بسم الله الرحمن الرحيم ....
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
اللهم صل على محمد وآل محمد .....
عن الإمام الصادق عليه السلام:
"في التوراة مكتوب: يا ابن ادم تفرغ لعبادتي املأ قلبك غنى، ولا أكلك إلى طلبك، وعليّ أن أسد فاقتك وأملأ قلبك خوفاً مني. وإن لا تفرّغ لعبادتي أملأ قلبك شغلاً بالدنيا ثم لا أسد فاقتك وأكِلُك إلى طلبك"1.
v أسرار العبادة وتجسم الأعمال:
إن فهم القلب لأهمية العبادات لا يتيسر إلا عند استيعاب أسرارها وحقائقها، ومن الواضح أنه غير ميسر بالنسبة لنا، ولكن لنذكر منها بالمقدار الذي يتناسب مع فهمنا:
إن لكل من الأعمال الحسنة والأفعال العبادية صورة ملكوتية باطنية، وأثر في قلب العابد، والصورة الباطنية هي التي تعمّر عالم البرزخ والجنة الجسمانية، فأرض الجنة خالية من كل شيء كما ورد في الحديث، والأذكار والأعمال هي مواد إنشاء وبناء لها. وهناك الكثير من الآيات القرآنية تدل على تجسم الأعمال، كقوله تعالى:
﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾2.
وقوله تعالى:
﴿وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً﴾3.
والأخبار الدالة على تجسم الأعمال وتلبسها بصور غيبية، متعددة، نذكر منها:
عن الإمام الصادق عليه السلام:
"من صلى المفروضات في أول وقتها وأقام حدودها، رفعها الملك إلى السماء بيضاء نقية تقول: حفظك الله كما حفظتني استودَعَني ملك كريم. ومن صلاها بعد وقتها من غير علة ولم يقم حدودها، رفعها الملك سوداء مظلمة وهي تهتف به ضيعتني ضيعك الله كما ضيعتني ولا رعاك الله كما لم ترعني"4.
بل إن الأخبار تدل على أن ذلك العالم كله حياة وعلم:
"وإن الآخرة لهي الحيوان"5.
وفي رواية عن الإمام الصادق عليه السلام:
"إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدم أمامه، كلما يرى المؤمن هولاً من أهوال يوم القيامة قال له المثال: لا تفزع ولا تحزن وأبشر بالسرور والكرامة من الله عز وجل، حتى يقف بين يدي الله عز وجل فيحاسبه حساباً يسيراً ويأمر به إلى الجنة والمثال أمامه، فيقول له المؤمن: يرحمك الله نِعم الخارج، خرجت معي من قبري وما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من الله حتى رأيت ذلك، فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا السرور الذي كنت أدخلته على أخيك المؤمن في الدنيا، خلقني الله عز وجل منه لأبشرك"6.
فلكل عمل مقبول لدى ساحة قدس الحق المتعالي صورة بهية حسنة تتناسب معه من الحور أو القصور أو الجنان العالية أو الأنهار الجارية.
العبادة وحضور القلب:
إن حضور القلب من الأمور المهمة في باب العبادات، فهو روح العبادة، والعبادة من دون حضور القلب غير مجدية، ولا تقع مقبولة في ساحة الحق المتعالي كما ورد في الروايات الشريفة، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام:
"إنما لك من صلاتك ما أقبلت عليه منها، فإن أوهمها كلها أو غفل عن آدابها لُفت فضُرِب بها وجه صاحبها"7.
وفي رواية عن الثمالي قال:
"رأيت علي بن الحسين عليهما السلام يصلي، فسقط رداؤه عن منكبه فلم يسوّه حتى فرغ من صلاته، قال: فسألته عن ذلك، فقال: ويحك أتدري بين يدي من كنت؟ إن العبد لا تقبل منه صلاة إلا ما أقبل عليه منها، فقلت: جعلت فداك هلكنا، قال: كلا، إن الله متمم ذلك للمؤمنين بالنوافل"8.
وما يبعث على حضور القلب أمران:
الأول - إفهام القلب أهمية العبادة:
فإن الإنسان إذا اقتنع أن العبادة أكثر أهمية من الأمور الأخرى، بل لا مجال للمقارنة بين العبادة والأمور الأخرى لالتفت إليها أكثر وخصص لها وقتاً وحافظ على أوقاتها. فالذي لا يعرف أهمية الصلاة ويراها أمراً زائداً، سيؤجل صلاته إلى آخر الوقت، ويأتي بها بكل فتور ونقص، وسيكون دائماً أن هناك أموراً أهم من الصلاة ستأخذ وقته وما شرحناه في تجسد الأعمال يبين أهمية العبادة إجمالاً.
الثاني - تفريغ الوقت والقلب للعبادة:
- تفريغ الوقت: لا بد للإنسان المتعبد أن يوظف وقتاً للعبادة، وأن يحافظ على أوقات الصلاة التي هي أهم العبادات، وأن يؤديها في وقت الفضيلة، ولا يشغل
نفسه في تلك الأوقات بعمل آخر، فكما يخصص وقتاً لكسب المال والجاه والعلم، فكذلك عليه أن يخصص وقتاً للعبادة.
ولو أحس بالثقل من أداء الصلاة، ورأى أنها أمر زائد، فمن الطبيعي أنه سيؤخر صلاته إلى آخر الوقت، ويأتي بها بكل فتور ونقص. إن هناك أموراً أخرى أهم منها في نظره، والصلاة تتزاحم مع هذه الأمور الهامة، فيفضلها ويقدمها على الصلاة. فهو في الحقيقة مستخف بالصلاة متهاون بها، وقد ورد في الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام:
"لا تتهاون بصلاتك فإن النبي صلى الله عليه وآله قال عند موته: ليس مني من استخف بصلاته، ليس مني من شرب مسكراً، لا يرد علي الحوض لا والله"9.
وفي رواية أخرى عن الإمام الكاظم عليه السلام:
"لما حضرت أبي الوفاة قال لي: يا بني لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة"10.
الله وحده يعلم حجم المصيبة العظمى الناشئة عن الانقطاع عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، والخروج من ظل رعايته، والله يعلم مستوى الخذلان عندما يمنى الإنسان بالحرمان من شفاعة رسول الله وأهل بيته العظام! لا تظن أن أحداً يرى رحمة الحق سبحانه ووجه الجنة، من دون شفاعة رسول الله صلى الله عليه وآله ورعايته!.
تفريغ القلب: والأهم من تفريغ الوقت، تفريغ القلب، فعلى الإنسان لدى اشتغاله بالعبادة أن يجرد نفسه من هموم الدنيا ومشاغلها، ويبعد قلبه عن الأوهام المتشتتة والأمور المختلفة، ويفرغ فؤاده نهائياً، ويخلّصه بشكل كامل للتوجه للعبادة والمناجاة مع الحق المتعالي.
شقاؤنا أننا نترك كل أفكارنا وأوهامنا المختلفة إلى وقت العبادة، فإذا كبرنا تكبيرة الإحرام فكأننا فتحنا دفتر حساباتنا الدنيوية ومشاغلنا اليومية لنصرف
قلوبنا إلى كل تلك الأمور غافلين عن العبادة، ولا نلتفت إلا وقد انتهينا من الصلاة!
فلنجعل على الأقل مناجاتنا مع الحق سبحانه بمثابة التحدث مع إنسان بسيط من هؤلاء الناس، فكيف أنك إذا تكلمت مع صديق، أو حتى مع شخص غريب، توجهت إليه بكل وجودك وانصرف قلبك عن غيره أثناء التكلم معه، فلماذا إذا تكلمت وناجيت ولي النعم ورب العالمين، غفلت عنه إلى غيره، هل أن العباد يقدرون أكثر من الذات المقدس الحق؟ أم أن التكلم مع العباد أهم من المناجاة مع قاضي الحاجات؟
اشتهر عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أن سهماً أصاب قدمه المبارك، فلم يستطع أن يتحمل ألم انتزاعه من رجله، فقام وصلى وفي أثناء اشتغاله بالصلاة، انتزع السهم ولم ينتبه أصلاً!
إن عدم إدراك الألم حين التوجه إلى شيء ليس من الأمور الغريبة، فإن له أمثلة كثيرة في الأمور العادية من حياة الناس. إن الإنسان عند هيجان الغضب أو المحبة يغفل عن كل شيء.
يجب على الإنسان أن يلجم خياله ويسيطر عليه بشكل تدريجي، فيراقب نفسه، ويمنع خياله من الإفلات، وبعد فترة سيدجن الخيال ويهدأ وتزول عنه حالة التشتت.
عن الإمام الصادق عليه السلام:
"لأُحب للرجل المؤمن منكم إذا قام في صلاة فريضة أن يُقبِل بقلبه إلى الله ولا يشغل قلبه بأمر الدنيا، فليس من عبد يقبل بقلبه في صلاته إلى الله تعالى إلا أقبل الله إليه بوجهه وأقبل بقلوب المؤمنين إليه بالمحبة بعد حب الله إياه"11.
1- أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب العبادة، حديث 1.
2- الزلزلة:87.
3- الكهف:49.
4- وسائل الشيعة، المجلد الثالث، الباب الثالث من أبواب المواقيت، حديث 17.
5- العنكبوت:64.
6- أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب إدخال السرور على المؤمنين، الحديث 8.
7- فروع الكافي، المجلد الثالث، ص363.
8- وسائل الشيعة، المجلد الرابع، الباب الثالث من أبواب أفعال الصلاة، الحديث 6.
9- فروع الكافي، المجلد الثالث، ص269.
10- المصدر نفسه، ص270.
11- وسائل الشيعة، المجلد الرابع، الباب الثاني من أبواب أفعال الصلاة، حديث 6.
العلوية خادمة الزهراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
اللهم صل على محمد وآل محمد .....
عن الإمام الصادق عليه السلام:
"في التوراة مكتوب: يا ابن ادم تفرغ لعبادتي املأ قلبك غنى، ولا أكلك إلى طلبك، وعليّ أن أسد فاقتك وأملأ قلبك خوفاً مني. وإن لا تفرّغ لعبادتي أملأ قلبك شغلاً بالدنيا ثم لا أسد فاقتك وأكِلُك إلى طلبك"1.
v أسرار العبادة وتجسم الأعمال:
إن فهم القلب لأهمية العبادات لا يتيسر إلا عند استيعاب أسرارها وحقائقها، ومن الواضح أنه غير ميسر بالنسبة لنا، ولكن لنذكر منها بالمقدار الذي يتناسب مع فهمنا:
إن لكل من الأعمال الحسنة والأفعال العبادية صورة ملكوتية باطنية، وأثر في قلب العابد، والصورة الباطنية هي التي تعمّر عالم البرزخ والجنة الجسمانية، فأرض الجنة خالية من كل شيء كما ورد في الحديث، والأذكار والأعمال هي مواد إنشاء وبناء لها. وهناك الكثير من الآيات القرآنية تدل على تجسم الأعمال، كقوله تعالى:
﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾2.
وقوله تعالى:
﴿وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً﴾3.
والأخبار الدالة على تجسم الأعمال وتلبسها بصور غيبية، متعددة، نذكر منها:
عن الإمام الصادق عليه السلام:
"من صلى المفروضات في أول وقتها وأقام حدودها، رفعها الملك إلى السماء بيضاء نقية تقول: حفظك الله كما حفظتني استودَعَني ملك كريم. ومن صلاها بعد وقتها من غير علة ولم يقم حدودها، رفعها الملك سوداء مظلمة وهي تهتف به ضيعتني ضيعك الله كما ضيعتني ولا رعاك الله كما لم ترعني"4.
بل إن الأخبار تدل على أن ذلك العالم كله حياة وعلم:
"وإن الآخرة لهي الحيوان"5.
وفي رواية عن الإمام الصادق عليه السلام:
"إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدم أمامه، كلما يرى المؤمن هولاً من أهوال يوم القيامة قال له المثال: لا تفزع ولا تحزن وأبشر بالسرور والكرامة من الله عز وجل، حتى يقف بين يدي الله عز وجل فيحاسبه حساباً يسيراً ويأمر به إلى الجنة والمثال أمامه، فيقول له المؤمن: يرحمك الله نِعم الخارج، خرجت معي من قبري وما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من الله حتى رأيت ذلك، فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا السرور الذي كنت أدخلته على أخيك المؤمن في الدنيا، خلقني الله عز وجل منه لأبشرك"6.
فلكل عمل مقبول لدى ساحة قدس الحق المتعالي صورة بهية حسنة تتناسب معه من الحور أو القصور أو الجنان العالية أو الأنهار الجارية.
العبادة وحضور القلب:
إن حضور القلب من الأمور المهمة في باب العبادات، فهو روح العبادة، والعبادة من دون حضور القلب غير مجدية، ولا تقع مقبولة في ساحة الحق المتعالي كما ورد في الروايات الشريفة، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام:
"إنما لك من صلاتك ما أقبلت عليه منها، فإن أوهمها كلها أو غفل عن آدابها لُفت فضُرِب بها وجه صاحبها"7.
وفي رواية عن الثمالي قال:
"رأيت علي بن الحسين عليهما السلام يصلي، فسقط رداؤه عن منكبه فلم يسوّه حتى فرغ من صلاته، قال: فسألته عن ذلك، فقال: ويحك أتدري بين يدي من كنت؟ إن العبد لا تقبل منه صلاة إلا ما أقبل عليه منها، فقلت: جعلت فداك هلكنا، قال: كلا، إن الله متمم ذلك للمؤمنين بالنوافل"8.
وما يبعث على حضور القلب أمران:
الأول - إفهام القلب أهمية العبادة:
فإن الإنسان إذا اقتنع أن العبادة أكثر أهمية من الأمور الأخرى، بل لا مجال للمقارنة بين العبادة والأمور الأخرى لالتفت إليها أكثر وخصص لها وقتاً وحافظ على أوقاتها. فالذي لا يعرف أهمية الصلاة ويراها أمراً زائداً، سيؤجل صلاته إلى آخر الوقت، ويأتي بها بكل فتور ونقص، وسيكون دائماً أن هناك أموراً أهم من الصلاة ستأخذ وقته وما شرحناه في تجسد الأعمال يبين أهمية العبادة إجمالاً.
الثاني - تفريغ الوقت والقلب للعبادة:
- تفريغ الوقت: لا بد للإنسان المتعبد أن يوظف وقتاً للعبادة، وأن يحافظ على أوقات الصلاة التي هي أهم العبادات، وأن يؤديها في وقت الفضيلة، ولا يشغل
نفسه في تلك الأوقات بعمل آخر، فكما يخصص وقتاً لكسب المال والجاه والعلم، فكذلك عليه أن يخصص وقتاً للعبادة.
ولو أحس بالثقل من أداء الصلاة، ورأى أنها أمر زائد، فمن الطبيعي أنه سيؤخر صلاته إلى آخر الوقت، ويأتي بها بكل فتور ونقص. إن هناك أموراً أخرى أهم منها في نظره، والصلاة تتزاحم مع هذه الأمور الهامة، فيفضلها ويقدمها على الصلاة. فهو في الحقيقة مستخف بالصلاة متهاون بها، وقد ورد في الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام:
"لا تتهاون بصلاتك فإن النبي صلى الله عليه وآله قال عند موته: ليس مني من استخف بصلاته، ليس مني من شرب مسكراً، لا يرد علي الحوض لا والله"9.
وفي رواية أخرى عن الإمام الكاظم عليه السلام:
"لما حضرت أبي الوفاة قال لي: يا بني لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة"10.
الله وحده يعلم حجم المصيبة العظمى الناشئة عن الانقطاع عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، والخروج من ظل رعايته، والله يعلم مستوى الخذلان عندما يمنى الإنسان بالحرمان من شفاعة رسول الله وأهل بيته العظام! لا تظن أن أحداً يرى رحمة الحق سبحانه ووجه الجنة، من دون شفاعة رسول الله صلى الله عليه وآله ورعايته!.
تفريغ القلب: والأهم من تفريغ الوقت، تفريغ القلب، فعلى الإنسان لدى اشتغاله بالعبادة أن يجرد نفسه من هموم الدنيا ومشاغلها، ويبعد قلبه عن الأوهام المتشتتة والأمور المختلفة، ويفرغ فؤاده نهائياً، ويخلّصه بشكل كامل للتوجه للعبادة والمناجاة مع الحق المتعالي.
شقاؤنا أننا نترك كل أفكارنا وأوهامنا المختلفة إلى وقت العبادة، فإذا كبرنا تكبيرة الإحرام فكأننا فتحنا دفتر حساباتنا الدنيوية ومشاغلنا اليومية لنصرف
قلوبنا إلى كل تلك الأمور غافلين عن العبادة، ولا نلتفت إلا وقد انتهينا من الصلاة!
فلنجعل على الأقل مناجاتنا مع الحق سبحانه بمثابة التحدث مع إنسان بسيط من هؤلاء الناس، فكيف أنك إذا تكلمت مع صديق، أو حتى مع شخص غريب، توجهت إليه بكل وجودك وانصرف قلبك عن غيره أثناء التكلم معه، فلماذا إذا تكلمت وناجيت ولي النعم ورب العالمين، غفلت عنه إلى غيره، هل أن العباد يقدرون أكثر من الذات المقدس الحق؟ أم أن التكلم مع العباد أهم من المناجاة مع قاضي الحاجات؟
اشتهر عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أن سهماً أصاب قدمه المبارك، فلم يستطع أن يتحمل ألم انتزاعه من رجله، فقام وصلى وفي أثناء اشتغاله بالصلاة، انتزع السهم ولم ينتبه أصلاً!
إن عدم إدراك الألم حين التوجه إلى شيء ليس من الأمور الغريبة، فإن له أمثلة كثيرة في الأمور العادية من حياة الناس. إن الإنسان عند هيجان الغضب أو المحبة يغفل عن كل شيء.
يجب على الإنسان أن يلجم خياله ويسيطر عليه بشكل تدريجي، فيراقب نفسه، ويمنع خياله من الإفلات، وبعد فترة سيدجن الخيال ويهدأ وتزول عنه حالة التشتت.
عن الإمام الصادق عليه السلام:
"لأُحب للرجل المؤمن منكم إذا قام في صلاة فريضة أن يُقبِل بقلبه إلى الله ولا يشغل قلبه بأمر الدنيا، فليس من عبد يقبل بقلبه في صلاته إلى الله تعالى إلا أقبل الله إليه بوجهه وأقبل بقلوب المؤمنين إليه بالمحبة بعد حب الله إياه"11.
1- أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب العبادة، حديث 1.
2- الزلزلة:87.
3- الكهف:49.
4- وسائل الشيعة، المجلد الثالث، الباب الثالث من أبواب المواقيت، حديث 17.
5- العنكبوت:64.
6- أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب إدخال السرور على المؤمنين، الحديث 8.
7- فروع الكافي، المجلد الثالث، ص363.
8- وسائل الشيعة، المجلد الرابع، الباب الثالث من أبواب أفعال الصلاة، الحديث 6.
9- فروع الكافي، المجلد الثالث، ص269.
10- المصدر نفسه، ص270.
11- وسائل الشيعة، المجلد الرابع، الباب الثاني من أبواب أفعال الصلاة، حديث 6.





