رجال ديـن.. أم.. رجال دنيـا
بظهور موجة ما يعرف بالصحوة الجديدة، على يد فئة من الدعاة الشباب، اعتقد الناس بادئ ذي بدء بأن هؤلاء جاؤوا كمنقذين للأمة في زمن انحسر فيه المد الإسلامي، وتمكن أولئك من إقناع الناس بصدق نواياهم وسلامة منهجهم، بل وألبسوا الناس ثوب الخطيئة والإثم، مؤكدين أن شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ستغسل الناس من أدرانهم ونجاساتهم التي دنستهم بها يد الحضارة الغربية الماجنة، وصدق الناس هذه الدعاوى وغدوا يشككون في أنفسهم وقالوا تعالوا نتبع هؤلاء فلعلهم يطهروننا مما علق بنا وأصابنا من أوزار وذنوب. واستحسن هؤلاء الدعاة اللعبة وأصبحت الظروف مواتيه لهم ليركبوا موجة ما عرف فيما بعد بالصحوة فانتشرت الأشرطة (الكاسيتات) والملصقات، والندوات والمحاضرات وصدحت المايكروفونات وعلت الجلبة، وأصبحت المساجد (دور العبادة).
وقد خلت من جو الطمأنينة والخشوع، وانقلبت إلى مراكز دعاية وإعلام لأصحاب هذا التيار الجديد، ولما وجد هؤلاء الناس على دينهم متمسكين بثوابته وأصوله محافظين على أركانه وهم على ذلك من قبل الصحوة وبعدها ولم يتغير الأمر شيئاً، وجدوا أنهم بذلك سيفقدون مشروعية وجودهم ومصداقية برنامجهم، وبدأ الناس يشككون في مشروعهم وتوجهاتهم، فأخذوا يتحايلون على ذلك والتفوا حول الدين ليبدؤوا بإثارة نزاعات ومعارك جانبية، مضخمين الفروع والمسائل الخلافية، مركزين على أمور ما كان المسلمون يعدونها ذات شأن نورد منها على سبيل المثال (الغزو الفضائي، والسواك، واللحية، وحجاب المرأة، وقيادة المرأة للسيارة، والتبرج في الأسواق، ثم قضية الدمج وأنها سبب في الاختلاط وبطاقة المرأة ،والغناء وتقصير الثوب....) وما إلى ذلك من مسائل كانت ولا تزال مثار خلاف حتى بين علماء المذاهب منذ أقدم العصور وهي في الحقيقة لاتهم السواد الأعظم من الناس ولكن هؤلاء المبتدعين يصرون ويلحون أن هذه الأمور هي الإسلام ومن لا يلتزم بها فقد خرج من دائرة الإسلام إلى الكفر فشاع التكفير والتفسيق واتهام الناس بالعلمانية والإلحاد والزندقة، وبتنا بين مصدق ومكذب فهل ينطلي علينا مثل هذا الخداع والمكر وهذه الحيل ونصدق أن الشريعة بمقاصدها العليا والإسلام بعالميته ويسره وسماحته يتمثل في هذه الآداب والسنن فحسب، وانخدع كثير من عامة الناس بهذه الدعاوى والأباطيل واستغل هؤلاء سذاجة بعض الدهماء وبدؤوا يلعبون لعبة أخرى أكبر من سابقتها وأخذوا يثيرون الخلافات المذهبية ويؤججون الضغائن والأحقاد ويؤلبون الناس على بعضهم مما كان سبباً في الفرقة ومدعاة للتشرذم 0فانكفأت الروح الوطنية، وتلاشت الهوية وشاع الخصام والعداوة بيننا كأبناء وطن واحد وتشبع المناخ العام بروح الكراهية والشك والريبة، وتفككت الرابطة الوطنية والمصير المشترك0 وغدا كل يغني على ليلاه، منشغلاً بهمه لا يهمه الآخر بل هوي كرهه ويتوجس من نواياه وصبغت العواطف الصادقة بمسحة من النفاق الاجتماعي والمداهنة والحذر.
لقد وصل الأمر إلى تقسيم الوطن وانتماءاته ومذاهبه إلى تصوف في الحجاز وروافض في الشرقية ووهابية في نجد وإسماعيلية في نجران و...
على حد زعمهم وقد قرأت ذات مرة في منتديات الساحة دعوة إلى مقاطعة منتجات الروافض (الشيعة) وعدم التعامل معهم وأنهم أشد خطراً على الإسلام من اليهود....انظر وتعجب ما آل إليه الأمر على يد هؤلاء الدعاة الذين خلا لهم الجو فباضوا وصفروا بل وعشعشوا وفرخوا 0وهل هذا ما كنا ننتظره من تلك الصحوة التي غدت فتنة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، بعد أن عشنا في هذا الوطن وعاش آباؤنا وأجدادنا إخوة متحابين تربطهم وشائج الإسلام النقي الصافي، هل يأتي أمثال هؤلاء ليشوهوا إسلامنا ويطعنوا في عقيدتنا ويبلبلوا أفكارنا دون رادع من دين أو ضمير أو خلق أو مواطنة، وكيف انتفت إنسانية الإسلام على يد هؤلاء.
ثم كانت الطامة الكبرى بوقوع أحداث سبتمبر البغيضة التي ذهب ضحيتها آلاف الأبرياء من المدنيين، وفتح الباب واسعاً على مصراعيه ليتهمنا العالم بالإرهاب ويصفنا بأقذع الأوصاف وقد مهد أدعياء الدين هؤلاء مهدوا لترتفع دعاوى التقسيم المغرضة، وغدا بيننا طابور خامس يهيئ للفتنة ويخطط لتخريب بلادنا وهدم الدعائم والأسس التي قام عليها هذا الوطن العظيم على يد المخلصين من أبنائه 0وقد قلنا وأكدنا بأن هؤلاء المخربين لن يهدأ بالهم ولن يرتاحوا حتى يحدثوا في سفينتنا ثقباً وسيغرق بسبب أعمالهم وتخريبهم الجميع، أوقفوهم عند حدهم ولا تتركوا لهم المجال مفتوحاً ليعبثوا بأمن البلد ووحدته واستقراره، إنهم يرجفون في البلاد ويستعدون الأمم وهم ليسوا كما يزعمون رجال دين إنهم طلاب دنيا والشواهد والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى، أوقفوا دعمهم وامنعوهم من استغلال المنابر لتأليب مشاعر الناس واستظهار عداواتهم وخلق فتنة لا تبقي ولا تذر، إنهم أحرص الناس على حياة، وقد تاجروا بالدين وتكسبوا به وحققوا من وراء ذلك مكاسب دنيوية كثيرة فهم طلاب سلطة وجاه ومال ومناصب، إنهم يركزون على المظاهر لا يغرسون ثقافة التعايش مع الأمم الأخرى ولا يكرسون القيم الخلاقة في الدين فليست شغلهم ولا يعبئون بها ولم نسمع في خطبهم شيئاً عن سماحة الإسلام ويسره ولا عن الأخلاق الإسلامية الفاضلة والقيم النبيلة، إنهم بحق ينفرون من الدين ويتخذونه سلما لبلوغ أهداف وتحقيق غايات شخصية، يتشدقون على المنابر ويتفاصحون في تزيين الخطب بالسجع والمحسنات اللفظية فصدقهم العامة وغرروا بالأبرياء والسفهاء السذج ،وانحرفوا بتفكير الناس.
عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون، ....الحديث)) إنهم يتكلفون القول ويكثرون الكلام في غير مصلحة ويبالغون في التفاصح والإعجاب بكلامهم وفصاحتهم، تجد للواحد منهم أكثر من وظيفة دينية نهبوا أموال الجمعيات الخيرية وشكلوا عصابة يخدم أفرادها بعضهم بعضاَ واستحلوا أعراض الناس بالشتم والسباب بل واستحلوا دماء الناس وأموالهم، وأوقعوا العداوة بين أفراد المجتمع فحتى متى يبقى المجال لهم مفتوحاً، وقد وصل بهم الأمر إلى التشكيك في هيئة كبار العلماء، بل وابتزوا بعض أولئك العلماء الصادقين الحكماء المخلصين، واستغلوهم لتحقيق أغراضهم الدفينة ونواياهم الخبيثة، لقد ضيقوا على الناس في معايشهم وأرزاقهم وتدخلوا في خياراتهم وحرياتهم الشخصية وكل ذلك باسم الدين، لاحقوا الناس في الأسواق والأماكن العامة، وانحرفوا برسالة المسجد العظيمة عن أهدافها العليا ومقاصدها السامية واستغلوا المنابر ينعقون من عليها صباح مساء وغرروا بالشباب وصغار السن واتخذوا دور التعليم والمراكز الصيفية ليحولوها إلى أوكار ينفثون من خلالها سمومهم، فظهرت الطائفية والنعرات المذهبية وشحنت الأجواء وتكهربت المشاعر بتأليبهم الذي لا ينقطع وصراخهم الذي يصم الآذان ويؤجج العداوات والضغائن في الصدور، يراؤون في دينهم وعبادتهم يحرصون على ظهور صوتهم في مكبرات الصوت أيما حرص، لقد استغلوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليرجفوا من خلاله في البلاد، ويشوشوا أذهان العباد.
إنهم يوقظون فتناً نائمة ويشعلون نيران عداوات قد خبت، سفهوا آراء حكام البلاد وعلمائها وحكمائها وانفردوا بالدين واختطفوه واستولوا عليه وكأن الدين حكرٌ عليهم ونحن نعلم أنه ليس في الإسلام رجال دين فالمسلمون كلهم صغيرهم وكبيرهم رجال دين، اعتنوا بالمظاهر من تقصير ثوب وسواك وإطالة لحية واتخذوا تلك المظاهر وسيلة وأداة للاستيلاء على الدين والتحدث باسمه، يعارضون كل جديد ويعيقون كل تنمية ويحاربون كل مكتسب حضاري، كرسوا العادات البالية والموروثات الجامدة وجعلوها ديناً وليست من الدين في شيء، الأمم تتقدم ونحن نتأخر إنهم يضعون العصي في دواليب قطار الحضارة والتنمية، وهم عقبة في طريق كل تطور وعصرنة وتنمية، وستقبع البلاد تحت وطأة دعاواهم في حضيض التخلف، لأنهم يحاربون كل نهضة ويعيقون كل تقدم.
لا يصلحون المجتمع، ولا يعبئون بصلاحه ولا يتقبلون الآخر بل ويعمدون إلى رفضه وإقصائه، كل ما عداهم باطل وكل ما سواهم كافر ملعون فكيف نتعايش مع غيرنا بل كيف نتعايش معهم ؟ وهل لنا مكان في هذا العالم الذي يضج بالحركة والحيوية والنشاط ونحن نكابد بين ظهرانينا أمثال هؤلاء ؟
فقههم جامد، واجتهادهم موقوف، وعلمهم ناقص وثقافتهم مبتورة، يعيشون في انطوائية وعزلة منكفئين على أنفسهم يرزحون تحت وطأة ظلام دامس، كل العالم قبيح وهم وحدهم المنزهون من العيوب الخالون من الأخطاء، وخلاصة القول أن هؤلاء تنكبوا طريق الإٍسلام الصحيح ومبادئه القويمة وجادته السمحة الميسرة، وأنهم زهدوا الناس في وطنهم وضيقوا عليهم الخناق وأرهبوا أبناء الأمة فخاف الناس بطشهم وخشيهم حتى الحكام والمثقفين والمعتدلين من رجال الدين، وأصبحوا سيفاً مسلطاً على رقاب الجميع، فقد طغوا وجاوزوا كل حد وآن الأوان لإيقافهم وتعريف الناس بحقيقتهم وتبصيرهم بسماحة دينهم ويسره وشموليته.
= = == == ==
إضاءة:
= الحجاب السائد اليوم ليس الحجاب الإسلامي الصحيح (فوجه المرأة وكفيها ليسا بعورة في جميع المذاهب ومنها الحنبلي عدا رأي عند بعض الحنابلة (راجع جلباب المرأة المسلمة للألباني).
= الغناء يستند هؤلاء في تحريمه على حديث مقطوع عن المعازف ـ طالع موقع الشيخ يوسف القرضاوي.
= اللحية وتقصير الثوب سنن وآداب يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها وهي لا تخرج الناس من الملة.
= القنوات الفضائية (التلفاز) تراجعوا عن فتاواهم فيها وغدوا يتسابقون على الظهور في القنوات الفضائية.
= قيادة المرأة للسيارة ليست حراما، ولا يوجد نص واحد في كتاب الله أو سنة رسوله يحرمان ذلك، وهم يستندون في تحريم القيادة على باب سد الذرائع، وأن قيادة المرأة ستقود بالضرورة إلى الفساد ولا دليل لهم في ذلك إذ المرأة عندهم دوماً في موضع شك وتهمة وريبة وهي كما يرون أصل كل فساد وسبب كل بلاء.
اللهم اجعل ديننا خالصاً لوجهك ياالله، وجنبنا اللهم الرياء والنفاق.
بظهور موجة ما يعرف بالصحوة الجديدة، على يد فئة من الدعاة الشباب، اعتقد الناس بادئ ذي بدء بأن هؤلاء جاؤوا كمنقذين للأمة في زمن انحسر فيه المد الإسلامي، وتمكن أولئك من إقناع الناس بصدق نواياهم وسلامة منهجهم، بل وألبسوا الناس ثوب الخطيئة والإثم، مؤكدين أن شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ستغسل الناس من أدرانهم ونجاساتهم التي دنستهم بها يد الحضارة الغربية الماجنة، وصدق الناس هذه الدعاوى وغدوا يشككون في أنفسهم وقالوا تعالوا نتبع هؤلاء فلعلهم يطهروننا مما علق بنا وأصابنا من أوزار وذنوب. واستحسن هؤلاء الدعاة اللعبة وأصبحت الظروف مواتيه لهم ليركبوا موجة ما عرف فيما بعد بالصحوة فانتشرت الأشرطة (الكاسيتات) والملصقات، والندوات والمحاضرات وصدحت المايكروفونات وعلت الجلبة، وأصبحت المساجد (دور العبادة).
وقد خلت من جو الطمأنينة والخشوع، وانقلبت إلى مراكز دعاية وإعلام لأصحاب هذا التيار الجديد، ولما وجد هؤلاء الناس على دينهم متمسكين بثوابته وأصوله محافظين على أركانه وهم على ذلك من قبل الصحوة وبعدها ولم يتغير الأمر شيئاً، وجدوا أنهم بذلك سيفقدون مشروعية وجودهم ومصداقية برنامجهم، وبدأ الناس يشككون في مشروعهم وتوجهاتهم، فأخذوا يتحايلون على ذلك والتفوا حول الدين ليبدؤوا بإثارة نزاعات ومعارك جانبية، مضخمين الفروع والمسائل الخلافية، مركزين على أمور ما كان المسلمون يعدونها ذات شأن نورد منها على سبيل المثال (الغزو الفضائي، والسواك، واللحية، وحجاب المرأة، وقيادة المرأة للسيارة، والتبرج في الأسواق، ثم قضية الدمج وأنها سبب في الاختلاط وبطاقة المرأة ،والغناء وتقصير الثوب....) وما إلى ذلك من مسائل كانت ولا تزال مثار خلاف حتى بين علماء المذاهب منذ أقدم العصور وهي في الحقيقة لاتهم السواد الأعظم من الناس ولكن هؤلاء المبتدعين يصرون ويلحون أن هذه الأمور هي الإسلام ومن لا يلتزم بها فقد خرج من دائرة الإسلام إلى الكفر فشاع التكفير والتفسيق واتهام الناس بالعلمانية والإلحاد والزندقة، وبتنا بين مصدق ومكذب فهل ينطلي علينا مثل هذا الخداع والمكر وهذه الحيل ونصدق أن الشريعة بمقاصدها العليا والإسلام بعالميته ويسره وسماحته يتمثل في هذه الآداب والسنن فحسب، وانخدع كثير من عامة الناس بهذه الدعاوى والأباطيل واستغل هؤلاء سذاجة بعض الدهماء وبدؤوا يلعبون لعبة أخرى أكبر من سابقتها وأخذوا يثيرون الخلافات المذهبية ويؤججون الضغائن والأحقاد ويؤلبون الناس على بعضهم مما كان سبباً في الفرقة ومدعاة للتشرذم 0فانكفأت الروح الوطنية، وتلاشت الهوية وشاع الخصام والعداوة بيننا كأبناء وطن واحد وتشبع المناخ العام بروح الكراهية والشك والريبة، وتفككت الرابطة الوطنية والمصير المشترك0 وغدا كل يغني على ليلاه، منشغلاً بهمه لا يهمه الآخر بل هوي كرهه ويتوجس من نواياه وصبغت العواطف الصادقة بمسحة من النفاق الاجتماعي والمداهنة والحذر.
لقد وصل الأمر إلى تقسيم الوطن وانتماءاته ومذاهبه إلى تصوف في الحجاز وروافض في الشرقية ووهابية في نجد وإسماعيلية في نجران و...
على حد زعمهم وقد قرأت ذات مرة في منتديات الساحة دعوة إلى مقاطعة منتجات الروافض (الشيعة) وعدم التعامل معهم وأنهم أشد خطراً على الإسلام من اليهود....انظر وتعجب ما آل إليه الأمر على يد هؤلاء الدعاة الذين خلا لهم الجو فباضوا وصفروا بل وعشعشوا وفرخوا 0وهل هذا ما كنا ننتظره من تلك الصحوة التي غدت فتنة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، بعد أن عشنا في هذا الوطن وعاش آباؤنا وأجدادنا إخوة متحابين تربطهم وشائج الإسلام النقي الصافي، هل يأتي أمثال هؤلاء ليشوهوا إسلامنا ويطعنوا في عقيدتنا ويبلبلوا أفكارنا دون رادع من دين أو ضمير أو خلق أو مواطنة، وكيف انتفت إنسانية الإسلام على يد هؤلاء.
ثم كانت الطامة الكبرى بوقوع أحداث سبتمبر البغيضة التي ذهب ضحيتها آلاف الأبرياء من المدنيين، وفتح الباب واسعاً على مصراعيه ليتهمنا العالم بالإرهاب ويصفنا بأقذع الأوصاف وقد مهد أدعياء الدين هؤلاء مهدوا لترتفع دعاوى التقسيم المغرضة، وغدا بيننا طابور خامس يهيئ للفتنة ويخطط لتخريب بلادنا وهدم الدعائم والأسس التي قام عليها هذا الوطن العظيم على يد المخلصين من أبنائه 0وقد قلنا وأكدنا بأن هؤلاء المخربين لن يهدأ بالهم ولن يرتاحوا حتى يحدثوا في سفينتنا ثقباً وسيغرق بسبب أعمالهم وتخريبهم الجميع، أوقفوهم عند حدهم ولا تتركوا لهم المجال مفتوحاً ليعبثوا بأمن البلد ووحدته واستقراره، إنهم يرجفون في البلاد ويستعدون الأمم وهم ليسوا كما يزعمون رجال دين إنهم طلاب دنيا والشواهد والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى، أوقفوا دعمهم وامنعوهم من استغلال المنابر لتأليب مشاعر الناس واستظهار عداواتهم وخلق فتنة لا تبقي ولا تذر، إنهم أحرص الناس على حياة، وقد تاجروا بالدين وتكسبوا به وحققوا من وراء ذلك مكاسب دنيوية كثيرة فهم طلاب سلطة وجاه ومال ومناصب، إنهم يركزون على المظاهر لا يغرسون ثقافة التعايش مع الأمم الأخرى ولا يكرسون القيم الخلاقة في الدين فليست شغلهم ولا يعبئون بها ولم نسمع في خطبهم شيئاً عن سماحة الإسلام ويسره ولا عن الأخلاق الإسلامية الفاضلة والقيم النبيلة، إنهم بحق ينفرون من الدين ويتخذونه سلما لبلوغ أهداف وتحقيق غايات شخصية، يتشدقون على المنابر ويتفاصحون في تزيين الخطب بالسجع والمحسنات اللفظية فصدقهم العامة وغرروا بالأبرياء والسفهاء السذج ،وانحرفوا بتفكير الناس.
عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون، ....الحديث)) إنهم يتكلفون القول ويكثرون الكلام في غير مصلحة ويبالغون في التفاصح والإعجاب بكلامهم وفصاحتهم، تجد للواحد منهم أكثر من وظيفة دينية نهبوا أموال الجمعيات الخيرية وشكلوا عصابة يخدم أفرادها بعضهم بعضاَ واستحلوا أعراض الناس بالشتم والسباب بل واستحلوا دماء الناس وأموالهم، وأوقعوا العداوة بين أفراد المجتمع فحتى متى يبقى المجال لهم مفتوحاً، وقد وصل بهم الأمر إلى التشكيك في هيئة كبار العلماء، بل وابتزوا بعض أولئك العلماء الصادقين الحكماء المخلصين، واستغلوهم لتحقيق أغراضهم الدفينة ونواياهم الخبيثة، لقد ضيقوا على الناس في معايشهم وأرزاقهم وتدخلوا في خياراتهم وحرياتهم الشخصية وكل ذلك باسم الدين، لاحقوا الناس في الأسواق والأماكن العامة، وانحرفوا برسالة المسجد العظيمة عن أهدافها العليا ومقاصدها السامية واستغلوا المنابر ينعقون من عليها صباح مساء وغرروا بالشباب وصغار السن واتخذوا دور التعليم والمراكز الصيفية ليحولوها إلى أوكار ينفثون من خلالها سمومهم، فظهرت الطائفية والنعرات المذهبية وشحنت الأجواء وتكهربت المشاعر بتأليبهم الذي لا ينقطع وصراخهم الذي يصم الآذان ويؤجج العداوات والضغائن في الصدور، يراؤون في دينهم وعبادتهم يحرصون على ظهور صوتهم في مكبرات الصوت أيما حرص، لقد استغلوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليرجفوا من خلاله في البلاد، ويشوشوا أذهان العباد.
إنهم يوقظون فتناً نائمة ويشعلون نيران عداوات قد خبت، سفهوا آراء حكام البلاد وعلمائها وحكمائها وانفردوا بالدين واختطفوه واستولوا عليه وكأن الدين حكرٌ عليهم ونحن نعلم أنه ليس في الإسلام رجال دين فالمسلمون كلهم صغيرهم وكبيرهم رجال دين، اعتنوا بالمظاهر من تقصير ثوب وسواك وإطالة لحية واتخذوا تلك المظاهر وسيلة وأداة للاستيلاء على الدين والتحدث باسمه، يعارضون كل جديد ويعيقون كل تنمية ويحاربون كل مكتسب حضاري، كرسوا العادات البالية والموروثات الجامدة وجعلوها ديناً وليست من الدين في شيء، الأمم تتقدم ونحن نتأخر إنهم يضعون العصي في دواليب قطار الحضارة والتنمية، وهم عقبة في طريق كل تطور وعصرنة وتنمية، وستقبع البلاد تحت وطأة دعاواهم في حضيض التخلف، لأنهم يحاربون كل نهضة ويعيقون كل تقدم.
لا يصلحون المجتمع، ولا يعبئون بصلاحه ولا يتقبلون الآخر بل ويعمدون إلى رفضه وإقصائه، كل ما عداهم باطل وكل ما سواهم كافر ملعون فكيف نتعايش مع غيرنا بل كيف نتعايش معهم ؟ وهل لنا مكان في هذا العالم الذي يضج بالحركة والحيوية والنشاط ونحن نكابد بين ظهرانينا أمثال هؤلاء ؟
فقههم جامد، واجتهادهم موقوف، وعلمهم ناقص وثقافتهم مبتورة، يعيشون في انطوائية وعزلة منكفئين على أنفسهم يرزحون تحت وطأة ظلام دامس، كل العالم قبيح وهم وحدهم المنزهون من العيوب الخالون من الأخطاء، وخلاصة القول أن هؤلاء تنكبوا طريق الإٍسلام الصحيح ومبادئه القويمة وجادته السمحة الميسرة، وأنهم زهدوا الناس في وطنهم وضيقوا عليهم الخناق وأرهبوا أبناء الأمة فخاف الناس بطشهم وخشيهم حتى الحكام والمثقفين والمعتدلين من رجال الدين، وأصبحوا سيفاً مسلطاً على رقاب الجميع، فقد طغوا وجاوزوا كل حد وآن الأوان لإيقافهم وتعريف الناس بحقيقتهم وتبصيرهم بسماحة دينهم ويسره وشموليته.
= = == == ==
إضاءة:
= الحجاب السائد اليوم ليس الحجاب الإسلامي الصحيح (فوجه المرأة وكفيها ليسا بعورة في جميع المذاهب ومنها الحنبلي عدا رأي عند بعض الحنابلة (راجع جلباب المرأة المسلمة للألباني).
= الغناء يستند هؤلاء في تحريمه على حديث مقطوع عن المعازف ـ طالع موقع الشيخ يوسف القرضاوي.
= اللحية وتقصير الثوب سنن وآداب يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها وهي لا تخرج الناس من الملة.
= القنوات الفضائية (التلفاز) تراجعوا عن فتاواهم فيها وغدوا يتسابقون على الظهور في القنوات الفضائية.
= قيادة المرأة للسيارة ليست حراما، ولا يوجد نص واحد في كتاب الله أو سنة رسوله يحرمان ذلك، وهم يستندون في تحريم القيادة على باب سد الذرائع، وأن قيادة المرأة ستقود بالضرورة إلى الفساد ولا دليل لهم في ذلك إذ المرأة عندهم دوماً في موضع شك وتهمة وريبة وهي كما يرون أصل كل فساد وسبب كل بلاء.
اللهم اجعل ديننا خالصاً لوجهك ياالله، وجنبنا اللهم الرياء والنفاق.
تعليق