وعن هذه المناقشة الثانية أجاب الشيخ ياسر الحبيب:
أما أنه كيف نقبل رواية مسلم الجصاص مع أنه كان يجصّص قبر ابن مرجانة؛ فهذا من أطرف الإشكالات! لأن المقتل الذي نقرأه الآن عما جرى على أبي عبد الله الحسين (صلوات الله عليه) في كربلاء جلّه مرويٌّ عن حميد بن مسلم الأزدي وقد كان من جنود عمر بن سعد (لعنه الله) منخرطاً في جيشه!
إنما نقبل روايات هؤلاء - مع قطع النظر عما جاء في التاريخ من كونهم تابوا بعد ذلك وخرجوا مع المختار - من باب الاطمئنان إلى أن العدو لا يشهد على نفسه إلا بالصدق، ولا يُظهر عيوبه إلا وهو محق.
ولا يخفى أن قول أحدهم أنه كان حاضرًا في معسكر العدو، أو كان يجصّص قصر الطاغي، ومع ذلك هاله ما جرى على الحسين وأهل بيته وأصحابه (صلوات الله عليهم) ورواه بتفاصيله؛ مفهومه أنه يدين نفسه لتخاذله أو تقصيره، ولذا يُطمأن إلى ما رواه.
مثال ذلك ما لو شهد أحد الصهاينة اليوم الذين شاركوا في الحرب على غزة قائلاً: ”رأيت امرأة تحمل رضيعها، فأطلق عليها زميل لي النار حتى أرداها، وكان رضيعها قد سقط أرضًا، فجاءه زميل آخر لي وداس عليه برجله“. فإنّا في مثل هذه الحالة نقبل شهادة هذا الصهيوني مع أنه كافر معادي، لا لشيء إلا لوثوقنا بأن ما يرويه وينقله قد صدق فيه، لأنه لا مصلحة له في إدانة نفسه وقومه، وأن ما ذكره في شهادته نشأ من عدم تحمّله لبشاعة هذا المنظر الذي رآه. فكذلك الحال في مثل حميد بن مسلم ومسلم الجصاص وأمثالهما.
والقاعدة " التسامح في أدلة السنن" معناها أن الخبر الضعيف الذي يدل على الاستحباب لو عمل به وحتى لو لم يفعله الرسول يؤجر صاحبه .
ويستدل عليها الفقهاء بالحديث الشريف " مَنْ بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ ( صلى الله عليه و آله ) شَيْءٌ مِنَ الثَّوَابِ فَعَمِلَهُ كَانَ أَجْرُ ذَلِكَ لَهُ وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) لَمْ يَقُلْهُ "
وسائل الشيعة ( تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ) : 1 / 81
أما أنه كيف نقبل رواية مسلم الجصاص مع أنه كان يجصّص قبر ابن مرجانة؛ فهذا من أطرف الإشكالات! لأن المقتل الذي نقرأه الآن عما جرى على أبي عبد الله الحسين (صلوات الله عليه) في كربلاء جلّه مرويٌّ عن حميد بن مسلم الأزدي وقد كان من جنود عمر بن سعد (لعنه الله) منخرطاً في جيشه!
إنما نقبل روايات هؤلاء - مع قطع النظر عما جاء في التاريخ من كونهم تابوا بعد ذلك وخرجوا مع المختار - من باب الاطمئنان إلى أن العدو لا يشهد على نفسه إلا بالصدق، ولا يُظهر عيوبه إلا وهو محق.
ولا يخفى أن قول أحدهم أنه كان حاضرًا في معسكر العدو، أو كان يجصّص قصر الطاغي، ومع ذلك هاله ما جرى على الحسين وأهل بيته وأصحابه (صلوات الله عليهم) ورواه بتفاصيله؛ مفهومه أنه يدين نفسه لتخاذله أو تقصيره، ولذا يُطمأن إلى ما رواه.
مثال ذلك ما لو شهد أحد الصهاينة اليوم الذين شاركوا في الحرب على غزة قائلاً: ”رأيت امرأة تحمل رضيعها، فأطلق عليها زميل لي النار حتى أرداها، وكان رضيعها قد سقط أرضًا، فجاءه زميل آخر لي وداس عليه برجله“. فإنّا في مثل هذه الحالة نقبل شهادة هذا الصهيوني مع أنه كافر معادي، لا لشيء إلا لوثوقنا بأن ما يرويه وينقله قد صدق فيه، لأنه لا مصلحة له في إدانة نفسه وقومه، وأن ما ذكره في شهادته نشأ من عدم تحمّله لبشاعة هذا المنظر الذي رآه. فكذلك الحال في مثل حميد بن مسلم ومسلم الجصاص وأمثالهما.
والقاعدة " التسامح في أدلة السنن" معناها أن الخبر الضعيف الذي يدل على الاستحباب لو عمل به وحتى لو لم يفعله الرسول يؤجر صاحبه .
ويستدل عليها الفقهاء بالحديث الشريف " مَنْ بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ ( صلى الله عليه و آله ) شَيْءٌ مِنَ الثَّوَابِ فَعَمِلَهُ كَانَ أَجْرُ ذَلِكَ لَهُ وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) لَمْ يَقُلْهُ "
وسائل الشيعة ( تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ) : 1 / 81
تعليق