يررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر ررررررررررررفع
X
-
. .
فتح الباري - ابن حجر - ج 10 - ص 55
( قوله ومن نهى عن كل مسكر من الأشربة ) كأنه أخذه من قول عمر فإن كان يسكر جلدته مع نقله عنه تجويز شرب الطلاء على الثلث فكأنه يؤخذ من الخبرين أن الذي أباحه ما لم يسكر أصلا وأما قوله من الأشربة فلأن الآثار التي أوردها مرفوعها وموقوفها تتعلق بما يشرب وقد سبق جمع طرق حديث كل مسكر حرام في باب الخمر من العسل ( قوله ورأى عمر وأبو عبيدة ومعاذ شرب الطلاء على الثلث ) أي رأوا جواز شرب الطلاء إذا طبخ فصار على الثلث ونقص منه الثلثان وذلك بين من سياق ألفاظ هذه الآثار فأما أثر عمر فأخرجه مالك في الموطأ من طريق محمود بن لبيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها وقالوا لا يصلحنا إلا هذا الشراب فقال عمر اشربوا العسل قالوا ما يصلحنا العسل فقال رجال من أهل الأرض هل لك أن نجعل لك من هذا الشراب شيئا لا يسكر فقال نعم فطبخوه حتى ذهب منه ثلثان وبقي الثلث فأتوا به عمر فأدخل فيه إصبعه ثم رفع يده فتبعها يتمطط فقال هذا الطلاء مثل طلاء الإبل فأمرهم عمر أن يشربوه وقال عمر اللهم أني لا أحل لهم شيئا حرمته عليهم وأخرج سعيد بن منصور من طريق أبي مجاز عن عامر بن عبد الله قال كتب عمر إلى عمار أما بعد فإنه جاءني عير تحمل شرابا أسود كأنه طلاء الإبل فذكروا أنهم يطبخونه حتى يذهب ثلثاه الأخبثان ثلث بريحه وثلث ببغيه فمر من قبلك أن يشربوه ومن طريق سعيد بن المسيب أن عمر أحل من الشراب ما طبخ فذهب ثلثاه وبقي ثلثه وأخرج النسائي من طريق عبد الله بن يزيد الخطمي قال كتب عمر اطبخوا شرابكم حتى يذهب نصيب الشيطان منه فإن للشيطان اثنين ولكم واحد وهذه أسانيد صحيحة وقد أفصح بعضها بأن المحذور منه السكر فمتى أسكر لم يحل وكأنه أشار بنصيب الشيطان إلى ما أخرجه النسائي من طريق ابن سيرين في قصة نوح عليه السلام قال لما ركب السفينة فقد الحبلة فقال له الملك أن الشيطان أخذها ثم أحضرت له ومعها الشيطان فقال له الملك أنه شريكك فيها فأحسن الشركة قال له النصف قال أحسن قال له الثلثان ولي الثلث قال أحسنت وأنت محسان أن تأكله عنبا وتشربه عصيرا وما طبخ على الثلث فهو لك ولذريتك وما جاز عن الثلث فهو من نصيب الشيطان وأخرج أيضا من وجه آخر عن ابن سيرين عن أنس بن مالك فذكره ومثله لا يقال بالرأي فيكون له حكم المرفوع وأغرب ابن حزم فقال أنس بن مالك لم يدرك نوحا فيكون منقطعا وأما أثر أبي عبيدة وهو ابن الجراح ومعاذ وهو ابن جبل فأخرجه أبو مسلم الكجي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة من طريق قتادة عن أنس أن أبا عبيدة ومعاذ بن جبل وأبا طلحة كانوا يشربون من الطلاء ما طبخ على الثلث وذهب ثلثاه والطلاء بكسر المهملة والمد هو الدبس شبه بطلاء الإبل وهو القطران الذي يدهن به فإذا طبخ عصير العنب حتى تمدد أشبه طلاء الإبل وهو في تلك الحالة غالبا لا يسكر وقد وافق عمر ومن ذكر معه على الحكم المذكور أبو موسى وأبو الدرداء أخرجه النسائي عنهما وعلي وأبو أمامة وخالد بن الوليد وغيرهم أخرجها ابن أبي شيبة وغيره ومن التابعين ابن المسيب والحسن وعكرمة ومن الفقهاء الثوري والليث ومالك وأحمد والجمهور وشرط تناوله عندهم ما لم يسكر وكرهه طائفة تورعا ( قوله وشرب البراء وأبو جحيفة على النصف ) أما أثر البراء فأخرجه ابن أبي شيبة من رواية عدي بن ثابت عنه أنه كان يشرب الطلاء على النصف أي إذا طبخ فصار على النصف وأما أثر أبي جحيفة فأخرجه ابن أبي شيبة أيضا من طريق حصين بن عبد الرحمن قال رأيت أبا جحيفة فذكر مثله ووافق البراء وأبا جحيفة جرير وأنس ومن التابعين ابن الحنفية وشريح وأطبق الجميع على أنه إن كان يسكر حرم وقال أبو عبيدة في الأشربة بلغني أن المنصف يسكر فإن كان كذلك فهو حرام والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف أعناب البلاد فقد قال ابن حزم إنه شاهد من العصير ما إذا طبخ إلى الثلث ينعقد ولا يصير مسكرا أصلا ومنه ما إذا طبخ إلى النصف كذلك ومنه ما إذا طبخ إلى الربع كذلك بل قال إنه شاهد منه ما يصير ربا خاثرا لا يسكر ومنه ما لو طبخ لا يبقى غير ربعه لا يخثر ولا ينفك السكر عنه قال فوجب أن يحمل ما ورد عن الصحابة من أمر الطلاء على ما لا يسكر بعد الطبخ وقد ثبت عن ابن عباس بسند صحيح أن النار لا تحل شيئا ولا تحرمه أخرجه النسائي من طريق عطاء عنه وقال إنه يريد بذلك ما نقل عنه في الطلاء وأخرج أيضا من طريق طاوس قال هو الذي يصير مثل العسل ويؤكل ويصب عليه الماء فيشرب ( قوله وقال ابن عباس أشرب العصير ما دام طريا ) وصله النسائي من طريق أبي ثابت الثعلبي قال كنت عند ابن عباس فجاءه رجل يسأله عن العصير فقال اشربه ما كان طريا قال إني طبخت شرابا وفي نفسي منه شئ قال أكنت شاربه قبل أن تطبخه قال لا قال فإن النار لا تحل شيئا قد حرم وهذا يقيد ما أطلق في الآثار الماضية وهو أن الذي يطبخ إنما هو العصير الطري قبل أن يتخمر أما لو صار خمرا فطبخ فإن الطبخ لا يطهره ولا يحله إلا على رأي من يجيز تخليل الخمر والجمهور على خلافه وحجتهم الحديث الصحيح عن أنس وأبي طلحة أخرجه مسلم وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي من طريق سعيد بن المسيب والشعبي والنخعي أشرب العصير ما لم يغل وعن الحسن البصري ما لم يتغير وهذا قول كثير من السلف أنه إذا بدأ فيه التغير يمتنع وعلامة ذلك أن يأخذ في الغليان وبهذا قال أبو يوسف وقيل إذا انتهى غليانه وابتدأ في الهدو بعد الغليان وقيل إذا سكن غليانه وقال أبو حنيفة لا يحرم عصير العنب النئ حتى يغلى ويقذف بالزبد فإذا غلى وقذف بالزبد حرم وأما المطبوخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه فلا يمتنع مطلقا ولو غلى وقذف بالزبد بعد الطبخ وقال مالك والشافعي والجمهور يمتنع إذا صار مسكرا شرب قليله وكثيره سواء غلى أم لم يغل لأنه يجوز أن يبلغ حد الاسكار بأن يغلي ثم يسكن غليانه بعد ذلك وهو مراد من قال حد منع شربه أن يتغير والله أعلم ( قوله وقال عمر ) هو ابن الخطاب ( وجدت من عبيد الله ) بالتصغير وهو ابن عمر ( قوله ريح شراب وأنا سائل عنه فإن كان يسكر جلدته ) وصله مالك عن الزهري عن السائب بن يزيد أنه أخبره أن عمر بن الخطاب خرج عليهم فقال أني وجدت من فلان ريح شراب فزعم أنه شراب الطلاء وإني سائل عما شرب فإن كان يسكر جلدته فجلده عمر الحد تاما وسنده صحيح وفي السياق حذف تقديره فسأل عنه فوجده يسكر فجلده وأخرجه سعيد بن منصور عن ابن عيينة عن الزهري سمع السائب بن يزيد يقول قام عمر على المنبر فقال ذكر لي أن عبيد الله بن عمر وأصحابه شربوا شرابا وأنا سائل عنه فإن كان يسكر حددتهم قال ابن عيينة فأخبرني معمر عن الزهري عنا لسائب قال فرأيت عمر يجلدهم وهذا الأثر يؤيد ما قدمته أن المراد بما أحله عمر من المطبوخ الذي يسمى الطلاء ما لم يكن بلغ حد الاسكار فإن بلغه لم يحل عنده ولذلك جلدهم ولم يستفصل هل شربوا منه قليلا أو كثيرا وفي هذا رد على من احتج بعمر في جواز شرب المطبوخ إذا ذهب منه الثلثان ولو أسكر فإن عمر إذن في شربه ولم يفصل وتعقب بأن الجمع بين الاثرين عنه يقتضى التفصيل وقد ثبت عنده أن كل مسكر حرام فاستغنى عن التفصيل ويحتمل أن يكون سأل ابنه فاعترف بأنه شرب كذا فسأل غيره عنه فأخبره أنه يسكر أو سأل ابنه فاعترف أن الذي شرب يسكر وقد بين ذلك عبد الرزاق في روايته عن معمر فقال عن الزهري عن السائب شهدت عمر صلى على جنازة ثم أقبل علينا فقال أني وجدت من عبيد الله بن عمر ريح شراب وإني سألته عنه فزعم أنه الطلاء وإني سائل عن الشراب الذي شرب فإن كان مسكرا جلدته قال فشهدته بعد ذلك يجلده ( قلت ) وهذا السياق يوضح أن رواية ابن جريج التي أخرجها عبد الرزاق أيضا عنه عن الزهري مختصرة من هذه القصة ولفظه عن السائب أنه حضر عمر يجلد رجلا وجد منه ريح شراب فجلده الحد تاما فإن ظاهره أنه جلده بمجرد وجود الريح منه وليس كذلك لما تبين من رواية معمر وكذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق ابن أبي ذئب عن الزهري عن السائب أن عمر كان يضرب في الريح فإنها أشد اختصارا وأعظم لبسا وقد تبين برواية معمر أن لا حجة فيه لمن يجوز إقامة الحد بوجود الريح واستدل به النسائي على أن الذي نقل عنه من أنه كسر النبيذ بالماء لما شرب منه فقطب أن ذلك كان لحموضته لا لاشتداده ووجه الدلالة أنه عمم وجوب الحد بشرب المسكر ولم يستفصل منه هل شرب منه قليلا أو كثيرا فدل على أن ذلك النبيذ الذي قطب منه لم يكن بلغ حد الاسكار أصلا واستدل به على جواز إقامة الحد بالرائحة وقد مضى في فضائل القرآن النقل عن ابن مسعود أنه عمل به ونقل ابن المنذر عن عمر بن عبد العزيز ومالك مثله قال مالك إذا شهد عدلان ممن كان يشرب ثم تابا أنه ريح خمر وجب الحد وخالف ذلك الجمهور فقالوا لا يجب الحد إلا بالاقرار أو البينة على مشاهدة الشرب لان الروائح قد تتفق والحد لا يقام مع الشبهة وليس في قصة عمر التصريح أنه جلد بالرائحة بل ظاهر سياقه يقتضى أنه اعتمد في ذلك على الاقرار أو البينة لأنه لم يجلدهم حتى سأل وفي قول عمر اللهم لا أحل لهم شيئا حرمته عليهم رد على من استدل بإجازته شرب المطبوخ أنه يجوز عنده الشرب منه ولو أسكر شاربه لكونه لم يفصل بين ما إذا أسكر أو لم يسكر فإن بقية أثر عمر الذي ذكرته يدل على أنه فصل بخلاف ما قال الطحاوي وغيره
- اقتباس
- تعليق
تعليق
اقرأ في منتديات يا حسين
تقليص
لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.
تعليق