[list][*]الدين بين البؤس (الاسلامجي) والانتهاك (العلمانجي) 1
بداية اريد ان اوضح ان توصيفات (الاسلامجي والعلمانجي ) لبعض الأشخاص لفصلهم عن الفكر الذي يدَّعون الانتماء إليه وتوضيح أنهم مجرد مدَّعين ليس الا
ومع كل هذا الهرج الذي نشهده من وقت لآخر اتجاه (الدين) والدعوة لنشره باشرس الطرق واشنعها مقابل الدعوة لنبذ الدين بابشع الطرق واسخفها
نلاحظ دائما ان السمة المشتركة بين الخطابين تكون (السطحية والادعاء ) ناهيك عن احتكار الفهم والتفسير المتوحش للدين من ناجية الاسلامجي او جعله منبعا للكراهية والعدوان فقط من ناحية العلمانجي تمهيدا لنبذه
وبين الفهمين والخطابين تضيع السمات الاساسية للنزعة الانسانية في الدين (اي دين)
بالنسبة للاسلامجي فهمه للدين محصور فقط بالاعتماد على ما ورد في النصوص من الأمر بالقتال والحث على العنف أو بالعودة الى التمثل السلبي للدين في الاجتماع البشري واستثماره في الصراعات الدموية والحروب المقدسة في التاريخ والاستعانة به للتحريض على الموت وتعبئة اتباعه في معارك تنتهك كافة الحرمات
وعادة ما تتبنى هذه الجماعات الاسلامجية قراءة حرفية مغلقة للنصوص الدينية لاتكاد تتجاوز المدلول اللغوي الساذج أو تشيع تفسيرا قمعيا للنصوص تقبع خلفياته وقبلياته النفسية والثقافية في الصحراء والمحيط البدوي المغلق على العالم كما وتحارب بلا هوادة كافة القراءات التي تتخطى المعنى السطحي حتى لو اعتمدت على مساحات داخلية وتاريخية اساسية لنفس النصوص لكنها مهمله لغايات لا تخدم التفسير المتوحش او تمجد ثقافة الموت والكراهية التي يريد الاسلامجي ان تعلو دائما على غيرها .
وبمراجعة شبه يومية لنموذج من الادبيات الاسلامجية ترينا بوضوح كيف ان هذه الادبيات بقدر ما تتحدث عن مناهضة الآخر وانحصار اسلوب التعاطي معه بالقتل والابادة فانها تتكتم عمدا عن الرأفة والرفق والعفو والعدالة والرحمة والتفكر والدعوة الى الحوار بالتي هي احسن وعدم الاكراه الى اخره...
وكأن هذه القيم المكتومة عمدا والمهملة قصدا اصبحت دخيلة على الدين وممحية من الذاكرة فاصبحت محرمة وتعاطيها محظور
وبمراجعة بسيطة نرى ان مفهوم القتال في الاسلام ليس مقصدا كليا في الشريعة, بل هو ثانوي يخضع للظروف الخاصة التي لا تعمم على ظروف اخرى (كتب عليكم القتال وهو كره لكم ) ولا يمكن لمكروه ان يكون مقصدا كليا ومما لاشك فيه ان الاجتماع الانساني طالما تعرض للانتهاك بذرائع دينية مختلفة والكثير من الجنايات والمظالم والاغتصابات ارتكبت في التاريخ باسم الذود عن الدين والدفاع عن (شعب الله المختار) بالقتل والابادة كما عند سلفي اليهود او تعميم (اقتلوهم اينما ثقفتموهم) على كل مخالف لفهم الاسلامجي .
ومازالت القراءة الهمجية للنصوص تنتج أعدادا لاحصر لها من المجانين في كل الاديان
ومن اول علامات الجهل والجنون في التدين هو احتكار ( الاله ) وجعله ناصرا لجماعة بعينها تبعا لمعتقدها سواء كانت اسلامية او مسيحية او يهودية وكأن الله سبحانه وتعالى ليس إله كل الناس ورحيم بهم جميعا وكأن العدل والرحمة ليست سمة مشتركة بين الاديان
بالنسبة للعلمانجي
[*]
[*]
في الوقت الذي يدين فيه الدين ويتهمه بالوحشية والجهل وابتعاده عن النزعة الانسانية بنفس الادلة السطحية التي يعتمدها الاسلامجي للاثبات يعتمدها العلمانجي للنفي
وينادي العلمانجي ايضا بالحرية والشفافية وكل الشعارات الجميلة والرنانة مثل الاستقلال والديمقراطية والواقعية والعقلانية الخ....
لكن نراه في كثير من الاحيان يبرز العديد من التناقضات بين شعاراته وممارسته
ففي حين ان العلمانجي فشل في تكوين قاعدة جماهرية وفشل في ايصال فكره لكنه تنطع للدين وتفسيره ونبذه قبل وصول العلمانجي وفكره نفسه للناس
فهو لا يقبل الا التفسير الاسلامجي للدين من جهة ولا يقبل الا بالتوصيف الاستكباري للديمقراطية وحقوق الانسان والحرية والاستقلال وعندما تحدثه بواقعية عن صلافة إسرائيل مثلا وعدم قبولها منطق السلام العادل القائم على تسوية مرضية للجميع يقول إن موازين القوى مختلة ولا تسمح إلا بتنازلات عربية للطرف الإسرائيلي.
وهذا المنطق هو نفسه الذي يستخدمه لاستنكار فكرة مقاومة المحتل.
وإذا حدثته عن مقاومة الأميركيين للاستعمار البريطاني والفرنسيين للاحتلال النازي يقول لك إن ظروف العرب لا تسمح بالاقتداء بهذه النماذج.
بالنسبة إليه تسمح ظروف العرب بتمثل النموذج الغربي في كل المسائل إلا هذه المسألة .
يبقى ان نشير قبل التوسع في الاستطراد الى ان العلمانجي والاسلامجي يشتركان في سمة اساسية وهي انهما معا (منتجان) لغايات محددة
العلمانجية بجميع اطيافهم القطرية والحزبية والفردية والكلونالية الجديدة , كيف يقرؤن تاريخ الفكر الديني؟
وللتذكير انا لا اقصد اهانة العلمانيين العرب الحقيقيين امثال محمد اركون وجورج مقدسي ونصري الصايغ ونصر حامد ابو زيد وامثالهم بل كل الاحترام لمثل هؤلاء وفكرهم وان كنا نختلف معهم
اذ لا يمكن لمنصف أن يصدر حكما واحدا على كل العلمانيين لانهم لا يريدون للنظام ان يكون دينيا كون منهجهم يحتم عليهم ان لا يؤمنوا بنظرية الحكم الديني
لكنهم في نفس الوقت لا يؤمنون بصحة التعدي على الدين وتحقير المعتقدات ولا يسمحون بالمساس بمقدساته ويحترمون المتدين ويعطونه حقه في التعبير عن رأيه وممارسة دينه في الشؤون الشخصية بل ويصونون هذا الحق لكل الأديان
وهذا هو الفرق الجوهري بين العلماني والعلمانجي
يصر العلمانجي على ان الدين قد سقط في الغرب بسقوط الكنيسة على يد العلمانيين
وفي الشرق سقط الدين بسقوط دولة الخلافة في المقابل صعد الفكر الغربي حاملا شعار التحرر والعقلانية والتقدم تاركا آثاره البليغة على العرب والمسلمين الذين شهدوا مآل الفكر الديني في الغرب والشرق
صورة هذا الفهم لدي العلمانجي كانت طاغية حتى مطلع القرن الحالي واستفحلت بصعود (الاسلامجيين )
لان الاسلامجي ايضا يعتبر ان الدين سقط عمليا بسقوط الخلافة وان الاسلام تحقّب بعد وفاة النبي وليس هناك اي وسيلة صلة حقيقية بين الانسان وخالقه ،ويعتبر ان فتح الحرب على كل يخالفه في الفكر هو اساس من حركة استعادة دولة الخلافة
في نفس الوقت الذي يريد العلمانجي ايضا ان يفتح الحرب على الدين والنبي والقرآن كاساس ومقدمة لاقامة الدولة العلمانية
لكن لو عدنا الى السياق التارخي للحركة الدينية في الغرب والسياق التاريخي لسقوط دولة الخلافة في الشرق نرى ان الذي سقط ليس الدين
بل الاستبداد باسم الدين هو الذي سقط وهذا ما لا يريد العلمانجي والاسلامجي ان يقرا به
يضاف الى ذلك الى ان العلمانجي غير قادر كما الاسلامجي على الانسجام مع شعاراته الاساسية كالايمان بحرية الفكر والمعتقد ونسبية الاخلاق وغيرها من القضايا
ويصعب ان تحاكم العلمانجي بموازينه كما الاسلامجي لانهم لا يلتزمون بمنهج محدد ,وهل يمكن التمييز بين خطاب (فريدريك نيتشة) وموازينه وخطاب (تقي الدين ابن تيمية) وموازينه
وقبل ان نتناول المنهج الاسلامجي (اذا كان منهجا ) في صنع تجربة حياتية متميزة ومستقلة بحكم سلبية المنهج المعتمد عندهم في فهم الدين واحكامه
قبل هذا وذاك لابد من الاضاءة على اهم مسوغات واسباب بروز وتسويق العلمانجية
نظرية المؤامرة من جديد
تقرير مؤسسة راند الامريكية الصادر سنة 2005 وعنوانه (إسلام مدني ديموقراطي: الشركاء ، الموارد ، الإستراتيجيات)
وراند هي مؤسسة شبه حكومية تُعنى بعمل البحوث في مجال تحليل الأوضاع الإجتماعية والسياسية العالمية و تحديد التحديات وايجاد الحلول للمشاكل في الشؤون السياسية والإجتماعية. وقد جاء هذا التقرير بناءً على طلب من وزارة دفاع الولايات المتحدة. أما معدة التقرير فهي تشيريل بيرنارد زوجة زلماي خليل زادة
التقرير يقسم التيارات الاسلامية الى 14 تيارا
القضايا التي ذكرها التقرير : دور الدين في صياغة الدولة ، الديموقراطية ، وضع الأقليات ، حقوق الإنسان والحريات الشخصية ، مصادر تشريع القوانين ، عقوبات الإسلام للجرائم بما فيها رجم الزناة ، مشاركة المرأة في الحياة العامة ، الحجاب ، ضرب الزوجات ، تعدد الزوجات ، الجهاد.
ولا يتناول التقرير اي قضية اخرى عمدا في حين يشدد على اسقاط قدسية القرآن الكريم وبأنه جُمع بعد وفاة الرسول من قصاصات ... دوّنها أفراد مما يتذكرونه ... وهذا أدى إلى انتاج نُسخ متعددة ومختلفة من القرآن ولأجل منع التعارضات والإختلافات فقد أُتلفت كل النسخ ما عدا واحدة". ثم صرحت بوجود اتجاه أخذ هذه الفكرة وبان القرآن يحتوي على عدد من القوانين والقيم التي لا مجال للتفكير فيها في مجتمع اليوم .
لكن ليس هذا بيت القصيد
في التقرير توصيات تكشف بوضوح عن اهم جوانب حالة الفورة الفجائية عند العلمانجيين العرب او العلمانجيين من اصل عربي ومسلم وهجومهم على النبي (ص) والقرآن .
يقول التقرير في ص 25 العلمانيون هم الذين يقولون بمقولتنا والتي هي فصل الدين عن الدولة وبالتالي يفترض أن يكونوا حلفاءنا الطبيعيين إلى أبعد حد ، ولكن المشكلة أن كثيراً من العلمانيين المهمين في العالم الإسلامي عدائيون تجاهنا ، فهم يحملون أيديولوجيات إما يسارية أو قومية" ، وبناء على هذا أوصت في نهاية التقرير بأن يكون دعم العلمانيين على نحوٍ انتقائي. ويدعو التقرير للتعرف على الشركاء المناسبين ووضع أهداف وأساليب واقعية لتشجيع نموهم"
من قبيل :
بناء قيادة حداثية ، والعمل على تأهيل نماذج قيادية من أنصار الحداثة ، كما لابد من الترويج بأنهم أبطال شجعان ويتعرضون للإضطهاد.
· دعم مشاركة الحداثيين في المناسبات ليصبحوا بارزين ، ومدّهم بالمال وجعلهم أكثر اتصالاً بالجماهير.
· التركيز على الشباب ، حيث من الصعب التأثير على كبار السن ولكن بالإمكان أن يستجيب الجيل الذي يليهم.
والاهم في موضوع تقرير راند هو انتقاء ورعاية علمانية عربية جديدة متحالفة ومحددة المهمات سلفا , تكون بديلا عن العلمانية العربية التي تحمل ايدولوجيات عدائية من وجهة نظر مؤسسة راند
هذا الامر الامر ايضا له حصوله على مستوى بروز الاسلامجيين
اي خلق مرجعيات فكرية اسلامية بديلة ايضا بدأت تتشكل وترعى في فترة الحرب الباردة لمواجهة المد الفكري الشيوعي واليساري عموما
فيومها لم يكن الاسلام يشكل خطرا على البشرية عند مؤسسة راند
بل كان (ابو عائشة) يستقبل في البيت الابيض ويقلد وسام الحرية من قبل الرئيس ريغن شخصيا
ولا كانت وفاء سلطان وايان هرسي علي واضرابهن سلعة (انسانية) مطلوبة لذاتها في الغرب .
وكان شاكر النابلسي ناقدا فنيا وبول شاوول لا يكتب لقلة المال وعبد الرزاق عيد (يطنبر على حاسوبه ويتثاقف مع الحمار) وبلال خبيز الذي كان يلاحق اخبار عارضات الازياء واخبار المغنيات
ثم اصبح هؤلاء بين ليلة وضحاها مفكرين واصحاب اختصاص في الدين والعلوم الاجتماعية والسياسية والنفسية
وهناك ايضا جوامع مشتركة بين الاسلامجيين والعلمانجيين
وهي :
لا قواعد ثابتة ولا ضوابط علمية في الفهم الديني والاجتماعي .
لا تخصص في المبحوث فيه .
لا شروط علمية للنقد
[*]مروان رحمة
[/list]
بداية اريد ان اوضح ان توصيفات (الاسلامجي والعلمانجي ) لبعض الأشخاص لفصلهم عن الفكر الذي يدَّعون الانتماء إليه وتوضيح أنهم مجرد مدَّعين ليس الا
ومع كل هذا الهرج الذي نشهده من وقت لآخر اتجاه (الدين) والدعوة لنشره باشرس الطرق واشنعها مقابل الدعوة لنبذ الدين بابشع الطرق واسخفها
نلاحظ دائما ان السمة المشتركة بين الخطابين تكون (السطحية والادعاء ) ناهيك عن احتكار الفهم والتفسير المتوحش للدين من ناجية الاسلامجي او جعله منبعا للكراهية والعدوان فقط من ناحية العلمانجي تمهيدا لنبذه
وبين الفهمين والخطابين تضيع السمات الاساسية للنزعة الانسانية في الدين (اي دين)
بالنسبة للاسلامجي فهمه للدين محصور فقط بالاعتماد على ما ورد في النصوص من الأمر بالقتال والحث على العنف أو بالعودة الى التمثل السلبي للدين في الاجتماع البشري واستثماره في الصراعات الدموية والحروب المقدسة في التاريخ والاستعانة به للتحريض على الموت وتعبئة اتباعه في معارك تنتهك كافة الحرمات
وعادة ما تتبنى هذه الجماعات الاسلامجية قراءة حرفية مغلقة للنصوص الدينية لاتكاد تتجاوز المدلول اللغوي الساذج أو تشيع تفسيرا قمعيا للنصوص تقبع خلفياته وقبلياته النفسية والثقافية في الصحراء والمحيط البدوي المغلق على العالم كما وتحارب بلا هوادة كافة القراءات التي تتخطى المعنى السطحي حتى لو اعتمدت على مساحات داخلية وتاريخية اساسية لنفس النصوص لكنها مهمله لغايات لا تخدم التفسير المتوحش او تمجد ثقافة الموت والكراهية التي يريد الاسلامجي ان تعلو دائما على غيرها .
وبمراجعة شبه يومية لنموذج من الادبيات الاسلامجية ترينا بوضوح كيف ان هذه الادبيات بقدر ما تتحدث عن مناهضة الآخر وانحصار اسلوب التعاطي معه بالقتل والابادة فانها تتكتم عمدا عن الرأفة والرفق والعفو والعدالة والرحمة والتفكر والدعوة الى الحوار بالتي هي احسن وعدم الاكراه الى اخره...
وكأن هذه القيم المكتومة عمدا والمهملة قصدا اصبحت دخيلة على الدين وممحية من الذاكرة فاصبحت محرمة وتعاطيها محظور
وبمراجعة بسيطة نرى ان مفهوم القتال في الاسلام ليس مقصدا كليا في الشريعة, بل هو ثانوي يخضع للظروف الخاصة التي لا تعمم على ظروف اخرى (كتب عليكم القتال وهو كره لكم ) ولا يمكن لمكروه ان يكون مقصدا كليا ومما لاشك فيه ان الاجتماع الانساني طالما تعرض للانتهاك بذرائع دينية مختلفة والكثير من الجنايات والمظالم والاغتصابات ارتكبت في التاريخ باسم الذود عن الدين والدفاع عن (شعب الله المختار) بالقتل والابادة كما عند سلفي اليهود او تعميم (اقتلوهم اينما ثقفتموهم) على كل مخالف لفهم الاسلامجي .
ومازالت القراءة الهمجية للنصوص تنتج أعدادا لاحصر لها من المجانين في كل الاديان
ومن اول علامات الجهل والجنون في التدين هو احتكار ( الاله ) وجعله ناصرا لجماعة بعينها تبعا لمعتقدها سواء كانت اسلامية او مسيحية او يهودية وكأن الله سبحانه وتعالى ليس إله كل الناس ورحيم بهم جميعا وكأن العدل والرحمة ليست سمة مشتركة بين الاديان
بالنسبة للعلمانجي
[*]
[*]
في الوقت الذي يدين فيه الدين ويتهمه بالوحشية والجهل وابتعاده عن النزعة الانسانية بنفس الادلة السطحية التي يعتمدها الاسلامجي للاثبات يعتمدها العلمانجي للنفي
وينادي العلمانجي ايضا بالحرية والشفافية وكل الشعارات الجميلة والرنانة مثل الاستقلال والديمقراطية والواقعية والعقلانية الخ....
لكن نراه في كثير من الاحيان يبرز العديد من التناقضات بين شعاراته وممارسته
ففي حين ان العلمانجي فشل في تكوين قاعدة جماهرية وفشل في ايصال فكره لكنه تنطع للدين وتفسيره ونبذه قبل وصول العلمانجي وفكره نفسه للناس
فهو لا يقبل الا التفسير الاسلامجي للدين من جهة ولا يقبل الا بالتوصيف الاستكباري للديمقراطية وحقوق الانسان والحرية والاستقلال وعندما تحدثه بواقعية عن صلافة إسرائيل مثلا وعدم قبولها منطق السلام العادل القائم على تسوية مرضية للجميع يقول إن موازين القوى مختلة ولا تسمح إلا بتنازلات عربية للطرف الإسرائيلي.
وهذا المنطق هو نفسه الذي يستخدمه لاستنكار فكرة مقاومة المحتل.
وإذا حدثته عن مقاومة الأميركيين للاستعمار البريطاني والفرنسيين للاحتلال النازي يقول لك إن ظروف العرب لا تسمح بالاقتداء بهذه النماذج.
بالنسبة إليه تسمح ظروف العرب بتمثل النموذج الغربي في كل المسائل إلا هذه المسألة .
يبقى ان نشير قبل التوسع في الاستطراد الى ان العلمانجي والاسلامجي يشتركان في سمة اساسية وهي انهما معا (منتجان) لغايات محددة
العلمانجية بجميع اطيافهم القطرية والحزبية والفردية والكلونالية الجديدة , كيف يقرؤن تاريخ الفكر الديني؟
وللتذكير انا لا اقصد اهانة العلمانيين العرب الحقيقيين امثال محمد اركون وجورج مقدسي ونصري الصايغ ونصر حامد ابو زيد وامثالهم بل كل الاحترام لمثل هؤلاء وفكرهم وان كنا نختلف معهم
اذ لا يمكن لمنصف أن يصدر حكما واحدا على كل العلمانيين لانهم لا يريدون للنظام ان يكون دينيا كون منهجهم يحتم عليهم ان لا يؤمنوا بنظرية الحكم الديني
لكنهم في نفس الوقت لا يؤمنون بصحة التعدي على الدين وتحقير المعتقدات ولا يسمحون بالمساس بمقدساته ويحترمون المتدين ويعطونه حقه في التعبير عن رأيه وممارسة دينه في الشؤون الشخصية بل ويصونون هذا الحق لكل الأديان
وهذا هو الفرق الجوهري بين العلماني والعلمانجي
يصر العلمانجي على ان الدين قد سقط في الغرب بسقوط الكنيسة على يد العلمانيين
وفي الشرق سقط الدين بسقوط دولة الخلافة في المقابل صعد الفكر الغربي حاملا شعار التحرر والعقلانية والتقدم تاركا آثاره البليغة على العرب والمسلمين الذين شهدوا مآل الفكر الديني في الغرب والشرق
صورة هذا الفهم لدي العلمانجي كانت طاغية حتى مطلع القرن الحالي واستفحلت بصعود (الاسلامجيين )
لان الاسلامجي ايضا يعتبر ان الدين سقط عمليا بسقوط الخلافة وان الاسلام تحقّب بعد وفاة النبي وليس هناك اي وسيلة صلة حقيقية بين الانسان وخالقه ،ويعتبر ان فتح الحرب على كل يخالفه في الفكر هو اساس من حركة استعادة دولة الخلافة
في نفس الوقت الذي يريد العلمانجي ايضا ان يفتح الحرب على الدين والنبي والقرآن كاساس ومقدمة لاقامة الدولة العلمانية
لكن لو عدنا الى السياق التارخي للحركة الدينية في الغرب والسياق التاريخي لسقوط دولة الخلافة في الشرق نرى ان الذي سقط ليس الدين
بل الاستبداد باسم الدين هو الذي سقط وهذا ما لا يريد العلمانجي والاسلامجي ان يقرا به
يضاف الى ذلك الى ان العلمانجي غير قادر كما الاسلامجي على الانسجام مع شعاراته الاساسية كالايمان بحرية الفكر والمعتقد ونسبية الاخلاق وغيرها من القضايا
ويصعب ان تحاكم العلمانجي بموازينه كما الاسلامجي لانهم لا يلتزمون بمنهج محدد ,وهل يمكن التمييز بين خطاب (فريدريك نيتشة) وموازينه وخطاب (تقي الدين ابن تيمية) وموازينه
وقبل ان نتناول المنهج الاسلامجي (اذا كان منهجا ) في صنع تجربة حياتية متميزة ومستقلة بحكم سلبية المنهج المعتمد عندهم في فهم الدين واحكامه
قبل هذا وذاك لابد من الاضاءة على اهم مسوغات واسباب بروز وتسويق العلمانجية
نظرية المؤامرة من جديد
تقرير مؤسسة راند الامريكية الصادر سنة 2005 وعنوانه (إسلام مدني ديموقراطي: الشركاء ، الموارد ، الإستراتيجيات)
وراند هي مؤسسة شبه حكومية تُعنى بعمل البحوث في مجال تحليل الأوضاع الإجتماعية والسياسية العالمية و تحديد التحديات وايجاد الحلول للمشاكل في الشؤون السياسية والإجتماعية. وقد جاء هذا التقرير بناءً على طلب من وزارة دفاع الولايات المتحدة. أما معدة التقرير فهي تشيريل بيرنارد زوجة زلماي خليل زادة
التقرير يقسم التيارات الاسلامية الى 14 تيارا
القضايا التي ذكرها التقرير : دور الدين في صياغة الدولة ، الديموقراطية ، وضع الأقليات ، حقوق الإنسان والحريات الشخصية ، مصادر تشريع القوانين ، عقوبات الإسلام للجرائم بما فيها رجم الزناة ، مشاركة المرأة في الحياة العامة ، الحجاب ، ضرب الزوجات ، تعدد الزوجات ، الجهاد.
ولا يتناول التقرير اي قضية اخرى عمدا في حين يشدد على اسقاط قدسية القرآن الكريم وبأنه جُمع بعد وفاة الرسول من قصاصات ... دوّنها أفراد مما يتذكرونه ... وهذا أدى إلى انتاج نُسخ متعددة ومختلفة من القرآن ولأجل منع التعارضات والإختلافات فقد أُتلفت كل النسخ ما عدا واحدة". ثم صرحت بوجود اتجاه أخذ هذه الفكرة وبان القرآن يحتوي على عدد من القوانين والقيم التي لا مجال للتفكير فيها في مجتمع اليوم .
لكن ليس هذا بيت القصيد
في التقرير توصيات تكشف بوضوح عن اهم جوانب حالة الفورة الفجائية عند العلمانجيين العرب او العلمانجيين من اصل عربي ومسلم وهجومهم على النبي (ص) والقرآن .
يقول التقرير في ص 25 العلمانيون هم الذين يقولون بمقولتنا والتي هي فصل الدين عن الدولة وبالتالي يفترض أن يكونوا حلفاءنا الطبيعيين إلى أبعد حد ، ولكن المشكلة أن كثيراً من العلمانيين المهمين في العالم الإسلامي عدائيون تجاهنا ، فهم يحملون أيديولوجيات إما يسارية أو قومية" ، وبناء على هذا أوصت في نهاية التقرير بأن يكون دعم العلمانيين على نحوٍ انتقائي. ويدعو التقرير للتعرف على الشركاء المناسبين ووضع أهداف وأساليب واقعية لتشجيع نموهم"
من قبيل :
بناء قيادة حداثية ، والعمل على تأهيل نماذج قيادية من أنصار الحداثة ، كما لابد من الترويج بأنهم أبطال شجعان ويتعرضون للإضطهاد.
· دعم مشاركة الحداثيين في المناسبات ليصبحوا بارزين ، ومدّهم بالمال وجعلهم أكثر اتصالاً بالجماهير.
· التركيز على الشباب ، حيث من الصعب التأثير على كبار السن ولكن بالإمكان أن يستجيب الجيل الذي يليهم.
والاهم في موضوع تقرير راند هو انتقاء ورعاية علمانية عربية جديدة متحالفة ومحددة المهمات سلفا , تكون بديلا عن العلمانية العربية التي تحمل ايدولوجيات عدائية من وجهة نظر مؤسسة راند
هذا الامر الامر ايضا له حصوله على مستوى بروز الاسلامجيين
اي خلق مرجعيات فكرية اسلامية بديلة ايضا بدأت تتشكل وترعى في فترة الحرب الباردة لمواجهة المد الفكري الشيوعي واليساري عموما
فيومها لم يكن الاسلام يشكل خطرا على البشرية عند مؤسسة راند
بل كان (ابو عائشة) يستقبل في البيت الابيض ويقلد وسام الحرية من قبل الرئيس ريغن شخصيا
ولا كانت وفاء سلطان وايان هرسي علي واضرابهن سلعة (انسانية) مطلوبة لذاتها في الغرب .
وكان شاكر النابلسي ناقدا فنيا وبول شاوول لا يكتب لقلة المال وعبد الرزاق عيد (يطنبر على حاسوبه ويتثاقف مع الحمار) وبلال خبيز الذي كان يلاحق اخبار عارضات الازياء واخبار المغنيات
ثم اصبح هؤلاء بين ليلة وضحاها مفكرين واصحاب اختصاص في الدين والعلوم الاجتماعية والسياسية والنفسية
وهناك ايضا جوامع مشتركة بين الاسلامجيين والعلمانجيين
وهي :
لا قواعد ثابتة ولا ضوابط علمية في الفهم الديني والاجتماعي .
لا تخصص في المبحوث فيه .
لا شروط علمية للنقد
[*]مروان رحمة
[/list]