بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيم
اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ عَدُوّهُمْ
* روى ثقة الإسلام أبو حعفر الكُليني بأسانيده الثّلاثة عن حفص المؤذّن وعن إسماعيل بن جابر وعن إسماعيل بن مخلد السرّاج عن الإمام أبي عبد الله الصّادق (عليه السّلام)، أنّه كتب بهذه الرسالة إلى أصحابه وأمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها؛ فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم فإذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها، وقد جاء فيها: "أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ الْمُفْلِحَةُ إِنَّ الله أَتَمَّ لَكُمْ مَا آتَاكُمْ مِنَ الْخَيْرِ، واعْلَمُوا أَنَّه لَيْسَ مِنْ عِلْمِ الله ولَا مِنْ أَمْرِه أَنْ يَأْخُذَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ الله فِي دِينِه بِهَوًى ولَا رَأْيٍ ولَا مَقَايِيسَ، قَدْ أَنْزَلَ الله الْقُرْآنَ وجَعَلَ فِيه تِبْيَانَ كُلِّ شَيْءٍ، وجَعَلَ لِلْقُرْآنِ ولِتَعَلُّمِ الْقُرْآنِ أَهْلًا لَا يَسَعُ أَهْلَ عِلْمِ الْقُرْآنِ الَّذِينَ آتَاهُمُ الله عِلْمَه أَنْ يَأْخُذُوا فِيه بِهَوًى ولَا رَأْيٍ ولَا مَقَايِيسَ، أَغْنَاهُمُ الله عَنْ ذَلِكَ بِمَا آتَاهُمْ مِنْ عِلْمِه، وخَصَّهُمْ بِه، ووَضَعَه عِنْدَهُمْ كَرَامَةً مِنَ الله أَكْرَمَهُمْ بِهَا، وهُمْ أَهْلُ الذِّكْرِ الَّذِينَ أَمَرَ الله هَذِه الأُمَّةَ بِسُؤَالِهِمْ، وهُمُ الَّذِينَ مَنْ سَأَلَهُمْ وقَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ الله أَنْ يُصَدِّقَهُمْ ويَتَّبِعَ أَثَرَهُمْ أَرْشَدُوه وأَعْطَوْه مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ مَا يَهْتَدِي بِه إِلَى الله بِإِذْنِه، وإِلَى جَمِيعِ سُبُلِ الْحَقِّ، وهُمُ الَّذِينَ لَا يَرْغَبُ عَنْهُمْ وعَنْ مَسْأَلَتِهِمْ وعَنْ عِلْمِهِمُ الَّذِي أَكْرَمَهُمُ الله بِه وجَعَلَه عِنْدَهُمْ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْه فِي عِلْمِ الله الشَّقَاءُ فِي أَصْلِ الْخَلْقِ تَحْتَ الأَظِلَّةِ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَرْغَبُونَ عَنْ سُؤَالِ أَهْلِ الذِّكْرِ والَّذِينَ آتَاهُمُ الله عِلْمَ الْقُرْآنِ ووَضَعَه عِنْدَهُمْ وأَمَرَ بِسُؤَالِهِمْ، وأُولَئِكَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ بِأَهْوَائِهِمْ وآرَائِهِمْ ومَقَايِيسِهِمْ حَتَّى دَخَلَهُمُ الشَّيْطَانُ لأَنَّهُمْ جَعَلُوا أَهْلَ الإِيمَانِ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ الله كَافِرِينَ وجَعَلُوا أَهْلَ الضَّلَالَةِ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ الله مُؤْمِنِينَ، وحَتَّى جَعَلُوا مَا أَحَلَّ الله فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ حَرَامًا وجَعَلُوا مَا حَرَّمَ الله فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ حَلَالًا؛ فَذَلِكَ أَصْلُ ثَمَرَةِ أَهْوَائِهِمْ. وقَدْ عَهِدَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله) قَبْلَ مَوْتِه فَقَالُوا: نَحْنُ بَعْدَ مَا قَبَضَ الله عَزَّ وجَلَّ رَسُولَه يَسَعُنَا أَنْ نَأْخُذَ بِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْه رَأْيُ النَّاسِ بَعْدَ مَا قَبَضَ الله عَزَّ وجَلَّ رَسُولَه (صلّى الله عليه وآله) وبَعْدَ عَهْدِه الَّذِي عَهِدَه إِلَيْنَا وأَمَرَنَا بِه مُخَالِفًا للهِ ولِرَسُولِه (صلّى الله عليه وآله)، فَمَا أَحَدٌ أَجْرَأَ عَلَى الله ولَا أَبْيَنَ ضَلَالَةً مِمَّنْ أَخَذَ بِذَلِكَ وزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَسَعُه، - والله - إِنَّ لله عَلَى خَلْقِه أَنْ يُطِيعُوه ويَتَّبِعُوا أَمْرَه فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) وبَعْدَ مَوْتِه. هَلْ يَسْتَطِيعُ أُولَئِكَ أَعْدَاءُ الله أَنْ يَزْعُمُوا أَنَّ أَحَدًا مِمَّنْ أَسْلَمَ مَعَ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) أَخَذَ بِقَوْلِه ورَأْيِه ومَقَايِيسِه؟
فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَى الهم وضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا، وإِنْ قَالَ: لَا، لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ بِرَأْيِه وهَوَاه ومَقَايِيسِه فَقَدْ أَقَرَّ بِالْحُجَّةِ عَلَى نَفْسِه وهُوَ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّ الله يُطَاعُ ويُتَّبَعُ أَمْرُه بَعْدَ قَبْضِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله)، وقَدْ قَالَ اللَّه وقَوْلُه الْحَقُّ: {وما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِه الرُّسُلُ أفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ومَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْه فَلَنْ يَضُرَّ الله شَيْئاً وسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ} وذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ الله يُطَاعُ ويُتَّبَعُ أَمْرُه فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) وبَعْدَ قَبْضِ اللَّه مُحَمَّدًا (صلّى الله عليه وآله) وكَمَا لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مَعَ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) أَنْ يَأْخُذَ بِهَوَاه ولَا رَأْيِه ولَا مَقَايِيسِه خِلَافًا لأَمْرِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) فَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) أَنْ يَأْخُذَ بِهَوَاه ولَا رَأْيِه ولَا مَقَايِيسِه".[الكُليني، الكافي، 8/ 5-6، ح1].
بيان
يقول الشّيخ محمّد صالح السَرَوي المازندراني (1081هـ)، معلّقًا: "(إِنَّ الله أَتَمَّ لَكُمْ مَا آتَاكُمْ مِنَ الْخَيْرِ) هو دين الإسلام وإتمامه وإكماله بولاية عليّ عليه السّلام وهو إشارة إلى قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}.[المائدة:3] يعني بولاية عليّ عليه السّلام أو هو ذكر كلّ ما يحتاج إليه العباد فيه وهذا تمهيد لما يجيء من أنّه لا يجوز فيه القول بالهوى والرّأي والقياس بل يجب الرّجوع إلى العالم عليه السّلام.
(واعْلَمُوا أَنَّه لَيْسَ مِنْ عِلْمِ الله ولَا مِنْ أَمْرِه أَنْ يَأْخُذَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ الله فِي دِينِه بِهَوًى ولَا رَأْيٍ ولَا مَقَايِيسَ) أي ليس الأخذ بما ذكر مِنْ علم الله المنزل إلى رسوله صلّى الله عليه وآله أو ليس مِنْ علمه بأنّه حقّ في دينه وممّا أمر به أحدًا وإذا كان كذلك فهو باطل اخترعه أهله لزعمه أنّ دين الله ناقص لم ينزل فيه جميع ما يحتاج إليه الأُمّة وفوّض تكميله إليهم ولئلّا يُنسب الجهل إليه بالسّكوت عمّا لا يعلم، ثمّ أشار إلى أنّ جميع ما يحتاجون اليه قد أنزله الله تعالى في القرآن بقوله: (قَدْ أَنْزَلَ الله الْقُرْآنَ وجَعَلَ فِيه تِبْيَانَ كُلِّ شَيْءٍ) حال عن الله أو استئناف لبيان أنّهم لا يحتاجون إلى الأخْذِ بما ذكر لأنّ القرآن تبيان كلّ شيء يحتاجون إليه أوّلًا، ثمّ العلم كلّه وإن كان في القرآن لكن لا يعلمه كلّ أحد بالتجربة والاتفاق بل إنّما يعلمه جماعة مخصوصون كما أشار إليه بقوله: (وجَعَلَ لِلْقُرْآنِ ولِتَعَلُّمِ الْقُرْآنِ أَهْلًا) يعلمه ويدفع من لفظه ومعناه تحريف المبطلين.
ثمّ أشار إلى أنّه لا يجوز لأهل علم القرآن الأخذ بما ذكر فقال (عِلْمِ الْقُرْآنِ الَّذِينَ آتَاهُمُ الله عِلْمَه) كما آتاه رسول الله صلّى الله عليه وآله (أَنْ يَأْخُذُوا فِيه بِهَوًى ولَا رَأْيٍ ولَا مَقَايِيسَ) فإذا لم يجز ذلك لهم مع كمال نفوسهم وقوّة عقولهم وشمول علمهم الأحكام وعللها كيف يجوز ذلك لغيرهم.
ثمّ أشار بعد التصريح بعدم جواز أخذهم بما ذكر إلى عدم احتياجهم إلى الأخذ به أيضًا بقوله: (أَغْنَاهُمُ الله عَنْ ذَلِكَ بِمَا آتَاهُمْ مِنْ عِلْمِه) دلّ على أنّ هذا العلم موهبي والضمير للقرآن أو لله تعالى، (وخَصَّهُمْ بِه ووَضَعَه عِنْدَهُمْ) فلا يشاركهم غيرهم وهم يحفظونه ولا ينسونه أبدًا (كَرَامَةً مِنَ الله أَكْرَمَهُمْ بِهَا) (وهُمْ أَهْلُ الذِّكْرِ الَّذِينَ أَمَرَ الله هَذِه الأُمَّةَ بِسُؤَالِهِمْ) في قوله تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُون}[النحل:43]، ثمّ رغّب في الرّجوع إليهم بقوله: (وهُمُ الَّذِينَ مَنْ سَأَلَهُمْ وقَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ الله أَنْ يُصَدِّقَهُمْ ويَتَّبِعَ أَثَرَهُمْ، أَرْشَدُوه) إلى مسؤله، (وأَعْطَوْه مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ) لا مِنَ الهوى والرّأي والقياس (مَا يَهْتَدِي بِه إِلَى الله بِإِذْنِه) أي بتوفيقه أو بعلمه أنّه يقبل الهداية وفيه حينئذٍ كما في الجملة الحالية إشارة إلى أنّ إرشادهم للسّائل واهتدائه لا يكونان إلّا مقرونًا بعلمه تعالى في الأزل بتصديقه واستعداده بقبول الهداية، ثمّ أشار بقوله: (وإِلَى جَمِيعِ سُبُلِ الْحَقِّ) إلى أنّهم كما يرشدون السّائل إلى ما سأله كذلك يرشدونه إلى جميع سُبل الحقّ لأنّهم أدلّاء يدلّون العباد إذا وجدوهم مصدّقين لهم إلى طُرِق الخيرات كلّها مع السّؤال وبدونه ولما ذكر الرّاغبين فيهم والمصدّقين لهم في علم الله تعالى وأنّهم لا يأخذون بالهوى والرّأي والقياس كما لا يأخذ بها أئمّتهم أشار إلى الرّاغبين عنهم والمكذّبين لهم في علمه تعالى والآخذين بما ذكر مثل أئمّتهم بقوله: (وهُمُ الَّذِينَ لَا يَرْغَبُ عَنْهُمْ وعَنْ مَسْأَلَتِهِمْ وعَنْ عِلْمِهِمُ الَّذِي أَكْرَمَهُمُ الله بِه وجَعَلَه عِنْدَهُمْ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْه فِي عِلْمِ الله الشَّقَاءُ فِي أَصْلِ الْخَلْقِ تَحْتَ الأَظِلَّةِ) هي عالم الأرواح الصرفة أو عالم الذر وهو عالم المثال وإطلاق الظلّ على الروح والمثال مجاز تشبيهًا لهما بالظل في عدم الكثافة وتقريبًا لهما إلى الفهم.
(فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَرْغَبُونَ عَنْ سُؤَالِ أَهْلِ الذِّكْرِ والَّذِينَ آتَاهُمُ الله عِلْمَ الْقُرْآنِ ووَضَعَه عِنْدَهُمْ وأَمَرَ بِسُؤَالِهِمْ، وأُولَئِكَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ بِأَهْوَائِهِمْ وآرَائِهِمْ ومَقَايِيسِهِمْ حَتَّى دَخَلَهُمُ الشَّيْطَانُ لأَنَّهُمْ جَعَلُوا أَهْلَ الإِيمَانِ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ الله كَافِرِينَ وجَعَلُوا أَهْلَ الضَّلَالَةِ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ الله مُؤْمِنِينَ، وحَتَّى جَعَلُوا مَا أَحَلَّ الله فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ حَرَامًا وجَعَلُوا مَا حَرَّمَ الله فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ حَلَالًا؛ فَذَلِكَ أَصْلُ ثَمَرَةِ أَهْوَائِهِمْ.
وقَدْ عَهِدَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله) قَبْلَ مَوْتِه فَقَالُوا: نَحْنُ بَعْدَ مَا قَبَضَ الله عَزَّ وجَلَّ رَسُولَه يَسَعُنَا أَنْ نَأْخُذَ بِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْه رَأْيُ النَّاسِ بَعْدَ مَا قَبَضَ الله عَزَّ وجَلَّ رَسُولَه (صلّى الله عليه وآله) وبَعْدَ عَهْدِه الَّذِي عَهِدَه إِلَيْنَا وأَمَرَنَا بِه مُخَالِفًا للهِ ولِرَسُولِه (صلّى الله عليه وآله)، فَمَا أَحَدٌ أَجْرَأَ عَلَى الله ولَا أَبْيَنَ ضَلَالَةً مِمَّنْ أَخَذَ بِذَلِكَ وزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَسَعُه، والله إِنَّ لله عَلَى خَلْقِه أَنْ يُطِيعُوه ويَتَّبِعُوا أَمْرَه فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) وبَعْدَ مَوْتِه. هَلْ يَسْتَطِيعُ أُولَئِكَ أَعْدَاءُ الله أَنْ يَزْعُمُوا أَنَّ أَحَدًا مِمَّنْ أَسْلَمَ مَعَ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) أَخَذَ بِقَوْلِه ورَأْيِه ومَقَايِيسِه؟
فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَى الهآ وضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا، وإِنْ قَالَ: لَا، لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ بِرَأْيِه وهَوَاه ومَقَايِيسِه فَقَدْ أَقَرَّ بِالْحُجَّةِ عَلَى نَفْسِه وهُوَ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّ الله يُطَاعُ ويُتَّبَعُ أَمْرُه بَعْدَ قَبْضِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله)، وقَدْ قَالَ اللَّه وقَوْلُه الْحَقُّ: {وما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِه الرُّسُلُ أفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ومَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْه فَلَنْ يَضُرَّ الله شَيْئاً وسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ} وذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ الله يُطَاعُ ويُتَّبَعُ أَمْرُه فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) وبَعْدَ قَبْضِ اللَّه مُحَمَّدًا (صلّى الله عليه وآله) وكَمَا لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مَعَ مُحَمَّدٍ صلّى الله عليه وآله) أَنْ يَأْخُذَ بِهَوَاه ولَا رَأْيِه ولَا مَقَايِيسِه خِلَافًا لأَمْرِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) فَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) أَنْ يَأْخُذَ بِهَوَاه ولَا رَأْيِه ولَا مَقَايِيسِه)".[المولى محمّد صالح المازندراني، شرح أُصول الكافي، 11/ 186-190 (بتصرّف)].
عجّل الله تعالى لنور آل محمّد وسائقهم والمنتقم بأمر الله من أعدائهم الإمام بقيّة الله الأعظم (عليه وآله السّلام) الفرج ونحن معه. اللّهمّ صلِّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسرّ المستودع فيها والعن ظالميها.
& السيّد جهاد الموسوي &
• youtube / channel
• visiblewater.blogspot.com
• facebook
اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ عَدُوّهُمْ
* روى ثقة الإسلام أبو حعفر الكُليني بأسانيده الثّلاثة عن حفص المؤذّن وعن إسماعيل بن جابر وعن إسماعيل بن مخلد السرّاج عن الإمام أبي عبد الله الصّادق (عليه السّلام)، أنّه كتب بهذه الرسالة إلى أصحابه وأمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها؛ فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم فإذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها، وقد جاء فيها: "أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ الْمُفْلِحَةُ إِنَّ الله أَتَمَّ لَكُمْ مَا آتَاكُمْ مِنَ الْخَيْرِ، واعْلَمُوا أَنَّه لَيْسَ مِنْ عِلْمِ الله ولَا مِنْ أَمْرِه أَنْ يَأْخُذَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ الله فِي دِينِه بِهَوًى ولَا رَأْيٍ ولَا مَقَايِيسَ، قَدْ أَنْزَلَ الله الْقُرْآنَ وجَعَلَ فِيه تِبْيَانَ كُلِّ شَيْءٍ، وجَعَلَ لِلْقُرْآنِ ولِتَعَلُّمِ الْقُرْآنِ أَهْلًا لَا يَسَعُ أَهْلَ عِلْمِ الْقُرْآنِ الَّذِينَ آتَاهُمُ الله عِلْمَه أَنْ يَأْخُذُوا فِيه بِهَوًى ولَا رَأْيٍ ولَا مَقَايِيسَ، أَغْنَاهُمُ الله عَنْ ذَلِكَ بِمَا آتَاهُمْ مِنْ عِلْمِه، وخَصَّهُمْ بِه، ووَضَعَه عِنْدَهُمْ كَرَامَةً مِنَ الله أَكْرَمَهُمْ بِهَا، وهُمْ أَهْلُ الذِّكْرِ الَّذِينَ أَمَرَ الله هَذِه الأُمَّةَ بِسُؤَالِهِمْ، وهُمُ الَّذِينَ مَنْ سَأَلَهُمْ وقَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ الله أَنْ يُصَدِّقَهُمْ ويَتَّبِعَ أَثَرَهُمْ أَرْشَدُوه وأَعْطَوْه مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ مَا يَهْتَدِي بِه إِلَى الله بِإِذْنِه، وإِلَى جَمِيعِ سُبُلِ الْحَقِّ، وهُمُ الَّذِينَ لَا يَرْغَبُ عَنْهُمْ وعَنْ مَسْأَلَتِهِمْ وعَنْ عِلْمِهِمُ الَّذِي أَكْرَمَهُمُ الله بِه وجَعَلَه عِنْدَهُمْ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْه فِي عِلْمِ الله الشَّقَاءُ فِي أَصْلِ الْخَلْقِ تَحْتَ الأَظِلَّةِ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَرْغَبُونَ عَنْ سُؤَالِ أَهْلِ الذِّكْرِ والَّذِينَ آتَاهُمُ الله عِلْمَ الْقُرْآنِ ووَضَعَه عِنْدَهُمْ وأَمَرَ بِسُؤَالِهِمْ، وأُولَئِكَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ بِأَهْوَائِهِمْ وآرَائِهِمْ ومَقَايِيسِهِمْ حَتَّى دَخَلَهُمُ الشَّيْطَانُ لأَنَّهُمْ جَعَلُوا أَهْلَ الإِيمَانِ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ الله كَافِرِينَ وجَعَلُوا أَهْلَ الضَّلَالَةِ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ الله مُؤْمِنِينَ، وحَتَّى جَعَلُوا مَا أَحَلَّ الله فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ حَرَامًا وجَعَلُوا مَا حَرَّمَ الله فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ حَلَالًا؛ فَذَلِكَ أَصْلُ ثَمَرَةِ أَهْوَائِهِمْ. وقَدْ عَهِدَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله) قَبْلَ مَوْتِه فَقَالُوا: نَحْنُ بَعْدَ مَا قَبَضَ الله عَزَّ وجَلَّ رَسُولَه يَسَعُنَا أَنْ نَأْخُذَ بِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْه رَأْيُ النَّاسِ بَعْدَ مَا قَبَضَ الله عَزَّ وجَلَّ رَسُولَه (صلّى الله عليه وآله) وبَعْدَ عَهْدِه الَّذِي عَهِدَه إِلَيْنَا وأَمَرَنَا بِه مُخَالِفًا للهِ ولِرَسُولِه (صلّى الله عليه وآله)، فَمَا أَحَدٌ أَجْرَأَ عَلَى الله ولَا أَبْيَنَ ضَلَالَةً مِمَّنْ أَخَذَ بِذَلِكَ وزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَسَعُه، - والله - إِنَّ لله عَلَى خَلْقِه أَنْ يُطِيعُوه ويَتَّبِعُوا أَمْرَه فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) وبَعْدَ مَوْتِه. هَلْ يَسْتَطِيعُ أُولَئِكَ أَعْدَاءُ الله أَنْ يَزْعُمُوا أَنَّ أَحَدًا مِمَّنْ أَسْلَمَ مَعَ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) أَخَذَ بِقَوْلِه ورَأْيِه ومَقَايِيسِه؟
فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَى الهم وضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا، وإِنْ قَالَ: لَا، لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ بِرَأْيِه وهَوَاه ومَقَايِيسِه فَقَدْ أَقَرَّ بِالْحُجَّةِ عَلَى نَفْسِه وهُوَ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّ الله يُطَاعُ ويُتَّبَعُ أَمْرُه بَعْدَ قَبْضِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله)، وقَدْ قَالَ اللَّه وقَوْلُه الْحَقُّ: {وما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِه الرُّسُلُ أفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ومَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْه فَلَنْ يَضُرَّ الله شَيْئاً وسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ} وذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ الله يُطَاعُ ويُتَّبَعُ أَمْرُه فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) وبَعْدَ قَبْضِ اللَّه مُحَمَّدًا (صلّى الله عليه وآله) وكَمَا لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مَعَ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) أَنْ يَأْخُذَ بِهَوَاه ولَا رَأْيِه ولَا مَقَايِيسِه خِلَافًا لأَمْرِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) فَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) أَنْ يَأْخُذَ بِهَوَاه ولَا رَأْيِه ولَا مَقَايِيسِه".[الكُليني، الكافي، 8/ 5-6، ح1].
بيان
يقول الشّيخ محمّد صالح السَرَوي المازندراني (1081هـ)، معلّقًا: "(إِنَّ الله أَتَمَّ لَكُمْ مَا آتَاكُمْ مِنَ الْخَيْرِ) هو دين الإسلام وإتمامه وإكماله بولاية عليّ عليه السّلام وهو إشارة إلى قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}.[المائدة:3] يعني بولاية عليّ عليه السّلام أو هو ذكر كلّ ما يحتاج إليه العباد فيه وهذا تمهيد لما يجيء من أنّه لا يجوز فيه القول بالهوى والرّأي والقياس بل يجب الرّجوع إلى العالم عليه السّلام.
(واعْلَمُوا أَنَّه لَيْسَ مِنْ عِلْمِ الله ولَا مِنْ أَمْرِه أَنْ يَأْخُذَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ الله فِي دِينِه بِهَوًى ولَا رَأْيٍ ولَا مَقَايِيسَ) أي ليس الأخذ بما ذكر مِنْ علم الله المنزل إلى رسوله صلّى الله عليه وآله أو ليس مِنْ علمه بأنّه حقّ في دينه وممّا أمر به أحدًا وإذا كان كذلك فهو باطل اخترعه أهله لزعمه أنّ دين الله ناقص لم ينزل فيه جميع ما يحتاج إليه الأُمّة وفوّض تكميله إليهم ولئلّا يُنسب الجهل إليه بالسّكوت عمّا لا يعلم، ثمّ أشار إلى أنّ جميع ما يحتاجون اليه قد أنزله الله تعالى في القرآن بقوله: (قَدْ أَنْزَلَ الله الْقُرْآنَ وجَعَلَ فِيه تِبْيَانَ كُلِّ شَيْءٍ) حال عن الله أو استئناف لبيان أنّهم لا يحتاجون إلى الأخْذِ بما ذكر لأنّ القرآن تبيان كلّ شيء يحتاجون إليه أوّلًا، ثمّ العلم كلّه وإن كان في القرآن لكن لا يعلمه كلّ أحد بالتجربة والاتفاق بل إنّما يعلمه جماعة مخصوصون كما أشار إليه بقوله: (وجَعَلَ لِلْقُرْآنِ ولِتَعَلُّمِ الْقُرْآنِ أَهْلًا) يعلمه ويدفع من لفظه ومعناه تحريف المبطلين.
ثمّ أشار إلى أنّه لا يجوز لأهل علم القرآن الأخذ بما ذكر فقال (عِلْمِ الْقُرْآنِ الَّذِينَ آتَاهُمُ الله عِلْمَه) كما آتاه رسول الله صلّى الله عليه وآله (أَنْ يَأْخُذُوا فِيه بِهَوًى ولَا رَأْيٍ ولَا مَقَايِيسَ) فإذا لم يجز ذلك لهم مع كمال نفوسهم وقوّة عقولهم وشمول علمهم الأحكام وعللها كيف يجوز ذلك لغيرهم.
ثمّ أشار بعد التصريح بعدم جواز أخذهم بما ذكر إلى عدم احتياجهم إلى الأخذ به أيضًا بقوله: (أَغْنَاهُمُ الله عَنْ ذَلِكَ بِمَا آتَاهُمْ مِنْ عِلْمِه) دلّ على أنّ هذا العلم موهبي والضمير للقرآن أو لله تعالى، (وخَصَّهُمْ بِه ووَضَعَه عِنْدَهُمْ) فلا يشاركهم غيرهم وهم يحفظونه ولا ينسونه أبدًا (كَرَامَةً مِنَ الله أَكْرَمَهُمْ بِهَا) (وهُمْ أَهْلُ الذِّكْرِ الَّذِينَ أَمَرَ الله هَذِه الأُمَّةَ بِسُؤَالِهِمْ) في قوله تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُون}[النحل:43]، ثمّ رغّب في الرّجوع إليهم بقوله: (وهُمُ الَّذِينَ مَنْ سَأَلَهُمْ وقَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ الله أَنْ يُصَدِّقَهُمْ ويَتَّبِعَ أَثَرَهُمْ، أَرْشَدُوه) إلى مسؤله، (وأَعْطَوْه مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ) لا مِنَ الهوى والرّأي والقياس (مَا يَهْتَدِي بِه إِلَى الله بِإِذْنِه) أي بتوفيقه أو بعلمه أنّه يقبل الهداية وفيه حينئذٍ كما في الجملة الحالية إشارة إلى أنّ إرشادهم للسّائل واهتدائه لا يكونان إلّا مقرونًا بعلمه تعالى في الأزل بتصديقه واستعداده بقبول الهداية، ثمّ أشار بقوله: (وإِلَى جَمِيعِ سُبُلِ الْحَقِّ) إلى أنّهم كما يرشدون السّائل إلى ما سأله كذلك يرشدونه إلى جميع سُبل الحقّ لأنّهم أدلّاء يدلّون العباد إذا وجدوهم مصدّقين لهم إلى طُرِق الخيرات كلّها مع السّؤال وبدونه ولما ذكر الرّاغبين فيهم والمصدّقين لهم في علم الله تعالى وأنّهم لا يأخذون بالهوى والرّأي والقياس كما لا يأخذ بها أئمّتهم أشار إلى الرّاغبين عنهم والمكذّبين لهم في علمه تعالى والآخذين بما ذكر مثل أئمّتهم بقوله: (وهُمُ الَّذِينَ لَا يَرْغَبُ عَنْهُمْ وعَنْ مَسْأَلَتِهِمْ وعَنْ عِلْمِهِمُ الَّذِي أَكْرَمَهُمُ الله بِه وجَعَلَه عِنْدَهُمْ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْه فِي عِلْمِ الله الشَّقَاءُ فِي أَصْلِ الْخَلْقِ تَحْتَ الأَظِلَّةِ) هي عالم الأرواح الصرفة أو عالم الذر وهو عالم المثال وإطلاق الظلّ على الروح والمثال مجاز تشبيهًا لهما بالظل في عدم الكثافة وتقريبًا لهما إلى الفهم.
(فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَرْغَبُونَ عَنْ سُؤَالِ أَهْلِ الذِّكْرِ والَّذِينَ آتَاهُمُ الله عِلْمَ الْقُرْآنِ ووَضَعَه عِنْدَهُمْ وأَمَرَ بِسُؤَالِهِمْ، وأُولَئِكَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ بِأَهْوَائِهِمْ وآرَائِهِمْ ومَقَايِيسِهِمْ حَتَّى دَخَلَهُمُ الشَّيْطَانُ لأَنَّهُمْ جَعَلُوا أَهْلَ الإِيمَانِ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ الله كَافِرِينَ وجَعَلُوا أَهْلَ الضَّلَالَةِ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ الله مُؤْمِنِينَ، وحَتَّى جَعَلُوا مَا أَحَلَّ الله فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ حَرَامًا وجَعَلُوا مَا حَرَّمَ الله فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ حَلَالًا؛ فَذَلِكَ أَصْلُ ثَمَرَةِ أَهْوَائِهِمْ.
وقَدْ عَهِدَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله) قَبْلَ مَوْتِه فَقَالُوا: نَحْنُ بَعْدَ مَا قَبَضَ الله عَزَّ وجَلَّ رَسُولَه يَسَعُنَا أَنْ نَأْخُذَ بِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْه رَأْيُ النَّاسِ بَعْدَ مَا قَبَضَ الله عَزَّ وجَلَّ رَسُولَه (صلّى الله عليه وآله) وبَعْدَ عَهْدِه الَّذِي عَهِدَه إِلَيْنَا وأَمَرَنَا بِه مُخَالِفًا للهِ ولِرَسُولِه (صلّى الله عليه وآله)، فَمَا أَحَدٌ أَجْرَأَ عَلَى الله ولَا أَبْيَنَ ضَلَالَةً مِمَّنْ أَخَذَ بِذَلِكَ وزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَسَعُه، والله إِنَّ لله عَلَى خَلْقِه أَنْ يُطِيعُوه ويَتَّبِعُوا أَمْرَه فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) وبَعْدَ مَوْتِه. هَلْ يَسْتَطِيعُ أُولَئِكَ أَعْدَاءُ الله أَنْ يَزْعُمُوا أَنَّ أَحَدًا مِمَّنْ أَسْلَمَ مَعَ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) أَخَذَ بِقَوْلِه ورَأْيِه ومَقَايِيسِه؟
فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَى الهآ وضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا، وإِنْ قَالَ: لَا، لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ بِرَأْيِه وهَوَاه ومَقَايِيسِه فَقَدْ أَقَرَّ بِالْحُجَّةِ عَلَى نَفْسِه وهُوَ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّ الله يُطَاعُ ويُتَّبَعُ أَمْرُه بَعْدَ قَبْضِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله)، وقَدْ قَالَ اللَّه وقَوْلُه الْحَقُّ: {وما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِه الرُّسُلُ أفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ومَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْه فَلَنْ يَضُرَّ الله شَيْئاً وسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ} وذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ الله يُطَاعُ ويُتَّبَعُ أَمْرُه فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) وبَعْدَ قَبْضِ اللَّه مُحَمَّدًا (صلّى الله عليه وآله) وكَمَا لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مَعَ مُحَمَّدٍ صلّى الله عليه وآله) أَنْ يَأْخُذَ بِهَوَاه ولَا رَأْيِه ولَا مَقَايِيسِه خِلَافًا لأَمْرِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) فَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) أَنْ يَأْخُذَ بِهَوَاه ولَا رَأْيِه ولَا مَقَايِيسِه)".[المولى محمّد صالح المازندراني، شرح أُصول الكافي، 11/ 186-190 (بتصرّف)].
عجّل الله تعالى لنور آل محمّد وسائقهم والمنتقم بأمر الله من أعدائهم الإمام بقيّة الله الأعظم (عليه وآله السّلام) الفرج ونحن معه. اللّهمّ صلِّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسرّ المستودع فيها والعن ظالميها.
& السيّد جهاد الموسوي &
• youtube / channel
• visiblewater.blogspot.com