إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الأزهر الشريف .. رسالة إسلامية لا رسالة طائفية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأزهر الشريف .. رسالة إسلامية لا رسالة طائفية

    الأزهر الشريف .. رسالة إسلامية لا رسالة طائفية



    بنده يوسف
    بانوراما الشرق الاوسط


    يحتل الأزهر الشريف مكانة قدسية وقيمة علمية في العالم الإسلامي ليس لأنه جامع وجامعة منذ أكثر من ألف سنة فحسب؛ وإنما لأنه منارة عالمية للوسطية في العالم الإسلامي، وهو ما جعله يتفرد على كافة الحوزات الدينية في العالم الإسلامي. والسبب وراء ذلك، هو أن الأزهر ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالتحولات التي طرأت على المجتمع المصري، فمصر أمة ذات حضارة قبل وبعد الإسلام، ومن ثم شهدت عصورًا متنوعة ومتطورة، وهو ما انعكس بالإيجاب على الأزهر الشريف.

    ونفسر ذلك علميًا وفق علم الاجتماع الديني بمفهوم “رؤية العالم” World View فالإنسان الذي يعيش في قرية ينظر إلى العالم بنظرة أضيق من الإنسان الذي يعيش في المدينة، ويقيس العالم من خلال حجم ونموذج قريته، أي أن الإنسان كلما كان ينظر للعالم من نافذة أوسع كلما كان أكثر تقدمية في تفكيره ورؤيته للعالم وأقرب إلى لمس الحقيقة، وإلى لم شمل أكبر مساحة من الكيانات البشرية والعمل في خدمتها.

    هذا هو سر وسطية الأزهر؛ أنه مدرسة منفتحة تطلع على كافة المذاهب والتيارات الإسلامية والأديان، فهي المدرسة الوحيدة التي بدأت في مرحلة مبكرة بدراسة علوم كان يحرمها الفقهاء مثل الفلسفة والمنطق وعلم الكلام والتصوف ومذاهب الجماعات غير السنية والانفتاح على الآخر، وقامت بتدريس كل هذا إلى جانب العلوم الشرعية. ولذلك كان من الصعب أن يُصدر من الأزهر فتوى تكفيرية ضد فرقة إسلامية طالما تعترف بأصول الإسلام؛ بل خرجت الفتاوي التي تبيح للمسلم التعبد وفق هذه المذاهب طالما هي تُقيم أصول الدين.

    تسلل الخطاب المتطرف



    لم يكن الأزهر شريكا يوما في لعبة سياسية أو حزبية؛ والمواقف السياسية التي اتخذها في العهد الملكي أو الجمهوري جاءت من القاعدة الشعبية والثورية، لا القاعدة الحزبية والطائفية؛ ولذلك لم يكن يومًا مفرخة للإسلام السياسي أو الطائفي.

    واليوم، نجد أن هناك حوزات إسلامية سنية منافسة للأزهر لكنها لم ترتقي إلى عالميته، مثل المدرسة السنية الوهابية في السعودية التي تمددت على المذهب الوهابي، الذي يتسم بخطابه التكفيري والمتشدد والذي يبني قوة مذهبه على أخطاء الآخر وتصيدها، فمن المغالطة أن نقول أن المذهب الوهابي يتبنى فقه الاختلاف من أجل التنوع والتعددية وإنما هو من أجل البراء والتكفير والتشدد على رؤية أصولية أحادية.

    ومنذ أن تسربت المدرسة الوهابية إلى الدولة المصرية عبر الجماعات السلفية بكافة أنواعها، وهناك محاولات اختراق لمدرسة الأزهر الشريف والسيطرة على رسالته وأفكاره لخدمة هذه المدرسة. ومع استغلال الحكومة المصرية في عهد الرئيس الراحل أنور السادات للمدرسة السلفية في التصدي للتيارات الشيوعية تعاظم نفوذ هذه المدرسة وتسرب وجودها إلى داخل مدرسة الأزهر عبر الجيل الذي تأثر بأفكارها.

    ومع تبلور الإسلام السياسي بظهور جماعة الإخوان المسلمين وكافة التيارات التي تفرعت عنها أو التي جمعت بين الإسلام السلفي والإسلام السياسي، بات الصراع يشتد على الأزهر أكثر، ما جعل الدولة المصرية تقلق وتحاول فرض سيطرتها على الأزهر وإدارته خشية من وقوعه فريسة وتحوله إلى قوة دينية في يد الجماعات الجهادية أو السياسية ذات الخطاب التكفيري والمتطرف.

    وهنا، بدأ الأزهر يخرج من دور العالمية إلى دور المنبر الذي تتنازع عليها الجماعات الدينية المغلقة الرؤية، والتي تحاول التسرب إلى داخله وتحويله إلى منبر يخدم خطابها إلى جانب مصالح القوة الإقليمية التي تمولها فكريًا وماديًا من الخارج.

    وظهر هذا بشكل واضح في عهد حكومة الإخوان للدولة المصرية مع وصول الرئيس محمد مرسي إلى كرسي الرئاسة، ومساعي جماعة الإخوان إلى تكرار نموذج المملكة السعودية بالتزاوج بين السلطة الزمانية والسلطة الدينية، والسماح للسلفية بإختراق الأزهر والهيمنة عليه، في إطار كسب دعمهم في الشارع والهيمنة على الدولة المصرية.

    ومع طرح الإخوان لدستور ديسمبر 2012، الذي منح الأزهر سلطة استشارية في المسائل التي تتعلق بتوافق بعض القوانين والسياسات مع الشريعة، باتت نواياهم واضحة؛ فالأزهر لم يعد تابعًا لطبيعة الأمة المصرية المتسامحة، وإنما كان المقصود جر الأزهر الشريف إلى المشاحنات السياسية والخصومات الطائفية المحلية، ويتحول بموجب هذا الدستور إلى مؤسسة مصرية تتغير مواقفها من القضايا وفق مصلحة النظام. فالإخوان لم يسعوا إلى منح الأزهر إستقلاليته كما يتصور البعض وإنما إلى تحويله إلى مركز ديني ينشر أيديولوجيتهم ويدعم موقفهم الديني والسياسي، وتدخل السلفية في هذا الإطار أيضًا، لا سيما بعدما انتقلت تأثرًا بجماعة الإخوان من الجماعات الدعوية إلى جماعات الإسلام السياسي السلفية.

    المهمة التاريخية



    لو كانت قد نجحت خطة الإسلام السياسي والإسلام السلفي في احتلال منبر الأزهر الشريف؛ لكان قد تم القضاء على أخر معقل للإسلام العقلاني. وهذا لا يعني أن محاولاتهم للهيمنة عليه قد انتهت؛ فأحداث جامعة الأزهر تدل على أن الأزهر مخترق بالفعل من الجماعات المتطرفة وأن هذه الجماعات لها قدر كبير من التأثير على خطابه ورسالته.

    وهذا يُحمل الأزهر مسؤولية تصحيح أوضاعه بمراجعة مناهجه ودروسه التي بدأت تساهم في تفريخ جيل من المتشددين والمتطرفين والطائفيين. فهناك مهمة تاريخية هي السبيل الوحيد لإنقاذ الأزهر وهي رسالة الإسلام المعتدل عبر تمحيص النصوص وتنقية التراث من أفكار العنف والتمييز الديني والاضطهاد والتصورات الرجعية والذكورية والقبلية حول المجتمع والعالم، فكل ما يؤسس للنفعية الطائفية والانقسام المجتمعي هو يخالف دين الإسلام. وإن لم يدرك الأزهر أن رسالته تتخطى حدود المدرسة المصرية والسنية فهو بذلك قد قضى على عالميته ورؤيته الواسعة كما خطط لذلك أعداءه.

    الثورة الدينية

    بعد سقوط الإخوان وتوظيف جماعات الإسلام السياسي الخطاب الديني ليكون أداةً للعنف الديني والتطرف، نادى الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” لما سماه بالثورة الدينية. هذه الدعوة بالفعل تستحق الاهتمام وهذا توقيتها؛ لكن يجب أن ندرك أن الإصلاح الديني والثورة له اتضحت بما يكفي من الناحية الفكرية والنظرية.

    وأن ما نحتاج إليه الآن هو القيام بخطوات عملية أوسع من تهذيب الخطاب الإسلامي الصادر من المؤسسات الرسمية، واستبعاد العناصر موضع الاثارة، والتمثيل الرسمي المعتمد من المؤسسة الدينية الرسمية. إننا نحتاج إلى ثورة الشيخ “محمد عبده” حيث ثار الأزهر على تراثه وعلى كبار شيوخه، فلا ثورة دينية تخرج من داخل تركيبة مخترقة من التيارات المتشددة ومن المناهج العقيمة التي ترفض أي ثورة على حصنها وأفكارها. فالثورة الدينية ليست فحسب من أجل إخراج أصحاب الأفكار المتطرفة من المدرسة الأزهرية، وإنما من أجل أن يستطيع الأزهر إخراج أجيال قادرة على الدفاع عن صحيح الإسلام وصيانة المجتمع من التطرف والتكفير وحمل رسالة التعايش والتفاعل بين المسلمين وغيرهم.

    ظاهرة الإرهاب والتطرف



    ظاهرة الإرهاب التي تجسدت في الجماعات الجهادية وتنظيم القاعدة وتنظيم داعش، كلها تشكلت مع أفكار دينية لطالما روج لها رجال الدين بصورة مزيفة أو مخادعة مثل الحاكمية والجهاد وعهد السلف والخلافة. وإذا أردنا أن نحقق ثورةً دينية حقيقية فيجب أن نتخطى عملية الحوصلة والخمول التي تتبعها سياسة الدولة للإصلاح الديني، وهي عملية التحجيم والحصر والتوازنات بين القوى المجتمعية، فمثلًا تكسب الدولة ولاء العلمانيين والليبراليين واليساريين بأن تترك لهم الهيمنة على وزارة الثقافة، وفي المقابل تمنح الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية للجماعات والقوى الإسلامية، مقابل أن تكف هذه الجماعات عن خطاب التكفير وسياسة الصدام مع النظام.

    وهذه السياسة لم تعالج ظاهرة الإرهاب والتطرف؛ فالدولة هكذا تبيع الشعب ووعيه لقوى تتضخم يومًا بعد يوم لالتهام الدولة المصرية، وهو ما اتضح خلال ثورة 25 يناير حيث أصبحت الجماعات الإسلامية تسيطر على شرائح كبيرة من المجتمع المصري. وهذا يعني أن هذه السياسة أدت إلى وعي طائفي وأصولي داخل شرائح الشعب المصري وانتهى الأمر في النهاية باختراق مؤسساتها.

    ولذلك، إذا أرادت الدولة المصرية أن يكون للأزهر دورًا فاعلا في مكافحة الإرهاب، فيجب أن ترفع يد الوصاية التي تمارس عليه من القوى الدينية المتطرفة، التي تحاول صياغة الحرب على الإرهاب ومفهوم الثورة الدينية بما يقدم رؤيتها وأفكارها داخل المجتمع. وأن تكون الثورة على الإرهاب ليس بمحاربة الجماعات الداعشية الموجودة على الأرض وإنما بمحاربة الجذور التي استمدت هذه الجماعات أفكارها منها. والاعلان صراحة عن موقف الأزهر كمؤسسة معتدلة من القضايا التي تستغلها هذه الجماعات كالفرقة الناجية ومسألة الخلافة والحاكمية والآخر؛ حتى لا يظل المسلم البسيط في حيرة من أمرهم أو ينخدع لدعايتهم. فيجب الإعلان صراحة عن موقف الأزهر من الفكر الداعشي الذي يرفع راية الإسلام زورًا، ويكفر المسلمين ويستبيح أمنهم وجيوشهم التي تتصدى لمخططاتهم الطائفية والفوضوية.

    شخصية الأزهر

    كما أسلفنا يعبر الأزهر الشريف عن شخصية المجتمع المصري المتسامح والمعتدل والمتحضر والمتعدد الثقافة، ولذلك حاول أعداء الدولة المصرية ومنافسيها أن يغيروا من طبيعة التركيبة الدينية داخل المجتمع المصري، ومن ثم تغيير شخصية الأزهر، ففي المجتمع المصري هناك جماعات دينية تابعة لمدارس دينية خارجية، ومن ثم هي موالية لهذه المدارس التي تتبع مصالح أنظمتها ذات الرؤية الضيقة.

    فعلى سبيل المثال الجماعات السلفية تتبع بشكل واضح الخطاب السياسي للنظام السعودي، فموقفها من القضايا والصراعات متوقف على موقف المدرسة الوهابية السعودية، التي هي أيضًا موقفها متعلق بموقف النظام الحاكم هناك. ولذلك تسعى قوى اقليمية سنية مثل تركيا والسعودية إلى الهيمنة على الأزهر الشريف كلٌ حسب وكلاءه داخل مصر، فإما عن طريق جماعة الإخوان وإما عن طريق الجماعات السلفية.

    وهذا أمر خطير لأن هذه الجماعات تحاول أن تستدرج الأزهر الشريف ليكون ذراعًا دينية لهذه القوى الإقليمية، وهو ما يقضى على عالمية الأزهر ويحوله إلى أداة لمزيد من الصراع والتوتر الطائفي في المنطقة.

    وعلى هذا، يجب على الدولة المصرية أن تدرك أن الأزهر الشريف له رسالة أبعد من قطر الدولة ومن جماعة المذهب، وأنه لا يجب السماح لأحد بإستغلال مؤسسة الأزهر في صراعات مذهبية أو طائفية أو أهداف سياسية كما استغلته الولايات المتحدة من قبل في عهد مبارك إلى جانب جماعة الإخوان والسلفية الوهابية في أسلمة الصراعات السياسية في بلدان الشرق الأوسط وأسيا الوسطى ومنطقة البلقان.

    وأن الأزهر الشريف ليس إقطاعية تمنح لجماعات مقابل رفع يدها عن مهاجمة النظام، فالسلفية التي باتت تنتشر في ربوع مصر مستغلة حالات الفقر والجهل لا تقل خطورة عن جماعات الإسلام السياسي، وأن هذه الجماعات تتضخم يومًا بعد يوم، وتحاول احتلال دور الأزهر الشريف بشكل موازٍ إن لم تستطع احتلال منبره.

    وأنه في حالة تحول الأزهر الشريف إلى بوق طائفي مثلما تفعل مدارس دينية أخرى، يعني أن الأزهر تحول إلى أداة في خدمة المشروع الأمريكي في المنطقة، القائم على تهميش المفهوم الوطني للدولة، وتعزيز المفهوم الطائفي الديني والعرقي في بناءها، ومن ثم تدخل المنطقة في أتون صراعات العصور الوسطى كما نشهد في العراق وسوريا واليمن؛ من أجل دخول المنطقة في حالة إفراغ حضاري.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
استجابة 1
10 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
ردود 2
12 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
يعمل...
X