تويت
السيد حسن نصرالله لـ ''أخبار الخليج'': تحية إكبار لشعب البحرين ومواقفه المتميزة
بيروت من: علي صالح
اللقاء مع سماحة السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله يدعو دائما إلى الاعتزاز، والى التفاؤل بأن هذه الأمة مهما تكالبت عليها قوى العدوان ومهما تآمر عليها أناس من داخل أنظمتها، فإنها سترفض الاحتلال، وسترفض كل أنواع العدوان، وستفضح المتآمرين والتابعين للمعتدين، والذين ربطوا مصائرهم مع قوى العدوان، وظنوا أن شعوبهم اعتادت على الخنوع، وتعودت على الخداع، وانها سرعان ما تسكت وتنسى ضياع حقوقها وكرامتها، وبالتالي استقلالها ووحدتها الوطنية والقومية.
هكذا شعرت عندما التقيت به في مقر الأمانة العامة للحزب في بيروت، كما أنني شعرت بالفخر والاعتزاز عندما عرف انني من البحرين، وشد على يدي قائلا: أرجو أن تحمل كل تحياتي لشعب البحرين، وتقديرنا في حزب الله لصمود ومقاومة هذا الشعب المتميزة.
ورفع صوتكم وفعلكم قويين في وجه الأمريكان.
ويضيف السيد حسن نصرالله: لقد تابعنا كل ما قام به شعب البحرين من أنشطة ضد الأمريكان حلفاء الصهيونية، وضد هذا الحلف العدواني عندما قمتم بدوركم وأعلنتم موقفكم لدعم الانتفاضة الفلسطينية، وعندما واصلتم النضال، وإعلان موقفكم وتصديكم للعدوان على العراق، دون ان تخافوا الأمريكان أو تهابوا لوجودهم بينكم.. قلت للسيد حسن نصرالله: بودي أن أنقل لشعب البحرين وللقراء العرب رؤيتكم للوضع السياسي والعسكري للعدوان على العراق، ولتوقعاتكم المستقبلية على ضوء هذا العدوان في ظل النتائج المتعارضة، وأعني بها انتصار إرادة الشعب العراقي والإرادة العربية المناهضة للعدوان، والمقاومة للاحتلال الأجنبي ، أو تحقيق الغزاة انتصارا عسكريا بدخولهم بغداد كما يريدون أو يأملون..وكعادته قدم سماحته صورة متكاملة للوضع ولم يترك لي من مجال سوى الاستماع إليه وتسجيل ما قال فيما يلي: في البداية أود أن أقول اننا في حزب الله وفي لبنان وسوريا، وفي كل البلاد العربية والإسلامية ندرك حقيقةالعدوان على الشعب العراقي الشقيق، وندرك أهدافه المعلنة والمخفية، والواقع انه عندما يبتعد المرء عن زمن النص، وتأويله بالاجتهاد بهدف تفهم ما يقصده صاحب النص، فإننا نرى أنفسنا اليوم وفي زمن الأمريكان انهم واضحون جدا، وانهم قالوا كل ما لديهم وما يريدون وما يعتقدون بوضوح تام، قالوا أنهم يهدفون الى احتلال العراق، وانهم سيستخدمون النفط العراقي في تمويل تكلفة عدوانهم وتدميرهم للعراق، وكذلك إعمارهم بعد العدوان.. وقالوا ان خريطة الطريق التي يطرحونها كحل للقضية الفلسطينية ومن أجل امتصاص الغضب العربي لعدوانهم على العراق، هذه الخريطة غير قابلة للنقاش، وبالتالي فهم يرسمونها بالطريقة التي يريدون، ويقدمونها في الوقت الذي يحددونه، وبالأسلوب الذي يرضي حلفاءهم الصهاينة، وبما يعني ذر الرماد في عيون الفلسطينيين واخوانهم العرب الذين وثقوا في الأمريكان وصدقوا وعودهم وأكاذيبهم وبأنهم ــ أي الأمريكان ــ يعملون لمصلحتهم بأي شكل من الأشكال.. أنا لا أتصور أن الأمريكان أبقوا شيئا من أفكارهم ومخططاتهم لم يوضحوه، ومع ذلك فأنا أتصور أن الأمور كلها ليست واضحة للجميع، لكنني أعتقد ــ وهذا هو المهم في الوقت الحاضر ــ ان هناك مقاومة عربية للعدوان على العراق، وان هناك مقاومة حقيقية لهذا العدوان في العراق، وبالتالي فإن هذه المقاومة يجب ان تتفاقم وتتسع في العراق وفي كل مكان من الوطن العربي، وبأن واجبنا أن نعمل على استمرار هذه المقاومة، وعلى دعم فاعليتها في العراق الشقيق اليوم وغدا وفي كل الأحوال.. وبعيدا عن رأينا في النظام القائم في العراق، فإن المقاومة هي ضد الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق، وهي بدأت ويجب ان تستمر، وليست أمامنا أي خيار آخر.. ــ وماذا ترونه لمجريات الأمور ومنذ بدأ العدوان؟ { قال: ما نراه هو أن الاستراتيجية الأمريكية للعدوان على العراق قد بنيت على أساس خاطىء، فالمعروف أن العمل العسكري وفي أي مكان يبنى عادة على أسوأ الاحتمالات، وما نراه هو أن الأمريكان إما أنهم تصرفوا بشكل غبي. وهذا أستبعده، أو أنهم تصرفوا بناء على غطرستهم المعهودة.. فالاستراتيجية الأمريكية بنيت على معلومات ربما جمعها البريطانيون وأقنعوا بها الأمريكان، وربما بنى عليها الأمريكان من تجربتهم في عام 1991، هذه الاستراتيجية تفترض أن الشيعة في جنوب العراق، وبالتحديد حتى وسطه سوف يستقبلون قوات الغزو بترحاب وسوف ينتصرون لهم، وان القوى الشيعية الأخرى مدنية كانت أو عسكرية سوف تتمرد على النظام، وبالتالي فإن الغزاة لن يكونوا بحاجة الى اطلاق نار، بل ان القوات العراقية لن تقاومهم، وإنما ستلتحق بهم، وان الذين سيدخلون بغداد هم العراقيون الذين سيلتحقون بهم، وان الأمريكان لن يكونوا بحاجة الى دخول بغداد ولن يتكلفوا هذا الأمر. ويستطرد السيد حسن نصرالله قائلا: لقد تردد بوش في البداية عن قبول هذه الاستراتيجية، إلا أن بلير تعهد له بنجاحها وبأنه لن يحتاج الى أكثر من ثلاثة أيام لإتمام الاحتلال، فالانجليز لديهم خبرة في العراق وبإمكانه ان يعتمد على هذه الخبرة.. ومما يدل على ثقتهم بنجاح هذه الاستراتيجية هو تخليهم السريع عن جبهة الشمال عندما حاول الأتراك تعقيد الأمور ورفض السماح لهم باستخدام أراضيهم، بل إنهم تخلوا عن دعم الأتراك والأكراد أيضا، وبنوا كل حساباتهم على تنفيذ الغزو من الجنوب حيث دعم الشيعة وانتفاضتهم المتوقعة، بل انهم تمادوا أكثر من ذلك وقرروا عدم إحراج السعودية التي أعلنت رفضها للحرب، وكذلك عدم إحراج الأردن، واكتفوا بتواجدهم وقواعدهم في دول الخليج وبالتحديد الكويت، على اعتبار أنهم لا يحتاجون إلى أكثر من ذلك، فالانتفاضات الشعبية ضد النظام الطاغي والدموي تنتظرهم في الجنوب وفي الوسط ــ النجف وكربلاء ــ وفي بغداد، وتشجيعا على نجاح استراتيجيتهم هذه فقد شنوا حربا نفسية على العراقيين بغرض تدمير معنوياتهم وجعلهم يسلمون لقواتهم وينتفضون على النظام.. لقد بذل الأمريكان جهودا مضنية من أجل اقناع العراقيين ان النظام القائم لا يمكن تغييره بانقلاب، وإنه بدخولهم يجب استغلال الفرصة والقيام بانتفاضة شعبية تسقط النظام، وأعادوا الى الأذهان انتفاضة 1991 في الجنوب والتي قمعت من السلطات العراقية، غير أنهم ــ أي الأمريكان ــ جوبهوا برأي آخر يقول ان قمع الانتفاضة المباشر كان النظام إنما الداعم لذلك القمع والمشجع عليه هم الأمريكان، وبالتالي فلا ثقة فيكم ولا في نواياكم بالأمس واليوم. وهكذا فشلت الاستراتيجية الأمريكية القائمة على حدوث الانتفاضة الشعبية، وبدلا منها حدثت المقاومة للقوات المعتدية، وهي المقاومة التي بدأت أولا على تحييد النظام والعمل ضد الأمريكان كغزاة معتدين يهدفون الى احتلال العراق وفرض استعمار جديد عليه، وهنا عزف الأمريكان على وتر الديمقراطية، وبأنهم قادمون لإقامة الحكم الديمقراطي الذي يساوي بين العراقيين ويتيح لهم حكم أنفسهم بأنفسهم، وكاد بعض العراقيين ان يصدقوا هذه المقولة، لكن الأمريكان سرعان ما أعلنوا عن نواياهم الحقيقية والتي تتمثل في حكم العراق بواسطة حاكم عسكري أمريكي، ومعه حكومة عسكرية أمريكية أيضا، وهو إعلان جاء في وقته وساعد المقاومة الرافضة للعدوان الأمريكي، الأمر الذي وحد من صفوف هذه المقاومة وقوى من سواعدها، بل وحقق الوحدة الوطنية ضد هذا العدوان.. لقد تطورت الأمور بسرعة نحو الإيجابية، في البداية اختار الناس الحياد على الأقل فهم لم يشاركوا في القتال لكنهم لم ينزحوا من مناطقهم، وبقوا فيها، إلا أنه سرعان ما تطور الموقف الى احتضان الشعب في الجنوب والوسط لرجال الجيش ولفدائيي صدام وتقديم المساعدات اللازمة لهم، ومن ثم تطورت الأمور الى المشاركة الشعبية المباشرة في المعركة من خلال العشائر في الجنوب، وبدعم من المرجعية الشيعية التي أعلنت ان هذا الدفاع هو جهاد، وهنا ــ أي في الجنوب ــ لعبت العشائر دورا مهما من خلال حرب العصابات المتمرسة فيها، وهو الأسلوب الذي ينفع في العراق الآن.. الآن وقد تخلى الأمريكان عن محاصرة المدن وقرروا دخولها، وأصبح القتال في داخل المدن، فإن الهدف الذي يعمل الجميع من أجل تحقيقه هو كيف يمكن ان نجعل كلفة العدوان واحتلال العراق غالية جدا، والهدف الثاني الذي يجب تحقيقه هو فشل الأمريكان في غزوهم، ولو تحقق هذا الفشل فإن أمريكا ستفقد سمعتها الدولية كدولة عظمى تفرض إراداتها على من تريد، ولذا قالوا إنهم على استعداد لدفع ثمن باهظ من أجل نجاحهم.. ــ وما هو الدور المطلوب من العرب ومن الرافضين والمقاومين لإفشال هذا العدوان ودحره؟ { علينا أن نثبت في الأذهان والأفكار ان ما تقوم به أمريكا وبريطانيا هو عدوان على دولة عربية إسلامية مستقلة، وان دخول قواتهم هدفه الاحتلال، وان الغزاة هم محتلون لأرض عربية، كما هو حال الصهاينة في فلسطين، وبالتالي علينا ان نضغط على كل الأنظمة العربية من أجل ان تقول بوضوح وصراحة ان هذا عدوان واحتلال، وأن تقول هذه الأنظمة انها تساعد المقاومة العراقية ضد هذا الاحتلال. والمرحلة الثانية هي مساعدة المقاومة على تكبيد قوات العدوان خسائر فادحة حتى يعجلوا بالرحيل، والمساعدة تتمثل في وجوه مختلفة بينها أرسال المتطوعين كرمز للمشاركة في الدفاع عن العراق، فالعراقيون لديهم ما يكفي من القوات، وهم لا يحتاجون في الوقت الحاضر لدخول قوات لواء بدر الذي تخوف الأمريكان منه وهددوا ايران من ذلك، مع انه لا يتبع ايران.. بل ان ايران قد طمأنت العراق على ان حدودها معها ستظل مقفلة، وهو التطمين الذي جعل العراقيين يسحبون الفيلقين المرابطين على الحدود الإيرانية الى داخل الجنوب.. الجو السائد الآن هو حرمة التعاون مع الأمريكان، وأنا متفائل من ان المقاومة في العراق ستبقى وتستمر ولن تتوقف حتى تتحقق أهدافها في دحر العدوان، وان هذا الاستمرار سيكون مهما تغيرت الظروف وتطورت نحو أسوأ الاحتمالات وهو سقوط النظام، فالدفاع عن العراق وأرض العراق واستقلال العراق، هو الدفاع عن أرض عربية محتلة، وهو مسئولية كل المناضلين العرب، بل انني أرى أن المقاومة في المستقبل ستكون أشد لأنها ستتركز على الدفاع عن أرض العراق المحتلة.. ــ وكيف ترى وضع الأمريكان الآن؟ { في كل الأحوال فإن الأمريكيين بدخولهم العراق قد وقعوا في الوحل وغاصوا فيه، فالعراق ليست مثل أي من تلك الدول التي دخلتها القوات الأمريكية من قبل، والآن فإن كل الأنظار متوجهة صوب العراق، الفلسطينيون يرون في هزيمة الأمريكان انتصارا لهم يقوي من عزيمتهم، وإسرائيل أكبر مستفيد من انتصار الأمريكان الذين شنوا هذا العدوان من أجلها، ولذا فهم يساهمون في هذا العدوان بالسلاح والرجال، وبالتالي فإننا مطالبون الآن بأن نجعل القضية الفلسطينية حاضرة على الدوام ولا تغيب عن الأنظار أو تتوارى الى الصف الخلفي.. ان تكثيف الصعوبات والخسائر التي يواجهها الأمريكان في العراق وحتى لو انتهى الأمر باحتلال العراق، فإن ذلك من شأنه أن يصعب أي محاولة احتلال أخرى يقوم بها الأمريكان لدولة عربية أو إسلامية في المستقبل، فالعراق هذا البلد الذي انهكته الحروب وأنهكه الحصار على مدى 12 عاما قاوم العدوان الأمريكي بهذه البسالة وكبده خسائر فادحة، فما بالك اذا بدولة مثل ايران أو سوريا مثلا؟ ولهذا فأنا لا أتوقع أن يكون هناك قرار من قبل الإدارة الأمريكية بشن عدوان على سوريا أو إيران بعد العراق، فهم ــ أي الأمريكان ــ ليسوا في وضع يجعلهم قادرين على شن عدوان آخر في المستقبل القريب. خلاصة الأمر فإن الشارع العربي يجب ان يبقى في غليان دائم ضد العدوان الأمريكي البريطاني، فالمظاهرات لا يجب ان تتوقف، والضغط على الأنظمة العربية من أجل إدانة هذا العدوان لا يجب أن يتوقف، والمؤتمرات الشعبية التي تكتل القوى وتسند المقاومة لا يجب أن تتوقف.
المصدر: جريدة أخبار الخليج البحرينية
http://www.akhbar-alkhaleej.com/Art...e=55636&Sn=BNEW
بيروت من: علي صالح
اللقاء مع سماحة السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله يدعو دائما إلى الاعتزاز، والى التفاؤل بأن هذه الأمة مهما تكالبت عليها قوى العدوان ومهما تآمر عليها أناس من داخل أنظمتها، فإنها سترفض الاحتلال، وسترفض كل أنواع العدوان، وستفضح المتآمرين والتابعين للمعتدين، والذين ربطوا مصائرهم مع قوى العدوان، وظنوا أن شعوبهم اعتادت على الخنوع، وتعودت على الخداع، وانها سرعان ما تسكت وتنسى ضياع حقوقها وكرامتها، وبالتالي استقلالها ووحدتها الوطنية والقومية.
هكذا شعرت عندما التقيت به في مقر الأمانة العامة للحزب في بيروت، كما أنني شعرت بالفخر والاعتزاز عندما عرف انني من البحرين، وشد على يدي قائلا: أرجو أن تحمل كل تحياتي لشعب البحرين، وتقديرنا في حزب الله لصمود ومقاومة هذا الشعب المتميزة.
ورفع صوتكم وفعلكم قويين في وجه الأمريكان.
ويضيف السيد حسن نصرالله: لقد تابعنا كل ما قام به شعب البحرين من أنشطة ضد الأمريكان حلفاء الصهيونية، وضد هذا الحلف العدواني عندما قمتم بدوركم وأعلنتم موقفكم لدعم الانتفاضة الفلسطينية، وعندما واصلتم النضال، وإعلان موقفكم وتصديكم للعدوان على العراق، دون ان تخافوا الأمريكان أو تهابوا لوجودهم بينكم.. قلت للسيد حسن نصرالله: بودي أن أنقل لشعب البحرين وللقراء العرب رؤيتكم للوضع السياسي والعسكري للعدوان على العراق، ولتوقعاتكم المستقبلية على ضوء هذا العدوان في ظل النتائج المتعارضة، وأعني بها انتصار إرادة الشعب العراقي والإرادة العربية المناهضة للعدوان، والمقاومة للاحتلال الأجنبي ، أو تحقيق الغزاة انتصارا عسكريا بدخولهم بغداد كما يريدون أو يأملون..وكعادته قدم سماحته صورة متكاملة للوضع ولم يترك لي من مجال سوى الاستماع إليه وتسجيل ما قال فيما يلي: في البداية أود أن أقول اننا في حزب الله وفي لبنان وسوريا، وفي كل البلاد العربية والإسلامية ندرك حقيقةالعدوان على الشعب العراقي الشقيق، وندرك أهدافه المعلنة والمخفية، والواقع انه عندما يبتعد المرء عن زمن النص، وتأويله بالاجتهاد بهدف تفهم ما يقصده صاحب النص، فإننا نرى أنفسنا اليوم وفي زمن الأمريكان انهم واضحون جدا، وانهم قالوا كل ما لديهم وما يريدون وما يعتقدون بوضوح تام، قالوا أنهم يهدفون الى احتلال العراق، وانهم سيستخدمون النفط العراقي في تمويل تكلفة عدوانهم وتدميرهم للعراق، وكذلك إعمارهم بعد العدوان.. وقالوا ان خريطة الطريق التي يطرحونها كحل للقضية الفلسطينية ومن أجل امتصاص الغضب العربي لعدوانهم على العراق، هذه الخريطة غير قابلة للنقاش، وبالتالي فهم يرسمونها بالطريقة التي يريدون، ويقدمونها في الوقت الذي يحددونه، وبالأسلوب الذي يرضي حلفاءهم الصهاينة، وبما يعني ذر الرماد في عيون الفلسطينيين واخوانهم العرب الذين وثقوا في الأمريكان وصدقوا وعودهم وأكاذيبهم وبأنهم ــ أي الأمريكان ــ يعملون لمصلحتهم بأي شكل من الأشكال.. أنا لا أتصور أن الأمريكان أبقوا شيئا من أفكارهم ومخططاتهم لم يوضحوه، ومع ذلك فأنا أتصور أن الأمور كلها ليست واضحة للجميع، لكنني أعتقد ــ وهذا هو المهم في الوقت الحاضر ــ ان هناك مقاومة عربية للعدوان على العراق، وان هناك مقاومة حقيقية لهذا العدوان في العراق، وبالتالي فإن هذه المقاومة يجب ان تتفاقم وتتسع في العراق وفي كل مكان من الوطن العربي، وبأن واجبنا أن نعمل على استمرار هذه المقاومة، وعلى دعم فاعليتها في العراق الشقيق اليوم وغدا وفي كل الأحوال.. وبعيدا عن رأينا في النظام القائم في العراق، فإن المقاومة هي ضد الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق، وهي بدأت ويجب ان تستمر، وليست أمامنا أي خيار آخر.. ــ وماذا ترونه لمجريات الأمور ومنذ بدأ العدوان؟ { قال: ما نراه هو أن الاستراتيجية الأمريكية للعدوان على العراق قد بنيت على أساس خاطىء، فالمعروف أن العمل العسكري وفي أي مكان يبنى عادة على أسوأ الاحتمالات، وما نراه هو أن الأمريكان إما أنهم تصرفوا بشكل غبي. وهذا أستبعده، أو أنهم تصرفوا بناء على غطرستهم المعهودة.. فالاستراتيجية الأمريكية بنيت على معلومات ربما جمعها البريطانيون وأقنعوا بها الأمريكان، وربما بنى عليها الأمريكان من تجربتهم في عام 1991، هذه الاستراتيجية تفترض أن الشيعة في جنوب العراق، وبالتحديد حتى وسطه سوف يستقبلون قوات الغزو بترحاب وسوف ينتصرون لهم، وان القوى الشيعية الأخرى مدنية كانت أو عسكرية سوف تتمرد على النظام، وبالتالي فإن الغزاة لن يكونوا بحاجة الى اطلاق نار، بل ان القوات العراقية لن تقاومهم، وإنما ستلتحق بهم، وان الذين سيدخلون بغداد هم العراقيون الذين سيلتحقون بهم، وان الأمريكان لن يكونوا بحاجة الى دخول بغداد ولن يتكلفوا هذا الأمر. ويستطرد السيد حسن نصرالله قائلا: لقد تردد بوش في البداية عن قبول هذه الاستراتيجية، إلا أن بلير تعهد له بنجاحها وبأنه لن يحتاج الى أكثر من ثلاثة أيام لإتمام الاحتلال، فالانجليز لديهم خبرة في العراق وبإمكانه ان يعتمد على هذه الخبرة.. ومما يدل على ثقتهم بنجاح هذه الاستراتيجية هو تخليهم السريع عن جبهة الشمال عندما حاول الأتراك تعقيد الأمور ورفض السماح لهم باستخدام أراضيهم، بل إنهم تخلوا عن دعم الأتراك والأكراد أيضا، وبنوا كل حساباتهم على تنفيذ الغزو من الجنوب حيث دعم الشيعة وانتفاضتهم المتوقعة، بل انهم تمادوا أكثر من ذلك وقرروا عدم إحراج السعودية التي أعلنت رفضها للحرب، وكذلك عدم إحراج الأردن، واكتفوا بتواجدهم وقواعدهم في دول الخليج وبالتحديد الكويت، على اعتبار أنهم لا يحتاجون إلى أكثر من ذلك، فالانتفاضات الشعبية ضد النظام الطاغي والدموي تنتظرهم في الجنوب وفي الوسط ــ النجف وكربلاء ــ وفي بغداد، وتشجيعا على نجاح استراتيجيتهم هذه فقد شنوا حربا نفسية على العراقيين بغرض تدمير معنوياتهم وجعلهم يسلمون لقواتهم وينتفضون على النظام.. لقد بذل الأمريكان جهودا مضنية من أجل اقناع العراقيين ان النظام القائم لا يمكن تغييره بانقلاب، وإنه بدخولهم يجب استغلال الفرصة والقيام بانتفاضة شعبية تسقط النظام، وأعادوا الى الأذهان انتفاضة 1991 في الجنوب والتي قمعت من السلطات العراقية، غير أنهم ــ أي الأمريكان ــ جوبهوا برأي آخر يقول ان قمع الانتفاضة المباشر كان النظام إنما الداعم لذلك القمع والمشجع عليه هم الأمريكان، وبالتالي فلا ثقة فيكم ولا في نواياكم بالأمس واليوم. وهكذا فشلت الاستراتيجية الأمريكية القائمة على حدوث الانتفاضة الشعبية، وبدلا منها حدثت المقاومة للقوات المعتدية، وهي المقاومة التي بدأت أولا على تحييد النظام والعمل ضد الأمريكان كغزاة معتدين يهدفون الى احتلال العراق وفرض استعمار جديد عليه، وهنا عزف الأمريكان على وتر الديمقراطية، وبأنهم قادمون لإقامة الحكم الديمقراطي الذي يساوي بين العراقيين ويتيح لهم حكم أنفسهم بأنفسهم، وكاد بعض العراقيين ان يصدقوا هذه المقولة، لكن الأمريكان سرعان ما أعلنوا عن نواياهم الحقيقية والتي تتمثل في حكم العراق بواسطة حاكم عسكري أمريكي، ومعه حكومة عسكرية أمريكية أيضا، وهو إعلان جاء في وقته وساعد المقاومة الرافضة للعدوان الأمريكي، الأمر الذي وحد من صفوف هذه المقاومة وقوى من سواعدها، بل وحقق الوحدة الوطنية ضد هذا العدوان.. لقد تطورت الأمور بسرعة نحو الإيجابية، في البداية اختار الناس الحياد على الأقل فهم لم يشاركوا في القتال لكنهم لم ينزحوا من مناطقهم، وبقوا فيها، إلا أنه سرعان ما تطور الموقف الى احتضان الشعب في الجنوب والوسط لرجال الجيش ولفدائيي صدام وتقديم المساعدات اللازمة لهم، ومن ثم تطورت الأمور الى المشاركة الشعبية المباشرة في المعركة من خلال العشائر في الجنوب، وبدعم من المرجعية الشيعية التي أعلنت ان هذا الدفاع هو جهاد، وهنا ــ أي في الجنوب ــ لعبت العشائر دورا مهما من خلال حرب العصابات المتمرسة فيها، وهو الأسلوب الذي ينفع في العراق الآن.. الآن وقد تخلى الأمريكان عن محاصرة المدن وقرروا دخولها، وأصبح القتال في داخل المدن، فإن الهدف الذي يعمل الجميع من أجل تحقيقه هو كيف يمكن ان نجعل كلفة العدوان واحتلال العراق غالية جدا، والهدف الثاني الذي يجب تحقيقه هو فشل الأمريكان في غزوهم، ولو تحقق هذا الفشل فإن أمريكا ستفقد سمعتها الدولية كدولة عظمى تفرض إراداتها على من تريد، ولذا قالوا إنهم على استعداد لدفع ثمن باهظ من أجل نجاحهم.. ــ وما هو الدور المطلوب من العرب ومن الرافضين والمقاومين لإفشال هذا العدوان ودحره؟ { علينا أن نثبت في الأذهان والأفكار ان ما تقوم به أمريكا وبريطانيا هو عدوان على دولة عربية إسلامية مستقلة، وان دخول قواتهم هدفه الاحتلال، وان الغزاة هم محتلون لأرض عربية، كما هو حال الصهاينة في فلسطين، وبالتالي علينا ان نضغط على كل الأنظمة العربية من أجل ان تقول بوضوح وصراحة ان هذا عدوان واحتلال، وأن تقول هذه الأنظمة انها تساعد المقاومة العراقية ضد هذا الاحتلال. والمرحلة الثانية هي مساعدة المقاومة على تكبيد قوات العدوان خسائر فادحة حتى يعجلوا بالرحيل، والمساعدة تتمثل في وجوه مختلفة بينها أرسال المتطوعين كرمز للمشاركة في الدفاع عن العراق، فالعراقيون لديهم ما يكفي من القوات، وهم لا يحتاجون في الوقت الحاضر لدخول قوات لواء بدر الذي تخوف الأمريكان منه وهددوا ايران من ذلك، مع انه لا يتبع ايران.. بل ان ايران قد طمأنت العراق على ان حدودها معها ستظل مقفلة، وهو التطمين الذي جعل العراقيين يسحبون الفيلقين المرابطين على الحدود الإيرانية الى داخل الجنوب.. الجو السائد الآن هو حرمة التعاون مع الأمريكان، وأنا متفائل من ان المقاومة في العراق ستبقى وتستمر ولن تتوقف حتى تتحقق أهدافها في دحر العدوان، وان هذا الاستمرار سيكون مهما تغيرت الظروف وتطورت نحو أسوأ الاحتمالات وهو سقوط النظام، فالدفاع عن العراق وأرض العراق واستقلال العراق، هو الدفاع عن أرض عربية محتلة، وهو مسئولية كل المناضلين العرب، بل انني أرى أن المقاومة في المستقبل ستكون أشد لأنها ستتركز على الدفاع عن أرض العراق المحتلة.. ــ وكيف ترى وضع الأمريكان الآن؟ { في كل الأحوال فإن الأمريكيين بدخولهم العراق قد وقعوا في الوحل وغاصوا فيه، فالعراق ليست مثل أي من تلك الدول التي دخلتها القوات الأمريكية من قبل، والآن فإن كل الأنظار متوجهة صوب العراق، الفلسطينيون يرون في هزيمة الأمريكان انتصارا لهم يقوي من عزيمتهم، وإسرائيل أكبر مستفيد من انتصار الأمريكان الذين شنوا هذا العدوان من أجلها، ولذا فهم يساهمون في هذا العدوان بالسلاح والرجال، وبالتالي فإننا مطالبون الآن بأن نجعل القضية الفلسطينية حاضرة على الدوام ولا تغيب عن الأنظار أو تتوارى الى الصف الخلفي.. ان تكثيف الصعوبات والخسائر التي يواجهها الأمريكان في العراق وحتى لو انتهى الأمر باحتلال العراق، فإن ذلك من شأنه أن يصعب أي محاولة احتلال أخرى يقوم بها الأمريكان لدولة عربية أو إسلامية في المستقبل، فالعراق هذا البلد الذي انهكته الحروب وأنهكه الحصار على مدى 12 عاما قاوم العدوان الأمريكي بهذه البسالة وكبده خسائر فادحة، فما بالك اذا بدولة مثل ايران أو سوريا مثلا؟ ولهذا فأنا لا أتوقع أن يكون هناك قرار من قبل الإدارة الأمريكية بشن عدوان على سوريا أو إيران بعد العراق، فهم ــ أي الأمريكان ــ ليسوا في وضع يجعلهم قادرين على شن عدوان آخر في المستقبل القريب. خلاصة الأمر فإن الشارع العربي يجب ان يبقى في غليان دائم ضد العدوان الأمريكي البريطاني، فالمظاهرات لا يجب ان تتوقف، والضغط على الأنظمة العربية من أجل إدانة هذا العدوان لا يجب أن يتوقف، والمؤتمرات الشعبية التي تكتل القوى وتسند المقاومة لا يجب أن تتوقف.
المصدر: جريدة أخبار الخليج البحرينية
http://www.akhbar-alkhaleej.com/Art...e=55636&Sn=BNEW
تعليق