بسم الله الرحمن الرحيم
الدعاء هو مخ العبادة، و قد عرّفه اللغويون بأنه النداء، أما المشرعون فقد عرفوه بأنه مخاطبة الخالق سبحانه وتعالى، ومناجاته في الصلاة أو في سائر العبادات الأخرى، و لقد إفتتح الله سبحانه و تعالى كتابه المجيد بالدعاء، فسورة الفاتحة هي عبارة عن دعاء، و قد أمر الله المسلمون بالدعاء في القرآن الكريم في عشرات المواضع نذكر بعضاً منها:
• قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (الإسراء 110)
• ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (الأعراف 55)
• وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (غافر 60)
[/SIZE][/FONT]• ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (الأعراف 55)
• وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (غافر 60)
و كذلك حثّ الرسول صلى الله عليه و آله و سلم و خلفاءه من أهل بيته عليهم السلام المسلمين على الدعاء، فقد جاء
عن انبي صلى الله عليه و آله و سلم : الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السّماوات والأرض (عيون أخبار الرضا – المجلد الثاني – صفحة 36)
وعن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام : أحب الإعمال إلى الله تعالى في الأرض الدعاء، و كان عليه السلام رجلا دعّاء (أصول الكافي – المجلد الثاني – صفحة 468)
و عن الإمام الصادق عليه السلام : عليكم بالدّعاء !.. فإنكم لا تتقربون بمثله ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تسألوها ، فإنَّ صاحب الصغائر هو صاحب الكبائر (مجالس المفيد – صفحة 19)
و قد ورث الشيعة من أهل البيت عليهم السلام تراثاً من الأدعية تعد مدرسة في الفصاحة و البلاغة و الأدب و فنون التضرع و مخاطبة الله عزّ و جل، ميزتهم عن غيرهم من المذاهب الإسلامية الأخرى، حيث أثرت هذه الأدعية المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام في إستبصار الكثيرين، و الدكتور أسعد الفلسطيني أحدهم حيث يقول وأمَّا على صعيد الأخلاق والتربية الروحيّة فما عليك إلاَّ أن تنظر في مفاتيح الجنان ، والصحيفة السجّاديّة ، وغيرها من كتب الأدعية والزيارات المأثورة لترى سموَّ المستوى الذي أراد أهل البيت عليهم السلام أن يهذِّبوا به نفوس أتباعهم. (راجع كتاب المتحولون – صفحة 476)
و لكن للأسف ظهرت لنا مشيخة في الوسط الشيعي تشكك في هذه لأدعية المأثورة في مفاتيح الجنان (للشيخ عباس القمي) و كما شككوا في نسبتها لأهل البيت عليهم السلام، و إدعوا أنها كتبت أيام الصفويين و زمن الشيخية و البابية، كدعاء الندبة و دعاء التوسل و دعاء العشرات و دعاء القدح و دعاء المشلول و دعاء العديلة و غيرها. كما روجوا بشركية بعض فقرات هذه الأدعية كقول : وَبِيُمْنِهِ رُزِقَ الْوَرى، وَبِوُجُودِهِ ثَبتَتِ الأَرْضُ وَالسَّمآءُ (دعاء العديلة)،
و قالوا : أين وجود الله، إذا كانت الدنيا للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، و كذلك هو الرازق ؟
و لم يكتفوا بالتشكيك في السند و نسب الشرك و الغلوّ لهذه الأدعية بل حتى الأدعية التي لها إسناد صحيح ومتصلة بأئمة أهل البيت عليهم السلام شككوا بها بدعوى أنها تتخللها فقرات مدسوسة من بعض الغلاة الصفوية و الشيخية و البابية و غيرهم.
[/RIGHT]
الردّ على الشبهة الأولى: سند الأدعية المذكورة
أولاً: متى ظهرت الصفوية و الشيخية و البابية ؟
الصفوية : 907 هـ ، الشيخية : 1166 هـ ، البابية : 1260 هـ
ثانياً: نأتي لسند الأدعية الشريفة:
الصفوية : 907 هـ ، الشيخية : 1166 هـ ، البابية : 1260 هـ
ثانياً: نأتي لسند الأدعية الشريفة:
دعاء الندبة : رواه الشيخ إبن المشهدي في كتابه (المزار الكبير) بإسناده، عن محمد بن أبي قرة، عن محمّد بن الحسين البزوفري وهو من مشايخ النجاشي الذي لا يروي إلا عن الثّقات.
و الشيخ محمد بن جعفر المشهدي قدس سره عاش ما بين سنة (510 هـ - 594 هـ) ، أي قبل ظهور الصفوية بـ 400 سنة و قبل الشيخية بـ 600 سنة ، و قبل البابية بـ 700 سنة.
و الشيخ محمد بن جعفر المشهدي قدس سره عاش ما بين سنة (510 هـ - 594 هـ) ، أي قبل ظهور الصفوية بـ 400 سنة و قبل الشيخية بـ 600 سنة ، و قبل البابية بـ 700 سنة.
دعاء التوسل: قال العلامة المجلسي رحمه الله عن بعض الكتب المعتبرة : أنه روى المحدث الجليل الشيخ الصدوق محمد بن بابويه هذا التوسل عن الأئمة عليهم السلام، و قال ما توسلت لأمر من الأمور إلا وجدت أثر الإجابة سريعاً (راجع بحار الأنوار – المجلد 99 – صفحة 247).
و الشيخ محمد بن علي بن بابويه القمي قدس سره عاش مابين سنة (306 هـ - 381 هـ) ، أي قبل ظهور الصفوية بـ 600 سنة و قبل الشيخية بـ 800 سنة ، و قبل البابية بـ 900 سنة.
دعاء العشرات: يقول السيد إبن طاووس قدس سره في كتاب (جمال الأسبوع – صفحة 279) : روينا بإسنادنا إلى جدي السعيد أبي جعفر الطوسي، بإسناده إلى أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، قال: حدثنا ثعلبة بن ميمون، عن صالح بن الفيض، عن أبي مريم، عن عبد الله بن عطاء، قال: حدثني أبو جعفر محمد ابن علي الباقر، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين
والشيخ علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد الطاووس العلوي الحسني، عاش ما بين سنة (589 هـ - 664 هـ) ، أي قبل ظهور الصفوية بـ 300 سنة و قبل الشيخية بـ 500 سنة ، و قبل البابية بـ 600 سنة.
و الشيخ محمد بن علي بن بابويه القمي قدس سره عاش مابين سنة (306 هـ - 381 هـ) ، أي قبل ظهور الصفوية بـ 600 سنة و قبل الشيخية بـ 800 سنة ، و قبل البابية بـ 900 سنة.
دعاء العشرات: يقول السيد إبن طاووس قدس سره في كتاب (جمال الأسبوع – صفحة 279) : روينا بإسنادنا إلى جدي السعيد أبي جعفر الطوسي، بإسناده إلى أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، قال: حدثنا ثعلبة بن ميمون، عن صالح بن الفيض، عن أبي مريم، عن عبد الله بن عطاء، قال: حدثني أبو جعفر محمد ابن علي الباقر، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين
والشيخ علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد الطاووس العلوي الحسني، عاش ما بين سنة (589 هـ - 664 هـ) ، أي قبل ظهور الصفوية بـ 300 سنة و قبل الشيخية بـ 500 سنة ، و قبل البابية بـ 600 سنة.
دعاء القدح: قال السيد بن طاووس ( رحمه الله ) في كتابه (منهج الدعوات – صفحة 89) : و من ذلك دعاء آخر برواية أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه و آله عن جبرئيل عليه السلام، و قد روى كثيراً من فضائله.
وقد سلف ذكرنا لتقدم الشيخ ابن طاووس على الصفوية و الشيخية و البابية بقرون.
وقد سلف ذكرنا لتقدم الشيخ ابن طاووس على الصفوية و الشيخية و البابية بقرون.
دعاء المشلول : أورده الشيخ الكفعمي في كتابه جنّة الأمان الواقية المعروف بكتاب (المصباح) ، قال : ومن ذلك دعاء المشلول و هو رفيع الشأن جليل القدر مروى عن الحسين عليه السلام عن أبيه عن علي عليه الصلاة والسلام.
وقد أشار لهذا الدعاء معاصره ابن أبي جمهور الأحسائي في كتابه (غوالي اللآلي – المجلد الرابع صفحة 132) بنقله بعض فقرات هذا الدعاء مما يدل على شهرة هذا الدعاء في ذلك العصر.
والشيخ إبراهيم بن علي الكفعمي عاش ما بين سنة (840 هـ - 905 هـ) ، أي قبل ظهور الصفوية بـ 60 سنة و قبل الشيخية بـ 300 سنة ، و قبل البابية بـ 400 سنة.
دعاء العديلة : فهو من مؤلفات بعض أهل العلم ليس بمأثور و لا موجود في كتب حملة الأحاديث ونقادها (مستدرك سفينة البحار للشاهرودي – المجلد السابع – صفحة 122)
الرد على الشبهة الثانية : هل يجوز قراءة الأدعية التي لم ترد عن أهل البيت عليهم السلام، و التي كتبها أهل العلم مثل (دعاء العديلة) و غيرها ؟
يوقد أشار لهذا الدعاء معاصره ابن أبي جمهور الأحسائي في كتابه (غوالي اللآلي – المجلد الرابع صفحة 132) بنقله بعض فقرات هذا الدعاء مما يدل على شهرة هذا الدعاء في ذلك العصر.
والشيخ إبراهيم بن علي الكفعمي عاش ما بين سنة (840 هـ - 905 هـ) ، أي قبل ظهور الصفوية بـ 60 سنة و قبل الشيخية بـ 300 سنة ، و قبل البابية بـ 400 سنة.
دعاء العديلة : فهو من مؤلفات بعض أهل العلم ليس بمأثور و لا موجود في كتب حملة الأحاديث ونقادها (مستدرك سفينة البحار للشاهرودي – المجلد السابع – صفحة 122)
الرد على الشبهة الثانية : هل يجوز قراءة الأدعية التي لم ترد عن أهل البيت عليهم السلام، و التي كتبها أهل العلم مثل (دعاء العديلة) و غيرها ؟
قول أهل العلم بالإجماع أنَّ قراءة الدعاء منوطة بإعتبار المضمون لا بإعتبار السند، نعم لا بد من الإتيان به برجاء المطلوبية.
الرد على الشبهة الثالثة : هل أدعية أهل البيت عليهم السلام المذكورة في مفاتيح الجنان أو في الصحيفة السجادية و غيرها تحوي عبارات شرك و العياذ بالله ؟
جميع نصوص الأدعية الموجودة في هذه الكتب المعتبرة خالصة من الشرك، بل هي عين التوحيد لله عزّ وجل، و أما بالنسبة للعبارة كالتي وردت في دعاء العديلة : وَبِيُمْنِهِ رُزِقَ الْوَرى، وَبِوُجُودِهِ ثَبتَتِ الأَرْضُ وَالسَّمآءُ.
فالقائل بأن بها شرك أو غلوّ و العياذ بالله، فهذا من قلة معرفته ودرايته و كذلك من قلّة إلمامه باللغة العربية و الخبرة في فهم الأدعية و الروايات فإن قوله: (بيمنه رزق الورى)، لا يعني أن الإمام أصبح رزقاً، لأنه لم يقل بيمينه بل قال بيمنه يعني ببركته كما جاء في كتاب الله العزيز في سورة البلد (لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ) إعتبر الله سبحانه و تعالى في مكة موجباً لعظمتها فإستحقت أن يقسم بها الله سبحانه وتعالى، وأما قوله: (بوجوده تثبت الأرض و السماء)، فالعلم أثبت الجاذبية الأرضية و قال بأنها تمسك هذا العالم، و الرسول صلى الله عليه و آله و سلم وأهل بيته المعصومين عليهم السلام هم الإنسان الكامل الذي أراد الله أن يكونوا قدوة للناس في الكمال و يكونوا هم الثقل الذي يحفظ الله بهم تماسك العالم كما قال الرسول صلى الله عليه و آله و سلم : النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، و أهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض. (بحار الأنوار – المجلد 27 – صفحة 309 و 310) و أيضاً رواه أحمد في مسنده.
وكذلك قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في الحديث المتواتر : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي. (بحار الأنوار - المجلد 23 - صفحة 132) فهما الثقلان اللذان يحفظ الله بهما تماسك العالم و الله على كل شيئ قدير ، و الرسول صلى الله عليه و آله و سلم و أهل بيته المعصومين عليهم السلام أكرم على الله من قوى الجاذبية و غيرها.
الرد على الشبهة الثالثة : هل أدعية أهل البيت عليهم السلام المذكورة في مفاتيح الجنان أو في الصحيفة السجادية و غيرها تحوي عبارات شرك و العياذ بالله ؟
جميع نصوص الأدعية الموجودة في هذه الكتب المعتبرة خالصة من الشرك، بل هي عين التوحيد لله عزّ وجل، و أما بالنسبة للعبارة كالتي وردت في دعاء العديلة : وَبِيُمْنِهِ رُزِقَ الْوَرى، وَبِوُجُودِهِ ثَبتَتِ الأَرْضُ وَالسَّمآءُ.
فالقائل بأن بها شرك أو غلوّ و العياذ بالله، فهذا من قلة معرفته ودرايته و كذلك من قلّة إلمامه باللغة العربية و الخبرة في فهم الأدعية و الروايات فإن قوله: (بيمنه رزق الورى)، لا يعني أن الإمام أصبح رزقاً، لأنه لم يقل بيمينه بل قال بيمنه يعني ببركته كما جاء في كتاب الله العزيز في سورة البلد (لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ) إعتبر الله سبحانه و تعالى في مكة موجباً لعظمتها فإستحقت أن يقسم بها الله سبحانه وتعالى، وأما قوله: (بوجوده تثبت الأرض و السماء)، فالعلم أثبت الجاذبية الأرضية و قال بأنها تمسك هذا العالم، و الرسول صلى الله عليه و آله و سلم وأهل بيته المعصومين عليهم السلام هم الإنسان الكامل الذي أراد الله أن يكونوا قدوة للناس في الكمال و يكونوا هم الثقل الذي يحفظ الله بهم تماسك العالم كما قال الرسول صلى الله عليه و آله و سلم : النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، و أهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض. (بحار الأنوار – المجلد 27 – صفحة 309 و 310) و أيضاً رواه أحمد في مسنده.
وكذلك قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في الحديث المتواتر : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي. (بحار الأنوار - المجلد 23 - صفحة 132) فهما الثقلان اللذان يحفظ الله بهما تماسك العالم و الله على كل شيئ قدير ، و الرسول صلى الله عليه و آله و سلم و أهل بيته المعصومين عليهم السلام أكرم على الله من قوى الجاذبية و غيرها.
الكاتب : حسين الخميس البحراني