تويت
كان يرفع يده اليمنى في "ساحة الفردوس". يبسطها فوق بغداد. كان يشبه نفسه وهو يلوح بيمينه لمئات الألوف في "جيش القدس". وكانوا يتجمعون عند قاعدة التمثال منذ الصباح، ولكن على وجل وخوف وكثير من الحذر. هل يغضب الرجل المنتصب فوقهم ويضربهم بقبضته؟
صعد مواطن إلى قاعدة التمثال ووضع في يد صدام الممدودة إطار سيارة قديماً وراح يلوح هو الآخر مقتدياً بالزعيم. بدأ الخوف يتبدد. صعد عراقي آخر وعانق الرقبة الحديد ثم لف الرأس بكوفية. كان يبتسم للكاميرات... ولم يختف الخوف من عينيه وهو يحدق إلى وجه الرجل البرونزي. كان يتحسس وجنتيه لعل فيهما نبضاً خفياً. ماذا لو كان "الرئيس" يتابع المشهد عبر إحدى شاشات التلفزة المحتشدة كاميراتها هناك؟
تقدم الوقت وبدأ المساء يزحف نحو المدينة التي استباحها اللصوص والناقمون والباحثون عن ثأر قديم. تجمهر كثيرون عند قاعدة التمثال. صورة فتى وهو يضرب القاعدة بمطرقة لا تشبهها سوى صورة ذلك الالماني الذي راح يحض رفاقه على ضرب أسس جدار برلين مبشراً بانهيار المعسكر الشيوعي ومعه الحرب الباردة.
حاول الفتى العراقي طويلاً بلا جدوى وساعده آخرون. لم يحدثوا سوى فجوة صغيرة. صعد أحدهم وربط عنق صدام بحبل... ولكن أنى لهذه المحاولات أن تبدل في صورة "ساحة الفردوس"! دبابتان أميركيتان كانتا تراقبان بلا حراك، بلا تدخل. سعى إليها جمهور المواطنين الذين راحوا يتكاثرون. الكثرة تبدد الخوف. دعوا الأميركيين إلى مساعدتهم. رفضوا، دعوهم إلى تولي أمر إزالة التمثال بأيديهم. قفز الجمهور إلى ظهر الدبابة و"غزوا" ما في داخلها من مؤونة وطعام.
في زاوية أخرى من المشهد البغدادي، كان عراقي آخر يتسلق مدخل فندق "فلسطين - مريديان" ليشعل النار في صورة كبيرة لصدام تظلل الداخلين والخارجين. كادت النار أن تمتد إلى واجهة الفندق.
أخيراً تقدمت الدبابة الأميركية تحمل عشرات المواطنين. صعد أحدهم مجدداً إلى قاعدة التمثال وربط العنق بسلك فولاذي مشدود إلى رافعة في الدبابة. تبعه جندي أميركي من "العلوج" وراح يلف رأس "المحكوم بالاعدام" بعلم أميركي. صعد فتى عراقي وبيده علم عراقي قديم بلا إضافات. كان يريد أن يدلل إلى "قرار" عراقي بإعدام صدام. أحكم الطوق حول عنق التمثال. ثم فجأة رفع العلمان عن الوجه الذي لم يبد قريب الشبه بوجه صدام كما بدا في آخر ظهور له على الشاشات أثناء قصف بغداد. لكن الوجه ليس لـ"بديل الرئيس" بالتأكيد! هو بقساوته وبالشاربين الكثين أقرب إلى صورة ستالين!
هدرت الدبابة وابتعد الحشد عن القاعدة. تحركت إلى الخلف خطوات. اشتد وتر الفولاذ وراح التمثال يميل رويداً رويداً. مال ولم يقع، ثم انحنى وتدلى رافضاً السقوط، يده إلى تحت هذه المرة. عاند كثيراً. تحركت الدبابة ثانية وسط هتاف صم الآذان... فخر الرجل صريعاً في الساحة. ولكن بقيت ساقاه فوق القاعدة، كأنه يعاند ويرفض الخروج من "ساحة الفردوس".
هجم الجمهور فوق صدر الرجل يرقصون ويهتفون ويلقون عليه ما طالته أيديهم. وقف جنديان أميركيان يتهامسان بابتسام واضح. كانت الصورة أشبه بلوحة سوريالية: وجه صدام الذي لم يغب حتى عن ليل العراقيين الدامس ظلمة رحل قبل حلول الظلام عشية التاسع من نيسان (ابريل) 2003. وجرّ فتية الرأس بالحبل وجالوا فيه في المحلة. تقطع التمثال أجزاء وكانت فارغة خاوية من الداخل... وفي أجزاء أخرى من العراق كانوا يحتفلون. عمت الفرحة اربيل، عاد إليها ناسها وغصت بهم الشوارع والساحات.
قبل ذلك، في ساعات الصباح الأولى، عندما كان بعض أهل بغداد يغزو بيوت بعضها الآخر، كان رجل عراقي يحمل صورة كبيرة لصدام. كانت هذه غنيمته. وقف وبيده حذاؤه يوجه الصفعات إلى الصورة. أحدهم وهو يركض في طريقه للبحث عن غنيمة أثمن ركل الصورة برجله كلاعب كرة... وكر سريعاً لا يلوي على شيء. "كر فأنت حر"!
-------------------
منقول بس والله ما أحلاه من وصف
صعد مواطن إلى قاعدة التمثال ووضع في يد صدام الممدودة إطار سيارة قديماً وراح يلوح هو الآخر مقتدياً بالزعيم. بدأ الخوف يتبدد. صعد عراقي آخر وعانق الرقبة الحديد ثم لف الرأس بكوفية. كان يبتسم للكاميرات... ولم يختف الخوف من عينيه وهو يحدق إلى وجه الرجل البرونزي. كان يتحسس وجنتيه لعل فيهما نبضاً خفياً. ماذا لو كان "الرئيس" يتابع المشهد عبر إحدى شاشات التلفزة المحتشدة كاميراتها هناك؟
تقدم الوقت وبدأ المساء يزحف نحو المدينة التي استباحها اللصوص والناقمون والباحثون عن ثأر قديم. تجمهر كثيرون عند قاعدة التمثال. صورة فتى وهو يضرب القاعدة بمطرقة لا تشبهها سوى صورة ذلك الالماني الذي راح يحض رفاقه على ضرب أسس جدار برلين مبشراً بانهيار المعسكر الشيوعي ومعه الحرب الباردة.
حاول الفتى العراقي طويلاً بلا جدوى وساعده آخرون. لم يحدثوا سوى فجوة صغيرة. صعد أحدهم وربط عنق صدام بحبل... ولكن أنى لهذه المحاولات أن تبدل في صورة "ساحة الفردوس"! دبابتان أميركيتان كانتا تراقبان بلا حراك، بلا تدخل. سعى إليها جمهور المواطنين الذين راحوا يتكاثرون. الكثرة تبدد الخوف. دعوا الأميركيين إلى مساعدتهم. رفضوا، دعوهم إلى تولي أمر إزالة التمثال بأيديهم. قفز الجمهور إلى ظهر الدبابة و"غزوا" ما في داخلها من مؤونة وطعام.
في زاوية أخرى من المشهد البغدادي، كان عراقي آخر يتسلق مدخل فندق "فلسطين - مريديان" ليشعل النار في صورة كبيرة لصدام تظلل الداخلين والخارجين. كادت النار أن تمتد إلى واجهة الفندق.
أخيراً تقدمت الدبابة الأميركية تحمل عشرات المواطنين. صعد أحدهم مجدداً إلى قاعدة التمثال وربط العنق بسلك فولاذي مشدود إلى رافعة في الدبابة. تبعه جندي أميركي من "العلوج" وراح يلف رأس "المحكوم بالاعدام" بعلم أميركي. صعد فتى عراقي وبيده علم عراقي قديم بلا إضافات. كان يريد أن يدلل إلى "قرار" عراقي بإعدام صدام. أحكم الطوق حول عنق التمثال. ثم فجأة رفع العلمان عن الوجه الذي لم يبد قريب الشبه بوجه صدام كما بدا في آخر ظهور له على الشاشات أثناء قصف بغداد. لكن الوجه ليس لـ"بديل الرئيس" بالتأكيد! هو بقساوته وبالشاربين الكثين أقرب إلى صورة ستالين!
هدرت الدبابة وابتعد الحشد عن القاعدة. تحركت إلى الخلف خطوات. اشتد وتر الفولاذ وراح التمثال يميل رويداً رويداً. مال ولم يقع، ثم انحنى وتدلى رافضاً السقوط، يده إلى تحت هذه المرة. عاند كثيراً. تحركت الدبابة ثانية وسط هتاف صم الآذان... فخر الرجل صريعاً في الساحة. ولكن بقيت ساقاه فوق القاعدة، كأنه يعاند ويرفض الخروج من "ساحة الفردوس".
هجم الجمهور فوق صدر الرجل يرقصون ويهتفون ويلقون عليه ما طالته أيديهم. وقف جنديان أميركيان يتهامسان بابتسام واضح. كانت الصورة أشبه بلوحة سوريالية: وجه صدام الذي لم يغب حتى عن ليل العراقيين الدامس ظلمة رحل قبل حلول الظلام عشية التاسع من نيسان (ابريل) 2003. وجرّ فتية الرأس بالحبل وجالوا فيه في المحلة. تقطع التمثال أجزاء وكانت فارغة خاوية من الداخل... وفي أجزاء أخرى من العراق كانوا يحتفلون. عمت الفرحة اربيل، عاد إليها ناسها وغصت بهم الشوارع والساحات.
قبل ذلك، في ساعات الصباح الأولى، عندما كان بعض أهل بغداد يغزو بيوت بعضها الآخر، كان رجل عراقي يحمل صورة كبيرة لصدام. كانت هذه غنيمته. وقف وبيده حذاؤه يوجه الصفعات إلى الصورة. أحدهم وهو يركض في طريقه للبحث عن غنيمة أثمن ركل الصورة برجله كلاعب كرة... وكر سريعاً لا يلوي على شيء. "كر فأنت حر"!
-------------------
منقول بس والله ما أحلاه من وصف
تعليق