هجرة بعض أصحاب الرسول الأجلاء إلى الحبشة النصرانية ليهربوا من ظلم مشركي قريش بأمره صل الله عليه و آله ,
طبعاً كثيراً ما ينتقد بعض السفهاء ما فعله الشيخ حسن الله ياري أو الشيخ ياسر الحبيب من انشاء قناة في دول الغرب العلمانية و الكلام بحرية هناك ويعتبرون هذا أصلاً عمالة .
و سبحان الله لم يسلموا مما لم يسلم منه أصحاب رسول الله الأجلاء ومنهم جعفر بن أبي طالب ومنهم عثمان بن مظعون ومنهم الزبير " قبل أن يرتد في حياة أمير المؤمنين " - حوالي 70 رجل على ظاهر الإسلام -
وقد ذكر القمي رحمه الله أن سبب نزول قوله تعالى : لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ كان هجرة الحبشة
وقد ذكر في سيرة بن هاشم أن الرسول صل الله عليه و آله قال لهم : «لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكاً لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه»
وذكر علي بن إبراهيم القمي أن الرسول أمر بهذا عكس ما روى المخالفون من أنه أجاز هذا لبعض أصحابه .
وعندما عرف الرسول صل الله عليه و آله بأن عمرو بن العاص لعنه الله قد ذهب للحبشة " علماً أنه كان مشركاً وقتها " فبعث عمرو بن أمية إلى النجاشي " حاكم الحبشة " يوصيه بالمسلمين
أما نص رسالة الرسول للنجاشي :
" بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى النجاشي عظيم الحبشة، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أحمد إليك الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى من روحه ونفخه، كما خلق آدم بيده.
واني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وأن تتبعني وتوقن بالذي جاءني، فإني رسول الله، واني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل.
وقد بلغت ونصحت، فاقبلوا نصيحتي. والسلام على من اتبع الهدى "
وفي نص آخر ذكر فيه جعفر و أصحابه
وكان رد النجاشي عليه التالي
" بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله، من النجاشي:
الأصحم بن أبجر، سلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته، من الله الذي لا إله الا هو، الذي هداني إلى الإسلام.
أما بعد، فقد بلغني كتابك - يا رسول الله - فيما ذكرت من أمر عيسى،فورب السماء والأرض إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت ثفروقا (1) انه كما قلت. وقد عرفنا ما بعثت به إلينا، وقد قرينا ابن عمك وأصحابه، فأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك، وأسلمت على يديه لله رب العالمين.
وقد بعثت إليك بابني أزها ابن الأصحم بن أبجر ، فإني لا أملك الا نفسي، وان شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله، فإني أشهد أن ما تقول حق، والسلام عليك يا رسول الله "
قال علي بن إبراهيم القمي في تفسيره:" لما اشتدت قريش في أذى رسول الله وأصحابه الذين آمنوا به بمكة قبل الهجرة، أمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يخرجوا إلى الحبشة، وأمر جعفر بن أبي طالب أن يخرج معهم.
فخرج جعفر، ومعه سبعون رجلا من المسلمين حتى ركبوا البحر.
فلما بلغ قريش خروجهم بعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد إلى النجاشي، ليردوهم إليهم، وكان عمرو وعمارة متعاديين... فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة، وبرئت بنو سهم من جناية عمرو بن العاص
فوردوا على النجاشي، وكانوا قد حملوا إليه هدايا فقبلها منهم.
ثم قال عمرو بن العاص: أيها الملك، ان قوما منا خالفونا في ديننا وسبوا آلهتنا وصاروا إليك، فردهم إلينا.
فبعث النجاشي إلى جعفر فجاؤوا به.
فقال له: يا جعفر، ما يقول هؤلاء؟ قال جعفر: أيها الملك وما يقولون؟ قال: يسألون أن أردكم إليهم. قال: أيها الملك، سلهم: أعبيد نحن لهم؟ فقال عمرو: لا، بل أحرار كرام. قال: فسلهم: ألهم علينا ديون يطالبوننا بها؟ قال: لا، مالنا عليكم ديون. قال: فلكم في أعناقنا دماء تطالبوننا بها؟ قال عمرو: لا. قال: فما تريدون منا؟! آذيتمونا فخرجنا من بلادكم.
فقال عمرو بن العاص: أيها الملك خالفونا في ديننا وسبوا آلهتنا وأفسدوا شبابنا وفرقوا جماعتنا، فردهم إلينا لنجمع أمرنا.
فقال جعفر: نعم أيها الملك، خالفناهم بأنه بعث الله فينا نبيا أمر بخلع الأنداد، وترك الاستقسام بالأزلام، وأمرنا بالصلاة والزكاة ، وحرم الظلم والجور، وسفك الدماء بغير حقها، والزنا، والربا، والميتة والدم وأمرنا بالعدل والاحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي.
فقال النجاشي: بهذا بعث الله عيسى بن مريم (عليه السلام)! ثم قال:
يا جعفر، هل تحفظ مما أنزل الله على نبيك شيئا؟ قال: نعم، ثم قرأ عليه " سورة مريم " فلما بلغ إلى قوله: * (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا) *.
فلما سمع النجاشي بهذا بكى بكاء شديدا وقال: هذا والله هو الحق.
فقال عمرو بن العاص: أيها الملك، ان هذا مخالفنا فرده إلينا.
فرفع النجاشي يده فضرب بها وجه عمرو، ثم قال: اسكت، والله - يا هذا - لئن ذكرته بسوء لأفقدنك نفسك!
فقام عمرو بن العاص من عنده والدماء تسيل على وجهه، وهو يقول: ان كان هذا كما تقول - أيها الملك - فإنا لا نتعرض له.
ورجع عمرو إلى قريش فأخبرهم أن جعفرا في أرض الحبشة في أكرم كرامة"
وقد روى بن إسحاق في السيرة بسنده إلى عمرو بن العاص قال:" لما انصرفنا مع الأحزاب عن الخندق جمعت رجالا من قريش كانوا يرون رأيي ويسمعون مني، فقلت لهم: تعلمون - والله - اني أرى أمر محمد يعلو الأمور علوا منكرا، واني قد رأيت أمرا فما ترون فيه؟
قالوا: وماذا رأيت؟ قلت: رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده، فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي، فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد، وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا، فلن يأتينا منهم الا خير. قالوا: ان هذا الرأي. قلت: فاجمعوا لنا ما نهدي له.
وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم. فجمعنا له أدما كثيرا، ثم خرجنا حتى قدمنا عليه.
فوالله إنا لعنده إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري - وكان رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه، فدخل عليه وخرج من عنده - فقلت لأصحابي: هذا عمرو بن أمية الضمري، لو قد دخلت على النجاشي وسألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه، فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد.
فدخلت عليه فسجدت له - كما كنت أصنع - فقال: مرحبا بصديقي، أهديت إلي من بلادك شيئا؟ قلت: نعم أيها الملك، قد أهديت إليك أدما كثيرا، ثم قربته إليه، فأعجبه. ثم قلت له: أيها الملك، اني قد رأيت رجلا خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا، فأعطينه لأقتله، فإنه قد أصاب من أشرفنا وخيارنا.
قال: فغضب ثم مد يده فضرب بها أنفي ضربة ظننت أنه قد كسره، فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقا منه. فقلت له: والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه. قال: أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله! قلت: أيها الملك، أكذلك هو؟ قال: ويحك يا عمرو أطعني واتبعه، فإنه والله لعلى الحق، وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده... فخرجت إلى أصحابي وقد حال رأيي عما كان عليه.
ثم خرجت عامدا إلى رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - فلقيت خالد بن الوليد وذلك قبيل الفتح... فقدمنا المدينة على رسول الله"
وروى ابن إسحاق بسنده عن زوج رسول الله أم سلمة هند ابنة أبي أمية بن المغيرة المخزومي أنها قالت:" لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها النجاشي خير جار: أمنا على ديننا وعبدنا الله تعالى لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه.
فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين منهم جلدين، وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة، وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم، فجمعوا له أدما كثيرا، فلم يتركوا من بطارقته بطريقا الا أهدوا له هدية. وبعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص، وأمروهما بأمرهم فقالوا لهما: ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم، ثم قدما إلى النجاشي هداياه، ثم سلاه أن يسلمهم إليكما قبل أن يكلمهم.
فخرجا حتى قدما على النجاشي... فلم يبق من بطارقته بطريق الا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي، وقالا لكل بطريق منهم: أنه قد لجأ إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم إليهم، فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم، فان قومهم أعلم بما عابوا عليهم. فقالوا لهما، نعم.
ثم انهما قدما هداياهما إلى النجاشي فقبلها منهما، ثم كلماه فقالا له:
أيها الملك، انه قد لجأ إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك، وجاؤوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم، لتردهم إليهم، فهم أعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه.
فقالت بطارقته من حوله: صدقا أيها الملك، فان قومهم اعلم بما عابوا عليهم، فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم.
فغضب النجاشي وقال: لا ها الله، إذا لا أسلمهم إليهما، ولا يكاد لقوم جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي، حتى ادعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم، فان كان كما يقولان أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم، وان كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني.
ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا وقال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟ قالوا: نقول - والله - ما علمنا وما أمرنا به نبينا - صلى الله عليه [وآله] وسلم - كائنا في ذلك ما هو كائن.
فلما جاؤوا سألهم النجاشي - وقد دعا أساقفته حوله - فقال لهم:
ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم؟ ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الملل؟
فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب فقال له: أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية: نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسئ الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة - وعدد عليه أمور الإسلام ثم قال - فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من الله: فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا، وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا. فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا من عبادة الله إلى عبادة الأوثان، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث. فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك.
فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شئ؟ فقال
جعفر: نعم. قال النجاشي: فاقرأه علي. فقرأ صدرا من * (كهيعص) * فبكى - والله - النجاشي حتى اخضلت لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال النجاشي: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة. ثم قال لعمرو وعبيد الله: انطلقا فلا - والله - لا أسلمهم إليكما ولا يكادون. فخرجا من عنده.
وقال عمرو بن العاص: والله لآتينه غدا عنهم بما استأصل به خضراءهم، والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد. وكان عبد الله بن ربيعة أتقى الرجلين فقال: لا أفعل فان لهم أرحاما.
فغدا عليه عمرو من الغد فقال له: أيها الملك، انهم يقولون في عيسى ابن مريم قولا عظيما، فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه: فأرسل إليهم ليسألهم عنه.
فاجتمع القوم فقال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى بن مريم إذا سألكم عنه؟ قالوا: نقول - والله - ما قال الله وما جاء به نبينا، كائنا في ذلك ما هو كائن.
فلما دخلوا عليه قال لهم: ماذا تقولون في عيسى بن مريم؟ فقال جعفر بن أبي طالب: نقول فيه بالذي جاء به نبينا - صلى الله عليه [وآله] وسلم -: هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته، ألقاها إلى مريم العذراء البتول.
فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عودا ثم قال: والله ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود (أي بمقداره) فتناخرت بطارقته حوله، فقال لهم: وإن نخرتم والله.
ثم قال للمسلمين: اذهبوا فأنتم شيوم (آمنون) ومن سبكم غرم، من سبكم غرم، وما أحب أن لي دبرا (اي جبلا) من ذهب وأني آذيت رجلا منكم.
ثم قال لرجاله: ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لي بهما.
فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به.
وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار "
وقد روي أن الحبشة ثارت على النجاشي وقتها و ظفر بهم النجاشي بعدها وفرح المسلمون بهذا
وأيضاً أن ابن النجاشي كان عبداً فاشتراه الإمام علي عليه السلام اكراماً لأبيه وما فعله لأجل المسلمين
فنقول : كيف سنسلم مما لم يسلم منه أصحاب رسول الله النجباء ؟
ونحن الآن في الجاهلية الثانية وما يحدث قريب جداً مما حدث وقت هجرة الحبشة
ولو كان دعاة الوحدة موجودين وقتها هل كان سيفعلون ما فعله عمرو و كفار قريش أم سيصطفون مع المسلمين وجعفر عليه السلام ؟
مع أنهم الآن يفعلون عين ما فعله المشركين وقتها بالضبط
موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي - ج 1
طبعاً كثيراً ما ينتقد بعض السفهاء ما فعله الشيخ حسن الله ياري أو الشيخ ياسر الحبيب من انشاء قناة في دول الغرب العلمانية و الكلام بحرية هناك ويعتبرون هذا أصلاً عمالة .
و سبحان الله لم يسلموا مما لم يسلم منه أصحاب رسول الله الأجلاء ومنهم جعفر بن أبي طالب ومنهم عثمان بن مظعون ومنهم الزبير " قبل أن يرتد في حياة أمير المؤمنين " - حوالي 70 رجل على ظاهر الإسلام -
وقد ذكر القمي رحمه الله أن سبب نزول قوله تعالى : لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ كان هجرة الحبشة
وقد ذكر في سيرة بن هاشم أن الرسول صل الله عليه و آله قال لهم : «لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكاً لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه»
وذكر علي بن إبراهيم القمي أن الرسول أمر بهذا عكس ما روى المخالفون من أنه أجاز هذا لبعض أصحابه .
وعندما عرف الرسول صل الله عليه و آله بأن عمرو بن العاص لعنه الله قد ذهب للحبشة " علماً أنه كان مشركاً وقتها " فبعث عمرو بن أمية إلى النجاشي " حاكم الحبشة " يوصيه بالمسلمين
أما نص رسالة الرسول للنجاشي :
" بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى النجاشي عظيم الحبشة، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أحمد إليك الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى من روحه ونفخه، كما خلق آدم بيده.
واني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وأن تتبعني وتوقن بالذي جاءني، فإني رسول الله، واني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل.
وقد بلغت ونصحت، فاقبلوا نصيحتي. والسلام على من اتبع الهدى "
وفي نص آخر ذكر فيه جعفر و أصحابه
وكان رد النجاشي عليه التالي
" بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله، من النجاشي:
الأصحم بن أبجر، سلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته، من الله الذي لا إله الا هو، الذي هداني إلى الإسلام.
أما بعد، فقد بلغني كتابك - يا رسول الله - فيما ذكرت من أمر عيسى،فورب السماء والأرض إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت ثفروقا (1) انه كما قلت. وقد عرفنا ما بعثت به إلينا، وقد قرينا ابن عمك وأصحابه، فأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك، وأسلمت على يديه لله رب العالمين.
وقد بعثت إليك بابني أزها ابن الأصحم بن أبجر ، فإني لا أملك الا نفسي، وان شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله، فإني أشهد أن ما تقول حق، والسلام عليك يا رسول الله "
قال علي بن إبراهيم القمي في تفسيره:" لما اشتدت قريش في أذى رسول الله وأصحابه الذين آمنوا به بمكة قبل الهجرة، أمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يخرجوا إلى الحبشة، وأمر جعفر بن أبي طالب أن يخرج معهم.
فخرج جعفر، ومعه سبعون رجلا من المسلمين حتى ركبوا البحر.
فلما بلغ قريش خروجهم بعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد إلى النجاشي، ليردوهم إليهم، وكان عمرو وعمارة متعاديين... فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة، وبرئت بنو سهم من جناية عمرو بن العاص
فوردوا على النجاشي، وكانوا قد حملوا إليه هدايا فقبلها منهم.
ثم قال عمرو بن العاص: أيها الملك، ان قوما منا خالفونا في ديننا وسبوا آلهتنا وصاروا إليك، فردهم إلينا.
فبعث النجاشي إلى جعفر فجاؤوا به.
فقال له: يا جعفر، ما يقول هؤلاء؟ قال جعفر: أيها الملك وما يقولون؟ قال: يسألون أن أردكم إليهم. قال: أيها الملك، سلهم: أعبيد نحن لهم؟ فقال عمرو: لا، بل أحرار كرام. قال: فسلهم: ألهم علينا ديون يطالبوننا بها؟ قال: لا، مالنا عليكم ديون. قال: فلكم في أعناقنا دماء تطالبوننا بها؟ قال عمرو: لا. قال: فما تريدون منا؟! آذيتمونا فخرجنا من بلادكم.
فقال عمرو بن العاص: أيها الملك خالفونا في ديننا وسبوا آلهتنا وأفسدوا شبابنا وفرقوا جماعتنا، فردهم إلينا لنجمع أمرنا.
فقال جعفر: نعم أيها الملك، خالفناهم بأنه بعث الله فينا نبيا أمر بخلع الأنداد، وترك الاستقسام بالأزلام، وأمرنا بالصلاة والزكاة ، وحرم الظلم والجور، وسفك الدماء بغير حقها، والزنا، والربا، والميتة والدم وأمرنا بالعدل والاحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي.
فقال النجاشي: بهذا بعث الله عيسى بن مريم (عليه السلام)! ثم قال:
يا جعفر، هل تحفظ مما أنزل الله على نبيك شيئا؟ قال: نعم، ثم قرأ عليه " سورة مريم " فلما بلغ إلى قوله: * (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا) *.
فلما سمع النجاشي بهذا بكى بكاء شديدا وقال: هذا والله هو الحق.
فقال عمرو بن العاص: أيها الملك، ان هذا مخالفنا فرده إلينا.
فرفع النجاشي يده فضرب بها وجه عمرو، ثم قال: اسكت، والله - يا هذا - لئن ذكرته بسوء لأفقدنك نفسك!
فقام عمرو بن العاص من عنده والدماء تسيل على وجهه، وهو يقول: ان كان هذا كما تقول - أيها الملك - فإنا لا نتعرض له.
ورجع عمرو إلى قريش فأخبرهم أن جعفرا في أرض الحبشة في أكرم كرامة"
وقد روى بن إسحاق في السيرة بسنده إلى عمرو بن العاص قال:" لما انصرفنا مع الأحزاب عن الخندق جمعت رجالا من قريش كانوا يرون رأيي ويسمعون مني، فقلت لهم: تعلمون - والله - اني أرى أمر محمد يعلو الأمور علوا منكرا، واني قد رأيت أمرا فما ترون فيه؟
قالوا: وماذا رأيت؟ قلت: رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده، فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي، فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد، وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا، فلن يأتينا منهم الا خير. قالوا: ان هذا الرأي. قلت: فاجمعوا لنا ما نهدي له.
وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم. فجمعنا له أدما كثيرا، ثم خرجنا حتى قدمنا عليه.
فوالله إنا لعنده إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري - وكان رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه، فدخل عليه وخرج من عنده - فقلت لأصحابي: هذا عمرو بن أمية الضمري، لو قد دخلت على النجاشي وسألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه، فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد.
فدخلت عليه فسجدت له - كما كنت أصنع - فقال: مرحبا بصديقي، أهديت إلي من بلادك شيئا؟ قلت: نعم أيها الملك، قد أهديت إليك أدما كثيرا، ثم قربته إليه، فأعجبه. ثم قلت له: أيها الملك، اني قد رأيت رجلا خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا، فأعطينه لأقتله، فإنه قد أصاب من أشرفنا وخيارنا.
قال: فغضب ثم مد يده فضرب بها أنفي ضربة ظننت أنه قد كسره، فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقا منه. فقلت له: والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه. قال: أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله! قلت: أيها الملك، أكذلك هو؟ قال: ويحك يا عمرو أطعني واتبعه، فإنه والله لعلى الحق، وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده... فخرجت إلى أصحابي وقد حال رأيي عما كان عليه.
ثم خرجت عامدا إلى رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - فلقيت خالد بن الوليد وذلك قبيل الفتح... فقدمنا المدينة على رسول الله"
وروى ابن إسحاق بسنده عن زوج رسول الله أم سلمة هند ابنة أبي أمية بن المغيرة المخزومي أنها قالت:" لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها النجاشي خير جار: أمنا على ديننا وعبدنا الله تعالى لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه.
فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين منهم جلدين، وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة، وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم، فجمعوا له أدما كثيرا، فلم يتركوا من بطارقته بطريقا الا أهدوا له هدية. وبعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص، وأمروهما بأمرهم فقالوا لهما: ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم، ثم قدما إلى النجاشي هداياه، ثم سلاه أن يسلمهم إليكما قبل أن يكلمهم.
فخرجا حتى قدما على النجاشي... فلم يبق من بطارقته بطريق الا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي، وقالا لكل بطريق منهم: أنه قد لجأ إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم إليهم، فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم، فان قومهم أعلم بما عابوا عليهم. فقالوا لهما، نعم.
ثم انهما قدما هداياهما إلى النجاشي فقبلها منهما، ثم كلماه فقالا له:
أيها الملك، انه قد لجأ إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك، وجاؤوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم، لتردهم إليهم، فهم أعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه.
فقالت بطارقته من حوله: صدقا أيها الملك، فان قومهم اعلم بما عابوا عليهم، فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم.
فغضب النجاشي وقال: لا ها الله، إذا لا أسلمهم إليهما، ولا يكاد لقوم جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي، حتى ادعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم، فان كان كما يقولان أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم، وان كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني.
ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا وقال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟ قالوا: نقول - والله - ما علمنا وما أمرنا به نبينا - صلى الله عليه [وآله] وسلم - كائنا في ذلك ما هو كائن.
فلما جاؤوا سألهم النجاشي - وقد دعا أساقفته حوله - فقال لهم:
ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم؟ ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الملل؟
فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب فقال له: أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية: نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسئ الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة - وعدد عليه أمور الإسلام ثم قال - فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من الله: فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا، وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا. فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا من عبادة الله إلى عبادة الأوثان، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث. فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك.
فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شئ؟ فقال
جعفر: نعم. قال النجاشي: فاقرأه علي. فقرأ صدرا من * (كهيعص) * فبكى - والله - النجاشي حتى اخضلت لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال النجاشي: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة. ثم قال لعمرو وعبيد الله: انطلقا فلا - والله - لا أسلمهم إليكما ولا يكادون. فخرجا من عنده.
وقال عمرو بن العاص: والله لآتينه غدا عنهم بما استأصل به خضراءهم، والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد. وكان عبد الله بن ربيعة أتقى الرجلين فقال: لا أفعل فان لهم أرحاما.
فغدا عليه عمرو من الغد فقال له: أيها الملك، انهم يقولون في عيسى ابن مريم قولا عظيما، فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه: فأرسل إليهم ليسألهم عنه.
فاجتمع القوم فقال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى بن مريم إذا سألكم عنه؟ قالوا: نقول - والله - ما قال الله وما جاء به نبينا، كائنا في ذلك ما هو كائن.
فلما دخلوا عليه قال لهم: ماذا تقولون في عيسى بن مريم؟ فقال جعفر بن أبي طالب: نقول فيه بالذي جاء به نبينا - صلى الله عليه [وآله] وسلم -: هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته، ألقاها إلى مريم العذراء البتول.
فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عودا ثم قال: والله ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود (أي بمقداره) فتناخرت بطارقته حوله، فقال لهم: وإن نخرتم والله.
ثم قال للمسلمين: اذهبوا فأنتم شيوم (آمنون) ومن سبكم غرم، من سبكم غرم، وما أحب أن لي دبرا (اي جبلا) من ذهب وأني آذيت رجلا منكم.
ثم قال لرجاله: ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لي بهما.
فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به.
وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار "
وقد روي أن الحبشة ثارت على النجاشي وقتها و ظفر بهم النجاشي بعدها وفرح المسلمون بهذا
وأيضاً أن ابن النجاشي كان عبداً فاشتراه الإمام علي عليه السلام اكراماً لأبيه وما فعله لأجل المسلمين
فنقول : كيف سنسلم مما لم يسلم منه أصحاب رسول الله النجباء ؟
ونحن الآن في الجاهلية الثانية وما يحدث قريب جداً مما حدث وقت هجرة الحبشة
ولو كان دعاة الوحدة موجودين وقتها هل كان سيفعلون ما فعله عمرو و كفار قريش أم سيصطفون مع المسلمين وجعفر عليه السلام ؟
مع أنهم الآن يفعلون عين ما فعله المشركين وقتها بالضبط
موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي - ج 1