إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الحرب ليست هي الحل

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحرب ليست هي الحل

    الحرب ليست هي الحل

    يستفيد الإنسان من السالب كثيراً في حياته المادية التي لا تقوم إلا على التزاوج بين الإيجاب ‏والسلب ، إلا أنه يعاني كثيراً من السالب في حياته المعنوية ،لذا فهو يحاول جاهداً الخلاص من هذه ‏المعاناة بأساليب عدة أهمها عنده هي الحرب و المهاجمة ، فهو يتصور أن هذا الأسلوب هو الذي ‏يضمن له الخلاص النهائي من السالب ، والإنسان بذلك التصور يروم أمراً محالاً ، فذات السالب ‏وحقيقته أمر لا يمكن الخلاص منه، ذلك أن نظام الحياة مبني على التزاوج ببين السلب والإيجاب ، ‏الأمر الممكن فقط هو الخلاص من الأثر الضار للسالب في الأشياء ، وهذا لا يمكن إلا بحل واحد ‏وهو تنمية ضده وهو الجانب الإيجابي في تلك الأشياء ، فبه يمكننا أن نبطل الأثر الضار للسالب ‏علينا ، وعندما ننظر إلى حياة الإنسان المادية نجد أن الإنسان يجيد هذا الحل في كثير من مجالاتها فهو ‏طبياً على سبيل المثال يستخدم للوقاية من ضرر الجراثيم الأمصال واللقاحات التي غالباً ما تتركب ‏من جراثيم أو بكتيريا موجبة ، تتضائل معها آثار البكتيريا السالبة. ‏
    لكن الإنسان يتناسى هذا الحل في جانب الحياة المعنوي ،وبسبب ذلك فقد جاءت الرسالات ‏السماوية لتذكر الإنسان بهذه الحل وتجسده له في حياته المعنوية ،فتلك الرسالات كانت عبارة عن ‏إنعاش لمن يمثل الموجب في المجتمعات السالبة ، ليسلم الناس بالإلتفات حوله من ضرر من يجسد ‏السالب في تلك المجتمعات.‏
    ورسالة الرسول محمد كما هو شأن باقي الرسالات قد ركزت بصورة أساسية على إنعاش الموجب ‏في مجتمع الإنسان لإبطال أثر السالب فيه، بل وجعلت أهم قاعدة من قواعدها التي تقوم عليها ‏وتدعوا إليها هي قاعدة الولاء الذي تعني إنعاش من يمثل الإيجاب في المجتمع بالإلتفاف حوله وتمكينه ‏من تجسيد مبادئه الإيجابيية على أرض الواقع ، وقد ظهر هذا الإهتمام جلياً في مواقف كثيرة من ‏حياة الرسول محمد ، كموقفه في (غدير خم) حين أمسك بيد أبن عمه علي بن أبي طالب أمام ‏جموع الناس قائلاً ((من كنت مولاه فعلي مولاه ))، ففي هذا الحديث أخبر الرسول الناس أن علي ‏بن أبي طالب هو من يجسد الموجب من مجتمعه بعد رحيل الرسول ، وبالتفاف الناس حول ذلك ‏الموجب وإنعاشهم له سيتضائل أثر السالب ويتلاشى صوته ،وقد أخبر الرسول الناس أن فعله ذلك ‏هو أهم حدث في تاريخ دعوته لأنه الأسلوب الوحيد الذي به يكون خلاص العالم من آلام السالب ‏من الخلق ، وأن جميع ما تقدم هذا الحدث من مواقف الرسول إنما كان تمهيداً له فقط ، ولأهمية هذا ‏الحدث فقد حث القرآن الرسول محمد على تنفيذه بلهجة قوية ففي الآية __ التي نزلت قبيل ذلك ‏الحدث يقول القرآن ((يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ)) ‏
    وكمثال آخر على إهتمام الرسول بهذا الأسلوب هو تلك المقولة المشهورة التي يتفق عليها كافة ‏المسلمين والتي مضمونها: (( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تظلوا بعدي أبداً كتاب الله وعترتي ‏أهل بيتي ألا إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض )) ففي هذا الحديث ‏أكد الرسول محمد على ضرورة تمسك الناس وإنعاشهم لمن يمثل الإيجاب في مجتمعاتهم في كل عصر ‏وزمان إلى قيام الساعة والذي وصفه بـعترته وأهل بيته ، فإنعاشهم لهذا الموجب وتجسيدهم لمبادئه ‏كفيل بإنقاذ الناس من مفاسد من يجسد خط السلب من البشر ، فقلوب الناس مفطورة على حب ‏الخير والإقبال إليه وكراهية الشر والنفور منه ، فبمجرد أن ترى الخير والإيجاب مجسد في أرقى ‏صوره تهفو مقبلة إليه تاركة وراءها خط السالب أعزل عارياً لا ناصر له ولا معين ،حتى يضطر في ‏الأخير إلى إعلان إستسلامه وإنضمامه في خدمة الموجب ، فبهذا الأسلوب يضمن العالم السلامة من ‏شر السالب في هذا العالم ، بدلاً من إجهاد النفس في استخدام القوة لسحق هذا السالب الذي ليس ‏بقاؤه في هذا العالم لغير خدمة الإنسان لو فهم الإنسان معنى الخدمة وطريقها ،لذا فإن الرسول محمد ‏لم يستخدم القوة أبداً لمهاجمة من يمثل السلب في مجتمعه بل سعى إلى تنمية من كان يمثل الإيجاب ‏واجتهد في الدعوة إلى إنعاشه و هو علي بن أبي طالب في ذلك العصر ، وإنما اضطر الرسول إلى ‏استخدام القوة في بعض الأحيان للدفاع عن النفس فقط ممن يحاول إلغائه والخلاص منه ،لذا فإن ‏آيات القرآن كلها مركزة على الدعوة إلى إنعاش الموجب في الناس وبيان كيفية ذلك الإنعاش ، ‏فالإنعاش للموجب في نظر دعوة محمد هو حقيقة القوة التي دعا القرآن إلى إعدادها والتي يتمكن ‏الإنسان من خلالها إرهاب السالب والأمن من ضرره وإبطال مفعوله السيئ في هذا العالم .‏
    إن الحرب ليست هي الحل للخلاص من أضرار السالب ، ذلك أن الحرب شأنها شأن الكثير من ‏قضايا الإنسان الإقتصادية والسياسية يجب عند التفكير فيها أن ينظر الإنسان إلى أن العالم أصبح ‏اليوم وحدة واحدة كالقرية الصغيرة ، فالأحداث في هذا العالم أصبحت تشمل كل أجزائه ، فما ‏يحدث في الشرق يحصد آثاره من في الغرب وما يقع في الشمال يشمل أثره من في الجنوب ، وعليه ‏فإن مسألة الحرب الآن لن تكون بالصورة التي كانت عليها سابقاً حين لم يكن ضررها يتعدى ‏أهدافها المرسومة ، فهي الآن ستشمل كل أجزاء العالم الذي ترتبط مصالحه ببعضه البعض ، ‏وبالأخص مع صنع الأسلحة النووية الموحشة التي ستعم وحشيتها - إن استُخْدِمَت -كل العالم ‏المحسن منهم والمسيء ، والأخضر واليابس ،ولا محالة أن العدو سيستخدم هذه الأسلحة ولو في ‏اللحظات الأخيرة حين يحس بالخطر الحتمي على حياته ولو كان ذلك على حساب العالم بأسره ، ‏إذ أن العالم عند العدو المنحرف ليس بأغلى عليه من نفسه.‏
    إن مثل هذه الحرب التي لا يمكن حصر ضررها في الأهداف المرسومة محرمة في نظر الأنبياء ‏،والتاريخ يشهد نهي الرسول محمد لأصحابه عن استخدام السلاح عند محاولة استرجاع مكة لعدم ‏قدرة أصحابه على تحديد العدو بسبب وجود كثير من المؤمنين المتخفين في مكة فقال القرآن ((هُمُ ‏الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَ لَوْ لا ‏رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَ نِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ‏لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً)).‏
    ونحن كبشر نملك قلوباً وأفئدة تحترق أسى لتلك العيون الباكية والدماء السائلة نناشد كل قلب حي ‏وبالخصوص من لهم الأمر والنهي أن ينظروا إلى حقيقة السالب بمنظار علمي واعٍ قبل أن ينظروا إليه ‏بمنظار ديني ليتعاملوا معه ولو على الأسس والقوانين العلمية التي يجيدونها في حياتهم المادية ، فبدلاً ‏من أن ينهكوا البشرية بأسلحة الحرب والدمار التي تنال المذنب والبريء عليهم أن يكرسوا ‏جهودهم لإنعاش الموجب من الخلق و التعاون على إتاحة الفرصة له لتطبيق مبادئه الإيجابية على ‏المستوى العالمي ، وبذلك سيضمنون الإنتصار الكامل على السالب والخلاص من ضرره إن كانوا ‏جادين في طلب الخلاص .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X