفة بشكل سريع، فلا يوجد هناك مقاومة وعناد، وحينها فلا داعي لتكرار نفس التجربة مرتين، فمن تجربة الى أخرى الى غيرها الى غيرها الى غيرها، فما دامت النفس العليا تعرف أن نفس الشعور من التجربة السابقة سيأتيها من الجديدة فلماذا ستكررها إذن؟ فستقرر بلا شك أن تخوض معها تجربة جديدة تستشعر منها ومعها مشاعر جديدة

      لكن المهم أن تعيش النفس الجزئية حالة الرضى التام، فكما أنها لها مطالب فإن للنفس العليا كذلك مطالب، وهنا حالة الرضى ستخلق حالة التوافق والإنسجام بينهما، فما دمت تعطيني ما أريد أعطيك ما تريد، فمرة لك ومرة لي وتلك الأحوال ((الأيام)) نتداولها فيما بيننا

      وبهذا الفهم سيتضح لنا معنى نفس واحدة في قوله تعالى:

      يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

      فالنفس الواحدة حينها هي النفس الكلية الإلهية، أما زوجها فهو العقل الكلي والذي هو وسط الكل ونهاية المطالب، فتكون المشكاة هي النفس الكلية ونهاية المطالب والمصباح هو العقل الذي وسطها

      وربما لو تأملنا بدقة سنفهم معنى كلمة الله وكلمات الله وأسماء الله فهم آخر،

      فالإسم قد يكون شجرة أو ورقة قابلة لأن تكون شجرة،

      أما الكلمة فهي دائما فروع الإسم أو فروع الشجرة وحيث ستصطف الأوراق أو الأسماء عليها
      وحيث أن الرواية التي تصف الاسم والكلمة واسمائها وأركان أسمائها وأسماء أفعال الأركان هي كذلك تصف نفس المشكاة والمصباح والزجاجة والشجرة والزيت لكن بكلمات مختلفة وزاوية فهم أخرى، فيمكننا أن نقول حينها أن كل ورقة ستصبح بدورها مشكاة، وتكون كذلك كنفس جزئية عليا هي نفسها أيضا المصباح الذي بها، فهي نفسها المشكاة وهي كذلك هي نفسها المصباح وهي نفسها الزجاجة أيضا

      إنتبه إلى أن المصباح داخل المشكاة ينظر بنفسه لنفسه ومن كل الزوايا وذلك من خلال عيون أسمائه الأربعة، وعيون أركانها الإثني عشر، وعيون أسماء أفعال الأركان الثلاثمائة والستون، فكل اسم فعل يفعل يوجد هناك ثلاثمائة وتسعة وخمسون اسم فعل أخرى تنظر الى صورة فعله، أمّا هو كمصباح فإنه ينظر إليهم جميعهم، فهو ينظر إليهم من حيث هو، وهو ينظر لنفسه من كل الزوايا من خلال أعينهم، فهو يرى نفسه من السماء من خلال أعينهم، وينظر بوعيه وإحاطته الكلّية إليهم من مركز المشكاة
      وإذا استعظنا للتعبير بكلمة المشكاة بدل كلمة الشجرة من حيث أن كلاهما يتكلمان عن شيء واحد، فبدلا من أن نقول حينها أنها أشجار خلق مرتبطة جميعها بالشجرة الأم وتصطف حولها وبجانب بعضها البعض الى ما لا نهاية، سنقول الآن أنها عدد لا ينتهي من المشاكي مرتبطة مع بعضها البعض ومصطفة الى جانب بعضها البعض حول المشكاة الإلهية نور السماوات والأرض، وعندما نقول أنها عدد لا ينتهي من المشاكي مرتبطة بالمشكاة الإلهية ومصطفة حولها فإننا لا نقصد أنها فعلا لها وجود حقيقي مع نفس المشكاة ومجاور لها، بل هي نفسها جزء من المشكاة، وأن نورها هو جزء وهو نور من نور المصباح الإلهي، ولكن كل نور جزئي، أو كل شعاع نور من النور الإلهي له وعيه الخاص الذي ينظر ويراقب به صورته الخاصة المنعكسة له عن الزجاجة الإلهية، كما ويرى بنفس الوقت كذلك انعكاسات صور أفعال واختيارات أجزاء بقية أجزاء أو بقية شعاعات النور القريبة منه

      إنها مشكاة إلهية واحدة، وزجاجة إلهية واحدة، والنور الإلهي وسط الكل،

      إنها مشكاة إلهية واحدة، وزجاجة إلهية واحدة، والعقل وسط الكُل،

      إنها مشكاة إلهية واحدة، وزجاجة إلهية واحدة، والعقل الكلي وسط الكُل
      العقل الكلي وسط الكُل؟

      ما هو هذا الكل؟

      وماذا نستفيد من كلمة الكل؟

      وسط الكل تعني لنا بكل تأكيد أنه محور كل الوجود ،

      فهو سط المشكاة ،
      ووسط الزجاجة ،
      ووسط جميع العقول الجزئية

      ولكننا قلنا قبل قليل ((أن كل ورقة ستصبح بدورها مشكاة، وتكون كذلك كنفس جزئية عليا هي نفسها أيضا المصباح الذي بها، فهي نفسها المشكاة وهي كذلك هي نفسها المصباح وهي نفسها الزجاجة أيضا)) فكيف يمكننا أن نوفّق بين قولنا أن معنى قوله سلام الله عليه أن العقل وسط الكل هو أنه هو المحور والقطب للوجود كله، وبين قولنا أن كل عقل جزئي سيكون هو المشكاة والمصباح والزجاجة الخاصة به، أي أنه سيكون محور وقطب وجوده الخاص به؟

      وهنا نقول أنه لا يوجد هناك أي تعارض بين القولين، فقطب الوجود ومحوره أي العقل الكلي هو نفسه هو الموجود في كل مشكاة جزئية، ولكنه في كلّ منها يمثّل، أو بتعبير أوضح هو من خلال كلّ مشكاة منها يرى نفسه من زاوية مختلفة، فكل عقل جزئي هو بمثابة عين من عيون العقل الكلي ولكنها ترى من زاوية مختلفة ولو قليلا، فجميع العقول الجزئية هي كلها مجرد عيون للعقل الكلّي ينظر لنفسه من خلالها، فلا يوجد هناك غيره لينظر إليه
      تماما كما أن كل إنسان يرى العالم من خلال عينين ثنتين، فهناك يوجد اختلاف بسيط بين ما تراه كل عين منهما، اختلاف بسيط جدا ولكنه مهم في أكمال الصورة وتوضيحها من أمامنا، ولجعلها أكثر وضوحا ودقة وإحكاما، فإن كان من يرى العالم من حوله أكثر وضوحا ودقة واحكاما من خلال عين ثانية واحدة فكيف الحال لمن كانت كل ذرة من ذرات الوجود هي عين له

      فنحن جميعنا كعقول جزئية نمثّل عيون العقل الكلي، ولا يوجد هناك عين مخصوصة يمكننا أن نقول أنها هي هذه هي عين العقل الكلي، فنحن جميعنا عيون للعقل الكلّي ينظر لنفسه من خلالها، ويعرف نفسه بها، ويرى فعله بها، ويشعر بحياته بها، ويحس بقدرته بها، ويعلم بعلمه بها، وهو يعرف نفسه من خلالها من كل الوجوه والاحتمالات الممكنة

      هذا هو العقل الكلي، فهو الخلق كلهم، وهو جميع احتمالات الخلق الممكنة كلها والتي خلقها الله جميعها دفعة واحدة، فهو المخلوق الأول، وهو المخلوق الأوحد، وهو الذي لا يوجد معه أحد، ولم يسبقه أحد، ولن يكون معه أحدا أبدا، وهو الآن تماما كما كان منذ أن كان

      لا يوجد خارجه خارج، ولا يوجد قبله قبل ولا بعده بعد، فهو الزمان وهو المكان،

      فكيف لمن هو الزمان أن يسبقه أحد في الزمان؟

      وكيف لمن هو الأيام والشهور والسنين أن يسبقه أو أن يليه أحد بأيام أو بشهور أو بسنين؟

      وكيف لمن هو المكان أن يكون معه مكان؟

      كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أُعرف فخلقت الخلق لكي أُعرف

      هذا الحديث يقول البعض أنه حديث قدسي ويستدل به على معاني عرفانية عديدة، بينما يقول آخرون عنه أنه حديث موضوع ولا يوجد له سند وبأنه غير موجود في الكتب المعتبرة، ولا أعرف هل هم يردّون وينكرون صدور هذه الكلمات ويردّون كذلك المعاني الموجودة بها؟ أم انهم يردون الكلمات فقط ويقبلون المعاني؟

      أما الذين يردون الكلمات فلا خبرة لي في لعبة الرجال والأسانيد التي تُقطّع بها كلمات ومعارف أهل البيت عليهم السلام في كل يوم

      وأمّا أولآئك الذين يردّون المعنى في أن الله قد خلق الخلق لكي يُعرف، فماذا يقولون في قوله تعالى:

      وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ

      ألا تدل هذه الآية الكريمة أن الله قد خلق جميع ما خلق سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل وأودع كل مخلوقاته في هذا الكتاب؟ وأقول لمن يعتقد أن مخلوقاته مكتوبة كتابة في هذا الكتاب أنه يجب أن ينتبه أن أسماء الله أفعاله وفعله هو خلقه، فلا يوجد تدرج في الواقع ونفس الأمر بين الفعل والخلق، فكل شيء قد خُلق فعلا دفعة واحدة، جميع ما كان وما يكون وما سيكون كله خلقه الله دفعة واحدة،هكذا يقول القرآن الكريم كما وهكذا يقول أهل البيت عليهم السلام أيضا من أن أسماء الله هي أفعاله وفعله هو خلقه،

      والله جل جلاله قد خلق العقل الكلّي وجميع العقول الجزئية المتقومة به دفعة واحدة، بلا زمان يذكر ولا تفكير ولا روية وبدون تجربة أو مساعدة

      فجميع الأشياء قد خلقها الله تبارك وتعالى دفعة واحدة ضمن وجود "كل شيء" أو ضمن وجود "العقل الكلي"، لكن جميع الأشياء أو جميع تلك العقول الجزئية المتقومة بـ "كل شيء" أو بـ"العقل الكلي" بلا استثناء، جميعها تعيش به تجربة الزمن بماضيه وحاضره ومستقبله بشكل حقيقي ومشاعرحقيقية، فهي تشعر بفضل وجودها به التجربة بالحياة والإحساس بالوجود بشكل حقيقي، فوجودهم بهذا العقل الكلي هو وجود غير حقيقي وهو محض وجود ظلّي،

      ولكن التجربة التي يعيشها كل ظل أو كل عقل جزئي منها هي تجربة حقيقية بالنسبة له،

      فوجودهم بالعقل الكلّي هو وجود وهمي ظلّي في حقيقته، ولكن تجربتهم بالحياة والوجود هي تجربة حقيقية

      وبهذا الفهم فإنه من الطبيعي أن يقول العقل الكلي أو يقول "كل شيء" أو يقول الإسم الباطن والكلمة الظاهرة ذات الأسماء الأربعة
      أنه لا يعرف الله إلا نحن
      ولا يعرفنا الا الله،
      وأننا نعرف أنفسنا،

      ففعلا لا يوجد هناك سوى "كل شيء" أو "العقل الكلي" ظاهره وباطنه ليعرف خالقه، فالله خلقهم ولم يخلق غيرهم أما بقية الرؤوس الجزئية فهي مخلوقة معهم وبهم وهم مجرد أجزء أو مجرد وجودات ظلّية لهم،

      ومن خلال جميع هذه الوجودات الظلية بجميع احتمالاتها التي تمثل جميع الاحتمالات الممكنة للخلق وصور الخلق وأحداث الخلق، أقول من خلال الوجود الفعلي لجميع الاحتمالات في العقل الكليّ ومن خلال رؤيته لجميع المخلوقات من خلال نفس أعينها أو وعيها الذاتي، ((حيث أننا قلنا قبل قليل أنها جميعها هي عبارة عن عيون للعقل الكلي، و أنه ينظر لنفسه بها ومن خلالها نظرة واحدة كلية يرى من خلالها جميع ما كان وما هو كائن وما سيكون من وجهة نظرنا))

      أقول سيرى العقل الكلّيّ جميع ذلك بنظرة واحدة حضورية لا ثاني لها مجردة عن الزمان والمكان
      أي أن "كل شيء" أو "العقل الكلي" يعيش حضوريا كل آن من الآنات وجميع تجارب الماضي والحاضر والمستقبل لكل الخلق والى انقضاء الساعة

      فالعقل الكلي لا يعيش مثل بقية العقول الجزئية تجربة الحياة الزمنية، فكل فعل فيه أو كل خلق فيه هو قد خلقه الله معه وفيه، وهي ((أي العقول الجزئية)) حيّة منذ أن خلقه وخلقها الله جل جلاله به، وهي ستبقى حيّة به كذلك إلى ما يشاء الله،

      فهو لا يزال يعيش حضوريا منذ أن خلقه الله حياة وموت وجميع تفاصيل وتجارب كل عقل جزئي منها، وهو يعيش كل ذلك مجتمعا منذ أن خلقه الله والى ما شاء الله، فجميع الأشياء بأزمانها هي مكتوبة تكوينيا في "كل شيء" منذ البداية،

      فكل لحظة منها هي موجودة تكوينيا في هذا الكتاب التكويني، وكل الإحتمالات موجودة تكوينيا في هذا الكتاب التكويني،

      فاحتمال كتابتي لهذه الكلمات تماما كما احتمال كتابتي لغيرها أو لعدم كتابتها، كما وجميع ما سيستتبع أي اختيار أو أيّ احتمال منها من أحداث هي كذلك مكتوبة ومخلوقة في هذا الكتاب التكويني، وجميعها هي حية وتعيش تجربة الحياة في كل لحظة من لحظات وجودها

      تستطيع أن تقول أنها مثل لقطات فلم سينمائي ولكنها لقطات حيةّ، كلها موجودة وكلها متصلة ببعضها البعض، وكل لقطة منها سيوجد بها وجوب اختيار احتمال من الإحتمالات سيوجد حول هذه اللقطة التكوينية من جميع الجهات لقطات تقود لبداية مسارات جديدة هي بعدد الاحتمالات المحتملة في تلك اللقطة أو في ذلك الموقف،

      تعليق


      • #4

        هذا هو التقسيم الشجري للنفس الكلية الإلهية، إسم باطن فكلمة ظاهرة تتكون من أربعة أسماء ثلاثة منها ظاهرة والاسم الرابع مستبطن بتلك الثلاثة الظاهرة، وهذه الأسماء تقطر كل اسم منها بأربعة قطرات أو بأربعة أرواح ((أي باثني عشر روح)) وتلك الأرواح تنفست كل روح منها بدورها بثلاثين نفس ((أي ثلاثمائة وستون نفس للمجموع))

        شجرة واحدة لها أصل أو جذع ثابت ولهذا الجذع فرعين، فرع يمين وفرع شمال، ولكن صفة كِلا فرعيه أنهما يمين، ولكل من الجذع والفرعين ماْئة وعشرون إسم فعل ليصبح المجموع ثلاثمائة وستون اسم فعل

        ونفس هذا التقسيم الشجري للشجرة الأم سيستمر ليتشجر من كل اسم من تلك الثلاثمائة والستون إسم بنفس الطريقة لثلاثمائة وستون اسم وتستمر العملية وتستمر في التفرع والتمدد من كل الجهات وكل تفرع منها سيعطي للوجود احتمال جديد وصورة جديدة وجميع تلك الاحتمالات الوجودية أو التشجرات الكلماتية والأسمائية ستمثل اللوحة الخلفية العقلية للوجود العقلي ولما سيظهر لكل عقل جزئي من صور وأحداث كذلك، ولكن فقط على قدر العقل او النفس المتوجة والمتابعة لتلك الصورة الخلفية أو الأحداث التي ستنعكس على مرآة وجودها أو على جزئها الثالث فتتابعها بوعيها وتراقبها حين تنعكس لها من على جزئها المرآتي الثالث


        فحسب التقسيم الروائي من أهل بيت العصمة لشجرة النفس الإنسانية وأجزائها نجد أن كل إنسان له ثلاثة أجزاء تشبه في عملها لثلاث مرايا ترسل وتعكس كل واحدة منها للأخريات صورة معينة من الأحاسيس ناتجها يكون شعور الثلاث أجزاء بشعور واحد مترابط وهو الشعور بالحياة والقدرة والعلم والشعور بالوجود وبالأنا وتلك الأجزاء الثلاثة هي:

        1. النفس النباتية وهذه هي التي ستعود عود ممازجة لا عود مجاورة بمعنى أن وجودها كنفس نامية نباتية سينتهي أخيرا لأنها ستتمازج مع جزء آخر فيذوب وجودها في وجوده

        2. والنفس الحسية الحيوانية وهذه ستعود للنفس الناطقة القدسية كذلك عودة ممازجة لا عودة مجاورة، بمعنى أن وجودها سيذوب في وجود النفس الناطقة القدسية وينعدم
        3. والنفس الناطقة القدسية وهي التي ستعود للنفس الكلية الإلهية عودة مجاورة لا عودة ممازجة، بمعنى أنها سيبقى لها نوع من الوجود ولا تنعدم في حالة رجوعها

        وهذا التفصيل نجده في الرواية الشريفة التالية:

        روي (ان أعرابيا سأل امير المؤمنين عليه السلام عن النفس فقال له عن اي نفس تسأل فقال: يا مولاي هل النفس أنفس عديدة فقال عليه السلام: نعم نفس نامية نباتية، ونفس حسية حيوانية، ونفس ناطقة قدسية، ونفس إلهية ملكوتية كلية.

        قال: يا مولاي ما النامية النباتية؟

        قال: قوة أصلها الطبايع الاربع بدو إيجادها مسقط النطفة، مقرها الكبد، مادتها من لطايف الأغذية، فعلها النمو والزيادة، وسبب فراقها اختلاف المتولدات فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة.

        فقال: يا مولاي وما النفس الحسية الحيوانية؟

        قال: قوة فلكية وحرارة غريزية أصلها الافلاك بدو ايجادها عند الولادة الجسمانية فعلها الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية مقرها القلب سبب فراقها اختلاف المتولدات، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة فتعدم صورتها ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها.

        فقال: يا مولاي وما النفس الناطقة القدسية؟ قال: قوة لاهوتية بدو ايجادها عند الولادة الدنيوية، مقرها العلوم الحقيقية الدينية، موادها التأييدات العقلية، فعلها المعارف الربانية، سبب فراقها تحلل الآلات الجسمانية، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود مجاورة لا عود ممازجة.

        فقال: يا مولاي وما النفس اللاهوتية الملكوتية الكلية؟ فقال: قوة لاهوتية جوهرة بسيطة حية بالذات أصلها العقل منه بدت وعنه دعت وإليه دلت وأشارت وعودتها إليه إذا كملت وشابهته، ومنها بدأت الموجودات وإليها تعود بالكمال فهو ذات الله العليا وشجرة طوبى وسدرة المنتهى وجنة المأوى، من عرفها لم يشق، ومن جهلها ضل سعيه وغوى .

        فقال السائل: يا مولاي وما العقل؟ قال: العقل جوهر دراك محيط بالاشياء من جميع جهاتها، عارف بالشيء قبل كونه، فهو علة الموجودات ونهاية المطالب).انتهى

        وكما قلنا قبل قليل فتلك الأجزاء الثلاثة تمثل بمجموعها جزء واحد وشعور واحد وشخصية واحدة ولكن هذا لا يعني أن حدة وقوة شعور تلك الأجزاء في تجربة او موقف ما سيكون بنفس النسبة او بنفس المعنى لجميع الأجزاء، فعندما تفرح نفس ما بنسبة 100% وتشعر أنها قد بلغت قمة السعادة وغاية المنى فنفسها العليا ليس بالضرورة أن تبلغ مثلها نسبة سعادتها القصوى في هذا الموقف، فقوة شعورنفسها العليا وأحاسيسها أقوى بدرجات كثيرة من أحاسيس نفوسها الجزئية الثلاثون مجتمعة، وهي تستمتع بذلك الشعور الذي يصلها من نفسها الجزئية كيفما كان ذلك الشعور، سواء كان شعور ألم وحزن أو فرح وسعادة،

        فكيفما كان نوع الشعور فالنفس العليا ستستمتع به، والإستمتاع شعور آخر يختلف تماما عن شعور الحزن والفرح والراحة والتعب ولا علاقة له بها، فالإستمتاع يحصل مع التعب تماما كما يحصل للرياضين في انواع كثيرة من الرياضات البدنية وأنواع عديدة من الأعمال اليومية، ويحصل كذلك مع الألم كما يحصل للملاكمين والمصارعين والمتقاتلين في الحلبات والجبهات، ويحصل مع الخوف مثل الاستمتاع بالخوف الناتج من متابعة أفلام الرعب والقتل والدمار

        الخلاصة أن شعور الإستمتاع يختلف عن بقية المشاعر وقد يرافق أو ينتج عن جميع المشاعر الانسانية على مختلف أنواعها، وهذا هو ما تشعر به النفس العليا، فهي مستمتعة على الدوام وتشعر بالسعادة على الدوام وكيفما كان شعور جزئها الآخر ومهما كانت التجربة التي تمر بها أحد أجزائها الأخرى، فسواء كانت في الجنة التي نتخيلها او في حقيقتها، أو في النار التي نتخيلها او في حقيقتها فالنفس العليا تشعر بالإستمتاع على الدوام وفي جميع الحالات،

        ولعل هذه الرواية الشريفة تخبرنا كذلك عن معنى وسبب ربط الإستثناء بالرب في قوله تعالى :

        أمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ

        خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ
        وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ
        فجميع الأجزاء الانسانية لكل نفس إنسانية سترجع أخيرا لربها لكن منها ما سيفنى ويتحلل بالرجوع ومنها ما سيبقى له نوع من الوجود، لكن سيبقى موعد فناء كل جزء منها وتحلل بعضها مرتبط بإرادة ومشيئة النفس العليا ومقدار ونوعية تلك المشاعر التي تردها من كل جزء منها، فإذا وصلت نفس جزئية منها لمرحلة لن تستطيع أن ترفد بها نفسها العليا بمشاعر جديدة فإنها قد تخرجها من تلك التجربة المؤلمة وتدخلها بأخرى جميلة فتحصل منها على مشاعر جديدة، أو ربما تخرجها من عالم مشاعر السعادة والفرح وتدخلها في عالم مشاعر الإستمتاع على كل حال، فتعلمها حينها كيف يمكنها أن تتنفس من روحها أنفاس أخرى لتصبح حينها مربية لثلاثين نفس غيرها وتستمر دورة الحياة من جديد

        هذا التصور قد لا يوجد به جزء واحد من الحقيقة، بل قد لا يوجد به جزء واحد من بعض رائحة الحقيقة وشخصيا أرجّح ذلك ((طبعا الآيات الكريمة والروايات الشريفة مستثناة من هذا الكلام))، فأي عقل بشري يمكنه أن يتصور جمال الحقيقة وحقيقة الأمر وواقعه، ولكنه على كل حال يبقى تصور وتوجد بعض أو الكثير من الآيات والروايات التي تدعمه وهو قابل للتصديق أيضا، حيث أنني قد سردته فعلا لبعض من هم حولي ولقد تفاعلوا معه بدرجة كبيرة بلغت بعض الاحيان حتى درجة الاقتناع والتصديق والفرح به، ولكن ما أناْ مقتنع به فعلا هو أن الله جل جلاله يحبنا أكثر من أنفسنا ومن غير المعقول أنه سيخلق أو انه قد خلق فعلا آلآف المليارات من الضعفاء أمثالي سواء في كوكب الأرض أو غيره ليستمتع بعد ذلك بحرقهم وتعذيبهم بنيرانه بسبب بعض الذنوب التي أوجد هو بهم قابلية ارتكابها وارتكبوها فعلا، ولو أعطاني أحدهم قضيب من النار وأفتى لي بحرق ألد أعدائي به لوجدت في قلبي ما يمنعني من ذلك بل ويدفعني للعفو عنه أيضا، فهل أصف الله بما أستنكف أناْ عن الاتصاف به؟ تلك اذن قسمة ضيزى ((أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى () تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى))

        الأمر بالتأكيد أجمل من الوصف السابق وأحكم وأجل منه/ ولكنني أردت من خلاله أن أقول أو أوصل فكرة إمكانية تصور أو تخيل أن تكون حقيقة العذاب وحقيقة النيران على غير ما نتصورها

        ورغم اعتقادي أن حقيقة الأمر لا تشبه الوصف السابق لعلاقة النفس العليا الكلية بالنفس العليا الجزئية ولتلك النفوس الجزئية التي تقع في دائرة رعاية وتربية النفس العليا المربية لها لكن هذا لا يمنع أنني فعلا أجد أن معنى الكثير من الآيات الشريفة يمكننا فهمه من خلال هذا الفهم لطبيعة شجرة الخلق بكل ما تحويه من نفوس عليا ونفوس جزئية،

        فعلى سبيل المثال سيبرز لنا من هذه الرؤية الكونية الجديدة معنى جديد لليلة القدر ةماذا سيحصل في ليلة القدر من كل سنة، وهل الاستعداد لهذه الليلة يقتصر على نفس الليلة فقط بل يجب أن نكون مستعدين أو مستنفرين لها طوال السنة ونتوقع قطف ثمار ذلك الإستعداد والإستنفار في هذه الليلة؟
        وكيف يمكننا أن نوفق بين قولهم سلام الله عليهم أجمعين :
        لو علم الناس كيف ابتداء الخلق ما اختلف اثنان
        لو علم الناس كيف خلق الله تبارك وتعالى هذا الخلق لم يلم أحد أحدا،
        ((((عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن غير واحد، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام قالا: إن الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذبهم عليها والله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون، قال : فسئلا عليهما السلام هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟ قالا: نعم أوسع مما بين السماء والارض.)))

        فمن خلال هذا الفهم لن يكون هناك مجال لاعتراض أي إنسان بالقول كيف لا ألوم أحد على تلك المصائب التي تنزل أو نزلت علّيّ في الأعوام السابقة وهي يكتبها الله عليّ وينزلها على رأسي سنة بسنة وفي ليلة القدر من كل سنة وبدون أن يستشيرني أو يأخذ رأيِ، فما يحدث فعلا هو أن نفسك العليا وبلفظ آخر هو أنك أنت نفسك ولكن من مستوى وجودي أعلى قد اخترت تلك التجارب التي تريد أن تخوضها في كل سنة مضت من حياتك وبحثت حينها لك عن شركاء في العالم العلوي يتقاسمون معك هذه التجربة وعلى أساس أن يخرج كل واحد منكم من تلك التجربة بشعور جديد أو بشعور معين يريد أن يستشعره، ونفسك العليا لا تقوم بهذا الأمر أي بترتيب واختيار تجارب حياتك للسنة المقبلة دائما بشكل تعسفي مع نفسك الجزئية، خصوصا إن كانت النفس الجزئية ملتفتة من يجب عليها أن تسأل أولا، ومع من يجب عليها أن تبدء بالتنسيق والطلب، فإذا علمت من الذي سيرفع سؤالها ويسعى لتحقيقه لها ويضعه في خطة السنة المقبلة، فإنها ستكون على اتصال وسؤال دائم بها خلال كل أيام سنتها، وستعلم في ليلة القدر أن نفسها العليا تقدمت بطلبها أو رفعت طلباتها للسنة المقبلة وهي في هذه الليلة بين يدي الذي سيعتمدها كما هي أو سيبدل بها ويجعلها مناسبة بما يتوافق مع الخطة السنوية لجميع النفوس الجزئية في الأرض

        وعليه فإننا يجب أن نتقدم بطلباتنا للنفس العليا طوال أيام السنة، أما في نفس ليلة القدر فإننا يجب أن ندعوا وأن نطلب من النفس الكلية الإلهية أو من اسمها الأعظم اعتماد وتثبيت ما تقدمت به أنفسنا العليا من طلبات لهذه السنة وعدم تأجيلها للسنة المقبلة، فتكون بذلك حينها أحداث وتجارب كل سنة من سنين حياتنا هي من تصميمنا واختيارنا، فإذا علمنا بذلك وآمنّا به وأيقنا منه فإننا سنعيش حالة الرضى والقبول وعدم السخط على كل ما يجري لنا وعلينا، فحينها الأمر منّا دائما يبدء ولنا بالتأكيد دائما يعود، وستصبح حالة الرضى التي يأمرنا بالإتصاف بها جميع الأنبياء والرسل والصالحين والعرفاء تحصيل حاصل، ولا داعي حتى للدعوة، فأنت لا تحتاج لمن يقنعك بأن ترضى أو تتقبل الكدمات والآلآم التي ستشعر بها من خلال مشاركتك في جولة ملاكمة، أو لأن تتقبل التعب حين تشارك في سباق الماراثون، أو لأن تستمتع بالخوف حين تشارك في مغامرة ليلية في كهوف الجبال،
        من سيعيش حياته حسب هذا الإعتقاد فإنه سيعيش حياته كلها كمغامرة واحدة متصلة، وسيجد أن أحداث حياته ستبدء بالتنوع والتبدل، فنفسه العليا ستستمتع معه حينها، فمع حالة الرضى سيمكنها حينها أختبار وتذوق مشاعر مختلفة بشكل سريع، فلا يوجد هناك مقاومة وعناد، وحينها فلا داعي لتكرار نفس التجربة مرتين، فمن تجربة الى أخرى الى غيرها الى غيرها الى غيرها، فما دامت النفس العليا تعرف أن نفس الشعور من التجربة السابقة سيأتيها من الجديدة فلماذا ستكررها إذن؟ فستقرر بلا شك أن تخوض معها تجربة جديدة تستشعر منها ومعها مشاعر جديدة

        لكن المهم أن تعيش النفس الجزئية حالة الرضى التام، فكما أنها لها مطالب فإن للنفس العليا كذلك مطالب، وهنا حالة الرضى ستخلق حالة التوافق والإنسجام بينهما، فما دمت تعطيني ما أريد أعطيك ما تريد، فمرة لك ومرة لي وتلك الأحوال ((الأيام)) نتداولها فيما بيننا

        وبهذا الفهم سيتضح لنا معنى نفس واحدة في قوله تعالى:

        يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

        فالنفس الواحدة حينها هي النفس الكلية الإلهية، أما زوجها فهو العقل الكلي والذي هو وسط الكل ونهاية المطالب، فتكون المشكاة هي النفس الكلية ونهاية المطالب والمصباح هو العقل الذي وسطها

        وربما لو تأملنا بدقة سنفهم معنى كلمة الله وكلمات الله وأسماء الله فهم آخر،

        فالإسم قد يكون شجرة أو ورقة قابلة لأن تكون شجرة،

        أما الكلمة فهي دائما فروع الإسم أو فروع الشجرة وحيث ستصطف الأوراق أو الأسماء عليها
        وحيث أن الرواية التي تصف الاسم والكلمة واسمائها وأركان أسمائها وأسماء أفعال الأركان هي كذلك تصف نفس المشكاة والمصباح والزجاجة والشجرة والزيت لكن بكلمات مختلفة وزاوية فهم أخرى، فيمكننا أن نقول حينها أن كل ورقة ستصبح بدورها مشكاة، وتكون كذلك كنفس جزئية عليا هي نفسها أيضا المصباح الذي بها، فهي نفسها المشكاة وهي كذلك هي نفسها المصباح وهي نفسها الزجاجة أيضا

        إنتبه إلى أن المصباح داخل المشكاة ينظر بنفسه لنفسه ومن كل الزوايا وذلك من خلال عيون أسمائه الأربعة، وعيون أركانها الإثني عشر، وعيون أسماء أفعال الأركان الثلاثمائة والستون، فكل اسم فعل يفعل يوجد هناك ثلاثمائة وتسعة وخمسون اسم فعل أخرى تنظر الى صورة فعله، أمّا هو كمصباح فإنه ينظر إليهم جميعهم، فهو ينظر إليهم من حيث هو، وهو ينظر لنفسه من كل الزوايا من خلال أعينهم، فهو يرى نفسه من السماء من خلال أعينهم، وينظر بوعيه وإحاطته الكلّية إليهم من مركز المشكاة
        وإذا استعظنا للتعبير بكلمة المشكاة بدل كلمة الشجرة من حيث أن كلاهما يتكلمان عن شيء واحد، فبدلا من أن نقول حينها أنها أشجار خلق مرتبطة جميعها بالشجرة الأم وتصطف حولها وبجانب بعضها البعض الى ما لا نهاية، سنقول الآن أنها عدد لا ينتهي من المشاكي مرتبطة مع بعضها البعض ومصطفة الى جانب بعضها البعض حول المشكاة الإلهية نور السماوات والأرض، وعندما نقول أنها عدد لا ينتهي من المشاكي مرتبطة بالمشكاة الإلهية ومصطفة حولها فإننا لا نقصد أنها فعلا لها وجود حقيقي مع نفس المشكاة ومجاور لها، بل هي نفسها جزء من المشكاة، وأن نورها هو جزء وهو نور من نور المصباح الإلهي، ولكن كل نور جزئي، أو كل شعاع نور من النور الإلهي له وعيه الخاص الذي ينظر ويراقب به صورته الخاصة المنعكسة له عن الزجاجة الإلهية، كما ويرى بنفس الوقت كذلك انعكاسات صور أفعال واختيارات أجزاء بقية أجزاء أو بقية شعاعات النور القريبة منه

        إنها مشكاة إلهية واحدة، وزجاجة إلهية واحدة، والنور الإلهي وسط الكل،

        إنها مشكاة إلهية واحدة، وزجاجة إلهية واحدة، والعقل وسط الكُل،

        إنها مشكاة إلهية واحدة، وزجاجة إلهية واحدة، والعقل الكلي وسط الكُل
        العقل الكلي وسط الكُل؟

        ما هو هذا الكل؟

        وماذا نستفيد من كلمة الكل؟

        وسط الكل تعني لنا بكل تأكيد أنه محور كل الوجود ،

        فهو سط المشكاة ،
        ووسط الزجاجة ،
        ووسط جميع العقول الجزئية

        ولكننا قلنا قبل قليل ((أن كل ورقة ستصبح بدورها مشكاة، وتكون كذلك كنفس جزئية عليا هي نفسها أيضا المصباح الذي بها، فهي نفسها المشكاة وهي كذلك هي نفسها المصباح وهي نفسها الزجاجة أيضا)) فكيف يمكننا أن نوفّق بين قولنا أن معنى قوله سلام الله عليه أن العقل وسط الكل هو أنه هو المحور والقطب للوجود كله، وبين قولنا أن كل عقل جزئي سيكون هو المشكاة والمصباح والزجاجة الخاصة به، أي أنه سيكون محور وقطب وجوده الخاص به؟

        وهنا نقول أنه لا يوجد هناك أي تعارض بين القولين، فقطب الوجود ومحوره أي العقل الكلي هو نفسه هو الموجود في كل مشكاة جزئية، ولكنه في كلّ منها يمثّل، أو بتعبير أوضح هو من خلال كلّ مشكاة منها يرى نفسه من زاوية مختلفة، فكل عقل جزئي هو بمثابة عين من عيون العقل الكلي ولكنها ترى من زاوية مختلفة ولو قليلا، فجميع العقول الجزئية هي كلها مجرد عيون للعقل الكلّي ينظر لنفسه من خلالها، فلا يوجد هناك غيره لينظر إليه
        تماما كما أن كل إنسان يرى العالم من خلال عينين ثنتين، فهناك يوجد اختلاف بسيط بين ما تراه كل عين منهما، اختلاف بسيط جدا ولكنه مهم في أكمال الصورة وتوضيحها من أمامنا، ولجعلها أكثر وضوحا ودقة وإحكاما، فإن كان من يرى العالم من حوله أكثر وضوحا ودقة واحكاما من خلال عين ثانية واحدة فكيف الحال لمن كانت كل ذرة من ذرات الوجود هي عين له

        فنحن جميعنا كعقول جزئية نمثّل عيون العقل الكلي، ولا يوجد هناك عين مخصوصة يمكننا أن نقول أنها هي هذه هي عين العقل الكلي، فنحن جميعنا عيون للعقل الكلّي ينظر لنفسه من خلالها، ويعرف نفسه بها، ويرى فعله بها، ويشعر بحياته بها، ويحس بقدرته بها، ويعلم بعلمه بها، وهو يعرف نفسه من خلالها من كل الوجوه والاحتمالات الممكنة

        هذا هو العقل الكلي، فهو الخلق كلهم، وهو جميع احتمالات الخلق الممكنة كلها والتي خلقها الله جميعها دفعة واحدة، فهو المخلوق الأول، وهو المخلوق الأوحد، وهو الذي لا يوجد معه أحد، ولم يسبقه أحد، ولن يكون معه أحدا أبدا، وهو الآن تماما كما كان منذ أن كان

        لا يوجد خارجه خارج، ولا يوجد قبله قبل ولا بعده بعد، فهو الزمان وهو المكان،

        فكيف لمن هو الزمان أن يسبقه أحد في الزمان؟

        وكيف لمن هو الأيام والشهور والسنين أن يسبقه أو أن يليه أحد بأيام أو بشهور أو بسنين؟

        وكيف لمن هو المكان أن يكون معه مكان؟

        كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أُعرف فخلقت الخلق لكي أُعرف

        هذا الحديث يقول البعض أنه حديث قدسي ويستدل به على معاني عرفانية عديدة، بينما يقول آخرون عنه أنه حديث موضوع ولا يوجد له سند وبأنه غير موجود في الكتب المعتبرة، ولا أعرف هل هم يردّون وينكرون صدور هذه الكلمات ويردّون كذلك المعاني الموجودة بها؟ أم انهم يردون الكلمات فقط ويقبلون المعاني؟

        أما الذين يردون الكلمات فلا خبرة لي في لعبة الرجال والأسانيد التي تُقطّع بها كلمات ومعارف أهل البيت عليهم السلام في كل يوم

        وأمّا أولآئك الذين يردّون المعنى في أن الله قد خلق الخلق لكي يُعرف، فماذا يقولون في قوله تعالى:

        وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ

        ألا تدل هذه الآية الكريمة أن الله قد خلق جميع ما خلق سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل وأودع كل مخلوقاته في هذا الكتاب؟ وأقول لمن يعتقد أن مخلوقاته مكتوبة كتابة في هذا الكتاب أنه يجب أن ينتبه أن أسماء الله أفعاله وفعله هو خلقه، فلا يوجد تدرج في الواقع ونفس الأمر بين الفعل والخلق، فكل شيء قد خُلق فعلا دفعة واحدة، جميع ما كان وما يكون وما سيكون كله خلقه الله دفعة واحدة،هكذا يقول القرآن الكريم كما وهكذا يقول أهل البيت عليهم السلام أيضا من أن أسماء الله هي أفعاله وفعله هو خلقه،

        والله جل جلاله قد خلق العقل الكلّي وجميع العقول الجزئية المتقومة به دفعة واحدة، بلا زمان يذكر ولا تفكير ولا روية وبدون تجربة أو مساعدة

        فجميع الأشياء قد خلقها الله تبارك وتعالى دفعة واحدة ضمن وجود "كل شيء" أو ضمن وجود "العقل الكلي"، لكن جميع الأشياء أو جميع تلك العقول الجزئية المتقومة بـ "كل شيء" أو بـ"العقل الكلي" بلا استثناء، جميعها تعيش به تجربة الزمن بماضيه وحاضره ومستقبله بشكل حقيقي ومشاعرحقيقية، فهي تشعر بفضل وجودها به التجربة بالحياة والإحساس بالوجود بشكل حقيقي، فوجودهم بهذا العقل الكلي هو وجود غير حقيقي وهو محض وجود ظلّي،

        ولكن التجربة التي يعيشها كل ظل أو كل عقل جزئي منها هي تجربة حقيقية بالنسبة له،

        فوجودهم بالعقل الكلّي هو وجود وهمي ظلّي في حقيقته، ولكن تجربتهم بالحياة والوجود هي تجربة حقيقية

        وبهذا الفهم فإنه من الطبيعي أن يقول العقل الكلي أو يقول "كل شيء" أو يقول الإسم الباطن والكلمة الظاهرة ذات الأسماء الأربعة
        أنه لا يعرف الله إلا نحن
        ولا يعرفنا الا الله،
        وأننا نعرف أنفسنا،

        ففعلا لا يوجد هناك سوى "كل شيء" أو "العقل الكلي" ظاهره وباطنه ليعرف خالقه، فالله خلقهم ولم يخلق غيرهم أما بقية الرؤوس الجزئية فهي مخلوقة معهم وبهم وهم مجرد أجزء أو مجرد وجودات ظلّية لهم،

        ومن خلال جميع هذه الوجودات الظلية بجميع احتمالاتها التي تمثل جميع الاحتمالات الممكنة للخلق وصور الخلق وأحداث الخلق، أقول من خلال الوجود الفعلي لجميع الاحتمالات في العقل الكليّ ومن خلال رؤيته لجميع المخلوقات من خلال نفس أعينها أو وعيها الذاتي، ((حيث أننا قلنا قبل قليل أنها جميعها هي عبارة عن عيون للعقل الكلي، و أنه ينظر لنفسه بها ومن خلالها نظرة واحدة كلية يرى من خلالها جميع ما كان وما هو كائن وما سيكون من وجهة نظرنا))

        أقول سيرى العقل الكلّيّ جميع ذلك بنظرة واحدة حضورية لا ثاني لها مجردة عن الزمان والمكان
        أي أن "كل شيء" أو "العقل الكلي" يعيش حضوريا كل آن من الآنات وجميع تجارب الماضي والحاضر والمستقبل لكل الخلق والى انقضاء الساعة

        فالعقل الكلي لا يعيش مثل بقية العقول الجزئية تجربة الحياة الزمنية، فكل فعل فيه أو كل خلق فيه هو قد خلقه الله معه وفيه، وهي ((أي العقول الجزئية)) حيّة منذ أن خلقه وخلقها الله جل جلاله به، وهي ستبقى حيّة به كذلك إلى ما يشاء الله،

        فهو لا يزال يعيش حضوريا منذ أن خلقه الله حياة وموت وجميع تفاصيل وتجارب كل عقل جزئي منها، وهو يعيش كل ذلك مجتمعا منذ أن خلقه الله والى ما شاء الله، فجميع الأشياء بأزمانها هي مكتوبة تكوينيا في "كل شيء" منذ البداية،

        فكل لحظة منها هي موجودة تكوينيا في هذا الكتاب التكويني، وكل الإحتمالات موجودة تكوينيا في هذا الكتاب التكويني،

        فاحتمال كتابتي لهذه الكلمات تماما كما احتمال كتابتي لغيرها أو لعدم كتابتها، كما وجميع ما سيستتبع أي اختيار أو أيّ احتمال منها من أحداث هي كذلك مكتوبة ومخلوقة في هذا الكتاب التكويني، وجميعها هي حية وتعيش تجربة الحياة في كل لحظة من لحظات وجودها

        تستطيع أن تقول أنها مثل لقطات فلم سينمائي ولكنها لقطات حيةّ، كلها موجودة وكلها متصلة ببعضها البعض، وكل لقطة منها سيوجد بها وجوب اختيار احتمال من الإحتمالات سيوجد حول هذه اللقطة التكوينية من جميع الجهات لقطات تقود لبداية مسارات جديدة هي بعدد الاحتمالات المحتملة في تلك اللقطة أو في ذلك الموقف،

        تعليق


        • #5

          أقول أنه من الطبيعي أن يقول العقل الكلي ظاهره وباطنه أنه لا يعرف الله إلا نحن، ولا يعرفنا إلا الله ونحن،

          ففعلا لم يخلق الله غيرهما، أما بقية الخلق فهم ظلالهم، وهم مجرد وجودات العدم هو حقيقتها ولكنها موجودات تعيش تجربة الوجود بكل جوارحها بالعقل الكلي

          وسواء عرفت العقول الجزئية الله أم لم تعرفه، آمنت أم كفرت، وحّدت أم أشركت، فهذا لن يغير من حقيقة أن الله تبارك وتعالى قد تحققت غايته فعلا بمجرد أن خلق العقل الكليّ، أو بمجرد أن خلق نور السماوات والأرض، فالعقل الكلّيّ أو نور السماوات والأرض قد عرف الله من أول وعيه بنفسه وذلك من خلال نظره بنفسه لنفسه من خلال عيون أو من خلال وعي جميع العقول الجزئية، سواء من خلال وعي أو عيون المؤمنة منها أو الكافرة أو المشركة، فهو يرى حضوريا ماضيها جميعها وحاضرها ومستقبلها بنفس النظرة، ويرى كذلك حضوريا جميع بداياتها ونهاياتها بنفس النظرة الحضورية الواحدة والمجردة من الزمان والمكان

          كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أُعرف فخلقت الخلق لكي أُعرف

          كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أُعرف فخلقت العقل الكلّيّ لكي أُعرف

          كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أُعرف فخلقت نور السماوات والأرض لكي أُعرف

          كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أُعرف فخلقت محمد وآل محمد لكي أُعرف

          عِبَارَاتُنَـا شَتَّى وَحُسْنُكَ وَاحِدٌ وَكُــلٌّ إلَى ذَاكَ الْجَـمَالِ يُشيرُ

          وقد يعتقد أحد الإخوة الكرام أنني عندما كنت أتحدث عن العقل الكلي أو نور السماوات والأرض وقلت:
          ((ففعلا لم يخلق الله غيرهما، أما بقية الخلق فهم ظلالهم، وهم مجرد وجودات العدم هو حقيقتها ولكنها موجودات تعيش تجربة الوجود بكل جوارحها بالعقل الكلي))

          أقول قد يفهمها بشكل مخالف لما أقصده ويقول تبعا لفهمه أن هذه العبارة تحد من قدرة الخالق المطلق والذي ليس كمثله شيء، فحتى لو وصلنا إلى هذه النتيجة فهي تبقى فرضية مجرده ولا نسلم بها.

          فأقول حينها أن أول التوحيد يجب أن يكون نظرية، والواقع يقول أنه ليس نظرية واحدة بل انه نظريات كثيرة وهي بعدد أنفاس الخلائق، فكل إنسان عنده تصور معين وخاص به لله جل جلاله وتوحيده، وهو عمليا يعبد الله من خلال هذا التصور النظري الذي يعتقد به، وقد قال أمير الموحدين عليه السلام ما معناه أن الناس تعبد ما تعتقد

          فلا بأس لو لم تسلم أخي الكريم بهذه الفرضية أو بهذه النظرية، وتعبدت الله جل جلاله عمليا من خلال نظرية وفرضية أخرى، فهذا شيء طبيعي بل وهو حتمي أيضا، فالطريق الى الله بعدد أنفاس الخلائق، وأنا لا أطلب من أحد أن يتعبد الله حسب هذه الفرضية وعمليا لن يستطيع أي إنسان أن يتبعها كاملة حتى ولو أراد ذلك، فالمؤكد أنه سيضيف عليها وسيحذف منها كذلك

          وأحب أن أضيف أن هذه الفرضية يبدو أن جميع الأديان الكبيرة تعتقد بها، سواء تلك التي نعتقد أنها أديان سماوية مثل اليهودية والمسيحية أو تلك التي نقول أنها أديان أرضية، مثل البوذية والهندوس وعقيدة الهنود الحمر وغيرهم ولكن ليس بالضرورة أن يدعوه ملك له رؤوس بعدد الخلائق أو نور السماوات والأرض، فلكل شعب وحضارة أنبياء ومفكرين وفلاسفة تختلف مفاهيمهم وألفاظهم عن بقية الشعوب والحضارات، ولكنهم جميعهم وصلوا الى حدود هذا العقل الكلي او لنقل أنهم وصلوا بمعرفتهم وفهمهم لهذا الجَوْهَر الدَرَّاك، المُحِيط بِالاْشْيَاءِ عَنْ جَمِيعِ جِهَاتِهَا، او لهذه النفس الإلهِيَّةٌ الكُلِّيَّةٌ المَلَكُوتِيَّةٌ، ولكنهم أطلقوا عليها مسميات مختلفة عن بعضهم البعض، ولأسباب متعددة، وهذه أمثلة لما أطلقوا على هذا المخلوق الواحد وهي لا تعني ان غيرهم لم يؤمن به او يطلق عليه إسما خاصا به غير تلك الأسماء

          فالهندوس أطلقوا عليه إسم أكاشا او البراهما

          والقبلانيون أطلقوا عليه اسم النور النجمي

          والصوفيون أطلقوا عليه اسم البركة

          والعلماء الروس أطلقوا عليه اسم البايوبلازما

          والعلماء التشيك أطلقوا عليه اسم البايوترونيك

          والصينيون أطلقوا عليه اسم التشي

          أما هنود الأباتشي فقد أطلقوا عليه اسم ديجي

          بينما هنود النافاهو أطلقوا عليه اسم ديجين

          والإغريق القدامى أطلقوا عليه اسم دايناميس

          واليهود أطلقوا عليه اسم آل

          وانتون ميسمر أسماه المغناطيسية الحيوانية

          وفرانسيس نكسون أسماه آريا لوها

          وأوسكار برنلر أسماه الطاقة البايوكونية

          أما رودلف ستينر فأطلق عليه إسم الأثير البايوديناميكي

          بينما أطلق يو.ف.تسزيان عليه اسم المجال العضوي

          وأطلق جورج ستار عليه الإسم الطاقة الكهروكونية

          وأ.أ.ديف أطلق عليه الإسم: مجال[د]

          هذا بالإضافة للمصطلح العام الذي يفهمه الجميع وهو الطاقة الكونية

          ويبدو أنهم جميعا لم يعتقدوا أن ذلك الاعتقاد يحد من قدرة الخالق المطلق والتي لم أشر لها لا من قريب ولا من بعيد، فنصّ ما قلته أنه جل جلاله فعلا لم يخلق غيرهما، ولم أقل أنه لا يستطيع أن يخلق غيرهما

          ولكن دعنا نتسائل لماذا نحن نفترض أنه جل جلاله لم يخلق غيرهما؟

          وهنا يجب أن نفكك هذه المسألة ونسأل:
          هل يستطيع الله تبارك وتعالى أن يخلق كلمة تامة أو مخلوق تام يغنيه عن ان يخلق غيره لتحقيق حكمته من الخلق؟

          إن كان الجواب نعم فهذا هو إثبات لعين ما نقوله

          وإن كان الجواب لا فهذا هو إثبات لعين ما تريد الهرب منه

          وإن كان الجواب نعم ولكنك تقول معه ما المانع من أن يكون الله تبارك وتعالى قد خلق مخلوقين تامّين أو كلمتين تامّتين أو حتى أكثر، ويستطيع من خلال أي منها تحقيق حكمته وبنفس الدرجة؟ وهنا نسأل ما الحكمة من هذا الفعل؟ أي ما الحكمة من خلق كلمتين تامتين أو مخلوقين تامين متشابهين تماما؟

          هل يريد أن يثبت لنفسه أنه قادر على ما يريد؟ فهل هو جاهل بنفسه لكي يطلب الاثبات لنفسه؟ بالتأكيد كلا

          ثم أن هذا المخلوق الأوحد العقل الكلي ونور السماوات والأرض هو مجرد مرآة صافية ونقية فقط، وهو لا فضل له في كونه مرآة صافية ونقية لا شوائب بها، فالله تبارك وتعالى أوجده بهذه الصورة النقية الصافية والعاكسة لكي يتجلى بها بعلمه وقدرته وحياته

          نعم الله تبارك وتعالى يستطيع أن يخلق عدة مرايا نقية وصافية ولكنها حينها ستكون متشابهة تكوينيا، فهي نعم عدة مرايا، ولكنها مجرد نسخ متعددة من أصل واحد، وهذا هو معنى أولنا محمد وأوسطنا محمد وكلنا محمد صلوات الله عليه وآله، وهذا هو أيضا معنى نور على نور، ولكن معناه أيضا هو أنه نور واحد رغم أنه نور على نور

          هذا هو تحليلي وفهمي الشخصي، أما اذا ذهبنا للأيات والروايات فسنجد ((الله نور السماوات والأرض وليس أنوار السماوات والأرض، ومثل نوره وليس مثل انواره)) وفي الحديث الشريف نجد ((أن الله خلق المشيئة بنفسها أو بذاتها وخلق جميع الأشياء بالمشيئة، وسنجد أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر ومنه خلق كل جميل، وسنجد كنا نورا واحدا فقسمنا نصفين، وسنجد أول ما خلق الله خلق ملكا له رؤوس بعدد الخلائق، و و و و))

          وسأقول له مرة أخرى هذه هي نظرتي الخاصة وفهمي الخاص للعلاقة التي تربط بين الخالق والمخلوق، فهي خالق ومرآة وتجليات، وهذا العقل الكلي هو مرأة التجلي والعقول الجزئية هي التجليات ولا بأس بأن لا تأخذ بهذا الاعتقاد أو بهذه النظرية وأن تبقيها مجرد فرضية بين آلآف وملايين الفرضيات الموجودة في رؤوس الناس

          وتبقى هذه كلماتي الخاصة، وهذا هو فهمي الخاص للرسالة المحمدية وللولاية العلوية صلوات الله وسلامه عليهما وآلهما، وهذه هي معرفتي النورانية لمولانا أمير المؤمنين من خلال الآيات والروايات التي وقع سمعي وبصري عليها،

          نعم هذه هي كلماتي الخاصة وهذا هو فهمي الخاص للرسالة المحمدية وللولاية العلوية التي لم يبعث الله الأنبياء والرسل إلا لكي يبينوها للناس ويبشروا بها، ((فهذه هي رسالة جميع الأنبياء والهدف من بعثتهم في أن يهدوا الناس لهذا النور ((نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء))، وهذا هو النور الذي يحاول الشيطان وحزبه بأفواههم أن يطفؤوه، بمعنى أنهم يشنعون ويكفّرون ويفسّقون كل من يحاول أن يتكلم عنه ويبينه، أو أن يفهمه هو على الأقل، فتنفض الناس من حوله حينها بسبب هذا التشنيع والتهويل.

          يبدو أن الأمثلة والاكتشافات العلمية والتكنولوجيا التصويرية المتطورة في هذه الأيام تستطيع أن تقرب للفهم العديد من الأفكار الصعبة جدا جدا جدا

          مثلا الفكرة التي طرحتها والمستوحاة من الرواية الشريفة والتي مضمونها أن من الإسم ظهرت الكلمة ومن الكلمة ظهرت الأركان ومن الأركان ظهرت اسماء الأفعال، وكانت النتيجة أنه من الأسم الباطن ظهر ثلاثمائة وستون اسم فعل، وقلت بعد ذلك أن كل إسم من تلك الثلاثمائة والستون سيظهر ثلاثمائة وستون أسم ومن كل أسم سيظهر سيظهر كذلك ثلاثمائة وستون إسما آخر وتستمر سلسلة الخلق بهذه الطريقة الانشطارية المتماثلة فكما هي صورة الكل هي صورة الجزء، بمعنى أن الجزء هو على صورة الكل ولكن بصورة أصغر وأصغر وأصغر الى ما لا نهاية

          وهذا هو نفس ما تقوله الهندسة الكسيرية Fractal Geometry أو Fractals

          من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة:
          تدرس الهندسة الكسيرية (بالإنجليزية: Fractal Geometry أو Fractals) البنى الهندسية المؤلفة من كسيريات وهو مجموع كسيرية Fractals التي يمكن تعريفها بأنها جزء هندسي صغير جدا غير منتظم ذو أبعاد لامتناهية بالصغر، يمكن أن يتألف من أجزاء متشابهة مؤلفة بدورها من أجزاء متشابهة مشابهة للجزء الأم.
          الكسيرية إذا يمكن تعريفها على أنها كائن هندسي خشن غير منتظم على كافة المستويات، ويمكن تمثيلها بعملية كسر شيء ما إلى أجزاء أصغر لكن هذه الأجزاء تشابه الجسم الأصلي. تحمل الكسيرية في طياتها ملامح مفهوم اللانهاية وتتميز بخاصية التشابه الذاتي أي أن مكوناتها مشابهة للكسيرية الأم مهما كانت درجة التكبير. غالبا ما يتم تشكيل الأجسام الكسيرية عن طريق عمليات أو خوارزميات متكررة : مثل العمليات الذاتية الاستدعاء أو التكرارية.
          الكسيرية هي مجموعة لها بُعد كسيري عادة ما يتجاوز بعدها الطوبولوجي.
          تمت صياغة مصطلح كسيرية (fractal) من قبل بونوا ماندلبرو، من اللاتينية fractus بمعنى مكسور. كان ذلك عام 1975. قبل هذا المصطلح كان الاسم الشائع لهذه البنى هو ندفة الثلج لكوخ. تقوم الهندسة الكسيرية عادة بدراسة البنى المؤلفة من كسيريات وتصف العديد من الأوضاع والبنى التي لا يمكن تفسيرها أو دراستها بالهندسة الرياضية الكلاسيكية, إضافة لذلك تمتلك الهندسة الكسيرية تطبيقات عديدة في العلوم والتكنولوجيا والفنون الحاسوبية.

          http://upload.wikimedia.org/wikipedi...8indigo%29.png



          http://upload.wikimedia.org/wikipedi...andelpart2.jpg


          خلاصة هذه النظرية تقول ما مفاده أن جميع المظاهر الكونية ناتجة عن عملية تكرار منتظمة ولا نهائية في الصغر ولكنها بصورتها النهائية تظهر بصورة لا نظامية وعشوائية
          وهذا المقطع التعريفي هو من نفس صفحة ويكيبيديا الموسوعة الحرة:
          يمكن وصف الهندسة الكسيرية بأنها النظام الحقيقى لكمية هائلة من الأنظمة الرياضية المعقدة في شكل تمثيلى قد تظهر من الوهلة الأولى أنها لا نظامية إلا أنها الطريقة المثلى لتمثيل هذه البيانات. للكسيريات العشوائية تطبيقات هامة، ذلك أنه من الممكن استخدامها لوصف كائنات من العالم الحقيقي شديدة اللانظامية، أمثلة على ذلك الغيوم والجبال والاضطرابات والخطوط الساحلية والأشجار. تطبق التقنيات الكسيرية أيضاً في مجال ضغط الصور الفركتلي، بالإضافة إلى العديد من المجالات العلمية الأخرى.انتهى

          وهكذا سيظهر التعقيد من البساطة، أو من البساطة سيظهر التعقيد، فاسم يتقطّر وقطرات تتنفّس وأنفاس تتقطـّر وقطرات تتنفّس و و و و في عملية تشبه عملية تدحرج كرة الثلج التي تكبر وتكبر وتكبر كلما تقدمت للأمام في مسيرتها

          فمن الإسم الأعظم تظهر الكلمة ومنها تظهر الأسماء الحسنى ومنها تظهر أسماء وكلماتها وأسماء كلماتها، ثم مرة أخرى أسماء وكلمات وأسماء كلمات ثم تعاد الكرّة مرة أخرى وأخرى وأخرى و و و و و و ووو........

          https://www.youtube.com/watch?v=swxf6IeRgZw

          لو عملنا عملية حسابية بسيطة لهذا التصور الذي طرحناه قبل قليل وهو أن من كل اسم من الثلاثمائة والستون إسم سيظهر ثلاثمائة وستون إسما جديدا، ستكون نتيجتها بهذا الشكل

          360 * 360 = 129600

          نخرج المكررات منها وهي الأسماء الثلاثة والإثني عشر

          3 * 360 = 1080

          12 * 360 = 4320

          ليصبح المجموع النهائي لعدد الأسماء بهذا الشكل: 129600 – 4320 – 1080 = 124200

          أو بهذا الشكل 129600 – 4320 – 1080 - 360 = 123840 اذا اعتبرنا أن الأسماء الثلاثمائة والستون هي أيضا مكررة وموجودة في البقية

          المهم أن النتيجة غير متطابقة بشكل تام كما أتمناها ولكنها قريبة جدا من الرقم الموجود في الرواية التي أوردتها سابقا وتقول :

          عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قلت: {يا رسول الله بأبي أنت وأمي أخبرني عن أول شيء خلقه الله قبل الأشياء؟ قال: يا جابر إن الله خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله تعالى، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار، ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جن ولا إنس،

          فلما أراد الله أن يخلق الخلق قَسّم ذلك النور أربعة أجزاء:

          1. فخلق من الجزء الأول القلم،

          2. ومن الثاني اللوح،


          3. ومن الثالث العرش،

          4أ- ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء:
          1. فخلق من الجزء الأول حملة العرش،
          2. ومن الثاني الكرسي،
          3. ومن الثالث باقي الملائكة،
          4ب- ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء:
          1. فخلق من الجزء الأول السموات،
          2. ومن الجزء الثاني الأراضين،
          3. ومن الثالث الجنة والنار،
          4ت- ثم قسم الجزء الرابع إلى أربعة أجزاء:
          1. فخلق من الجزء الأول نور أبصار المؤمنين،
          2. ومن الثاني نور قلوبهم، وهي المعرفة بالله،
          3. ومن الثالث نور أنسهم، وهو التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله.
          ثم نظر إليه فترشح النور عرقاً، فتقطرت منه مائة ألف قطرة وعشرين ألفاً وأربعة آلاف قطرة، فخلق الله من كل قطرة روح نبي رسول، ثم تنفست أرواح الأنبياء فخلق الله من أنفاسهم أرواح الأولياء والسعداء والشهداء والمطيعين من المؤمنين إلى يوم القيامة،

          لو دققنا بهذه الرواية سنجدها تصف نفس الإسم وكلمته وأركانها وأسماء أركانها لكن بوصف وكلمات مختلفة

          فالنور انقسم الى أربعة أقسام، وفقط القسم الرابع من هذه الأقسام الأربعة أنقسم الى اربعة أقسام، ومرة أخرى القسم الرابع انقسم الى أربعة أقسام

          ثم عاد لوصف النور وكيف أنه ترشح عرقا فتقطرت منه 124000 قطرة وهذا هو الرقم الذي قلت قبل قليل إنه قريب جدا جدا من حساباتي التي قمت بها

          ويبدوا لي أنه قد فاتني شيء ما لكنني سأستمر بالتفكّر به إن شاء الله حتى أجده، ولكنني أحببت أن أطرح الفكرة هنا لعلي أجد من يعينني على البحث فينتبه هو لما قد غفلت أناْعنه

          وهنا قد يسأل سائل لماذا أو على أي أساس اعتبرت أن الثلاث أنفس الظاهرة والإثنا عشر نفسا أركان الثلاث الظاهرات مكررة وحذفتهم من كل مجموعة من الثلاثمائة والستون مجموعة وبالتالي من المجموع ككل بل زدت وحذفت من المجموع أخيرا كل نفس كلية من الذات الكلية

          وجوابي على ذلك هو أن التعداد يكون عند ظهور الإختلاف فقط، أمّا حين يكون هناك تشابه وتطابق فلا معنى لزيادة العدد، فمثلا عندما يكون لدينا كلمة "إكتتاب" وأقول لك ما هي حروف هذه الكلمة بمعنى أنني ناظر لنفس الحروف وليس لعددها، فتقول لي حينها أنها ا،ك،ت،ب ولكن عندما أقول لك ما هو عدد حروفها فستفهم أنني أريد عدد الحروف لا نوعها وستحسب حينها مجموعها ا،ك،ت،ت،ا،ب،، وتقول أنها ستة حروف

          والإختلاف لا يظهر إلا في حالة الفعل، والفعل لم يبدء ظهوره الا بأسماء الأفعال الثلاثمائة والستّين، فكيف يمكننا إذن أن نجمع أعداد الأركان ولا يوجد ظهور فعلي لنفس تلك الأركان بمعزل عن أسمائها الفاعلة المختلفة في أثرها التكويني الظهوري، فظهور نفس الأركان أمر غير ممكن من دون فعل، وإذا ظهر الفعل سيكون الظهور لأحد أسماء أفعال الركن وليس للركن نفسه، فالركن نفسه يجب أن يكون إذن مستبطن في جميع أسماء أفعاله الثلاثين منفردة أو مجتمعة، وظهورهم هو نفسه ظهوره هو لكن من خلالهم، فهو الفاعل الحقيقي لكن من خلال، أو من باطن ثلاثين مرآة

          ونفس الكلام السابق ينطبق كذلك على علاقة الأسماء الثلاثة الظاهرة مع أركانها الإثني عشر، فالأسماء الثلاثة منطوية في الأركان الإثني عشر وهذه منطوية في أسماء الأفعال الثلاثمائة والستون الظاهرة، فالأسماء الأربعة ((الثلاثة مع الإسم المنطوي والمستتر بهم)) مع الأركان الإثني عشر تعتبر هنا هي المجموعة الفاعلة، والثلاثمائة والستون إسم فعل هي مظاهر أفعالهم أو هي أسماء أفعالهم، وهم ليسوا فاعلين بالحقيقة وإن ظهر الفعل من خلالهم

          وبما أننا نعدد عدد مظاهر الخلق أو عدد مظاهر الأفعال فمن الطبيعي أن لا نعدد أو لا نحسب معهم عدد الفاعلين فهم من جنس آخر، فالفاعل من جنس محدد والفعل من جنس آخر معلول في وجوده لجنس الفاعلين

          وإن كانت اسماء أفعال أركان الذات العليا الثلاثمائة والستون لا فعل حقيقي لها ولكنه يُنسب لها نسب اعتباري لا حقيقية له فمن الطبيعي أن يكون الفاعل الحقيقي في الأسماء الثلاثمائة والستون لكل اسم فعل منها هم نفسهم المجموعة الفاعلة الأولى والوحيدة في كل شجرة الوجود المخلوق إبتداءا من جذورها الى ما شاء الله

          فالمجموعة الفاعلة نزولا من الذات العليا أو العقل الكلي الذي له رؤوس بعدد الخلائق ومرورا بكل رأس من رؤوس تلك الخلائق هي مجموعة فاعلة واحدة، وتعمل المجموعة الفاعلة من خلال كل عقل جزئي على اظهار احتمال واحد من الاحتمالات اللانهائية للخلق، أو تعمل تلك المجموعة الفاعلة في كل رأس منها على إظهار جزء واحد وبسيط من صورة الخلق اللا محدودة ليكون ذلك الرأس أو العقل الجزئي كعين جزئية ترى فقط ذلك الإحتمال وتكون الذات الكلية التي ترى نفسها من خلال جميع عيونها أو رؤوسها هي عين الله التي خلقتها والتي يرى بها صور علمه وقدرته وحياته في حالة الفعل والظهور

          فالله أحب أن يعرف نفسه فشاء أن يعرف نفسه فأراد أن يعرف نفسه فخلق عين ليرى نفسه من خلالها، وبمجرد أن خلقها تحقق هدفه كاملا، فمن خلالها رأى حضوريا ما كان وما يكون وما سيكون ((هذا التقسيم هو بالنسبة لنا فقط)) فلقد خلقها كاملة فيها كل الإحتمالات على الإطلاق وعلى عدد رؤوس الخلائق

          الخلاصة أن المجموعة الفاعلة موجودة مع كل نفس كلية في الذات العليا، وموجودة مع كل اسم فعل أو عقل جزئي في الذات العليا، والأن فقط اتضح لي بجلاء من هم أولائك الذين أسلم عليهم في الصلاة وأقول لهم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأعتقد حينها أنهم يسمعوني ويردون سلامي، هم المجموعة الفاعلة والتي هي منطوية في ومع كل الخلائق بلا استثناء، فالمجموعة الفاعلة منطوية بالذرة وبالمجرة، وفي الصغير والكبير، وفي الظاهر والباطن، وفي الأول والآخر

          تعليق


          • #6
            هذا افضل موضوع قراته منذ شهرين تقريباً
            لحد الان بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك
            وحشرك الواحد الاحد مع محمد وال محمد
            انه سميع مجيب

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            x

            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

            صورة التسجيل تحديث الصورة

            اقرأ في منتديات يا حسين

            تقليص

            لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

            يعمل...
            X