مخطط اغتيال الامام الحسن الزكي (عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام )
اللهم صلي وسلم على نبينا محمد وعلى آله الطاهرين المتقين
المحاولة الأولى: بينما كان الإمام (عليه السلام) يستحث الناس للنهوض والانخراط
في صفوف الجيش لحرب معاوية، كان الأخير ـ حينئذ ـ يغرق الكوفة من رسائله
إلى رؤساء العشائر وزعماء القبائل من أمثال عمرو بن حريث، والأشعث بن
قيس، والحجر بن الحجر، وشبث بن ربعي... وكانت هذه الرسائل تحتوي على
فكرة مشتركة واحدة وهي: (إنك إن قتلت الحسن بن علي فلك مائتا ألف درهم وجند من أجناد الشام وبنت من بناتي).
وحينما كشف الإمام الحسن (عليه السلام) عن مؤامرة معاوية هذه، ارتدى درعاً
واقياً فلا يتقدم الإمام (عليه السلام) للصلاة دونه، فيما كانت المجموعة ترسم
مخطط الاغتيال ضد الإمام (عليه السلام) وقد اختارت هذه المجموعة موعد تنفيذ
المخطط العدواني في وقت يكون فيه الإمام (عليه السلام) متلبساً، بالصلاة،
فتحرك أحد أفراد المجموعة في الوقت المحدد لتنفيذ عملية الاغتيال، وبينما
كان الإمام الحسن (عليه السلام) يصلي في مسجد الكوفة، قام ذلك المجرم
بتسديد سهم في كبد قوسه، ثم أطلقه نحو الإمام (عليه السلام) فوقع السهم في
منطقة الدرع الذي كان يلبسه الإمام (عليه السلام) فحال ذلك دون نجاح مخطط
الاغتيال وبالتالي فشلت مؤامرة معاوية.
ثم قام الإمام الحسن (عليه السلام) بعد أن انتهى من صلاته خاطباً في الناس
ومحذراً أقطاب المؤامرة وبعض الفئات المتعاطفة مع معاوية فقال: (يا قوم ويلكم
والله أن معاوية لا يفي لأحد منكم بما ضمنه في قتلي وإني إن وضعت يدي
في يده فأسالمه لم يتركني أدين بدين جدي وإني أقدر أن أعبد الله عز وجل
وحدي ولكن كأني أنظر إلى أبنائكم واقفين على أبواب أبنائهم
يستسقــــونهم ويستطعــمونهم ممّا جعل الله لهم فلا يسقــــون ولا يطعــــمون
فبعــــداً وسحقاً لما كسبته أيديهم (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(17).
وكشف الإمام (عليه السلام) في خطبته هذه النقاب عن الجهة التي كانت وراء
تنفيذ محاولة الاغتيال،
حينما ذكر الإمام (عليه السلام) السبب الرئيسي وراء
إقدام هذه الجهة على عملية عدوانية تسعى منها إلى تحقيق بعض المصالح
والمطامع المادية التي وعدهم بها معاوية.
ثم انه (عليه السلام) حذر من مغبة النتائج التي تعقب تنفيذ مثل هذه المؤامرة
الخبيثة، ومنها سيطرة معاوية على الحكم وإقراره نهجاً سياسياً فاسداً في
إدارة الدولة الإسلامية، خاصة وأن هذه السيطرة ستقوم على غير شرعية
الجماهير وارادتها،
وأنّ الهدف الرئيسي من إقدام مرتزقة زعماء القبائل على تنفيذ عملية الاغتيال ضد الإمام الحسن (عليه السلام) إنما هو ضرب الشرعية
الجماهيرية المتمثلة في قيادة الإمام الحسن (عليه السلام) وبذلك فرض نظام
قمعي وإرهابي غير مستند على تأييد ودعم الجماهير.
وفي الواقع أن هذا يتم في حال غياب الوعي السياسي في الأمة، واسترسال
الجماهير في البحث عن وسائل الرفاه والراحة واستسلامها للضغوطات وانتشار
حالة التململ من الجهاد والمقاومة، هذه وغيرها من الأسباب حالت دون وقوف
أبناء المجتمع في الكوفة والبصرة وغيرها، إلى جانب الإمام الحسن (عليه السلام).
هذا في وقت أن الإمام (عليه السلام) يستصرخ ضمائر الناس، ويكشف لهم عن
الطبخات الأموية ومؤامرات معاوية في سبيل كرسي الحكم والتسلط على رقاب
الشعب بالقوة والإكراه غير أن المشكلة الأم هي حينما تسكت الأمة عن حقوقها،
وتطالب بالسلم وإن كان فيه الذلة لها وتهرب من الجهاد والمقاومة وإن كان فيه عزّتها وكرامتها.
إن مثل هذه الأمة تكون عرضة لألوان الهيمنة والتبعية، وبذلك تكون بمثابة
الساحة المكشوفة التي تنفذ فيها المؤامرات في وضح النهار، وتمر في أرضها
عربة المخططات السياسية، دونما اكتراث لصوت المعارضة، أو تأثير لصرخة
الضمير الحر، فيقتل القادة، وتُباد الطليعة أو تُعتقل، ويُفرض الإرهاب في كل مكان...
فحينما يخيّم التقاعس في الأمة، ويضرب الملل أطنابه فيها فإنّ ذلك يعني تسليم
مفاتيح الدولة للقوى المناوئة الداخلية والخارجية والسماح لها في التغلغل إلى
داخل المجتمع والسيطرة على ممتلكاته وخيراته... وهذا إنما يتم حينما تنطفئ
شمعة اليقظة، وتخبو روح المسؤولية عند أبناء هذه الأمة.
كما أن انكفاء الجماهير عن محاربة القوى المعادية والمتآمرة يعني ذلك إطلاق
اليد لتلك القوى لتنفيذ سلسلة من المؤامرات المتلاحقة والشديدة الخطورة التي
تهدد وجود الدولة واستقلالها.
ولذلك لمّا تنصلت الجماهيري عن المسؤولية الشرعية في دعم وتأييد ومناصرة
الإمام الحسن (عليه السلام) كانت النتيجة الطبيعية والأتوماتيكية هي أن تتحول
هذه الجماهير إلى لقمة سائغة للمخططات السياسية التي ينفذها العدو ضدها،
بل قد يدفع هذا العدو جماهير الأمة في أن تشارك في تنفيذ مخططه ضد نفس هذه الجماهير.
وعلى العكس تماماً فيما لو استنهضت الجماهير قواها، وقدراتها وطاقاتها
الذاتية وانتزعت المبادرة من إشغال العدو، فإنها حينئذ تكون قد ساهمت في
صد الهجمات العدوانية، وتمكنت بذلك من تحصين حدودها من الغزو الخارجي، وضمان استقلالها.
وهنا نشير إلى مسألة هامة وهي أن البعض من الناس يعتقد بأن بث الوعي
كفيل بتغيير الأوضاع السائدة في الأمة. غير أن عملية التغيير لا يمكن أن تتم إذا
لم تساندها إرادة التغيير، فوجود حالة الوعي في الأمة لا تعني بحد ذاتها
تغييراً حقيقياً في واقع الأمة حتى تنقدح هذه الحالة في صورة إرادة تغييرية
عند الجماهير تسعى عبرها في تحريك الساحة الجماهيرية للثورة على الواقع الفاسد.
يتبع **
اللهم صلي وسلم على نبينا محمد وعلى آله الطاهرين المتقين
المحاولة الأولى: بينما كان الإمام (عليه السلام) يستحث الناس للنهوض والانخراط
في صفوف الجيش لحرب معاوية، كان الأخير ـ حينئذ ـ يغرق الكوفة من رسائله
إلى رؤساء العشائر وزعماء القبائل من أمثال عمرو بن حريث، والأشعث بن
قيس، والحجر بن الحجر، وشبث بن ربعي... وكانت هذه الرسائل تحتوي على
فكرة مشتركة واحدة وهي: (إنك إن قتلت الحسن بن علي فلك مائتا ألف درهم وجند من أجناد الشام وبنت من بناتي).
وحينما كشف الإمام الحسن (عليه السلام) عن مؤامرة معاوية هذه، ارتدى درعاً
واقياً فلا يتقدم الإمام (عليه السلام) للصلاة دونه، فيما كانت المجموعة ترسم
مخطط الاغتيال ضد الإمام (عليه السلام) وقد اختارت هذه المجموعة موعد تنفيذ
المخطط العدواني في وقت يكون فيه الإمام (عليه السلام) متلبساً، بالصلاة،
فتحرك أحد أفراد المجموعة في الوقت المحدد لتنفيذ عملية الاغتيال، وبينما
كان الإمام الحسن (عليه السلام) يصلي في مسجد الكوفة، قام ذلك المجرم
بتسديد سهم في كبد قوسه، ثم أطلقه نحو الإمام (عليه السلام) فوقع السهم في
منطقة الدرع الذي كان يلبسه الإمام (عليه السلام) فحال ذلك دون نجاح مخطط
الاغتيال وبالتالي فشلت مؤامرة معاوية.
ثم قام الإمام الحسن (عليه السلام) بعد أن انتهى من صلاته خاطباً في الناس
ومحذراً أقطاب المؤامرة وبعض الفئات المتعاطفة مع معاوية فقال: (يا قوم ويلكم
والله أن معاوية لا يفي لأحد منكم بما ضمنه في قتلي وإني إن وضعت يدي
في يده فأسالمه لم يتركني أدين بدين جدي وإني أقدر أن أعبد الله عز وجل
وحدي ولكن كأني أنظر إلى أبنائكم واقفين على أبواب أبنائهم
يستسقــــونهم ويستطعــمونهم ممّا جعل الله لهم فلا يسقــــون ولا يطعــــمون
فبعــــداً وسحقاً لما كسبته أيديهم (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(17).
وكشف الإمام (عليه السلام) في خطبته هذه النقاب عن الجهة التي كانت وراء
تنفيذ محاولة الاغتيال،
حينما ذكر الإمام (عليه السلام) السبب الرئيسي وراء
إقدام هذه الجهة على عملية عدوانية تسعى منها إلى تحقيق بعض المصالح
والمطامع المادية التي وعدهم بها معاوية.
ثم انه (عليه السلام) حذر من مغبة النتائج التي تعقب تنفيذ مثل هذه المؤامرة
الخبيثة، ومنها سيطرة معاوية على الحكم وإقراره نهجاً سياسياً فاسداً في
إدارة الدولة الإسلامية، خاصة وأن هذه السيطرة ستقوم على غير شرعية
الجماهير وارادتها،
وأنّ الهدف الرئيسي من إقدام مرتزقة زعماء القبائل على تنفيذ عملية الاغتيال ضد الإمام الحسن (عليه السلام) إنما هو ضرب الشرعية
الجماهيرية المتمثلة في قيادة الإمام الحسن (عليه السلام) وبذلك فرض نظام
قمعي وإرهابي غير مستند على تأييد ودعم الجماهير.
وفي الواقع أن هذا يتم في حال غياب الوعي السياسي في الأمة، واسترسال
الجماهير في البحث عن وسائل الرفاه والراحة واستسلامها للضغوطات وانتشار
حالة التململ من الجهاد والمقاومة، هذه وغيرها من الأسباب حالت دون وقوف
أبناء المجتمع في الكوفة والبصرة وغيرها، إلى جانب الإمام الحسن (عليه السلام).
هذا في وقت أن الإمام (عليه السلام) يستصرخ ضمائر الناس، ويكشف لهم عن
الطبخات الأموية ومؤامرات معاوية في سبيل كرسي الحكم والتسلط على رقاب
الشعب بالقوة والإكراه غير أن المشكلة الأم هي حينما تسكت الأمة عن حقوقها،
وتطالب بالسلم وإن كان فيه الذلة لها وتهرب من الجهاد والمقاومة وإن كان فيه عزّتها وكرامتها.
إن مثل هذه الأمة تكون عرضة لألوان الهيمنة والتبعية، وبذلك تكون بمثابة
الساحة المكشوفة التي تنفذ فيها المؤامرات في وضح النهار، وتمر في أرضها
عربة المخططات السياسية، دونما اكتراث لصوت المعارضة، أو تأثير لصرخة
الضمير الحر، فيقتل القادة، وتُباد الطليعة أو تُعتقل، ويُفرض الإرهاب في كل مكان...
فحينما يخيّم التقاعس في الأمة، ويضرب الملل أطنابه فيها فإنّ ذلك يعني تسليم
مفاتيح الدولة للقوى المناوئة الداخلية والخارجية والسماح لها في التغلغل إلى
داخل المجتمع والسيطرة على ممتلكاته وخيراته... وهذا إنما يتم حينما تنطفئ
شمعة اليقظة، وتخبو روح المسؤولية عند أبناء هذه الأمة.
كما أن انكفاء الجماهير عن محاربة القوى المعادية والمتآمرة يعني ذلك إطلاق
اليد لتلك القوى لتنفيذ سلسلة من المؤامرات المتلاحقة والشديدة الخطورة التي
تهدد وجود الدولة واستقلالها.
ولذلك لمّا تنصلت الجماهيري عن المسؤولية الشرعية في دعم وتأييد ومناصرة
الإمام الحسن (عليه السلام) كانت النتيجة الطبيعية والأتوماتيكية هي أن تتحول
هذه الجماهير إلى لقمة سائغة للمخططات السياسية التي ينفذها العدو ضدها،
بل قد يدفع هذا العدو جماهير الأمة في أن تشارك في تنفيذ مخططه ضد نفس هذه الجماهير.
وعلى العكس تماماً فيما لو استنهضت الجماهير قواها، وقدراتها وطاقاتها
الذاتية وانتزعت المبادرة من إشغال العدو، فإنها حينئذ تكون قد ساهمت في
صد الهجمات العدوانية، وتمكنت بذلك من تحصين حدودها من الغزو الخارجي، وضمان استقلالها.
وهنا نشير إلى مسألة هامة وهي أن البعض من الناس يعتقد بأن بث الوعي
كفيل بتغيير الأوضاع السائدة في الأمة. غير أن عملية التغيير لا يمكن أن تتم إذا
لم تساندها إرادة التغيير، فوجود حالة الوعي في الأمة لا تعني بحد ذاتها
تغييراً حقيقياً في واقع الأمة حتى تنقدح هذه الحالة في صورة إرادة تغييرية
عند الجماهير تسعى عبرها في تحريك الساحة الجماهيرية للثورة على الواقع الفاسد.
يتبع **
تعليق