إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

القضاء والقدر--بحث قيم لسماحة اية الله السيدعبدالله المحرقي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القضاء والقدر--بحث قيم لسماحة اية الله السيدعبدالله المحرقي

    بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين المنتجبين ....هذا الموضوع (القضاء والقدر) مأخوذ من كتاب حديث حول الجبر والتفويض( المطبوع سنة 1986 الميلادي الموافق 1406 هجرية ) لسماحة اية الله السيد عبد الله المحرقي كتبه كتمهيد وتوضيح لما سوف يطرحه في كتابه حيث قال في مقدمة الكتاب :
    هذه مواضيع الكتاب على نحو الاجمال الا اننا سوف نتعرض قبل الشروع في الحديث عنها الى موضوع ( القضاء والقدر ) و ذلك لما له من اهمية عظيمة بالاضافة الى ان التعرض له يثمر فائدة مهمة وهي تجنب القارئ من الوقوع في الالتباس و الخلط بين موضوع (القضاء والقدر) وموضوع (الجبر و التفويض )
    وذلك لان الاول : يرجع الى كيفية الايجاد وتحقق الارادة التكوينية وهو ما لم يكن له علاقة بموضوع حديثنا اما الثاني : فانه يرجع الى افعال الانسان وهذا ما سوف يكون موضوع حديثنا والفرق بينهما واضح الا ان الالتباس قد يقع في البين بواسطة ما ورد عن النبي صل الله عليه واله و العترة الطاهرة عليهم السلام من ان افعال العباد بقضاء الله وقدره.
    لذا كان من اللازم علينا التعرض لموضوع القضاء والقدر بجميع ما لهما من معاني متعددة وبيان المعنى المراد من ذلك في افعال الانسان لكي نحصل على الفائدة المذكورة .



    القضاء والقدر
    ان موضوع القضاء والقدر يرجع الى كيفية الايجاد و تحقيق الارادة التكوينية و ما جرى في عالم الازل الذي لا تبديل فيه و لا تغير و لا تحويل وهذا مما لا يمكن لاحد معرفته لانه من غوامض المسائل الكلامية التي لا تدركها العقول فلا يمكن لاحد ان يعرف لماذا اختلفت مراتب الوجود ولماذا تعددت درجاته ولماذا قرب بعض الموجودات من الحق سبحانه ولماذا بعد البعض الاخر عنه , كل هذه التساؤلات لم تكن تحت ادراك العقول و المعرفة الانسانية .
    نعم يمكن للعقل البشري ان يدرك على نحو الاجمال ان الايجاد على حسب القابلية و التكوين على حسب الاستعداد .
    و لهذا ورد عن الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله وسلامه عليه في حديث ادلى به الى بعض من سأله عن القدر فقال عليه السلام ان القدر بحر عميق فلا تلجه و عند ما اعاد السائل السؤال مرة ثانية اجابه عليه السلام ان القدر طريق مظلم فلا تسلكه و عندما كرر عليه السؤال مرة ثالثة قال عليه السلام القدر سر الله فلا تتكلفه . وفي حديث اخر عنه عليه السلام انه قال عن القدر الا ان القدر سر من سر الله وحرز من حرز الله مرفوع في حجاب الله مطوي عن خلق الله مختوم بخاتم الله , وضع الله تعالى عن العباد علمه لا ينالونه بحقيقة الربانية و لا بقدرة الصمدانية و لا بعظمة النورانية و لا بعزة الوحدانية لانه بحر زاخر مواج خالص لله تعالى عمقه ما بين السماوات و الارض عرضه ما بين المشرق و المغرب اسود كالليل الدامس كثير الحيتان و الحيتان يعلو مرة ويسفل اخرى في قعره شمس تضئ لا ينبغي ان يطلع عليها الا الواحد الاحد فمن تطلع عليها فقد ضاد الله في حكمه و نازعه في سلطانه و كشف عن سره و ستره وباء بغضب من الله و مأواه جهنم و بئس المصير .
    و على العموم ان القضاء والقدر في الجانب التكويني لا يمكن لاحد معرفته لانه فوق اراءة افكار البشر لكن بقي علينا ان نعرف انه ورد عن النبي صل الله عليه واله كل شئ بقضاء وقدر وورد ايضا ان افعال العباد بقضاء الله وقدره و عن ابي عبد الله الصادق عليه السلام انه قال لا يكون شئ في الارض و لا في السماء الا بمشيئة وارادة وقضاء وقدر و اذن واجل فمن زعم انه يقدر على نقض واحدة فقد كفر .
    و من هنا وقع بعض الناس في الاشتباه حيث التبس عليهم الامر من انه اذا كانت الاشياء كلها بقضاء وقدره و ان الانسان ليس له القدرة على نقض واحدة منها لزم ان يكون الانسان مجبرا في افعاله و اقواله .
    و لا شك ان الانسان هو احد الموجودات في هذا العالم ترتبط كل قواه و افعاله و جميع حركاته و سكناته بالقضاء و القدر الالهيين فدقات القلب و دوران الدم و الاحساس في العصب و الهضم في المعدة و التصفية في الكبد و الابصار بواسطة العين و السماع بواسطة الاذن كل اولئك يسير حسب قضاء الله وقدره ولكن يجب ان يفهم هؤلاء ان النقطة المهمة في البحث هي ان القضاء والقدر بالنسبة الى الانسان على قسمين : قسم منه يتسم بطابع الحتمية و الجبرية حيث يجري من غير ارادة الانسان و اختياره و قسم اخر جعله الله تعالى طوع إرادتنا و خاضعا لاختيارنا .
    لناخذ مثلا على ذلك اللسان فهو عضو من اعضائنا وجزء من بدننا له مقدرات كثيرة . فأحدى تلك المقدرات جريان الدم في عروقه و منها ايضا تكلمه اما جريان الدم في عروق اللسان فهو خارج عن ارادتنا و اختيارنا فالدم يجري في الاوعية الدموية الموجودة في اللسان سواء شئنا ام ابينا . و هنا ( في دوران الدم في اللسان ) قضاءان : الاول جريان الدم في عروق اللسان بالتقدير الالهي ايضا . الثاني جبرية هذا الدوران و حتميته في اللسان بالتقدير الالهي ايضا حيث لا مجال لارادتنا و اختيارنا فيه .
    احد المقدرات بالنسبة الى اللسان و قد عرفنا التقدير الالهي فيه اما المقدر الاخر فهو صدور التكلم . ولكن الواضح ان التكلم نفسه خاضع لارادتنا فبإمكاننا ان نتكلم و بإمكاننا ان نسكت كما اننا نستطيع ان نصدق في كلامنا و نستطيع ان نكذب فهنا ايضا ( في تكلم اللسان ) قضاءان الاول صدور التكلم في اللسان بالتقدير الالهي و الثاني اختيارية التكلم و اراديته بالتقدير الالهي . و من هنا يتضح جليا ان القضاء و القدر قد يجريان بصورة جبرية .
    و احيانا يقع القضاء الحتمي بواسطة قدر اختياري لنا . فمثلا نجد ان الموت امر مسلم و حتمي على جميع البشر بحكم القضاء الالهي , وهو صريح قوله تعالى " كل نفس ذائقة الموت " ولكن هذا القضاء الحتمي قد تم بنحو الموت الطبيعي و انقطاع النشاط الحيوي كما يمكن ان يتم بارادة و اختيار من قبل شاب يملك من القوة و سلامة البدن ما يجعل باستطاعته ان يعيش سنين طوالا فيقدم على الانتحار . وهكذا فالشيخ الذي عمر مائة سنة حتى مات حتف انفه و الشاب الذي لم يعش اكثر من عشرين سنة حتى انتحر بارادته و اختياره متساويان في انهما ماتا بقضاء الله وقدره مع فارق واحد وهو انه في الصورة الاولى كان القضاء و القدر حتميين غير اختياريين بينما الصورة الثانية استغل الشاب حرية الاختيار بالنسبة الى القضاء و القدر و انهى بذلك حياته .
    و على هذا يجب ان لا يستغرب من الاحاديث المتقدم ذكرها عن النبي صل الله عليه واله و الائمة المعصومين عليهم السلام و المتضمنة ان افعال العباد بقضاء الله و قدره و كذلك يجب ان لا يستغرب من قول الامام زين العابدين عليه افضل التحية و السلام فيما اذا ناجى ربه بقوله " اللهم اني قويت على معاصيك بنعمك " و المعنى ان الذي يقدم على المعصية انما يستغل نعمة الحرية و الاختيار التي وهبها الله تعالى له بالقضاء و القدر استغلالا سيئا , فيصاب بالانحراف و يؤيد هذا الموضوع بوضوح ما روي عن امير المؤمنين عليه السلام انه قال لرجل سأله بعد انصرافه من الشام فقال يا امير المؤمنين اخبرنا عن خروجنا الى الشام أكان بقضاء الله وقدره ؟ فقال عليه التحية والسلام نعم يا شيخ ما علوتم تلعة و لا هبطتم واديا الا بقضاء الله وقدره فقال الشيخ عند الله احتسب عنائي يا امير المؤمنين ؟ اي فليس لإتعابنا التي تحملناها في سفرنا هذا من اجر عند الله فيجيب الامام عليه السلام مه يا شيخ فان الله تعالى قد عظم اجركم في مسيركم و انتم سائرون و في مقامكم وانتم مقيمون و في انصرافكم و انتم منصرفون و لم تكونوا في شئ من اموركم مكرهين و اليه مضطرين لعلك ظننت يا شيخ انه قضاء حتم و قدر لازم ؟ لو كان كذلك لبطل الثواب و العقاب و لسقط الوعد والوعيد .
    فنجد الامام عليه السلام في هذا الحديث ينسب جميع الافعال الارادية للبشر الى القضاء و القدر الالهيين ولكنه مع ذلك يقول ان هذا القضاء لم يكن حتميا والقدر لم يكن لازما .
    و اما مشيئة الله وارادته بالنسبة الى افعال الانسان فذلك ما يبينه لنا الامام الرضا عليه التحية و السلام الى بعض من سأله " فهل لله عزوجل مشيئة وارادة في ذلك ؟ فقال عليه السلام " اما الطاعات فارادة الله ومشيئته فيها الامر بها و الرضا لها و المعاونة عليها و ارادته و مشيئته في المعاصي النهي عنها و السخط لها والخذلان عليها فهذه تبين ارادة الله في افعال البشر وكيفية التأثير عليها قلت فلله عزوجل فيها القضاء ؟ قال نعم ما من فعل يفعله الانسان من خير او شر الا ولله فيه قضاء قلت فما معنى هذا القضاء ؟
    قال الحكم عليهم بما يستحقونه على افعالهم من الثواب و العقاب في الدنيا و الاخرة .
    فنجد الامام الرضا عليه السلام يسند جميع الافعال الصالحة و الطالحة للبشر الى القضاء الالهي بكل صراحة فان قضاء الله في اعمال البشر هو حريتهم - تلك الحرية و ذلك الاختيار - اللذين يستحق بهما الثواب في الطاعة والعقاب في المعصية . و لاجل ان يتضح الموضوع في القضاء الالهي اكثر فاكثر نضرب لقارئنا الكريم مثالا على الانتحار فلو ان شخصا رمي بنفسه من فوق سطح العمارة الى الارض المبلطة بالرخام وقال في نفسه لو كان المقدر لي ان اموت فاني الاقي حتفي و ان لم ارم بنفسي من فوق السطح و ان كان المقدر ان ابقى حيا فاني سأستمر على الحياة و ان رميت بنفسي من على السطح ففي ذلك خطأ فظيع لان لله تعالى عدة مقدرات جبرية بهذا الشأن و مقدر اختياري واحد .
    اما المقدرات الجبرية فهي عبارة عن ما يلي :
    1- ان القضاء و القدر الالهيين قد جعلا الرخام الذي يغطي مساحة هذه القاعة صلبا و قويا .
    2-خلقت جمجمة الانسان بموجب القضاء و القدر من عظم دقيق قابل للتهشم .
    3-القضاء و القدر اكسب الارض قوة الجاذبية حيث تجذب الاجسام التي في الفضاء اليها .
    4-ان القضاء و القدر الالهيين يحكمان بان كل من يرمي بنفسه من مكان شاهق الى ارض صلبه تتكسر جمجمته و يتلاشى مخه .
    5-القضاء و القدر الالهيان يحكمان بان للانسان الارادة و الاختيار الكاملين فله ان يرمي بنفسه من السطح و يموت او يمتنع عن ذلك فينزل من السلم درجة درجة .
    اذا , يجب ان نقول لذلك الشخص الواقف على السطح لغرض القاء نفسه الى الارض :
    ان القضاء الالهي بالنسبة الى موتك و حياتك يتبع ارادتك و اختيارك . فان اخترت الإلقاء بالنفس من السطح فالمقدر ان تموت و ان اخترت الهبوط على السلم فالمقدر لك ان تبقى حيا . وعلى كلتا الصورتين تجري القضية بموجب القضاء و القدر الالهيين . ومن خلال الحديث الثاني نتبين حرية الارادة الانسانية بالرغم من جريان القضاء و القدر على جميع الامور , لان للانسان تمام الاختيار في سلوك الطريق المؤدي الى الخير والشر فان سلك احدهما وصل الى النتيجة بلا شك :
    " عن ابن نباته قال : ان امير المؤمين عليه السام عدل من حائط مائل الى حائط اخر فقيل له يا امير المؤمينين تفر من قضاء الله ؟ قال نعم افر من قضاء الله الى قدر الله تعالى ".
    و لا شك ان جانبا من القضاء و القدر يرجع الى ارادتنا و اختيارنا .
    و ان الرسالات السماوية تدور حول افعالنا الارادية ولهذه فان الثواب والعقاب من قبل الله تعالى نظير الجزاء والعقاب البشري في انه يرجع الى إرادة البشر واختيارهم .
    وهكذا ان لكل فرد منا ان يقرر مصيره بيده . وما أكثر اولئك الذين يدفعهم الكسل وحب الذات الى التقصير في أداء الوجبات الاجتماعية اللازمة ثم ينسبون الشقاء الذي يلاقونه الى القضاء والقدر في حين انهم كانوا يملكون الحرية الكاملة ولم يستغلوا هذه الحرية استغلالا حسنا بل اساؤوا التصرف إليها وجلبوا الشقاء لأنفسهم .
    ان الله تعالى يقرر في القران الكريم ان الذين يرثون الارض ولهم الحق في ان يقودوا بزمامها هم الرجال الصالحون فقط .
    "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون "
    و العباد الصالحون هم الذين وصلوا الى جميع مدارج الكمال المادي و المعنوي بفضل الإيمان و العلم . وفي ظل الفضائل الخلقية و الملكات الطاهرة ونتيجة الجهد و الجد .... و بذلك صاروا يستحقون اسم الانسان الحقيقي تلك الدرجة " قدر " اختياري يتعلق به ذلك القضاء الحتمي ....هؤلاء هم الذين يتمكنون ان يتبعوا النبي صل الله عليه واله بإرادتهم و اختيارهم و يصلوا إلى المقام الذي يستحقون معه وراثة الأرض .
    الذين ان استغلوا حريتهم التي وهبها الله إياهم استغلالا سيئا هووا الى هوة سحيقة من الجهل و الإلحاد والفساد و الكسل و الأنانية .
    و نستنتج مما سبق ان العالم كله يدار بواسطة القضاء والقدر اي ان السنن الإلهية هي التي تحكم في هذا الكون . وكذلك الأمور التي ترتبط بالانسان فهي خاضعة للقضاء والقدر , غاية ما هناك ان جانبا من القضاء و القدر المتعلق بالبشر يكون مصيرا حتميا لا اثر لاختيارنا وارادتنا فيه كدقات القلب ودوران الدم ....وجانبا منه تابع لإرادتنا واختيارنا ولنا ان نستغله اما استغلالا حسنا او سيئا .
    و زيادة على ما تقدم نلفت نظر قارئنا الكريم الى امر تجدر الاشارة اليه وهو عرض المعاني المتعددة للقضاء والقدر وبيان ما هو المراد منها في افعال الانسان .
    فنقول : ان القضاء قد يطلق ويراد به المعاني التالية :
    1-العلم وهو قول الله تعالى : " الا حاجة في نفس يعقوب قضاها " بمعنى علمها .
    2-الاعلام وهو قول الله تعالى " وقضينا الى بني اسرائيل في الكتاب " وقوله تعالى " و قضينا اليه ذلك الامر " بمعنى اعلمناه و المعنى في الاية الاولى و واعلمنا بني اسرائيل انكم سوف تفسدون في الارض
    3-الحكم وهو قوله عزوجل " يقضي بالحق " اي انه تعالى يقول الحق
    4-الحتم وهو قوله عزوجل " فلما قضينا عليه الموت " بمعنى حتمنا عليه الموت وهو القضاء الحتم .
    5- الامر وهو قوله عزوجل" وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه " و المعنى امر ربك الا تعبدوا الا اياه
    6-الخلق وهو قوله عزوجل " فقضاهن سبع سماوات في يومين " يعني خلقهن في يومين .
    7-الفعل وهو قوله عزوجل " فاقض ما انت قاض " يعني افعل ما انت فاعل .
    8-الاتمام وهو قوله عزوجل " فلما قضى موسى الاجل " وقوله عزوجل حكاية عن موسى " ايما الاجلين قضيت فلا عدوان على " : المعنى ايما الاجلين اتممت .
    9-الفراغ من الشئ وهو قوله عزوجل " قضي الامر الذي فيه تستفتيان " وذك بمعنى فرغ لكما منه كقول القائل قد قضيت لك حاجتك بمعنى فرغت لك منها .
    واما القدر فيطلق على المعاني التالية :
    1- الخلق كقوله عزوجل " وقدر فيها أقواتها "
    2 الكتابة كقول الشاعر :
    واعلم بان ذا الجلال قد قدر في الصحف الاولى التي كان سطر
    3-البيان كقوله عزوجل " الا امراته قدرناها من الغابرين " بمعنى بينا واخبرنا بذلك .
    ومن هنا يجب على قارئنا الكريم ان يعرف ان تعدد المعاني الكثيرة للقضاء والقدر هو السبب الرئيسي الذي ترك البعض من الناس ان يجهلوا المعنى المراد من القضاء والقدر في افعال الانسان و يجهلوا المعنى المراد من قول النبي و الائمة عليهم التحية و السلام ان افعال الانسان بقضاء الله وقدره . لذا فانهم نسبوا الى الحق سبحانه ما لا يليق بشأنه وذلك نتيجة جهلهم بالمعنى الصحيح من هذه المعاني الذي يمكن ان يتناسب مع الحق سبحانه وفي نفس الوقت يمكن ان تنحل به مسئلة خلق الافعال بدون ان ينسبوا الى الله تعالى ما لا يليق بجنابه .
    و لا شك ان المراد بالقضاء و القدر في افعال الانسان هي المعاني التالية :
    1-العلم : وهو ان يقال ان الله تعالى علم الامور و كتبها على ما هي عليه فهو سبحانه قد كتب ان فلانا يؤمن و يعمل صالحا فيدخل الجنة و فلانا يفسق و يعصي فيدخل النار كما انه تعالى علم وكتب ان فلانا يتزوج امرأة و يطئوها فيأتيه ولد و ان فلانا يأكل و يشرب فيشبع و يروى . و ان فلانا يبذر البذر فينبت الزرع . فمن قال ان كنت من الجنة فانا ادخلها بلا عمل صالح كان قولا باطلا متناقضا لما علمه الله تعالى وقدره .
    و كذلك لو قال احد انا لا اطأ امرأة فان كان قضى لي بولد فهو يولد من غير ان اطأ امرأة فهذا جاهل فان الله تعالى اذا قضى بالولد قضى ان أباه يطأ ام الولد فتحبل و تلد .
    2- الحكم , بمعنى ان لله تعالى قدر وقضاء على الانسان بالعبادة كما في قوله تعالى :" وقضى ربك ان لا تبعدوا الا اياه "
    3-الاعلام كقوله عزوجل " وقضينا الى بني اسرائيل في الكتاب " بمعنى اعلمناهم واخبرناهم .
    4-الكتابة بمعنى ان لله تعالى قدر وقضاء على الانسان كتابة و اخبارا كقوله عزوجل " الا امرأته قدرناها " بمعنى كتبناها في الالواح وكيف كان فانه يمكن لهؤلاء الناس مع التروي ان يحملوا القضاء والقدر في افعال الانسان على احد المعاني المذكورة التي تتناسب مع الحق سبحانه و يسلمون في نفس الوقت من الانحراف او التذبذب في عقيدتهم بالقضاء و القدر .
    بيد انهم تركوا كل معنى يليق به وتمسكوا بكل معنى لا يليق به جهلا او عنادا وزعموا ان القضاء و القدر الالهيين هما خلق الافعال من قبل الله تعالى خيرا كانت او شرا وان الله تعالى الزم العباد بها دون ان يكون للعباد فيها ارادة و اختيار , وقالوا ان الله تعالى قضى وقدر اي خلق و الزم كل ما يتعلق بعباده من الافعال و الاقوال فهو قدر بالكفر على الكافرين و قضى به عليهم وهو الذي قدر الايمان على المؤمنين وقضى به عليهم دون ان يكون للعباد قدرة على المخالفة او يكون لهم اختيار في ذلك او الترك .
    و لا شك ان هذه الشبهة نشأت من سوء الفهم الصحيح وعدم التروي في معاني القضاء والقدر لمعرفة ما هو الانسب فيها للحق سبحانه وما هو الاقرب للواقع والصواب ومهما يكن الامر فاننا ان شاء الله تعالى من خلال حديثنا حول الجبر والتفويض سوف نقوم بدراسة موضوعية كاملة عن افعال الانسان واقواله ونعطي من خلالها لقارئنا الكريم صورة اجمالية مبسطة مدعمة بالادلة العقلية و النقلية القاضية و الحاكمة بان الانسان حر في اقواله و افعاله و ان جميع حركاته و سكناته و جميع ما يقوم به من الافعال هي صادرة منه بمحض ارادته و اختياره .



    التعديل الأخير تم بواسطة صحابي شيعي; الساعة 27-05-2014, 06:09 PM.

  • #2
    24 - عن الحسن بن محمد الجمال عن بعض أصحابنا قال: بعث عبد الملك بن مروان إلى عامل المدينة ان وجه إلى محمد بن علي بن الحسين ولا تهيجه ولا تروعه، واقض له حوائجه، وقد كان ورد على عبد الملك رجل من القدرية (3) فحضر جميع من كان بالشام فأعياهم جميعا، فقال ما لهذا الا محمد بن علي، فكتب إلى صاحب المدينة ان يحمل محمد بن علي إليه، فأتاه صاحب المدينة بكتابه فقال له أبو جعفر عليه السلام انى شيخ كبير لا أقوى على الخروج وهذا جعفر ابني يقوم مقامي، فوجهه إليه فلما قدم على الأموي ازدراه (4) لصغره وكره ان يجمع بينه وبين القدري مخافة ان يغلبه، و تسامع الناس بالشام بقدوم جعفر لمخاصمة القدري، فلما كان من الغد اجتمع الناس بخصومتها فقال الأموي لأبي عبد الله عليه السلام: انه قد أعيانا امر هذا القدري وإنما كتبت إليك لأجمع بينك وبينه فإنه لم يدع عندنا أحدا الا خصمه، فقال: ان الله يكفيناه قال: فلما اجتمعوا قال القدري لأبي عبد الله عليه السلام: سل عما شئت، فقال له: اقرأ سورة الحمد قال: فقرئها وقال الأموي - وانا معه -: ما في سورة الحمد علينا! انا لله وانا إليه راجعون! قال: فجعل القدري يقرء سورة الحمد حتى بلغ قول الله تبارك و تعالى " إياك نعبد وإياك نستعين " فقال له جعفر عليه السلام: قف من تستعين وما حاجتك إلي المعونة؟ ان الامر إليك فبهت الذي كفر والله لا يهدى القوم الظالمين
    الإمام الباقر عليه السلام اعتبر القائل بأننا أحرار في دنيانا و ليس لله قدرة علينا قدرية
    يعني كل السلفية باختصار

    فيمكن تطبيق حديث " القدرية مجوس هذه الأمة " على السلفية بدون مانع شرعي
    التعديل الأخير تم بواسطة محب الغدير 2; الساعة 28-05-2014, 01:26 AM.

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

    صورة التسجيل تحديث الصورة

    اقرأ في منتديات يا حسين

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
    استجابة 1
    10 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة ibrahim aly awaly
    بواسطة ibrahim aly awaly
     
    أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
    ردود 2
    12 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة ibrahim aly awaly
    بواسطة ibrahim aly awaly
     
    يعمل...
    X