إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الإنتفاع بالمهدي (ع) المنتفع به كما الشمس وإن تجللها سحاب

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإنتفاع بالمهدي (ع) المنتفع به كما الشمس وإن تجللها سحاب


    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وآل محمد


    - النجومُ أمانٌ لأهلِ السماءِ، و أهلُ بيتي أمانٌ لأمتي

    الراوي: سلمة بن الأكوع المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 9313
    خلاصة حكم المحدث: حسن


    - المَهديُّ منَّا أَهلَ البيتِ يُصلحُهُ اللَّهُ في ليلةٍ

    الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 9243
    خلاصة حكم المحدث: حسن

    جاء في كتاب غيبة الإمام المهدي عند الإمام الصادق عليهما السلام للسيد ثامر هاشم العميدي من ص 103 الى ص 107 :



    ثانياًً ـ بيان الإمام الصادق عليه‌السلام لكيفية الانتفاع بالحجة الغائب عليه‌السلام :

    نطقت أحاديث أهل البيت عليه‌السلام وبصورة متواترة بأن الله تعالى لا يخلي أرضه من حجة على عباده منذ أن خلق الله آدم وإلى قيام الساعة ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الحجة ظاهراً مشهوراَ ، أو خائفاَ مستوراً كما مرّ في القاعدة الرابعة من قواعد الفصل السابق.
    والتسليم بهذه القاعدة يعني الاعتقاد بوجود الإمام المهدي عليه‌السلام في أرض الله عزّوجلّ وإن لم يره أحد ، وهو بحد ذاته كاف لنمو الفضيلة ، وخلق جوّ من التآلف والمودّة بين المؤمنين الذين يعيشون في حالة انتظار دائم وترقّب شديد لظهوره عليه‌السلام ، الأمر الذي يؤدي إلى حفظ المجتمع المسلم من التشتّت والضياع ، ومنعه ن الانحدار وراء الشهوات ، وصونه من كل انحراف.
    كما من نفس وجود الإمام عليه‌السلام فيه منافع كثيرة ترتبط بحياة الناس جميعاًً ، من نزول بركات السماء ، وعدم المؤاخذة بالعقاب العاجل ونحوها ، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة مبيناً أهميتة الحجة وهي في زمن نزوله منحصرة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال تعالى : ( وما كان الله ليعذّبهم أنت فيهم وما كان الله معذّبهم وهم يستغفرون ) (١) ، وأما بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله فلا شكّ في منها بآله الكرام عليهم‌السلام.
    __________________
    ١ ـ سورة الانفال : ٨ / ٣٣.



    لقد حاول الإمام الصادق عليه‌السلام تقريب صورة الانتفاع بالإمام الحجة الغائب عليه‌السلام بمثال مادي محسوس ، ليكون ذلك أدعى إلى الإذعان والتصديق.
    فعن سليمان بن مهران الأعمش ، عن الإمام الصادق ، عن أبيه الإمام الباقر ، عن أبيه الإمام على بن الحسين عليهم‌السلام ، قال : « نحن أئمة المسلمين ، وحجج الله على العالمين ... ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة الله ولا تخلوا إلى أن تقوم الساعة من حجة الله فيها ، ولولا ذلك لم يعبد الله. قال سليمان : فقلت للصادق عليه‌السلام : فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال عليه‌السلام : كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب » (١).
    وكما من السحاب لا يمنع من فوائد الشّمس الكثيرة ، ولولاها لا نعدمت الحياة ، فكذلك لا تمنع الغيبة من الفوائد العظيمة المترتّبة على وجود الإمام عليه‌السلام ، وهذا ما يفسّر لنا معنى قول الإمام الصادق عليه‌السلام : « لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت » (٢).
    جدير بالذكر من حديث الإمام الصادق عليه‌السلام المتقدم برواية الأعمش هو جزء من حديث عظيم لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، برواية جابر بن عبد الله الانصاري ، قال رضي الله عنه : « لمّا منزل الله عزّوجلّ على نبيّه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ( يا أيّها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر
    __________________
    ١ ـ إكمال الدين ١ : ٢٠٧ / ٢٢ باب ٢١ ، وأمالي الصدوق : ١٥٦ ـ ١٥٧ / ١٥ مجلس / ٣٤ ، وفرائد المسطين / الجويني الشافعي ١ : ٤٥ ـ ٤٦ / ١١.
    ٢ ـ أصول الكافي ١ : ١٧٩ / ١٠ ، باب من الأرض لا تخلوا من حجة ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٣٨ / ٨ باب ٨.



    منكم ) (١) قلت : يا رسول الله عرفنا الله ورسوله ، فمن اولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال عليه‌السلام : « هم خلفائي يا جابر ، وأئمة المسلمين ( من ) بعدي أولهم عليّ بن أبي طالب ، ثم الحسن والحسين ، ثم عليّ بن الحسين ، ثم محمد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر ، وستدركه يا جابر ، فإذا لقيته فأقرئه منّي السّلام ، ثم الصادق جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم عليٍّ بن موسى ، ثم محمد بن عليّ ، ثم عليّ بن محمد ، ثم الحسن بن عليّ ، ثم سميّي وكنيي حجة الله في أرضه ، وبقيّته في عباده ابن الحسن بن على ، ذاك يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها ، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان » ، قال جابر : فقلت له : يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « اي والذي بعثني بالنبوَّة إنّهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلّلها سحاب ، يا جابر هذا من مكنون سرالله ، ومخزون علمه ، فاكتمه إلاّ عن أهله » (٢).
    وتشبيه فائدة الإمام المهدي عليه‌السلام في غيبته بفوائد الشمس المجللة بالسحاب يوحي إلى أمور ، قد تعرض لها العلامة المجلسي في ذيل هذا الخبر ، ولا بأس بنقلها كما هي لفائدتها.
    قال رحمة الله : « بيان ـ التشبيه بالشمس المجللة بالسحاب يوحي إلى أمور :
    __________________
    ١ ـ سورة النساء : ٤ / ٥٩.
    ٢ ـ إكمال الدين : ١ : ٢٥٣ / ٣ باب ٢٣.



    الأول : إن نور الوجود والعلم والهداية ، يصل إلى الخلق بتوسّطه عليه‌السلام ؛ إذ ثبت بالأخبار المستفيضة منهم العلل الغائية لايجاد الخلق ، فلولا هم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم ، وببركتهم والاستشفاع بهم ، والتوسل إليهم يظهر العلوم والمعارف على الخلق ، ويكشف البلايا عنهم ، فلولاهم لا ستحقّ الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب ، كما قال تعالى : ( وما كان الله ليعذّبهم وأنت فيهم ) (١) ولقد جرّبنا مراراً لا نحصيها أن عند انغلاق الأمور وإعضال المسائل ، والبعد عن جناب الحقّ تعالى ، وانسداد أبواب الفيض ، لمّا استشفعنا بهم ، وتوسلنا بانوارهم ، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنوي بهم في ذلك الوقت ، تنكشف تلك الأمور الصعبة ، وهذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان.
    الثاني : كما من الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتفاع الناس بها ـ ينتظرون في كل آن انكشاف السحاب عنها وظهورها ، ليكون انتفاعهم بها أكثر ، فكذلك في أيام غيبته عليه‌السلام ، ينتظر المخلصون من شيعته خروجه وظهوره ، في كل وقت وزمان ، ولا يبأسون عنه.
    الثالث : إن منكر وجوده عليه‌السلام مع وفور ظهور آثاره كمنكر وجود الشمس إذا غيبها السحاب عن الأبصار.
    الرابع : إن الشمس قد تكون غيبتها في السحاب أصلح للعباد ، من ظهورها لهم بغير حجاب ، فكذلك غيبته عليه‌السلام أصلح لهم في تلك الأزمان ؛ فلذا غاب عنهم.
    الخامس : إن الناظر إلى الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن
    __________________
    ١ ـ سورة الانفال : ٨ / ٣٣.



    السحاب ، وربّما عمي بانظر إليها لضعف الباصرة عن الاحاطة بها ، فكذلك شمس ذاته المقدّسة ربّما يكون ظهوره أضرّ لبضائرهم ، ويكون سببا لعماهم عن الحق ، وتحتمل بصائرهم الإيمان به في غيبته ، كما ينظر الإنسان إلى الشمس تحت السحاب ولا يتضرر بذلك.
    السادس : إن الشمس قد تخرج من السحاب وينظر إليها واحد دون واحد ، فكذلك يمكن أن يظهر عليه‌السلام في أيام غيبته لبعض الخلق دون بعض.
    السابع : إنهم عليهم‌السلام كالشمس في عموم النفع ، وإنما لا ينتفع بهم من كان أعمى كما فسّر به في الأخبار قوله تعالى : ( ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلاً ) (١).
    الثامن : إن الشمس كما من شعاعها يدخل البيوت ، بقدر ما فيها من الروازن والشبابيك ، وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع ، فكذلك الخلق إنما ينتفعون بأنوار هدايتهم بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسهم ومشاعرهم التي هي روزان قلوبهم من الشهوات النفسانية ، والعلائق الجسمانية ، وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانية إلى أن ينتهي الأمر إلى حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوانبه بغير حجاب » (٢).اهـ
    __________________
    ١ ـ سورة الإسراء : ١٧ / ٧٢.
    ٢ ـ بحار الأنوار / العلاّمة المجلسي ٥٢ : ٩٣ ـ ٩٤ ذيل الحديث الثامن ، باب علّة الغيبة وكيفية انتفاع الناس به عليه‌السلام.





    دمتم برعاية الله

    إعداد : وهج الإيمان


  • #2

    جاء في محاضرات حول الإمام المهدي عليه السلام (الجزء الرابع)لسماحة السيد علي الحسيني الصدر إعداد وتحقيق مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله فرجه
    المحاضرة الثالثة :




    وقلنا بأن هناك تساؤلات في مسألة الغيبة وانتهت الأسئلة إلى السؤال الأخير وهو: ما فائدة الإمام عليه السلام في غيبته إذا كان غائباً؟ وكيف ينتفع به الناس؟ قلنا: إن هناك فوائد جمّة في مسألة الإمام عليه السلام ووجوده وإن كان غائباً, ومن تلك الفوائد التي يساعد عليها الدليل قلنا:



    الفائدة الأولى:
    إن نفس وجود الإمام روحي فداه موضوع لحصول المعرفة والإيمان، فإن من لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.


    الفائدة الثانية: إن وجود الإمام روحي فداه وجود للحجة الإلهية والبينة الربانية، ولولا الحجة لساخت الأرض بأهلها.



    الفائدة الثالثة:
    التي تعرضنا إليها إشارة إلى أن الإمام عليه السلام مركز الأمور الكونية وواسطة للفيوضات الإلهية والمقدمات الإلهية، واستدللنا بالآية الشريفة في سورة القدر (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ)(1)، قلنا بأن صيغة التنزل صيغة مضارعة تفيد الاستمرار، أي كلما كانت ليلة القدر نزلت الملائكة وروح القدس, بأي شيء نزلت ؟ نزلت بإذن الله من كل أمر من الأمور المقدرة للخلق وللموجودات، من كل أمر _ كل أداة تعميم _ والأمر شيء منكر يفيد العموم، نزلت بكل الأمور, بلّغت جميع الأمور, أخبرت بجميع الأمور. لمن تخبر؟ الجواب: ألا إنها تخبر الرسول صلى الله عليه وآله في حين وجوده، ولكن بعد شهادة رسول الله من تخبر؟ يلزم أن تخبر الإمام روحي فداه, تخبر وصيه, تخبر الأئمة الذين هم خلفاء الله وخلفاء الرسول، وإلاّ لكان نزول الملائكة بالوحي نزول بالأخبار والمقدرات بدون داعٍ, لغواً وعبثاً، تنزل الملائكة وتخبر, من تخبر؟ هل تخبر الهواء؟ لا يمكن ذلك، إلاّ إذا كان المفروض النـزول والصعود، فليحفظ في اللوح المحفوظ. إذن هي تنـزل بالأخبار وبالمقدرات كما كانت تنزل على الرسول صلى الله عليه وآله كذلك تنزل على الإمام، وليس هناك مهبط إلا أئمة أهل البيت أرواحنا فداهم. إذن وجوده استمرار لنـزول المقدرات الكونية، لذلك لو رفعت ليلة القدر لساخت الأرض، أي لارتفعت الأرض ولم تبقَ الدنيا لحظة واحدة, هذه المقدرات لم تُقدر ولم تنزل لولا وجود الإمام أرواحنا فداه، ليكون واسطة لبيان المقدرات ولتقيم المقدرات لهبوط الملائكة بالمقدرات لجميع الموجودات وفي كل أمر. وهذه أكبر فائدة، وهي فائدة عظمى لا يمكن استبدالها والاستغناء عنها. ولزيادة هذه الأمور من جهة بعض الروايات الشريفة التي تؤيد هذا المعنى بل تصرّح بهذا المعنى, ولعلّ ممّا يدل على أن جميع المقدرات تنزل على أهل البيت أرواحنا فداهم الزيارة المطلقة الحسينية الأولى، التي هي من أصح الزيارات، يكتفي بها الصدوق في الفقيه(2)، ويذكرها الكليني أعلى مقامه في مقام بيان كيفية زيارة الإمام الحسين(3) عليه السلام ورواتها جميعهم أجلاء والراوي الأخير المباشر عن الإمام جماعة من الفقهاء هم: الحسين بن ثويب بن أبي فاختة والمفضل الجعفي ويونس بن عبد الرحمن يروون كلهم: وكان المتكلم منا يونس فسأل أبا عبد الله عليه السلام: أريد زيارة الحسين فكيف أزور؟ وكيف أصنع ؟ قال عليه السلام: ائت شاطئ الفرات واغتسل والبس أنظف ثيابك ثم امش بطمأنينة ووقار وسبح الله، فإذا وصلت إلى قبر الحسين عليه السلام فكبر ثلاثين مرة ثم قل: السلام عليك يا حجة الله وابن حجته.. إلى هذه الفقرة التي هي محل الشاهد.. بكم يمحو ما يشاء وبكم يثبت وبكم يفك الذل من رقابنا وبكم يدرك الله ترة كل مؤمن وبكم تنبت الأرض أشجارها وبكم تخرج الأشجار أثمارها وبكم تنزل السماء قطرها وبكم يكشف الله الكرب وبكم ينـزل الله الغيث وبكم تسيخ _ يعني تستقر _ الأرض التي تحمل أبدانكم وتستقر جبالها, إرادة الرب.. والمقصود بهذه الكلمة العظيمة (إرادة الرب) إرادة رب العالمين في مقادير أموره, جميع ما يقدر من جميع أمور الله، لا أمر واحد، وإنما بصيغة الجمع.. في جميع أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم لا محيص عن هذا النزول والهبوط، تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم. إذن فمحل الإرادات ومحل التقادير الإلهية هم أهل البيت، والذين الآن خاتمهم الإمام المهدي أرواحنا فداه، لذلك وجوده وجود ضروري أكيد وحتمي لا يمكن أن يستغنى عنه، فكيف يقال ما فائدة إمام غائب؟

    الفائدة الرابعة: أن الإمام عليه السلام حتى إذا كان غائباً له مقام الشاهدية يشهد على الخلق، لأن من عدالة الله سبحانه وتعالى، كما ثبت في باب التوحيد، أنه إنما يجازي مع الشهادة، وإنما يجازي مع الأشهاد الذين يشهدون بذنب شخص فيعاقبه، ويشهدون بحسن أعمال شخص فيثيبه, كل هذا حسب العدالة وبحسب الشهادة وبحسب الإخبار القطعي في الآية الشريفة (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)(4)، أنتم يا أهل البيت شهداء على الناس والرسول شهيد عليكم. فلولا الأئمة ولولا وجود الإمام الغائب من يشهد عند الله في المحكمة الإلهية في زمان الإمام الحجة روحي فداه؟ إذن وجوده ضروري لشهادته يوم القيامة بتنصيص الكتاب.

    الفائدة الخامسة:
    إن وجوده فينا هو طمأنينة للقلوب واستقرار, لأن وجوده كوجود رسول الله روحي فداه، ألا تلاحظون في كتب السير العامة والخاصة ينقل عن الصحابة أنهم كانوا يقولون: (كنا نلتجئ برسول الله إذا اشتد البأس والحرب وهو أقربنا إلى العدو؟).(5) فالنفس تطمئن ووجود الرسول وجود يغني عن أي شيء وعن أي حاجة ويوجب الاطمئنان للقلب والاستقرار للنفس, وجوده كافي الاستقرار والاطمئنان. والإمام كالرسول في جميع الخصوصيات إلا مسألة الرسالة، لذلك وجود الإمام بنفسه قوة للقلب فإذا كان إحساسنا بأن الإمام موجود وإن كان غائباً نستقر بأن العذاب مرفوع عنا وأن الرحمة نازلة بنا، ووجوده يكون موجباً إلى الاطمئنان، لذلك جاء في الحديث الرضوي الشريف أن الإمام هو مفزع العباد في الداهية النادّ(6)، أي العظيمة, فوجوده يوجب الاطمئنان وإن كان غائباً.


    الفائدة السادسة: إن الإمام أرواحنا فداه له اللطف ولوجوده اللطف, وجوده لطف وتصرّفه لطف آخر, نفس الوجود لطف من الله تعالى لأنه يمد الخلق ولأنه يعين الخلق والمخلوقات والموجودات, فكم يعين المحتاجين ويعرف الضالين وينجي المؤمنين ألا تلاحظون كم من مريض قد شفي ببركة الحجة روحي فداه؟ وكم من عطشان قد أرواه؟ وكم من مضطر قد نجا في المهلكات؟ وكم من شخص ضالٍّ في الطريق قد هداه؟ وعاجز قد أغناه؟ فوجوده لطف على العباد وإن كان غائباً وغير مرئي.


    الفائدة السابعة: هي الفائدة التي بيّنها الرسول الأعظم والإمام الصادق وكذلك الإمام المهدي في بعض التوقيعات، وهي أن وجوده كالشمس التي غيبتها السحب, (كالشمس إذا جللّتها السحب) وهذا وجود مفيد كوجود الشمس. وهذا تشبيه لطيف من التشبيهات اللطيفة، بل من ألطف وأحسن أنواع التشبيه, تشبيه بالشمس المجلّلة بالسحاب في رواية الرسول الأعظم وفي حديث الإمام الصادق وفي حديث التوقيع، كلها مذكورة في كمال الدين حيث سئل الرسول صلى الله عليه وآله: كيف ينتفع بالإمام في غيبته؟ فقال: والذي بعثني بالنبوة إنهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلّلها سحاب.(7)وكذلك في الحديث الصادقي: ينتفعون به كانتفاعهم بالشمس إذا سترها السحاب.(8)وفي التوقيع الشريف: الانتفاع بي في غيبتي كالانتفاع بالشمس إذا غيبتها عن الأبصار السحاب.
    (9)وهو من أجمل أنواع التشبيه, تعرفون أن للشمس الدور القيادي في جميع المنظومة الشمسية وفي جميع الكواكب الكونية، ولولا الشمس ولولا جاذبية الشمس لاختلّت جميع حركاتها، فالشمس كأنها قائد للكواكب له الدور القيادي في تنظيم الكواكب, وكذلك وجود الإمام الحجة له الدور القيادي في جميع الموجودات ولولاه لساخت الأرض بأهلها. وكذلك من حيث الاستفادة بالضوء كنور الشمس وينتفع به ولو كان خلف السحاب, وجميع الموجودات شجرها وإنسانها ونباتها وأرضها, الجميع يستفيدون بنور الشمس كل بقدر ما يحتاج وإن كان خلف السحاب، إنه ينوّر العالم بوجوده ولولاه لا ظلمّت الدنيا ولولاه لما كانت الدنيا مضيئة ولما كانت مستقرّة ولما سكن إليها أحد, وجوده ينير الدنيا ويضيء القلب روحي فداه. إضافة إلى أن التعبير بالتجليل (يجلّلها السحاب)، في اللغة العربية: السحاب قسموه إلى أقسام: السحاب الممطر والسحاب المجلل، وعند صاحب مجمع البحرين(10) أعلى الله مقامه يبين ما مضمونه السحاب المجلّل: هو السحاب الذي يجلل الأرض ويعمها بمطره كأنه المطر الذي يعم, ويسمى مجلل السحاب الذي له مطر يعم وإن كان مستوراً وإن كان غير مرئي لانه مستور مع عموم خيره لجميع الموجودات كالمطرالذي يصيب الغث والسمين ويصيب من ينتفع به من جميع الموجودات. إذن فالانتفاع بالإمام المهدي بتنصيص الرسول والأئمة أرواحنا فداهم كالانتفاع بالشمس، وهل يستغني الناس عن الشمس؟ بالله عليكم ممكن إذا سرمد الليل هل يكون للناس حياة في هذه الدنيا؟! وكذلك يكون الاحتياج إلى الإمام روحي فداه.


    الفائدة الثامنة: وهي الأخيرة، المستفادة أيضاً من الروايات أن وجوده روحي فداه رعاية للشيعة، دعاء للشيعة، بوجوده ينتفعون وبدعائه الذي يستجاب ولا يرد عن ربِّ العالمين، كما بينه هو روحي فداه في رسالتيه إلى الشيخ الأعظم المفيد أعلى الله مقامه. هناك رسالتان يذكرهما الطبرسي أعلى الله مقامه في الاحتجاج(11) تلقاهما الشيخ الأعظم المفيد من الإمام الحجة من الناحية المقدسة, في الرسالة الأولى هذا بعض النص أبينه لخدمتكم: (نحن وإن كنا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين فإنا نحيط علماً بأنبائكم _ انباؤكم أمام عيني أراها وأحيط بها علماً _ ولا يعزب عنا شيء من أخباركم.. إلى أن يقول: إنا غير مهملين لمراعاتكم _ بأبي وأمي يراعي جميع شيعته _ إنّا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء _ اللأواء يعني الشدة والضيق _ واصطلمكم الأعداء _ وجوده بهذه المثابة وجود للمراعاة, مراعاة الشيعة ورعاية الشيعة _ ثم يقول عليه السلام: فليعمل كل امرئ منكم بما يقرب من محبتنا ويتجنب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا، فإن أمرنا بغتة وفجأة حين لا تنفعه توبة).وبيّن في الرسالة الثانية: (إننا من وراء حفظهم _ يعني الشيعة _ بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض والسماء، فلتطمئن بذلك من أوليائنا القلوب وليتقوا بالكفاية منه). يدعو للشيعة، رعاية للشيعة، وجميع الأعمال، وجميع الأفعال تكون بمنظره، في بعض الروايات أنه تعرض عليه الأعمال, إذا كان _ والعياذ بالله _ قد عصى الشيعي يستغفر له, وإن كان قد أحسن يطلب له الجزاء ويطلب له العمل أكثر.(12) لذلك فوجود الإمام روحي فداه وجود مفيد للشيعة بالمراعاة وبالدعاء, ذلك الدعاء الذي يكون مستجاباً قطعاً عند الله.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــ

    (1) القدر (97): 4.
    (2) من لا يحضره الفقيه: 2/ 594 الحديث 3199.
    (3) الكافي: 4/ 575 الحديث 2.
    (4) البقرة (2): 143.
    (5) المصنف لابن أبي شيبة ج7 ص578 ب 13 ح1، كنز العمال للمتقي الهندي ج10 ص397 ح 29943.
    (6) بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج 25 ص131.
    (7) إكمال الدين وإتمام النعمة: 253 الحديث 3 من الباب 23.
    (8) إكمال الدين وإتمام النعمة: 207 الحديث 22 من الباب 21.
    (9) إكمال الدين وإتمام النعمة: 483 الحديث 4 من الباب 45.
    (10) مجمع البحرين للطريحي: 1/ 389.
    (11) الاحتجاج للشيخ الطبرسي: 2/ 322.
    (12) التبيان للشيخ الطوسي ج 5 ص 295، وتفسير جوامع الجامع للشيخ الطبرسي ج2 ص 93

    تعليق


    • #3



      المهدي من أهل البيت الذين اعترف إعترف عمر بن الخطاب بقوله فيهم : وهل أنبتَ على رؤوسِنا الشَّعرُ إلَّا اللهُ ، ثمَّ أنتُم فيدخل الإمام المهدي في إعترافه بلاريب

      - صعدتُ المنبرَ إلى عمرَ فقلتُ : انزلْ عن منبرِ أبي واذهبْ إلى منبرِ أبيكَ . فقال : إنَّ أبي لَم يكُن لهُ منبرٌ ، فأقعدَني معَهُ ، فلمَّا نزلَ ، قال : أيْ بُنَيَّ مَن علَّمَكَ هذا ؟ قلتُ : ما علَّمنِيهِ أحدٌ . قال : أيْ بُنَيَّ وهل أنبتَ على رؤوسِنا الشَّعرُ إلَّا اللهُ ، ثمَّ أنتُم ، ووضعَ يدَهُ على رأسِهِ ، وقال : أيْ بُنَيَّ لَو جعلتَ تأتِينا وتغشانا .
      الراوي: الحسين بن علي بن أبي طالب المحدث: الذهبي - المصدر: سير أعلام النبلاء - الصفحة أو الرقم: 3/285
      خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
      والإيمان بحياته الآن وأنه إمام الزمان يقي من ميتة الجاهليه :
      - مَن ماتَ بغيرِ إمامٍ ماتَ ميتةَ الجاهليَّةِ .
      الراوي: معاوية بن أبي سفيان المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 1134
      خلاصة حكم المحدث: حسن

      لولا وجودالإمام المهدي عليه السلام الآن لساخت الأرض بأهلها والإنتفاع به في غيبته كما ينتفع بالشمس إذا سترها سحاب أنقل التالي :
      روى الحمويني بسنده عن سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عليهم السلام، قال: «نحن أئمة المسلمين وحجج الله على العالمين وسادة المؤمنين، وقادة الغرّ المحجلين وموالي المؤمنين ، ونحن أمان أهل الأرض، كما ان النجوم أمان لأهل السماء، ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض الاّ بإذنه، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها وبنا ينزل الغيث وينشر الرحمة، ويخرج بركات الأرض، ولو لا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها. ثم قال: ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها، ظاهر مشهور أو غائب مستور، ولا تخلو الى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها، ولو لا ذلك لم يعبد الله.
      فقال سليمان: فقلت للصادق عليه السّلام فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال: كما ينتفعون بالشمس إذا سترها سحاب»(1).


      وروى القندوزي عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال: «سمعت جابر ابن عبدالله الأنصاري يقول قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، يا جابر ان أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي أولهم علي ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمّد بن علي المعروف بالباقر ستدركه يا جابر، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام ثم جعفر بن محمّد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمّد بن علي ثم علي بن محمّد ثم الحسن بن علي ثم القائم اسمه اسمي وكنيته كنيتي، ابن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح الله تبارك وتعالى على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن أوليائه غيبة، لا يثبت على القول بإمامته الاّ من امتحن الله قلبه للإيمان، قال جابر، فقلت يا رسول الله: فهل للناس الانتفاع به في غيبته؟ فقال: اي والذي بعثني بالنبوة انهم يستضيؤون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وان سترها سحاب. هذا من مكنون سرّ الله ومخزون علم الله، فاكتمه عن أهله»(2).
      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
      (1) فرائد السمطين ج1 ص46، وقد ورد بهذا المضمون وبعبارات مشابهة في ينابيع المودة للقندوزي ص478، وغاية المرام للسيد هاشم البحراني، و(البحار) للعلامة المجلسي ج52 ص93، وكمال الدين والامالي للصدوق.
      (2) ينابيع المودّة ص494.
      والقندوزي والحمويني من أهل السنه حتى أريح من يشكك في أنهما من أهل السنه :
      أقول : جاء في مركز الفتوى رقم الفتوى 52163: ويرويها القندوزي المتوفى سنة 1294هـ أو أبو إسحاق الحمويني المتوفى سنة 722هـ وكل منهما يرويها في كتاب له يُشَك في نسبته إليه لا سيما وأنهما سنيان

      تعليق


      • #4
        أنقل التالي :

        قال الهيثمي ـ في مقارنة لطيفة بين الكتاب والعترة ـ: (سمّى رسول الله(صلى الله عليه وآله)القرآن وعترته ثَقَلين; لأن الثَقَل كل نفيس خطير مصون. وهذان كذلك; إذ كل منهما معدن للعلوم اللدنيّة والأسرار والحكم العليّة والأحكام الشرعيّة. ولذا حث رسول الله(صلى الله عليه وآله) على الاقتداء والتمسك بهم والتعلم منهم، وقال: الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت. وقيل: سمّيا ثقلين لثقل وجوب رعاية حقوقهما.
        ثم الذين وقع الحث عليهم منهم إنما هم العارفون بكتاب الله وسنة رسوله; إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض، ويؤيده الخبر السابق: ولا تعلموهم فإنهم اعلم منكم. وتميّزوا بذلك عن بقية العلماء، لأن الله اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً... وشرّفهم بالكرامات الباهرة والمزايا المتكاثرة.
        ... وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت اشارة إلى عدم انقطاع متأهلّ منهم للتمسّك به إلى يوم القيامة، كما أن الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض.
        ويشهد لذلك قوله(صلى الله عليه وآله): في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. ألا إن ائمتكم وفدكم إلى الله فانظروا من توفدون.
        ثم أحق من يتمسك به منهم إمامهم وعالمهم علي بن أبي طالب(كرّم الله وجهه) لمزيد علمه ودقائق مستنبطاته، ومن ثم قال أبوبكر: عليٌّ عترة رسول الله(صلى الله عليه وآله). (1)
        وقال في قوله تعالى: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) (2) أشار(صلى الله عليه وآله) إلى وجود هذا المعنى في اهل بيته، وأنهم امان لأهل الأرض كما كان هو أماناً لهم.
        وفي ذلك احاديث كثيرة... منها ما رواه الحاكم وصحّحه على شرط الشيخين:
        (النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لاُمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب ابليس).
        وقال: (وجاء من طرق عديدة يقوي بعضها بعضاً: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا...
        وفي رواية مسلم: ومن تخلف عنها غرق. وفي رواية: هلك.
        وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل، من دخله غفر له). (3)







        ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ


        (1)الصواعق المحرقة: 90.

        (2) سورة الأنفال: 33

        (3) الصواعق المحرقة: 91.



        تعليق


        • #5
          دور الإمام المهدي عجل الله فرجه في حياتنا العملية
          ألقى سماحة آية الله السيد محمد رضا الشيرازي محاضرة في السابع من جمادى الثانية عام 1424 هـ بعنوان: دور الإمام المهدي عجل الله فرجه في حياتنا العملية.. وهنا نقدم لكم تقريراً مفصلا عن هذه المحاضرة:
          بسم الله الرحمن الرحيم
          الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين.
          مقدمة
          إحدى البحوث المهمة التي وقعت محلاً للتساؤل منذ العهود الماضية إلى يومنا هذا، هي مسألة دور الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) في عصر الغيبة، وهي بالإضافة إلى طابعها العقائدي تحمل طابعاً عملياً وترتبط بسلوكنا منذ أن نفتح أعيننا في الصباح وإلى أن نغمضها عند النوم.
          نتناول فيما يلي بعض أبعاد هذا الموضوع ضمن فصلين:
          * الفصل الأول: دور الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في عهد الغيبة. وهو بحث نظري.
          * الفصل الثاني: كيف نستفيد من وجود الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في زمان غيبته؟ وهو بحث عملي.

          الفصل الأول: دور الإمام المهدي عجل الله فرجه
          إن دور الإمام المهدي (عجل الله فرجه) هو أنه يمثل الحلقة الأخيرة المهيمنة والفاعلة والمؤثرة في عالم الإمكان.
          لبيان هذا الدور نقدّم ثلاث مقدمات:
          المقدمة الأولى: إن القرآن الكريم يثبت أدواراً في إطار عالم الطبيعة للأشياء، كما يثبت أدواراً للأشخاص.
          هنالك أشياء في هذا العالم لها دور. وهناك أشخاص في هذا العالم لهم دور؛ نمثل لهما بمثالين:
          المثال الأول للأشياء: نسأل: من هو الشافي؟ ويأتينا الجواب من القرآن الكريم أن الله تعالى هو الشافي؛ ﴿وإذا مرضت فهو يشفين﴾. (1)
          حدثني أحد العلماء أنه كان يوجد في مدينة إصفهان طبيب معروف يسجّل أسماء مراجعيه من المرضى في ورقة عنده بعد أن يكتب لهم الوصفة الطبية، لكي يدعو لهم في صلاة الليل، وكان يقول: إنني أعتقد أن الأدوية عوامل ظاهرية وأن الشفاء حقاً بيد الله تعالى، ولذلك أكتب أسماء المرضى الذين يراجعونني كي أدعو لهم في صلاة الليل وأطلب شفاءهم من الله تعالى، فهو الشافي وما الأطباء والأدوية إلا أسباب ظاهرية.
          ولكننا نلاحظ أن القرآن الكريم يثبت من جهة أخرى دور الشفاء لأشياء في هذا العالم. يقول الله تعالى عن العسل: ﴿فيه شفاء للناس﴾(2) هذا مع أن العسل ما هو إلا جماد يخرج من بطن حيوان، ولكن الله تعالى شاء أن يجعل فيه شفاءً للناس.
          المثال الثاني للأشخاص: والقرآن الكريم يثبت التأثير لأشخاص، مع انا نعرف أنه لا مؤثر في الوجود إلا الله. ونوضح ذلك بمثال أيضاً:
          نسأل: من هو الذي يقبض الأرواح؟ فيأتينا الجواب من القرآن الكريم أن الله تعالى هو القابض للأرواح؛ يقول تعالى: ﴿الله يتوفى الأنفس حين موتها﴾(3).
          ولكننا نلاحظ من جهة أخرى أن القرآن يثبت ذلك لغير الله تعالى أيضاً حيث يقول: ﴿قل يتوفاكم ملك الموت الذي وُكّل بكم﴾(4). فهو تعالى ينسبه لملك الموت أيضاً.
          كانت تلك المقدمة الأولى.
          المقدمة الثانية: إن وجود الدور والتأثير للأشياء والأشخاص في هذا العالم لا ينافي القول بالتوحيد الأفعالي (وأن الله وحده هو الفاعل الحقيقي في هذا الكون).
          وذلك لأن فاعلية غير الله تعالى فاعلية مكتسبة وغيرية، بينما فاعلية الله تعالى فاعلية ذاتية، ولا منافاة بين فاعليتين إحداهما ذاتية والأخرى غيرية.
          المقدمة الثالثة: لا تنافي في عالم الطبيعة أيضاً بين الفواعل الطولية
          فكما أنه لا تنافي بين فاعلية الله (التوحيد الأفعالي) والفواعل الطبيعية (الغيرية) فكذلك لا منافاة بين فاعلية طبيعية وفاعلية أخرى إذا كانتا طوليتين أي تقعان في طول بعضهما. أجل إذا كانت الفاعليتان عرضيتين ومستقلتين فهنا توجد منافاة لأنه يعني اجتماع علتين مستقلتين عرضيتين على معلول واحد، وهذا محال.
          أما إذا فرضنا أن هاتين الفاعليتين ـ أو الفاعليات ـ كانت طولية أي أن بعضها يقع في طول بعضها الآخر فلا منافاة بينها.
          ويمكن توضيح ذلك بمثال معروف عند أهل العلم: تقول: كتب قلمي وكتبت أناملي وكتبت يدي. قال تعالى: ﴿فويل لهم مما كتبت أيديهم﴾(5)، وتقول: كتبت، فهل ترى منافاة بين هذه الجمل أو بين الكاتبين؟ كلا بالطبع؟ وذلك لأن الروح الحقيقية التي كتبت هي روحك أنت، أما الفواعل الدنيا فإنما هي مؤثرة في طول فاعلية الروح التي تمثل الفاعلية الحقيقية والأخيرة في سلسلة الفواعل الطولية التي تندرج تحتها، ومن ثم فالفاعلية الأخيرة هي المؤثرة الحقيقية والمهيمنة على ما سواها من الفواعل الطبيعية والظاهرية.
          النتيجة
          إذا اتضحت هذه المقدمات الثلاث، نقول الآن: إن الإمام المهدي هو آخر فاعل في سلسلة الفواعل الطولية المؤثرة في عالم الإمكان، أو بتعبير آخر: إنه ـ عليه السلام ـ يمثل الحلقة الأخيرة في الفاعليات الطولية في إطار عالم الإمكان. توضيحه: أن هناك فاعلية في عالم الكون والإمكان جعلها الله في طول فاعليته تعالى وأمرنا أن نلجأ إليها.
          من الممكن أن تأتي بعده علل وفاعليات أخرى في طوله تندرج تحته ـ كاللجوء إلى الطبيب والدواء في حالة المرض وغيرهما في غيره ـ وتكون مؤثرة بإذن الله تعالى، ولكن العلة الأخيرة والفاعلية الأعلى بعد الله تعالى في عالم الإمكان هي إرادة المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف.
          ماذا نقرأ في الزيارة التي رواها المحمدون الثلاثة وهم محمد بن يعقوب الكليني (في الكافي) ومحمد بن الحسن الطوسي (في التهذيب) والشيخ الصدوق (في من لا يحضره الفقيه)؟
          نقرأ في زيارة أهل البيت عليهم السلام: «إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم»(6).
          وهذا هو دور الامام المهدي في زمن حضوره وغيبته.
          الفصل الثاني: كيف نستفيد من وجود الإمام المهدي عجل الله فرجه؟
          بعد أن عرفنا دور الإمام المهدي في الفصل الأول يتبين الآن أهمية هذا الفصل؛ أي الاستفادة من وجود الإمام المهدي (عجل الله فرجه) لأنه هو الرجل الذي يملك أعلى قدرة في عالم الإمكان وهو الذي أعطاه الله مقاليد الكون.
          ولكي يمكننا الاستفادة من الإمام المهدي (عجل الله فرجه) حق الاستفادة لابد من توفر أربع مقدمات نذكرها تباعاً.
          المقدمة الأولى: الالتفات إلى النقص والقصور والفاقة والحاجة عندنا.
          ونوضح هذه المقدمة ـ وهي مهمة جداً ـ بمثال: لو تصورنا أن شخصاً ما يعاني من داء عضال في بدنه ولكنه غير ملتفت له، فهل سيبحث عن العلاج؟ وهل سيتجه إلى الطبيب؟ لاشك أن للداء وجوداً واقعياً في بدنه، ولكنه ليس له وجود في ذهنه لكي يدفعه نحو التحرك للتخلص منه بأي سبيل!
          يقول علماء الأخلاق إن من أعدى أعداء الفرد الشعور بالاكتفاء، لأن الذي يشعر أنه مكتف من الناحية العلمية أو الأخلاقية لا يرى مسوّغاً للتحرك نحو التكامل الخلقي أو طلب العلم.
          وهكذا الشخص الذي يعتقد أنه لا يعاني من شيء ، ولا توجد عنده مشكلة ولا فاقة، لا يمكنه الاستفادة الكاملة من الوجود المبارك للإمام المهدي (عجل الله فرجه)، لأنه لا يتحرك نحوه بل يبقى ساكناً في مكانه، لعدم شعوره بالحاجة إليه لحل مشكلاته، لأنه يعتقد أنه لا مشكلة عنده في الأساس!
          أما نحن فيرادونا الشعور بالحاجة في بعض الأحيان وفي لحظات الاضطرار كما لو تهنا في صحراء أو انكسرت بنا السفينة في البحر أو ابتلينا - أو أحد أعزائنا- بمرض مستعصي العلاج، أما أولياء الله سبحانه وتعالى فإنهم يشعرون دائماً بأنهم في حالة اضطرار وأنهم في حالة حاجة وفاقة.
          ولذلك ترانا ننام من أول الليل إلى آخره لأنه لا يوجد شيء يؤرقنا. أما هم فـ﴿قليلاً من الليل ما يهجعون﴾. (7)
          أرأيت من عنده مشكلة أو يهدده خطر، كيف لا يستطيع أن يخلد إلى النوم، فكذلك حال أولياء الله تعالى، لأنهم يشعرون بالخطر.
          إننا نفهم الاضطرار في قول الله تعالى ﴿أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء﴾(8) أن يكون الشخص مريضاً أو عنده مريض. أما أولياء الله تعالى فيشعرون دائماً أنهم في حالة اضطرار، وهذا الشعور كامن في أعماقهم ولذلك يصفهم القرآن الكريم بقوله تعالى ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع﴾(9) لأن حالة الاضطرار الباطنية لا تدعهم يستقرون.
          روى أحد العلماء أن شخصين تصاحبا، وعندما حل الليل نام الأول ولم ينم الثاني. وبعد مدة استيقظ الأول فرأى صاحبه لم ينم بعد. فعاد للنوم مرة أخرى وعندما استيقظ أيضاً رأى صاحبه لم ينم بعد. وعندما سأله: لماذا لا تنام؟ قال في جوابه: كيف أنام ومن حولي كلهم يقظون يسبحون الله تعالى. ثم كشف له الغطاء فرأى جميع الأشياء تسبح بحمد الله!
          تبلور مما تقدم أنه ينبغي لنا أن نحاول أن نُشعر أنفسنا بنقصها وحاجتها وفاقتها واضطرارها. وهذه هي المقدمة الأولى للاستفادة من وجود الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
          المقدمة الثانية: التوجه إلى مصدر القوة والغنى والقدرة وهو الإمام المهدي عجل الله فرجه.
          فليس الإمام بالفرد العادي بل هو الذي يمكن لنظرة واحدة منه أن تغيّر حالنا، فكما قلنا إن الله تعالى جعله وآباءه الطاهرين مظاهر مشيئته.
          المقدمة الثالثة: محاولة إيجاد القابلية.
          فإن القلب الملوث ليس له قابلية، وهكذا العين الملوّثة والأذن الملوّثة واليد الملوّثة و... وأولى مراحلها ـ وهي صعبة جداً ولكنها ممكنة ـ أن نتجنب ارتكاب الذنوب؛ ذنوب القلب والعين والأذن واللسان واليد و... فكما أن جهاز الراديو إذا حصل فيه أي عطب أو خلل أو قطع في أي سلك من أسلاكه يفقد القابلية على تلقي الأمواج الموجودة في الفضاء، فكذلك القلب إذا حصل فيه خلل فقدَ القابلية على تلقي الفيض الإلهي، فلابد أولاً من إصلاحه لإيجاد القابلية فيه.
          حقاً عندما يراجع المرء تاريخ العلماء الماضين يجد دقة عجيبة في أحوالهم وورعاً واحتياطاً كبيرين.
          فمما ينقل عن الحاج آقا حسين القمي (رحمه الله) أنه كان يحتاط حتى في تهديد طفله إذا صدر منه ما يستحق التهديد. فلم يكن يقول للطفل سأضربك أو سأؤدبك ـ مثلاً ـ إذا صدر منك العمل الفلاني، بل كان يستخدم عبارات من قبيل «من المحتمل أن أضربك» أو «هب أنني سأضربك» فكان يخاف أن تكون هنالك شبهة الكذب إن لم يصدر منه الضرب أو ما أوعده عليه، فمع أنه من غير المعلوم أن يتحقق الكذب لأنه يُقال إن الوفاء بالوعيد ليس واجباً، ولكنه كان يخشى مع ذلك أن تكون هناك شبهة كذب فكان يحتاط للأمر ويتجنب حتى الشبهة فيقول لطفله: "احتمل أنني سأضربك أو سأؤدبك" وما أشبه؛ لئلا تصدر منه كذبة. وهكذا كانوا يحتاطون لئلا تصدر منهم غيبة ولا نميمة ولا نظرة محرمة.
          المقدمة الرابعة: الإلحاح والتوسل.
          ينبغي لنا أن نتوسل ونلحّ حتى تشملنا العناية الإلهية، ونستفيد من وجود الإمام المهدي صلوات الله وسلامه عليه.
          النتيجة: ينبغي لنا أن نلجأ إلى الإمام (عجل الله فرجه) في حل كل قضايانا الدنيوية والأخروية والفردية والاجتماعية فهو الملاذ لنا في كل الشؤون والقضايا. وكما أن الله تعالى جعل الشمس مصدر الدفء والنور للإنسان في حياته المادية، ومن أدبر عنها حرم من الدفء والنور، فكذلك هو الإمام (عجل الله فرجه) جعله الله لنا مصدراً للدفء والنور في حياتنا المعنوية، وأوكل ـ سبحانه ـ إليه كل أمورنا وقضايانا. فمن توجه إلى غيره فإن الله لا يعبأ به.
          فلنستحضر هذه المقدمات الأربع ولنحاول ونلحّ حتى نستفيد من وجود الإمام المهدي عليه السلام.
          أمثلة على الاستفادة من وجود الحجة مادياً ومعنوياً
          1- قضية السيد محمد باقر الدامغاني
          ابتلي السيد محمد باقر الدامغاني - من علمائنا في مدينة مشهد المقدسة- بداء السل، واستمر يعاني منه أعواماً، ولم تفلح مراجعته للأطباء، بل استمرت حالته تزداد سوءاً وبدأ يضعف ويذوي حتى أن الأطباء لم يجدوا سبيلاً لعلاجه، ففقد الأمل أيضاً، وهذه حالة تجعل المرء يشعر بالانهيار حتى أنه قد لا يستطيع النهوض.
          يقول: في يوم من الأيام قذفت دماً كثيراً من صدري، وشعرت بالألم، فجئت عند أستاذي الميرزا الإصفهاني ـ وكان في مشهد وله قضايا أيضاً مع الإمام الحجة عجل الله فرجه ـ فشكوت له حالتي وضعفي وفقدان أملي.
          يقول: فجثا الميرزا على ركبتيه وقال لي معاتباً: ألست سيداً (هاشمياً)، فلماذا لا تلجأ إلى أجدادك الطاهرين؟ ألست من شيعة الإمام المنتظر، فلماذا لا تستنجد ببقية الله في الأرض حتى ينجيك مما أنت فيه؟ ألا تعلم أن أئمة أهل البيت هم أسماء الله الحسنى؟ ألم تقرأ في دعاء كميل: يا من اسمه دواء وذكره شفاء؟ قم واذهب إلى بقية الله (الإمام المهدي عجل الله فرجه) واطلب منه حل مشكلتك.
          يقول: فأخذتني العبرة ورقّ قلبي ـ فإن الإنسان يرقّ قلبه إذا هجمت عليه المشاكل عادة ـ وأُلهمت أن أحسن مكان أذهب للقاء الإمام (عجل الله فرجه) فيه هو حرم الإمام الرضا عليه السلام.
          وبعد أن دخلت الصحن العتيق رأيت فجأة أني أعيش في وضع آخر، فليس هو الوضع المعتاد، وبدا لي أني أعيش في عالم المكاشفة، لأني أدركت أن الناس العاديين غير موجودين وأن هناك جماعة قليلة العدد يمشون ويتقدمهم رجل ألقي في روعي أنه هو الإمام المهدي (عجل الله فرجه). وأحسست فجأة أنهم قد يغادرون قبل أن التقي الإمام وأنال بغيتي، ففكرت أن أنادي الإمام حتى يلتفت إليّ.
          يقول: وبينما أنا كذلك - في هذا الخاطر- وإذا بذلك الرجل يلتفت إليّ وينظر إليّ نظرة واحدة بطرف عينه فقط ومن دون أن يكلمني أو أكلمه، وبدأ العرق يتصبب من بدني، وإذا بالصحن يعود بعد ذلك إلى حالته الطبيعية فلم أر الرجل ولا الجماعة التي كانت خلفه، ورأيت جموع الناس المعتادة، فرجعت إلى نفسي فإذا بي صحيح البدن معافى. فعدت إلى بيتي وقد تبدلت حالتي بالكامل فعشت أعواماً في صحة كاملة، كما شهد بذلك كثيرون.
          وهذه القصة ليست قديمة جداً فربما تعود إلى زهاء ستين سنة قبل الآن.
          2- وهناك قضية أخرى حدثت للحاج آقا حسين القمي، الذي ذكرنا لكم ورعه ودقته واحتياطه آنفاً.
          وكان من شدة احتياطه أنه إذا سئل عن الوقت يقول في الجواب: افرض أنها كذا (التاسعة مثلاً) خشية أن لا يكون قوله مطابقاً للواقع!
          نُقل عن أحواله أيضاً أنه كان يعتقد أن أقوى دعامة له في حياته هو وجود الإمام المهدي (عجل الله فرجه) وعنايته وكان راسخ الاعتقاد أن هذه الدعامة هي التي تسنده وتنقذه وتنجيه.
          وهذا هو الاعتقاد الحق، الذي يجب أن يكون ثابتاً عندنا كما كان عند الشيخ القمي، لا أن يكون موجوداً حيناً ومفقوداً في أحيان أخرى كما هو حال أغلب الناس مع الأسف.
          (قال بعض العلماء ذهبت إلى مكان ما ورأيت بعض الأشياء فشككت في ديني، ولكني التقيت ثلاثة أشخاص فعاد إليّ إيماني، وأحدهم الحاج آقا حسين القمي).
          أما قصة هذا العالم ورعاية الحجة (عجل الله فرجه) له فهي كالتالي:
          كان (الحاج آقا حسين القمي) قد جاء إلى طهران في قضية البهلوي الأول وجهاده الكبير ضده، فحوصر فيها فلم يستطع الرجوع وانقطع به الطريق، ولم يكن لديه مال، فبعث له البهلوي بشيك أبيض يكتب هو فيه ما يعجبه، ولكنه (رحمه الله) رفض استلام الشيك من الرسول لأنها أموال الدولة وهو يحتاط فيها، رغم احتياجه الشديد والمبرم للمال وهو في تلك الحال. فقيل له: فكيف ستعيش؟ فقال: أنا أعتقد أن الإمام الحجة (عجل الله فرجه) لا ينسى رعيته.
          (انظروا إلى إيمانه، فهو لم يقل إن الإمام لا ينسى جنوده مع أنه كان مرجعاً للتقليد أي جندياً للإمام، ولكنه قال: إن الإمام لا ينسى رعيته)!
          فضحك بعض ضعاف الإيمان الذين كانوا حوله عندما سمعوا منه هذه العبارة. ولكن تلك الإرادة التي تقف وراء كل شيء وتهيئ الأسباب الظاهرية، هيأت له الأسباب ولم تتخلّ عنه! فكان هناك رئيس شرطة في مدينة ري الإيرانية (شهر ري) متأثراً به منشداً إليه لما رأى من أسلوبه في الحياة، فقام بمفاتحة بعض التجار في طهران ـ رغم ما كان في ذلك من خطر على حياته ـ ليكون وسيطاً لإيصال المال منهم إليه، ونجح في المهمة وحفظه الله من خطر محتم، لأن السلطة لو اكتشفت أمره لأعدمته، فلم تكن دولة قوانين وضوابط. ولكنه استطاع أن يدخل على السيد القمي بحجة من الحجج وكان يخفي المال في جورابه، وقال السيد القمي عندما قدم له الرجل المال: كنت أعلم أن الإمام لا ينسى رعاياه.
          الخلاصة
          إن الإمام لا ينسانا ولكن ينبغي أن لا ننساه نحن أيضاً، وكما قال الله تعالى: ﴿فاذكروني أذكركم﴾(10).
          فكم مرة في اليوم نذكر الإمام المهدي؟ هل نذكره في قنوت صلواتنا؟ هل نقرأ كل يوم: اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن... الدعاء؟ وهل نبدأ باسمه عندما نبدأ ببحوثنا العلمية ونقول يا حجة الله أدركني.
          أنا رأيت بعض الطلبة أول ما يريد كتابة بحوثه العلمية يقول يا حجة بن الحسن أدركني، فيبدأ أول بحثه باسم الله ثم الإمام الحجة، فيكتب يا معين ثم يتجه إلى الإمام الحجة أيضاً. وهذه حالة مهمة جداً ينبغي أن ننميها في أنفسنا.
          هناك كتاب لطيف في مجلدين أدعو الإخوة المؤمنين لمطالعته وهو «مكيال المكارم في فوائد الدعاء للإمام».
          فحري بنا أن لا نغفل عن الإمام عليه السلام، وأن ندعو له.
          نسأل الله سبحانه وتعالى أن يشملنا بألطافه وعناياته وأن لا يحرمنا فيضه وفضله ورحمته. وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
          م/ن
          ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
          [1] الشعراء: 80.
          [2] النحل: 69.
          [3] الزمر: 43.
          [4] الأحزاب: 11.
          [5] البقرة: 80.
          [6] بحار الأنوار، 98/ 153.
          [7] الذاريات: 17.
          [8] النمل: 62.
          [9] السجدة: 16.
          [10] البقرة: 153.

          تعليق


          • #6
            سبحان الله وبحمده

            تعليق


            • #7
              سبحان الله وبحمده

              تعليق


              • #8
                [كمال الدين - الصدوق صفحة 253] حدثنا غير واحد من أصحابنا قالوا : حدثنا محمد بن همام عن جعفر بن محمد بن مالك الفرازي قال : حدثني الحسن بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن الحارث قال : حدثني المفضل بن عمر عن يونس بن ظبيان عن جابر بن يزيد الجعفي قال : سمعت جابر بن عبد الله الانصاري يقول : وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجللها سحاب.

                قال الشيخ المحقق الدكتور احمد الماحوزي في الحكم على السند : صحيح
                [كمال الدين - الصدوق صفحة 483] حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني قال : حدثنا محمد بن يعقوب الكليني عن إسحاق بن يعقوب قال : سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي فورد في التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان قال : ... وأما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيبتها عن الابصار السحاب."


                قال الشيخ المحقق الدكتور احمد الماحوزي في الحكم على السند : حسن

                تعليق

                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                حفظ-تلقائي
                x

                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                صورة التسجيل تحديث الصورة

                اقرأ في منتديات يا حسين

                تقليص

                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                يعمل...
                X