بسم الله الرحمن الرحيم .....السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .....اللهم صل على محمد وآل محمد ....مسؤوليتنا في عصر الغيبة (1)
حينما يكون الحديث عن المسؤولية فإنّني أشعر بخطورة هذا الحديث. فلقد أرى أنّني أمام بحث يفرض عليّ مزيداً من الإمعان، ومزيداً من الموضوعية. إنّ البحث عن المسؤولية، وعمّا ينبغي أن نفعل، وعمّا هو الواجب علينا، ليس بحثاً نظرياً أستطيع أن أقول فيه كلمتي دون أن ألاحظ بذلك موقف الناس وموقف الأمّة، وموقف الرجل المسلم. حينما أحدّد المسؤولية في شيء فإنّني أكون قد وضعت الموقف العملي للرجل الشيعي، ورسمت له المنهج الذي تتطلّبه المرحلة، ومن هنا تنشأ خطورة هذا البحث.
إنّه بطبيعته بحث مسؤول، يشعر الداخل فيه أنّه مسؤول عن كل كلمة يقولها، ويسجّلها بهذا الصدد. على أنّ خطورة هذا الحديث تنشأ من أهميته وفاعليته في حياتنا في ذات الوقت. فليس هو موضوعاً عابراً، تصادفه مرّة أو مرّات معدودة في العمر، بل إنّنا نعيش معه في كل لحظة ونرسم على ضوئه منهج حياتنا طول العمر. فالخطأ فيه ليس أمراً قد يهون.
والتأثر بالعواطف والخلجات النفسية، والعقد الباطنية في مثل هذا الموضوع يعتبر في غاية الانحراف والتجاوز عن حدود المسؤولية. وأنا غير شاك في أنّ طبيعة مزاج الشخص، ونوع ميوله النفسية، قد يقف حاجباً بينه وبين أن يصل لحقيقة الموقف الذي ينبغي أن يتخذه. كثيراً ما نرى أنّها تعمل عملها في تفهم واقع المرحلة، وتحديد الموقف على ضوئه.
فبطبيعة الحال نجد أنّ الانهزاميين والجبناء والمتشبثين بالأرض، الطامعين في ترف الأرض ومجد الأرض هؤلاء.. نستطيع أن نجزم مسبقاً بالحكم الذي سيصدرونه حينما يكونون بصدد تحديد المسؤولية. لا تنتظر سوى أحكام متخاذلة جبانة. سوف ترى مواقف تهرّب، وكسل، وخوف. سوف تشهد على الدوام، صمتاً، صمتاً، صمتاً. قف، لا تتحرّك القضية خطرة، الإقدام لا يخلو من تهلكة. لا عليك، ولا يعنيك الأمر، ما أنت وذا؟ "لا يكلّف الله نفساً إلاّّ وسعها".
وعلى النقيض حينما تكون القضية محقّقة لمصلحة شخصية، مجد في الأرض، جاه عند الناس، ثروة من الثروات، تفوّق على الآخرين بحساب المادّة. هنا تستخدم كل الحيل، وكل الوسائل. أقصى ما يملك هذا الرجل من لباقة، وفطنة، وعبقرية يضعه لحساب البرهنة والتدليل على صواب موقفه. يدافع بكل حرقة، وكل حرارة، كما لو كان الموضوع يهم الإسلام والمسلمين. يفتش عن آخر طريق يستطيع النفاذ من خلاله ليقول: إنّ مسؤوليته تحكم عليه بهذا الموقف، ومن ثمّ يكون قد كسب المال، والمجد والراحة، أو ما حلى له من طيّبات الدنيا، باسم المسؤولية، وباسم الدين والشرع والقانون.
لقد رأينا هذه النماذج من الناس. لقد عرفناهم معنا، وعرفناهم في امتداد التأريخ. من منكم لا يعرف عمرو بن العاص، أو أبا موسى الأشعري. ماذا كانت مواقفهم؟ ماذا قالوا للناس؟ المواقف جميعاً كانت لحساب مصالح شخصية. لحساب الطمع، والجشع، والهوى. أليس قد انحاز عمرو بن العاص إلى جبهة معاوية، وإنّه ليعرف أنّ معاوية لعلى ضلال؟ لقد راجع قضيته في نفسه مسبقاً، وعرض عليها الخيار بين الدنيا وبين الدين، أشار عليه أحد ولديه بأن يتّبع علياً طالما هو يعرف أنّه على حق، والحق أحق أن يتبع. بينما وسوس له الآخر الدخول في سلك معاوية، فإنّ الدنيا تنضح من إنائه.
ماذا كانت النتيجة؟ لم يصمد (ابن العاص) أمام إلحاح الذات، وقوّة الهوى، واندفع مهرولاً يلثم أعتاب معاوية، وإنّه يلتمس لنفسه المعاذير عن هذا الموقف ويودّ لو يجد من الشريعة ما يسمح له بذلك. وأبو موسى الأشعري؟ أنت تدري أنّه هو الذي كان يخذّل الناس عن عليّ, وهو بطل التحكيم، وفارس لعبة السلام، حينما اتفق مع مبعوث معاوية، عمرو بن العاص على أن ينزع كل منهم الخلافة من صاحبه ويريحوا الأمّة من عناء الخلاف والقتال.
هؤلاء يعرفون الحقيقة جيداً، وإنّهم لعلى يقين. لكن الحقيقة لم تكن دوماً مع هوى الإنسان أو عواطفه ومزاجه.
ولذا فقد ابتعدوا عنها، لأنّها لا ترضي طموحهم، ولا تروي ظمأهم للترف والجاه والمال. ولقد برّؤوا ساحتهم بشتى المعاذير، لكن أيّها كان صادقاً؟
لقد اخترت هذه النماذج من قائمة الصحابة. صحابة الرسول الذين سمعوا، وشاهدوا، وعرفوا، أكثر مما سمعنا وشاهدنا، وعرفنا. لقد كان هؤلاء من نفس القائمة التي كان منها الأبطال المخلصون، أبو ذر، وعمّار، وسلمان، وبلال. بلا شك كان (ابن العاص) و (الأشعري) يعرف كل شيء عن المسؤولية، وعن الواجب، وعن خط الشريعة القديم. لكنّها لا تعمى الأبصار، وإنّما تعمى القلوب التي في الصدور. فمهما يكن الشخص عالماً، واعياً، مشحوناً بقضايا العلم والدين، فإنّ ذلك لا يكفي للثقة بمواقفه ورؤيته، إذا لم يتجرّد عن دوافع الأنا ونزعات الذات.
ومن ذلك يصبح المطلوب هو أن نعرف: كيف نحدّد مسؤوليتنا بعيداً عن المزاج، والعاطفة، والطموحات الشخصية.
وهذا أمر لا أراه يسيراً.
ومهما يكن فإنّ علينا الآن تحديد مسؤولياتنا. ما هو الدور الذي يجب أن نلعبه في ساحة الصراع العام بين قوى الحق، وقوى الانحراف. وما هو الموقف الذي يجب ترسيخ أقدامنا فيه؟ بأي نفسية يجب أن نكون؟ وإذا كانت قيادتنا المعصومة مغيّبة عنّا، فهل نملك قيادات ثانوية نيابية؟ وما هو أسلوب تعاملنا مع تلك القيادات؟ لقد وجدت أنّ بالإمكان اختصار مسؤولياتنا تحت العنوان التالي: "التمهيد للدولة الإسلامية الكبرى". التقدّم خطوات من أجل تحقيق الإنقاذ العام للبشرية. التمهيد لسحق آخر كتيبة من كتائب الظلم، وفتح أبعد حصن من حصونه.
التمهيد لتحقيق شرائط الوعد الإلهي القاطع. (وَعَدَ اللهُ الّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ....المصدر كتاب القائد المنتظر للسيد صدر الدين القبانچي..
العلوية خادمة الزهراء.
حينما يكون الحديث عن المسؤولية فإنّني أشعر بخطورة هذا الحديث. فلقد أرى أنّني أمام بحث يفرض عليّ مزيداً من الإمعان، ومزيداً من الموضوعية. إنّ البحث عن المسؤولية، وعمّا ينبغي أن نفعل، وعمّا هو الواجب علينا، ليس بحثاً نظرياً أستطيع أن أقول فيه كلمتي دون أن ألاحظ بذلك موقف الناس وموقف الأمّة، وموقف الرجل المسلم. حينما أحدّد المسؤولية في شيء فإنّني أكون قد وضعت الموقف العملي للرجل الشيعي، ورسمت له المنهج الذي تتطلّبه المرحلة، ومن هنا تنشأ خطورة هذا البحث.
إنّه بطبيعته بحث مسؤول، يشعر الداخل فيه أنّه مسؤول عن كل كلمة يقولها، ويسجّلها بهذا الصدد. على أنّ خطورة هذا الحديث تنشأ من أهميته وفاعليته في حياتنا في ذات الوقت. فليس هو موضوعاً عابراً، تصادفه مرّة أو مرّات معدودة في العمر، بل إنّنا نعيش معه في كل لحظة ونرسم على ضوئه منهج حياتنا طول العمر. فالخطأ فيه ليس أمراً قد يهون.
والتأثر بالعواطف والخلجات النفسية، والعقد الباطنية في مثل هذا الموضوع يعتبر في غاية الانحراف والتجاوز عن حدود المسؤولية. وأنا غير شاك في أنّ طبيعة مزاج الشخص، ونوع ميوله النفسية، قد يقف حاجباً بينه وبين أن يصل لحقيقة الموقف الذي ينبغي أن يتخذه. كثيراً ما نرى أنّها تعمل عملها في تفهم واقع المرحلة، وتحديد الموقف على ضوئه.
فبطبيعة الحال نجد أنّ الانهزاميين والجبناء والمتشبثين بالأرض، الطامعين في ترف الأرض ومجد الأرض هؤلاء.. نستطيع أن نجزم مسبقاً بالحكم الذي سيصدرونه حينما يكونون بصدد تحديد المسؤولية. لا تنتظر سوى أحكام متخاذلة جبانة. سوف ترى مواقف تهرّب، وكسل، وخوف. سوف تشهد على الدوام، صمتاً، صمتاً، صمتاً. قف، لا تتحرّك القضية خطرة، الإقدام لا يخلو من تهلكة. لا عليك، ولا يعنيك الأمر، ما أنت وذا؟ "لا يكلّف الله نفساً إلاّّ وسعها".
وعلى النقيض حينما تكون القضية محقّقة لمصلحة شخصية، مجد في الأرض، جاه عند الناس، ثروة من الثروات، تفوّق على الآخرين بحساب المادّة. هنا تستخدم كل الحيل، وكل الوسائل. أقصى ما يملك هذا الرجل من لباقة، وفطنة، وعبقرية يضعه لحساب البرهنة والتدليل على صواب موقفه. يدافع بكل حرقة، وكل حرارة، كما لو كان الموضوع يهم الإسلام والمسلمين. يفتش عن آخر طريق يستطيع النفاذ من خلاله ليقول: إنّ مسؤوليته تحكم عليه بهذا الموقف، ومن ثمّ يكون قد كسب المال، والمجد والراحة، أو ما حلى له من طيّبات الدنيا، باسم المسؤولية، وباسم الدين والشرع والقانون.
لقد رأينا هذه النماذج من الناس. لقد عرفناهم معنا، وعرفناهم في امتداد التأريخ. من منكم لا يعرف عمرو بن العاص، أو أبا موسى الأشعري. ماذا كانت مواقفهم؟ ماذا قالوا للناس؟ المواقف جميعاً كانت لحساب مصالح شخصية. لحساب الطمع، والجشع، والهوى. أليس قد انحاز عمرو بن العاص إلى جبهة معاوية، وإنّه ليعرف أنّ معاوية لعلى ضلال؟ لقد راجع قضيته في نفسه مسبقاً، وعرض عليها الخيار بين الدنيا وبين الدين، أشار عليه أحد ولديه بأن يتّبع علياً طالما هو يعرف أنّه على حق، والحق أحق أن يتبع. بينما وسوس له الآخر الدخول في سلك معاوية، فإنّ الدنيا تنضح من إنائه.
ماذا كانت النتيجة؟ لم يصمد (ابن العاص) أمام إلحاح الذات، وقوّة الهوى، واندفع مهرولاً يلثم أعتاب معاوية، وإنّه يلتمس لنفسه المعاذير عن هذا الموقف ويودّ لو يجد من الشريعة ما يسمح له بذلك. وأبو موسى الأشعري؟ أنت تدري أنّه هو الذي كان يخذّل الناس عن عليّ, وهو بطل التحكيم، وفارس لعبة السلام، حينما اتفق مع مبعوث معاوية، عمرو بن العاص على أن ينزع كل منهم الخلافة من صاحبه ويريحوا الأمّة من عناء الخلاف والقتال.
هؤلاء يعرفون الحقيقة جيداً، وإنّهم لعلى يقين. لكن الحقيقة لم تكن دوماً مع هوى الإنسان أو عواطفه ومزاجه.
ولذا فقد ابتعدوا عنها، لأنّها لا ترضي طموحهم، ولا تروي ظمأهم للترف والجاه والمال. ولقد برّؤوا ساحتهم بشتى المعاذير، لكن أيّها كان صادقاً؟
لقد اخترت هذه النماذج من قائمة الصحابة. صحابة الرسول الذين سمعوا، وشاهدوا، وعرفوا، أكثر مما سمعنا وشاهدنا، وعرفنا. لقد كان هؤلاء من نفس القائمة التي كان منها الأبطال المخلصون، أبو ذر، وعمّار، وسلمان، وبلال. بلا شك كان (ابن العاص) و (الأشعري) يعرف كل شيء عن المسؤولية، وعن الواجب، وعن خط الشريعة القديم. لكنّها لا تعمى الأبصار، وإنّما تعمى القلوب التي في الصدور. فمهما يكن الشخص عالماً، واعياً، مشحوناً بقضايا العلم والدين، فإنّ ذلك لا يكفي للثقة بمواقفه ورؤيته، إذا لم يتجرّد عن دوافع الأنا ونزعات الذات.
ومن ذلك يصبح المطلوب هو أن نعرف: كيف نحدّد مسؤوليتنا بعيداً عن المزاج، والعاطفة، والطموحات الشخصية.
وهذا أمر لا أراه يسيراً.
ومهما يكن فإنّ علينا الآن تحديد مسؤولياتنا. ما هو الدور الذي يجب أن نلعبه في ساحة الصراع العام بين قوى الحق، وقوى الانحراف. وما هو الموقف الذي يجب ترسيخ أقدامنا فيه؟ بأي نفسية يجب أن نكون؟ وإذا كانت قيادتنا المعصومة مغيّبة عنّا، فهل نملك قيادات ثانوية نيابية؟ وما هو أسلوب تعاملنا مع تلك القيادات؟ لقد وجدت أنّ بالإمكان اختصار مسؤولياتنا تحت العنوان التالي: "التمهيد للدولة الإسلامية الكبرى". التقدّم خطوات من أجل تحقيق الإنقاذ العام للبشرية. التمهيد لسحق آخر كتيبة من كتائب الظلم، وفتح أبعد حصن من حصونه.
التمهيد لتحقيق شرائط الوعد الإلهي القاطع. (وَعَدَ اللهُ الّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ....المصدر كتاب القائد المنتظر للسيد صدر الدين القبانچي..




تعليق