إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

(نيسانُ) العِراقي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (نيسانُ) العِراقي

    (نيسانُ) العِراقي

    نزار حيدر

    هُوَ أسوأ أشهر السّنة بالنسبة للعراقيين، لما يختزن في ذاكرتهم من مآسي وآلام على مختلف الاصعدة، ولولا تزامن ذكرى سقوط الطاغية الذليل صدام حسين ونظامه البوليسي الاستبدادي في هذا الشهر (٩ نيسان ٢٠١٣) لفكّر العراقيّون، ربما، في ان يمحوه من حياتهم وذاكرتهم حتى لا تتكرر أوجاعهم وآلامهم القاسية مع حلول ذكرياتها كل عام.

    صحيح ان (نيسان) هو شهر الكذبة المشهورة باسمهِ، الا انها في العراق تحولت الى حقيقة مؤلمة وقاسية للاسف الشديد.

    كلّ شعوب العالم تتناقل كذبتَهُ بفرحٍ ومرحٍ، الا الشعب العراقي الذي يتناقلها بحزن وأسى وألم!.

    ولانّ ذكرياته قاسية ومؤلمة جداً، لذلك فانّ تجاربها ودروسها وعِبرها عظيمة جداً، وربّما لهذا السّبب يحتفظ العراقيون بها، في محاولة منهم لاستذكار التجربة وما تعلّموا منها للحيلولة دون تكرارها.

    في هذه الحلقات من هذا المقال، سأحاول ان استذكر مع العراقيين بعض هذه الآلام لأستخلص من كلِّ واحِدَةٍ منها درساً، فالجيل الجديد ربما لم يعرف شيئاً عنها، او انّه سَمِعَ بها ولكّنه نسيها، ومن الواضح فانّ من ينسى التاريخ لا يقوى على فهم الحاضر والتخطيط للمستقبل، ولذلك فليس عبثاً ان لهواً ان يدوّن القرآن الكريم الكثير من تجارب الامم والقرون الماضية، انّما لنتعلّم منها الدّروس والعبر، فالتجارب الانسانيّة ملكٌ مُشاع لكلِّ البشرية، لا يمكن لاحدٍ ان يحتكرها او يحصرها في زمانها ومكانها ابداً.

    اولاً؛ ففي نيسان عام ١٩٤٧ تأسّس النهج العروبي القومي العنصري الشوفيني، كحزبٍ (سياسي) يرنو بعينه الى السلطة ليستولي عليها بأيّ شكلٍ من الأشكال، لينتقلَ الى العراق بسرعة البرق، بهدف تدمير الأسس الوطنيّة التي ظل العراقيون يحتفظون بها، على الرّغم من سياسات التتريك مثلاً ومن ثم السّياسات الطائفيّة والعنصرية وغير ذلك.

    ولقد سعى هذا النهج الى تحقيق غاياته المدمّرة من خلال ما يلي؛

    الف؛ التركيز على (العلمانيّة) السّلبية وليست الإيجابية، من خلال استعدائه للدين وما يتعلق به من فكر وثقافة ومؤسسة وشعائر وكلّ شيء.

    باء؛ ترسيخ النّهج الطائفي بشكل واسع جداً، سواء من خلال السّياسات العامة التي كان ينتهجها، او من خلال الثقافات الطائفيّة التي كانت تمتلئ بها كل وسائله الإعلامية فضلاً عن المناهج التعليمية، بمختلف مراحلها الأولية والجامعية، وكذلك على مستوى التأليف والنشر.

    جيم؛ صناعة الطّاغوت من خلال تكريس ظاهرة عبادة الشخصية، عندما لخّص هذا التيار الدّولة والسّلطة والنظام وكل المؤسسات بشخصٍ اعتبرهُ ابواقهُ وجوقة المطبّلين والمزمّرين القائد الضرورة والرمز الأوحد.

    ولقد لعبَ جيشٌ من اساتذة الجامعات المنتمين لهذا التيار الشوفيني دورٌ في تكريس ظاهرة عبادة الشخصية، من خلال تشجيع طلبة العلوم الانسانية في الجامعات العراقية على الكتابة والبحث في كل حركةٍ وسَكَنةٍ تبدر من (القائد الضرورة) لينالوا بها شهاداتهم (الأكاديميّة) و (العلميّة) العالية وبدرجات التفوّق مسبقاً!.

    دال؛ إضعاف قيم المواطنة والانتماء الوطني من خلال سياسات التّمييز الطائفيّة والعنصريّة التي كرّسها النظام على مختلف المستويات، فضلاً عن الحروب العبثيّة التي ظلّ يشنها على هذه الشريحة من المجتمع او تلك، الغرض منها تفتيته ليسهل عليه إحكام قبضتهِ الحديديّة.

    لقد ملأ هذا التيار (العروبي الشوفيني) مناهج التعليم بالقيم الشوفينية والعنصرية، ما اثار ردودَ فعلٍ صامتةٍ في نفوس المجتمع، عندما بدأ يشعر كلّ مواطنٍ انّ انتماءه الوطني مُستهدف من قبل هذا التيّار، تارةً بانتمائه القومي، الكرد والتركمان وغيرهم، وتارةً بانتمائه المذهبي، الشيعة تحديداً!.

    هاء؛ تكريس مفهوم السّلطة كمحورٍ أوحد على حساب مفاهيم الدولة التي ألغاها هذا النهج الشوفيني بشكلٍ كاملٍ، وذلك من خلال؛


    ا/ تسخير القوّات المسلّحة كأداةٍ وحيدةٍ في عملية بناء السلطة.

    ٢/ تصفية كلّ مظاهر المعارضة وبشكل مرعب.


    ٣/ بناء منظومة أمنيّة وظّف فيها المواطن كجاسوسٍ ومخبر، حتى تحوّل العراق، وبجدارةٍ، الى ما سمي بدولة المنظّمة السريّة.

    ٤/ حوّل العراق الى بلد الميليشيات المتعددة والتي بسط يدها بالكامل، فكانت تحمل اسماء وعناوين متعدّدة تنتشر في المجتمع.

    ٥/ تبنّي سياسة العدوان كمنهج ثابت في فرض أجنداته في المنطقة، من خلال شنّه للحروب العبثيّة ضد الجميع.

    ٦/ كذلك اعتماد منهجيّة (صناعة الأزمات) سواء في الداخل او مع الجيران والمجتمع الدولي، انتهت بالعراق الى الاحتلال والغزو وضياع سيادته واستقلاله.


    يتبع

    ٤ نيسان ٢٠١٥

  • #2
    انّ خطر الفكر العنصري الشوفيني يتضاعف بشكل واسع جداً في المجتمعات ذات التركيبة المتنوعة والمتعددة كالعراق، ولذلك جرَّ هذا الفكر على العراقيين الكثير جداً من الويلات والمعاناة.

    ولقد كانت مدّة اكثر من نصف قرن من الزمن، كافية لتكريس مفاهيم الشوفينية في المجتمع العراقي وللاسف الشديد، فاذا بظواهر مثل عبادة الشخصية وصناعة الطاغوت ومنهجية صناعة الأزمات ومحوريّة السلطة بدلاً عن الدولة والتزمت في الانتماءات الاثنية والدينية والمذهبيّة بل وحتى المناطقيّة والعشائرية ونظريّة (ما ننطيها) و (القائد الضرورة) و (الابواق، فلكلّ زعيمٍ بوق من جنسهِ، يساويه في المقدار ويناغِمهُ في الاتّجاه) وغير ذلك، أصبحت جزء من شخصية الفرد العراقي وكيان المجتمع!.

    فما هو الحل، اذن، لكنس كلّ آثار ومخلّفات هذا الفكر العنصري الشوفيني؟.

    برأيي؛ فانّ الحل يكمن في أمرين؛

    الاول؛ تكريس الانتماء الوطني والرّوح الوطنية لتحل محل الانتماءات الضيّقة التي تَخْلق النزعة الشوفينية عند المواطن
    .

    ولقد انتبهت المرجعية الدينية العليا الى هذا المرض، ولذلك نراها تؤكّد، بمناسبة ومن دون مناسبة، وتكرّر الحديث عن اهمية الانتباه الى كل معاني الانتماء الوطني، بدءاً بالراية والعلم وليس انتهاءاً بالتعامل اليومي، وكل ذلك من اجل تكريس الفكرة وترسيخها في المجتمع.

    وسيظلّ العراق على كفّ عفريت وفي مهبّ الريح اذا ظلّ الفكر العنصري والطائفي الشوفيني حاكماً في المجتمع، واذا كان هذا النهج قد بدأ يزحف في العراق بشعارات (القومية والعروبة) فانّه اليوم يغطّي كلّ الانتماءات، وللاسف الشّديد، الاثنيّة والدّينية والمذهبيّة، مردّ فعلٍ، ويضيق اكثر فاكثر ليشمل الانتماءات العشائريّة والمناطقيّة والحزبيّة وغيرها.

    لقد نصب الفكر القومجي العروبي العنصري والشوفيني محاكم تفتيش ليحاسب المواطن على انتمائه، حتى وصل به الامر الى فرض سياسة التّعريب الإجباري، فكان يفرض على المواطن الكردي مثلاً او التركماني، ان يغيّر اثنيّته عند التسجيل، كما كان يمنع من ويعاقب المواطن في كردستان اذا علّق اسم محله باللغة الكردية مثلا! ما ولّد ردودَ فعلٍ عكسيّة نلمسها اليوم في العراق الجديد!.

    يجب ان نتعاون جميعاً من اجل القضاء على هذا الفكر من خلال تكريس الانتماء الوطني بما يلي؛

    اولاً؛ بناء الدولة التي تعتمد قيم المواطنة والمدنية والعصرنة، كأسس جديدة.

    ثانياً؛ العدل والمساواة على قاعدة (القانون فوق الجميع).

    ثالثاً؛ تكريس مبدأ تكافؤ الفرص، على قاعدة {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}.

    الثاني؛ اعادة النظر بالمنهج التعليمي والتربوي وأدواته لتطهير المؤسسة التعليميّة من الفكر الشوفيني، بدءاً من المراحل التأسيسّية وحتى آخر مرحلة أكاديميّة، فالتغيير في الفكر والثقافة لا يتحقق بالشعارات ابداً، وانّما بمنهج تعليمي وبحثي واكاديمي علمي جديد، بعد كنس كلّ مخلّفات المناهج العنصريّة وأدواتها من معلمين وتدريسيّين لازالوا نجدهم في قاعات التدريس وللاسف الشديد يزرقون في اذهان ابنائنا الفكر العنصري الشوفيني الذي ورثوه من الحقبة السوداء الماضية!.

    ان المنهج التعليمي الجديد؛ يجب ان يعتمد الأسس التالية؛

    ١/ التعدّديّة في الفكر واحترام الراي الاخر.


    ٢/ الانفتاح ونبذ التزمّت والاستبداد الفكري والثقافي والبحثي.

    ٣/ الغاء كلّ الخطوط الحمراء المصطنعة والتي رسمها الفكر الشوفيني لتحديد خيارات الباحث ومحاصرة الفكر والثقافة.

    ٤/ اعتماد اللّيبرالية في البحث والتفكير، بشكلها الصحيح والسليم والإيجابي.

    ٥/ التعايش كنتيجة للتعارف الذي يفرضه التنوع والتعدد في المجتمع.

    ٦/ تقاسم الحقيقة وعدم احتكارها.

    ٧/ التربية الوطنية التي قاعدتها (حب الوطن من الإيمان).

    ٨/ تكريس قيم الحرّيّة والشّورى ومفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان والكرامة.

    ٩/ اعتماد البحث العلمي والاستقصاء والإستبيانات والمسح الميداني والغاء ما يسمّيه البعض بالظّواهر الصوتية والانشاء والشعارات والتسليم بالافكار والنتائج من دون تثبّت والاحكام المسبقة. والّتي كرّسها لعقود طويلة الفكر العنصري الشوفيني.

    ١٠/ حرية التعبير والاعلام، ورفض كل انواع الشمولية التي أسس ونظّر لها الفكر العروبي القومجي العنصري والشوفيني.


    يتبع

    ٥ نيسان ٢٠١٥

    تعليق


    • #3
      وفي نيسان عام ١٩٨٠ تعرّض العراق لواحدة من أخطر جرائم التطهير العرقي والطائفي في آن واحد، والتي يصنّفها القانون الدولي حسب تعريفاته وتوصيفاته العالمية، بالجريمة ضد الانسانية، الا وهي جريمة التهجير الجماعية القسريّة ضد الكرد الفيليين، والتي صحبتها ثلاث جرائم اخرى في نفس الوقت، الا وهي؛

      ١/ جريمة إسقاط الجنسية.

      ٢/ جريمة مصادرة اموالهم المنقولة وغير المنقولة.

      ٣/ جريمة احتجاز شباب الأسر والعوائل المهجّرة.


      لقد ارتكب الفكر القومجي العنصري الشوفيني هذه الجريمة البشعة بدوافع طائفيّة وعنصريّة في آنٍ واحد، فالكرد الفيليّون تعرّضوا للظلم والقهر بسبب انتماءين، الاول هو اثني، عنصري، والثاني هو مذهبي، طائفي.

      فلقد كانوا يتعرّضون للظلم بسبب العنصرية عندما يتعرض كرد العراق لعدوانٍ ما من قبل النظام الشمولي العنصري البائد، كما انهم كانوا يتعرّضون للظلم بدوافع طائفية كلما تعرّض شيعة العراق لظلمٍ من نوعٍ ما من قبل نظام الطاغية الذليل صدام حسين.

      ان الظّلم الذي تعرّض له الكرد الفيليون يمثّل صورة الظّلم متعدّد الاوجه والدوافع الذي ظل يتعرض له العراقيون على مدى نيف وثلاثين عاما عجاف.

      فضلاً عن ذلك، فانهم اشتركوا مع بقية العراقيين في التعرّض للظّلم بسبب معارضتهم الشّرسة للنظام الديكتاتوري البوليسي وانتماءاتهم السياسيّة وخلفيّاتهم الفكرية والثقافية، بالاضافة الى ولاءاتهم المعروفة للدين ومؤسسته الرئيسية واقصد بها المرجعية الدينية،

      وبكلمة، فانهم تعرّضوا لظلم تراكم لدوافع عدة، فكان الثمن الذي دفعوه باهضاً جداً، وللاسف الشديد!.

      وليس بالإمكان المرور على ظاهرة التهجير القسري التي تعرّض لها الكرد الفيليون بهذه العُجالة، فانّ مجرّد نقل صور الظاهرة وطرق تنفيذها على يد ازلام النظام العنصري والطائفي البائد بحاجة الى مجلّدات ومجلّدات، كما انّ ملايين الافلام والمسلسلات والافلام الوثائقية لا تكفي لتغطيتها ابداً.

      لقد كان النظام الشمولي البائد قد خطط لتحقيق الأهداف الدنيئة التالية بجريمة التهجير القسري، منها؛

      اولاً؛ اجراء تغيير ديموغرافي واسع، يغيّر الوجه الحقيقي للمجتمع العراقي على الصعيدين الاثني والمذهبي.

      ثانياً؛ لقد خسر العراق بهذه الجريمة الكثير جداً من طاقاته وكفاءاته وخبراته، فمن المعروف ان للكرد الفيلية دور مهم وبارز في العراق وعلى مختلف الاصعدة.


      كما انّ فيهم العلماء والمهندسين والأطباء والأخصّائييّن والقادة السياسيّين والمفكّرين والكتّاب المرموقين والاعلاميين البارزين والتجّار الكبار الذين لهم دور مهم في تكريس عملية التكافل الاجتماعي في العراق، ودعم المؤسسة الدينية وجلّ الاحزاب السياسية بمختلف التوجّهات.

      ثالثا؛ كما دمّر النظام الشمولي، بهذه الجريمة، الاقتصاد العراقي، لما يتمتع به الكرد الفيلية من مكانة اقتصادية مهمة في العراق.


      لقد شرعن النظام بهذه الجريمة للّصوصيّة والسرقة، عندما طرد ملايين المواطنين من ارض آبائهم وأجدادهم ليستولي على احجام غير متناهية من الأموال والأملاك!.

      اما جريمة إسقاط الجنسية، فهذه واحدة من اخطر الجرائم التي ارتكبها الطاغية الذليل ضد العراقيين عندما يسلب المواطنة والانتماء الوطني من احدهم، فما بالك من شريحة اجتماعية كاملة، وهم الكرد الفيلية؟.

      ليس من حقّ أحدٍ ان يسلبَ هذا الحق من أحدٍ ابداً، خاصة اذا كان الحاكم مشكوك في اصله وفصله؟ مثل الطاغية الذليل صدام حسين الذي لم يُعرف له عرقٌ سليم وصحيح في العراق؟!.

      انّ سلب المواطنة تارة وإجبار المواطن على تغيير قوميته بالعنف والاكراه تارة اخرى، وإجباره الى الانتماء الحزبي تارة ثالثة، ان سياسة الجبر والاكراه والفرض بالقوة لتحديد ما لا يمتلك حتى المواطن الخيار في تحديده، يُعتبر احد اخطر السياسات التي ظلّ ينتهجها الفكر العروبي والقومي الشوفيني على مدى نيف وثلاثين عاما، ما ساهم في تحطيم المجتمع من الداخل.

      يتبع

      ٦ نيسان ٢٠١٥

      تعليق


      • #4
        الى جانب الكُرد الفيليّين، تعرّضت ثلاث شرائح أخرى لظلمٍ مماثل، وهي؛

        ١/ الأُسر الشيعيّة التي ظلّ النّظام البوليسي يطعن بأصولها ويشكّك بولائِها وانتمائِها، عندما هجّرها قسراً بعد ان استولى على اموالِها المنقولة وغير المنقولة، في عملية سطو (نظاميّة) استندت الى قرارات قرقوشيّة لم يشهد التاريخ مثيلاً لها، واحتجز ابناءها من الشّباب، والذين لم يُعثر على ايّ أثرٍ لهم لحّد الان، حتى بعد مرور (١٢) عام على سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣!.

        ٢/ أُسر المجاهدين الذين اعتقلهم ازلام الطاغية وأودعهم السجون والمعتقلات، ليسفّروا عوائلهم قسراً، ليتبيّن لها، فيما بعد، انّ ابناءها قد استشهدوا صبراً تحت التّعذيب، فيما عُدّ الكثير منهم مفقودي الأثر لحدّ الان وفيهم كبار العلماء والفقهاء من امثال اية الله السيد صادق القزويني الذي جاوز الثمانين عاماً عندما اعتقله ازلام الطاغية، ولم تعثر أسرته على اي أثرٍ له لحد الان.

        ٣/ امّا الشريحة الثالثة فهم المجاهدون من ابناء الحركة الاسلامية، من الذين اضطرتهم الظروف القاسية الى الهجرة الى خارج العراق، إثر آخر اعتقال تعرّض له الشهيد الصدر الاول (٤ نيسان ١٩٨٠) وشنِّ النظام لحملة اعتقالات واسعة جداً شملت مئات الالاف من ابناء الحركة الاسلامية المجاهدة، وفيهم، كذلك، عدد كبير من العلماء والفقهاء، وفيهم من ناهز التّسعين من عمُرهِ كآية الله الشهيد السيد قاسم شبر، وطلبة العلوم الدينية ومختلف الاختصاصات العلمية والطلبة والموظفين، ولم تستثنِ حملة الاعتقالات الشعواء هذه المرأة المجاهدة اذ اعتقل ازلام النظام الالاف المؤلفة منهنّ، تعرّضن في سجون الطاغية لشتى صنوف التّعذيب قبل ان يتم تصفيتهن إمّا تحت التعذيب القاسي او بالإعدام، كالشهيدة البطلة سلوى البحراني!.

        كما شمِلت حملات الاعتقال الظّالمة أُسر بكاملها، كما هو الحال بالنسبة الى الشهيد المجاهد البطل سالم جليل النجار، الذي اعتقلهُ ازلام الطّاغية الذليل مع زوجته وطفله الوحيد (فراس) الذي لم تتجاوز اعوام عمُرهِ عدد أصابع اليد الواحدة! ليعدمهم النظام فيما بعد! من دون ان تعثر أسرته على اي أثرٍ لهم كذلك.

        كا ارتكب النظام الشمولي البائد بحق كل هؤلاء جريمة إسقاط الجنسية العراقية، وكأنّه هو الذي منحهم الجنسية ليقرر انتزاعها منهم وقت يشاء، ليسحق بمثل هذا القرار الجائر ابسط حقوق الانسان، خاصّة وان جلّ من أُسقطت جنسيّتهُ كان قد قضى افضل سني عمره يخدم في القوات المسلحة العراقية، وفيهم من خاض عددٍ من الحروب المقدّسة في فلسطين، على الرغم من المشاركة المتواضعة للعراق في تلك الحروب والتي ارادها النظام الشمولي البائد والانظمة السياسية التي سبقته في السلطة مشاركات اعلاميّة للدعاية واستعراضية للمتاجرة بالقضية الفلسطينية المقدسة آنئذ!.

        لقد خسر العراق بسبب هذه الجرائم بنيتهُ التحتيّة الحقيقيّة، فالاوطان يبنيها البشر، والدول تشيدها العقول، والتّنمية والبناء يقيمه العلماء والأخصائيّين، والمجتمع يرشّده المفكرون والمثقفون، وكلّ هؤلاء خسرهم العراق عندما طردهم النظام البوليسي الى خارج البلاد او غيّبهم في دهاليز السّجون والمعتقلات او غيّبهم تحت الارض!.

        ان مختلف دول العالم تمتلئ اليوم بالاف الكفاءات والخبرات واصحاب الشهادات العالية، وجلهم ممن غادروا العراق في تلك الحقبة التاريخية السوداء التي شهدتها بلاد الرافدين.

        ان الدول المتحضّرة تتنازع على احقيّة الاحتفاظ بمولودٍ اذا وُلد على متن طائرة في اجواء دولتين متجاورتين، كلٌّ تدّعي ان المولود من حصتها، وانها احقُّ به من جارتها، امّا العراق، في ظل النظام القومجي العروبي العنصري والطائفي، فكان يتخلص من شعبه زرافات زرافات، فأي تخلّف هذا الذي يعشعش في ذهنية هذا النوع من الفكر والثقافة؟!.

        ان ّقراءة بسيطة لخلفيّات الشُّهداء والسُّجناء والمغيَّبين والمسفَّرين والمهاجرين في ذلك (النيسان العراقي) المشؤوم، فسيكتشف ايّ منصفٍ انّ دوافع النظام الشمولي في ارتكاب تلك الجرائم والمجازر كانت عنصرية وطائفية بامتياز، لان طبيعة الفكر العروبي القومجي عنصرية وطائفية بلا منازع! فطبيعة الجريمة من سنخ طبيعة الفكر والثقافة بلا شكّ، أليس كذلك؟!.

        يتبع

        7 نيسان ٢٠١٥

        تعليق


        • #5
          حتّى اذا وصلنا بالحديث الى جريمة العصر، وهي أُمُّ الجرائم التي ارتكبها نظام الطاغية الذليل صدام حسين، واقصد بها إعدام الفقيه والمفكّر والمرجع والفيلسوف والحركي والقائد اية الله العظمى الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر وأخته العالمة والكاتبة والمربّية الفاضلة العلويّة (آمنة الصدر) المعروفة بـ (بنت الهدى) يعتصرُ القلب ألماً ويفيضُ الدّمع من مقلتيه حسرةً ويكلّ الّلسان عن النطق عجزاً والقلم عن التّدوين والمداد عن الّتسجيل نفاذاً.

          لقد ارتكب النظام البائد اعظم جريمة بقتلهِ للشهيد، ليس بحقّ العراق فحسب، وانّما بحقِّ الانسانية جمعاء، لانّ شخصيةً مثل الصدر الاول لم يكن يُنتج ويكتب للعراقيين فقط وانما عمَّ خيرَ كتاباته كلّ البشرية، ولذلك لا تجد شعباً من شعوب الارض لم يهتم مفكّروه بما أنتجه هذا العلم العالِم الرّمز.

          كم هو سفيهٌ وسخيفٌ وأرعنٌ ذاك الطاغية الأهبل الذي ارتكب مثل هذه الجريمة، في إطار تصفيةٍ مُمنهجةٍ للعلم والعلماء، في الوقت الذي كان فيه الشهيد في قمّة إنتاجه المعرفي والفكري.

          انّ كلّ صفةٍ من صفات الشهيد الصدر، والتي ذكرتها في صدر المقال، تحتاج الى عدّة مجلّدات لاستيعابها واستيفاءِ حقّها ومدلولاتها، وانا هنا لست في وارد الحديث عنها فتلك مسؤولية تلاميذه الاوفياء الّذين اتمنى عليهم ان يهتموا بتراث الشهيد بِما يليق به، بحثاً وتحقيقاً وتعريفاً ونشراً.

          كما انّ من مسؤولية تلميذات الشهيدة بنت الهدى تسليط الضّوء على سيرتها ونتاجها المعرفي والأدبي للاجيال الجديدة.

          انّما اريدُ هنا ان اتحدّث عن جريمة النظام والفكر القومجي العروبي العنصري والطائفي الشوفيني، الذي واجه العلم والعلماء منذُ لحظة ان نزا فيها على السّلطة في بغداد بسرقةٍ مسلّحةٍ (انقلاب عسكري) ليلة ١٧ تموز ١٩٦٨ المشؤومة.

          انّ من طبيعة الحاكم الجاهل معاداة العلماء، فالعلمُ يفضحُ الجهلَ كما يفضح النور الظلام، ولذلك قيل (العلمُ نورٌ)
          فهل رايتم خفاشاً يطيرُ في النهار؟!.

          ولذلك فقد صبَّ النظام البوليسي البائد جامَّ غضبه على العلم والعلماء منذ اللحظة الاولى، فشنَّ اقسى حملات التنكيل بهم وفي خطته القضاء نهائياً على المؤسسة الدينية بشكلٍ كاملٍ، فبدأ بالتّهمة لينتهي بالتصفية الجسدية!.

          فكان ان اتّهم الشهيد السيد مهدي الحكيم، نجل مرجع الطائفة الامام الحكيم، للنّيل منه، ساعياً لاعتقالهِ وتصفيتهِ، الامر الذي اضطره للهجرة الى خارج العراق، بعد ان حُكم عليه بالإعدام غيابياً، حتّى تمكّنت منه يد الغدر لتغتالهُ في العاصمة السودانية الخرطوم عام ١٩٨٦.

          وفي نفس الوقت اعتُقل الشهيد السيد حسن الشيرازي الذي تعرّض لأقسى انواع التعذيب النفسي والجسدي، ليُطلق سراحه بعد فترة بفضل من الله تعالى، ليهاجرَ هو الاخر الى خارج العراق، لتمتدّ لَهُ يد الغدرِ، كذلك، في بيروت عام ١٩٨٠ وهو في طريقهِ لحضور مجلس الاربعين الذي كان قد اقامه على روح الشهيد الصدر الاول.

          في هذه الأثناء، يشنّ النظام الجاهلي حملة مطاردة واعتقال شعواء ضد العلماء والفقهاء، شملت المرجع الشيرازي الراحل و (١٢) من تلامذتهِ، بينهم الأخوين المدرّسي [آية الله السيد محمد تقي والعلامة السيد هادي] ليحكم عليهم بالإعدام غيابياً ما اضطرهم للهجرة الى خارج العراق، فيما اعتقل مجموعات اخرى منهم الشهيد الصدر الاول وعدد من تلامذته، ليقدم، فيما بعد، على جريمته البشعة بإعدام الشّهداء الخمسة (الشيخ عارف البصري ورفاقه) والمعروفون بمجموعة (قبضة الهدى).

          وتستمر قافلة الشهداء من العلماء والفقهاء والمراجع، لتشمل كوكبة كبيرة منهم، لو اردنا ان نحصي عددهم وندوّن اسماءهم وسِيرَهم لاحتجنا الى مجلّدات كثيرة.

          فقد شمِلت القافلة كوكبة من ابناء الأسر العلميّة العريقة التي خدمت العراق والدين والمذهب قروناً عديدة كأُسَر (الحكيم والصدر وبحر العلوم والخرسان والحيدري والقزويني) وغيرهم الكثير.

          وقد كان لأسرة مرجع الطائفة الامام السيد محسن الحكيم، حصّة الأسد من قافلة الشهداء اذ ناهز عددهم الـ (٧٠) شهيدا!، فيما ناهز عدد الشهداء من أسرة آل بحر العلوم الـ (٢٠) شهيداً.

          كما قدّمت أسرة (آل الصدر) اثنين من أعاظم العلماء والفقهاء، الا وهما الصدر الاول والصدر الثاني، الذي اغتيل مع نجليه الشهيدين كذلك!.

          ان قوائم الشّهداء السّعداء من العلماء والفقهاء والمراجع، دليلٌ واضح على مدى حقد النظام العروبي القومجي العنصري والشوفيني على العلم والمعرفة، وكذلك على مدى حقدهِ على العراق والشعب العراقي الذي خسرَ مجهوداً علمياً ومعرفياً كبيراً جداً بغياب هذه الكوكبة من علمائه، الذين بذلوا وقتاً ثميناً وطويلاً قضوه في طلب العلم والبحث والتحقيق والاجتهاد منذ نعومة أظفارهم، ليقدِم على تصفيتهم الطاغوت بلحظةِ جنونٍ وتكبّرٍ وخوف!.

          كما ان حجم القافلة وسعتها دليلٌ واضحٌ على ان العلماء في مقدّمة مسيرة الجهاد والبناء دائماً وأبداً، يتصدّون ويقودون ويوجّهون ويرشدون ويضحّون بأنفسهم وأرواحهم كلما تطلب الموقف الجهادي، لا يشكّون ولا يتردّدون ولا يتخلّفون، يرفضونَ الخضوع والخنوع والاستسلام والسّكوت والصّمت واتخاذ موقف المتفرّج من الحاكم الظّالم والسلطة الجائرة.

          وفي المرجعية الدينية العليا اليوم ومواقفها وتوجيهاتها وارشاداتها ومتابعتها ومراقبتها وتشخيصها، نموذجٌ لهذا التّصدي المسؤول، والذي يفتخر به القريب والبعيد، لما لَهُ كلّ الأثر في حماية العراق وحفظ شعبه الابّي الصابر.

          ولو كانوا غير ذلك لما انتبه لهم النظام الديكتاتوري، او انّهم كانوا وعّاظاً للسلاطين او فقهاء تحت الطلب، لما لمِس منهم الطّاغية شعرةً، بل لأغدقَ عليهم كلّ ما يحتاجون من الحياة الدنيا وزبرجها، ولاشترى مواقفهم وفتاواهم بحفنة تافهة من المال الحرام، كما هو الحال معَ من باع آخرته بدنيا غيرهِ من علماء السّوء والعمائم الفاسدة والمنحرفة، سوداءَ كانت او بيضاء، لا فرق!.

          انّها العنصريةّ والطّائفيّة المقيتة التي كانت تسكن في عقل النظام الشمولي البائد وطريقة تفكيره المريضة، والتي خسِرَ العراقُ بسببها الكثير أقلّها ان يكون مصدر إشعاعٍ فكري ومعرفي وثقافي رائد للعالم، والمنطقة على وجهِ التّحديد.

          يتبع

          ٨ نيسان ٢٠١٥

          تعليق


          • #6
            ففي مثل هذا اليوم (٩ نيسان) من عام ٢٠٠٣، استجاب الله تعالى لدعوات ملايين المظلومين وتوسّلات الايتام والثّكالى وتضرّع الامّهات المفجوعات والآباء المفجوعين، ليزيحَ عن صدر العراق وكاهلهِ واحداً من أخطر النّظم السياسية التي مرت في تاريخه.

            فلقد تجلّت في تلك اللحظة إرادة الله عزّوجل بقوله عزّ من قائل {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} وقوله {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} وقوله {كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ}.

            وصدق اميرالمؤمنين عليه السلام الذي قال {يَوْمُ الْعَدْلِ عَلَى الظَّالِمِ أَشَدُّ مِنْ يَومِ الْجَوْرِ عَلَى الْمَظْلُومِ!} وقوله {يَوْمُ الْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ أَشدُّ مِنْ يَوْمِ الظَّالِمِ عَلَى الْمَظْلُومِ}.

            وبينما كان العراقيون يبتهجون بالتّغيير، اذا بهم يُفجَعون باخبار المقابر الجماعيّة التي بدأوا يكتشفونها الواحدة تلو الاخرى، لتجدد عليهم الآلام مرّة أخرى وتُثير الأوجاع في قلوبهم.

            مع كلّ ذلك، فقد بدأ العراقيون يلملمون جراحهم ويعضّون عليها أملاً بمستقبلٍ جديد يتجاوز مخلّفات الماضي ويستفيد من تجاربه.

            ولكونهم أرادوا تغييراً جدرياً وحقيقياً وتاريخياً يلغي، اولاً وقبل كل شيء، القاعدة البائسة التي بُنيت عليها الدولة العراقية الحديثة مطلع القرن الماضي في إطار اتفاق (كوكس ــ النقيب) سيّء الصيت على قاعدة (عسكري عربي سنّي) تغييراً يعتمد نظاماً يقوم على أساس الأغلبية السياسية والتداول السلمي للسلطة والحياة الدستورية ومبدأ القانون فوق الجميع لضمان المساواة والعدل، من اجل الغاء الدرجات في (المواطنة) لانّهم أرادوه كذلك، فقد واجههم ثلاثة أعداء من خارج الحدود تكالبوا عليهم يريدون تكسير عظامهم، بعد ان نهشَ نظام الطاغية لحومهم؛

            العدوّ الاول؛ هو نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، والذي رأى في سلطة الأغلبية خطراً محدقاً يهدّد شرعيّته ويمكن ان يقلب الطاولة على رأسه، ولذلك شمّر هذا النظام الوراثي القبلي عن ساعديه وكشّر عن انيابه التي تقطر حقداً ودماً، باذلا كل ما يمكنه من اجل تدمير البديل السياسي المرتقب، فصدرت فتاوى التكفير من فقهاء البلاط لتحث الجراثيم والدواب للتجمع في العراق ليبدوا عمليات القتل والتدمير بشكل واسع جدا، مدعومين باموال البترودولار الحرام والاعلام الطائفي الحاقد.

            العدو الثاني؛ هم كل أيتام الطاغية الذليل صدام حسين في العالم العربي والإسلامي من الذين خسروا عطاياه السخية من اموال الشعب العراقي والتي ظل يغدق بها عليهم ليصنع منهم ابواقا ملأت السماوات والأرضين.

            ولعل من اكثر دول الجوار التي فيها من هؤلاء الايتام التافهين هي الاْردن، ولذلك كانت الأقسى على العراق بعد نظام القبيلة، ملكا وحكومة وشعبا وكل شيء.

            العدو الثالث؛ هم دول الجوار بشكل عام، والتي ايدت الولايات المتحدة الأميركية وحليفاتها بقرار استخدام القوة لاسقاط النظام البوليسي في العراق، وعلى راسها سوريا التي كانت وقتها تمثل المجموعة العربية في مجلس الأمن عندما اتخذ كل القرارات المتعلقة بملف العراق، الا انهم. دول الجوار، غيرت رايها عندما شعرت ان تغييرا حقيقيا يجري الإعداد له في العراق، وليس مما كانوا يتصورون، تغييرا شكليا يستبدل وجوها باخرى مع الاحتفاظ بالقاعدة الثلاثية الآنفة الذكر، ولذلك اتّحد الأعداء وتعاونوا على العراق لتدميره وإيقاف اية محاولة للتغيير الجذري، على اعتباره تغييراً يعتمد صندوق الاقتراع ولأول مرة، ما يرى فيه النظام السياسي العربي الفاسد خطراً حقيقياً عليه لا ينبغي افساح المجال امامهُ ليرى النور، ولذلك قرّروا ان يولد ميتاً، فاذا بهم جميعاً يتعاونون على المنكر فكانت قوافل الدوابّ تتجمّع في سوريا من كلّ حدبٍ وصوب، بتحريض فتاوى التكفير واموال البترودولار والاعلام الطائفي ليتلقّوا تدريباً ما على عجالة ومن ثم تتسلّل الى العراق لتفجّر نفسها وسط الحشود البريئة!.

            وبحمد الله، فلقد انتشرت هذه الجراثيم والدوابّ، بعد ان طعمت من دماء ولحوم العراقيين، لتعيد انتشارها في كل بلدٍ ارسلها إلينا!.

            اما في الداخل، فقد واجهت العملية السياسية الجديدة ثلاث شرائح كادت ان تُفشل التجربة، وهي؛

            الشّريحة الاولى؛ سياسيون وزعماء سُنّة لم يصدّقوا او يستوعبوا فكرة انهم فقدوا السلطة في العراق الجديد.

            الشّريحة الثانية؛ سياسيون وزعماء شيعة يجهلون فَنِّ السلطة وإدارة الدولة بسبب إقصائهم عنها قروناً طويلة.

            الشّريحة الثالثة؛
            سياسيون وزعماء كرد طامِعون ومستعجِلون، يحاولون ابتزاز العملية السياسية بأي شكلٍ من الأشكال.


            ولقد تجمّعت اخطاء هذه الشرائح الثلاث لتضيّع الكثير من الوقت والجهد، ما سبّب كلّ هذه النتائج الكارثيّة التي يمر بها العراق اليوم بعد مرور (١٢) عاماً على إسقاط الصنم.

            ان التجربة بحاجةٍ الى اعادة نظر شجاعة من قبل كلّ العراقيين، خاصة السياسيين، فليس المشكلة في ان تخطأ وانما المشكلة كلّ المشكلة في ان تصرّ على الخطأ من دون ان تتوقف لتفكر به وتتعلم منه.

            لازال أمامنا هامشٌ من الوقت لإعادة تقييم التجربة بالكامل، ولعلّ في هذا فرقٌ كبيرٌ جداً بين العهدين، عهد الطاغية الذليل الذي ألغى اي هامش للإصلاح ولذلك كانت النتيجة تدمير كل شيء، اما اليوم فهوامش الإصلاح والتغيير وإعادة النظر قائمة في كلّ آن بشرط الإرادة
            .

            ٩ نيسان ٢٠١٥
            انتهى

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            x

            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

            صورة التسجيل تحديث الصورة

            اقرأ في منتديات يا حسين

            تقليص

            المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
            أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
            استجابة 1
            10 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة ibrahim aly awaly
            بواسطة ibrahim aly awaly
             
            أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
            ردود 2
            12 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة ibrahim aly awaly
            بواسطة ibrahim aly awaly
             
            يعمل...
            X