وصلتني بالبريد
إعترافات خطيرة لوهابى سابق!!!
مايهمّ هو الحقيقة. لدي الآن كل السكينة لكي أعيش براحة واستقرار. سأتكلم؛ سأكشف خفايا مهمة في حياتي. إنني أحسّ بأني مُثقلُ بعض الشيء وذلك لا لأني مررت بتجربة قاسية، بل لأني عشت تحت وطأة الصمت عما حصل لي. ذاكرتي مملؤة بتجربة عنيفة ومتعبة، إنه يصعب عليّ حملها لو وضعتها في كيس!
أيها الأحرار..
قضيتُ وقتاً طويلاً للوصول إليكم.
أيها الأحرار في طوى، إنني سعيد بكوني أخيراً هنا.. بينكم.
أنا سعيد بالحياة والراحة، مغمور بالانتعاش وانشراح الصدر لأن الأيام أعطتني الفرصة لكي أعيش وأعرف طعم الحرية.
مررت بتجربة لاأتمنى أن يمر بها إنسان، ذرعتُ الليل وألفتُ الألم؛ خبرتُ الوحدة والخيانة؛ تجرعت غصص الغربة والضياع.
مرت أكثر من عشر سنوات على اليوم الذي دخلت فيه في لُجّة دوامة عميقة. لقد عشت الذل يوماً وراء يوم وساعة أثر ساعة، مضغته مع كبريائي، وافتقدته كل لحظة من لحظات تلك الأيام..
ولكني حييت وعادت لي الأيام التي يبدو فيها كل شيء وديعاً.
نزفت التعب حتى جفّ رأسي؛ وتخلصت من أثقال كبلت ظهري ويدي وشلت لساني وأعشت عيني. أنا اليوم حر، أعرف معنى الإنسانية وأعلم جيداً من هو الإنسان.
كنت سأكتب لكم قصيدة تكون بمثابة المقدمة لتجربتي؛ لكن الكلمات لم تطاوعني.
لهذا فإني سأكتفي بأن أهدي هذه التجربة لأبناء أختي الحبيبين؛ ولأيامهما المزهرة بالحب والتسامح والنقاء..
-1-
لقد رباني أهلي على الصلاة وطاعة الوالدين والخوف من الله؛ ونشأت كبقية أبناء قريتي ؛ أحدى قرى أطراف نجد؛ نشأنا متدينيين بالفطرة، نحب الله والرسول والإسلام؛ ونحب أعمال الخير من صدقات ومساعدة للمحتاجين. ودرسنا حتى الثانوية دون أن يتغير علينا شيء، خطيب الجمعة في القرية هو نفسه منذ عهد جدي يقرأ من كتاب قديم معه ولاتتغير الخطبة أبداً سوى في العيدين. مدرسونا كذلك كانوا من أهل القرية وبعضهم من مصر وفلسطين وهم قريبون من أهل القرية في طباعهم وتدينهم البسيط.
حينما انتقلت الى الرياض للدراسة الجامعية، مرت سنتان لم أشعر بشيء مختلف سوى أنني انتقلت من قرية الى مدينة ومن مدرسة الى جامعة، وحافظت على طريقتي في الدراسة كما أنني محافظ على صلاتي. وفي السنة الثالثة تعرفت على شخص من نفس قبيلتي وهو في السنة الأخيرة، وبدأ يعطيني معلومات وجدتها مفيدة عن أساتذة القسم وعن صعوبة المواد؛ وارتحت له، فعزمته على المطعم وقضينا وقتا ممتعا لا أدري عن أي شيء كنا نتحدث لكن المهم أنه في نهاية اللقاء تواعدنا أن نلتقي مرة أخرى. وبعد أسبوع قابلني في الجامعة وعزمني على عشاء يوم الأربعاء القادم في الثمامة خارج الجامعة وقال إن الشباب سوف يجتمعون هناك؛ ولأني لاأعرف من هم هؤلاء الشباب فقد أثرت السكوت وعدم السؤال لأن كلمة الشباب كلمة متداولة بين الناس. كانت هذه أول مرة أسمع بالثمامة؛ ولأنني لاأملك سيارة وقتها فقد اعتذرت منه ولكنه تكفل بأخذي من السكن وإرجاعي.
وحينما وصلنا إلى الموقع في مخيم قريب من الطريق السريع استقبلنا الحاضرون وكانوا بحدود العشرة أشخاص. مر وقت بين شرب القهوة ثم الشاي وبعض السواليف حتى جاء العشاء. وبعد العشاء اجتمعوا لشرب الشاي وماإن جلسنا حتى بدأ أحدهم يتكلم بلغة غريبة علي وجديدة في نفس الوقت. بدأ يتكلم باللغة الفصحى التي لم أعتد أن يتحدث بها أحد في المجالس باعتبارها لغة رسمية للتلفزيون وللراديو وللخطب والمحاضرات؛ ولم أكن أعلم أنه يقدم محاضرة. قال كلاما كثيراً لاأذكر أكثره ولكن الفكرة العامة التي يتحدث عنها كانت عن أهمية حفظ القرآن الكريم ودراسته.
وبعد انتهائه من محاضرته دارت تعليقات قليلة حول اتمام الناس بالمغنين وإهمالهم لحفظة القرآن، ثم حديث عن أفضل قاريء للقرآن كالمحيسني والسديس وباجابر. وشكره الحضور ولاحظت تكرارهم لعبارة "جزاك الله خير" كانت هذه عبارة جديدة علي، وقلتها متابعة لهم. وفيما بعد عرفت أنها تعتبر من عبارات أهل الرياض بشكل عام وبالمطاوعة بشكل خاص، ويظهر أنها انتقلت الى بعض المناطق بسرعة في السنوات الأخيرة فقد سمعت بعضهم يقولها في قريتي منذ فترة قريبة.
وبعد فترة صرت أقابل بعض من تعرفت عليهم في ذلك العشاء في الجامعة، ويصرون علي أن أحضر معهم درس في المسجد الجامعي بعد المغرب، وحضرت عدة مرات ولاأتذكر من المحاضرات التي حضرتها في المسجد شيئا الآن، إذ يبدو أني لم أكن مهتما بالأمر. لكن طالبا من الرياض تعرف علي وعزمني إلى بيتهم وقابلت والده وإخوته وصار يزورني باستمرار وفي نهاية الأسبوع يأخذني بسيارته لنتجول في الرياض، وكان يسمعني بعض الكاسيتات الإسلامية. والحق أنه سبق أن سمعت شخصا معه كاسيت لبرنامج نور على الدرب، لكنها أول مرة أسمع فيها شيوخ بعضهم يصرخ والآخر يبكي كشخص اسمه الحماد يتباكى ويهول العذاب يوم القيامة حتى لتشعر أنك في جهنم لامحالة!
فيما بعد بدأت أشعر أنني عاصي ومخالف وبدأت بالخوف من التهديدات بالنار، وصرت أطيل الصلاة وأقرأ القرآن بكثرة وبرهبة وأحس وكأنني مجرم ومن أهل النار دون أن أذكر أنني آذيت نملة! لكن هكذا تصورت بسبب تأثيرهم على عقلي الغض آنذاك. واستمر هذا الصديق بزيارتي وإهدائي بعض الكاسيتات حتى تعلقت بالقرني والعودة والعمر والحوالي وبن مسفر والطريري والعشماوي وغيرهم من أصحاب الكاسيتات؛ وصرت أطارد كل جديد لهم، ولم تكن تواجهني مشكلة مالية فالكاسيتات تُوزع مجانا مقابل مسجد الملك خالد بأم الحمام القريب من الجامعة وتجد من يوزع دهن العود والورد على الحضور. وكنت أحضر بعض دروس الشيخ الكلباني الذي يتوشح بشتا بنياً أو أصفر أو بنفسجي ويتميز بلغة عنيفة وببكاء أثناء قراءة الفاتحة أو قراءة آيات أصحاب الكهف أو سورة (ق) التي يكثر من ترديدها في الصلوات.
لقد أثر هذا النشاط والاهتمام على دراستي وبدأ واضحاً من خلال هبوط علاماتي؛ ولكني كنت أمنّي نفسي بأن الله سوف يساعدني وكنت أكتب على ورقة الامتحان دعاء تعلمته من الكاسيتات وهو دعاء الامتحان لكي يسهله الله عليك؛ لكن الامتحان لم يتغير ودرجاتي لم تزداد. وهذا لم يؤثر في لاسيما وأن صديقي قد اكتشف لديّ موهبة قراءة القرآن بصوتي لانني صرت أقلد صوت الكلباني؛ فصرت أنا الإمام في البيت إذا لم نذهب إلى المسجد. وكنت أجد في إعجابهم بصوتي مايدفعني للحماس والإيغال في التميز؛ والتميز في نظري ونظر من هو على شاكلتي يعني التعمق في الدين والتشدد فيه.
لم تكن مفاجأة سارة لأمي حينما زرتها في الإجازة بين الفصلين حينما رأت لحيتي قد طالت وثوبي قد قصر. صُدمت بأن ابنها صار يشبه "جهيمان" الذي سيرته في القرية قبيحة للغاية. بكت كثيراً وتوسلت إلي أن أرجع إلى الصواب، لكن عقلي كان مستقراً بحيث أني اعتبرها جاهلة ومسكينة ولاتفهم الدين. مرت الأيام ثقيلة علي في القرية وشوقي متعلق بالعودة إلى الرياض؛ انتهت العطلة وودعت أمي وهي لاتزال تبكي وتتحسر على ابنها الوحيد الذي بدت ملامح التغير تفتك فيه؛ وسوف يرفض بعد سنة واحدة تقبيلها ولن يسمح لها بالخروج من المنزل ولا الرد على التلفون وسوف يحطم التلفزيون القديم الذي أهداه لها أخوها!
حصلت أحداث كثيرة في التيرم الثاني، فقد تعرفت على شخص اسمه عبدالعزيز، وهو شخص قوي الشخصية يعمل في عمادة القبول والتسجيل وينظم الطلاب عند التسجيل، وله يد طولى في تسجيل الساعات المناسبة لمن يريد. كان سبب التعرف هو أني كنت خارجا من المكتبة المركزية ذات يوم فإذا هناك تجمع لبعض الطلاب المطاوعة في البوفية في البهو الرئيسي, وكان عبدالعزيز هذا هو الذي يسيطر على الجو، ووجدت صديقي من بينهم سلمت عليه ووقفت استمع، فإذا هم يخططون لتكسير مسجد في الدور الرابع في البهو لأن الشيعة يصلون فيه. سألت صديقي: ومن هم الشيعة بالضبط لأني كنت أسمع بهم ولكني لم أعرفهم جيداً. قال أهل الشرقية. بالتأكيد ذهبنا إلى الدور الرابع وكسرنا الصناديق وطوينا السجادات وحملناها في سيارة عبدالعزيز الذي سيحرقها بطريقته. واتفقنا غداً أن نذهب إلى مكتب عميد القبول عبدالله الحمدان لنبلغه هذا المنكر ونرفض السماح للشيعة بأن يكون لهم مصلى خاص بهم.
إعترافات خطيرة لوهابى سابق!!!
مايهمّ هو الحقيقة. لدي الآن كل السكينة لكي أعيش براحة واستقرار. سأتكلم؛ سأكشف خفايا مهمة في حياتي. إنني أحسّ بأني مُثقلُ بعض الشيء وذلك لا لأني مررت بتجربة قاسية، بل لأني عشت تحت وطأة الصمت عما حصل لي. ذاكرتي مملؤة بتجربة عنيفة ومتعبة، إنه يصعب عليّ حملها لو وضعتها في كيس!
أيها الأحرار..
قضيتُ وقتاً طويلاً للوصول إليكم.
أيها الأحرار في طوى، إنني سعيد بكوني أخيراً هنا.. بينكم.
أنا سعيد بالحياة والراحة، مغمور بالانتعاش وانشراح الصدر لأن الأيام أعطتني الفرصة لكي أعيش وأعرف طعم الحرية.
مررت بتجربة لاأتمنى أن يمر بها إنسان، ذرعتُ الليل وألفتُ الألم؛ خبرتُ الوحدة والخيانة؛ تجرعت غصص الغربة والضياع.
مرت أكثر من عشر سنوات على اليوم الذي دخلت فيه في لُجّة دوامة عميقة. لقد عشت الذل يوماً وراء يوم وساعة أثر ساعة، مضغته مع كبريائي، وافتقدته كل لحظة من لحظات تلك الأيام..
ولكني حييت وعادت لي الأيام التي يبدو فيها كل شيء وديعاً.
نزفت التعب حتى جفّ رأسي؛ وتخلصت من أثقال كبلت ظهري ويدي وشلت لساني وأعشت عيني. أنا اليوم حر، أعرف معنى الإنسانية وأعلم جيداً من هو الإنسان.
كنت سأكتب لكم قصيدة تكون بمثابة المقدمة لتجربتي؛ لكن الكلمات لم تطاوعني.
لهذا فإني سأكتفي بأن أهدي هذه التجربة لأبناء أختي الحبيبين؛ ولأيامهما المزهرة بالحب والتسامح والنقاء..
-1-
لقد رباني أهلي على الصلاة وطاعة الوالدين والخوف من الله؛ ونشأت كبقية أبناء قريتي ؛ أحدى قرى أطراف نجد؛ نشأنا متدينيين بالفطرة، نحب الله والرسول والإسلام؛ ونحب أعمال الخير من صدقات ومساعدة للمحتاجين. ودرسنا حتى الثانوية دون أن يتغير علينا شيء، خطيب الجمعة في القرية هو نفسه منذ عهد جدي يقرأ من كتاب قديم معه ولاتتغير الخطبة أبداً سوى في العيدين. مدرسونا كذلك كانوا من أهل القرية وبعضهم من مصر وفلسطين وهم قريبون من أهل القرية في طباعهم وتدينهم البسيط.
حينما انتقلت الى الرياض للدراسة الجامعية، مرت سنتان لم أشعر بشيء مختلف سوى أنني انتقلت من قرية الى مدينة ومن مدرسة الى جامعة، وحافظت على طريقتي في الدراسة كما أنني محافظ على صلاتي. وفي السنة الثالثة تعرفت على شخص من نفس قبيلتي وهو في السنة الأخيرة، وبدأ يعطيني معلومات وجدتها مفيدة عن أساتذة القسم وعن صعوبة المواد؛ وارتحت له، فعزمته على المطعم وقضينا وقتا ممتعا لا أدري عن أي شيء كنا نتحدث لكن المهم أنه في نهاية اللقاء تواعدنا أن نلتقي مرة أخرى. وبعد أسبوع قابلني في الجامعة وعزمني على عشاء يوم الأربعاء القادم في الثمامة خارج الجامعة وقال إن الشباب سوف يجتمعون هناك؛ ولأني لاأعرف من هم هؤلاء الشباب فقد أثرت السكوت وعدم السؤال لأن كلمة الشباب كلمة متداولة بين الناس. كانت هذه أول مرة أسمع بالثمامة؛ ولأنني لاأملك سيارة وقتها فقد اعتذرت منه ولكنه تكفل بأخذي من السكن وإرجاعي.
وحينما وصلنا إلى الموقع في مخيم قريب من الطريق السريع استقبلنا الحاضرون وكانوا بحدود العشرة أشخاص. مر وقت بين شرب القهوة ثم الشاي وبعض السواليف حتى جاء العشاء. وبعد العشاء اجتمعوا لشرب الشاي وماإن جلسنا حتى بدأ أحدهم يتكلم بلغة غريبة علي وجديدة في نفس الوقت. بدأ يتكلم باللغة الفصحى التي لم أعتد أن يتحدث بها أحد في المجالس باعتبارها لغة رسمية للتلفزيون وللراديو وللخطب والمحاضرات؛ ولم أكن أعلم أنه يقدم محاضرة. قال كلاما كثيراً لاأذكر أكثره ولكن الفكرة العامة التي يتحدث عنها كانت عن أهمية حفظ القرآن الكريم ودراسته.
وبعد انتهائه من محاضرته دارت تعليقات قليلة حول اتمام الناس بالمغنين وإهمالهم لحفظة القرآن، ثم حديث عن أفضل قاريء للقرآن كالمحيسني والسديس وباجابر. وشكره الحضور ولاحظت تكرارهم لعبارة "جزاك الله خير" كانت هذه عبارة جديدة علي، وقلتها متابعة لهم. وفيما بعد عرفت أنها تعتبر من عبارات أهل الرياض بشكل عام وبالمطاوعة بشكل خاص، ويظهر أنها انتقلت الى بعض المناطق بسرعة في السنوات الأخيرة فقد سمعت بعضهم يقولها في قريتي منذ فترة قريبة.
وبعد فترة صرت أقابل بعض من تعرفت عليهم في ذلك العشاء في الجامعة، ويصرون علي أن أحضر معهم درس في المسجد الجامعي بعد المغرب، وحضرت عدة مرات ولاأتذكر من المحاضرات التي حضرتها في المسجد شيئا الآن، إذ يبدو أني لم أكن مهتما بالأمر. لكن طالبا من الرياض تعرف علي وعزمني إلى بيتهم وقابلت والده وإخوته وصار يزورني باستمرار وفي نهاية الأسبوع يأخذني بسيارته لنتجول في الرياض، وكان يسمعني بعض الكاسيتات الإسلامية. والحق أنه سبق أن سمعت شخصا معه كاسيت لبرنامج نور على الدرب، لكنها أول مرة أسمع فيها شيوخ بعضهم يصرخ والآخر يبكي كشخص اسمه الحماد يتباكى ويهول العذاب يوم القيامة حتى لتشعر أنك في جهنم لامحالة!
فيما بعد بدأت أشعر أنني عاصي ومخالف وبدأت بالخوف من التهديدات بالنار، وصرت أطيل الصلاة وأقرأ القرآن بكثرة وبرهبة وأحس وكأنني مجرم ومن أهل النار دون أن أذكر أنني آذيت نملة! لكن هكذا تصورت بسبب تأثيرهم على عقلي الغض آنذاك. واستمر هذا الصديق بزيارتي وإهدائي بعض الكاسيتات حتى تعلقت بالقرني والعودة والعمر والحوالي وبن مسفر والطريري والعشماوي وغيرهم من أصحاب الكاسيتات؛ وصرت أطارد كل جديد لهم، ولم تكن تواجهني مشكلة مالية فالكاسيتات تُوزع مجانا مقابل مسجد الملك خالد بأم الحمام القريب من الجامعة وتجد من يوزع دهن العود والورد على الحضور. وكنت أحضر بعض دروس الشيخ الكلباني الذي يتوشح بشتا بنياً أو أصفر أو بنفسجي ويتميز بلغة عنيفة وببكاء أثناء قراءة الفاتحة أو قراءة آيات أصحاب الكهف أو سورة (ق) التي يكثر من ترديدها في الصلوات.
لقد أثر هذا النشاط والاهتمام على دراستي وبدأ واضحاً من خلال هبوط علاماتي؛ ولكني كنت أمنّي نفسي بأن الله سوف يساعدني وكنت أكتب على ورقة الامتحان دعاء تعلمته من الكاسيتات وهو دعاء الامتحان لكي يسهله الله عليك؛ لكن الامتحان لم يتغير ودرجاتي لم تزداد. وهذا لم يؤثر في لاسيما وأن صديقي قد اكتشف لديّ موهبة قراءة القرآن بصوتي لانني صرت أقلد صوت الكلباني؛ فصرت أنا الإمام في البيت إذا لم نذهب إلى المسجد. وكنت أجد في إعجابهم بصوتي مايدفعني للحماس والإيغال في التميز؛ والتميز في نظري ونظر من هو على شاكلتي يعني التعمق في الدين والتشدد فيه.
لم تكن مفاجأة سارة لأمي حينما زرتها في الإجازة بين الفصلين حينما رأت لحيتي قد طالت وثوبي قد قصر. صُدمت بأن ابنها صار يشبه "جهيمان" الذي سيرته في القرية قبيحة للغاية. بكت كثيراً وتوسلت إلي أن أرجع إلى الصواب، لكن عقلي كان مستقراً بحيث أني اعتبرها جاهلة ومسكينة ولاتفهم الدين. مرت الأيام ثقيلة علي في القرية وشوقي متعلق بالعودة إلى الرياض؛ انتهت العطلة وودعت أمي وهي لاتزال تبكي وتتحسر على ابنها الوحيد الذي بدت ملامح التغير تفتك فيه؛ وسوف يرفض بعد سنة واحدة تقبيلها ولن يسمح لها بالخروج من المنزل ولا الرد على التلفون وسوف يحطم التلفزيون القديم الذي أهداه لها أخوها!
حصلت أحداث كثيرة في التيرم الثاني، فقد تعرفت على شخص اسمه عبدالعزيز، وهو شخص قوي الشخصية يعمل في عمادة القبول والتسجيل وينظم الطلاب عند التسجيل، وله يد طولى في تسجيل الساعات المناسبة لمن يريد. كان سبب التعرف هو أني كنت خارجا من المكتبة المركزية ذات يوم فإذا هناك تجمع لبعض الطلاب المطاوعة في البوفية في البهو الرئيسي, وكان عبدالعزيز هذا هو الذي يسيطر على الجو، ووجدت صديقي من بينهم سلمت عليه ووقفت استمع، فإذا هم يخططون لتكسير مسجد في الدور الرابع في البهو لأن الشيعة يصلون فيه. سألت صديقي: ومن هم الشيعة بالضبط لأني كنت أسمع بهم ولكني لم أعرفهم جيداً. قال أهل الشرقية. بالتأكيد ذهبنا إلى الدور الرابع وكسرنا الصناديق وطوينا السجادات وحملناها في سيارة عبدالعزيز الذي سيحرقها بطريقته. واتفقنا غداً أن نذهب إلى مكتب عميد القبول عبدالله الحمدان لنبلغه هذا المنكر ونرفض السماح للشيعة بأن يكون لهم مصلى خاص بهم.
تعليق