14/4/2014
حال العرب ، يا قلبي لا تحزن

أحمد الحباسى تونس
خاص بانوراما الشرق الاوسط
النار التي تأكل الوطن العربي في كل المواقع لم تصل بشكل مفاجئ بل و بالعكس فهي محصلة أحداث و وقائع تراكمت على مدى أكثر من سبعة عقود ، بالنتيجة نحن نشاهد و لا نفهم أو نقدر أن نفهم ، لان الأحداث و التطورات تأتى و تمر بسرعة دون أن نتمكن من حصرها أو متابعتها أو فهم خيوطها و ارتداداتها و إرهاصاتها ، بحيث اختلطت الأمور و فقد العقل العربي بوصلة تحديد الاتجاه الصحيح ، خاصة في ظل إعلام مأجور فاسد يتاجر بالقضايا العربية الرئيسية و يشارك في مزاد علني لبيع الثوابت القومية التي يفترض أن تكون محل إجماع .
أولا ، لم يذهب الاستعمار من الأوطان العربية و لم يحصل استقلال في كل الدول العربية ، هذه كذبة كبرى يراد منا أن نصدقها ، أو نسكت عنها ، فالدولة المستقلة ليست علما يرفع أو نشيدا رسميا يسمع أو بعض استعراضات عسكرية موسمية يتباهى فيها بعض المترهلين بنياشين لا نعرف أصلا في أية معركة مصيرية عربية اكتسبوها ، الدولة علم و اقتصاد و سياسة واضحة ، واقع العلم في البلاد العربية يدعو فعلا إلى الرثاء ، الواقع الإقتصادى العربي يحتاج إلى مرثيات ، السياسة العربية تدار في مطابخ الإدارة الأمريكية الصهيونية ، إذن ، الاستعمار هنا في بيتي و بيتك ، ينام تحت السرير ، و يشارك عقولنا تفكيرها ، و يضع بين يديك صندويتش الماك دونالدز مع قارورة الكوكا كولا ، ويقدم للمتابع حتى الأفلام التي تسخر من عروبته و من تاريخه ، أفلام تنطق بالكراهية و الاحتقار و الإذلال حتى نفهم بلغة شكسبير أن العرب هم بشر همج ، برابرة ، زناة و فاسقون .
ثانيا ، نحن لا ” نملك ” حكومات وطنية ، هذا مجرد تهريج ، ما يوجد ، مع بعض الاستثناءات القليلة ، هي حكومات مستوردة قلبا و قالبا تنفذ سياسات دول أجنبية بالطول و العرض ، سياسات اقتصادية تؤدى اليوم إلى ما يسمى بالربيع العربي ، سياسات أمنية قامعة تؤدى إلى انتشار العنف و الإرهاب ، سياسات تعليمية تؤدى إلى الأمية و البطالة ، سياسات رياضية تؤدى إلى تصدر قائمة المنسحبين من كل البطولات العالمية الهامة ، سياسات بنية تحتية شاهدنا إرهاصاتها في السيول الأخيرة بالسعودية ، إذن ، نحن ندار بالريموت كنترول الأجنبي و من يكبس فعلا على زر الاتجاه و تغيير ” المحطات” العربية هو أجنبي بعيون زرقاء و قلب ميت ، إذن ، أغلب حكام العرب هم مجرد سعاة بريد ينقلون الأوامر الأمريكية الصهيونية ، فعن أي استقلال و استقلالية قرار يتحدثون .
ثالثا ، نحن لا نملك هوية عربية ثابتة ، و لا مصالح عربية مشتركة ، و لا مصير عربي مشترك ، و لا قضايا عربية جامعة ، و لا …جامعة عربية ، ما يكتبه البعض في هذا المجال أو يكتب عنه هو محض خيال و ترهات جدلية بيزنطية لا تصمد أمام الوقائع العربية و الشواهد اليومية الكثيرة ، ما يوجد على أرض الواقع فعلا هو فسيفساء من البشر و من الاتجاهات و من الأفكار بدون رابط واحد أو هدف واحد أو تخطيط مستقر واحد ، اتجاه البحرين لا علاقة له باتجاه السعودية ، اتجاه المغرب لا علاقة له باتجاه الجزائر ، اتجاه السودان لا علاقة له باتجاه الصومال أو جزر القمر ،هكذا دواليك ، بحيث أن مجرد متابعة التناقضات العربية بإمكانها أن تظهر كم نحن بعيدون عن الشعارات الرنانة البراقة التي تتفنن خلايا الإعلام الهابط في تسويقها ، كم تعانى الأمة العربية من فقدان المناعة و من هلوسة الحبوب المخدرة السلفية الوهابية .
رابعا ، الدول و الأنظمة العربية هي الوحيدة على الأرض التي لا تؤمن بقيم الديمقراطية و حقوق الإنسان ، لذلك تمارس الأنظمة علي الشعوب العربية كل الانتهاكات و الشذوذ البشرى ، و حتى العبودية التي ظن البعض أنها قد زالت منذ قرون فهي تمارس علنا في بعض البلدان الخليجية الثرية تحت علل مختلفة ، نحن أيضا من الشعوب القليلة التي ما زال يمارس عليها حكم العائلة الواحدة و الحزب الواحد و الرأي الواحد ، و الوحيدون الذين يعانون من مؤسسة دينية قروسطية تمارس بصفة مسترسلة الدعوة إلى الكراهية و تنشر ثقافة العنف باسم الدين ، المثير في هذا الأمر أن الإدارة الأمريكية و لئن كانت تدعو في الظاهر الحكومات العربية إلى نشر الديمقراطية و الاعتناء بحقوق الإنسان فهي تساند في الخفاء الأنظمة الديكتاتورية العربية و تستميلها لتقديم التنازلات .
خامسا ، فلسطين قضية مركزية ، هذا هو الشعار المكرر في كل الندوات و القمم العربية ، الحقوق الفلسطينية ، اللاجئون الفلسطينيون ، هذه بعض العناوين التي طالما اشتغلت عليها الأنظمة العربية في دول الطوق الفلسطيني ، لكن هذا لم يمنع الراحل أنور السادات من إمضاء اتفاقيات صهيونية مصرية أمريكية منفردة ، لم يمنع الملك حسين من إمضاء اتفاقية وادي عربة ، لم يمنع العلم الصهيوني من الاستهزاء بلسان ضاحك على هذه الأمة من فوق ” العمارة” على رأى فيلم “السفارة في العمارة للفنان عادل إمام ، السيدة ليفنى لم تستح أن تفضح القيادات العربية التي مارست المتعة و إشباع النزوات الشاذة في أحضانها الدافئة ، الشيخ القرضاوى ، الشيخ محمد سيد طنطاوى لا يستحيان تبادل السلام و التحية و المشاعر الطيبة مع بيريز و نتانياهو ، الرئيس مرسى المعزول لم يستح مناداة شمعون بيريز بصديقه العزيز .
سادسا ، على مر التاريخ العربي لم يستطع حاكم عربي التنصل من هويته القومية أو المجاهرة بعدائه لها ، لكن من الثابت أنه و منذ انبعاث مجلس التعاون الخليجي في سنة 1981 بدأ الوجدان العربي يستمع إلى نمط مختلف في الخطاب في اتجاه القفز على الهوية العربية إلى هوية خليجية لا تؤمن بالقومية و بالانتماء العربي ، بل أن تشكيل هذا المجلس في حد ذاته قد كان هدفه الخفي التخلص من القواسم العربية المشتركة و من التعاون مع بقية الدول العربية لصالح تشابك المصالح مع الكيان الصهيوني و بعض الدول الغربية الصليبية التي انتقلت إليها الاستثمارات الخليجية بشكل ملفت ، لذلك تشهد الساحة العربية كل هذه التحولات و الإرهاصات المتتالية منذ سنة 1981 إلى الآن ، و لعل من يتحدثون على أن أحداث 11 سبتمبر 2001 هي عملية خليجية صهيونية مدبرة لغاية إحداث انقسام و شرخ بين دول الخليج و بقية الدول العربية يجدون اليوم من يستمع إليهم بكامل الخوف و الانتباه.
حال العرب ، يا قلبي لا تحزن

أحمد الحباسى تونس
خاص بانوراما الشرق الاوسط
النار التي تأكل الوطن العربي في كل المواقع لم تصل بشكل مفاجئ بل و بالعكس فهي محصلة أحداث و وقائع تراكمت على مدى أكثر من سبعة عقود ، بالنتيجة نحن نشاهد و لا نفهم أو نقدر أن نفهم ، لان الأحداث و التطورات تأتى و تمر بسرعة دون أن نتمكن من حصرها أو متابعتها أو فهم خيوطها و ارتداداتها و إرهاصاتها ، بحيث اختلطت الأمور و فقد العقل العربي بوصلة تحديد الاتجاه الصحيح ، خاصة في ظل إعلام مأجور فاسد يتاجر بالقضايا العربية الرئيسية و يشارك في مزاد علني لبيع الثوابت القومية التي يفترض أن تكون محل إجماع .
أولا ، لم يذهب الاستعمار من الأوطان العربية و لم يحصل استقلال في كل الدول العربية ، هذه كذبة كبرى يراد منا أن نصدقها ، أو نسكت عنها ، فالدولة المستقلة ليست علما يرفع أو نشيدا رسميا يسمع أو بعض استعراضات عسكرية موسمية يتباهى فيها بعض المترهلين بنياشين لا نعرف أصلا في أية معركة مصيرية عربية اكتسبوها ، الدولة علم و اقتصاد و سياسة واضحة ، واقع العلم في البلاد العربية يدعو فعلا إلى الرثاء ، الواقع الإقتصادى العربي يحتاج إلى مرثيات ، السياسة العربية تدار في مطابخ الإدارة الأمريكية الصهيونية ، إذن ، الاستعمار هنا في بيتي و بيتك ، ينام تحت السرير ، و يشارك عقولنا تفكيرها ، و يضع بين يديك صندويتش الماك دونالدز مع قارورة الكوكا كولا ، ويقدم للمتابع حتى الأفلام التي تسخر من عروبته و من تاريخه ، أفلام تنطق بالكراهية و الاحتقار و الإذلال حتى نفهم بلغة شكسبير أن العرب هم بشر همج ، برابرة ، زناة و فاسقون .
ثانيا ، نحن لا ” نملك ” حكومات وطنية ، هذا مجرد تهريج ، ما يوجد ، مع بعض الاستثناءات القليلة ، هي حكومات مستوردة قلبا و قالبا تنفذ سياسات دول أجنبية بالطول و العرض ، سياسات اقتصادية تؤدى اليوم إلى ما يسمى بالربيع العربي ، سياسات أمنية قامعة تؤدى إلى انتشار العنف و الإرهاب ، سياسات تعليمية تؤدى إلى الأمية و البطالة ، سياسات رياضية تؤدى إلى تصدر قائمة المنسحبين من كل البطولات العالمية الهامة ، سياسات بنية تحتية شاهدنا إرهاصاتها في السيول الأخيرة بالسعودية ، إذن ، نحن ندار بالريموت كنترول الأجنبي و من يكبس فعلا على زر الاتجاه و تغيير ” المحطات” العربية هو أجنبي بعيون زرقاء و قلب ميت ، إذن ، أغلب حكام العرب هم مجرد سعاة بريد ينقلون الأوامر الأمريكية الصهيونية ، فعن أي استقلال و استقلالية قرار يتحدثون .
ثالثا ، نحن لا نملك هوية عربية ثابتة ، و لا مصالح عربية مشتركة ، و لا مصير عربي مشترك ، و لا قضايا عربية جامعة ، و لا …جامعة عربية ، ما يكتبه البعض في هذا المجال أو يكتب عنه هو محض خيال و ترهات جدلية بيزنطية لا تصمد أمام الوقائع العربية و الشواهد اليومية الكثيرة ، ما يوجد على أرض الواقع فعلا هو فسيفساء من البشر و من الاتجاهات و من الأفكار بدون رابط واحد أو هدف واحد أو تخطيط مستقر واحد ، اتجاه البحرين لا علاقة له باتجاه السعودية ، اتجاه المغرب لا علاقة له باتجاه الجزائر ، اتجاه السودان لا علاقة له باتجاه الصومال أو جزر القمر ،هكذا دواليك ، بحيث أن مجرد متابعة التناقضات العربية بإمكانها أن تظهر كم نحن بعيدون عن الشعارات الرنانة البراقة التي تتفنن خلايا الإعلام الهابط في تسويقها ، كم تعانى الأمة العربية من فقدان المناعة و من هلوسة الحبوب المخدرة السلفية الوهابية .
رابعا ، الدول و الأنظمة العربية هي الوحيدة على الأرض التي لا تؤمن بقيم الديمقراطية و حقوق الإنسان ، لذلك تمارس الأنظمة علي الشعوب العربية كل الانتهاكات و الشذوذ البشرى ، و حتى العبودية التي ظن البعض أنها قد زالت منذ قرون فهي تمارس علنا في بعض البلدان الخليجية الثرية تحت علل مختلفة ، نحن أيضا من الشعوب القليلة التي ما زال يمارس عليها حكم العائلة الواحدة و الحزب الواحد و الرأي الواحد ، و الوحيدون الذين يعانون من مؤسسة دينية قروسطية تمارس بصفة مسترسلة الدعوة إلى الكراهية و تنشر ثقافة العنف باسم الدين ، المثير في هذا الأمر أن الإدارة الأمريكية و لئن كانت تدعو في الظاهر الحكومات العربية إلى نشر الديمقراطية و الاعتناء بحقوق الإنسان فهي تساند في الخفاء الأنظمة الديكتاتورية العربية و تستميلها لتقديم التنازلات .
خامسا ، فلسطين قضية مركزية ، هذا هو الشعار المكرر في كل الندوات و القمم العربية ، الحقوق الفلسطينية ، اللاجئون الفلسطينيون ، هذه بعض العناوين التي طالما اشتغلت عليها الأنظمة العربية في دول الطوق الفلسطيني ، لكن هذا لم يمنع الراحل أنور السادات من إمضاء اتفاقيات صهيونية مصرية أمريكية منفردة ، لم يمنع الملك حسين من إمضاء اتفاقية وادي عربة ، لم يمنع العلم الصهيوني من الاستهزاء بلسان ضاحك على هذه الأمة من فوق ” العمارة” على رأى فيلم “السفارة في العمارة للفنان عادل إمام ، السيدة ليفنى لم تستح أن تفضح القيادات العربية التي مارست المتعة و إشباع النزوات الشاذة في أحضانها الدافئة ، الشيخ القرضاوى ، الشيخ محمد سيد طنطاوى لا يستحيان تبادل السلام و التحية و المشاعر الطيبة مع بيريز و نتانياهو ، الرئيس مرسى المعزول لم يستح مناداة شمعون بيريز بصديقه العزيز .
سادسا ، على مر التاريخ العربي لم يستطع حاكم عربي التنصل من هويته القومية أو المجاهرة بعدائه لها ، لكن من الثابت أنه و منذ انبعاث مجلس التعاون الخليجي في سنة 1981 بدأ الوجدان العربي يستمع إلى نمط مختلف في الخطاب في اتجاه القفز على الهوية العربية إلى هوية خليجية لا تؤمن بالقومية و بالانتماء العربي ، بل أن تشكيل هذا المجلس في حد ذاته قد كان هدفه الخفي التخلص من القواسم العربية المشتركة و من التعاون مع بقية الدول العربية لصالح تشابك المصالح مع الكيان الصهيوني و بعض الدول الغربية الصليبية التي انتقلت إليها الاستثمارات الخليجية بشكل ملفت ، لذلك تشهد الساحة العربية كل هذه التحولات و الإرهاصات المتتالية منذ سنة 1981 إلى الآن ، و لعل من يتحدثون على أن أحداث 11 سبتمبر 2001 هي عملية خليجية صهيونية مدبرة لغاية إحداث انقسام و شرخ بين دول الخليج و بقية الدول العربية يجدون اليوم من يستمع إليهم بكامل الخوف و الانتباه.
تعليق