العلم يؤدي الى العصمة
كل انسان على وجه الكرة الارضية لديه نوع من العصمة مهما كان مستواه العلمي والعقلي بل حتى المجانين لديهم احيان نوع من العصمة
فمثلا نحن لا نضع ايدينا في النار لاننا نعلم بحصول الحرق لها مباشرة
ولانشرب الماء المغلي لعلمنا بانه يحرق مباشرة
ولانشرب السم لعلمنا انه مميت مباشرة
ولا نلمس الكهرباء لعلمنا انها تميت مباشرة
ووووووووووووووووووووووووووووووووووووو
بل حتى المجانين نراهم احيانا لا يفعلون بعض الامور لوجود بقية عقل عندهم اي وجود علم عندهم
احيانا نرى السكران يفعل المحضورات لانه فقد عقله اي فقد العلم بما حوله
لكن
العلم بين البشر شيء نسبي ومختلف من شخص الى اخر
فمثلا الطبيب لديه عصمة اكثر من غيره لتجنب الامراض لوجود علم عنده اكثر من غيره من الناس في هذا المجال
ومثلا المختص باللغة العربية لديه عصمة اكثر من غيره في الوقوع في اخطاء لغوية لان لديه علم اكثر من غيره في هذا المجال
ومثلا المهندس لديه عصمة اكبر من غيره من الوقوع في اخطاء لو بنا عمارة مثلا لان لديه علم اكثر من غيره في هذا المجال
اما عصمة الانبياء والرسل والائمة فأحد اسبابها العلم
{وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }فاطر28
اما علمهم فهو في اكثره علم لدني
{فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً }الكهف65
{وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }يوسف68
{وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ }الأنبياء80
{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }الحج54
لماذا خص القران العلماء بصفة اخبات القلب
{قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ }يوسف37
{قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً }الكهف66
((عُلِّمْتَ )) مبني للمجهول... من علم الخضر ؟؟
{وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }يوسف6
{وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً }النساء113
{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِقُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر9
{شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }آل عمران18
((وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{31}
قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ{32})) سورة البقرة
ما نتيجة علم الملائكة؟؟؟؟؟
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }التحريم6
{هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7
{يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً }مريم43
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }البقرة247
.................................................. .................................................. ..................................
اما عن علم الرسول ص واهل البيت
القران اخبرنا ان علم النبي ابراهيم ع تجاوز عالم الملك ليصل الى عالم الملكوت
{وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ }الأنعام75
عالم الملكوت هو العالم الذي لا ندركه بحواسنا وهو من عالم الغيب
نبينا ص هو افضل من ابراهيم ع وكل درجة كمال وصلها ابراهيم ع فبالتاكيد ان نبينا ص وصلها وتعداها
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الإسراء1
(( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى{1} مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى{2} وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4} عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى{5} ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى{6} وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى{7} ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى{8} فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى{9} فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى{10} مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى{11} أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى{12} وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى{13} عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى{14} عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى{15} إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى{16} مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى{17} لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى{18} ))
~§§ التكاثر(مكية)8 §§~
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ{1} حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ{2} كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ{3} ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ{4} كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ{5} لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ{6} ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ{7} ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ{8}
ما هو علم اليقين في الدنيا
يقول الامام علي ع (( لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا ))
ويقول (( سلوني قبل اتفقدوني))
قال الامام علي ع في وصف المتقين
((فَهُمْ وَالْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ وَهُمْ وَالنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ.))
الذي لديه علم اليقين فهو كمن يرى الجنة والنار وهو حي... اي يوجد عنده علم يردعه عن المعاصي
قال الرسول ص«مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، لا تتقدموهم فتهلكوا ولا تتخلّوا عنهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم»(1)
(1) الصواعق المحرقة لإبن حجر ص 139 وص 227 الجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 132 مسند أحمد بن حنبل ج3 ص 17 وج 4 ص366 حلية الأولياء ج 4 ص 309 مستدرك الحاكم ج 3 ص 115 تلخيص الذهبي ـ المعجم الصغير للطبراني ج 2 ص 22. (3) نهج البلاغة للإ مام علي ج 2 ص 190.
من هم المؤمنون الذين يرون اعمالنا وكيف ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }التوبة105
.................................................. .................................................. ...............................................
http://rafed.net/books/aqaed/al-esma/s7.html
النص التالي منقول من هذا الرابط
سبب العصمة هو (العلم).
ومنه تنشأ هذه التساؤلات :
أولاً : كيف يكون العلم منشأ وسبباً للعصمة ؟
ثانياً : ما نوعية هذا العلم.
ثالثاً : ما الدليل على ذلك.
____________
(1) الميزان 2 : 139.
(2) الميزان 5 : 354.
(115)
العلم منشأ العصمة
أفعال الأنسان الإرادية والاختيارية بأجمعها تنشأ عن صور علميّة كامنة في قراره ، يرتسم فيها ما يؤدّي إليه ذلك العمل من أغراض وما يحققه من أهداف ، ولولا العلم هذا ، والصور العلمية هذه لما صدر من الإنسان ، بل من كل فاعل مختار ، أي فعل من الأفعال ، سواء منها فعل الخير أم الشر ، ما يفعله لنفسه وما يفعله لغيره ، كما أن تركه للكثير من الممارسات ناشيء من ذلك أيضاً.
ويكمن السر في ذلك ان الإنسان إذا شاء أن يفعل فعلاً ـ أي فعل ـ فلا بد أن تكون قد تكوّنت لديه صورة كافية لذلك الفعل ، وحصل له العلم بأن ما يريد فعله يؤدي له غرضه ويحقق له أهدافه ، من السعادة أو نقيضها ، له أو لغيره ، ومن دون ذلك فلا يتمكن من ممارسة أي عمل ، حيث لا علم له بما يؤدي إليه الفعل من عواقب ونتائج.
ولنأخذ بعض ممارسات الإنسان اليومية لسدّ حاجاته وإشباع غرائزه مثلاً لذلك ، فالفرد منّا لا يأكل إذا لم يكن يعلم بأن هذا الأكل سبب لسد حاجاته من الجوع أو اللذة ، ولا يشرب إذا لم يكن يعلم بأنه سبب لسد حاجته من العطش مثلاً ، وهكذا كل ما يُمارسه يومياً من أعمال الإدارة شؤون حياته واُسرته ، فلو لم يكن يعلم بأنها مؤدّية إلى سعادته أو سعادة اُسرته أو مجتمعه لما مارس منها شيئاً ، فهي كلها قائمة على علمه بتأديتها لأغراضه وحاجاته النفسية أو البدنية ، من جلب منفعة ، عاجلت كانت أم آجلة ، أو دفع
(116)
مفسدة كذلك.
وهذه الحقيقة بديهية وجدانية ، يجدها كل فرد منّا في نفسه ، وعليها تبتني جميع أعماله ، وممارساته ، وسلوكه ، فتراه يعرض نفسه لأخطر المهالك حيث يعلم أن ذلك سبب سعادته الدنيوية أو الاُخروية ، على اختلاف أهداف الناس واتجاهاتهم.
ومن هنا نجد أن طالب الشيء ـ أي شيء ـ يبتعد عن كل ما يتنافى وغايته ، ويزيل كل عقبة امام أهدافه وما يطلبه ، فطالب الحياة ، والبقاء ، والسلامة يبتعد عن كل ما يتنافى وصحته وسلامته ، فهو لا يعرض نفسه للبرد ـ مثلاً ـ لعلمه بما يسببه له من مرض ، ولا يلقي بنفسه من شاهق حيث يعلم بما يؤدي إليه الفعل من الموت ، أو تلف بعض الأعضاء ، وفي الوقت ذاته تستسلم لأقسى علاج من مرض ألم به ، بعد علمه بأنه الوسيلة الى عافيته وصحته وسلامته المنشودة له.
ورحم الله المتنبي إذ يقول :
أرى كلنـا يبغي الحيــاة لنفسـه حريصاً عليها مستهاماً بهـا صبّا
فحب الجبـان النفس أورده البقـا وحب الشجاع النفس أورده الحربا
وعليه يتضح ان هذا العلم الذي يدفع الإنسان إلى المخاطر تارة ، ويجنبه الهلكات اُخرى ، ليس له أي تأثير على طبيعة الإرادة الإنسانية ، فهو لم يترك ما ترك الا بمحض إرادته ، ولم يفعل ما يفعله الا بعزمه واختياره.
فالعلم اليقيني بكون (السم) قاتلاً ، هو الذي أوجب امتناع الإنسان عن تناوله بمحض إرادته وتمام اختياره ، وكان تناوله مستحيلاً وقوعاً بالنسبة إلى هذا الإنسان العالم به.
(117)
ومن هنا نعرف انه لا تنافي بين الحتمية والاختيار ، فعدم صدور الفعل من الإنسان مع أنه حتمي لا يتخلف ، لا ينافي كونه مختاراً فيه ، فالعالم بأن السمّ قاتل يستحيل عليه ـ وقوعاً ـ تناوله حال علمه ، وعدم غفلته ، وطلبه للحياة والبقاء ، مع أنه مختار في تناوله.
وبعبارة اخرى : عدم تناول السم بالنسبة إلى مثل هذا الشخص حتمي ، مع أنه مختار لا قوّة تمنعه عنه إلا قوّة إرادته ، إذاً فالحتمية لا تنافي الاختيار.
ويتضح ذلك أيضاً بالتأمل في قدرة الله تعالى ، اختياره المطلق ، حيث أنه سبحانه قادر على الظلم ، وقادر على فعل القبيح ، قادر على خلف الوعد وكل ذلك مستحيل وقوعه منه عزّ وجل ، وهذه الاستحالة الوقوعية لا تنافي اختياره المطلق ، ولا يمكننا تصوّر الجبر في ذاته المقدسة.
كما انا نجد فعلاً واحداً يمارسه شخص ولا يفعله آخر ، وما ذلك الا لاختلاف علمهما في الفعل ، أو فقل : اختلاف الصورة العلمية لكل واحد منهما ، إذ هي المنشأ في الفعل والترك ، ومن البديهي أن يكون فاعل الفعل قد وجده مطابقاً لمتطلباته النفسية ، بخلاف الآخر حيث لا يجده كذلك.
ومنه نعرف أسباب تفاوت الناس في الطاعة والمعصية ، بل قد يتفاوت الإنسان الواحد ، فيجمع بين الطاعات والمعاصي ، وما ذلك الا من اختلاف العلم الذي هو المنشأ لصدور الأفعال ، كما قال العلامة الطباطبائي:
« فاختلاف أفعالنا طاعة ومعصية لاختلاف علمنا الذي يصدر عنه الفعل ، ولو دام أحد العلمين ، أعني الحكم بوجوب الجري على العبودية وامتثال الأمر الإلهي لما صدر إلا الطاعة ، ولو دام العلم الآخر الصادر عنه
(118)
المعصية ـ والعياذ بالله ـ لم يتحقق إلا المعصية » (1).
أضف إلى ذلك الممارسات العبادية نفسها قد تختلف أيضاً باختلاف الصورة العلميّة المسبّبة والدافعة نحو العمل لدى مؤديها ، إذ تكون خوفاً من العذاب وتجنباً لما أعده الله تعالى للعاصين من النقمة والعقاب تارة ، وطمعاً في الثواب ، علوّ الدرجات في النعيم المقيم الذي لا زوال له ولا اضمحلال تارة أخرى ، وعرفاناً بمقام الربوبية والألوهية ، ومقام العبودية والفقر تارة ثالثة.
فمن اختلاف هذه الصورة ، واختلاف العلم الذي هو المنشأ للعمل تختلف دوافع العمل العبادي ، وهذا ما نلحظه في الكثير من الناس حين تأديتهم للواجبات العبادية حيث تكون ـ في الأغلب ـ على النحو الأول ، أعني الخوف من العذاب والعقاب ، لكنه في الوقت ذاته يتصدق على الفقراء مثلاً ، أو يمارس عملاً مندوباً آخر طلباً لمزيد الثواب ورجاءً لعلو المنزلة عند الله تعالى ، الأمر الذي يشاهده كل واحد منا في نفسه أيضاً ومن خلال أعماله.
وإلى مراتب العبادة هذه يشير قوله تعالى: ( وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) (2) ، ومنه أيضاً قول أمير المؤمنين عليه السلام : « لم أعبده خوفاً ولا طمعاً ، لكني وجدته أهلاً للعبادة فعبدته » (3).
ومما تقدم يتضح لنا معنى ان العصمة سببها « علم مانع من الضلال » ،
____________
(1) الميزان 2: 139.
(2) سورة الحديد : 20.
(3) شرح نهج البلاغة : 10 : 157.
(119)
فهو « العلم القطعي بالعواقب الاُخروية للمعاصي ورذائل الأفعال ، علماً لا يداخله ريب لا يعتريه شك ، علماً تسقط دونه الحجب فيرى صاحبُه رأي العين ، ويلمس لمس الحس تبعات المعاصي ولوزامها وآثارها في النشأة الاُخرى.
ذلك العلم الذي قال تعالى فيه : (كلا لو تعلمون علم اليقين * لترونّ الجحيم) (1) ، فمثل هذا العلم يخلق من صاحبه إنساناً مثاليا ، لا يخالف قول ربه قيد أنملة ، ولا يتعدى الحدود التي رسمها له في حياته قدر شعرة ، ولن تنتفي المعصية في حياته فحسب ، بل ان مجرد التفكير فيها لن يجد سبيله إليه » (2).
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى استشعار عظمة الخالق ، والتفاني في معرفته ، والعلم اليقيني بمقام الربوبية والاُلوهية المتعالية ، ومقام العبد والعبودية المحضة الخالصة لله تعالى ، كل ذلك مانع من ارتكاب كل قبيح ، ودافع أكيد نحو الطاعة الخالصة والعبادة التي لا يشوبها خوف ولا رجاء ، بل على حد تعبير أمير المؤمنين عليه السلام : « وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك ».
وقد تقدم الكلام في (اليقين) وخصائصه وآثاره في سلوك الإنسان ، وما يخلفه من عصمة من الذنوب والمعاصي ، بل ومن الخطأ والنسيان ، وتقدم ان اليقين هذا هو الحاصل من حضور الحقائق بنفسها عند المتيقّن ، وليس هو نتيجة للمقدمات العقلية ، والبراهين المنطقية ، وسيأتي مزيد توضيح لهذا العلم العاصم من الذنوب.
____________
(1) سورة التكاثر : 5 ـ 6.
(2) الإلهيات 2 : 105.
(120)
وبهذا اتضح لنا أن السبب أو المنشأ الرئيس للعصمة هو (العلم) ، فكما ان الفرد منا قد عصمه علمه عن تناول السم ، وعن المشي عارياً بين الناس ، وعن إلقاء نفسه من شاهق ، وغير ذلك ، فكذلك النبي والإمام قد عصمهم علمهم عن كل باطل وضلال في القول أو الفعل أو السلوك ، وكما ان هذه الامور لا سبيل لها في تفكير أي واحد منا ، كذلك المعاصي بالنسبة الى المعصومين ، وفي الحقيقة انا نتمكن من تقسيم العصمة إلى قسمين :
1 ـ عصمة نسبية ، وهي الموجودة عند جميع الناس.
2 ـ عصمة مطلقة ، وهي التي عند الأنبياء والأوصياء ، وحجج الله على خلقه ، وامنائه في بلاده وعباده ، عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام.
وتبين مما سبق عدم منافاة العصمة للاختيار ، إذ العصمة المطلقة لا تختلف عن العصمة النسبية في مفادها ومضمونها ، نعم ، تختلف في سعة الدائرة وضيقها.
كل انسان على وجه الكرة الارضية لديه نوع من العصمة مهما كان مستواه العلمي والعقلي بل حتى المجانين لديهم احيان نوع من العصمة
فمثلا نحن لا نضع ايدينا في النار لاننا نعلم بحصول الحرق لها مباشرة
ولانشرب الماء المغلي لعلمنا بانه يحرق مباشرة
ولانشرب السم لعلمنا انه مميت مباشرة
ولا نلمس الكهرباء لعلمنا انها تميت مباشرة
ووووووووووووووووووووووووووووووووووووو
بل حتى المجانين نراهم احيانا لا يفعلون بعض الامور لوجود بقية عقل عندهم اي وجود علم عندهم
احيانا نرى السكران يفعل المحضورات لانه فقد عقله اي فقد العلم بما حوله
لكن
العلم بين البشر شيء نسبي ومختلف من شخص الى اخر
فمثلا الطبيب لديه عصمة اكثر من غيره لتجنب الامراض لوجود علم عنده اكثر من غيره من الناس في هذا المجال
ومثلا المختص باللغة العربية لديه عصمة اكثر من غيره في الوقوع في اخطاء لغوية لان لديه علم اكثر من غيره في هذا المجال
ومثلا المهندس لديه عصمة اكبر من غيره من الوقوع في اخطاء لو بنا عمارة مثلا لان لديه علم اكثر من غيره في هذا المجال
اما عصمة الانبياء والرسل والائمة فأحد اسبابها العلم
{وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }فاطر28
اما علمهم فهو في اكثره علم لدني
{فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً }الكهف65
{وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }يوسف68
{وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ }الأنبياء80
{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }الحج54
لماذا خص القران العلماء بصفة اخبات القلب
{قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ }يوسف37
{قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً }الكهف66
((عُلِّمْتَ )) مبني للمجهول... من علم الخضر ؟؟
{وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }يوسف6
{وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً }النساء113
{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِقُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر9
{شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }آل عمران18
((وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{31}
قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ{32})) سورة البقرة
ما نتيجة علم الملائكة؟؟؟؟؟
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }التحريم6
{هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7
{يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً }مريم43
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }البقرة247
.................................................. .................................................. ..................................
اما عن علم الرسول ص واهل البيت
القران اخبرنا ان علم النبي ابراهيم ع تجاوز عالم الملك ليصل الى عالم الملكوت
{وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ }الأنعام75
عالم الملكوت هو العالم الذي لا ندركه بحواسنا وهو من عالم الغيب
نبينا ص هو افضل من ابراهيم ع وكل درجة كمال وصلها ابراهيم ع فبالتاكيد ان نبينا ص وصلها وتعداها
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الإسراء1
(( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى{1} مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى{2} وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4} عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى{5} ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى{6} وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى{7} ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى{8} فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى{9} فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى{10} مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى{11} أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى{12} وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى{13} عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى{14} عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى{15} إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى{16} مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى{17} لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى{18} ))
~§§ التكاثر(مكية)8 §§~
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ{1} حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ{2} كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ{3} ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ{4} كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ{5} لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ{6} ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ{7} ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ{8}
ما هو علم اليقين في الدنيا
يقول الامام علي ع (( لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا ))
ويقول (( سلوني قبل اتفقدوني))
قال الامام علي ع في وصف المتقين
((فَهُمْ وَالْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ وَهُمْ وَالنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ.))
الذي لديه علم اليقين فهو كمن يرى الجنة والنار وهو حي... اي يوجد عنده علم يردعه عن المعاصي
قال الرسول ص«مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، لا تتقدموهم فتهلكوا ولا تتخلّوا عنهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم»(1)
(1) الصواعق المحرقة لإبن حجر ص 139 وص 227 الجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 132 مسند أحمد بن حنبل ج3 ص 17 وج 4 ص366 حلية الأولياء ج 4 ص 309 مستدرك الحاكم ج 3 ص 115 تلخيص الذهبي ـ المعجم الصغير للطبراني ج 2 ص 22. (3) نهج البلاغة للإ مام علي ج 2 ص 190.
من هم المؤمنون الذين يرون اعمالنا وكيف ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }التوبة105
.................................................. .................................................. ...............................................
http://rafed.net/books/aqaed/al-esma/s7.html
النص التالي منقول من هذا الرابط
سبب العصمة هو (العلم).
ومنه تنشأ هذه التساؤلات :
أولاً : كيف يكون العلم منشأ وسبباً للعصمة ؟
ثانياً : ما نوعية هذا العلم.
ثالثاً : ما الدليل على ذلك.
____________
(1) الميزان 2 : 139.
(2) الميزان 5 : 354.
(115)
العلم منشأ العصمة
أفعال الأنسان الإرادية والاختيارية بأجمعها تنشأ عن صور علميّة كامنة في قراره ، يرتسم فيها ما يؤدّي إليه ذلك العمل من أغراض وما يحققه من أهداف ، ولولا العلم هذا ، والصور العلمية هذه لما صدر من الإنسان ، بل من كل فاعل مختار ، أي فعل من الأفعال ، سواء منها فعل الخير أم الشر ، ما يفعله لنفسه وما يفعله لغيره ، كما أن تركه للكثير من الممارسات ناشيء من ذلك أيضاً.
ويكمن السر في ذلك ان الإنسان إذا شاء أن يفعل فعلاً ـ أي فعل ـ فلا بد أن تكون قد تكوّنت لديه صورة كافية لذلك الفعل ، وحصل له العلم بأن ما يريد فعله يؤدي له غرضه ويحقق له أهدافه ، من السعادة أو نقيضها ، له أو لغيره ، ومن دون ذلك فلا يتمكن من ممارسة أي عمل ، حيث لا علم له بما يؤدي إليه الفعل من عواقب ونتائج.
ولنأخذ بعض ممارسات الإنسان اليومية لسدّ حاجاته وإشباع غرائزه مثلاً لذلك ، فالفرد منّا لا يأكل إذا لم يكن يعلم بأن هذا الأكل سبب لسد حاجاته من الجوع أو اللذة ، ولا يشرب إذا لم يكن يعلم بأنه سبب لسد حاجته من العطش مثلاً ، وهكذا كل ما يُمارسه يومياً من أعمال الإدارة شؤون حياته واُسرته ، فلو لم يكن يعلم بأنها مؤدّية إلى سعادته أو سعادة اُسرته أو مجتمعه لما مارس منها شيئاً ، فهي كلها قائمة على علمه بتأديتها لأغراضه وحاجاته النفسية أو البدنية ، من جلب منفعة ، عاجلت كانت أم آجلة ، أو دفع
(116)
مفسدة كذلك.
وهذه الحقيقة بديهية وجدانية ، يجدها كل فرد منّا في نفسه ، وعليها تبتني جميع أعماله ، وممارساته ، وسلوكه ، فتراه يعرض نفسه لأخطر المهالك حيث يعلم أن ذلك سبب سعادته الدنيوية أو الاُخروية ، على اختلاف أهداف الناس واتجاهاتهم.
ومن هنا نجد أن طالب الشيء ـ أي شيء ـ يبتعد عن كل ما يتنافى وغايته ، ويزيل كل عقبة امام أهدافه وما يطلبه ، فطالب الحياة ، والبقاء ، والسلامة يبتعد عن كل ما يتنافى وصحته وسلامته ، فهو لا يعرض نفسه للبرد ـ مثلاً ـ لعلمه بما يسببه له من مرض ، ولا يلقي بنفسه من شاهق حيث يعلم بما يؤدي إليه الفعل من الموت ، أو تلف بعض الأعضاء ، وفي الوقت ذاته تستسلم لأقسى علاج من مرض ألم به ، بعد علمه بأنه الوسيلة الى عافيته وصحته وسلامته المنشودة له.
ورحم الله المتنبي إذ يقول :
أرى كلنـا يبغي الحيــاة لنفسـه حريصاً عليها مستهاماً بهـا صبّا
فحب الجبـان النفس أورده البقـا وحب الشجاع النفس أورده الحربا
وعليه يتضح ان هذا العلم الذي يدفع الإنسان إلى المخاطر تارة ، ويجنبه الهلكات اُخرى ، ليس له أي تأثير على طبيعة الإرادة الإنسانية ، فهو لم يترك ما ترك الا بمحض إرادته ، ولم يفعل ما يفعله الا بعزمه واختياره.
فالعلم اليقيني بكون (السم) قاتلاً ، هو الذي أوجب امتناع الإنسان عن تناوله بمحض إرادته وتمام اختياره ، وكان تناوله مستحيلاً وقوعاً بالنسبة إلى هذا الإنسان العالم به.
(117)
ومن هنا نعرف انه لا تنافي بين الحتمية والاختيار ، فعدم صدور الفعل من الإنسان مع أنه حتمي لا يتخلف ، لا ينافي كونه مختاراً فيه ، فالعالم بأن السمّ قاتل يستحيل عليه ـ وقوعاً ـ تناوله حال علمه ، وعدم غفلته ، وطلبه للحياة والبقاء ، مع أنه مختار في تناوله.
وبعبارة اخرى : عدم تناول السم بالنسبة إلى مثل هذا الشخص حتمي ، مع أنه مختار لا قوّة تمنعه عنه إلا قوّة إرادته ، إذاً فالحتمية لا تنافي الاختيار.
ويتضح ذلك أيضاً بالتأمل في قدرة الله تعالى ، اختياره المطلق ، حيث أنه سبحانه قادر على الظلم ، وقادر على فعل القبيح ، قادر على خلف الوعد وكل ذلك مستحيل وقوعه منه عزّ وجل ، وهذه الاستحالة الوقوعية لا تنافي اختياره المطلق ، ولا يمكننا تصوّر الجبر في ذاته المقدسة.
كما انا نجد فعلاً واحداً يمارسه شخص ولا يفعله آخر ، وما ذلك الا لاختلاف علمهما في الفعل ، أو فقل : اختلاف الصورة العلمية لكل واحد منهما ، إذ هي المنشأ في الفعل والترك ، ومن البديهي أن يكون فاعل الفعل قد وجده مطابقاً لمتطلباته النفسية ، بخلاف الآخر حيث لا يجده كذلك.
ومنه نعرف أسباب تفاوت الناس في الطاعة والمعصية ، بل قد يتفاوت الإنسان الواحد ، فيجمع بين الطاعات والمعاصي ، وما ذلك الا من اختلاف العلم الذي هو المنشأ لصدور الأفعال ، كما قال العلامة الطباطبائي:
« فاختلاف أفعالنا طاعة ومعصية لاختلاف علمنا الذي يصدر عنه الفعل ، ولو دام أحد العلمين ، أعني الحكم بوجوب الجري على العبودية وامتثال الأمر الإلهي لما صدر إلا الطاعة ، ولو دام العلم الآخر الصادر عنه
(118)
المعصية ـ والعياذ بالله ـ لم يتحقق إلا المعصية » (1).
أضف إلى ذلك الممارسات العبادية نفسها قد تختلف أيضاً باختلاف الصورة العلميّة المسبّبة والدافعة نحو العمل لدى مؤديها ، إذ تكون خوفاً من العذاب وتجنباً لما أعده الله تعالى للعاصين من النقمة والعقاب تارة ، وطمعاً في الثواب ، علوّ الدرجات في النعيم المقيم الذي لا زوال له ولا اضمحلال تارة أخرى ، وعرفاناً بمقام الربوبية والألوهية ، ومقام العبودية والفقر تارة ثالثة.
فمن اختلاف هذه الصورة ، واختلاف العلم الذي هو المنشأ للعمل تختلف دوافع العمل العبادي ، وهذا ما نلحظه في الكثير من الناس حين تأديتهم للواجبات العبادية حيث تكون ـ في الأغلب ـ على النحو الأول ، أعني الخوف من العذاب والعقاب ، لكنه في الوقت ذاته يتصدق على الفقراء مثلاً ، أو يمارس عملاً مندوباً آخر طلباً لمزيد الثواب ورجاءً لعلو المنزلة عند الله تعالى ، الأمر الذي يشاهده كل واحد منا في نفسه أيضاً ومن خلال أعماله.
وإلى مراتب العبادة هذه يشير قوله تعالى: ( وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) (2) ، ومنه أيضاً قول أمير المؤمنين عليه السلام : « لم أعبده خوفاً ولا طمعاً ، لكني وجدته أهلاً للعبادة فعبدته » (3).
ومما تقدم يتضح لنا معنى ان العصمة سببها « علم مانع من الضلال » ،
____________
(1) الميزان 2: 139.
(2) سورة الحديد : 20.
(3) شرح نهج البلاغة : 10 : 157.
(119)
فهو « العلم القطعي بالعواقب الاُخروية للمعاصي ورذائل الأفعال ، علماً لا يداخله ريب لا يعتريه شك ، علماً تسقط دونه الحجب فيرى صاحبُه رأي العين ، ويلمس لمس الحس تبعات المعاصي ولوزامها وآثارها في النشأة الاُخرى.
ذلك العلم الذي قال تعالى فيه : (كلا لو تعلمون علم اليقين * لترونّ الجحيم) (1) ، فمثل هذا العلم يخلق من صاحبه إنساناً مثاليا ، لا يخالف قول ربه قيد أنملة ، ولا يتعدى الحدود التي رسمها له في حياته قدر شعرة ، ولن تنتفي المعصية في حياته فحسب ، بل ان مجرد التفكير فيها لن يجد سبيله إليه » (2).
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى استشعار عظمة الخالق ، والتفاني في معرفته ، والعلم اليقيني بمقام الربوبية والاُلوهية المتعالية ، ومقام العبد والعبودية المحضة الخالصة لله تعالى ، كل ذلك مانع من ارتكاب كل قبيح ، ودافع أكيد نحو الطاعة الخالصة والعبادة التي لا يشوبها خوف ولا رجاء ، بل على حد تعبير أمير المؤمنين عليه السلام : « وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك ».
وقد تقدم الكلام في (اليقين) وخصائصه وآثاره في سلوك الإنسان ، وما يخلفه من عصمة من الذنوب والمعاصي ، بل ومن الخطأ والنسيان ، وتقدم ان اليقين هذا هو الحاصل من حضور الحقائق بنفسها عند المتيقّن ، وليس هو نتيجة للمقدمات العقلية ، والبراهين المنطقية ، وسيأتي مزيد توضيح لهذا العلم العاصم من الذنوب.
____________
(1) سورة التكاثر : 5 ـ 6.
(2) الإلهيات 2 : 105.
(120)
وبهذا اتضح لنا أن السبب أو المنشأ الرئيس للعصمة هو (العلم) ، فكما ان الفرد منا قد عصمه علمه عن تناول السم ، وعن المشي عارياً بين الناس ، وعن إلقاء نفسه من شاهق ، وغير ذلك ، فكذلك النبي والإمام قد عصمهم علمهم عن كل باطل وضلال في القول أو الفعل أو السلوك ، وكما ان هذه الامور لا سبيل لها في تفكير أي واحد منا ، كذلك المعاصي بالنسبة الى المعصومين ، وفي الحقيقة انا نتمكن من تقسيم العصمة إلى قسمين :
1 ـ عصمة نسبية ، وهي الموجودة عند جميع الناس.
2 ـ عصمة مطلقة ، وهي التي عند الأنبياء والأوصياء ، وحجج الله على خلقه ، وامنائه في بلاده وعباده ، عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام.
وتبين مما سبق عدم منافاة العصمة للاختيار ، إذ العصمة المطلقة لا تختلف عن العصمة النسبية في مفادها ومضمونها ، نعم ، تختلف في سعة الدائرة وضيقها.
تعليق