قبساتمن حياة الخضر (ع)
حسينأحمد سليم
يُروى: أنّ الخضر (ع) كانمن أبناء الملوك فآمن بالله و تخلّى في بيت في دار أبيه يعبد الله، و لم يكن لإبيهولد غيره، فأشاروا على أبيه أن يزوّجه فلعلّ الله أن يرزقه ولدًا فيكون الملك فيهو في عقبه، فخطب له إمرأة بكرًا و أدخلها عليه فلم يلتفت الخضر (ع) إليها، فلمّاكان اليوم الثّاني.
قال لها: تكتمين عليّأمري؟
فقالت: نعم.
فقالت: نعم.
قال لها: إن سألك أبي هلكان منّي إليكِ ما يكون من الرّجال إلى النّساء فقولي: نعم.
فقالت: أفعل.
فسألها الملك عن ذلكفقالت: نعم.
و أشار عليه النّاس أن يأمرالنّساء أن يفتّشنها، فأمر فكانت على حالتها.
فقالوا: أيّها الملك زوّجتالغرّ من الغرّة، زوّجه إمرأة ثيبا، فزوّجه، فلما أدخلت عليه سألها الخضر (ع) أنتكتم عليه أمره.
فقالت: نعم.
فلمّا أن سألها الملكقالت: أيّها الملك إنّ إبنك إمرأة فهل تلد المرأة من المرأة؟!
فغضب عليه و أمر بردمالباب عليه فردم، فلمّا كان اليوم الثّالث حرّكته رِقّة الآباء فأمر بفتح البابففتح فلم يجدوه فيه، و أعطاه الله من القوّة أن يتصوّر كيف شاء.
ثم كان الخضر (ع) على مقدّمةذي القرنين، و شرب من الماء الذي من شرب منه بقي إلى الصّيحة.
فالعديد منالرّوايات تروي أنّ الخضر (ع) شرب من ماء الحياة و أنّه باقي علىقيد الحياة حتّىينفخفي الّصور أو إلى أن يشاءالله.
و يشهد لهذا المعنى ماورد عن بعض الأئمّة (ع) أنّ الخضر (ع) شرب من ماء الحياة،فهو حيّ لا يموت حتّى ينفخ في الصّور.
و يُروىَ أنّه خرج منمدينة أبيه رجلان في تجارة في البحر حتّى وقعا إلى جزيرة من جزائر البحر، فوجدافيها الخضر (ع) قائما يصلّي، فلمّا إنفتل دعاهما فسألهما عن خبرهما فأخبراه.
فقال الخضر (ع) لهما: هلتكتمان عليّ أمري إن أنا رددتكما في يومكما هذا إلى منازلكما؟
فقالا: نعم.
فنوى أحدهما أن يكتم أمره،و نوى الآخر إن ردّه إلى منزله أخبر أباه بخبره، فدعا الخضر (ع) سحابة.
و قال لها: إحملي هذين إلىمنازلهما، فحملتهما السّحابة حتّى وضعتهما في بلدهما من يومهما، فكتم أحدهما أمره.و ذهب الآخر إلى الملك فأخبره بخبره.
فقال له الملك: من يشهد لكبذلك؟
قال: فلان التّاجر.
قال: فلان التّاجر.
فدلّ على صاحبه، فبعثالملك إليه فلمّا أحضروه أنكره و أنكر معرفة صاحبه.
فقال له الأوّل: أيّهاالملك إبعث معي خيلا إلى هذه الجزيرة و أحبس هذا حتّى آتيك بإبنك، فبعث معه خيلافلم يجدوه، فأطلق عن الرّجل الذي كتم عليه.
ثمّ إنّ القوم عملوابالمعاصي فأهلكهم الله و جعل مدينتهم عاليها سافلها، و إبتدرت الجارية التي كتمتعليه أمره و الرّجل الذي كتم عليه كل واحد منهما ناحية من المدينة، فلمّا أصبحا إلتقيافأخبر كل واحد منهما صاحبه بخبره.
فقالا: ما نجونا إلاّبذلك، فآمنا بربّ الخضر (ع)، و حسن إيمانهما و تزوّج بها الرّجل، و وقعا إلى مملكةملك آخر و توصّلت المرأة إلى بيت الملك، و كانت تزيّن بنت الملك فبينا هي تمشّطهايومًا إذ سقط من يدها المشط.
فقالت: لا حول و لا قوّةإلا بالله.
فقالت لها بنت الملك: ماهذه الكلمة؟
فقالت لها: إنّ لي إلهاتجري الأمور كلّها بحوله و قوّته.
فقالت لها: ألك إله غيرأبي؟
فقالت: نعم و هو إلهك و إلهأبيك.
فدخلت بنت الملك إلى أبيهافأخبرت أباها بما سمعت من هذه المرأة، فدعاها الملك فسألها عن خبرها فأخبرته.
فقال لها: من على دينك؟
قالت: زوجي و ولدي.
فدعاهم الملك و أمرهم بالرّجوععن التّوحيد فأبوا عليه، فدعا بمرجل من ماء فسخّنه و ألقاهم فيه و أدخلهم بيتا و هدمعليهم البيت.