التـــــــــعـــدد بيــــن العقـــل والشهـــــــوة
الكاتبة – العلوية ام مصطفى الحسيني
التـــــــــعـــدد بيــــن العقـــل والشهـــــــوة
الاهداء
التعدد والحكمة الإلهية : التعدد واضراره وإيجابياته
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين. الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الحكيم القدير العزيز
الواحد الاحد الكبير المتعال ذو الجلال والاكرام. الذي جعل العقل وجعله مركزا للصواب والحكمة وبه يعرف الانسان الحق من الباطل ويميز الخير من الشر والضار من النافع وبالعقل عرفنا الله تعالى وعبدناه واطعناه وبالعقل عرفنا الحق واتبعناه وتركنا الباطل واجتنبناه وبالعقل عرفنا حكمة الخالق العظيم الحكيم الذي لا يلهو ولا يلعب ولا يظلم ولا ينسى والذي لا تكون قوانينه الا عن حكمة وعلم ومصلحة ورأفة ورحمة للعالمين
اما بعد فلقد كثر الكلام حول بعض الاحكام الشرعية وما هي حكمتها واهميتها ولماذا لا تطبق بالشكل الصحيح الذي يبين حكمتها وفائدتها؟ ولماذا هذا العبث واللعب بها بحيث صار تطبيقها وكأنه لعب ولهو بمشاعر الناس وبالتالي أدت الى تفكك الاسر وضياع الأولاد؟
ومن هذه الاحكام الشرعية هي لماذا جوز الله للرجل ان يتزوج بأكثر من واحدة وما هي الحكمة من ذلك؟ وهل يجب عليه ان يتزوج بأكثر من واحدة او مباح له في وقت يرى المصلحة في ذلك؟ وهل من الانصاف ان يتزوج على زوجته الصالحة التي لطالما صبرت على فقره وحاجته ومرضه ام الانصاف ان يجازي اتعابها واحسانها ويحاول ان يسعدها ويعطيها أكثر مما أعطت وهل جزاء الاحسان الا الاحسان؟ أقول هناك كثيرا من الحقوق المباحة في الاسلام ولكن ليس من الانصاف وليس من الاخلاق ان يعمل بها الانسان لان الدين ليس الحقوق والواجبات فقط بل هو الاخلاق والمروءة والرأفة ورحمة الاخرين والسخاء والايثار .فهناك من الحقوق المباحة للمرأة التي لو عملتها لعاب عليها الانسان المنصف ومن هذه الحقوق المباحة اخذ الأجرة على الرضاعة وعمل البيت ومن حقها ان لو رات زوجها فقير محتاج وهي غنية ان تطلب منه النفقة ولا تساعده ابدا وتساعد الغير ان شاءت. ولكن هل هذا من الانصاف في شيء ام نعتبره ظلم وكراهية للزوج، فما كل مباح يفعله الانسان. ان الله تعالى جعل المباح لوقت الحاجة لا للهو واللعب.
وهل يسوغ للرجل المنصف ان يلعب بأحاسيس المرأة وحبها له ويتزوج عليها لمجرد ان هناك نساء كثيرات غير متزوجات هذه الحجة الواهية الضعيفة التي تنطلي على العقول الضعيفة الشهوانية التي تحب ان تلهو وتلعب عن طريق هذه الحجة الكاذبة؟
كل هذه التساؤلات وغيرها ان شاء الله سوف نجيب عليها من خلال العقل أولا والقران ثانيا واهل البيت ثالثا ولكن الشرط الوحيد هو ان يفتح الرجل العاقل عقله وقلبه لسماع هذا الكلام ومن ثم يحكم عليه بالوجدان والضمير والعقل السليم حتى نخرج بحل سليم صحيح معقول بعيد عن الاهواء والشهوات المزيفة المؤقتة الفانية.
نأتي للسؤال الأول: لماذا أجاز الله للرجل ان يتزوج بأكثر من واحدة وماهي الحكمة من ذلك؟ أولا: جاء الإسلام فوجد قانون التعدد كان ساريا في المجتمع الجاهلي قبل الإسلام ولكن كان بدون حدود وبدون عدد معين فجاء الإسلام ونظم هذا التعدد وقلله الى ان اوصله الى اربع نساء ولا يجوز ان يأخذ الرجل اكثر من اربع في وقت واحد فالإسلام ليس هو الذي اوجد التعدد بل نظم قانون التعدد الذي اعتادوا عليه مثلما نظم الكثير من القوانين فبعض القوانين التي كانت قبل الإسلام اجازها لتعودهم عليها مع قلة ضررها ولأنها قد تكون مفيدة في بعض الحالات مثل قانون الرق فالعبيد والجواري كانوا قد اعتادوا عليهم في حياتهم ولا يستطيعون الحياة بدون العبيد والاماء لان أعمالهم تتوقف وتنشل الحياة عندهم فبقى هذا القانون ولكن الإسلام قام بخطوات مرتبة للقضاء على الرق والعبودية الى ان قضى عليه الان وكان عندهم شرب الخمر واللعب بالقمار أيضا جاء الإسلام وحرم ذلك ولكن بالتدريج لانهم اعتادوا عليه فمن غير الممكن ان يمنعهم عن كل ذلك مرة واحدة لانهم لن يستجيبوا له وقد كانوا يقتلون أولادهم من الفقر وفي بعض الحالات يبيعوهم فجاء الإسلام وحرم ذلك لأضراره الفادحة ولبشاعة هذا القانون الجاهلي ولما كانوا يتزوجون من النساء العدد الكبير ويظلمونهن ويسلبوا حقوقهن فجاء الإسلام وقلص العدد الى اربع نساء وذلك نظرا لقوة الرجال الجنسية المختلفة وغيرها من الأسباب فالزواج الذي يقبله العقل والفطرة هو زوجة لزوج ولكن كانوا معتادين على التزوج قبل الإسلام والاكثار من النساء وذلك لطبيعة الحياة التي يعيشونها فجاء القران الكريم وبين لهم ان خذوا من النساء واحدة او اثنين او ثلاث او اربع ولكن شرط التعدد هو العدالة فاذا لم تعدلوا فواحدة وكان به ايمائه واشارة من الله تعالى يبين لهم ان التعدد في اكثر الأحيان فيه ظلم وفوضى الا اذا حكمتم بالعدل بين النساء وهذا العدل ليس شيء هين وسهل ففكروا قبل ان تقدموا على ذلك فان خفتم الا تعدلوا فواحدة .اذن قانون التعدد ليس هو من تشريعات الإسلام الابتدائية مثل الصلاة والصيام والزكاة وغيرها ولكن كان نظام سائد وجاء الإسلام ورتب وعدل في هذا النظام حتى يكون الظلم والفوضى اقل هذا أولا وثانيا ان هناك حالات يحتاج فيها الرجل الى ان يعدد مثلا في حالات المرض والعقم للزوجة الأولى ولا يريد طلاقها وحتى لا يظل هذا الرجل محروم من الذرية ومحروم من الاستمتاع بزوجته فهذا القانون وهذا الحق يسمح له بالتعدد لدفع تلك الاضرار مثلا رجل قوي الجسد ولا يصبر على زوجة واحدة لأنها لا تكفيه أيها احسن يذهب الى الحرام ام يعدد في الحلال- مثلا امرأة سيئة الخلق ولا يتحملها الرجل وحياته مظلمة معها ولكن عندها أولاد ولا يريد طلاقها لحفظ أولادها في هذه الحالة يعدد حتى يعيش الحياة السعيدة لعله يجد امرأة صالحة وغيرها من الحكم والا ما كان هذا القانون وضع للفوضى والشهوات واللعب واللهو لان الله حكيم عليم بخلقه ولا يرضى بالعبث والفوضى والظلم
ثالثا : هو ان الله جعل للرجل واباح له لا على وجه الالزام والوجوب ولا على وجه الاستحباب ولكن على وجه الاباحة والاختيار ولكن فيه شروط لا على إطلاق الاباحة. وترك الله ذلك لعقل الرجل الذي يبين له هل هذا العمل ضار له ام نافع, معين له على دينه ام لا, هل له سبب وجيه لما يعدد ام لا على وجه اللهو واللعب والشهوات لان الله يلعن الذواقين والذواقات من الرجال والنساء الذين يتزوجون ويطلقون لعبا ولهوا واتباعا للشهوات, عليه ان ينظر هذا الرجل العاقل ان هذا الزواج الثاني هل هو على حساب زوجته الأولى فيؤدي الى نسيانها وظلمها وتركها وهل يستطيع ان يعدل بين الأولاد ام يفضل العائلة الثانية على الأولى ويجعل الأحقاد والكراهية بينهم هذا كله مسؤول عنه يوم القيامة وله عذاب شديد اذا لم يعدل بينهما في المبيت وباقي الأمور المادية. ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حيث يقول من تزوج اثنان ولم يعدل بينهما جاء يوم القيامة واحد شقيه ساقط. اذن عليه ان يسال نفسه قبل الزواج الثاني هل هناك مسوغ لإقدامه ام لا. هل هو منصف وله الحق في اقدامه هل هذه الزوجة من النساء اللاتي تستحق ان يتزوج عليها ام لا كانت امرأة صالحة قائمة بواجبها واكثر وقد ضحت لأجله بكل شيء وقد ربت أولادها على الايمان ومساعدة ابيهم واحترامه وحبه اريد ان أقول صحيح ان الله قد أعطاه الحق ولكن الحق يجب ان يضعه في مكانه حتى تظهر حكمة الباري لا ان نسرف فيه ونضعه في غير مواضعه فنبين ان هذا الحكم عبثا ولعبا والله تعالى يجل عن اللعب واللهو لأنه حكيم عليم بخلقه ولا يصلح شيء ويدمر شيء اخر اذن فهناك حالات يمر بها الرجل وله الحق ان يتزوج اذا أراد ولا يلام على ذلك مثلا زوجته عاقر ويريد طفل يملأ عليه بيته بالسرور والفرح والابوة او كانت زوجته مريضة والرجل يحتاج لإشباع غريزته ففي مثل هذه الحالة وغيرها أعطاه الله الحق في ان يتزوج ولا يذهب للحرام وفي اعتقادي ان من يقرأ الآيات القرآنية ويتمعن بها وخاصة بعد قول الله تعالى (و يريد الذين يتبعون الشهوات ان يميلوا ميلا عظيما) نلاحظ الحكمة تكمن في ان الرجل لا يستطيع في اكثر الأحيان ان يصبر امام ضغط الغريزة لأنه ضعيف وحتى لا يقع في الحرام ففتح له الطريق للتعدد والزواج المؤقت حتى يعينه على الحلال فقال الله تعالى في سورة النساء (يريد الله ان يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا ) أي ضعيفا امام الشهوات ولولا هذا الحلال لعدد في الزنا والعياذ بالله في وقت الحاجة ولكن هناك رجال غيورين وعقولهم كاملة وقد سيطروا على اهوائهم الجامحة التي تدمرهم ولكنهم قليلون. لا يضعفون امام المغريات فحسب بل يتحدون الشيطان ويتغلبون عليه لذلك قال الامام ما زنى غيور قط. وهناك أسباب أخرى التي لو تزوج الرجل بالثانية لا يلام على ذلك ويكون قد عمل بالحق ووضعه في مكانه فالإنسان مسؤول امام الله تعالى في جميع اعماله. عليه ان يظهر حكمة الله تعالى في القوانين الإلهية لا ان يظهرها بصورة بشعة فيها الظلم والاذى والعدوان.انا أقول لماذا الزواج الثاني هل تستحق المرأة الصالحة العفيفة المطيعة الخلوقة الوفية ان يتزوج عليها زوجها, خير مثال على ذلك الرسول الكريم (صلى الله عليه واله وسلم )وامير المؤمنين فانهما لم يتزوجا على زوجتيهما ابد ما داما على قيد الحياة لان الزواج الثاني ليس له احقية هنا بل فيه قبح وهل جزاء الاحسان الا الاحسان ولأنهما قد حصلا على الدين والعفة والإخلاص من قبلهما ولكن بعد موت خديجة عليها السلام ترى الرسول(صلى الله عليه واله وسلم ) ولأجل دخول بعض القبائل في الإسلام تزوج او لأجل اثبات سنه وإزالة بدعة تزوج من بعض النساء وهكذا امير المؤمنين (عليه السلام) تزوج بعد الزهراء (عليها السلام )لأمور أخرى لسنا في صدد هذا الان والذي يقول نحن مثل ائمتنا نريد ان نعدد أقول لهم كونوا مثلهم معصومين او على الأقل متقين وأصحاب عقل وعدل حتى تضعون الحق في مواضعه فتستطيعوا ان تعددوا .ولكن اذا كان الظلم والاهانة والتفرقة وعدم العدل بين الأزواج فبهذه الأمور يحرم الزواج الثاني ويحرم التعدد لان فيه مفسدة واضرار ومساوئ عظيمة فبذلك تقدم الأهم على المهم والاهم هو حفظ العائلة المبنية على الايمان والحب والمودة والرحمة وعدم تهديمها بالزواج الثاني الذي لا يعرف مصيره أقول كما ان هذا الحق وهو حق التعدد اعطي للرجل ضمن شرائطه وحدوده المعينة اعطي الحق للمرأة ان تطلب الطلاق الخلعي متى ما ارادت ولكن نرجع الى نفس الكلام هل من الانصاف ان تطلب الطلاق متى ما شاءت او في وقت شدة الرجل وفقره وضيق معيشته او كان رجلا قبيحا مثلا غير جميل او الى ذلك من الأمور او لسبب ما. مثلا ان هناك ايتام كثيرين وهي تريد ان تتزوج واحدا وتربي أيتامه لان فيه ثواب عظيم او تقول ان الرجال كثيرين والنساء قليلات وهي تريد ان تطلب الطلاق حتى تشبع الكثير من الرجال عن طريق الزواج المؤقت مثلا هذه الأمور لا تقبل او لا يفكر بها أصلا فعلينا ان نبتعد عن هذا الكلام التافه الذي ليس ورائه الا حب اشباع النفس الشرهة التي لا تشبع ابدا. ويهتم كل منا بشؤون بيته وعائلته واذا كان يريد الثواب فعليه ان يعمل لمساعدة الارامل والايتام والمساكين والفقراء وعليه ان يعرف هذا الانسان ان الدنيا دار عناء وبلاء محفوفة بالمكاره فهو لا يستطيع ان ينهي ماسي الناس ويقضي كل حاجاتهم ويسهل كل امورهم لان الله تعالى قال (خلقكم ليبلوكم ايكم احسن عملا ) فالإنسان المتزوج وغيره عنده أمور كثيرة وحاجات كثيرة مكبوتة في داخله لان كل ما يريده المرء لا يدركه واذا كان الايمان والتقوى قد سيطرا على المجتمع فان المجتمع لا يفسد ابدا ولكن مع الأسف الشديد الفساد جاءنا من الإهمال والتضييع للحقوق والواجبات التي لنا او علينا وجاءنا الفساد من اتباع الهوى وانعدام التقوى .وانا اسأل هل كل متزوجة عفيفة وكل عازبة متهتكة ام بالعكس هناك الكثير من المتزوجات مع الأسف متهتكات ومتبرجات فالزواج لا يستر الانسان ولا يصلح المجتمع بالكامل اذا كان الانسان فاسدا ولا يخاف من الله تعالى .وبالعكس فان العزوبة وحدها ليست مفسدة اذا كان الانسان متقيا عفيفا لا ينظر الى الحرام ولا يحب الفساد فان هذا الانسان يصبر حتى يفرج الله عليه ونراه صبورا شاكرا اقصد ليس هذا هو السبب الوحيد في الفساد أي كثرة النساء بدون زواج ولا بقاء الرجال بدون زواج , الفساد هو فقدان المقاييس الدينية وعدم الخوف من الله تعالى وانتشار سبل الشيطان واتباعها ولو لا حظنا الآيات التي نزلت في القران الكريم وقرأنا تفسيرها لوجدنا ان الله تعالى يتحدث عن ظاهرة فظيعة كانت في الجاهلية وهي ظاهرة تكفل اليتيمات في الصغر واذا كبرن فان اولياؤهن يتزوجونهن من دون ان يعطوهن المهر الجيد ثم يتركونهن لأدنى سبب ويطلقونهن بعد اخذ اموالهن فنزلت هذه الآية الشريفة توصي أولياء اليتيمات اذا أرادوا الزواج بهن عليهم ان يلاحظوا جانب العدل والانصاف معهن والا فليختاروا الزواج من غيرهن من النساء وآيات تبين انه اذا اخذتم من غير اليتيمات فعليكم أيضا بالعدل والانصاف اعطوهن حقوقهن واذا خفتم الا تعدلوا بينهن بالمبيت والمضاجعة والنفقة وسائر الأمور المادية فاذا خفتم الا تعدلوا فالواجب ان تأخذوا واحدة واذا خفتم الا تعطوها حقوقها لان للزوجة حقوق واجبة على زوجها فعليكم بملك اليمين لأنها لا تحتاج الى حقوق مثل حقوق الزوجة ذلك ادنى ان لا تعولوا أي ذلك اسهل لكم واقل لمنع الظلم والعدوان وسلب الحقوق والتعدي على حقوق الزوجات فهنا امر من الله تعالى بان مجرد الخوف وعدم الاطمئنان من العدالة يوجب عدم الاقدام على الزواج الثاني فالواجب ان يتزوج واحدة فقط او اذا أراد ان يعدد عليه بملك اليمين لان حقوقها اقل واسهل. قال الله تعالى في سورة النساء (اية 3) بسم الله الرحمن الرحيم {وان خفتم الا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم الا تعدلوا فواحدة او ما ملكت ايمانكم ذلك ادنى الا تعولوا} هذه الآية الشريفة ارادت ان تبين وضع سائد بين العرب في الجاهلية وهو اتخاذ الزوجات الكثيرة وشراء العبيد والاماء والظلم والجور والاعتداء على النساء واحتقارهن وسلب حقوقهن وهذا وضع سائد عندهم لذلك رب العالمين أراد ان يمنعهم من هذا التعدد وبين اضراره عن طريق هذه الآيات فقلل التعدد الى اربع نساء وهذا اكثر حد مع إعطاء كامل حقوقهن والعدالة بينهن واما اذا خيف من الظلم فعليه بواحدة فقط مع رعاية حقوقها أقول لماذا لم ينتبه الرجال الى قول الله تعالى {فان خفتم ان لا تعدلوا فواحدة} هل العدل شيء سهل ام ماذا ؟لماذا لا يُنْظَرْ الى هذه النقطة المهمة ؟ وحقيقة بعض الرجال أصلا لا يستطيع ان يؤدي حتى حقوق الزوجة الواحدة لأنه معروف بالغلظة والتجبر وسوء الخلق والظلم فمثل هذا الرجل لا يزوج اذا خطب لأنه يدمر المرأة ويؤذيها ولا يعطيها حقوقها من حيث النفقة والمبيت والعشرة الطيبة وهذا لا يعرف ولا يشعر بان هذه المرأة امانة الله عنده وعليه ان يحسن أداء هذه الأمانة ويؤدي حقوقها الواجبة عليه ويحسن اليها فكيف يسمح لهكذا انسان الذي لا يستطيع على واحدة فكيف يسمح له بالثانية .هناك بعض علمائنا المجتهدين من يقول عجبا لهذا الانسان عندما امره الله بالوضوء او الغسل وقال له ان خفت الضرر والاذى العقلائي فعليك بالتيمم بدل الغسل فنراه اطاع وتيمم بدل الغسل والوضوء ولما قال له {فمن كان مريضا او على سفر فعدة من أيام اخر} يعني اذا خاف الانسان من اشتداد مرضه او تأخير برئه وعلاجه فعليه ان لا يصوم الى ان يشفى ثم يقضي ما فاته فبمجرد الخوف العقلائي يحرم صيامه ويستمر العالم بكلامه فيقول فلماذا عندما يقول الله ويأمرنا ان اذا خفتم ان لا تعدلوا فواحدة جئنا واقتحمنا وعددنا فمن اين أمنا من ظلم التعدد ومن اين عرفنا اننا لا نظلم ,الا نخاف الله تعالى ؟ أقول صدقت أيها العالم الجليل وهذا الكلام يناغم الوجدان الإنساني السليم لأنه يتكلم عن حقيقة الانسان ومدى تحمله (وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه)أي لا يستطيع ان يحب اكثر من واحدة حبا حقيقيا وهذا الحب مئة في المئة سوف يؤثر على التعامل الخارجي شئت ام ابيت حتى ولو قام الرجل بإخفاء حبه فلقد كان في عهد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) يأتون بعض الرجال المتزوجون بعدة نساء ويريدون ان يسجلوا بعض البساتين بأسماء احد أولادهم ويحرموا الباقين فقال يارسول الله اريد ان اشهدك على هذا الامر فقال له رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )لأنك تحب امه تسجل البستان باسمه اخرج عني ولا تشهدني على ظلم وجور واي ظلم اكبر من هذا واي عداء اكبر من هذا. هذا نوع من الظلم وهو سلب الحقوق من بعض أولاده واعطاءه للأخر لا لأنه اكثر تدينا وخلقا بل لأنه يحب امه . وهناك ظلم ثاني وهو في مضمون الامام الصادق (عليه السلام)قال من تزوج من النساء مالم يشبع ثم زنت احداهن فالإثم في رقبته ! فأذن عليه ان ينظر الى قوته الجسدية يستطيع ان يشبعهن ام لا ؟ فعلينا اذن ان نفكر ونستخدم هذا الحق في مكانه ومع شرطه وهي العدالة حتى لا تضيع الحقوق وينتشر الظلم والفوضى وتقوم الناس بالتكلم على قوانين الله وانتقادها . ان الله يحب العفة والقناعة ويشجع عليها ولا يحب الاسراف قال الامام علي (عليه السلام )انعم الناس عيشا من منحه الله سبحانه القناعة واصلح له زوجه
ان القناعة هي السر في اكتفاء الزوج بزوجة صالحة تستره اما اذا طمح الى الاحسن ولم يقنع فانه يتعب كثيرا في حياته وفي اكثر الأحيان لا يحصل على ما يريد , فقط يهدم حياته الزوجية الهانئة قال الامام الصادق (عليه السلام )اقنع بما قسم الله لك ولا تنظر الى ما عند غيرك ولا تتمن ما لست نائله فانه من قنع شبع ومن لم يقنع لم يشبع وخذ خطك من اخرتك وقال علي (عليه السلام) على قدر العفة تكون القناعة .و الاسراف في كل شيء محلل لا يحبه الله بل يمقته لأنه يؤدي الى الظلم والاذى والفوضى ,الاسراف يؤذي الانسان دائما ويزيد من معاناته ويجعله يطغى ويذنب ويظلم ومن ثم يموت قلبه. الاسراف في الاكل يؤذي الانسان ويوصله الى البطنة والاسراف في الزواج والتعدد فانه يقلل الحب بين الزوجين اذا لم ينعدم حقيقة ويشتت شمل العائلة ومحبتها ويجعل عقل الانسان مشتت بين اثنين او ثلاث او اربع فكيف لهذا العقل ان يفكر ويعرف الاصلح والاهم للعائلة وهو غارق في بحر شهواته ولذاته دائما , فالابتعاد عن هكذا أمور احسن عاقبة للجميع – يقول الله سبحانه وتعالى عن الذين لا يملكون أموالا للزواج يأمرهم بالعفة والصبر حتى يرزقهم الله تعالى ويسهل امرهم قال تعالى في سورة النور (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله )وبالعكس فقد شجع الله تعالى على التزويج للعزاب واللذين لا زوجة لهم ولا زوج لها فامرنا بتزويجهم وتسهيل امرهم لانهم لا سكن لهم ولا طمأنينة فحثنا على ان نسعى في زواجهم قال تعالى (وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وامائكم ان يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله والله واسع عليم ) فعلينا بدل ما نفكر بالتعدد علينا ان نبحث عن غير المتزوجين ونسعى في تزويجهم وسعادتهم لان هذا الزواج فيه السعادة للمجتمع قال الامام الصادق (عليه السلام )وهو يحث ويشجع على تزويج الاعزب –قال (عليه السلام)من زوج اعزبا كان ممن ينظر الله عزوجل اليه يوم القيامة –وقال الامام الكاظم وهو يحث على تزويج الاعزب – ثلاثة يستظلون بظل عرش الله يوم لا ظل الا ظله رجل زوج اخاه المسلم او اخدمه او كتم له سرا ان هذه الاحاديث تحث وتشجع على تزويج العزاب لا ان نسعى في التعدد والتكثير بالنساء لان هذا يدمر المجتمع ويعدم الثقة بالرجال ويكثر من الطلاق وانهدام العائلة انا اعرف الكثير من النساء المؤمنات المخلصات عندما يرين بعض الرجال الذين لا يفكرون بمصير العائلة الأولى ولا يفكرون بزواج أولادهم بل همهم التعدد وكثرة الزواج يفقدن الثقة بصنف الرجال ويقولن صحيح كما قالوا بعض الحكماء ان حب الرجل حيواني وشهواني وحب المرأة انساني .فأنا ادعوا جميع الاخوة الى ان يفكروا قبل ان يقدموا على الزواج الثاني هل هم بحاجة له ام لهوا ولعبا وغيرة من بعض الرجال الذين عددوا .هل فيه دمار للعائلة الأولى ام ان زوجته الأولى راضية وقانعة بذلك ولا يهمها ذلك وهل هو متأكد من استطاعته من إقامة الحدود والحقوق للزوجتين والأولاد ام لا فقط يفكر في اشباع غريزته التي بعد زمن قليل سوف تضعف وتتلاشى وتنطفىء حرارتها ويصبح يريد الزوجة الوفية المخلصة المحبة له ولن يجدها لأنه خان حبها وتعبها فيندم ولا ينفع الندم وهناك آيات تريد من الرجل ان لا يظلم المرأة وخاصة عندما يريد الزواج بأخرى بسم الله الرحمن الرحيم (وان اردتم استبدال زوج مكان زوج واتيتم احداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه اثما وبهتانا مبينا وكيف تأخذونه وقد افضى بعضكم الى بعض واخذن منكم ميثاقا غليظا) هذه الآية أيضا تتحدث عن ظلم الرجال للنساء وهذا الظلم دائما يكون في حالة الزواج الثاني كانوا في الجاهلية اذا أرادوا ان يتزوجوا بأخرى يقومون بتهمة الزوجة الأولى بالفاحشة واخذ الصداق أي المهر فيتزوجون به الأخرى وهذا ظلم فظيع فبعد الحب والمودة والرحمة ينقلب هذا الرجل الى وحش كاسر يريد ان يؤذي زوجته ويسرف مالها فعجبا لهكذا انسان الى اين يصل الظلم عندما يفكر الرجل بشهواته فينسى أوضح الواضحات وهي الشفقة والحب والانصاف والرحمة فنعوذ بالله من اتباع الشهوات المهلكات التي تعمي القلوب وتوغر الصدور وتنسي الانسان مبادئه وعقيدته –ففي هذه الآية التي ذكرت سابقا بين الله تعالى انه لا يحق للرجل المسلم اذا أراد ان يتزوج بأخرى واراد تطليق زوجته الأولى لا يحق له اخذ الصداق منها لان فيه اثم كبير ومعصية واضحة وظلم فظيع لأنه اتعبها وتركها واخذ حقها ظلما وعدوانا والقنطار هنا المال الكثير الذي يفيدها في حياتها وتعيش به انظروا الى اين تصل دناءة الرجال الذين يبحثون عن شهواتهم حتى الحيوان لا يفعل ذلك نرى بعض الحيوانات تموت ولا تقبل الغدر والخيانة –مع احترامي للرجال الافاضل اهل المروءة والشيم والوفاء والعقل ,فان اهل العقل لا يقبلون بالظلم والجور ,وبعد الامر الإلهي بان لا يتهموا النساء ولا يأخذوا صداقهن واموالهن عاتب الله تعالى الرجال واراد ان يسترق قلوبهم وينزل المحبة بها التي نسوها في لحظة شهوة من شهواتهم فقال معاتبا لهم وكيف تأخذونه وقد افضى بعضكم الى بعض واخذن منكم ميثاقا غليظا هذا استفهام انكاري حتى يحرك عواطفهم فيقول لهم كيف يحق لكم اخذ اموالهن وقد عشتم مع الزوجة الأولى زمنا طويلا وكانت تشارككم في السراء والضراء وتحمل اعباءكم وتصبر معكم ولربما ضحت بكل ما لديها وتنازلت عن حقوقها لأجل راحتك أيها الرجل انسيت كيف كنت تستمتع بها وتقضي حاجتك .الان لماذا تبخس حقها وتظلمها .وكأنك عدو لها الله اكبر ما اجمل هذا الكلام البليغ الذي صدر من الله تعالى دفاعا عن حقوق المرأة فهو خالقها وهو المدافع عنها اذا ظلمت ولا يرضى لعباده الظلم والاذى ثم يقول و(اخذن منكم ميثاقا غليظا) أي في العقد قلت انك سوف تعطيها حقها من الصداق وهي صدقت بك وهذا الكلام انت مسؤول عنه ومحاسب على عدم ايفائه لها فاتق الله أيها الرجل واعطها صداقها حتى يحل لك زواجك منها والا فهو زنى .اذا عقد رجل على امرأة وكتب لها او قال لها صداقك ومهرك عشرة ملايين مثلا ثم لم يريد ان يفي لها فهو عند الله زاني هذا مضمون حديث رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )وعلى العكس نلاحظ ان الله يحث ويشجع ويحبذ تزويج العزاب فانظروا كم يحث الله تعالى على التزويج للعزاب وهناك ثواب عظيم للذي يزوج اعزبا او يساعده على الزواج وكم يحذر ويعاتب الذين يريدون الزواج مرة ثانية على زوجتهم الأولى من ان يقعوا في ظلم زوجاتهم واذا صار الظلم والاذى يحرم التعدد بنص القران (وان خفتم ان لا تعدلوا فواحدة )
ومع الأسف هناك بعض الرجال إذا أرادوا الزواج بثانية يقومون بضرب زوجاتهم من دون سبب وهذا كله حرام وسوف يعاقبه الله على ذلك بسياط من نار قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أنى لأتعجب ممن يضرب امراته وهو بالضرب أولى منها. وأخيرا أقول للمرأة الصالحة غير المقصرة مع زوجها إذا حدث واراد الزوج ان يتزوج عليها اوصيها بالصبر إذا كان الزوج بحاجته فعلا وعنده عذر واما إذا كان لقضاء شهوة أقول
احبب حبيبك هونا ما عسى ان يكون بغيضك يوما ما
وأبغض بغيضك هونا ما عسى ان يكون حبيبك يوما ما
على المرأة ان لا تتعلق كثيرا بزوجها وتنسى مبادئها ودينها وتعمل كل شيء لإرضائه وارضاء نزواته فيأمرها بعدم التحجب امام الرجال الأجانب وبالمحرمات فتعمل ذلك حبا له واذا أراد منها أي شيء تفعله أقول كوني مع الله يكن الله معك ومن اصلح ما بينه وبين الله اصلح الله ما بينه وبين الناس فعلينا بتقوى الله واتباع أوامره لنسعد في الدنيا والاخرة واصبري ان الله مع الصابرين ولا تدمري العائلة بطلاقك منه لان الأولاد سوف يضيعون وأقول للرجل الذي يتفهم الأمور ويتعقلها اذا كانت زوجتك غير عفيفة وغير متدينة وانت تريد امرأة صالحة وعفيفة فهنا لك الحق في ان تتزوج بالعفيفة الشريفة وان كانت زوجتك الأولى مريضة بحيث لا تستطيع ان تستفيد منها أيضا لك الحق في الزواج مع حفظ حقوق الزوجة الأولى ومع العدالة .
تعليق