عزت القمحاوي
لو أنك أخطأت في كتابة عنوان البيت الأبيض علي الإنترنت باللاحقة com فسوف تجد نفسك في موقع إباحي، وعليك في تلك اللحظة أن تغير الاتصال إلي اللاحقة org ولكنك ستفاجأ بأنك لم تكن قد ذهبت بعيدا في إبحارك الأول؛ فباستثناء صورة بوش وبعض البيانات حول الحرب في العراق لا يستطيع الداخل إلي الموقع الرئاسي الأمريكي أن يميز بينه وبين المواقع الجنسية علي الإنترنت!
ولن يكون هذا هو الخلط الوحيد إذ سرعان ما ستفرك عينيك لتتأكد من أن أصابعك لم تأخذك مرة أخري بالخطأ إلي موقع لجماعة تبشيرية عصرية بعض الشيء عندما تري صورة للمسيح جالسا إلي مكتب فخم، وليس متجولا في أسماله. وستتأكد من أنك لم تخطئ العنوان هذه المرة عندما تتعرف علي صورة الرئيس الأمريكي الذي يشرح لأجيال المستقبل من الأمريكيين: لماذا يذهب الأطفال المهذبون إلي مدارس الأحد.
صورة خليعة لرجل عار تتلامح مع صورة الصليب ، أما النصوص فهذيانية من تلك التي طالما ألصقت بفتاوي المتطرفين الإسلاميين، فالبيت الأبيض يحذر من خطورة بيع الأطعمة ذات الإيحاءات الإيروسية دون تقطيعها؛ مثل الجزر والخيار والسجق والموز، ويطلب من مواطنيه الامتناع عن ممارسة العادة السرية لأنها تعبر عن نزوع إجرامي، والأهم أنها حرام، مستندا في ذلك إلي الكتاب المقدس، حيث غضب الرب لأن أونان سفح ماءه علي الأرض، ورغم أنه لم يكن يمارس العادة السرية إلا أن الرب يكره أن يبدد الناس ماءهم أيا كان السبب. ويصف بوش للأهل الطرق الأنجع لمراقبة غرف أبنائهم للتأكد من أنهم لايمارسون هذه الرذيلة التي يقدر خطورتها بأكثر من خطورة الإيدز وتعاطي المخدرات. ويطلب نقل خبرة الأفارقة في منع نسائهن من هذه العادة بالختان.
ولسوف يبهرك هذا الهوس الجنسوديني الذي يحتل المساحة الأكبر من موقع البيت الأبيض، لتكتشف أن الدولة العظمي تستطيع أن تدير حربين في ذات الوقت، إحداهما ضد شعب وحضارة في العراق والثانية ضد العادة السرية في الولايات المتحدة.
وتعبير الحرب ضد العادة السرية هنا ليس من قبيل المجاز اللغوي، فالبيت الأبيض لا يستخدم تعبير مكافحة أو مناهضة بل يستعمل كلمة حرب و عملية ، وهما ذات الكلمتان المستخدمتان لوصف العدوان علي العراق.
وفي إطار فهمك لطبيعة حضارة شيدها أسلافه علي النفع المادي الذي تهون في سبيله حياة البشر، ستدرك كم هي عادلة حرب بوش علي العراق لأن خسائره المادية لن تتعدي بأي حال من الأحوال الأرقام التي يتحملها الاقتصاد الأمريكي من جراء العادة السرية، إذ تقول أرقام البيت الأبيض أن ما تخسره البلاد يعادل 3.14 بليون دولار شهريا هي قيمة الجهد المهدر في هذه الممارسة القبيحة التي حدد بوش العام 2005 موعدا نهائيا لانتهاء عملية القضاء عليها، وهذه المدة تؤكد صعوبة هذه العملية من وجهة نظر بوش إذا ما قورنت بالـ عملية التي دخلت أسبوعها الثالث في العراق والتي توقع لها في البداية الانتهاء في بضعة ساعات أو أيام!
أيا كان الأمر فمن المؤكد أن بوش لن يكون في السلطة عام 2005 لكي يحاسبه الشعب الأمريكي علي الإخفاق أو يكافئه علي النجاح في أي من العمليتين.
وبصرف النظر عن الهدف المعلن: تحرير أعضاء الأمريكيين من قبضاتهم أو تحرير العراقيين من قبضة صدام؛ فإن علينا الانتباه إلي أن الإمبراطور؛ أي إمبراطور لا يعلن عادة ما يؤمن به ولكن ما يؤمِّن مصالحه. ومع أن أحدا في هذا العالم لم يصدق أيا من أهداف بوش المعلنة من غزو العراق، فإن أعدادا كبيرة من البشر انطلت عليها حيلة قناع اليمين الديني الذي يتخفي وراءه بوش ويحاول لفت الانتباه إليه بكل الوسائل الممكنة. في خطبه المنقولة علي الهواء وعلي صفحات الإنترنت وصفحات الصحف والمجلات الموالية (بوش والرب كان عنوان عدد خاص من النيوزويك مؤخرا).
وحتي الآن نجح بوش في توسيع الشقاق بين العلمانيين والرب وتوسيع الشقاق بين المتدينين بعضهم البعض الذين انخرطوا في جدال حول ما إذا كان الرب مع بوش فعلا أم لا! لينسي الجميع جريمته الأصلية بقتل الإنسان، في كل مكان تصله النيران الأمريكية التي يشرفها أن ترتكب الخطايا بنوايا نبيلة وفهم خاطئ أكثر من إعلان الأهداف الحقيقية التي تقف وراءها النوايا الخبيثة والفهم الصحيح.
والأهم أن بوش يبتغي من وراء قناع المهووس الديني الذي يلصقه بوجهه ووجه إدارته عملية احتواء مزدوج: احتواء العرب بالإذلال حتي لا يفكروا في تحرير الأراضي التي تحتلها إسرائيل واحتواء أوروبا بالخوف من الإسلام إحياء لروح الحروب الصليبية. وقــــد وصل به الجـــــنون حد الإعلان عن أن حرب العراق ستكون الفيصل في معرفة الأقوي: إله المسلمين أم إله المسيحيين؟.
وقد ابتلع مناهضو هذه السياسة الطُعم، فرأينا المنصات التي تنصب في العواصم الأوروبية بهدف الحوار بين الغرب والإسلام والتي لم يستفد منها حتي الآن سوي شركات الطيران التي عوضت ببطاقات سفر المفكرين بعض خسارتها من جراء نقص حركة السياحة.
بوش الذي ذهب لتدمير أفغانستان من أجل نفط بحر قزوين استطاع بقناع المهووس الديني أن يصرف الأنظار عن المأساة الإنسانية التي خلفــــها هناك بالــتركيز علي مطاردته لرجل واحد هو أسامة بن لادن. وهو يدمر الآن شــــعب العـــراق وحضارته من أجل تعظيم مكاسب شركات النفــــط والسلاح أيضا ومن أجل حماية حلفائه في تل أبيب بزعم مطاردة رجل واحد هو صدام حسين.
هذه هي الحقيقة التي علينا أن ندركها دون أن تأخذنا الدهشة من تطرف رئيس يحاول تظليل العالم باستراتيجية يفضحها المثل الشعبي المصري جيدا الذي يصف أمثاله بأنهم: يسوقون الهبل علي الشيطنة !
-----------------------------
مقال من القدس العربي
اعذروني لأن المقال احتوى على كلمات قبيحة لكننا نحن مع نشر الحقيقة
لو أنك أخطأت في كتابة عنوان البيت الأبيض علي الإنترنت باللاحقة com فسوف تجد نفسك في موقع إباحي، وعليك في تلك اللحظة أن تغير الاتصال إلي اللاحقة org ولكنك ستفاجأ بأنك لم تكن قد ذهبت بعيدا في إبحارك الأول؛ فباستثناء صورة بوش وبعض البيانات حول الحرب في العراق لا يستطيع الداخل إلي الموقع الرئاسي الأمريكي أن يميز بينه وبين المواقع الجنسية علي الإنترنت!
ولن يكون هذا هو الخلط الوحيد إذ سرعان ما ستفرك عينيك لتتأكد من أن أصابعك لم تأخذك مرة أخري بالخطأ إلي موقع لجماعة تبشيرية عصرية بعض الشيء عندما تري صورة للمسيح جالسا إلي مكتب فخم، وليس متجولا في أسماله. وستتأكد من أنك لم تخطئ العنوان هذه المرة عندما تتعرف علي صورة الرئيس الأمريكي الذي يشرح لأجيال المستقبل من الأمريكيين: لماذا يذهب الأطفال المهذبون إلي مدارس الأحد.
صورة خليعة لرجل عار تتلامح مع صورة الصليب ، أما النصوص فهذيانية من تلك التي طالما ألصقت بفتاوي المتطرفين الإسلاميين، فالبيت الأبيض يحذر من خطورة بيع الأطعمة ذات الإيحاءات الإيروسية دون تقطيعها؛ مثل الجزر والخيار والسجق والموز، ويطلب من مواطنيه الامتناع عن ممارسة العادة السرية لأنها تعبر عن نزوع إجرامي، والأهم أنها حرام، مستندا في ذلك إلي الكتاب المقدس، حيث غضب الرب لأن أونان سفح ماءه علي الأرض، ورغم أنه لم يكن يمارس العادة السرية إلا أن الرب يكره أن يبدد الناس ماءهم أيا كان السبب. ويصف بوش للأهل الطرق الأنجع لمراقبة غرف أبنائهم للتأكد من أنهم لايمارسون هذه الرذيلة التي يقدر خطورتها بأكثر من خطورة الإيدز وتعاطي المخدرات. ويطلب نقل خبرة الأفارقة في منع نسائهن من هذه العادة بالختان.
ولسوف يبهرك هذا الهوس الجنسوديني الذي يحتل المساحة الأكبر من موقع البيت الأبيض، لتكتشف أن الدولة العظمي تستطيع أن تدير حربين في ذات الوقت، إحداهما ضد شعب وحضارة في العراق والثانية ضد العادة السرية في الولايات المتحدة.
وتعبير الحرب ضد العادة السرية هنا ليس من قبيل المجاز اللغوي، فالبيت الأبيض لا يستخدم تعبير مكافحة أو مناهضة بل يستعمل كلمة حرب و عملية ، وهما ذات الكلمتان المستخدمتان لوصف العدوان علي العراق.
وفي إطار فهمك لطبيعة حضارة شيدها أسلافه علي النفع المادي الذي تهون في سبيله حياة البشر، ستدرك كم هي عادلة حرب بوش علي العراق لأن خسائره المادية لن تتعدي بأي حال من الأحوال الأرقام التي يتحملها الاقتصاد الأمريكي من جراء العادة السرية، إذ تقول أرقام البيت الأبيض أن ما تخسره البلاد يعادل 3.14 بليون دولار شهريا هي قيمة الجهد المهدر في هذه الممارسة القبيحة التي حدد بوش العام 2005 موعدا نهائيا لانتهاء عملية القضاء عليها، وهذه المدة تؤكد صعوبة هذه العملية من وجهة نظر بوش إذا ما قورنت بالـ عملية التي دخلت أسبوعها الثالث في العراق والتي توقع لها في البداية الانتهاء في بضعة ساعات أو أيام!
أيا كان الأمر فمن المؤكد أن بوش لن يكون في السلطة عام 2005 لكي يحاسبه الشعب الأمريكي علي الإخفاق أو يكافئه علي النجاح في أي من العمليتين.
وبصرف النظر عن الهدف المعلن: تحرير أعضاء الأمريكيين من قبضاتهم أو تحرير العراقيين من قبضة صدام؛ فإن علينا الانتباه إلي أن الإمبراطور؛ أي إمبراطور لا يعلن عادة ما يؤمن به ولكن ما يؤمِّن مصالحه. ومع أن أحدا في هذا العالم لم يصدق أيا من أهداف بوش المعلنة من غزو العراق، فإن أعدادا كبيرة من البشر انطلت عليها حيلة قناع اليمين الديني الذي يتخفي وراءه بوش ويحاول لفت الانتباه إليه بكل الوسائل الممكنة. في خطبه المنقولة علي الهواء وعلي صفحات الإنترنت وصفحات الصحف والمجلات الموالية (بوش والرب كان عنوان عدد خاص من النيوزويك مؤخرا).
وحتي الآن نجح بوش في توسيع الشقاق بين العلمانيين والرب وتوسيع الشقاق بين المتدينين بعضهم البعض الذين انخرطوا في جدال حول ما إذا كان الرب مع بوش فعلا أم لا! لينسي الجميع جريمته الأصلية بقتل الإنسان، في كل مكان تصله النيران الأمريكية التي يشرفها أن ترتكب الخطايا بنوايا نبيلة وفهم خاطئ أكثر من إعلان الأهداف الحقيقية التي تقف وراءها النوايا الخبيثة والفهم الصحيح.
والأهم أن بوش يبتغي من وراء قناع المهووس الديني الذي يلصقه بوجهه ووجه إدارته عملية احتواء مزدوج: احتواء العرب بالإذلال حتي لا يفكروا في تحرير الأراضي التي تحتلها إسرائيل واحتواء أوروبا بالخوف من الإسلام إحياء لروح الحروب الصليبية. وقــــد وصل به الجـــــنون حد الإعلان عن أن حرب العراق ستكون الفيصل في معرفة الأقوي: إله المسلمين أم إله المسيحيين؟.
وقد ابتلع مناهضو هذه السياسة الطُعم، فرأينا المنصات التي تنصب في العواصم الأوروبية بهدف الحوار بين الغرب والإسلام والتي لم يستفد منها حتي الآن سوي شركات الطيران التي عوضت ببطاقات سفر المفكرين بعض خسارتها من جراء نقص حركة السياحة.
بوش الذي ذهب لتدمير أفغانستان من أجل نفط بحر قزوين استطاع بقناع المهووس الديني أن يصرف الأنظار عن المأساة الإنسانية التي خلفــــها هناك بالــتركيز علي مطاردته لرجل واحد هو أسامة بن لادن. وهو يدمر الآن شــــعب العـــراق وحضارته من أجل تعظيم مكاسب شركات النفــــط والسلاح أيضا ومن أجل حماية حلفائه في تل أبيب بزعم مطاردة رجل واحد هو صدام حسين.
هذه هي الحقيقة التي علينا أن ندركها دون أن تأخذنا الدهشة من تطرف رئيس يحاول تظليل العالم باستراتيجية يفضحها المثل الشعبي المصري جيدا الذي يصف أمثاله بأنهم: يسوقون الهبل علي الشيطنة !
-----------------------------
مقال من القدس العربي
اعذروني لأن المقال احتوى على كلمات قبيحة لكننا نحن مع نشر الحقيقة