إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

ايات قرانية تدل على نظرية اهل البيت (( امر بين امرين))

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    النص منقول عن كتاب مفاهيم قرانية للشيخ جعفر سبحاني..الجزء العاشر



    .................................................. .....................................

    شبهات وحلول
    دلّت البراهين العقلية كالنصوص القرآنية على أنّه سبحانه قائم بالقسط في
    جميع شؤونه ، بيد انّ ثمة شبهات أُثيرت حول الموضوع تنشد لنفسها حلولاً.

    الشبهة الأُولى : خلق الأعمال

    إنّ التوحيد الأفعالي يرشدنا إلى أنّ ما في الكون مخلوق لله سبحانه ، دون فرق
    بين الجواهر والأعراض ، وبين الإنسان وأعماله ، وهذا صريح الآيات التالية :

    1. (قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ). 1
    2. (ذَٰلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ ... ). 2
    3. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ). 3
    فإذا لم يكن في صحيفة الوجود إلاّ خالق واحد لا شريك له في الخلق ، فكلّ
    __________________
    1. الرعد : 16.
    2. المؤمن : 62.
    3. فاطر : 3.

    ما يصدر من الإنسان فهو مخلوق له وهو خالقه ، وهذا ما يعبّر عنه بالتوحيد في
    الخالقية.

    ويستنتج منه أمران :
    أ : إذا كان فعل الإنسان مخلوقاً لله سبحانه لا للإنسان فيكون مجبوراً في
    فعله لا مختاراً.

    ب : إذا كان فعل العبد حسنُه وسيِّئه فعلاً لله سبحانه ومخلوقاً له ، فتكون
    المؤاخذة على أفعال العبد خلاف العدل والقسط ، لأنّ الخالق هو الله سبحانه
    والمَُجزيّ هو العبد ، مع أنّه لا دور له في فعله.

    أقول : إنّما رتَّبوه على التوحيد في الخالقية يخالف الفطرة أوّلاً ، فانّها تشهد
    على حرية الإنسان في أفعاله ، ويخالف أهداف الأنبياء ثانياً. فإذا كان الإنسان
    مجبوراً فيما يفعل ويترك ، كان بعث الأنبياء ودعوتهم إلى الطريق المستقيم أمراً لغواً ،
    غير مؤثر في هداية الإنسان ، بل تعدُّ عامة القوانين الجزائية في الإسلام أمراً لغواً
    وظلماً في حقّ المرتكب ، لأنّه لم يقترف المعاصي والسيئات عن اختيار ، بل عن جبر
    وسوق من الله سبحانه إيّاه إلى العمل ، وهو تعالى هو الفاعل الخالق لأعمالهم ،
    لا العبدُ فيكون تعذيبه مصداقاً لقول الشاعر :

    غيري جنى وأنا المعاقب فيكم


    فكأنّني سبّابة المتندِّم

    لكنّ الأشاعرة مخطئون في تفسير التوحيد في الخالقية أو التوحيد الأفعالي
    الذي هو من المعارف الإسلامية التي صدع بها القرآن الكريم.

    انّ التوحيد في الخالقية يُفسر بأحد تفسيرين :
    أ : أنَّ كل ما في الكون من الظواهر الطبيعية والفلكية وغيرهما مخلوق لله





    سبحانه مباشرة ، وبلا تسبيب سبب وتهيئة مقدمة وليس في صحيفة الكون إلاّ
    علة واحدة تقوم بجميع الأفعال ، وتنوب مناب العلل الطبيعية في كافة الموارد.

    ب : إنَّ صحيفة الكون قائمة بوجوده سبحانه ومنتهية إليه ، غير انّه سبحانه
    خلق الأشياء من خلال نظام الأسباب والمسببات ، والعلل والمعلولات ، على وجه
    يكون للسبب والعلة دور في تحقّق المسبب والمعلول وإن كان ذلك بإذنه سبحانه.

    وعلى ضوء ذلك فللعالم خالق واحد أصيل ، وعلّة واحدة قائمة بنفسها ،
    لكن تتوسط بينها وبين الظواهر الطبيعية والفلكية علل وأسباب مؤثرة في
    معاليلها ، قائمة بذاته سبحانه ، مؤثرة بأمره ، والجميع من سنن الله تبارك وتعالى.

    أمّا التفسير الأوّل : فهو خيرة الأشاعرة الذين ينكرون العلل والأسباب
    الطبيعيَّة ولا يعترفون إلا بعلة واحدة ، وهي قائمة مقام عامة العلل المتصورة
    للطوائف الأُخرى ، ولكن هذا التفسير ـ وإن كان لأجل الغلو في التوحيد ـ يخالف
    نصوص القرآن الكريم ، فانّ الوحي الإلهي يذعن بعلل طبيعية مؤثرة في معاليلها ،
    وإليك بعضَ ما يدل على ذلك الأصل :

    1. (وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن
    كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
    ). 1
    فالآية صريحة في تأثير الماء في اهتزاز الأرض وربوّها ، ثمّ إنباتها كلّ زوج
    بهيج ، فالأرض الهامدة كالجماد ، والذي يخرجها من هذه الحالة هو الماء ، يقول
    سبحانه :
    (فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ) فالاهتزاز والرباء
    والإنبات أثر الماء ولكن بإذنه سبحانه.

    __________________
    1. الحج : 5.

    وجاء نفس المضمون في الآية التالية : (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا
    مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ
    ). 1
    والبيان نفس البيان فلا نطيل.
    2. (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ
    فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
    ). 2
    ترى أنّه سبحانه ينسب الإنبات إلى الحبة ، ويقول (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ
    سَنَابِلَ
    ) وهو ظاهر في تأثير الحبة في ظهور السنابل ، وفي كلّ سنبلة مائة حبة ،
    وإن كان ذلك التأثير بأمره سبحانه ، حيث إنَّ الكلّ سُنَّة من سننه.

    3. (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ
    وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا
    هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ
    ). 3
    والآية صريحة في أنّ هناك عللاً طبيعيَّة مؤثرة في معاليلها التي منها إثارة
    الرياح السحاب ، فهي فعل الرياح ، كما هو صريح قوله
    (فَتُثِيرُ سَحَابًا).
    ثمّ إنّه سبحانه يستخدم السحاب المنثورة فيبسطها في السماء ، ويجعلها
    كسفاً ، أي قطعاً متفرقة ، فعند ذلك يخرج الودق من خلاله.

    وعلى كلّ حال فالآية صريحة في وجود الصلة بين إرسال الرياح ، وإثارة
    السحاب ، وانبساطها في السماء ، وصيرورتها كسفاً التي تسفر عن خروج الودق
    من خلال السحاب ، كلّ ذلك مظاهر طبيعية وظواهر كونية يؤثر كل في الآخر
    __________________
    1. لقمان : 10.
    2. البقره : 261.
    3. الروم : 48.

    بإذن الله سبحانه ، والجميع من سننه الكونية والاعتراف بها اعتراف بقدرته وعلمه
    وحكمته وانّ الجميع من جنوده سبحانه الخاضعة لإرادته.

    ومع هذه التصريحات كيف يمكن تفسير التوحيد في الخالقية بالمعنى
    الأوّل ، ورفض كلّ تفسير ضمني وتبعي لغيره سبحانه ؟!

    والذي يدل على ذلك انّه سبحانه ينسب عمل الإنسان إليه ، ويقول :
    (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ). 1
    (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ). 2
    (وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ*وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ). 3
    ففي هذه الآيات ينسب عمل الإنسان إليه ويرى أنّ له دوراً في مصيره ،
    ويرى أنّه ليس لكلّ إنسان إلاّ سعيه وجهده.

    وثمة آيات تنسب الخلق إلى غيره سبحانه ، لكن لا على وجه ينافي التوحيد
    في الخالقية ، حيث يقول :

    (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي
    وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ المَوْتَىٰ بِإِذْنِي
    ). 4
    (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ
    وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي المَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللهِ
    ). 5
    وأي تصريح أوضح من خطابه الموجّه إلى المسيح ، بقوله : (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ
    __________________
    1. التوبة : 105.
    2. محمّد : 33.

    3. النجم : 39 ـ 40.
    4. المائدة : 110.
    5. آل عمران : 49.

    الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ).
    فمقتضى الجمع بين الآيات التي تحصر الخالقية في الله سبحانه ولا ترىٰ
    خالقاً غيره ، والآيات التي تعترف بتأثير العلل بعضها في بعض ، وتنسب الخلقة
    إلى غيره سبحانه إيضاً ، هو القول بأنّ المقصود من حصر الخالقية في الله هو
    الخالقية النابعة من ذات الخالق غير المعتمد على شيء.

    وأمّا الخالقية التبعية والظلية والتأثير الحرفي فهي قائمة بالعلل والأسباب
    التي أوجدها سبحانه وصيَّرها على نظام العلل والمعاليل والمسببات ، ولا منافاة
    بين ذلك الحصر ونفيه عن الغير ، وإثباته للآخرين ، لأنّ المحصور فيه سبحانه هو
    الخالقية التي يستقل الفاعل في خلقه عن غيره ، والمثبت لغيره هو القيام بالتأثير
    والخالقية التي أذن به سبحانه حيث إنَّ قيام الجميع من العلل والمعاليل به
    سبحانه.

    وبذلك يظهر أمران :
    الأوّل : انّ الاعتراف بالتوحيد في الخالقية الذي هو أصل من الأُصول لا
    يخالف الاعتراف بنظام العلل والمعاليل في الطبيعيات والفلكيات بل في عالم
    المجردات ، فانّه سبحانه خلق لكلّ شيء سبباً وجعل لها قدراً وقضاءً.

    الثاني : انّ الاعتراف بالتوحيد في الخالقية لا يلازم الجبر وسلب المسؤولية
    عن الإنسان على وجه يكون كالريشة في مهبِّ الرياح ، بل له وجود بإيجاد الله
    سبحانه وقدره وإرادته وبأمر منه سبحانه.

    تعليق


    • #17
      ...
      منقول عن كتاب مفاهيم قرانية للشيخ جعفر سبحاني

      ............ الشبهة الثانية : علمه سبحانه وإرادته السابقة

      قد وقع تعلَّق علمه سبحانه بكلّ ما وقع ويقع ، ذريعة للقول بالجبر ،

      وبالتالي لنفي عدله سبحانه ، وإليك بيان الشبهة :

      إنّ ما علم الله سبحانه تحقّقه من أفعال العباد ، فهو واجب الصدور ، وما
      عَلِمَ عدمَه فهو ممتنع الصدور منه ، وإلا انقلب علمه جهلاً ، وليس فعل العبد
      خارجاً عن كلا القسمين ، فهو إمّا ضروري الوجود ، أو ضروري العدم ، ومعه لا
      مفهوم للاختيار ، إذ هو عبارة عمّا يجوز فعله أو تركه ، مع أنّ الأوّل لا يجوز تركه ،
      والثاني لا يجوز فعله.

      وقد وقع هذا الدليل عند الرازي موقع القبول ، وقال : ولو اجتمع جملة
      العقلاء لم يقدروا على أن يوردوا على هذا الوجه حرفاً إلاّ بالتزام مذهب هشام : وهو
      أنّه تعالى لا يعلم الأشياء قبل وقوعها.
      1
      إنّ هذه الشبهة لا تختص بعلمه سبحانه ، بل تسري أيضاً في مجال إرادته ،
      فانّ ما في الكون غير خارج عن إرادته ، وعند ذلك تتوجه الشبهة التي قررها
      الشريف الجرجاني ( المتوفّى عام 816 ه‍ ) بالنحو التالي :

      قالوا : ما أراد الله وجوده من أفعال العباد وقع قطعاً ، وما أراد عدمه منها ، لم
      يقع قطعاً ، فلا قدرة للإنسان على شيء منهما.
      2
      وأظن انّ الرازي قد بالغ في شأن هذه الشبهة ، وانّه لو تأمّل فيما حقَّقه
      الأعلام حول كيفية تعلّق علمه وإرادته سبحانه بمعلومه ومراده لتجلَّت الحقيقة
      ناصعة.

      وحاصل ما حقَّقه الفطاحل من أعلام الفلسفة والكلام ، هو ما يلي :
      إنّ علمه الأزلي لم يتعلّق بصدور كلّ فعل عن فاعله على وجه الإطلاق ، بل
      __________________
      1. شرح المواقف : 8 / 155.
      2. شرح المواقف : 8 / 156.

      تعلّق علمه بصدور كلّ فعل عن فاعله حسب الخصوصيات الموجودة فيه. وعلى
      ضوء ذلك تعلق علمه الأزلي بصدور الحرارة من النار على وجه الجبر ، بلا شعور ،
      كما تعلّق علمه الأزلي بصدور الرعشة من المرتعش ، عالماً بلا اختيار ، ولكن تعلّق
      علمه سبحانه بصدور فعل الإنسان الاختياري منه بقيد الاختيار والحرية.
      وبالتالي : تعلَّق علمه بوجود الإنسان وكونه فاعلاً مختاراً ، وصدور فعله عنه
      اختياراً ـ فمثل هذا العلم ـ يؤكد الاختيار ويدفع الجبر عن ساحة الإنسان.

      وإن شئت قلت : إنّ العلّة إذا كانت عالمة شاعرة ، ومريدة ومختارة
      كالإنسان ، فقد تعلق علمه بصدور أفعالها منها بتلك الخصوصيات وانصباغ
      فعلها بصبغة الاختيار والحرية ، فلو صدر فعل الإنسان منه بهذه الكيفية لكان
      علمه سبحانه مطابقاً للواقع غير متخلّف عنه ، وأمّا لو صدر فعله عنه في هذا
      المجال عن جبر واضطرار بلا علم وشعور أو بلا اختيار وإرادة ، فعند ذلك
      يتخلّف علمه عن الواقع.

      يقول العلاّمة الطباطبائي ( 1321 ـ 1402 ه‍ ) : إنّ العلم الأزلي متعلق
      بكلّ شيء على ما هو عليه ، فهو متعلق بالأفعال الاختيارية بما هي اختيارية ،
      فيستحيل أن تنقلب غير اختيارية.

      وبعبارة أُخرى : المقضيّ هو أن يصدر الفعل عن الفاعل الفلاني اختياراً ،
      فلو انقلب الفعل من جهة تعلق القضاء به ، غير اختياري ناقض القضاء نفسه.
      1
      هذا هو حال تعلّق علمه سبحانه بالأشياء والأفعال ، وقد عرفت أنّه لا
      يستلزم الجبر وبالتالي لا يستلزم خلاف عدله.


      __________________

      1. تعليقة الأسفار : 6 / 318.

      وبذلك تعلم كيفية تعلّق إرادته سبحانه بالأشياء والأفعال ، وانّ القول
      بسعة إرادته لا تستلزم الجبر شريطة أن نتأمل في متعلّق إرادته ، فنقول :

      إنّ إرادته لم تتعلّق بصدور فعل الإنسان منه سبحانه مباشرة وبلا واسطة ،
      بل تعلّقت بصدور كلّ فعل من علّته بالخصوصيات التي اكتنفتها. مثلاً تعلّقت
      إرادته سبحانه على أن تكون النار مبدأ للحرارة بلا شعور وإرادة ، كما تعلّقت
      إرادته على صدور الرعشة من المرتعش مع العلم ولكن لا بإرادة واختيار ، وهكذا
      تعلّقت إرادته في مجال الأفعال الاختيارية للإنسان على صدورها منه مع
      الخصوصيات الموجودة فيه ، المكتنفة به من العلم والاختيار وسائر الأُمور
      النفسانية.

      وصفحة الوجود الإمكاني زاخرة بالأسباب والمسببات المنتهية إليه سبحانه ،
      فمثل هذه الإرادة المتعلّقة على صدور فعل الإنسان بقدرته المحدثة واختياره
      الفطري ، تؤكد الاختيار ولا تسلبه منه.

      ومع ذلك كله ليس فعل الإنسان فعلاً خارجاً عن نطاق قدرته سبحانه
      غير مربوط به ، كيف وهو بحوله وقوته يقوم ويقعد ويتحرك ويسكن ، ففعل
      الإنسان مع كونه فعله بالحقيقة دون المجاز ، فعل الله أيضاً بالحقيقة فكلّ حول
      يفعل به الإنسان فهو حوله ، وكلّ قوة يعمل بها فهي قوته.

      إلى هنا تبيّن انّ تعلّق إرادته سبحانه بالأفعال والأشياء لا تستلزم الجبر وكون
      الإنسان مجبوراً في أعماله.

      هذا كلّه حول ما أفاده المحقّقون فلنرجع إلى القرآن بغية استكشاف رؤيته
      حول هذا الموضوع.


      فنقول : أمّا سعة إرادته سبحانه للأشياء والأفعال وعدم خروج فعل
      الإنسان عن حيطة علمه وإرادته فهذا ممّا يثبته القرآن الكريم بوضوح ، فمن حاول
      أن يُخرج فعل الإنسان من حيطة إرادته فقد خالف البرهان أوّلاً ، وخالف نص
      القرآن ثانياً. إذ كيف يمكن أن يقع في سلطانه مالا يريد ؟ ولذلك يقول
      سبحانه : إنّ الإنسان لا يشأ شيئاً إلاّ ما شاء الله ، وانّ إيمان كلّ نفس بإذنه
      ومشيئته ، وإنّ كلّ فعل خطير وحقير لا يتحقق إلاّ بإذنه.

      يقول سبحانه :
      (وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ). 1
      (مَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ). 2
      (مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ
      الْفَاسِقِينَ
      ). 3
      وهذه الآيات الناصعة صريحة في عدم خروج فعل الإنسان عن مجاري
      إرادته سبحانه ، وقد أكّدت ما نزل به الوحي ، الرواياتُ المروية عن النبي
      صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أئمّة
      أهل البيت
      عليهم‌السلام.
      وبما انّ خروج فعل الإنسان عن حيطة إرادته ومشيئته يستلزم تحديد إرادته ،
      يقول النبي
      صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رد تلك المزعمة :
      « من زعم انّ الخير والشر بغير مشيئة الله فقد أخرج الله من سلطانه ». 4
      __________________
      1. التكوير : 29.
      2. يونس : 100.
      3. الحشر : 5.
      4. بحار الأنوار : 5 / 51 ، أبواب العدل ، الباب 1 ، الحديث 85.

      وبما انّ خروج أفعال الإنسان عن حيطة إرادته يستلزم تحديداً في
      سلطانه ، يقول الإمام الصادق
      عليه‌السلام : وَاللهُ أَعَزُّ مِنْ أَنْ يَكُون في سُلْطانِهِ ما لا
      يُريد.
      1
      وقد ورد في الحديث القدسي قوله : « يابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي
      تشاء لنفسك ما تشاء ، وبإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد ».
      2
      يقول الإمام الباقر عليه‌السلام : « لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء إلاّ بهذه
      الخصال السبع : بمشيّة ، وإرادة ، وقدر ، وقضاء ، وإذن ، وكتاب ، وأجل ، فمن زعم
      أنّه يقدر على نقض واحدة منهنّ فقد كفر ».
      3
      لا يليق لموحد أن يشك في سعة إرادته وتعلّقه بكلّ ما كان وما هو كائن وما
      يكون إلاّ أنّ اللازم هو إمعان النظر في متعلّقها ، فهل تعلّق بأصل صدور الفعل
      عن الإنسان ، أو تعلّق بصدوره عنه بقيد الاختيار ، والأوّل لا يفارق الجبر ، والثاني
      نفس الاختيار والعدل ، وقد علمت أنّ إرادته كما تتعلّق بأصل صدوره ، فهكذا
      تتعلق بكيفية صدوره من الاختيار ، وعند ذلك لا تكون سعة إرادته ذريعة لتوهم
      الجبر وخلاف العدل.

      إيضاح آيات ثلاث

      قد مضى الكلام في سعة إرادته وتعلّقها بكلّ شيء ، لكن هناك آيات ربما

      __________________
      1. بحار الأنوار : 5 / 41 ، أبواب العدل ، الباب 1 ، الحديث 64.
      2. توحيد الصدوق : الباب 55 ، الحديث 6 ، 10 ، 13.
      3. بحار الأنوار : 5 / 121 ، باب القضاء والقدر ، الحديث 65.

      توحي إلىٰ خروج أفعال العباد عن دائرة إرادته وهي :
      1. (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ). 1
      فالظلم الصادر من العباد فعل من أفعالهم ، خارج عن حيطة إرادته.
      2. (وَلا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ... ). 2
      فالكفر من أفعال العباد ، فهو ليس مرضياً لله سبحانه.
      3. (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ). 3
      لكن إيضاح مفاد الآية الأُولى يتوقف على التدبّر في الفقرات التي تسبقها ،
      وهي :

      (وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ*مِثْلَ دَأْبِ
      قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ
      ). 4
      إنّ الإمعان في الآية يكشف على أنّ المراد من الظلم هو الهلاك والإبادة ،
      ومعنى الآية انّه سبحانه لا يريد إهلاك عباده وإبادتهم ، فإن هلكوا وابيدوا فانّما
      هو لأجل ما اقترفوه من الذنوب ، وعلى هذا فالظلم المنفي هو الإبادة والإهلاك
      بلا سبب الاستحقاق. وأين هذا من خروج أفعال العباد على وجه الإطلاق من
      حيطة إرادته ؟!

      وأمّا الآية الثانية والثالثة فلا صلة لها بالإرادة التكوينية وإنّما تهدف إلى عدم
      أمره تشريعاً بالكفر والفساد ، فوزان هاتين الآيتين وزان قوله سبحانه :
      (قُلْ إِنَّ اللهَ
      لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ
      )5 ، وقوله سبحانه : (إِنَّ اللهَ
      __________________
      1. غافر : 31.
      2. الزمر : 7.

      3. البقره : 205.
      4. غافر : 30 ـ 31.
      5. الأعراف : 28.

      يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنكَرِ وَالْبَغْيِ
      يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
      ). 1
      وعلى ذلك فما يصدر من العباد من الكفر والفساد فانَّما يصدر بحوله
      سبحانه وقوَّته وإرادته ومشيئته ، لا بمعنى تعلّق مشيئته بكفر العباد وفسادهم في
      الأرض ، مباشرة بل بكفرهم وفسادهم إذا قاموا بها عن اختيار ، ومع ذلك فهو في
      تشريعه ينهى عباده عن الكفر والفساد.

      روى فضيل بن يسار ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول :
      « شاء وأراد ولم يحبّ ولم يرض ، شاء أن لا يكون شيء إلاّ بعلمه وأراد مثل
      ذلك ، ولم يحب أن يقال له : ثالث ثلاثة ولم يرض لعباده الكفر ».
      2
      ويظهر ذلك ممّا نقله أبو بصير عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، قال :
      قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : شاء لهم الكفر وأراده ؟ فقال : « نعم ».
      قلت : فأحبّ ذلك ورضيه ؟ فقال : « لا ».
      قلت : شاء وأراد ، مالم يحبّ ومالم يرض ، قال : « هكذا خرج إلينا ». 3



      __________________

      1. النحل : 90.
      2. توحيد الصدوق : 339 ، باب المشية والإرادة ، الحديث 9.
      3. بحار الأنوار : 5 / 121 ، باب القضاء والقدر ، الحديث 66.

      التعديل الأخير تم بواسطة عادل سالم سالم; الساعة 08-12-2013, 08:09 PM.

      تعليق


      • #18


        منقول عن كتاب مفاهيم قرانية للشيخ جعفر سبحاني

        .................................................. ..............




        الشبهة الثالثة : العدل الإلهي والقضاء والقدر

        إنّ البحث في القضاء والقدر رهن توضيح أمرين :
        الأوّل : ما معنى القدر ؟

        __________________

        1. النحل : 90.
        2. توحيد الصدوق : 339 ، باب المشية والإرادة ، الحديث 9.
        3. بحار الأنوار : 5 / 121 ، باب القضاء والقدر ، الحديث 66.

        الثاني : ما معنى القضاء ؟
        أمّا القدر بمعنى التقدير والتحديد ، فكل ظاهرة طبيعية بل كلُّ موجود
        إمكاني خلق على تقدير وتحديد خاص ، ولا يوجد في عالم الكون شيء غير مقدّر
        ولا محدّد ، وإليه يشير سبحانه بقوله :
        (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)1. وقوله
        سبحانه :
        (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ). 2
        فالموجودات من النبات إلى الإنسان محدّدة بالحدّ الذي نعبر عنه بالماهية ،
        وهكذا الحال في الجمادات.

        وأمّا القضاء وهو حتمية وجود الشيء بعد تقديره وتحديده ، وذلك رهن
        وجود سببه التام الذي يلازم وجود المسبب على وجه القطع والبت ، فقضاؤه
        سبحانه عبارة عن إضفاء الحتمية على وجود الشيء عند وجود علته التامة ، قال
        سبحانه في مورد السماوات :
        (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ
        سَمَاءٍ أَمْرَهَا
        ). 3
        ويقول في حقّ الإنسان : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىٰ أَجَلاً)4 أي
        حكم حكماً حتمياً بأنّ لوجود الشيء مدّة محدّدة لا يتجاوز عنها.

        هذا هو معنى القضاء والقدر من غير فرق بين وجود الإنسان وأفعاله
        ووجود الجواهر وأعراضها ، غير انّ الجميع قبل التقدير والقضاء مكتوب في كتاب
        عند الله سبحانه ، وقد أشار إليه الكتاب العزيز في بعض الآيات :
        (مَا أَصَابَ مِن
        مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى الله
        ِ
        __________________
        1. القمر : 49.
        2. الحجر : 21.

        3. فصّلت : 12.
        4. الأنعام : 2.

        يَسِيرٌ). 1
        وفي آية أُخرى : (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَ
        الْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا
        يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
        ). 2
        وفي آية ثالثة : (وَاللهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا
        وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ
        إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ
        ). 3
        إذا وقفت على هذه الأُمور ، فاعلم أنّه ربما يتخذ القضاء والقدر الذي نعبر
        عنهما بالمصير ذريعة للقول بالجبر ، وبالتالي أمراً مخالفاً للعدل بحجّة انّ اللهَ
        سبحانه قدّر وجود كلّ شيء ( القدر ) أوّلاً ، وحكم على وجوده وتحقّقه حكماً
        باتاً ( القضاء ) ثانياً ، وكتب كلّ ما يوجد في الكون في كتاب قبل وجودها ثالثاً.

        وعلى ذلك فلا محيص من الفعل والعمل ، وإلاّ يلزم خلاف تقديره وقضائه
        أو خلاف المكتوب في الكتاب المبين.

        أقول : إنّ هذه الشبهة لم تزل عالقة بالأذهان منذ قرون ، ولكن تندفع هذه
        الشبهة من خلال بيان ما للقضاء والقدر من المعاني ، فنقول :

        إنّ التقدير والقضاء على أصناف ثلاثة :
        أ : القضاء والقدر : السنن الكونية.
        ب : القضاء والقدر : التكوينيّان.

        __________________

        1. الحديد : 22.
        2. الأنعام : 59.
        3. فاطر : 11.

        ج : القضاء والقدر : علمه السابق ومشيئته النافذة.
        وإليك البحث في كلّ واحد منها :
        أ. القضاء والقدر : السنن الكونيّة

        القضاء والقدر في السنن الكونيَّة عبارة عن النظام السائد في العالم و
        الإنسان ، فالله سبحانه قدّر وحتم احراق النار وتبريد الماء إلى غير ذلك من السنن
        التي كشفها الإنسان طيلة وجوده على هذه البسيطة ، فكلها من مظاهر القضاء
        والقدر ، فكلّ من اعتنى بصحته فالمقدَّر في حقّه هو السلامة ، ومن كان على
        خلافه فالمقضي في حقّه هو المرض ، وكذا الفارُّ من تحت جدار على وشك
        الانقضاض ، كتبت له النجاة ، والواقف تحته كتب عليه الموت إلى غير ذلك ،
        فهذه السنن الكونية التي جعلها الله دعائم يقوم عليها هذا النظام ، وقد وقف على
        بعضها الإنسان عبر حياته ، وهناك سنن كونية ربما لا يقف عليها الإنسان إلاّ عن
        طريق الوحي ، قال سبحانه حاكياً عن شيخ الأنبياء نوح
        عليه‌السلام :
        1. (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*
        وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا). 1
        فترى أنّ نوحاً عليه‌السلام يجعل الاستغفار سبباً مؤثراً في نزول المطر وكثرة الأموال
        وجريان الأنهار ، ووفرة الأولاد. وإنكار تأثير الاستغفار في هذه الكائنات أشبه
        بكلمات الملاحدة. وموقف الاستغفار هنا موقف العلّة التامة أو المقتضي بالنسبة
        إليها ، والآية تهدف إلى أنّ الرجوع إلى الله وإقامة دينه وأحكامه يسوق المجتمع
        إلى النظم والعدل والقسط ، وذلك لأنَّ في ظلّه تنصبّ القُوىٰ في بناء المجتمع
        __________________
        1. نوح : 10 ـ 12.

        على أساس صحيح ، فتصرف القوىٰ في العمران والزراعة وسائر مجالات المصالح
        الاقتصادية العامة ، كما أنّ العمل على خلاف هذه السنّة ، وهو رجوع المجتمع عن
        الله وعن الطهارة في القلب والعمل ، ينتج خلاف ذلك.

        وللمجتمع الخيار في التمسّك بأهداب أيّ من السُّنَّتين ، فالكلّ قضاء الله
        وتقديره.

        2. قال سبحانه : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ
        السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
        ). 1
        3. قال سبحانه : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ). 2
        4. قال سبحانه : (ذَٰلِكَ بِأَنَّ الله لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ
        يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ
        ). 3
        والتقرير في مورد هذه الآيات الثلاث مثله في الآية السابقة عليها.
        5. وقال سبحانه : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ
        عَذَابِي لَشَدِيدٌ
        ). 4
        ترى أنّ الآية تتكفّل ببيان كلا طرفي السنّة الإلهية إيجاباً وسلباً ، وتُبيّن النتيجة
        المترتبة على كلّ واحد منهما. والكلّ قضاؤه وتقديره ، والخيار في سلوكهما
        للمجتمع.

        6. وقال سبحانه : (وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا
        يَحْتَسِبُ
        ). 5
        __________________
        1. الأعراف : 96.
        2. الرعد : 11.

        3. الأنفال : 53.
        4. إبراهيم : 7.
        5. الطلاق : 2. 3.

        7. وقال سبحانه : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا
        وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ
        ). 1
        فالمجتمع المؤمن بالله وكتابه وسنّة رسوله إيماناً راسخاً يثبِّته الله سبحانه في
        الحياة الدنيا وفي الآخرة ، كما أنّ الكافر بالله سبحانه يُخذله الله سبحانه ولا يوفقه إلى
        شيء من مراتب معرفته وهدايته. ولأجل ذلك يُرتِّب على تلك الآية ، قوله :
        (أَلَمْ
        تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ
        *جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا
        وَبِئْسَ الْقَرَارُ
        ). 2
        8. وقال سبحانه : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا
        عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ
        ). 3
        فالصالحون لأجل تحلِّيهم بالصلاح في العقيدة والعمل ، يغلبون الظالمين
        وتكون السيادة لهم ، والذلّة والخذلان لمخالفيهم.

        9. وقال سبحانه : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
        لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ
        الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا
        وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
        ). 4
        فالاستخلاف في الأرض نتيجة الإيمان بالله ، والعمل الصالح ، وإقامة دينه
        على وجه التمام ، ويترتب عليه ـ وراء الاستخلاف ـ ما ذكر في الآية من التمكين
        وتبديل الخوف بالأمن.

        __________________
        1. إبراهيم : 27.
        2. إبراهيم : 28 ـ 29.

        3. الأنبياء : 105.
        4. النور : 55.

        10. وقال سبحانه : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
        الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا
        ). 1
        والآيات الواردة حول الأمر بالسير في الأرض والاعتبار بما جرى على الأُمم
        السالفة لأجل عتوّهم وتكذيبهم رسل الله سبحانه ، كثيرة في القرآن الكريم تبيَّن
        سنّته السائدة في الأُمم جمعاء.

        11. وقال سبحانه : (قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا
        كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ
        ). 2
        12. وقال سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا
        وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
        ). 3
        13. وقال سبحانه : (مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ
        تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ
        *كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِم وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ
        بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ
        عِقَابِ
        *وَكَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ). 4
        والآية من أثبت الآيات لسنَّته تعالى في الذين كفروا ، فلا يصلح للمؤمن أن
        يُغرّه تقلّبهم في البلاد ، وعليه أن ينظر في عاقبة أمرهم كقوم نوح والأحزاب من
        بعدهم ، حتى يقف على أنّ للباطل جولة وللحقّ دولة ، وانّ مردّ الكافرين إلى
        الهلاك والدمار.

        14. وقال سبحانه : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ
        __________________
        1. محمد : 10.
        2. آل عمران : 137.

        3. الأنفال : 29.
        4. غافر : 4 ـ 5.

        أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُورًا*اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ
        وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَن
        تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً
        ). 1
        هذه نبذة من السنن الإلهيّة السائدة في الفرد والمجتمع. وفي وسع الباحث
        أن يتدبر في آيات الكتاب العزيز حتى يقف على المزيد من سننه تعالى وقوانينه ،
        ثمّ يرجع إلى تاريخ الأُمم وأحوالها فيُصدِّق قوله سبحانه :
        (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ
        تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً
        ).
        هذا كلّه حول القضاء والقدر بمعنى السنن الكونية ، وإليك البحث في
        المعنى الثاني.

        ب : القضاء والقدر التكوينيّان
        قد علمت أنّ وجود كلّ شيء رهن تقديره وتحديده أوّلاً ، ثمّ وصول الشيء
        حسب اجتماع أجزاء علته إلى حد ، يكون وجوده ضرورياً وعدمه ممتنعاً بحيث إذا
        نسب إلى علته يوصف بأنّه ضروري الوجود ، ولأجل ذلك ترى أنّ أئمّة أهل
        البيت
        عليهم‌السلام يفسرون القدر بالهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء ، والقضاء
        بالإبرام وإقامة العين.
        2
        وعلى ذلك فلا يوجد في صفحة الوجود الإمكاني إلاّ في ظل هذين
        الأمرين ، ومن المعلوم انّ التقدير والقضاء بالمعنى السابق لا يتخذ ذريعة إلاّ في
        مورد فعل الإنسان حيث يتصور انّ وجوب وجوده ينافي الاختيار وبالتالي ينافي

        __________________
        1. فاطر : 42 ـ 43.
        2. الكافي : 1 / 158.

        العدل.
        لكن الإجابة عنه واضحة وهي انّ المقضيّ وجوده من أفعاله على قسمين :
        قسم فرض عليه صدوره عنه اضطراراً كالأعمال التي يقوم بها جهاز الهضم ،
        وهذا النوع من الفعل وإن كان ضروري الوجود خارجاً عن الاختيار ، لكنّه ليس
        ملاكاً للثواب والعقاب.

        وقسم منه قضي عليه أن يصدر عنه بالاختيار ، فالله سبحانه قدّر فعله
        وقضى عليه بالوجود لكن مسبوقاً باختياره.

        وبذلك يصبح القضاء والقدر مؤكداً للاختيار لا ذريعة للجبر.
        ج : القضاء والقدر علمه السابق ومشيئته النافذة
        القضاء والقدر بهذا المعنى ليس شيئاً إلاّ تعلق علمه سبحانه بأفعال
        الإنسان ووقوعها في إطار مشيئته فربما يتخذ علمه السابق ومشيئته النافذة ذريعة
        للجبر ، وبالتالي نفياً للعدل ، وبما انّا أشبعنا الكلام في ذلك عند البحث في علمه
        السابق ومشيئته النافذة فلا نرجع إليه.








        تعليق


        • #19
          من الايات الدالة على نظرية (الامر بين الامرين )

          {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ }طه85

          ((الم{1} أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ{2} وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ{3}))سورة العنكبوت

          {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }المائدة41


          الايات السابقة نسبت الفتنة الى الله سبحانه
          {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ }الأعراف27
          هذه الاية نسبت الفتنة الى الشيطان



          تعليق


          • #20

            http://www.almaaref.org/books/conten...e/lesson10.htm





            منقول
            ............................



            تمهيد

            من المسائل التي دار الجدل حولها، واختلفت الآراء والمذاهب فيها بين إفراط وتفريط، وتفرّعت عن مبحث العدل الإلهي هي المسألة التي ترتبط بأفعال الإنسان، من حيث كونه مختاراً في أفعاله أو مجبراً عليها ولا خيار للإنسان فيها، وهي المسألة المعروفة بـ "الجبر والتفويض" أو "الجبر والاختيار".

            وبسبب ارتباط هذه المسألة بالعدل الإلهي، بُحثت بعد مبحث العدل في الكتب العقائدية.

            عقيدة الجبر والعدل الإلهي

            يرى الجبريّون أنّ الإنسان في أعماله وأقواله وسلوكه ليس مختاراً، وأنّ حركات أعضائه أشبه بالحركات الجبرية في أقسام جهاز من الأجهزة الآلية.

            هذه الفكرة تثير في الذهن هذا السؤال: ترى كيف تنسجم هذه الفكرة مع الاعتقاد بالعدل الإلهي؟

            فلا يمكن القول بأنّ الله تعالى يجبر إنساناً على القيام بعمل، ثمّ يعاقبه على ما فعل. ليس هذا من المنطق في شيء!

            93
            وبناءً على ذلك، إذا قبلنا بالمدرسة الجبرية، لا يبقى أيّ معنى للقول بوجود "ثواب" و"عقاب" و"جنّة" و"نار"، كما لا يكون هناك مكان لمفاهيم مثل: صحيفة الأعمال، والسؤال، والحساب الإلهي، وما جاء في القرآن من ذمّ المسيئين والثناء على المحسنين، وذلك لأنّ رأي الجبريّين يقول:

            "لا المحسن كان مختاراً عندما أحسن، ولا المسيء كان مختاراً عندما أساء".

            إضافة إلى أنّنا عند أوّل اتصال لنا بالدين نواجه التكليف والمسؤولية. وهل يمكن أنْ نكلّف شخصاً بأيّ تكليف، ونحمّله مسؤولية ذلك إذا لم يكن له الخيار فيما يفعل؟

            أيجوز أنْ نأمر شخصاً في أصابعه ارتعاش لا إراديّ بأنْ لا يفعل ذلك؟ أم هل يجوز أنْ نطلب من شخص يسقط من مكان شاهق أنْ يتوقّف عن السقوط ومع ذلك يعاقَب لأنّه لم يتوقّف عن الارتعاش أو السقوط؟

            ولهذا وصف أمير المؤمنين علي عليه السلام قول الجبريين بقوله:
            "... تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان, وخصماء الرحمن, وحزب الشيطان 1".

            العوامل التي عزَّزت فكرة الجبر

            إذا كانت فكرة الجبر واضحة البطلان، ومخالفة للعدل الإلهي، فكيف نشأت هذه الفكرة وما هي العوامل التي عزَّزتها؟

            في الحقيقة إنّ مسألة الجبر قد أُسيء استعمالها إساءة بالغة على امتداد التاريخ، واستطاعت عوامل ثانوية كثيرة أنْ تقوي جانب الجبر وإنكار حريّة إرادة الإنسان، ومن تلك العوامل:

            94
            أـ العامل السياسي

            كثير من الحكَّام المتسلّطين، ولأجل استمرار حكمهم غير المشروع، كانوا يتعهّدون فكرة الجبرية ويشيعونها، قائلين: إنّنا لا نملك حريّة الاختيار، وإنّ يد القدر وجبرية التاريخ تمسك بمصائرنا، فإذا كان بعضٌ أميراً، وبعض آخر أسيراً، فذاك حكم القضاء والقدر والتاريخ.

            ولا يخفى ما لهذا الاتجّاه في التفكير من تأثير في تخدير طبقات الشعب، وفي تأييد استمرار السياسات الاستعمارية، بينما الحقيقة هي أنّ مصائرنا، عقلاً وشرعاً، في أيدينا، وأنّ القضاء
            والقدر بمعنى الجبر وسلب الإرادة لا وجود له، فالقضاء والقدر الإلهي قد تعيّن بحسب حركتنا وإرادتنا وإيماننا وسعينا.

            ب ـ العامل النفسي

            هناك أشخاص ضعفاء وكسالى غالباً ما يكون الإخفاق نصيبهم في الحياة، ولكنّهم لا يريدون الاعتراف بهذه الحقيقة المرَّة، وهي أنّ كسلهم أو أخطاءهم هي السبب في إخفاقهم، لذلك،
            ولكي يُبرِّئوا أنفسهم، يتمسّكون بأذيال الجبرية، ويضعون أوزارهم على عاتق مصيرهم الإجباري، لعلّهم بهذا يعثرون على وسيلة تمنحهم شيئاً من الهدوء الكاذب، فيعتذرون قائلين: ماذا نفعل؟ لقد حيك بساط حظّنا منذ اليوم الأوّل باللون الأسود، وليس بمقدورنا أن نحيل سواده بياضاً.

            ج ـ العامل الاجتماعي

            يحبّ بعض الناس أنْ يكونوا أحراراً في التمتّع، وإشباع أهوائهم، وارتكاب ما تشاء لهم رغباتهم الحيوانية أنْ يرتكبوا من الجرائم والآثام، وفي الوقت نفسه يقنعون أنفسهم بأنّهم ليسوا مذنبين، ويخدعون المجتمع بأنّهم أبرياء. وهنا يلجأون إلى عقيدة الجبرية، فيبرّرون جرائمهم بأنّهم في أعمالهم ليسوا مخيَّرين!

            95
            ولكنّنا، بالطبع، نعلم أنّ كلّ هذا كذب محض، بل إنّ الذين يتذرّعون بهذا العذر يؤمنون بأنّه واهٍ ولا أساس له، إلَّا أنّ انغماسهم في اللذائذ الزائلة لا يسمح لهم بإعلان هذه الحقيقة.

            عقيدة التفويض

            بإزاء الاعتقاد بالجبر، الذي يقع في جانب الإفراط، هنالك اعتقاد آخر باسم التفويض، ويقع في جانب التفريط.

            يرى الذين يعتقدون بالتفويض أنّ الله قد خلقنا وترك كلّ شيء بأيدينا، ولا دخل له في أعمالنا وأفعالنا، وبناءً على ذلك تكون لنا الحريّة كاملة والاستقلال التامّ فيما نفعل بلا منازع!

            ولا شكّ في أنّ هذا لا يتّفق ومبدأ التوحيد، إذ إنّ التوحيد قد علَّمنا أن كلّ شيء ملك لله، وما من شيء يخرج عن نطاق حكمه، بما في ذلك أعمالنا التي نقوم بها مخيَّرين وبملء حريّة إرادتنا، وإلَّا فذلك شرك.

            وبعبارة أوضح: ليس بالإمكان القول بوجود إلهين، أحدهما هو الإله الكبير، خالق الكون، والآخر الإله الصغير، أيّ الإنسان الذي يعمل مستقلاً وبكلّ حريّة بحيث إنّ الله الكبير لا يستطيع أنْ يتدخل في أعماله!

            هذا، بالطبع، شرك وثنائية في العبادة، أو أنّه تعدّد في المعبود، فعلينا إذاً، أنْ نعتبر الإنسان صاحب اختيار فيما يفعل لكي لا يتنافى مع العدل، وفي الوقت نفسه نؤمن بأنّ الله حاكم عليه وعلى أعماله لكي لا يتنافى مع التوحيد.

            إذاً، فعقيدة الجبر تتنافى مع العدل الإلهي؛ لأنّها تؤدّي إلى نسبة الظلم لله تعالى، وعقيدة التفويض تتنافى مع التوحيد.

            96
            المدرسة الوسط: لا جبر ولا تفويض

            إنّ العقيدة الصحيحة لا بدّ من أنْ تنسجم مع الإيمان بعدالة الله تعالى، والإيمان بتوحيده وشمول حكمه عالم الوجود كلّه، وهذه العقيدة هي التي بيَّنها أهل بيت النبوّة عليهم السلام بعنوان "الأمر بين الأمرين"، فعن الإمام جعفر الصادق عليه السلام : "لا جبر ولا تفويض إنّما أمر بين أمرين" 2.

            ولكي نفهم هذه العقيدة نضرب المثال التالي:

            افرضْ أنك تقود قطاراً كهربائياً متّصلاً من خلال سلك كهربائي بمحطة تمدّه بالكهرباء وباستمرار، بحيث لو انقطع التيار لحظة واحدة لتوقّف القطار فوراً.

            بديهي أنّك قادر على أنْ تتوقّف أثناء الطريق حيثما تشاء، ولك أنْ تزيد من سرعة القطار أو أنْ تُنقص منها. ولكن وعلى الرغم من حريّتك هذه، فإنّ الشخص القائم على إدارة محطّة توليد الكهرباء قادر في أيّة لحظة أن يوقف حركتك، وذلك لأنّ قدرتك كلّها تعتمد على تلك الطاقة الكهربائية التي يتحكّم فيها شخص غيرك.

            إذا دقّقنا النظر في هذا المثال، نجد أنّه على الرغم من حريّة سائق القطار في الحركة والسكون، إلَّا أنّه في نفس الوقت يقع في قبضة شخص آخر، وأنّ هذين الأمرين لا يتعارضان.

            نعم لقد وهبنا الله القدرة والقوّة، ومنحنا العقل والذكاء، وهي طاقات لا ينقطع وصولها إلينا من الله تعالى، ولو توقّف فيض لطف الله عنّا لحظة واحدة وانفصمت رابطتنا به، لقُضيَ علينا قضاءً تامّاً.

            97
            إنّنا إذا كنّا قادرين على إنجاز عمل، فقدرتنا هي التي يهبها الله تعالى لنا، وما زالت تصل إلينا باستمرار غير منقطع، بل إنّ حريّة إرادتنا أيضاًً من عنده، أيّ أنّه هو الذي أرادنا أنْ نكون أحراراً في إرادتنا، لكي نواصل مسيرتنا نحو التكامل بهذه الهبات الإلهية.

            بناءً على ذلك، فإنّنا في الوقت الذي نملك فيه حريّة إرادتنا واختيارنا، نظلّ تحت سيطرة القدرة الإلهية، ولا يمكن أنْ نخرج من نطاق حكمه، وإنّنا في لحظة القدرة والقوّة نكون مرتبطين به تعالى، ولا يمكن أنْ نكون شيئاً بدونه، هذا هو معنى "الأمر بين الأمرين". إذ إنّنا بهذا لا نكون قد وضعنا أحداً على قدم المساواة مع الله تعالى ليكون شريكاً له، ولا نكون قد اعتبرنا عباد الله مجبرين في أعمالهم لنقول إنّهم مظلومون، فتأمّل!

            لقد تعلّمنا هذا الدرس من مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، فعندما كان الناس يسألونهم عمّا إذا كان هناك سبيل بين "الجبر والتفويض" كانوا يقولون: نعم، أرحب ممّا بين السماء والأرض.

            القرآن ومسألة الجبر والتفويض

            يؤكّد القرآن المجيد في هذه المسألة على حريّة إرادة الإنسان بجلاء ووضوح في المئات من الآيات التي تصرّح بحريّة إرادة الإنسان.

            أـ جميع الآيات التي تتناول الأوامر والنواهي والفرائض، تدلّ على حريّة إرادة الإنسان في اختيار سبيله، إذ لو كان الإنسان مجبراً في أعماله لما كان ثمّة معنى في الأمر والنهي.

            ب ـ جميع الآيات التي تذمّ المسيئين وتمدح الصالحين دليل على حريّة الإرادة، وإلَّا فلا معنى في الذمّ والمدح إذا كان الإنسان مجبراً.

            98
            ج ـ جميع الآيات التي تتحدّث عن الحساب يوم القيامة، ومحاكمة الناس في تلك المحكمة، ثمّ الحكم بالعقاب أو بالثواب، أيّ النار والجنّة، إنّ هي إلَّا دليل على حريّة الإنسان في ما يعمل، لأنّه بالفرض والإجبار لا يكون هناك معنى للمحاسبة والمحاكمة، ويكون إنزال العقاب بالمسيئين ظلماً محضاً.

            د ـ جميع الآيات التي تدور حول:

            ﴿كلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِيْنةٌ 3.

            ﴿كُلُّ امرئ بِمَا كَسَبَ رَهِين 4.

            تدلّ دلالة واضحة على حريّة إرادة الإنسان.

            هـ ـ ثمة آيات مثل:

            ﴿إنَّا هَدَينَاهُ السَّبيلَ إمَّا شَاكِراً وإمَّا كَفُوراً 5.

            واضحة الدلالة على هذا الأمر.

            إلَّا أنّ هناك آيات في القرآن المجيد تُعتبر دليلاً على "الأمر بين الأمرين"، غير أنّ بعض الجهلاء يخطئون فهمها فيرونها دليلاً على "الجبر"، منها:

            ﴿وَمَا تَشَاؤُونَ إلَّا أنْ يَشَاءَ اللهُ 6.

            من الواضح أنّ هذه الآية وأمثالها لا تعني تجريد الإنسان من حريّة الاختيار، بل تريد أنْ تؤكّد للإنسان أنّه في الوقت الذي يكون فيه تامّ الحريّة والاختيار، لا يخرج عن أمر الله.

            تعليق


            • #21
              {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }الصف5

              هذه الاية فيها اشارة الى نظرية الامر بين الامرين ...العبارة الاولى (( فلما زاغوا )) تنسب الزيغ لهم.... اما العبارة الثانية (( ازاغ الله قلوبهم)) فتنسب ذلك الى الله سبحانه

              تعليق


              • #22
                الغريب ...في هذا الموضوع لم يشترك معنا اي وهابي ..لماذا ؟؟؟

                تعليق


                • #23
                  الله هو الهادي...
                  {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً }الفرقان31

                  كذلك القران وصف الرسول ص بالهادي على بعض التفاسير
                  {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ }الرعد7

                  ووصف القران بانه هادي
                  {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

                  تعليق


                  • #24
                    http://www.aqaed.com/faq/177/


                    السؤال: التوسل بأهل البيت (عليهم السلام)
                    لماذا نتوسل بأهل البيت عليهم السلام؟ الاجابة رجاءاً مع الاستشهاد بالقران الكريم والأحاديث الشريفة للشيعة والسنة




                    الجواب:
                    الاخت أم عبد الله المحترمة
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    قد خلق الله سبحانه العالم التكويني على أساس الأسباب والمسبّبات ، فلكل ظاهرة في الكون سبب عادي يؤثّر فيها بإذنه سبحانه، فالماء مثلا يؤثّر على الزرع بصريح هذه الاية: (( وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم )) (البقرة:22)، والباء في الآية بمعنى السببية والضمير يرجع الى الماء ، وهذا ليس بمعنى تفويض النظام لهذه الظواهر المادية ، والقول بتأصّلها في التأثير واستقلالها في العمل ، بل الكل متدلّ بوجوده سبحانه، قائم به ، تابع لمشيئته وإرادته وأمره .




                    هذا هو الذي نفهمه من الكون ويفهمه كل من أمعن النظر فيه ، فكما أنّ الحياة الجسمانية قائمة على أساس الاسباب والوسائل ، فهكذا نزول فيضه المعنوي سبحانه الى العباد تابع لنظام خاص كشف عنه الوحي ، فهدايته سبحانه تصل الى الانسان عن طريق ملائكته وأنبيائه ورسله وكتبه ، فالله سبحانه هو الهادي (( والله يريد الحق وهو يهدي السبيل )) (الاحزاب:4) ، والقران أيضا هو الهادي (( إنّ هذا القران يهدي للتي هي أقوم )) (الاسراء : 9) ، والنبي الاكرم (ص) أيضـاً هو الهـادي ولكن في ظل إرادة الله سبحـانه (( وإنّك لتهدي الى صراط مستقيم )) (الشورى:52).


                    فهداية الله تعالى تصل الى الانسان عن طريق الأسباب والوسائل التي جعلها الله سبحانه طريقا لها ، وإلى هذا الأصل القويم يشير الامام الصادق (عليه السلام) في كلامه ويقول : ( أبى الله أن تجري الاشياء إلاّ بأسباب فجعل لكل شيء سبباً ، وجعل لكل سبب شرحاً ) (الكافي : 1/183) .


                    فعلى ضوء هذا الاساس فالعالم المعنوي يكون على غرار العالم المادي، فللأسباب سيادة وتأثير بإذنه سبحانه، وقد شاء الله أن يكون لها دور في كلتا النشأتين ، فلا غرور لمن يطلب رضا الله أن يتمسك بالوسيلة ، قال الله سبحانه : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلّكم تفلحون )) (المائدة:35).




                    فالله سبحانه حثّنا للتقرب إليه على التمسك بالوسائل وابتغائها ، والآية دعوة عامة لا تختص بسبب دون سبب ، بل تأمر بالتمسك بكل وسيلة توجب التقرب إليه سبحانه، وعندئذ يجب علينا التتبّع في الكتاب والسنّة ، حتى نقف على الوسائل المقرّبة إليه سبحانه، وهذا ممّا لا يعلم إلاّ من جانب الوحي ، والتنصيص عليه في الشريعة ، ولولا ورود النص لكان تسمية شيء بأنّه سبب للتقرّب بدعة في الدين ، لأنّه من قبيل إدخال ما ليس من الدين في الدين .
                    ونحن إذا رجعنا إلى الشريعة نقف على نوعين من الأسباب المقرّبة إلى الله سبحانه:

                    النوع الأوّل : الفرائض والنوافل التي ندب إليها الكتاب والسنّة ، ومنها التقوى ، والجهاد الواردين في الآية ، وإليه يشير عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) ويقول : (إنّ أفضل ما توسل به المتوسّلون إلى الله سبحانه وتعالى ، الإيمان به ، وبرسوله ، والجهاد في سبيله فإنّه ذروة الإسلام ، وكلمة الإخلاص فإنّها الفطرة ، وإقام الصلاة فإنّها الملّة ، وإيتاء الزكاة فإنّها فريضة واجبة ، وصوم شهر رمضان فإنّه جفنّة من العقاب ، وحجّ البيت واعتماره فإنّهما ينفيان الفقر ، ويرحضان الذنب ، وصلة الرحم فإنّها مثراة في المال ، ومنسأة في الأجل ، وصدقة السرّ فإنّها تكفّر الخطيئة، وصدقة العلانية فإنّها تدفع ميتة السوء وصنائع المعروف فإنّها تقي مصارع الهوان)(نهج البلاغة، الخطبة: 110).
                    غير أنّ مصاديق هذا النمط من الوسيلة لا تنحصر في ما جاء في الآية أو في تلك الخطبة بل هي من أبرزها .

                    النوع الثاني : وسائل ورد ذكرها في الكتاب والسنّة الكريمة ، وحثّ عليها الرسول(ص) وتوسّل بها الصحابة والتابعون وكلّها توجب التقرّب إلى الله سبحانه .
                    ومن تلك الوسائل المقرّبة هم أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
                    فقد ورد في بعض الروايات ان المراد من الوسيلة في قوله تعالى (( وابتغوا اليه الوسيلة )) (المائدة:35) هم أهل البيت (عليهم السلام) منها :
                    1- قال رسول الله (ص) : (الائمة من ولد الحسين (عليهم السلام) ، من أطاعهم فقد أطاع الله ، ومن عصاهم فقد عصى الله ، هم العروة الوثقى وهم الوسيلة الى الله تعالى) .
                    2- قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله تعالى: (( وابتغوا اليه الوسيلة )): (أنا وسيلته) .
                    3- ورد في زيارة الجامعة الكبيرة المنسوبة الى الامام الهادي (عليه السلام): (... مستشفع الى الله عز وجل بكم ومتقرّب بكم اليه ومقدّمكم أمام طلبتي وحوائجي وإرادتي في كلّ احوالي واموري ...) .
                    4- ورد في دعاء التوسل عن الائمة (عليهم السلام) : (يا سادتي وموالي اني توجهت بكم أئمتي وعدّتي ليوم فقري وحاجتي الى الله وتوسلت بكم الى الله واستشفعت بكم الى الله ...).
                    5- ورد في دعاء الندبة : (وجعلتهم الذريعة اليك والوسيلة الى رضوانك).
                    هذا وكانت سيرة أصحاب أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يتوسلون بدعائهم ، لان التوسل بدعاء الامام لأجل أنّه دعاء روح طاهرة ، ونفس كريمة ، وشخصية مثالية. ففي الحقيقة ليس الدعاء بما هو دعاء وسيلة ، وإنّما الوسيلة هي الدعاء النابع عن تلك الشخصية الإلهية التي كرّمها الله وعظّمها ورفع مقامها وذكرها وقال : (( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا )) (الاحزاب:33).
                    فهذا هو علي بن محمد الحجال كتب الى أبي الحسن الامام الهادي (عليه السلام) وجاء في كتابه : (( أصابتني علّة في رجلي ولا أقدر على النهوض والقيام بما يجب فإن رأيت أن تدعو الله أن يكشف علّتي ويعينني على القيام بما يجب عليّ وأداء الأمانة في ذلك ...)) (كشف الغمة : 3 / 251) .
                    وذكر ابن حجر المكي في كتابه (الصواعق المحرقة : 180 ، ط مكتبة القاهرة) توسل الامام الشافعي بآل البيت (عليهم السلام) : آل النبـي ذريعتـي وهم إليـه وسيلتـي
                    أرجو بهم اعطى غداً بيدي اليمين صحيفي
                    وقال الشاعر صاحب بن عبّاد في ذلك :
                    واذا الرجـال توسّلوا بوسيلة فوسيلـتي حبّـي لآل محمـّد
                    الله طهّرهـم بفضل نبيّهـم وأبان شيعتهم بطيـب المولـد
                    فهم امان الله كالنجوم وأنّهم سفن النجاة من الحديث المسند
                    ثم من المتفق عليه جواز التوسل بدعاء الرجل الصالح وبحقّه وحرمته ومنزلته فكيف بمن هم سادة الصلحاء وقدوة الصلحاء الا وهم أئمة أهل البيت (عليهم السلام)؟!!

                    تعليق


                    • #25
                      القران يبطل نظرية الجبر


                      {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ }الأنعام148

                      تعليق


                      • #26
                        {قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }يوسف64




                        {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ }الرعد11



                        الاية الاولى نسبت الحفظ الى الله


                        اما الاية الثانية فنسبت الحفظ للملائكة








                        تعليق


                        • #27
                          {لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ }آل عمران181

                          {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }النساء81

                          {كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدّاً }مريم79

                          {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ }يس12

                          {فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ }الأنبياء94
                          ...............................

                          {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }التوبة120

                          {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ }الزخرف19
                          .................


                          {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ }الزخرف80

                          {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ }يونس21

                          ((وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ{10} كِرَاماً كَاتِبِينَ{11} يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ{12})) سورة الانفطار
                          .............................

                          الايات من الاولى الى الخامسة نسبت الكتابة الى الله سبحانه

                          الايات السادسة والسابعة نسبت الكتابة الى المبني للمجهول ( من ناحية الاعراب والنحو )

                          الايات الثامنة الى العاشرة نسبت الكتابة الى الملائكة
                          ..............................

                          الخلاصة :


                          ما نريد قوله لاخوتنا من السنة والوهابية
                          عدم تجزئة الايات بل دراستها معا...لان تجزئة القران قد يؤدي الى مفاهيم خاطئة..قال تعالى (( الذين جعلوا القران عضين)) عضين يعني مجزأ
                          كما ان الكثير من المفاهيم الخاطئة عند الوهابية وغيرهم نشأت من تجزئة القران وخاصة فيما يتعلق بالشفاعة والتوسل... لذلك كفروا الاخرين جهلا منهم بما في القران

                          لذلك ادعو اي سني او وهابي لديه اشكال في موضوع التوسل والشفاعة ان يقرأ هذا الموضوع جيدا

                          كما ان هكذا ايات لايمكن فهمها فهما كاملا الا من خلال نظرية اهل البيت


                          ( لا جبر ولا تفويض بل امر بين امرين)
                          او

                          ( لا جبر ولا تفويض ولكن امر بين امرين)
                          التعديل الأخير تم بواسطة عادل سالم سالم; الساعة 29-01-2014, 03:22 PM.

                          تعليق


                          • #28
                            http://alhaydari.com/ar/2014/02/51936/

                            صدر حديثا كتاب... للسيد كمال الحيدري

                            الانسان بين الجبر والتفويض ـ مدخل لدراسة نظرية الأمر بين الأمرين

                            تعليق


                            • #29
                              {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ }النمل4

                              {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأنعام108
                              .................................




                              {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }البقرة212

                              {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }آل عمران14
                              ............................






                              {فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأنعام43

                              {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ }الأنعام137

                              {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الأنفال48

                              {تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النحل63

                              {وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ }النمل24

                              {وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ }العنكبوت38


                              >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
                              في الاية الاولى والثانية تم نسب تزيين الاعمال لله سبحانه


                              في الاية الثالثة والرابعة تم نسب تزيين الاعمال للمبني للمجهول ( من ناحية نحوية)




                              في الاية الخامسة الى العاشرة تم نسب تزيين الاعمال للشيطان والشركاء

                              تعليق


                              • #30
                                فسر الشهيد محمد باقر الصدر موضوع الامر بين الامرين بشكل مختصر مبسط ((ان يكون لكل من الانسان والله تعالى نصيب في الفاعلية بمعنى كونهما فاعلين طوليين اي ان الانسان هو الفاعل المباشر للفعل بما اوتي من قدرة وسلطان وعضلات وتمتم القوى التي استطاع بها ان يحرك لسنه ويده ورجليه والله هو الفاعل غير المباشر من باب ان هذه القوى مخلوقة حدوثا وببقاءا له تعالى ومفاضة آنا فآنا ومعطاة من قبل الله )) وهذا احد الوجوه التي فسر بها الامر بين الامرين

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة مروان1400, 03-04-2018, 09:07 PM
                                ردود 13
                                2,137 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة مروان1400
                                بواسطة مروان1400
                                 
                                أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 23-05-2024, 02:27 PM
                                استجابة 1
                                76 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة وهج الإيمان
                                بواسطة وهج الإيمان
                                 
                                أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 31-08-2019, 08:51 AM
                                ردود 2
                                343 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة وهج الإيمان
                                بواسطة وهج الإيمان
                                 
                                يعمل...
                                X