3/1/2014
’المكرمة’ السعودية ليست للجيش وحده
’س ـ س ـ س’ بمواجهة الشعب والجيش والمقاومة
حمزة الخنسا
لا يمكن فصل الخطوة التي يتحضّر الرئيسان ميشال سليمان وتمام سلام، للقيام بها قريباً، عن "المكرمة" السعودية المشروطة بتسليح الجيش اللبناني من مخازن فرنسا حصراً. تستعد السعودية للغوص عميقاً في الوحول اللبنانية، وهي لهذه الغاية فعّلت حلفاً جديداً قوامه هي وسليمان وسلام (س ـ س ـ س) لتنفيذ أولى خطواته التأسيسية، على أن تُترك التفاصيل لحلفائها الآخرين في تيار المستقبل وباقي فريق 14 آذار.
يبدو أن السعودية اقتنعت بصعوبة تقوية موقفها في سوريا، وتريد للبنان أن يكون جائزة ترضية لها في المنطقة. الرئيس سليمان وقوى 14 آذار لديهم الكثير لينجزوه خلال الفترة القصيرة المقبلة تحقيقاً للرغبة السعودية هذه. ﻻ همّ إن طار استقرار لبنان، الأولوية لتمكين الحلفاء من السيطرة على مفاصل الدولة. فهل ستكون أولى الخطوات حكومة أمر واقع بصبغة آذارية للإشراف على "المكرمة" السعودية؟
"مكرمة".. أم خُطة سعودية؟!
خطوة الرئيس ميشال سليمان بالإقدام على التوقيع على حكومة أمر واقع، مرتبطة بشكل مباشر بـ"المكرمة" السعودية للجيش اللبناني. الشكل الإحتفالي الذي أراده سليمان، ومبالغته بالإشادة بالمملكة وملكها، يشيران الى أن للخطوة تتمّة بحاجة الى دعم سعودي كبير.
تقول المعلومات إن المليارات السعودية الثلاث ليست مخصّصة لتسليح الجيش اللبناني حصراً. ستشمل "المكرمة" السعودية أطرافاً أخرى، تمويلاً وتسليحاً، كقوى الأمن اللبناني وشعبة المعلومات تحديداً. ستشهد المرحلة المقبلة عملية استنهاض لمجموعات وشخصيات شكّلت الواجهة الأمنية لتيّار المستقبل، من خلال شركات الأمن والحماية التي صرف عليها جهاز الاستخبارات السعودي ملايين الدولارات، لكنها أُحيلت على التقاعد بعد أحداث أيّار 2008.
تتحدّث المعلومات عن أن البحث جارٍ عن صيغة يعاد من خلالها بعض الضباط المتقاعدين القريبين من تيّار المستقبل، الى الخدمة الفعلية، من خلال تشكيل كيان عسكري من ضباط وعسكريين سابقين ومتقاعدين تحت اسم "أنصار الجيش"، لدعم الجيش ومؤازرته في مهام ضبط الأمن الداخلي.
الأسماء المرشّحة كثيرة، أبرزها المنسّق السابق لتيار المستقبل في بيروت العسكري المتقاعد م. ج. والذي أقيل من منصبه عام 2012 وأسندت إليه مهمة عضوية الهيئة الإستشارية لإدارة الإنتخابات داخل التيار. إضافة الى المعروف عنه على أنه المسؤول العسكري لتيّار المستقبل العسكري المتقاعد ع.ح .

يذكر أن ع . ح تحدّث في مقابلة مع جريدة الأخبار في 25 تشرين الأول عام 2012، عن استراتيجية لـ"تسليح السنّة لمواجهة تمادي حزب الله"، معتبراً أنّ تقوية الطائفة واجبٌ شرعي. كما قال في مقابلة مع موقع (NOW) في 26 آذار عام 2013 "ليس أمامنا سوى دعوة المواطنين الى حماية أنفسهم عبر تشكيل لجان تحت تسميات معينة، كـ"أنصار الجيش"، شرط أن لا تكون خارجة عن سلطة الدولة".
سياسياً، جاء القرار السعودي تحت عنوان عريض هو تسليح الجيش اللبناني، الأمر الذي لا يعترض عليه أحد من الأفرقاء السياسيين وخصوصاً فريق المقاومة في لبنان. لكن ما ينقص القرار السعودي هو الإعلان بوضوح عن الأهداف التي ستتحقق من خلال خطة تسليح الجيش، وهل هي تتناسب مع ثلاثية "الشعب ـ الجيش ـ المقاومة" التي ترفضها السعودية وفريقها في لبنان من الأساس. بالتالي، هل تريد السعودية من خلال مكرمتها تغيير هذه الثلاثية، وفرض معادلة مختلفة على المؤسسة العسكرية اللبنانية، تعتمد بالدرجة الأولى على استخدام هذا السلاح لمهمات داخل حدود لبنان حصراً؟
حكومة أمر واقع.. سعودية
كانت السعودية حازمة في طلبها تشكيل حكومة أمر واقع بعيداً عن أي توافق لبناني. ينسجم الأمر مع المسار الذي رسمته لنفسها حيال لبنان وسوريا وإيران بعد التحوّل في الموقف الأميركي الذي حصل منذ لحظة إعلان واشنطن تراجعها عن العدوان العسكري على سوريا.
ما تريده السعودية من خلال حكومة أمر واقع هو القبض على القرار السياسي في لبنان بعد انهيار منظومتها السياسية إثر "إقالة" حكومة سعد الحريري في 12 كانون الثاني 2011. تتوقّع الرياض أن تكون حكومة الأمر الواقع مقدّمة لفرض رئيس للجمهورية إن بالتمديد أو بالتجديد، وفي أحسن الأحوال الإتيان برئيس يؤدي دور سليمان ويكمل مسيرته. الاعتبار السائد في القصور الملكية أن ما يمكن أن يحققه سليمان من خطوة أولى على صعيد تسليح الجيش، قد لا يكون بالإمكان تكملته لتحقيق الهدف منه.
سليمان لم يملّ الكرسي بعد
بدأ الرئيس سليمان يرسل الإشارت عن نيّته التمديد لنفسه في بعبدا منذ زيارته ما قبل الأخيرة الى فرنسا ولقائه المسؤولين الفرنسيين في باريس. ازدادت تلك الإشارات وضوحاً بعد لقاءاته التي عقدها مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، ورئيس الدائرة السياسية في الأمم المتحدة جيفري فيلتمان، في نيويروك على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.
حسم الرئيس الحَكَم موقعه، واصطف بالكامل الى جانب فريق 14 آذار. وفيما بات مقتنعاً بصعوبة تحقيق رغبته بالبقاء في بعبدا، إن تمديداً أو تجديدا، فقد بدا سليمان جاداً في عدم ترك الرئاسة قبل تشكيل حكومة أمر واقع. الأمر الذي طالبته به السعودية بشدّة، فالمملكة لا تريد أن تملأ "حكومة حزب الله" الفراغ الرئاسي في حال عدم التمكّن من الوصول الى توافق على اسم الرئيس العتيد. أما سليمان، فيرى أن حكومة تصريف الأعمال لا يمكنها أن تملأ الفراغ الرئاسي إلا على نحو محدود. وهذه مناسبة لتعميم الفراغ على كل المؤسسات الرئيسية في الدولة.
8 آذار.. لكل حادث حديث
في هذه الأثناء، لا ينبىء الآداء السياسي لقوى 8 آذار بأن ثمّة من يريد أن يساوم لتمرير المشروع المستجد للبلد. لغة الحسم هي السائدة فيما يخص الحديث عن تغيير معادلة "الشعب ـ الجيش ـ المقاومة"، ابتداءً من وجود حزب الله في سوريا والتي تأتي في سياق المعركة الاستراتيجية على المستوى الإقليمي، وليس انتهاءً بأي تفصيل يتعلّق بالتركيبة الداخلية التي ستخضع لمعايير تتناسب كلياً مع المعركة الدائرة في سوريا، وما يسعى حلف الممانعة التى تحقيقه في المنطقة.
قد لا يقوم فريق 8 آذار بأي ردّ فع عنيف على خطوة حكومة الأمر الواقع، لكنه بطبيعة الحال لن يتجاوب معها ما سيعطّلها حكماً لتتحول الى حكومة تصريف أعمال منحازة بديلة عن حكومة تصريف الأعمال الحالية التي تتصف بالإعتدال بالحد الأدنى. لا تسليم للوزارات على جدول أعمال وزراء الحكومة الحالية، اللهم إلا مَن ينطلق منهم بموقفه من الموقف السياسي الإقليمي الذي يتّخذه.
عموماً، يرى فريق 8 آذار أن قرار الرئيس سليمان تشكيل حكومة أمر واقع، يعني أن السعودية اتخذت قراراً كبيراً بتحويل لبنان الى ورقة بيدها في ساحة الصراع الحاصل في سوريا. الأمر سيشكّل منعطف يتحوّل وضع لبنان عبره الى وضع يخالف رغبة الدول الكبرى في إدامة الاستقرار النسبي وإبعاد البلد عن النار السورية. وانطلاقاً من خطورة الموقف، يؤكد فريق 8 آذار أن بجعبته الكثير من الخيارات الجدية التي ستجعل قرار سليمان صعب التحقيق.
المصدر:
http://www.alahednews.com.lb/essayde...d=90403&cid=76
’المكرمة’ السعودية ليست للجيش وحده
’س ـ س ـ س’ بمواجهة الشعب والجيش والمقاومة
حمزة الخنسا
لا يمكن فصل الخطوة التي يتحضّر الرئيسان ميشال سليمان وتمام سلام، للقيام بها قريباً، عن "المكرمة" السعودية المشروطة بتسليح الجيش اللبناني من مخازن فرنسا حصراً. تستعد السعودية للغوص عميقاً في الوحول اللبنانية، وهي لهذه الغاية فعّلت حلفاً جديداً قوامه هي وسليمان وسلام (س ـ س ـ س) لتنفيذ أولى خطواته التأسيسية، على أن تُترك التفاصيل لحلفائها الآخرين في تيار المستقبل وباقي فريق 14 آذار.
يبدو أن السعودية اقتنعت بصعوبة تقوية موقفها في سوريا، وتريد للبنان أن يكون جائزة ترضية لها في المنطقة. الرئيس سليمان وقوى 14 آذار لديهم الكثير لينجزوه خلال الفترة القصيرة المقبلة تحقيقاً للرغبة السعودية هذه. ﻻ همّ إن طار استقرار لبنان، الأولوية لتمكين الحلفاء من السيطرة على مفاصل الدولة. فهل ستكون أولى الخطوات حكومة أمر واقع بصبغة آذارية للإشراف على "المكرمة" السعودية؟
"مكرمة".. أم خُطة سعودية؟!
خطوة الرئيس ميشال سليمان بالإقدام على التوقيع على حكومة أمر واقع، مرتبطة بشكل مباشر بـ"المكرمة" السعودية للجيش اللبناني. الشكل الإحتفالي الذي أراده سليمان، ومبالغته بالإشادة بالمملكة وملكها، يشيران الى أن للخطوة تتمّة بحاجة الى دعم سعودي كبير.
تقول المعلومات إن المليارات السعودية الثلاث ليست مخصّصة لتسليح الجيش اللبناني حصراً. ستشمل "المكرمة" السعودية أطرافاً أخرى، تمويلاً وتسليحاً، كقوى الأمن اللبناني وشعبة المعلومات تحديداً. ستشهد المرحلة المقبلة عملية استنهاض لمجموعات وشخصيات شكّلت الواجهة الأمنية لتيّار المستقبل، من خلال شركات الأمن والحماية التي صرف عليها جهاز الاستخبارات السعودي ملايين الدولارات، لكنها أُحيلت على التقاعد بعد أحداث أيّار 2008.
تتحدّث المعلومات عن أن البحث جارٍ عن صيغة يعاد من خلالها بعض الضباط المتقاعدين القريبين من تيّار المستقبل، الى الخدمة الفعلية، من خلال تشكيل كيان عسكري من ضباط وعسكريين سابقين ومتقاعدين تحت اسم "أنصار الجيش"، لدعم الجيش ومؤازرته في مهام ضبط الأمن الداخلي.
الأسماء المرشّحة كثيرة، أبرزها المنسّق السابق لتيار المستقبل في بيروت العسكري المتقاعد م. ج. والذي أقيل من منصبه عام 2012 وأسندت إليه مهمة عضوية الهيئة الإستشارية لإدارة الإنتخابات داخل التيار. إضافة الى المعروف عنه على أنه المسؤول العسكري لتيّار المستقبل العسكري المتقاعد ع.ح .

يذكر أن ع . ح تحدّث في مقابلة مع جريدة الأخبار في 25 تشرين الأول عام 2012، عن استراتيجية لـ"تسليح السنّة لمواجهة تمادي حزب الله"، معتبراً أنّ تقوية الطائفة واجبٌ شرعي. كما قال في مقابلة مع موقع (NOW) في 26 آذار عام 2013 "ليس أمامنا سوى دعوة المواطنين الى حماية أنفسهم عبر تشكيل لجان تحت تسميات معينة، كـ"أنصار الجيش"، شرط أن لا تكون خارجة عن سلطة الدولة".
سياسياً، جاء القرار السعودي تحت عنوان عريض هو تسليح الجيش اللبناني، الأمر الذي لا يعترض عليه أحد من الأفرقاء السياسيين وخصوصاً فريق المقاومة في لبنان. لكن ما ينقص القرار السعودي هو الإعلان بوضوح عن الأهداف التي ستتحقق من خلال خطة تسليح الجيش، وهل هي تتناسب مع ثلاثية "الشعب ـ الجيش ـ المقاومة" التي ترفضها السعودية وفريقها في لبنان من الأساس. بالتالي، هل تريد السعودية من خلال مكرمتها تغيير هذه الثلاثية، وفرض معادلة مختلفة على المؤسسة العسكرية اللبنانية، تعتمد بالدرجة الأولى على استخدام هذا السلاح لمهمات داخل حدود لبنان حصراً؟
حكومة أمر واقع.. سعودية
كانت السعودية حازمة في طلبها تشكيل حكومة أمر واقع بعيداً عن أي توافق لبناني. ينسجم الأمر مع المسار الذي رسمته لنفسها حيال لبنان وسوريا وإيران بعد التحوّل في الموقف الأميركي الذي حصل منذ لحظة إعلان واشنطن تراجعها عن العدوان العسكري على سوريا.
ما تريده السعودية من خلال حكومة أمر واقع هو القبض على القرار السياسي في لبنان بعد انهيار منظومتها السياسية إثر "إقالة" حكومة سعد الحريري في 12 كانون الثاني 2011. تتوقّع الرياض أن تكون حكومة الأمر الواقع مقدّمة لفرض رئيس للجمهورية إن بالتمديد أو بالتجديد، وفي أحسن الأحوال الإتيان برئيس يؤدي دور سليمان ويكمل مسيرته. الاعتبار السائد في القصور الملكية أن ما يمكن أن يحققه سليمان من خطوة أولى على صعيد تسليح الجيش، قد لا يكون بالإمكان تكملته لتحقيق الهدف منه.
سليمان لم يملّ الكرسي بعد
بدأ الرئيس سليمان يرسل الإشارت عن نيّته التمديد لنفسه في بعبدا منذ زيارته ما قبل الأخيرة الى فرنسا ولقائه المسؤولين الفرنسيين في باريس. ازدادت تلك الإشارات وضوحاً بعد لقاءاته التي عقدها مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، ورئيس الدائرة السياسية في الأمم المتحدة جيفري فيلتمان، في نيويروك على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.
حسم الرئيس الحَكَم موقعه، واصطف بالكامل الى جانب فريق 14 آذار. وفيما بات مقتنعاً بصعوبة تحقيق رغبته بالبقاء في بعبدا، إن تمديداً أو تجديدا، فقد بدا سليمان جاداً في عدم ترك الرئاسة قبل تشكيل حكومة أمر واقع. الأمر الذي طالبته به السعودية بشدّة، فالمملكة لا تريد أن تملأ "حكومة حزب الله" الفراغ الرئاسي في حال عدم التمكّن من الوصول الى توافق على اسم الرئيس العتيد. أما سليمان، فيرى أن حكومة تصريف الأعمال لا يمكنها أن تملأ الفراغ الرئاسي إلا على نحو محدود. وهذه مناسبة لتعميم الفراغ على كل المؤسسات الرئيسية في الدولة.
8 آذار.. لكل حادث حديث
في هذه الأثناء، لا ينبىء الآداء السياسي لقوى 8 آذار بأن ثمّة من يريد أن يساوم لتمرير المشروع المستجد للبلد. لغة الحسم هي السائدة فيما يخص الحديث عن تغيير معادلة "الشعب ـ الجيش ـ المقاومة"، ابتداءً من وجود حزب الله في سوريا والتي تأتي في سياق المعركة الاستراتيجية على المستوى الإقليمي، وليس انتهاءً بأي تفصيل يتعلّق بالتركيبة الداخلية التي ستخضع لمعايير تتناسب كلياً مع المعركة الدائرة في سوريا، وما يسعى حلف الممانعة التى تحقيقه في المنطقة.
قد لا يقوم فريق 8 آذار بأي ردّ فع عنيف على خطوة حكومة الأمر الواقع، لكنه بطبيعة الحال لن يتجاوب معها ما سيعطّلها حكماً لتتحول الى حكومة تصريف أعمال منحازة بديلة عن حكومة تصريف الأعمال الحالية التي تتصف بالإعتدال بالحد الأدنى. لا تسليم للوزارات على جدول أعمال وزراء الحكومة الحالية، اللهم إلا مَن ينطلق منهم بموقفه من الموقف السياسي الإقليمي الذي يتّخذه.
عموماً، يرى فريق 8 آذار أن قرار الرئيس سليمان تشكيل حكومة أمر واقع، يعني أن السعودية اتخذت قراراً كبيراً بتحويل لبنان الى ورقة بيدها في ساحة الصراع الحاصل في سوريا. الأمر سيشكّل منعطف يتحوّل وضع لبنان عبره الى وضع يخالف رغبة الدول الكبرى في إدامة الاستقرار النسبي وإبعاد البلد عن النار السورية. وانطلاقاً من خطورة الموقف، يؤكد فريق 8 آذار أن بجعبته الكثير من الخيارات الجدية التي ستجعل قرار سليمان صعب التحقيق.
المصدر:
http://www.alahednews.com.lb/essayde...d=90403&cid=76
تعليق