
الناصرة ـ ‘القدس العربي’ قال محلل صحيفة ‘هآرتس′ العبريّة، المتواجد في واشنطن، حيمي شاليف، إنّه من الصعب جدًا على سكّان الدولة العبريّة اليوم تحديد الأمر الذي يُقلقهم، هل من الاتفاق الذي وقّعته الدول العظمى صباح الأحد مع الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، أمْ من أنّ رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو وصف الاتفاق بأنّه سيئ كثيرًا وخطير جدًا، أوْ من أنّ إسرائيل أوصلت نفسها إلى عزلةٍ دوليّة صعبة للغاية، ولا يقف إلى جانبها إلا عدد من شيوخ المملكة العربيّة السعودية، وعدد من المشرعين الأمريكيين.
علاوة على ذلك، أضاف المحلل قائلاً إنّه بالتالي ليس من السذاجة بمكان اتخاذ القرار مَنْ أصعب من مَنْ، ومن الذي يُشكّل خطرًا فوريًا وواضحًا للأمن القوميّ الإسرائيليّ: الإمكانية بأنْ يقوم الإيرانيون باستغلال الاتفاق للتقدّم نحو مشروعهم القاضي بالحصول على سلاح نوويّ، كما تخشى تل أبيب، أمْ الإمكانية بأنْ تختار الدولة العبريّة مرّة أخرى مواصلة الخلاف الداخليّ الفاشل قبل أنْ يبدأ ضدّ الإدارة الأمريكيّة، وعن طريق هذه الخطوة ستكشف إسرائيل عن الخلاف العميق والمستمّر الذي يُميّز العلاقات بين واشنطن وتل أبيب، أيْ بين إسرائيل وحليفتها الرئيسيّة، وربّما الوحيدة، أيْ أمريكا، على حدّ قوله.
وزاد قائلاً إنّ السؤال المطروح اليوم على الأجندة ليس في ما إذا كانت إسرائيل على حقٍّ في غضبها، إنّما هل هي حكيمة، وبالتالي هل الصراخ، وتوجيه الانتقادات اللاذعة، والتعبير عن الشكوك وتوجيه الاتهامات يخدم مصالح الدولة العبريّة، أمْ أنّه يُضعفها، وهل التباكي بات يُعتبر أيضًا مجالاً في السياسة، وهذا النهج، الذي سار وما زال نتنياهو يسير عليه، هو الذي أوصل إسرائيل إلى الحالة التي آلت إليها. وقال أيضًا إنّه لا يقترح على أحد بأنْ يعيش في الأوهام، فالاتفاق الذي تمّ التوقيع عليه في جنيف أمس سيحظى بتأييد عارم في الولايات المتحدّة الأمريكيّة، بما في ذلك سكّانها اليهود.
وبحسب المحلل الإسرائيليّ، سيُعتبر إنجازًا باهرًا للإدارة الأمريكيّة، وخصوصًا على وقع فشل الرئيس الأمريكيّ، باراك أوباما، في إخراج قانون الصحة الجديد إلى حيّز التنفيذ. كما لفت إلى أنّ الاتفاق سيُعتبر بنظر الرأي العام الأمريكيّ بأنّه متشدد للغاية مع التعهدات الإيرانيّة، وأنّه عصا أقّل تخفيفًا من شدّة وطأة العقوبات المفروضة على الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، وحتى المشككين من بين المراقبين والمحللين سيقولون إنّ الاتفاق قويّ بما هو كفاية لكي يمنحونه الفرصة لإثبات نفسه. وأضاف أنّه خلافًا للإيرانيين، الذين أطلقوا الوعود السحريّة خلال المفاوضات ولم يتمكّنوا من تزويد البضاعة التي وعدوا بها، فإنّ البيت الأبيض ووزارة الدفاع في أمريكا حافظوا على عدم تسريب المعلومات عن مجريات الأمور، لكي يُركّزوا عملهم الآن في زرع الأخبار في وسائل الإعلام المختلفة، وليس من باب الصدفة أنّ الرئيس أوباما استغل التلفزيون في ساعة غير تقليديّة قبل بدء أحد البرامج الأكثر شعبيّةً في أمريكا، لكي يُبلغ الأمّة الأمريكيّة بالتوصّل لاتفاق مع إيران، ذلك أنّه أراد من وراء ذلك أنْ يُقرر لمن يريدون انتقاده في منطقة الشرق الأوسط اللحن الذي يجب أنْ يعزفوه، على حدّ وصفه.
ولفت المحلل إلى أنّ المعركة الآن انتقلت إلى الداخل الأمريكيّ، ذلك أنّه بحسب الاتفاق، فإنّه خلال الفترة المرحليّة، تمتنع الدول (خمسة+واحد) عن فرض عقوبات جديدة على إيران، في حال قيام الأخيرة بتنفيذ تعهداتها، ولكن العديد من أعضاء السينات من الحزبين أعلنوا أنّ هذا بالضبط هو ما سيقومون بفعله، أيْ محاولة تمرير قوانين لفرض عقوبات جديدة على طهران، كما أنّ منظمة (إيباك) أعلنت عن تأييدها لهذه الخطوة، وفُهم ضمنًا أنّ إسرائيل تقف إلى جانب هذه المبادرات، أيْ فرض عقوبات جديدة على إيران.