بسم الله الرحمن الرحيم
الإهداء
بين ثنايا هذه السطور، شيء من آيات الذكر الحكيم المنزلة على بيت مختلف الملائكة، ومهبط الوحي والتنزيل، تنير طريق السائرة على الهدى والمبتغية للرضا من أهله.
كما أنّ في هذه الصفحات حديث بيت الرسالة، ونداء عيبة علمه وحجج الله على خلقه، تروي الظمأى، وتهدي الضالّة، وتأخذ بيد الحيارى التائهين إلى تمام اليقين.
شئ من سيرة حرائر بيت النبوة، ومعدن الرسالة، قادة الأمم وأولياء النعم، تضئ الدرب لمن تريد أن تتأدب بأدب النبي، وتسير على هداه، وتتمسك بحبله، وتقتدي به.
فإلى خير خلق الله إهدائي، لأنّه منه وإليه، فبه هدايتي، ومنه توفيقي، وبنظرته تسديدي، وعلى سبيله سيري وسلوكي، ومنه يستلهم قلمي، وبنوره أنار قلبي، وبه تهيج مشاعري.
فاقبل منّي يا حبيب الله جهدي، وتجاوز عن جهلي، فأنت تعلم أنّي ما فعلت هذا إلاّ لأجل قربك ومحبّتك.
والهدايا على مقدار مهديها، فإن قبلتها، فلي الشرف كل الشرف بقبولك لي، وهذا هو أملي يا رسول الله.
صلى عليك مليك السماء، فإنّك الغاية والمرتجى.
عبيدك يا مولاي
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
هذا الكتيّب كتب لكِ أيّتها الأخت المؤمنة وفيه قول وحكم اللّه سبحانه وتعالى، وأقوال النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم أفضل الصلاة والسّلام).
ولم يكتب للمرأة الكافرة أو المرأة المتحللة الّتي لا تبالي بقول اللّه سبحانه وتعالى ولا بقول أولياءه (صلوات اللّه عليهم) بل كتب لمن تشمله هذه الآية الكريمة:
قال تعالى: { الّذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه أولئك الّذي هداهم اللّه وأولئك هم أولوا الألباب(1)}
__________
(1) سورة الزمر 39\18.
(1/1)
________________________________________
وتوخيت فيه الاختصار بما لا يخلّ بالغرض المطلوب، كما حاولت إشباعه بالآيات القرآنيّة والأحاديث الشريفة قدر الإمكان، لأجل قوّة الحجّة ووضوح الحق من ناحية.
والتنبيه على أنّ المرأة ينبغي لها أن لا تسمع وتنصت لكلّ أحد حتّى ممن يدّعي العلم والدّين، والأبواق المغرضة المريضة، مادامت دعوته خارجة عن نطاق وحدود المفاهيم القرآنيّة، والدلالات الحديثيّة، وما أكثر السموم باسم الدّين في زماننا هذا، المظلم بأهله من أهله حتّى انتشر الفساد في كلّ مكان، في البرّ والبحر.
قال تعالى: { ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي الناّس ليذيقهم بعض الّذي عملوا لعلّهم يرجعون(1)}.
والمخاطب بهذه الكرّاسة أصناف ثلاثة من النّساء اللواتي يهمّنا أمرهن:
الأوّل: المؤمنة الملتزمة الّتي بحاجة إلى بعض الثقافة فيما يتعلّق بحجابها وعفّتها لكون المعرفة أمر حسن من ناحية، وزيادة اليقين بسيرتها وحجابها من ناحية أخرى.
الثاني: المؤمنة الّتي لعبت بها ظلمة الشكوك والأهواء فأصبحت ضعيفة تطير مع أقلّ هبّة ريح كالرّيشة، فهذا الكتيّب نتوخى فيه بتوفيق اللّه تعالى أن يملّكها وضوح الدّرب وامتلاك الحجّة للآخرين، تتخذه سلاحاً ضدّ كلّ من تسوّل له نفسه بأن يجرفها نحو معصية اللّه سبحانه وتعالى.
الثالث: المؤمنة الّتي حملت على عاتقها الدّعوة إلى اللّه سبحانه وتعالى، وتريد أدواتً تعينها على رسالتها المقدّسة، مبتغيةً من ذلك رضى الله سبحانه وتعالى، ورضى أولياءه (صلوات الله وسلامه عليهم)، آملة بفعل يسرّهم حيث تعرض الأعمال.
قال تعالى: { وقل اعملوا فسيرى اللّه عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون(2)}.
كما ينبغي للمرأة أن تكون داعية للخير والصلاح والهداية للآخرين، فإنّ هذه مسؤوليّة ملقاة على عاتق كلّ مؤمن ومؤمنة.
__________
(1) سورة الرّوم 30\41.
(2) سورة التّوبة 9\105.
(1/2)
________________________________________
وإصلاح المجتمعات لا يتمّ إلاّ بتظافر الجهود الخيّرة من الجميع، لأجل إصلاح ما فسد، وتكميل ما نقص.
ومن هنا جاء الخطاب الإلهي لكلّ من الرجل والمرأة، بأن يقوم كلٌّ بدوره في مجالاته المتاحة له، فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، والّذي منه الحث على الحجاب والستر والعفاف، وزجر وردع كلّ من يريد خلاف ذلك لبناتنا وأخواتنا، والدعوة بالّتي هي أحسن لكلّ متبرّجة جاهلة.
قال تعالى: { المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصّلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إنّ الله عزيز حكيم(1)}.
وأسأله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الكتيّب لك مناراً وهدىً وصلاحاً وعفّةً وسؤدداً، ولي ذخراً ورضىً وقبولاً من اللّه سبحانه وتعالى في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى اللّه بقلب سليم.
كما أرجو من الأخت المؤمنة أن تقرأه برويّة وإمعان تحصيلاً للغاية المرجوّة منه، ومحاولة فهم آيات الله سبحانه وتعالى وأحاديث أهل بيت العصمة (عليهم السلام)، والتأمل في ذلك.
والله ولي التوفيق والتسديد.
-
ـــــــــــــــــــــ
الحجاب
كانت المرأة في الجاهلية الجهلاء مظلومة جداً، وكأنّها ليست بنتاً لهم أو أختاً أو أمّاً، بل اعتبرت وكأنها ـ والعياذ باللّه ـ جرثومة لابدّ أن تقتل وتباد وهي في مهدها، مهد الطفولة البريئة وهذا ما كان يعرف بوأد البنات.
كما أنّهم كانوا يتشاءمون من ولادة الأنثى ويرونه عاراً عليهم، وإنّ من اُخبر بولادة أنثى له تكون حاله على صورة بشعة كما يصورها لنا القرآن الكريم.
قال تعالى: { وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودّاً وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التّراب ألا سآء ما يحكمون(2)}.
__________
(1) سورة التوبة 9\91 .
(2) سورة النحل 16\58 .
(1/3)
________________________________________
كما أنّها جعلت سلعة تباع وتشترى لمجرد إشباع الغرائز والشهوات وكأنها كائن لا إحساس له ولاشعور، واستمر إلى يومنا هذا في المجتمعات الكافرة حيث أن دعاة التحلل وحرية المرأة المزعومة إنّما قصدوا أن يخضعوا المرأة لشهواتهم في أدنى صورها بما يذهب بكرامة المرأة.
ولنا العبرة بما يجري في تلك المجتمعات من أحداث جسام مهولة في كلّ يوم بين الشباب، وبين الرّجال والنّساء المحصنات والأبكار، وبين النّساء والكلاب، وبين الرّجال وأولادهم ومحارمهم، وما يجري في الإحتفالات ومجالس الرقص، وغير ذلك مما ينزّه عن ذكره القلم واللّسان المتأدبين بأدب الدّين الحنيف.
ومع الأسف إنّ ذلك الزخرف من القول لقي هوىً عند المرأة المعاصرة لأن ظاهره مطالبةٌ لصالح المرأة وحقوقها في حين إنما أريد لها أن تخرج من خدرها وصونها وكرامتها إلى أن تكون مبذولة لهم.
فمن يا ترى أراد للمرأة الخير؟ هل الوثنية الغربية التي أفقدت المرأة كل مقومات الكرامة ؟ أم الإسلام الّذي أراد لها كلّ العزّ والستر سيّدةً في بيت الزوجية، راضية مرضيّة عند ربّها.
نعم جاء الإسلام، دين الرأفة والرحمة وانتشل المرأة وهي طفلة بريئة من براثن القتل، فقال تعالى: { وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت(1)}.
حقّاً !!! أيّ ذنب لهذه الطفلة البريئة حتّى تؤخذ من حضن أمها الدافئ الحنون وتوضع تحت أطباق الثرى تعالج سكرات الموت بتلك الصورة البشعة المذهلة، فالمرأة مدينة للإسلام العظيم بهذا الإنقاذ الرحيم، فعليها أن تحفظ له تلك اليد البيضاء بمحافظتها ونصرتها لدينها، عن طريق الالتزام الكامل بكلّ الأحكام الشرعيّة، وفاءً منها إليه.
__________
(1) سورة التكوير 81\8،9 .
(1/4)
________________________________________
كما قام الإسلام بإسداء الدور الكبير للمرأة في بناء المجتمع والمساهمة في مجالاتها المتعددة بتهيئة وتربية الأجيال ولذا أوكل إليها تكاليف كما أوكل إلى الرجل تكاليف فقد تجتمع وقد يختص أحدهما بتكليفه الخاص وهذا الفرز هو النتيجة الحتمية لاختلاف الطبيعتين في بعض الظواهر الجسدية وأيضاً النفسية ذات الأحاسيس اللطيفة والعواطف الرقيقة الًتي لا غنى للمجتمع عنها.
قال تعالى: { يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم إنّ اللّه عليم خبير(1)}.
والإسلام العظيم أراد للمرأة الكرامة والستر، أليس اللؤلؤ الثمين بين صدفتين؟ وجَعَل المرأة دُرّةً ثمينةً لا تباع ولا تشترى، ولن تكون ثمينة إلاّ بسترها وعفتها لأن المعدن الثمين هو الأقل وجوداً أمّا المبذول فإنّه ليس بالعزيز الغالي.
فعلى المرأة أن تكون عفيفةً غاليةً، فهذه سيدة النساء وقدوة الأمّة السيدة فاطمة الزهراء يقول لها أبوها النبي محمد (صلى اللّه عليه وآله وسلم): أي شئ خير للمرأة؟ فتجيب صلوات اللّه وسلامه عليها: أن لا ترى رجلا ولا يراها رجل(2).
وعندما توجّهت سيّدة النّساء للمسجد تطالب بحقها وتقيم على القوم الحجّة الدامغة، ذهبت مع مجموعة من نساء قومها رعايةً للستر والعفاف، وعندما دخلت المسجد جعل وضرب بينها وبين الرجال بستر وحاجز كمالاً وعفّةً وستراً.
فلقد روى عبد اللّه بن الحسن (بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام) بإسناده عن آبائه (عليهم السلام) أنّه لما أجمع أبو بكر وعمر على منع فاطمة (عليها السلام) فدكاً وبلغها ذلك لاثت خمارها على رأسها واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمّة من حفدتها(3) ونساء قومها تطأ ذيولها.
__________
(1) سورة الحجرات 49\13.
(2) البحار ج43 ص84 ب4 ح7 .
(3) الحفدة: جمع حافد وهو التابع والناصر .
(1/5)
________________________________________
ما تخرم مشيتها مشية رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة.
فجلست ثم أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء فارتجّ المجلس، ثم أمهلت هنيئة(1) حتى إذا سكن نشيج(2) القوم وهدأت فورتهم، افتتحت الكلام بحمد اللّه والثناء عليه والصلاة على رسوله، فعاد القوم في بكائهم، فلمّا امسكوا عادت في كلامها، فقالت (عليها السلام): الحمد للّه على ما انعم ... إلى آخر الخطبة المشهورة(3).
وعلى الأخت المؤمنة أن تلتفت إلى فعل سيّدة النّساء(عليها السلام) ، حيث نلاحظ في النّص السابق نقاط خمس لها علاقة بموضوعنا لابدّ أن نلتفت إليها وهي:
الأولى: لاثت خمارها: أي لبست حجابها الّذي يغطّي وجهها، الساتر لها.
الثانية: اشتملت بجلبابها: وهو ما يغطي كلّ جسدها ولا يظهر منه شيء.
الثالثة: أقبلت في لمّة من حفدتها ونساء قومها: أي أقبلت في جماعة من النساء حتّى لا يميّزها النّاظر ويعرفها، وإن كانت في تمام حجابها.
الرابعة: تطأ ذيولها: أي يقع طرف ثوبها أسفل قدمها حال مشيها من طول لباسها وحجابها زيادةً في التحفظ والستر.
الخامسة: فنيطت دونها ملاءة: أي وضع ستار وغطاء بينها وبين القوم مبالغة في العفّة مع كونها متحجّبة.
وبعد هذا الفعل من سيّدة النساء (عليها السلام) لا يغرّ المرأة من يدّعي الدّين والعلم ويقول: إنّ المرأة تخرج في محافل الرّجال وتباشر دورها معهم.
نعم ... إذا كان خروج المرأة بالزي والحجاب الّذي خرجت به سيّدة النساء وهي تعطي دروس العفاف والسّتر، ويكون خروجها لمثل الهدف السّامي الخطير الّذي خرجت من أجله الزّهراء (عليها السلام) فهنيئاً لها الإقتداء بسيّدة النّساء (عليها السلام).
__________
(1) انتظرت وقتاً يسيراً.
(2) بكاؤهم.
(3) الاحتجاج ج1 ص97.
(1/6)
________________________________________
ونؤكّد ما نقوله بهذه الأمثلة الأخرى الرائعة، فأصبحت الزهراء (عليها السلام) في عفافها وحجابها وشرفها محلّ إعجاب صحبة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
فعن جابر بن سمرة قال: جاء نبي اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) فجلس فقال: إنّ فاطمة وجعة. فقال القوم: لو عدناها، فقام فمشى حتّى انتهى إلى الباب، والباب عليها مصفّق، قال: فنادى: شدّي عليك ثيابك فإنّ القوم جاءوا يعودونك، فقالت: يا نبي اللّه ما عليّ إلا عباءة، قال: فأخذ رداءً فرمى به إليها من وراء الباب، وقال: شدّي بهذا رأسك، فدخل ودخل القوم، فقعد ساعة فخرجوا، فقال القوم: تاللّه بنت نبيّنا (صلى اللّه عليه وآله وسلم) على هذا الحال ! قال: فالتفت فقال: أما إنّها سيّدة النّساء يوم القيامة(1).
نعم ... بنت النبي محمد (صلى اللّه عليه وآله وسلم) على هذه الحال من الستر والعفاف لأنّها حبيبته فأراد لها كلّ الكرامة والعزّة وكانت كما أراد.
وروي انه سأل رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) أصحابه عن المرأة ما هي؟ قالوا: عورة، قال: فمتى تكون أدنى(2) من ربّها فلم يدروا، فلمّا سمعت فاطمة (عليها السلام) ذلك قالت: أدنى ما تكون من ربّها أن تلتزم قعر بيتها، فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم): إنّ فاطمة بضعة منّي(3).
فتلك فاطمة الزهراء سيّدة النساء قدوة المرأة الأولى، وعلى أثرها سارت حرائر رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) فهذه زينب(عليها السلام) ابنتها وتلميذتها حذت حذو أمّها فكانت مثالاً رائعاً ينير الدرب لمن تريد أن تلقى اللّهi وهو عنها راضٍ.
__________
(1) فاطمة الزهراء (عليها السلام) ج1 ص258 ح2 .
(2) أدنى: أقرب .
(3) فاطمة الزهراء (عليها السلام) ج1 ص258 ح5 .
(1/7)
________________________________________
فلقد حدّثنا التأريخ عن بعض عفاف وستر زينب بنت أمير المؤمنين(عليهما السّلام) بصورة منقطعة النظير، فهذا أحد الأشخاص الّذي توفق بأن يكون جاراً لأمير المؤمنين(عليه السلام) يروي لنا ذلك المثل الرائع لاقتداء المرأة المؤمنة.
قال يحي المازني: كنت في جوار أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة السلام) مدّة مديدة، وبالقرب من البيت الّذي تسكنه زينب ابنته، فواللّه ما رأيت لها شخصاً، ولا سمعت لها صوتاً، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدّها رسول اللّه@ تخرج ليلاً، والحسن عن يمينها، والحسين عن شمالها، وأمير المؤمنين أمامها، فإذا قربت من القبر الشّريف سبقها أمير المؤمنين فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسن مرّة عن ذلك، فقال: أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب(1).
فالمرأة المؤمنة هي المرأة السعيدة، لأنّها أرضت ربّها، وحافظت على كرامتها، وأراحت ضميرها، واقتدت بسيّدة نساء العالمين (عليها السلام)، فتغمرها السعادة وتفخر بها، كما كانت الزهراء (عليها السلام)، وحرائر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأمير المؤمنين (عليه السلام)، حتّى تمثّل بعفافهنّ القاصي والداني، وتحرّكت قرائح الشعراء في الثناء على ستر أهل بيت النبوة والكرامة.
ألا ترغب المرأة المؤمنة في هذه السعادة والكرامة!!! فهذه زينب (عليها السلام) يقول في حقّها الشاعر الموالي:
ولم تر حتّى عينها ظلّ شخصها
إلى أن بدت في الغاضريّة حسرا
والسعادة للرجل والمرأة تكمن في العمل الصالح، وليس للمرأة عمل صالح أكبر وأشرف من الإقتداء بالزهراء (عليها السلام)، حيث يقودها ذلك إلى سعادة الدارين.
قال تعالى: { من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياةً طيّبةً ولنجزينّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون(2)}.
__________
(1) زينب الكبرى للنقدي ص22 .
(2) سورة النحل 16\97 .
(1/8)
________________________________________
فما ذا بعد وعد الله سبحانه وتعالى لكلّ ذكر وأُنثى بالسعادة الأبديّة في الدارين، فحقيق بالإنسان أن يعمل الصالحات مقتدياً بالصالحين.
أحكام تتعلّق بالحجاب
كما عرفنا سابقاً إنّ الحجاب صون المرأة وسترها وكرامتها، وهو الّذي يحجبها عن أن تكون مبذولةً مهانة رخيصة، فهو اللباس الّذي وهبه الإسلام العظيم لها لأنّه دين الكرامة والعزّة والعفّة والصّلاح، فعلى المرأة أن تحافظ عليه محافظة كبيرة مقتدية بسيّدة نساء العالمين، ولأنّه نعمة عظيمة أخرجها من ظلم الجاهليّة إلى نور الإسلام .
قال تعالى: { وقرن في بيوتكنّ ولا تبرجن تبرّج الجاهليّة الأولى(1)}.
وعلى كلّ حال فالحجاب واجب شرعي ولا إشكال في وجوبه، وورد التأكيد عليه في القرآن الكريم وأحاديث وسيرة أهل البيت (صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين).
ولأنّ الحجاب زيناً للمرأة وشرفاً ورفعةً أراده النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم) وربّى عليه ابنته وحبيبته الزهراء (عليها السلام)، وأمر به اللّه الرؤوف الرّحيم سبحانه وتعالى.
قال تعالى: { يا أيّها النّبي قلّ لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان اللّه غفوراً رحيماً(2)}
ولا بأس بإلقاء بعض الضوء على هذه الآية الكريمة بشرحها وبيان سبب نزولها لكونها من آيات وجوب الحجاب من جهة، ومن جهة أخرى قد لا تكون واضحة المعاني لبعض الأخوات المؤمنات، فالحديث حول هذه الآية يقع في جهتين:
الأولى: في سبب نزولها:
روي في سبب نزول هذه الآية الشريفة:
إنّ النساء كنّ يخرجن إلى المسجد ويصلين خلف رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) فإذا كان بالليل وخرجن إلى صلاة المغرب والعشاء والغداة يقعد الشّاب لهنّ في طريقهنّ فيؤذونهنّ ويتعرّضون لهنّ، فأنزل اللّه سبحانه وتعالى تلك الآية الشّريفة(3).
__________
(1) سور الأحزاب 33\33 .
(2) سورة الأحزاب 33\59 .
(3) البحار ج104 ص33 ب91 ح6 .
(1/9)
________________________________________
الثانية: في تفسيرها:
قوله تعالى:{ يا أيّها النبي قلّ لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ }.
خطاب من اللّه سبحانه وتعالى إلى حبيبه النبي محمد (صلى اللّه عليه وآله) بأن يقول لزوجاته وبناته ونساء المؤمنين:أن يلبسن ثوباً يغطّين به جميع بدنهن، وقيل إنّه الخمار الّذي تغطّي به المرأة رأسها ووجهها.
وقوله تعالى:{ ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } أي أنّ ذلك الستر لجميع البدن أقرب إلى أن يُعرفن النسوة أنّهنّ من أهل الستر والصلاح فلا يؤذينهنّ أهل الفسق بالتّعرّض لهنّ.
-
ـــــــــــــــــــــــ
الأحكام
ولنجمل بعض الأحكام المتعلّقة بالحجاب في نقاط(1):
1ـ يجب على المرأة ستر ما زاد على الوجه والكفّين عن غير الزوج والمحارم مع عدم التلذذ، ومع التلذذ يجب عليها ستر حتّى الوجه والكفّين عن غير الزوج، والأحوط وجوباً ستر الوجه والكفّين عن غير الزوج والمحارم مطلقا سواء كان بتلذذ أم من غير تلذذ.
وأمّا ما روي من سؤال الإمام الصّادق (عليه السلام) عمّا تظهر المرأة من زينتها؟ فقال: الوجه والكفين(2).
فقد تتساءل المرأة المؤمنة بأنّ الإمام الصادق (عليه السلام) يجيز إبداء الوجه والكفّين في حين إننا قرأنا الأمثلة الرائعة السابقة في حجاب الزهراء وابنتها (عليهما السلام) ، وأنّه لا يرى منهما حتّى الوجه والكفّين.
فنقول: إنّ هذا يمكن حمله على ما تبديه المرأة وقت صلاتها مع عدم وجود الرجل الأجنبي، ولذلك كانت سيرة الزهراء وابنتها (عليهما السلام) وكذا جميع حرائر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
2ـ محارم المرأة قسمان: نسب وسبب:
__________
(1) هذه الأحكام مطابقة لفتوى المرجع الديني الأعلى السيد محمد الروحاني ـ دام ظله ـ وقد نقلناها بتصرّف من منهاج الصالحين والمسائل المنتخبة.
(2) البحار ج104 ص33 ب91 ح7 .
(1/10)
________________________________________
فالمحارم من النسب هم: الأب وإن علا (أي الجدّ وجدّ الجدّ وهكذا)، والولد وإن سفل (ابن الولد وابن ابن الولد وهكذا)، والأخ وأولاده وإن نزلوا، والعمّ والخال وإن علا (كعم الأبوين والجدّين وخالهما)، وأولاد الأخت وإن نزلوا.
والمحارم من السبب أمران:
1ـ ما يحرم بالمصاهرة وهم: والد الزوج وإن علا، وأولاد الزوج وإن نزلوا.
2ـ ما يحرم بالرضاع: وهو نفس ما يحرم بالنّسب.
قال تعالى: { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ ولا يبدين زينتهنّ إلاّ ما ظهر منها(1) وليضربن بخمرهنّ على جيوبهنّ(2) ولا يبدين زينتهنّ إلا لبعولتهنّ أو آبآئهنّ أو آباء بعولتهنّ أو أبنائهنّ أو أبناء بعولتهنّ أو إخوانهنّ أو بني إخوانهنّ أوبني أخواتهنّ أو نسائهنّ أو ما ملكت أيمانهنّ(3) أو التابعين غير أولي الإربة(4) من الرّجال أو الطّفل الّذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهنّ وتوبوا إلى اللّه جميعا أيّها المؤمنون لعلّكم تفلحون(5)}.
3ـ ما ذكر من الأحكام يشمل البالغ فقط.
عن الإمام الرّضا (عليه السلام) قال: لا تغطّي المرأة رأسها من الغلام حتّى يبلغ الغلام(6).
أمّا غير البالغ فيجوز النّظر واللمس من غير التلذذ ومع التلذذ يكون حراماً مطلقاً للصغير والكبير، البالغ وغيره.
4ـ لا فرق في وجود ناظر ينظر بالمباشرة أم بواسطة مرآة أم أيّ شئ آخر عاكس للصّورة.
5ـ لا يجوز ملامسة الرجال ومصافحتهم إلاّ الزّوج والمحارم.
__________
(1) قيل في تفسير الزينة الظاهرة أنّها الوجه والكفّين.
(2) الخمار هو: ما تغطي به المرأة رأسها وينسدل على صدرها، والجيوب معروف والمراد مكانه وهو الصدر، والمعنى: وليلقين بأطراف مقانعهنّ على صدورهنّ ليسترنها بها.
(3) من الإماء المملوكات لهنّ.
(4) أولي الإربة هم: البله المولّى عليهم الّذين لا شهوة لهم.
(5) سورة النّور 24\31 .
(6) البحار ج104 ص35 ب91 ح17 .
(1/11)
________________________________________
قال النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم): من صافح امرأة تحرم عليه فقد باء بسخط من اللّه، ومن التزم امرأة حراماً قرن في سلسلة من نار مع الشيطان فيقذفان في النار(1).
والمرأة تكون شريكة للرّجل في هذا العقاب إن طاوعته ووافقته على ذلك.
6ـ يجب على المرأة حال الصلاة ستر جميع بدنها ماعدا الوجه ـ بالمقدار الّذي يجب غسله في الوضوء وهو من قصاص الشعر إلى محاذاة الذقن طولاً وما اشتملت عليه الإبهام والوسطى عرضاً ـ وماعدا الكفّين إلى الزندين ويجب ستر شئ مما زاد عن ذلك الحدّ تحصيلاً لليقين بستر ما يجب ستره.
7ـ يجوز أن ينظر الرّجل إلى المرأة الّتي يريد الزّواج منها من غير تلذذ وبمقدار ما يوجب الإطمئنان بسلامتها وصفاتها.
روي عن أبي عبد اللّه عن آبائه (عليهم السلام) انّه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا بأس بأن ينظر الرّجل إلى محاسن المرأة قبل أن يتزوّجها إنّما هو مستام فان يُقض أمرٌ يكن(2).
والمستام الوارد في الرواية المتقدّمة يراد به التشبيه بالّذي يريد أن يشتري شيئاً وهو غير عارف به ويخاف أن يقع في التدليس والتغرير، فمن حقّه أن يتفحص ما يريد الزواج منها لئلاّ يقع في الغبن.
8ـ لا يجوز للمرأة أن تتعالج عند الطبيب الذّكر مع وجود امرأة طبيبة يمكن العلاج عندها، إذا كان العلاج يستلزم النظر أو اللمس.
روى علي بن جعفر عن أخيه الإمام الكاظم (عليه السلام) أنَّه سألته: المرأة لها أن يحجمها رجل؟ قال: لا.
وسألته عن المرأة يكون بها الجرح في فخذها أو عضدها هل يصلح للرجل أن ينظر إليه ويعالجه؟ قال: لا(3).
__________
(1) البحار ج104 ص32 ب91 ح4 .
(2) البحار ج104 ص43 ب92 ح1 .
(3) البحار ج104 ص33 ب91 ح8-9 .
(1/12)
________________________________________
ومع عدم وجود امرأة يمكن العلاج عندها يجوز أن تتعالج المرأة عند الرّجل وإذا أمكن العلاج بالنّظر لا يجوز له اللمسّ، وإذا أمكن العلاج باللمس لا يجوز النظر، ولو اضطر الطّبيب إلى النّظر إلى عورة المرأة لعلاجها فالأحوط أن ينظر بواسطة المرآة إن أمكن ذلك.
فعن الإمام الصادق عن أبيه، عن عليّ (صلوات اللّه عليهم) في المرأة يموت في بطنها الولد فيتخوّف عليها قال: لابأس أن يدخل الرّجل يده فيقطعه فيخرجه إذا لم ترفق به النساء(1).
فيصرّح هنا الإمام (عليه السلام) أنّه إذا لم يمكن للنساء أن تقوم بالمعالجة فلا بأس أن يقوم الرّجل بها.
9ـ يجوز سماع صوت المرأة الأجنبية مع عدم التلذذ ومعه يحرم مطلقا للمحرم وغيره ماعدا الزّوج.
10ـ النظر واللمس من المرأة للمرأة يجوز مع عدم التلذذ ومع التلذذ لا يجوز.
11ـ يحرم على المرأة النّظر إلى الرّجل ـ على الأحوط ـ في غير الوجه واليدين والرأس والرقبة والقدمين، وأمّا نظرها إلى هذه المواضع من الرّجل فيجوز إذا لم يكن بتلذذ وريبة وإن كان الأحوط استحباباً ترك ذلك أيضاً.
روي عن الإمام الصّادق (عليه السلام) أنّه قال: النظر سهم من سهام إبليس مسموم وكم من نظرة أورثت حسرة طويلة(2).
12ـ لا يجوز اختلاء الرّجل والمرأة في مكان لا يتردد عليه أحد مميّز، إلا إذا أمن الحرام.
روي عن أهل البيت (عليهم السلام) أنّهم قالوا: قال إبليس لعنة الله عليه لموسى (عليه السلام): يا موسى لا تخل بامرأة لا تحلُّ لك فإنَّه لا يخلو رجل بامرأة لا تحلُّ له إلاَّ كنت صاحبه دون أصحابي(3).
__________
(1) البحار ج104 ص36 ب91 ح22 .
(2) البحار ج104 ص40 ب91 ح46 .
(3) البحار ج104 ص48 ب94 ح5 .
(1/13)
________________________________________
وعن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال عليٌّ :ثلاث من حفظهنَّ كان معصوماً من الشيطان الرّجيم ومن كلّ بلية: من لم يخل بامرأة ليس يملك منها شيئاً، ولم يدخل على سلطان، ولم يعن صاحب بدعة ببدعته(1).
13ـ لا يجوز للزوجة أن تخرج من دون إذن زوجها فيما إذا كان خروجها منافياً لحق الزوج من الإستمتاع بها، والأولى أن لا تخرج مطلقاً إلاّ بإذنه.
روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انّه قال: أربعة لا تقبل لهم صلاة الإمام الجائر، والرّجل يؤمُّ القوم وهم له كارهون، والعبد الآبق من مواليه من غير ضرورة، والمرأة تخرج من بيت زوجها بغير إذنه(2).
وروي عن النّبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم) انّه نهى أن تخرج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها، فإن خرجت لعنها كلُّ ملك في السَّماء وكلُّ شيء تمرُّ [عليه] من الجنِّ والإنس حتى ترجع إلى بيتها(3).
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: إنّ رجلاً من الأنصار على عهد رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) خرج في بعض حوائجه فعهد إلى امرأته عهداً أن لا تخرج من بيتها حتّى يقدم.
قال: وإنّ أباها مرض فبعثت المرأة إلى النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم) فقالت: إنّ زوجي خرج وعهد إليّ أن لا أخرج من بيتي حتّى يقدم، وإنّ أبي مرض فتأمرني أن أعوده، فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك.
قال: فثقل فأرسلت إليه ثانياً بذلك فقالت: فتأمرني أن أعوده؟ فقال: اجلسي في بيتك، وأطيعي زوجك.
قال: فمات أبوها فبعثت إليه أنّ أبي قد مات فتأمرني أن أصلّي عليه؟ فقال: لا، اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك.
قال: فدفن الرّجل فبعث إليها رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم): إنّ اللّه قد غفر لك ولأبيك بطاعتك لزوجك(4).
من أدب العفاف
__________
(1) البحار ج104 ص49 ب94 ح13 .
(2) البحار ج103 ص243 ب61 ح12 .
(3) البحار ج103 ص243 ب61 ح13 .
(4) البحار ج22 ص145 ح136 .
(1/14)
________________________________________
اهتمّ الإسلام بالعفاف وأمر به منذ نعومة الأظفار، حتى يربّى الطفل والطفلة على النزاهة والعفّة، فإذا ما كبر يجد آثار التربية الإسلاميّة الصالحة تثمر وتؤتي أُكُلها، ففرّق بين مضاجع وأماكن نوم الأولاد والبنات بمجرّد بلوغ عشر سنوات.
روي عن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم): أنّه قال: مُرُوا صبيانكم بالصَّلاة إذا كانوا أبناء سبع سنين، وفرِّقوا بينهم في المضاجع إذا كانوا أبناء عشر سنين(1).
وروي عن الإمام الصّادق عن آبائه (عليهم السلام) أنّه قال: يفرّق بين الصبيان والنساء في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين(2).
كما أنّ الإسلام هيأ للمرأة كلّ أسباب القربى منه سبحانه وتعالى وهي على عفافها فأُمرت بالصّلاة في بيتها وأنّه أفضل من الصلاة في جماعة النّاس بخمسة وعشرين درجة.
روي عن النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم) انّه قال: صلاة المرأة وحدها في بيتها كفضل صلاتها في الجمع خمساً وعشرين درجة(3).
وقد يتبادر إلى ذهن القارئة العزيزة سؤال وهو:
كيف كانت النساء في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يحضرن إلى صلاة رسول الله@ كما مرّ معنا في سبب نزول الآية 59 من سورة الأحزاب؟
فنقول: الظاهر أنّ ذلك كان في الصدر الأوّل للإسلام، حيث كانت ظروف الإسلام تستدعي هذا التواجد في المسجد، فالضرورة هي الّتي اقتضت ذلك، بل نلاحظ أنّ المرأة وهي في بيتها بين يدي ربّها وخالقها الرؤوف الرّحيم وفي صلاتها، وجّهها أهل بيت العصمة(صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين) بأن لا تبرز مؤخرتها في حال الركوع، فتخفف من انحناء الركوع، وإذا قامت من جلوسها في الصّلاة تنسلّ انسلالاً بحيث لا ترفع عجيزتها أوّلاً، كما يبين لنا ذلك هذا الحديث الشريف.
__________
(1) البحار ج104 ص50 ب94 ح14 .
(2) البحار ج104 ص47 ب94 ح2 .
(3) البحار ج103 ص261 ب62 ح19.
(1/15)
________________________________________
روي عن الإمام الباقر(عليه أفضل الصلاة والسلام) في حديث انّه قال: إذا قامت المرأة في الصلاة جمعت بين قدميها، ولا تفرج بينهما، وتضم يديها إلى صدرها لمكان ثدييها، فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها، لئلاّ تطأطئ كثيراً، فترتفع عجيزتها، وإذا جلست فعلى إليتيها، ليس كما يقعد الرّجل، وإذا سقطت إلى السّجود بدأت بالقعود بالركبتين قبل اليدين، ثمّ تسجد لاطئة(1) بالأرض، فإذا كانت في جلوسها ضمّت فخذيها ورفعت ركبتيها من الأرض، وإذا نهضت انسلّت انسلالاً لا ترفع عجيزتها أوّلاً(2).
فكم هي هذه المرأة عظيمة إن تزينت وتجمّلت بأدب الدين في أدق توجيهاته، وحملها حبّ الله سبحانه وتعالى وحبّ أولياءه على أن تكون مثالاً نيّراً وأنموذجاً رائعاً وصورةً قدسيّةً، تلقى الله سبحانه وتعالى وهي كما أرادها في أجمل صورها، محبوبةٌ لديه ومقرّبةٌ عنده، وعند أولياءه، مشرقةٌ في سماء المجد تعانق أعلى علليين مع محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
عقاب التبرّج وغيره:
لاشكّ في أنّه ينبغي لجميع المؤمنين والمؤمنات أن يمتثلوا أمر اللّه سبحانه وتعالى، وأن يتقيّدوا بشريعة سيّد المرسلين محمد (صلى اللّه عليه وآله وسلم)، ولكن قد يحتاج المكلّف المؤمن في بعض الأحيان إلى الموعظة الحسنة، ولا أحسن من كلام أهل بيت العصمة (عليهم السلام) فإنّهم خير واعظ ينصت له المؤمن.
روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: دخلت أنا وفاطمة على رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) فوجدته يبكي بكاء شديداً، فقلت: فداك أبي وأمّي يا رسول اللّه ما الّذي أبكاك؟ فقال: يا علي ليلة أسري بي إلى السّماء رأيت نساء من نساء أُمتي في عذاب شديد، فأنكرت شأنهنّ فبكيت لما رأيت من شدَّة عذابهنّ.
__________
(1) لاطئة : أي لاصقة.
(2) البحار ج88 ص127 ب4 ح85 .
(1/16)
________________________________________
رأيت امرأةً معلّقةً بشعرها يغلي دماغ رأسها، ورأيت امرأةً معلّقةً بلسانها والحميم يصبُ في حلقها، ورأيت امرأةً معلّقةً بثدييها، ورأيت امرأةً تأكل لحم جسدها والنار توقد من تحتها.
ورأيت امرأةً قد شدّ رجلاها إلى يديها وقد سلّط عليها الحيّات والعقارب، ورأيت امرأةً صمّاء عمياء خرساء في تابوت من نار يخرج دماغ رأسها من منخرها وبدنها متقطّع من الجذام والبرص، ورأيت امرأةً معلّقة برجليها في تنّور من نار.
ورأيت امرأةً يقطع لحم جسدها من مقدّمها ومؤخّرها بمقاريض من نار.
ورأيت امرأةً يحرق وجهها ويداها وهي تأكل أمعاءها، ورأيت امرأةً رأسها رأس خنزير وبدنها بدن الحمار وعليها ألف ألف لون من العذاب ورأيت امرأةً على صورة الكلب والنّار تدخل في دبرها وتخرج من فيها والملائكة يضربون رأسها و بدنها بمقامع من نار.
فقالت فاطمة (عليها السلام): حبيبي وقرَّة عيني أخبرني ما كان عملهنَّ وسيرتهنّ حتّى وضع اللّه عليهنَّ هذا العذاب؟
فقال: يا بنيّتي أمّا المعلّقة بشعرها فإنها كانت لا تغطي شعرها من الرّجال، وأمّا المعلّقة بلسانها فإنها كانت تؤذي زوجها، وأمّا المعلّقة بثدييها فإنها كانت تمتنع من فراش زوجها.
وأمّا المعلّقة برجليها فإنها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها، وأمّا الّتي كانت تأكل لحم جسدها فإنها كانت تزيّن بدنها للناس.
وأمّا الّتي شدّ يداها إلى رجليها وسلّط عليها الحيّات والعقارب، فإنّها كانت قذرة الوضوء قذرة الثّياب، وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض، ولا تتنظف وكانت تستهين بالصّلاة.
وأما العمياء الصمّاء الخرساء فإنّها كانت تلد من الزّنا فتعلّقه في عنق زوجها، وأمّا الّتي كانت يقرض لحمها بالمقاريض فإنّها كانت تعرض نفسها على الرّجال، وأمّا الّتي كانت يحرق وجهها وبدنها وهي تأكل أمعاءها فإنها كانت قوّادة(1).
__________
(1) القوّادة: هي الّتي تجمع بين الرجل والمرأة للحرام.
(1/17)
________________________________________
وأمّا الّتي كانت رأسها رأس خنزير وبدنها بدن الحمار فإنّها كانت نمّامة(1) كذّابة، وأمّا الّتي على صورة الكلب والنّار تدخل في دبرها وتخرج من فيها فإنّها كانت قينة(2) نوّاحة حاسدة(3).
حقّاً إنّ ما سمعناه يبكي، وينبغي لسامعه أن يذرف الّدم بدل الدّموع، وكيف رؤية ذلك الأمر العظيم.
فاتّعظي أيّتها الأخت المؤمنة الغيورة على دينها، وكوني ذات قلب حيّ يحسّ ويشعر ويخاف اللّه عزّ وجل، وكوني مقتديةً بسيّدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) حيث روي عنها أنّها لمّا سمعت قوله تعالى: { وإنّ جهنّم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكلّ باب منهم جزء مقسوم(4)} سقطت على وجهها وهي تقول: الويل ثمّ الويل لمن دخل النّار(5).
ولكنّ الرّجل أيضاً له من هذا العذاب الكبير نصيب وافر إن ساير زوجته أو ابنته في ذلك التبرّج والإنحلال لأنّه شريك ومعين.
قال أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام): من أطاع امرأته أكبّه اللّه على وجهه في النّار، قيل: وما تلك الطّاعة؟ قال: تطلب إليه أن تذهب إلى الحمامات، وإلى العرسان، وإلى النّياحات والثياب الرّقاق فيجيبها(6).
وإنّما نهي عن الذهاب إلى الحمّامات لكون النّساء فيها لا تتحفظ حتى عن إبداء العورة . والأعراس الّتي فيها الغناء وضرب الدفوف وغيرها. ونهي عن النياحة وهي العويل على الميّت بالباطل لمجرّد حبّ الرّثاء والمبالغة فيه . والثياب الرقاق تخرج بها المرأة فيراها الآخرون من الرجال.
الخاتمة:
إنّ خير ما نختم به هذه الرّسالة هو موقف من مواقف عفاف سيّدة النساء فاطمة الزهراء (عليها أفضل الصلاة والسلام) وموقف من مواقف تلميذة من تلامذتها:
__________
(1) السعي بين المؤمنين بما يفرّق بينهم.
(2) القينة: هي المغنّية.
(3) البحار ج103 ص245 ب61 ح24 .
(4) سورة الحجر 15\43ـ44 .
(5) البحار ج8 ص303 ب24 ح62 .
(6) البحار ج103 ص243 ب61 ح11 .
(1/18)
________________________________________
فعن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال علي (عليه السلام): استأذن أعمى على فاطمة (عليها السلام) فحجبته، فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) لها لم حجبته وهو لا يراك ؟ فقالت (عليها السلام): إن لم يكن يراني فإنّي أراه وهو يشمّ الرّيح، فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم): أشهد أنّك بضعة منّي(1).
وعن الإمام الرضا (عليه السلام)، عن آباءه، عن الحسين بن علي (صلوات اللّه عليهم) قال: أُدخل على أُختي سكينة بنت علي (عليه السلام) خادم فغطّت رأسها منه فقيل لها: إنّه خادم، فقالت: هو رجل منع شهوته(2).
وأخيراً أسأل اللّه سبحانه وتعالى أن أكون قد وفقت بأن أكون ممن عمل صالحاً، يُرضي النبي محمد وآله الطيبين الطاهرين، وآمل أن تكوني أيّتها الأخت المؤمنة قد وجدت ضالتك في ثنايا هذه السطور.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلّى اللّه على حبيبه المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين.
مصادر البحث
القرآن الكريم
المسائل المنتخبة ... السيد محمد الروحاني
منهاج الصالحين ... السيد محمد الروحاني
ثواب الأعمال وعقاب الأعمال ... الشيخ الصدوق
الميزان ... السيّد الطباطبائي
البحار ... الشيخ المجلسي
جامع السعادات ... الشيخ النراقي
فهرس
المقدمة ...
المخاطب بهذه الكرّاسة ...
الحجاب ...
أحكام تتعلّق بالحجاب ...
1ـ حدود الحجاب ...
2ـ بيان المحارم ...
3ـ حكم غير البالغ ...
4ـ النظر بالمباشرة أو بواسطة ...
5ـ المصافحة والملامسة ...
6ـ حجاب المرأة في الصلاة ...
7ـ النظر للزواج ...
8ـ العلاج عند الطبيب ...
9ـ صوت المرأة ...
10ـ المرأة مع المرأة ...
11ـ نظر المرأة إلى الرجل ...
12ـ الاختلاء مع الرجل ...
13ـ خروج المرأة من بيتها ...
من أدب العفاف ...
عقاب التبرّج وغيره: ...
الخاتمة: ...
مصادر البحث: ...
__________
(1) البحار ج43 ص91 ب4 ح16 .
(2) البحار ج104 ص45 ب93 ح7 .
(1/19)تأليف
علي عيسى أحمد
العلوية خادمة الزهراء
الإهداء
بين ثنايا هذه السطور، شيء من آيات الذكر الحكيم المنزلة على بيت مختلف الملائكة، ومهبط الوحي والتنزيل، تنير طريق السائرة على الهدى والمبتغية للرضا من أهله.
كما أنّ في هذه الصفحات حديث بيت الرسالة، ونداء عيبة علمه وحجج الله على خلقه، تروي الظمأى، وتهدي الضالّة، وتأخذ بيد الحيارى التائهين إلى تمام اليقين.
شئ من سيرة حرائر بيت النبوة، ومعدن الرسالة، قادة الأمم وأولياء النعم، تضئ الدرب لمن تريد أن تتأدب بأدب النبي، وتسير على هداه، وتتمسك بحبله، وتقتدي به.
فإلى خير خلق الله إهدائي، لأنّه منه وإليه، فبه هدايتي، ومنه توفيقي، وبنظرته تسديدي، وعلى سبيله سيري وسلوكي، ومنه يستلهم قلمي، وبنوره أنار قلبي، وبه تهيج مشاعري.
فاقبل منّي يا حبيب الله جهدي، وتجاوز عن جهلي، فأنت تعلم أنّي ما فعلت هذا إلاّ لأجل قربك ومحبّتك.
والهدايا على مقدار مهديها، فإن قبلتها، فلي الشرف كل الشرف بقبولك لي، وهذا هو أملي يا رسول الله.
صلى عليك مليك السماء، فإنّك الغاية والمرتجى.
عبيدك يا مولاي
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
هذا الكتيّب كتب لكِ أيّتها الأخت المؤمنة وفيه قول وحكم اللّه سبحانه وتعالى، وأقوال النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم أفضل الصلاة والسّلام).
ولم يكتب للمرأة الكافرة أو المرأة المتحللة الّتي لا تبالي بقول اللّه سبحانه وتعالى ولا بقول أولياءه (صلوات اللّه عليهم) بل كتب لمن تشمله هذه الآية الكريمة:
قال تعالى: { الّذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه أولئك الّذي هداهم اللّه وأولئك هم أولوا الألباب(1)}
__________
(1) سورة الزمر 39\18.
(1/1)
________________________________________
وتوخيت فيه الاختصار بما لا يخلّ بالغرض المطلوب، كما حاولت إشباعه بالآيات القرآنيّة والأحاديث الشريفة قدر الإمكان، لأجل قوّة الحجّة ووضوح الحق من ناحية.
والتنبيه على أنّ المرأة ينبغي لها أن لا تسمع وتنصت لكلّ أحد حتّى ممن يدّعي العلم والدّين، والأبواق المغرضة المريضة، مادامت دعوته خارجة عن نطاق وحدود المفاهيم القرآنيّة، والدلالات الحديثيّة، وما أكثر السموم باسم الدّين في زماننا هذا، المظلم بأهله من أهله حتّى انتشر الفساد في كلّ مكان، في البرّ والبحر.
قال تعالى: { ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي الناّس ليذيقهم بعض الّذي عملوا لعلّهم يرجعون(1)}.
والمخاطب بهذه الكرّاسة أصناف ثلاثة من النّساء اللواتي يهمّنا أمرهن:
الأوّل: المؤمنة الملتزمة الّتي بحاجة إلى بعض الثقافة فيما يتعلّق بحجابها وعفّتها لكون المعرفة أمر حسن من ناحية، وزيادة اليقين بسيرتها وحجابها من ناحية أخرى.
الثاني: المؤمنة الّتي لعبت بها ظلمة الشكوك والأهواء فأصبحت ضعيفة تطير مع أقلّ هبّة ريح كالرّيشة، فهذا الكتيّب نتوخى فيه بتوفيق اللّه تعالى أن يملّكها وضوح الدّرب وامتلاك الحجّة للآخرين، تتخذه سلاحاً ضدّ كلّ من تسوّل له نفسه بأن يجرفها نحو معصية اللّه سبحانه وتعالى.
الثالث: المؤمنة الّتي حملت على عاتقها الدّعوة إلى اللّه سبحانه وتعالى، وتريد أدواتً تعينها على رسالتها المقدّسة، مبتغيةً من ذلك رضى الله سبحانه وتعالى، ورضى أولياءه (صلوات الله وسلامه عليهم)، آملة بفعل يسرّهم حيث تعرض الأعمال.
قال تعالى: { وقل اعملوا فسيرى اللّه عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون(2)}.
كما ينبغي للمرأة أن تكون داعية للخير والصلاح والهداية للآخرين، فإنّ هذه مسؤوليّة ملقاة على عاتق كلّ مؤمن ومؤمنة.
__________
(1) سورة الرّوم 30\41.
(2) سورة التّوبة 9\105.
(1/2)
________________________________________
وإصلاح المجتمعات لا يتمّ إلاّ بتظافر الجهود الخيّرة من الجميع، لأجل إصلاح ما فسد، وتكميل ما نقص.
ومن هنا جاء الخطاب الإلهي لكلّ من الرجل والمرأة، بأن يقوم كلٌّ بدوره في مجالاته المتاحة له، فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، والّذي منه الحث على الحجاب والستر والعفاف، وزجر وردع كلّ من يريد خلاف ذلك لبناتنا وأخواتنا، والدعوة بالّتي هي أحسن لكلّ متبرّجة جاهلة.
قال تعالى: { المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصّلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إنّ الله عزيز حكيم(1)}.
وأسأله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الكتيّب لك مناراً وهدىً وصلاحاً وعفّةً وسؤدداً، ولي ذخراً ورضىً وقبولاً من اللّه سبحانه وتعالى في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى اللّه بقلب سليم.
كما أرجو من الأخت المؤمنة أن تقرأه برويّة وإمعان تحصيلاً للغاية المرجوّة منه، ومحاولة فهم آيات الله سبحانه وتعالى وأحاديث أهل بيت العصمة (عليهم السلام)، والتأمل في ذلك.
والله ولي التوفيق والتسديد.
-
ـــــــــــــــــــــ
الحجاب
كانت المرأة في الجاهلية الجهلاء مظلومة جداً، وكأنّها ليست بنتاً لهم أو أختاً أو أمّاً، بل اعتبرت وكأنها ـ والعياذ باللّه ـ جرثومة لابدّ أن تقتل وتباد وهي في مهدها، مهد الطفولة البريئة وهذا ما كان يعرف بوأد البنات.
كما أنّهم كانوا يتشاءمون من ولادة الأنثى ويرونه عاراً عليهم، وإنّ من اُخبر بولادة أنثى له تكون حاله على صورة بشعة كما يصورها لنا القرآن الكريم.
قال تعالى: { وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودّاً وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التّراب ألا سآء ما يحكمون(2)}.
__________
(1) سورة التوبة 9\91 .
(2) سورة النحل 16\58 .
(1/3)
________________________________________
كما أنّها جعلت سلعة تباع وتشترى لمجرد إشباع الغرائز والشهوات وكأنها كائن لا إحساس له ولاشعور، واستمر إلى يومنا هذا في المجتمعات الكافرة حيث أن دعاة التحلل وحرية المرأة المزعومة إنّما قصدوا أن يخضعوا المرأة لشهواتهم في أدنى صورها بما يذهب بكرامة المرأة.
ولنا العبرة بما يجري في تلك المجتمعات من أحداث جسام مهولة في كلّ يوم بين الشباب، وبين الرّجال والنّساء المحصنات والأبكار، وبين النّساء والكلاب، وبين الرّجال وأولادهم ومحارمهم، وما يجري في الإحتفالات ومجالس الرقص، وغير ذلك مما ينزّه عن ذكره القلم واللّسان المتأدبين بأدب الدّين الحنيف.
ومع الأسف إنّ ذلك الزخرف من القول لقي هوىً عند المرأة المعاصرة لأن ظاهره مطالبةٌ لصالح المرأة وحقوقها في حين إنما أريد لها أن تخرج من خدرها وصونها وكرامتها إلى أن تكون مبذولة لهم.
فمن يا ترى أراد للمرأة الخير؟ هل الوثنية الغربية التي أفقدت المرأة كل مقومات الكرامة ؟ أم الإسلام الّذي أراد لها كلّ العزّ والستر سيّدةً في بيت الزوجية، راضية مرضيّة عند ربّها.
نعم جاء الإسلام، دين الرأفة والرحمة وانتشل المرأة وهي طفلة بريئة من براثن القتل، فقال تعالى: { وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت(1)}.
حقّاً !!! أيّ ذنب لهذه الطفلة البريئة حتّى تؤخذ من حضن أمها الدافئ الحنون وتوضع تحت أطباق الثرى تعالج سكرات الموت بتلك الصورة البشعة المذهلة، فالمرأة مدينة للإسلام العظيم بهذا الإنقاذ الرحيم، فعليها أن تحفظ له تلك اليد البيضاء بمحافظتها ونصرتها لدينها، عن طريق الالتزام الكامل بكلّ الأحكام الشرعيّة، وفاءً منها إليه.
__________
(1) سورة التكوير 81\8،9 .
(1/4)
________________________________________
كما قام الإسلام بإسداء الدور الكبير للمرأة في بناء المجتمع والمساهمة في مجالاتها المتعددة بتهيئة وتربية الأجيال ولذا أوكل إليها تكاليف كما أوكل إلى الرجل تكاليف فقد تجتمع وقد يختص أحدهما بتكليفه الخاص وهذا الفرز هو النتيجة الحتمية لاختلاف الطبيعتين في بعض الظواهر الجسدية وأيضاً النفسية ذات الأحاسيس اللطيفة والعواطف الرقيقة الًتي لا غنى للمجتمع عنها.
قال تعالى: { يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم إنّ اللّه عليم خبير(1)}.
والإسلام العظيم أراد للمرأة الكرامة والستر، أليس اللؤلؤ الثمين بين صدفتين؟ وجَعَل المرأة دُرّةً ثمينةً لا تباع ولا تشترى، ولن تكون ثمينة إلاّ بسترها وعفتها لأن المعدن الثمين هو الأقل وجوداً أمّا المبذول فإنّه ليس بالعزيز الغالي.
فعلى المرأة أن تكون عفيفةً غاليةً، فهذه سيدة النساء وقدوة الأمّة السيدة فاطمة الزهراء يقول لها أبوها النبي محمد (صلى اللّه عليه وآله وسلم): أي شئ خير للمرأة؟ فتجيب صلوات اللّه وسلامه عليها: أن لا ترى رجلا ولا يراها رجل(2).
وعندما توجّهت سيّدة النّساء للمسجد تطالب بحقها وتقيم على القوم الحجّة الدامغة، ذهبت مع مجموعة من نساء قومها رعايةً للستر والعفاف، وعندما دخلت المسجد جعل وضرب بينها وبين الرجال بستر وحاجز كمالاً وعفّةً وستراً.
فلقد روى عبد اللّه بن الحسن (بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام) بإسناده عن آبائه (عليهم السلام) أنّه لما أجمع أبو بكر وعمر على منع فاطمة (عليها السلام) فدكاً وبلغها ذلك لاثت خمارها على رأسها واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمّة من حفدتها(3) ونساء قومها تطأ ذيولها.
__________
(1) سورة الحجرات 49\13.
(2) البحار ج43 ص84 ب4 ح7 .
(3) الحفدة: جمع حافد وهو التابع والناصر .
(1/5)
________________________________________
ما تخرم مشيتها مشية رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة.
فجلست ثم أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء فارتجّ المجلس، ثم أمهلت هنيئة(1) حتى إذا سكن نشيج(2) القوم وهدأت فورتهم، افتتحت الكلام بحمد اللّه والثناء عليه والصلاة على رسوله، فعاد القوم في بكائهم، فلمّا امسكوا عادت في كلامها، فقالت (عليها السلام): الحمد للّه على ما انعم ... إلى آخر الخطبة المشهورة(3).
وعلى الأخت المؤمنة أن تلتفت إلى فعل سيّدة النّساء(عليها السلام) ، حيث نلاحظ في النّص السابق نقاط خمس لها علاقة بموضوعنا لابدّ أن نلتفت إليها وهي:
الأولى: لاثت خمارها: أي لبست حجابها الّذي يغطّي وجهها، الساتر لها.
الثانية: اشتملت بجلبابها: وهو ما يغطي كلّ جسدها ولا يظهر منه شيء.
الثالثة: أقبلت في لمّة من حفدتها ونساء قومها: أي أقبلت في جماعة من النساء حتّى لا يميّزها النّاظر ويعرفها، وإن كانت في تمام حجابها.
الرابعة: تطأ ذيولها: أي يقع طرف ثوبها أسفل قدمها حال مشيها من طول لباسها وحجابها زيادةً في التحفظ والستر.
الخامسة: فنيطت دونها ملاءة: أي وضع ستار وغطاء بينها وبين القوم مبالغة في العفّة مع كونها متحجّبة.
وبعد هذا الفعل من سيّدة النساء (عليها السلام) لا يغرّ المرأة من يدّعي الدّين والعلم ويقول: إنّ المرأة تخرج في محافل الرّجال وتباشر دورها معهم.
نعم ... إذا كان خروج المرأة بالزي والحجاب الّذي خرجت به سيّدة النساء وهي تعطي دروس العفاف والسّتر، ويكون خروجها لمثل الهدف السّامي الخطير الّذي خرجت من أجله الزّهراء (عليها السلام) فهنيئاً لها الإقتداء بسيّدة النّساء (عليها السلام).
__________
(1) انتظرت وقتاً يسيراً.
(2) بكاؤهم.
(3) الاحتجاج ج1 ص97.
(1/6)
________________________________________
ونؤكّد ما نقوله بهذه الأمثلة الأخرى الرائعة، فأصبحت الزهراء (عليها السلام) في عفافها وحجابها وشرفها محلّ إعجاب صحبة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
فعن جابر بن سمرة قال: جاء نبي اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) فجلس فقال: إنّ فاطمة وجعة. فقال القوم: لو عدناها، فقام فمشى حتّى انتهى إلى الباب، والباب عليها مصفّق، قال: فنادى: شدّي عليك ثيابك فإنّ القوم جاءوا يعودونك، فقالت: يا نبي اللّه ما عليّ إلا عباءة، قال: فأخذ رداءً فرمى به إليها من وراء الباب، وقال: شدّي بهذا رأسك، فدخل ودخل القوم، فقعد ساعة فخرجوا، فقال القوم: تاللّه بنت نبيّنا (صلى اللّه عليه وآله وسلم) على هذا الحال ! قال: فالتفت فقال: أما إنّها سيّدة النّساء يوم القيامة(1).
نعم ... بنت النبي محمد (صلى اللّه عليه وآله وسلم) على هذه الحال من الستر والعفاف لأنّها حبيبته فأراد لها كلّ الكرامة والعزّة وكانت كما أراد.
وروي انه سأل رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) أصحابه عن المرأة ما هي؟ قالوا: عورة، قال: فمتى تكون أدنى(2) من ربّها فلم يدروا، فلمّا سمعت فاطمة (عليها السلام) ذلك قالت: أدنى ما تكون من ربّها أن تلتزم قعر بيتها، فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم): إنّ فاطمة بضعة منّي(3).
فتلك فاطمة الزهراء سيّدة النساء قدوة المرأة الأولى، وعلى أثرها سارت حرائر رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) فهذه زينب(عليها السلام) ابنتها وتلميذتها حذت حذو أمّها فكانت مثالاً رائعاً ينير الدرب لمن تريد أن تلقى اللّهi وهو عنها راضٍ.
__________
(1) فاطمة الزهراء (عليها السلام) ج1 ص258 ح2 .
(2) أدنى: أقرب .
(3) فاطمة الزهراء (عليها السلام) ج1 ص258 ح5 .
(1/7)
________________________________________
فلقد حدّثنا التأريخ عن بعض عفاف وستر زينب بنت أمير المؤمنين(عليهما السّلام) بصورة منقطعة النظير، فهذا أحد الأشخاص الّذي توفق بأن يكون جاراً لأمير المؤمنين(عليه السلام) يروي لنا ذلك المثل الرائع لاقتداء المرأة المؤمنة.
قال يحي المازني: كنت في جوار أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة السلام) مدّة مديدة، وبالقرب من البيت الّذي تسكنه زينب ابنته، فواللّه ما رأيت لها شخصاً، ولا سمعت لها صوتاً، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدّها رسول اللّه@ تخرج ليلاً، والحسن عن يمينها، والحسين عن شمالها، وأمير المؤمنين أمامها، فإذا قربت من القبر الشّريف سبقها أمير المؤمنين فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسن مرّة عن ذلك، فقال: أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب(1).
فالمرأة المؤمنة هي المرأة السعيدة، لأنّها أرضت ربّها، وحافظت على كرامتها، وأراحت ضميرها، واقتدت بسيّدة نساء العالمين (عليها السلام)، فتغمرها السعادة وتفخر بها، كما كانت الزهراء (عليها السلام)، وحرائر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأمير المؤمنين (عليه السلام)، حتّى تمثّل بعفافهنّ القاصي والداني، وتحرّكت قرائح الشعراء في الثناء على ستر أهل بيت النبوة والكرامة.
ألا ترغب المرأة المؤمنة في هذه السعادة والكرامة!!! فهذه زينب (عليها السلام) يقول في حقّها الشاعر الموالي:
ولم تر حتّى عينها ظلّ شخصها
إلى أن بدت في الغاضريّة حسرا
والسعادة للرجل والمرأة تكمن في العمل الصالح، وليس للمرأة عمل صالح أكبر وأشرف من الإقتداء بالزهراء (عليها السلام)، حيث يقودها ذلك إلى سعادة الدارين.
قال تعالى: { من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياةً طيّبةً ولنجزينّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون(2)}.
__________
(1) زينب الكبرى للنقدي ص22 .
(2) سورة النحل 16\97 .
(1/8)
________________________________________
فما ذا بعد وعد الله سبحانه وتعالى لكلّ ذكر وأُنثى بالسعادة الأبديّة في الدارين، فحقيق بالإنسان أن يعمل الصالحات مقتدياً بالصالحين.
أحكام تتعلّق بالحجاب
كما عرفنا سابقاً إنّ الحجاب صون المرأة وسترها وكرامتها، وهو الّذي يحجبها عن أن تكون مبذولةً مهانة رخيصة، فهو اللباس الّذي وهبه الإسلام العظيم لها لأنّه دين الكرامة والعزّة والعفّة والصّلاح، فعلى المرأة أن تحافظ عليه محافظة كبيرة مقتدية بسيّدة نساء العالمين، ولأنّه نعمة عظيمة أخرجها من ظلم الجاهليّة إلى نور الإسلام .
قال تعالى: { وقرن في بيوتكنّ ولا تبرجن تبرّج الجاهليّة الأولى(1)}.
وعلى كلّ حال فالحجاب واجب شرعي ولا إشكال في وجوبه، وورد التأكيد عليه في القرآن الكريم وأحاديث وسيرة أهل البيت (صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين).
ولأنّ الحجاب زيناً للمرأة وشرفاً ورفعةً أراده النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم) وربّى عليه ابنته وحبيبته الزهراء (عليها السلام)، وأمر به اللّه الرؤوف الرّحيم سبحانه وتعالى.
قال تعالى: { يا أيّها النّبي قلّ لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان اللّه غفوراً رحيماً(2)}
ولا بأس بإلقاء بعض الضوء على هذه الآية الكريمة بشرحها وبيان سبب نزولها لكونها من آيات وجوب الحجاب من جهة، ومن جهة أخرى قد لا تكون واضحة المعاني لبعض الأخوات المؤمنات، فالحديث حول هذه الآية يقع في جهتين:
الأولى: في سبب نزولها:
روي في سبب نزول هذه الآية الشريفة:
إنّ النساء كنّ يخرجن إلى المسجد ويصلين خلف رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) فإذا كان بالليل وخرجن إلى صلاة المغرب والعشاء والغداة يقعد الشّاب لهنّ في طريقهنّ فيؤذونهنّ ويتعرّضون لهنّ، فأنزل اللّه سبحانه وتعالى تلك الآية الشّريفة(3).
__________
(1) سور الأحزاب 33\33 .
(2) سورة الأحزاب 33\59 .
(3) البحار ج104 ص33 ب91 ح6 .
(1/9)
________________________________________
الثانية: في تفسيرها:
قوله تعالى:{ يا أيّها النبي قلّ لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ }.
خطاب من اللّه سبحانه وتعالى إلى حبيبه النبي محمد (صلى اللّه عليه وآله) بأن يقول لزوجاته وبناته ونساء المؤمنين:أن يلبسن ثوباً يغطّين به جميع بدنهن، وقيل إنّه الخمار الّذي تغطّي به المرأة رأسها ووجهها.
وقوله تعالى:{ ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } أي أنّ ذلك الستر لجميع البدن أقرب إلى أن يُعرفن النسوة أنّهنّ من أهل الستر والصلاح فلا يؤذينهنّ أهل الفسق بالتّعرّض لهنّ.
-
ـــــــــــــــــــــــ
الأحكام
ولنجمل بعض الأحكام المتعلّقة بالحجاب في نقاط(1):
1ـ يجب على المرأة ستر ما زاد على الوجه والكفّين عن غير الزوج والمحارم مع عدم التلذذ، ومع التلذذ يجب عليها ستر حتّى الوجه والكفّين عن غير الزوج، والأحوط وجوباً ستر الوجه والكفّين عن غير الزوج والمحارم مطلقا سواء كان بتلذذ أم من غير تلذذ.
وأمّا ما روي من سؤال الإمام الصّادق (عليه السلام) عمّا تظهر المرأة من زينتها؟ فقال: الوجه والكفين(2).
فقد تتساءل المرأة المؤمنة بأنّ الإمام الصادق (عليه السلام) يجيز إبداء الوجه والكفّين في حين إننا قرأنا الأمثلة الرائعة السابقة في حجاب الزهراء وابنتها (عليهما السلام) ، وأنّه لا يرى منهما حتّى الوجه والكفّين.
فنقول: إنّ هذا يمكن حمله على ما تبديه المرأة وقت صلاتها مع عدم وجود الرجل الأجنبي، ولذلك كانت سيرة الزهراء وابنتها (عليهما السلام) وكذا جميع حرائر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
2ـ محارم المرأة قسمان: نسب وسبب:
__________
(1) هذه الأحكام مطابقة لفتوى المرجع الديني الأعلى السيد محمد الروحاني ـ دام ظله ـ وقد نقلناها بتصرّف من منهاج الصالحين والمسائل المنتخبة.
(2) البحار ج104 ص33 ب91 ح7 .
(1/10)
________________________________________
فالمحارم من النسب هم: الأب وإن علا (أي الجدّ وجدّ الجدّ وهكذا)، والولد وإن سفل (ابن الولد وابن ابن الولد وهكذا)، والأخ وأولاده وإن نزلوا، والعمّ والخال وإن علا (كعم الأبوين والجدّين وخالهما)، وأولاد الأخت وإن نزلوا.
والمحارم من السبب أمران:
1ـ ما يحرم بالمصاهرة وهم: والد الزوج وإن علا، وأولاد الزوج وإن نزلوا.
2ـ ما يحرم بالرضاع: وهو نفس ما يحرم بالنّسب.
قال تعالى: { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ ولا يبدين زينتهنّ إلاّ ما ظهر منها(1) وليضربن بخمرهنّ على جيوبهنّ(2) ولا يبدين زينتهنّ إلا لبعولتهنّ أو آبآئهنّ أو آباء بعولتهنّ أو أبنائهنّ أو أبناء بعولتهنّ أو إخوانهنّ أو بني إخوانهنّ أوبني أخواتهنّ أو نسائهنّ أو ما ملكت أيمانهنّ(3) أو التابعين غير أولي الإربة(4) من الرّجال أو الطّفل الّذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهنّ وتوبوا إلى اللّه جميعا أيّها المؤمنون لعلّكم تفلحون(5)}.
3ـ ما ذكر من الأحكام يشمل البالغ فقط.
عن الإمام الرّضا (عليه السلام) قال: لا تغطّي المرأة رأسها من الغلام حتّى يبلغ الغلام(6).
أمّا غير البالغ فيجوز النّظر واللمس من غير التلذذ ومع التلذذ يكون حراماً مطلقاً للصغير والكبير، البالغ وغيره.
4ـ لا فرق في وجود ناظر ينظر بالمباشرة أم بواسطة مرآة أم أيّ شئ آخر عاكس للصّورة.
5ـ لا يجوز ملامسة الرجال ومصافحتهم إلاّ الزّوج والمحارم.
__________
(1) قيل في تفسير الزينة الظاهرة أنّها الوجه والكفّين.
(2) الخمار هو: ما تغطي به المرأة رأسها وينسدل على صدرها، والجيوب معروف والمراد مكانه وهو الصدر، والمعنى: وليلقين بأطراف مقانعهنّ على صدورهنّ ليسترنها بها.
(3) من الإماء المملوكات لهنّ.
(4) أولي الإربة هم: البله المولّى عليهم الّذين لا شهوة لهم.
(5) سورة النّور 24\31 .
(6) البحار ج104 ص35 ب91 ح17 .
(1/11)
________________________________________
قال النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم): من صافح امرأة تحرم عليه فقد باء بسخط من اللّه، ومن التزم امرأة حراماً قرن في سلسلة من نار مع الشيطان فيقذفان في النار(1).
والمرأة تكون شريكة للرّجل في هذا العقاب إن طاوعته ووافقته على ذلك.
6ـ يجب على المرأة حال الصلاة ستر جميع بدنها ماعدا الوجه ـ بالمقدار الّذي يجب غسله في الوضوء وهو من قصاص الشعر إلى محاذاة الذقن طولاً وما اشتملت عليه الإبهام والوسطى عرضاً ـ وماعدا الكفّين إلى الزندين ويجب ستر شئ مما زاد عن ذلك الحدّ تحصيلاً لليقين بستر ما يجب ستره.
7ـ يجوز أن ينظر الرّجل إلى المرأة الّتي يريد الزّواج منها من غير تلذذ وبمقدار ما يوجب الإطمئنان بسلامتها وصفاتها.
روي عن أبي عبد اللّه عن آبائه (عليهم السلام) انّه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا بأس بأن ينظر الرّجل إلى محاسن المرأة قبل أن يتزوّجها إنّما هو مستام فان يُقض أمرٌ يكن(2).
والمستام الوارد في الرواية المتقدّمة يراد به التشبيه بالّذي يريد أن يشتري شيئاً وهو غير عارف به ويخاف أن يقع في التدليس والتغرير، فمن حقّه أن يتفحص ما يريد الزواج منها لئلاّ يقع في الغبن.
8ـ لا يجوز للمرأة أن تتعالج عند الطبيب الذّكر مع وجود امرأة طبيبة يمكن العلاج عندها، إذا كان العلاج يستلزم النظر أو اللمس.
روى علي بن جعفر عن أخيه الإمام الكاظم (عليه السلام) أنَّه سألته: المرأة لها أن يحجمها رجل؟ قال: لا.
وسألته عن المرأة يكون بها الجرح في فخذها أو عضدها هل يصلح للرجل أن ينظر إليه ويعالجه؟ قال: لا(3).
__________
(1) البحار ج104 ص32 ب91 ح4 .
(2) البحار ج104 ص43 ب92 ح1 .
(3) البحار ج104 ص33 ب91 ح8-9 .
(1/12)
________________________________________
ومع عدم وجود امرأة يمكن العلاج عندها يجوز أن تتعالج المرأة عند الرّجل وإذا أمكن العلاج بالنّظر لا يجوز له اللمسّ، وإذا أمكن العلاج باللمس لا يجوز النظر، ولو اضطر الطّبيب إلى النّظر إلى عورة المرأة لعلاجها فالأحوط أن ينظر بواسطة المرآة إن أمكن ذلك.
فعن الإمام الصادق عن أبيه، عن عليّ (صلوات اللّه عليهم) في المرأة يموت في بطنها الولد فيتخوّف عليها قال: لابأس أن يدخل الرّجل يده فيقطعه فيخرجه إذا لم ترفق به النساء(1).
فيصرّح هنا الإمام (عليه السلام) أنّه إذا لم يمكن للنساء أن تقوم بالمعالجة فلا بأس أن يقوم الرّجل بها.
9ـ يجوز سماع صوت المرأة الأجنبية مع عدم التلذذ ومعه يحرم مطلقا للمحرم وغيره ماعدا الزّوج.
10ـ النظر واللمس من المرأة للمرأة يجوز مع عدم التلذذ ومع التلذذ لا يجوز.
11ـ يحرم على المرأة النّظر إلى الرّجل ـ على الأحوط ـ في غير الوجه واليدين والرأس والرقبة والقدمين، وأمّا نظرها إلى هذه المواضع من الرّجل فيجوز إذا لم يكن بتلذذ وريبة وإن كان الأحوط استحباباً ترك ذلك أيضاً.
روي عن الإمام الصّادق (عليه السلام) أنّه قال: النظر سهم من سهام إبليس مسموم وكم من نظرة أورثت حسرة طويلة(2).
12ـ لا يجوز اختلاء الرّجل والمرأة في مكان لا يتردد عليه أحد مميّز، إلا إذا أمن الحرام.
روي عن أهل البيت (عليهم السلام) أنّهم قالوا: قال إبليس لعنة الله عليه لموسى (عليه السلام): يا موسى لا تخل بامرأة لا تحلُّ لك فإنَّه لا يخلو رجل بامرأة لا تحلُّ له إلاَّ كنت صاحبه دون أصحابي(3).
__________
(1) البحار ج104 ص36 ب91 ح22 .
(2) البحار ج104 ص40 ب91 ح46 .
(3) البحار ج104 ص48 ب94 ح5 .
(1/13)
________________________________________
وعن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال عليٌّ :ثلاث من حفظهنَّ كان معصوماً من الشيطان الرّجيم ومن كلّ بلية: من لم يخل بامرأة ليس يملك منها شيئاً، ولم يدخل على سلطان، ولم يعن صاحب بدعة ببدعته(1).
13ـ لا يجوز للزوجة أن تخرج من دون إذن زوجها فيما إذا كان خروجها منافياً لحق الزوج من الإستمتاع بها، والأولى أن لا تخرج مطلقاً إلاّ بإذنه.
روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انّه قال: أربعة لا تقبل لهم صلاة الإمام الجائر، والرّجل يؤمُّ القوم وهم له كارهون، والعبد الآبق من مواليه من غير ضرورة، والمرأة تخرج من بيت زوجها بغير إذنه(2).
وروي عن النّبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم) انّه نهى أن تخرج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها، فإن خرجت لعنها كلُّ ملك في السَّماء وكلُّ شيء تمرُّ [عليه] من الجنِّ والإنس حتى ترجع إلى بيتها(3).
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: إنّ رجلاً من الأنصار على عهد رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) خرج في بعض حوائجه فعهد إلى امرأته عهداً أن لا تخرج من بيتها حتّى يقدم.
قال: وإنّ أباها مرض فبعثت المرأة إلى النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم) فقالت: إنّ زوجي خرج وعهد إليّ أن لا أخرج من بيتي حتّى يقدم، وإنّ أبي مرض فتأمرني أن أعوده، فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك.
قال: فثقل فأرسلت إليه ثانياً بذلك فقالت: فتأمرني أن أعوده؟ فقال: اجلسي في بيتك، وأطيعي زوجك.
قال: فمات أبوها فبعثت إليه أنّ أبي قد مات فتأمرني أن أصلّي عليه؟ فقال: لا، اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك.
قال: فدفن الرّجل فبعث إليها رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم): إنّ اللّه قد غفر لك ولأبيك بطاعتك لزوجك(4).
من أدب العفاف
__________
(1) البحار ج104 ص49 ب94 ح13 .
(2) البحار ج103 ص243 ب61 ح12 .
(3) البحار ج103 ص243 ب61 ح13 .
(4) البحار ج22 ص145 ح136 .
(1/14)
________________________________________
اهتمّ الإسلام بالعفاف وأمر به منذ نعومة الأظفار، حتى يربّى الطفل والطفلة على النزاهة والعفّة، فإذا ما كبر يجد آثار التربية الإسلاميّة الصالحة تثمر وتؤتي أُكُلها، ففرّق بين مضاجع وأماكن نوم الأولاد والبنات بمجرّد بلوغ عشر سنوات.
روي عن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم): أنّه قال: مُرُوا صبيانكم بالصَّلاة إذا كانوا أبناء سبع سنين، وفرِّقوا بينهم في المضاجع إذا كانوا أبناء عشر سنين(1).
وروي عن الإمام الصّادق عن آبائه (عليهم السلام) أنّه قال: يفرّق بين الصبيان والنساء في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين(2).
كما أنّ الإسلام هيأ للمرأة كلّ أسباب القربى منه سبحانه وتعالى وهي على عفافها فأُمرت بالصّلاة في بيتها وأنّه أفضل من الصلاة في جماعة النّاس بخمسة وعشرين درجة.
روي عن النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم) انّه قال: صلاة المرأة وحدها في بيتها كفضل صلاتها في الجمع خمساً وعشرين درجة(3).
وقد يتبادر إلى ذهن القارئة العزيزة سؤال وهو:
كيف كانت النساء في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يحضرن إلى صلاة رسول الله@ كما مرّ معنا في سبب نزول الآية 59 من سورة الأحزاب؟
فنقول: الظاهر أنّ ذلك كان في الصدر الأوّل للإسلام، حيث كانت ظروف الإسلام تستدعي هذا التواجد في المسجد، فالضرورة هي الّتي اقتضت ذلك، بل نلاحظ أنّ المرأة وهي في بيتها بين يدي ربّها وخالقها الرؤوف الرّحيم وفي صلاتها، وجّهها أهل بيت العصمة(صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين) بأن لا تبرز مؤخرتها في حال الركوع، فتخفف من انحناء الركوع، وإذا قامت من جلوسها في الصّلاة تنسلّ انسلالاً بحيث لا ترفع عجيزتها أوّلاً، كما يبين لنا ذلك هذا الحديث الشريف.
__________
(1) البحار ج104 ص50 ب94 ح14 .
(2) البحار ج104 ص47 ب94 ح2 .
(3) البحار ج103 ص261 ب62 ح19.
(1/15)
________________________________________
روي عن الإمام الباقر(عليه أفضل الصلاة والسلام) في حديث انّه قال: إذا قامت المرأة في الصلاة جمعت بين قدميها، ولا تفرج بينهما، وتضم يديها إلى صدرها لمكان ثدييها، فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها، لئلاّ تطأطئ كثيراً، فترتفع عجيزتها، وإذا جلست فعلى إليتيها، ليس كما يقعد الرّجل، وإذا سقطت إلى السّجود بدأت بالقعود بالركبتين قبل اليدين، ثمّ تسجد لاطئة(1) بالأرض، فإذا كانت في جلوسها ضمّت فخذيها ورفعت ركبتيها من الأرض، وإذا نهضت انسلّت انسلالاً لا ترفع عجيزتها أوّلاً(2).
فكم هي هذه المرأة عظيمة إن تزينت وتجمّلت بأدب الدين في أدق توجيهاته، وحملها حبّ الله سبحانه وتعالى وحبّ أولياءه على أن تكون مثالاً نيّراً وأنموذجاً رائعاً وصورةً قدسيّةً، تلقى الله سبحانه وتعالى وهي كما أرادها في أجمل صورها، محبوبةٌ لديه ومقرّبةٌ عنده، وعند أولياءه، مشرقةٌ في سماء المجد تعانق أعلى علليين مع محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
عقاب التبرّج وغيره:
لاشكّ في أنّه ينبغي لجميع المؤمنين والمؤمنات أن يمتثلوا أمر اللّه سبحانه وتعالى، وأن يتقيّدوا بشريعة سيّد المرسلين محمد (صلى اللّه عليه وآله وسلم)، ولكن قد يحتاج المكلّف المؤمن في بعض الأحيان إلى الموعظة الحسنة، ولا أحسن من كلام أهل بيت العصمة (عليهم السلام) فإنّهم خير واعظ ينصت له المؤمن.
روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: دخلت أنا وفاطمة على رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) فوجدته يبكي بكاء شديداً، فقلت: فداك أبي وأمّي يا رسول اللّه ما الّذي أبكاك؟ فقال: يا علي ليلة أسري بي إلى السّماء رأيت نساء من نساء أُمتي في عذاب شديد، فأنكرت شأنهنّ فبكيت لما رأيت من شدَّة عذابهنّ.
__________
(1) لاطئة : أي لاصقة.
(2) البحار ج88 ص127 ب4 ح85 .
(1/16)
________________________________________
رأيت امرأةً معلّقةً بشعرها يغلي دماغ رأسها، ورأيت امرأةً معلّقةً بلسانها والحميم يصبُ في حلقها، ورأيت امرأةً معلّقةً بثدييها، ورأيت امرأةً تأكل لحم جسدها والنار توقد من تحتها.
ورأيت امرأةً قد شدّ رجلاها إلى يديها وقد سلّط عليها الحيّات والعقارب، ورأيت امرأةً صمّاء عمياء خرساء في تابوت من نار يخرج دماغ رأسها من منخرها وبدنها متقطّع من الجذام والبرص، ورأيت امرأةً معلّقة برجليها في تنّور من نار.
ورأيت امرأةً يقطع لحم جسدها من مقدّمها ومؤخّرها بمقاريض من نار.
ورأيت امرأةً يحرق وجهها ويداها وهي تأكل أمعاءها، ورأيت امرأةً رأسها رأس خنزير وبدنها بدن الحمار وعليها ألف ألف لون من العذاب ورأيت امرأةً على صورة الكلب والنّار تدخل في دبرها وتخرج من فيها والملائكة يضربون رأسها و بدنها بمقامع من نار.
فقالت فاطمة (عليها السلام): حبيبي وقرَّة عيني أخبرني ما كان عملهنَّ وسيرتهنّ حتّى وضع اللّه عليهنَّ هذا العذاب؟
فقال: يا بنيّتي أمّا المعلّقة بشعرها فإنها كانت لا تغطي شعرها من الرّجال، وأمّا المعلّقة بلسانها فإنها كانت تؤذي زوجها، وأمّا المعلّقة بثدييها فإنها كانت تمتنع من فراش زوجها.
وأمّا المعلّقة برجليها فإنها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها، وأمّا الّتي كانت تأكل لحم جسدها فإنها كانت تزيّن بدنها للناس.
وأمّا الّتي شدّ يداها إلى رجليها وسلّط عليها الحيّات والعقارب، فإنّها كانت قذرة الوضوء قذرة الثّياب، وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض، ولا تتنظف وكانت تستهين بالصّلاة.
وأما العمياء الصمّاء الخرساء فإنّها كانت تلد من الزّنا فتعلّقه في عنق زوجها، وأمّا الّتي كانت يقرض لحمها بالمقاريض فإنّها كانت تعرض نفسها على الرّجال، وأمّا الّتي كانت يحرق وجهها وبدنها وهي تأكل أمعاءها فإنها كانت قوّادة(1).
__________
(1) القوّادة: هي الّتي تجمع بين الرجل والمرأة للحرام.
(1/17)
________________________________________
وأمّا الّتي كانت رأسها رأس خنزير وبدنها بدن الحمار فإنّها كانت نمّامة(1) كذّابة، وأمّا الّتي على صورة الكلب والنّار تدخل في دبرها وتخرج من فيها فإنّها كانت قينة(2) نوّاحة حاسدة(3).
حقّاً إنّ ما سمعناه يبكي، وينبغي لسامعه أن يذرف الّدم بدل الدّموع، وكيف رؤية ذلك الأمر العظيم.
فاتّعظي أيّتها الأخت المؤمنة الغيورة على دينها، وكوني ذات قلب حيّ يحسّ ويشعر ويخاف اللّه عزّ وجل، وكوني مقتديةً بسيّدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) حيث روي عنها أنّها لمّا سمعت قوله تعالى: { وإنّ جهنّم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكلّ باب منهم جزء مقسوم(4)} سقطت على وجهها وهي تقول: الويل ثمّ الويل لمن دخل النّار(5).
ولكنّ الرّجل أيضاً له من هذا العذاب الكبير نصيب وافر إن ساير زوجته أو ابنته في ذلك التبرّج والإنحلال لأنّه شريك ومعين.
قال أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام): من أطاع امرأته أكبّه اللّه على وجهه في النّار، قيل: وما تلك الطّاعة؟ قال: تطلب إليه أن تذهب إلى الحمامات، وإلى العرسان، وإلى النّياحات والثياب الرّقاق فيجيبها(6).
وإنّما نهي عن الذهاب إلى الحمّامات لكون النّساء فيها لا تتحفظ حتى عن إبداء العورة . والأعراس الّتي فيها الغناء وضرب الدفوف وغيرها. ونهي عن النياحة وهي العويل على الميّت بالباطل لمجرّد حبّ الرّثاء والمبالغة فيه . والثياب الرقاق تخرج بها المرأة فيراها الآخرون من الرجال.
الخاتمة:
إنّ خير ما نختم به هذه الرّسالة هو موقف من مواقف عفاف سيّدة النساء فاطمة الزهراء (عليها أفضل الصلاة والسلام) وموقف من مواقف تلميذة من تلامذتها:
__________
(1) السعي بين المؤمنين بما يفرّق بينهم.
(2) القينة: هي المغنّية.
(3) البحار ج103 ص245 ب61 ح24 .
(4) سورة الحجر 15\43ـ44 .
(5) البحار ج8 ص303 ب24 ح62 .
(6) البحار ج103 ص243 ب61 ح11 .
(1/18)
________________________________________
فعن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال علي (عليه السلام): استأذن أعمى على فاطمة (عليها السلام) فحجبته، فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) لها لم حجبته وهو لا يراك ؟ فقالت (عليها السلام): إن لم يكن يراني فإنّي أراه وهو يشمّ الرّيح، فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم): أشهد أنّك بضعة منّي(1).
وعن الإمام الرضا (عليه السلام)، عن آباءه، عن الحسين بن علي (صلوات اللّه عليهم) قال: أُدخل على أُختي سكينة بنت علي (عليه السلام) خادم فغطّت رأسها منه فقيل لها: إنّه خادم، فقالت: هو رجل منع شهوته(2).
وأخيراً أسأل اللّه سبحانه وتعالى أن أكون قد وفقت بأن أكون ممن عمل صالحاً، يُرضي النبي محمد وآله الطيبين الطاهرين، وآمل أن تكوني أيّتها الأخت المؤمنة قد وجدت ضالتك في ثنايا هذه السطور.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلّى اللّه على حبيبه المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين.
مصادر البحث
القرآن الكريم
المسائل المنتخبة ... السيد محمد الروحاني
منهاج الصالحين ... السيد محمد الروحاني
ثواب الأعمال وعقاب الأعمال ... الشيخ الصدوق
الميزان ... السيّد الطباطبائي
البحار ... الشيخ المجلسي
جامع السعادات ... الشيخ النراقي
فهرس
المقدمة ...
المخاطب بهذه الكرّاسة ...
الحجاب ...
أحكام تتعلّق بالحجاب ...
1ـ حدود الحجاب ...
2ـ بيان المحارم ...
3ـ حكم غير البالغ ...
4ـ النظر بالمباشرة أو بواسطة ...
5ـ المصافحة والملامسة ...
6ـ حجاب المرأة في الصلاة ...
7ـ النظر للزواج ...
8ـ العلاج عند الطبيب ...
9ـ صوت المرأة ...
10ـ المرأة مع المرأة ...
11ـ نظر المرأة إلى الرجل ...
12ـ الاختلاء مع الرجل ...
13ـ خروج المرأة من بيتها ...
من أدب العفاف ...
عقاب التبرّج وغيره: ...
الخاتمة: ...
مصادر البحث: ...
__________
(1) البحار ج43 ص91 ب4 ح16 .
(2) البحار ج104 ص45 ب93 ح7 .
(1/19)تأليف
علي عيسى أحمد



