داعش هي امتداد لأي فكر سلفي موجود، وهذا الفكر يعتقد أن الحرب مع اليهود ستكون آخر الزمان..حيث الملاحم والفتن، وسيأتي المهدي المنتظر ليقضي على دولة إسرائيل، ثم سيأتي المسيخ الدجال ومعه السيد المسيح للقضاء عليه....وهكذا..!

أي أنهم يعتقدون أن حرب إسرائيل من علامات الساعة

هذه إحدى نتائج الأسطورة في مجتمعاتنا..بدلاً من قتال العدو قتلوا الصديق والشقيق، بل قتلوا أنفسهم، لذلك فالجريمة والأسطورة وجهين لعملة واحدة..

السلفيون لديهم طاقات مختزنة ووعي تراثي ضارب في عمق التاريخ، وحين جاء الإخوان في منتصف القرن العشرين مع إحياءة مختلفة أحيت لديهم .."فقه الجهاد".. على مراحل بدأت مع إرهاب الإخوان في الأربعينات والخمسينات ، ثم تجلت في الستينات حيث جماعة التكفير والهجرة، ثم تطورت في السبعينات حيث جماعة صالح سرية وجهيمان العتيبي، ثم أخذت طورها النهائي في تنظيم الجهاد الذي أسس بعد ذلك تنظيم القاعدة..

حدث تحول رهيب في فكر الجماعات بعد ثورة الخوميني في إيران عام 1979، فموضوع الإمام الغائب ورجعة المهدي ..كل تلك العقائد المثبطة عن الجهاد في الفكر الشيعي انتهت تماماً مع ثورة إيران ، ومعها انتقلت الجماعات إلى مرحلة.."الثورة الدينية"..بدلاً مما كانت تعيش فيه من وهم.."أسلمة المجتمع والتغييرالبطئ ".

لقد اعتمدوا على فكرة أن ذلك الزمان هو زمن الملاحم والفتن، وعليه فالجهاد واجب على كل نفس، لكن بقيت إسرائيل في ظل ذلك بقعة داكنة سوداء لا شكل لها ولا هوية في عقولهم، حيث لا أمر نصوصي في التراث بقتال اليهود قبل الأمر بالتغيير والخلافة، لذلك عملوا أولاً على تحقيق الهدف الأول.."التغيير ثم الخلافة"..ومع صعوبة تحقيق هذا الهدف ظلت إسرائيل آمنة عن أياديهم.

هذه الطريقة في التفكير ستجعلهم دائماً في قتال فتنوي هادم لكل المجتمعات، لن يرحموا أحداً لأن الأمر الديني لديهم واضح بقتال كل من يقعد أو يخاصم.."الخلافة".

لذلك أعتقد أنه لو أردنا توجيه داعش ناحية اليهود أن نحرر أولاً مسألة الخلافة وعلاقة الدين بالسياسة، ونزيح من عقولهم وهم.."ملاحم آخر الزمان"..الخرافي الذي كان يصلح لعقول البدو والقرون الوسطى حينها.