8. هل مريم (أم الله) ؟
من المعروف أن النصارى يؤمنون اليوم بعقيدة الثالوث، الآب والابن والروح القدس.
ويدّعون أن ذلك لا ينافي التوحيد، فالله عندهم واحد لكن له ثلاث أقانيم أو حالات.
ويذهبون إلى أن فهم هذه الأقانيم غير ممكن لقصور عقولنا البشرية عن إدراكها.
وهم وإن اتفقوا مع المسلمين على أن إدراك حقيقة الله تعالى غير ممكن، إلا أنهم التزموا باتحاد الآب والابن والروح والقدس، كما تتحد النفس مع الجسد وهما كيان واحد !
وقد أقر هذا الاعتقاد في مجتمع نيقية وأدان كل من أنكر التثليث من المسيحيين.. ولهذا الكلام بحث آخر..
لكنّ شرائح من النصارى التي أقرت بأن لعيسى طبيعتين: إلهية وهي الكلمة وبشرية وهي يسوع، أنكرت أن تكون الطبيعتان متحدتان في شخصه، وعليه أنكروا على سائر النصارى إطلاقهم لقب (والدة الإله) و (أم الله) على السيدة مريم عليها السلام، فهي لم تلد بحسب ما يعتقدون إلهاً إنما ولدت إنساناً فقط (حلت) عليه كلمة الله ثم (فارقته) عند الصليب.
وعليه فلا مشاركة في الخواص بين الآب والابن.
ومن أصحاب هذه العقيدة النساطرة، نسبة لنسطوريوس بطريرك القسطنيطينة في القرن الخامس الميلادي. وصار هذا المذهب عند اغلب الكنائس من أصحاب البدع والهرطقات ! رغم انتشاره في بعض الازمنة بشكل كبير..
فحكم على البطريرك بالنفي وسفهت آراؤه ! حتى قيل بأن من لا يعترف بأن مريم (أم الله) فهو منفصل عن الله !
ورغم أنهم يعتقدون بالاتحاد المعنوي بين (ابن مريم يسوع) و (ابن الله) لكن كان مجرد عدم ايمانهم بالاتحاد الاقنومي بحسب الاعتقاد المسيحي كافياً في تبديعهم ونسبتهم إلى الهرطقة.
كيف نفهم الاختلاف بينهما إذا ؟
يقول القديس كيرلس في مجمع افسس سنة 431: (أن المسيح لم يولد من العذراء كإنسان عادي وبعد ذلك نزل عليه الله الكلمة بل بالحري اتحد الله الكلمة بالمسيح الإنسان في لحظة الحبل)
وعليه فإن مريم عليها السلام قد حبلت بالأقنوم الثاني بالطبيعة البشرية التي أتخذها له الأقنوم الإلهي، أي أن المسيح وهو في بطن العذراء كان يحمل الطبيعتين الإلهية والإنسانية، بينما قال النساطرة أن الطبيعة الإلهية حلت فيه عند العمادة.
ما هو موقف الكتاب المقدس من مريم وعيسى عليهما السلام ؟
ورد في عدة موارد منه أنها (أم يسوع) (يوحنا 2-1 و2-3) و(أعمال الرسل1-14)
وورد أنها أم الصبي أو الطفل (متى2-11) وغيرها
لكن ورد في نجيل لوقا (1-43) قول أليصابات عن مريم: (فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي ؟)
فهل يعد هذا دليلاً على صحة إطلاق (أم الله) على مريم عليها السلام بحسب الكتاب المقدس ؟
قال وليم ماكدونالد من معهد عمواس للكتاب المقدس في شرحه لقول أليصابات المذكور أن الكتاب المقدس ما ذكر قط أن مريم هي أم الله، بل إنها أم يسوع، وهو الربّ المخلص، وعلى الرغم من أن يسوع هو الله (بحسب ما يقول) إلا أن من الخطأ العقائدي أن نقول أن لله أمّاً !
ويقول البابا كيرلس الكبير: إذا لم تكن العذراء قد ولدت الله فلا يجب أن نسمي المولود منها الله، ولكن حيث إن الكتب الموحى بها تدعوه الله المتجسد.. فكيف لا نسمي التي ولدته والدة الإله ؟
فإذا كنا قد فهمنا وجه الاختلاف بين النساطرة وغيرهم، فما وجه الاختلاف بين من يرون أن عيسى هو الله بالاتحاد الاقنومي لا المعنوي فقط ؟ حيث ذهب بعضهم إلى أن مريم (أم الله) وعد بعضهم الآخر هذا القول خطأ عقائدياً !
أما الشريحة الكبيرة منهم فقد كان اعتقادهم بأن مريم هي (أم الله) أو (أم الاله) نتيجة طبيعية لاعتقادهم بالوحدة بين الآب والابن، وعليه لا بد من نقل البحث معهم إلى حقيقة الاقانيم والوحدة وصحة الاعتقاد، وهو ما سنعود اليه في مشاركات قادمة إن شاء الله.
أما من أنكر هذا المعتقد فقد يكون الوجه فيه هو أن له لازماً لا يمكنه الالتزام به، حيث أن أم الاله لا بد أن تكون من صنف الآلهة، ولما كانت الأقانيم ثلاثة عندهم لا رابع لها لم يكن هناك مجال لإدخال السيدة مريم معهم فلا يعقل أن توصف بأنها أم الإله دون أن تكون من الآلهة، ولا مجال لإدخالها في الآلهة، فعدوا ذلك خطأ اعتقادياً !
وهنا قد نتساءل: هل لقوله تعالى في سورة المائدة (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) من ربط بهذا الاعتقاد ؟
هذا ما سنحاول التعرض له في المشاركة القادمة إن شاء الله.
من المعروف أن النصارى يؤمنون اليوم بعقيدة الثالوث، الآب والابن والروح القدس.
ويدّعون أن ذلك لا ينافي التوحيد، فالله عندهم واحد لكن له ثلاث أقانيم أو حالات.
ويذهبون إلى أن فهم هذه الأقانيم غير ممكن لقصور عقولنا البشرية عن إدراكها.
وهم وإن اتفقوا مع المسلمين على أن إدراك حقيقة الله تعالى غير ممكن، إلا أنهم التزموا باتحاد الآب والابن والروح والقدس، كما تتحد النفس مع الجسد وهما كيان واحد !
وقد أقر هذا الاعتقاد في مجتمع نيقية وأدان كل من أنكر التثليث من المسيحيين.. ولهذا الكلام بحث آخر..
لكنّ شرائح من النصارى التي أقرت بأن لعيسى طبيعتين: إلهية وهي الكلمة وبشرية وهي يسوع، أنكرت أن تكون الطبيعتان متحدتان في شخصه، وعليه أنكروا على سائر النصارى إطلاقهم لقب (والدة الإله) و (أم الله) على السيدة مريم عليها السلام، فهي لم تلد بحسب ما يعتقدون إلهاً إنما ولدت إنساناً فقط (حلت) عليه كلمة الله ثم (فارقته) عند الصليب.
وعليه فلا مشاركة في الخواص بين الآب والابن.
ومن أصحاب هذه العقيدة النساطرة، نسبة لنسطوريوس بطريرك القسطنيطينة في القرن الخامس الميلادي. وصار هذا المذهب عند اغلب الكنائس من أصحاب البدع والهرطقات ! رغم انتشاره في بعض الازمنة بشكل كبير..
فحكم على البطريرك بالنفي وسفهت آراؤه ! حتى قيل بأن من لا يعترف بأن مريم (أم الله) فهو منفصل عن الله !
ورغم أنهم يعتقدون بالاتحاد المعنوي بين (ابن مريم يسوع) و (ابن الله) لكن كان مجرد عدم ايمانهم بالاتحاد الاقنومي بحسب الاعتقاد المسيحي كافياً في تبديعهم ونسبتهم إلى الهرطقة.
كيف نفهم الاختلاف بينهما إذا ؟
يقول القديس كيرلس في مجمع افسس سنة 431: (أن المسيح لم يولد من العذراء كإنسان عادي وبعد ذلك نزل عليه الله الكلمة بل بالحري اتحد الله الكلمة بالمسيح الإنسان في لحظة الحبل)
وعليه فإن مريم عليها السلام قد حبلت بالأقنوم الثاني بالطبيعة البشرية التي أتخذها له الأقنوم الإلهي، أي أن المسيح وهو في بطن العذراء كان يحمل الطبيعتين الإلهية والإنسانية، بينما قال النساطرة أن الطبيعة الإلهية حلت فيه عند العمادة.
ما هو موقف الكتاب المقدس من مريم وعيسى عليهما السلام ؟
ورد في عدة موارد منه أنها (أم يسوع) (يوحنا 2-1 و2-3) و(أعمال الرسل1-14)
وورد أنها أم الصبي أو الطفل (متى2-11) وغيرها
لكن ورد في نجيل لوقا (1-43) قول أليصابات عن مريم: (فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي ؟)
فهل يعد هذا دليلاً على صحة إطلاق (أم الله) على مريم عليها السلام بحسب الكتاب المقدس ؟
قال وليم ماكدونالد من معهد عمواس للكتاب المقدس في شرحه لقول أليصابات المذكور أن الكتاب المقدس ما ذكر قط أن مريم هي أم الله، بل إنها أم يسوع، وهو الربّ المخلص، وعلى الرغم من أن يسوع هو الله (بحسب ما يقول) إلا أن من الخطأ العقائدي أن نقول أن لله أمّاً !
ويقول البابا كيرلس الكبير: إذا لم تكن العذراء قد ولدت الله فلا يجب أن نسمي المولود منها الله، ولكن حيث إن الكتب الموحى بها تدعوه الله المتجسد.. فكيف لا نسمي التي ولدته والدة الإله ؟
فإذا كنا قد فهمنا وجه الاختلاف بين النساطرة وغيرهم، فما وجه الاختلاف بين من يرون أن عيسى هو الله بالاتحاد الاقنومي لا المعنوي فقط ؟ حيث ذهب بعضهم إلى أن مريم (أم الله) وعد بعضهم الآخر هذا القول خطأ عقائدياً !
أما الشريحة الكبيرة منهم فقد كان اعتقادهم بأن مريم هي (أم الله) أو (أم الاله) نتيجة طبيعية لاعتقادهم بالوحدة بين الآب والابن، وعليه لا بد من نقل البحث معهم إلى حقيقة الاقانيم والوحدة وصحة الاعتقاد، وهو ما سنعود اليه في مشاركات قادمة إن شاء الله.
أما من أنكر هذا المعتقد فقد يكون الوجه فيه هو أن له لازماً لا يمكنه الالتزام به، حيث أن أم الاله لا بد أن تكون من صنف الآلهة، ولما كانت الأقانيم ثلاثة عندهم لا رابع لها لم يكن هناك مجال لإدخال السيدة مريم معهم فلا يعقل أن توصف بأنها أم الإله دون أن تكون من الآلهة، ولا مجال لإدخالها في الآلهة، فعدوا ذلك خطأ اعتقادياً !
وهنا قد نتساءل: هل لقوله تعالى في سورة المائدة (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) من ربط بهذا الاعتقاد ؟
هذا ما سنحاول التعرض له في المشاركة القادمة إن شاء الله.
تعليق