تويت
أخيراً وبعد طول إنتظار وصلت الاسلحة الفرنسية الممهورة بالنعم السعودية إلى الجيش اللبناني الذي سيخصّها لقتال التنظيمات الارهابية في الجرود. النعمة السعودية طمرت الجيش الذي كاد يغرق بها، وكاد أن يستدعي جميع القوات بما فيها الاحتياط للمساعدة بنقل العتاد الثقيل جداً. بعد أشهرٍ من المماطلة بين أخذٍ ورد، وتحضير قوائم وتجهيز أموال وتحضير سلاح، وصلت بالفعل المنظومات المتطورة إلى لبنان. إستشبر اللبنانيون خيراً كالعادة، فلقد أصبح بمتناول الجيش سلاحاً يرفع من قوته المعتمدة على عناصر مؤمنة بوطنها. تجمّع العسكريون مطعّمين بسياسين في باحة المطار منتظرين طائرة “سانتا كلوز” المحمّلة بالاماني. وزير الدفاع اللبناني سمير مقبل يقف إلى جانب نظيره الفرنسي جان ايف لو دوريان الذي حضر قبل يوم لاستقبال الجائزة. بينهما السفير السعودي على عوض العسيري المتسلّح بلباسه التقليدي وشماغ مصنوعٌ ببلاد العم سام يقف بينهما. على كلٍ حطّت الطائرة أرض المطار، تحضّر العسكريون للعمل الشاق، حسّن وزيرا الدفاع من وقفتهما والبسمة مرسومة على وجه وزير دفاعنا. توقفت الطائرة، فتحت أبوابها فظهرت الصناديق الخشبية التي تحمل معادلاتٍ ذهبية تغير وقائع الميدان فبدأ العمل على إفراغ حمولتها ضمن طوقٍ أمني، لتأمين عبورٍ آمن للسلاح العتيد. إنتهى التفريغ، وقف أمام الصناديق الكبيرة وزيرا دفاع لبنان وفرنسا خطيبان بطعم السعادة “وأخيراً أتت الاسلحة”، عبارات الشكر والامتنان اللبنانية للمملكة و “الأم الحنون” حاضرة، مطعمة بوعودٍ من الوزير الفرنسي، وتصريحات من السفير السعودي تظهر “نوايا المملكة الخيّرة نحو لبنان”. لم يكن خفياً عليهما الاعداد المقدمة، لكن ذلك كان خفياً على اللبنانيين الذين صدموا من الاعداد الكبيرة!، فبين بسمات الوزير مقبل ونظيره “دوريان” وفرك أيدي السفير “علي”، كان غضباً وحزناً يختلج صدور اللبنانيين، ليس بسبب وصول السلاح، أبداً، بل بسبب الارقام التي لا تسد جوعاً ولا تغني عن شراب!. بدأت الارقام عقب إنتهاء الحفل بالظهور إعلامياً، قدّمت فرنسا عبر الهبة السعودية 250 آلية قتالية، وآلية نقل، ومدافع من نوع “سيزار” و 7 مروحيات مع 3 زوارق حربية صغيرة إضافة إلى أجهزة مراقبة واتصال، سيتم تقديمها على مدى 48 شهراً أي أربعة سنوات!، على ثلاث مراحل كالتالي: - المرحلة الأولى: تسليم الآليات والمدافع وصواريخ مضادة للدبابات - المرحلة الثانية: تسليم معدات حربية يتم إنتاجها بشكل تدريجي - المرحلة الثالثة: تسليم مروحيات من طراز “كوغار” وإذا قسّمنا أعداد الاليات العسكرية على 48 شهراً، يظهر لدينا خمسة آليات ونصف تقدم كل شهر، إذا إعتبرنا ايضاً ان الهبة الكريمة ستطل برأسها شهرياً، مع طائرتان كل عام!. المفاجئة ليست فقط بهذه وبالسنوات الاربع، بل بصواريخ “ميلان” فرنسية الصنع، التي قدم منها بهذه المرحلة 48 صاروخاً، على ان تُقدّم البقية على مدى السنوات الاربعة. وإذا أجرينا ايضاً عملية حسابية بسيطة، نحصل في الـ 48 شهراً (اربع سنوات) على نحو 2304 صاروخاً تمتلك ميليشيات المعارضة في سوريا ضعفها مضاعفاً وموزعاً بين شتى الفصائل المسلحة!. الارقام وحدها كفيلة بالسخرية من “هبة مملكة الخير” والمقاول الفرنسي. المضحك المبكي في المسرحية التي جرت، تقديم 48 صاروخ “ميلان” للجيش، يمكن ان يصرفها في معركة واحدة إن إندلعت في الجرود، بينما في المقارنة، نالت ميليشيات المعارضة السورية من هذه الصواريخ، وبدعمٍ سعودي، الالاف التي دخلت عبر تركيا ووضعت بخدمتهم وإستخدمت في مناطق حلب وإدلب ودرعا لضرب آليات الجيش السوري!. الجدية السعودية – الفرنسية من تقوية الجيش اللبناني تظهر هنا، فالاكيد، ان الـ 48 صاروخاً لن يعزّزوا من قوة الجيش اللبناني في أي معركة قادمة في الجرود بالمدى المنظور، بوجه جماعاتٍ عسكرية تمتلك صواريخ “كورنيت” بأعداد كبيرة، كما انّ الطائرات السبع المقسمة على 4 سنوات لن تكفل عدم الاعتداء على الجيش حتى تلك الاعوام!. من سيضمن عدم وقوع معركة من الان حتى أربع سنوات، تاريخ الانتهاء من “الصفقة”..؟ العاقل يدرك، لو ان السعودية وفرنسا جادتان بدعم وتقوية الجيش اللبناني، لكانت فتحتا جسراً جوياً لامداد الجيش بكافة انواع الذخيرة والسلاح كما تفعل اليوم الولايات المتحدة للسعودية لدعمها بـ “عاصفة الحزم”، ولم تكن لتنتظر عاماً على هدنة معارك الجرود لتقدم فتات سلاح وتنتظر أربعة أخرى لتحويل الفتات إلى رغيفٍ كامل!. المهين في صفقة سلاح وصفت على انها “تسليح من أجل حرب مفتوحة في بلدٍ مهدد”، المهين ان يُسلّم إلى لبنان 48 صاروخاً فقط!.