إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

قبسات الهدى.. وقفات مع فكر الدكتور شريعتي..

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قبسات الهدى.. وقفات مع فكر الدكتور شريعتي..

    قبسات الهدى (1).. وقفات مع فكر الدكتور شريعتي..

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة على أعدائهم إلى يوم الدين..

    عديدة هي الظواهر التي أثارت لغطاً في الأوساط الشيعية قديماً وحديثاً، ومتنوعة هي بين أشخاص وأفكار وتيارات وغيرها..
    وأحد نماذجها هو الأستاذ الجامعي الإيراني الدكتور علي شريعتي(المتوفى سنة 1977م)، الذي تقلبت رؤاه في أقدس المعتقدات بين طرفي نقيض..

    فيوماً وصل به الحال إلى الشك المطلق حتى في أهم المسائل الاعتقادية عند كل الأديان ألا وهي مسألة التوحيد فقال محدِّثاً عن نفسه: تعرضت لحملة أفكار خطيرة مسمومة... ألفيت نفسي داخلاً في معترك فكري فلسفي حول وجود الله أو عدم وجوده... رأيتني أمام واقع مرعب يهدد كياني من الأساس ... واستولى علي اليأس والقنوط! (معرفة الإسلام ص144-146) ويوماً آخر طرح نفسه مُنَظِّراً لمذهب الحق ومُجلِياً لحقائقه ومُخلصاً من الخرافات والأساطير !

    وهو الذي قرأ محمداً وعلياً بإنسانيته قراءة عميقة وجاهر بعصمتهم ولزوم اتباعهم والأخذ عنهم في كل مجالات الحياة لأنهم أفضل من يمكن الاقتداء به، فقال فيما قال عن عليّ عليه السلام: أنه أعظم شخصية إنسانية على الإطلاق عدا رسول الله (الإمام علي في محنه الثلاث ص40) ويقول عنه: إنه عليّ، نموذج النماذج، ورب النوع لجميع الأنواع، إله جميع الآلهة، إله العظمة، إله القداسة، إله الجمال، إنه الحلم الطموح الذي كان يراود البشرية دائماً وأبداً... علي شخصية جمعت صفات كل هذه الآلهة التي كان الإنسان يتمناها ويحلم بها (المصدر ص90) بل قال عنه: هذا هو معنى قول الإمام (أنا القرآن الناطق)... أنا (إمام).. نموذج مثالي أعلى، والنموذج لا يزلّ.. لا يشطّ.. لا يضعف في حياته أبداً.. لا يعتري فضائله ولا عواطفه ولا أفكاره وأعماله أبسط صور النقص والتلوث.. حياته صافية..(المصدر ص100)
    ثم ما لبث في مقابل ذلك أن وصف النبي (ص) باضطراب الروح واليأس وتمني الموت وكثرة الأخطاء والجهل!! (معرفة الإسلام ص261 و266 و268 و275 و378 و379 وغيرها) وعلياً بالتردد في قبول الإسلام ! (المصدر ص280)

    وهو الذي إذا قال عن أبي طالب يوماً أنه مؤمن: فهل (الدين) شيء غير الذي أظهره أبو طالب في هذه السنوات العشر وعمل به وقاله ؟ الإسلام هو العمل.. (فاطمة هي فاطمة هامش ص149) قال في يوم آخر أنه من عبدة الأوثان: محمد ينمو في أحضان عبدة الأوثان، المؤرخون المسلمون يحاولون جاهدين تبرئة ساحة عبد المطلب وأبي طالب من الشرك، وهذا ميل طبيعي وعام لدى الإنسان (معرفة الإسلام ص248)

    فلا يعجب القارئ بعد هذا إن رآه يثني على من تسنم الخلافة بعد النبي (ص) فيقول أن صيت الإسلام قد ذاع بإيمان أبي بكر ومن معه، وانتقلت الدعوة من السر إلى العلن من بعد دخول عمر في الإسلام (معرفة الإسلام ص289) ويقول: أبو بكر ذو الإحساس الرقيق، كان وجوده طافحاً بحبّ محمد فضلاً عن الإيمان به(ص352)، بل يعتبر أن لإسلام عمر أثراً في تغيير المعادلة لمصلحة المسلمين (ص299) ليضمّ الأول والثاني مع غيرهم من الصحابة بقوله: لا ريب أن لهؤلاء الأفذاذ دَيناً ليس في أعناق المسلمين فحسب بل في عنق التمدن البشري على الأصعدة كافة (معرفة الإسلام ص299) ويصف الناس في زمنهم بأنهم: مسلمون ملتزمون اجتماعياً بشدة وحرص (النباهة والاستحمار ص103) ثم يزعم كما زعم بعض المخالفين انطباق كلام أمير المؤمنين عليه السلام في النهج على عمر بن الخطاب فيقول عنه عليه السلام: انه لم يتنكر للخدمات التي قدمها عمر للدولة الاسلامية لانه لا يريد أن يغمط حق الرجل على خلفية أخذ الخلافة منه بغير حق، وها هو يشيد بتلك الخدمات في كتاب (نهج البلاغة)... فيقول: لله بلاد فلان فقد قوّم الأود وداوى العمد وأقام السنة وخلف الفتنة وذهب نقي الثوب قليل العيب، أصاب خيرها وسبق شرّها، أدى إلى الله طاعته واتقاه بحقّه...(التشيع العلوي والتشيع الصفوي ص116)
    ثم بعد ذلك يعود ويصف نفس الأشخاص بأنهم أعداء فاطمة (فاطمة هي فاطمة ص216) وأن الحرب بينهم وبينها سلام الله عليها هي: حرب الرجعية والثورية، العبودية والحرية، الأسر والخلاص، الذلة والسيادة والدناءة والطهارة، وأخيراً حرب أعداء الإنسانية وحماة الجهل والظلام ضد الوجوه الإنسانية ومبشري الوعي واليقظة.(المصدر ص218) ويصف دينهم بأنه: دين الشرك الذي يتستّر بلباس التقوى والتوحيد (دين ضد دين ص73) ويتحدث عن فعالهم بقوله: عندما يرتدي الجور لباس التقوى تقع أكبر كارثة في التاريخ. الكارثة التي راح ضحيتها علي وفاطمة ثم أبناؤهم وأخلافهم! (فاطمة هي فاطمة ص222) ويعبر عن المصلحة التي برروا بها تصرفاتهم بأنها : المصلحة التي ذبح بها الدهاة الحقيقة دائماً ذبحاً شرعياً مستقبلين القبلة وباسم الله! (المصدر ص221)

    ولا تنتهي القائمة هنا.. فتراه يقول عن عائشة: عائشة الفتاة البكر الوحيدة التي وطأت بيت محمد، وهي المرأة الوحيدة التي كان لجمالها وطراوتها تأثير في قلب محمد ! (معرفة الإسلام ص353) ويقول عنها: أول زهرة تورق وأولى الثمار التي تنضج في البستان تهدى لزارعه !(ص352) بل قال عنها: عائشة مثال للمحب المؤمن(المصدر ص381)..
    كل هذا بعدما كان قد أقرّ بحسدها لفاطمة وعلي عليهما السلام !! (المصدر ص320)

    وتراه يحذّر من الأقلام المأجورة التي كتبت التاريخ من علماء البلاط ويقر بالتحريف والتزوير الهائل في التاريخ، ويقول: أعرف جيداً كم وكيف تلاعب سلاطين هذين (البيتين) بمجريات التاريخ (معرفة الإسلام ص233)..
    ثم في الوقت نفسه يقرأ شطراً كبيراً جداً من التاريخ بلسان الطبري وأضرابه من أجراء السلطة (كما ذكر بنفسه في المصدر المذكور) ويتعامل معه تعامل المسلمات! ولم يوفق لما ذكره عن نفسه بقوله: تحررت - قدر المستطاع - ... من التعصب الطائفي والميول المذهبية، وأخيراً من الدسائس السياسية الأموية والعباسية (المصدر).. فإن كان قد تحرر من كل هذه الأمور فمن أين جاءت كل تلك الأقوال السابقة ؟! هذا فضلاً عما قد يلحظه القارئ من ندرة الاستشهاد بروايات العترة الطاهرة رغم أنه يرى الحق فيهم لا في عدوّهم !

    وخارج هذا المضمار.. تراه تارة يذم قومه فيصف (عامة شعبنا) بالاستحمار (النباهة والإستحمار ص123) وتارة أخرى يمدحهم ويذم العلماء منهم فقط فيقول: لم تقصر أمتنا في عطائها.. ولكن علماءنا الذين يحملون على عاتقهم مسؤولية تعريف الإمام علي هم المقصرون (علي في محنه الثلاث ص179)

    وهذا غيض من فيض كانت كلماته فيها قمّة في الاضطراب! بل التناقض الرهيب ! وكأنه كان لا يزال يعيش صراعاً فكرياً في كل يوم كما عاش صراعاً توحيدياً !! وكأن الآراء كانت تتقاذفه يميناً وشمالاً فلا تكاد تحط به على نبعٍ صافٍ من ينابيع آل محمد حتى تعود وتقذف به على نبع أعدائهم !!

    وكما كانت مواقفه كانت ردات الفعل والمواقف من طروحاته على طرفي نقيض..
    فمن جهة صدرت فتاوى الضلال بحقه أو فتاوى بحرمة بيع كتبه والترويج لها من أكابر علماء المذهب وأساطينه (كالسيد الخوئي والمرعشي والميلاني والروحاني والقمي وغيرهم)، باعتبار أنها تتضمن ما قد يوجب الضلال عند من لا يتمكن من تمييز الحق من الباطل فيها.. فما أنكر هؤلاء كلمات الحق في كتبه إنما كانت مآخذهم عليها (الخلط الرهيب) بينها وبين الباطل !

    في حين عدّته جماعة من الثوريين رمزاً من رموز النضال والتحرر! وواحداً من قادة الفكر الإسلامي ! وعملت على الترويج له قدر استطاعتها بعدما جعلته محوراً بل مصدراً للكثير من الحركات الإسلامية..

    ولعلّ أكثر الاخوة المندفعين والمدافعين والمتبنين لفكر الدكتور شريعتي ما قرؤوا من أقواله إلا الشيء اليسير! ومن الراجح عندنا أن جملة من آرائه الدينية لن تجد من يدافع عنها حتى بين أشدّ المعجبين به والمدافعين عن شخصه ! ذلك أنه قد تجاوز فيها مسلّمات المذهب الإمامي بحسب المعتقد الشيعي، وما كان يرى في ذلك غضاضة بل كان يحسب أنه يحسن صنعاً، وقد صرح بأنه يخالف أكثر الآراء المعروفة مخالفة تامة.. حيث قال: أغلب المواضيع المطروحة على الساحة الشيعية اليوم تجمعها قواسم مشتركة بالنسبة للمواضيع التي نطرحها هنا، حيث إن ما نطرحه -غالباً- يخالف الشائع الذي تعارف عليه الرأي العام في المجال الشيعي، يخالفه مخالفة تامة ويعاكسه في الاتجاه معاكسة كاملة (الإمام علي في محنه الثلاث ص244)
    والغريب في الأمر أنه مع ذلك يقول: إن من ينكر عقيدة من عقائد الشيعة يكون سنياً وكفى ! (المصدر ص245).. ثم ما يلبث مجدداً أن يكرر تمسكه بمعتقده الشيعي وتكراره لاعتقاداته كما في كتابه (دين ضد دين) ص178.

    ثم إنه ما اكتفى بهذه المخالفة، بل تحامل على التشيع (الشائع) بأن أرجعه إلى ما أسماه (التشيع الصفوي) الذي أسسه (أبو سفيان) كما يذهب !
    ليخلص بعد ذلك إلى اتباع كثير من الشيعة حتى في زمانه لهذا النهج المنحرف ! ويعتبر نفسه مصلحاً ومصححاً لمثل هذه الانحرافات ! ويعتبر أن التشيع قد انقلب وصار تشيعاً آخر حيث يقول: التشيع تغير على هذه الشاكلة، فكل (يجب) فيه صارت (لا يجب)، وكل (لا يجب) صارت (يجب). (الإمام علي في محنه الثلاث ص246)

    ولعلّ من كان مؤيداً أو مدافعاً إنما كان في مقام الدفاع عن (شيءٍ) من (أسلوب) الرجل لا عن (فكره)، أو عن (بعض) أفكاره التي ترتبط (بعلم الاجتماع) لا (بالعلوم الدينية) التي أقر الدكتور شريعتي أنه ينبغي الرجوع فيها إلى أهل الاختصاص..

    ولما كان بنفسه قد اشتكى من أحكام أطلقت عليه دون قراءة كتبه كما قال! وكان يعتبر الحوار العلمي والحرية الفكرية أحد أهم سمات التشيع وخصائصه..
    آثرنا أن نطرح هذا الموضوع في (سلسلة قبسات) متتالية تتعرض لجملة من أقواله وآرائه (الدينية على وجه الخصوص) والتي طرحت في جملة من كتبه المترجمة للغة العربية، فنعرض (بعض) هذه الأقوال.. ونناقشها نقاشاً علمياً هادئاً، مختصراً حيناً ومفصلاً حيناً آخر.. رغم أنه استنكر على من طالبه بانتهاج الطرق العلمية الهادئة! (راجع دين ضد دين ص190)
    ونكتفي بذلك دون أن نغوص في النوايا والخلفيات ! ودون إصدار أحكام مسبقة.. لنسير والقارئ خطوة خطوة إلى حين انتهاء هذه المناقشات.. فيكون على بيّنة من هذه الآراء مطلعاً على (بعض) المناقشات التي ترد عليها.. فتتضح النتيجة عنده تلقائياً ولو في الجملة.. وههنا يمكن للقارئ العزيز أن يستعين بالقاعدة العلوية الشهيرة: اعرف الحق تعرف أهله..

    على أننا قد اقتصرنا في ما اخترنا مناقشته على جملة من المسائل الهامة، ولم نركز على الأخطاء المنهجية إلا على سبيل الإشارة ولفت النظر.. وأكثر هذه (الهفوات) قد التزم بها المخالفون في المذهب أو المستشرقون الذين جهلوا أو تجاهلوا حقيقة الاعتقاد الحق.
    ولا يفوتنا أن نسجل -للإنصاف- أن بعض الأمور التي نسبت إليه لم تكن نسبتها في محلها وكان (بريئاً) من (بعضها) غير (متبرئ) من البعض الآخر متمسك به دائماً.. وقد نعرض لذلك لاحقاً..
    وقد اعتمدنا (عند ذكر المصادر) على سلسلة كتبه التي طبعتها (دار الأمير) في بيروت لمن أراد العودة للتحقق من المصادر، لئلا يقول قائل كما قال الدكتور شريعتي في من ناقشه أنهم يعتمدون على مصدر مشكوك ومجهول وموهوم اسمه (قالوا) او اخبار وكالة (قالوا) (راجع دين ضد دين ص174-175)

    ورغم أن الدكتور شريعتي قد بالغ في الطعن في من خالفه الرؤى وهم أغلب علماء الشيعة وجمهور المؤمنين، ووصفهم أو بعضهم تارة بالتخلف وأخرى بالرجعية وثالثة بالجهل ورابعة بالبلاهة وخامسة بالتحجر وسادسة بالانغلاق وليس أخيراً بالاستحمار! فإننا تجنبنا أسلوب السخرية والتهكم الذي أكثَرَ منه بشكل واضح واكتفينا بعرض الحقائق كما هي.. وستأتيك سلسلة (القبسات) فيما يأتي إن شاء الله.

    والحمد لله رب العالمين
    شعيب العاملي

  • #2
    قبسات الهدى (2): التشيع الصفوي في أوهام شريعتي !

    قبسات الهدى (2): التشيع الصفوي في أوهام شريعتي !

    بسم الله الرحمن الرحيم
    لقد أكثر الدكتور شريعتي من استعمال مصطلح (التشيع الصفوي) بل أفرد لهذا الموضوع كتاباً خاصاً قارن فيه بينه وبين ما أسماه (التشيع العلوي).. وقصد بالصفوي التشيع أيام الحكم الصفوي فذمه وعدّه انحرافاً عن تشيع أمير المؤمنين العلوي بل تحريفاً له.
    ولئن كانت بعض المفردات التاريخية التي ذكرها تتمتع بقدر من الصحة في بعض الأحيان من جهة تأثر الشعب الإيراني بموروثات وأساطير عرقية أو قومية، أو حتى دينية مخالفة لمذهب الحق، كَمَيل شريحة منهم للتصوف أو الغلو أو غير ذلك.. إلا أن شريعتي وسع الدائرة كثيراً وعد أغلب مفردات التشيع التي كانت منتشرة في ذلك الزمن دخيلة على التشيع مناقضة لمبناه.

    ولا يهمنا هنا الموقف من الحكم الصفوي، بقدر ما تهمنا الآراء الدينية التي ادّعى الدكتور شريعتي براءة التشيع العلوي منها.. ذلك أنه لم يقصر دعواه على من عاش في ذلك الزمن، بل عدّه أحد أبرز المصاديق لهذا التشيع المشوه، و(نموذجاً بارزاً) عن تشيع منحرف تعود جذوره إلى مؤسس عاش في زمن علي عليه السلام هو (أبو سفيان)! وأن هذا التشيع يستمد سماته وجذوره من منطقه !! (التشيع العلوي والتشيع الصفوي ص116)..
    وأن عناصر هذا التشيع كانت موجودة قبل زمان الصفوية، ليخلص إلى أن هذه العناصر: قد تسلّلت بشكل لا شعوري حتى إلى الكتب القديمة المعتبرة حالها حال الكثير من العناصر الدخيلة التي تسلّلت إلى هذه الكتب سواء من الديانات القديمة أو من الحضارات المعاصرة أو حتى من عقائد الجاهلية الأولى (المصدر السابق ص240)..

    وعلى سبيل المثال يصبح الكليني مثلاً ممن يروي مثل هذه العناصر في كتاب الكافي ! يشير لذلك في الصفحة 137 و192 وغيرهما من الكتاب المذكور..
    ويصبح أكثر علمائنا اليوم ممن ينتهج هذا المنهج أيضاً مشاركون في إفراغ التشيع من مضمونه بحسب الدكتور شريعتي!
    وهو بهذه الخطوة يسقط الشريحة الكبرى من علمائنا قديماً وحديثاً بهذا العذر.. ويقول حتى عن العصر المتأخر وهو عصره: فربما ما زالت ثمة مصالح خاصة تقتضي أن يبقى التشيّع الصفوي هو الحاكم على ضمير الأمة وعقلها الجمعي..(الكتاب المذكور ص200)
    ثم يعود ليؤكد انتشار هذا التشيع في أيامه فيقول: إن التشيع الصفوي الذي أخذ يستشري هذه الأيام ويرفع راياته قبال التشيع العلوي لم يكن وليد العهد الصفوي فقط (علي في محنه الثلاث ص123)

    لكن، ما هي المعتقدات التي جعلته يتبنى مثل هذا القول ؟
    يظهر أن ما عده (فروقاً) بين التشيع العلوي والتشيع الصفوي على قسمين:
    القسم الأول: معتقدات لم يفهمها حق فهمها ولم يدرك عمقها ومغزاها الواقعي وحقيقة اعتقاد الشيعة بها فأدى ذلك به إلى إنكار اعتقادهم بها وحاول تفسيرها بما يدفع به الشبهة التي علقت في ذهنه.. وظنهم خارجون عن رحاب التشيع لاعتقادهم بها.. وقد أفردنا لها قبسات خاصة كمسائل (العصمة والإمامة) و (الغيبة) و(الشفاعة) و(الاجتهاد) وغيرها مما سيأتي تباعاً.

    القسم الثاني: وهي التي حاكم فيها أوهاماً من (بنات أفكاره) بحيث نسب إلى شريحة كبيرة من الشيعة ما لا وجود له بين (كل الشيعة) على مر العصور ! وتحدث عن أشياء في خياله ووهمه، فكانت تتضمن نسبة أقوال لم يسمع بها أحد من الشيعة ولم يروج لها أحد في تاريخ التشيع !
    ولما كان يعتبر العلامة المجلسي والشيخ البهائي من نماذج علماء التشيع الصفوي بل لعل المجلسي أبرزهم عنده فقد عمدنا إلى الاستشهاد بكلام العلامة المجلسي لبيان عدم صحة نسبة هذه الاقوال إليه، وبراءة التشيع وعلمائه وعوامه منها على مرّ التاريخ.

    نماذج من ذلك:
    1. قوله (في باب العدل): أما في التشيع الصفوي فالعدل معناه أن الله ليس بظالم، وان يزيد سيذهب بعد الموت إلى جهنم، بينما الحسين يذهب إلى الجنة، وليس ثمة علاقة لذلك بحياتنا الدنيوية وأوضاعنا الراهنة، بل هو مجرد بحث علمي من شأن الفلاسفة الإلهيين ولا علاقة للناس به ! (التشيع العلوي والتشيع الصفوي ص257)
    ومن الواضح أنه ليس من الشيعة من يعتقد بذلك ! فإن كل مفردة من مفردات حياة الشيعي قائمة على الإيمان بالعدل الإلهي الذي عدّ أصلاً من أصول الدين (أو المذهب) عند الإمامية، ولم نقرأ في كتاب شيعي أو نسمع من شيعي عالماً أو عامياً مثل هذه الدعوى ! فإثباتها على عهدة مدّعيها !
    بل إن المجلسي نفسه (رمز التشيع الصفوي عند شريعتي) قد أفرد ثلاثة وعشرين باباً (23) في أبواب (العدل) تزيد عن مجلد كامل وهو المجلد الخامس من بحار الأنوار وقسم من المجلد السادس.. وتتضمن فيما تتضمن (نفي الظلم والجور عنه تعالى وإبطال الجبر والتفويض.. باب الأرزاق والأسعار.. باب من لا ينجبون.. باب الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا.. باب عموم التكاليف.. باب عقاب الكفار في الدنيا..) إلى غيرها من الأبواب التي ملئت بالآيات الشريفة والروايات المباركة وأقوال العلماء التي تنفي مثل هذه التهمة وتبين أن لا أساس لها في عالم الواقع !!

    2. وقوله في باب(التقية): التقية في التشيع العلوي عبارة عن تكتيك عملي يخضع لضوابط وظروف معينة يقدّرها القائد، ولذا قد تجب التقية وقد تحرم، بينما التقية في المنظار الصفوي هي جزء من عقائد الشيعة الثابتة والملازمة لشخصية الشيعي في كل الأحوال ! (التشيع العلوي والتشيع الصفوي ص59)
    والحال أن أحداً من الشيعة لا يعتقد بمثل هذا المعتقد ! بل إن المجلسي نفسه ينقل في بحاره ج29 ص410 أن الشهيد الثاني قد قسم التقية (بانقسام الأحكام الخمسة).. ثم نقل عن الطبرسي عن المفيد أن التقية قد تجب أحياناً وتكون فرضاً، وتجوز أحياناً من غير وجوب، ويكون في وقت أفضل من تركها و...
    ثم كرر النقل في الجزء 39 ص329، إلى أن أكثر من نقل الروايات في هذا المعنى وصرح به مراراً في باب التقية والمداراة ج72 ص393 وما بعدها..
    فيلاحظ المتتبع إذاً أن المجلسي وأضرابه من العلماء وافقوا أسلافهم على هذه المسألة ولم يخرج عنها أحد منهم..
    بل على العكس من ذلك.. وجدنا من خالف نهج آل محمد في أيامنا هذه واعتبر أن زمن التقية قد انتهى لا أنها واجبة مطلقاً.. وقد تعرضنا لذلك في بحث آخر تحت عنوان (شعار لا تقية بعد اليوم في الميزان).. فإن هؤلاء أيضاً قد أضاعوا البوصلة في تطبيق الحكم ومصاديقه لا في أصله.

    3. وقوله في باب (السنة) النبوية: غير أن التشيع يبدو في حلة أخرى عندما ننظر إليه بعدسة صفوية فيتحول إلى فرقة ومذهب مناوئ للسنة النبوية بحيث يضع العترة وأهل البيت في مقابلها ... التشيع الصفوي يرى أن (كتاب الله وعترتي) هي بديل عن (كتاب الله وسنتي) ولا يمكن أن يجتمعا معاً، وخطورة هذا الادعاء يساوي خطورة وسوءً ادعاء التسنن الأموي بأن التشيع العلوي مخالف للسنة وان الشيعة روافض يعتبرون علياً هو النبي بل هو الإله ! (ص261 من نفس الكتاب)
    وهو بقوله هذا يثير العجب والدهشة فعلاً !! إذ سبق المخالفين في تشنيعهم على الشيعة بأشواط ! فلم نسمع في طول التاريخ مخالفاً يزعم أن أحداً من الشيعة ينكر (سنة النبي) صلى الله عليه وآله ! بل يجعل هذه (الفرية) على حد (فرية تأليه علي) عليه السلام !!
    ونعود للمجلسي مجدداً فنراه يروي في أكثر من مورد حديثاً يتضمن (كتاب الله وسنتي) .. راجع على سبيل المثال (بحار الأنوار ج2 ص225 وج29 ص467 وج50 ص80) وينقلها عن الاحتجاج وسليم بن قيس وغيرهما.. كما يرويها الكليني في الكافي (ج2 ص606) وغيره..
    ونعود لعلماء الشيعة وعوامهم على مر التاريخ، فلا نجد أحداً منهم قد أنكر (سنة النبي) صلى الله عليه وآله، فأين يا ترى عثر الدكتور شريعتي على رجل شيعي يلتزم بما نسبه لعامة الشيعة ؟!

    نعم لعلّ الأمر قد اشتبه عليه حينما وجد أن علماء الشيعة يؤكدون على أن حديث الثقلين قد ورد بصيغة (كتاب الله وعترتي) لا (كتاب الله وسنتي) لأن الثقل الذي أمر النبي الناس بالتمسك به بعد حياته هو عترته الطاهرة، وامتثال هذا الأمر بنفسه (أي التمسك بالكتاب والعترة) هو امتثال (للسنة النبوية الشريفة)، والمثبتان لا يتعارضان، ومثل هذا المعنى لا ينبغي أن يخفى على الدكتور شريعتي..
    فإن كان هذا هو سبب الشبهة عنده كان حقاً عليه أن يسأل العلماء ليتعلم منهم ويعرف حقائق الأمور ودقائقها قبل كيل التهم إليهم.. وعلماء (الصفوية) بزعمه لم يخبو أثرهم وتأثيرهم ولم تنطفئ شعلتهم بعد !

    ثم إن الأمر يتكرر في جملة من المفردات الأخرى على نفس الوتيرة.. كما في قوله عن العترة: التشيّع الصفوي: فالعترة عنده هي عبارة عن أسرة، وهي وسيلة لتعطيل العمل بالقرآن وسيرة النبي وتشويه الوجهة الحقيقية للرسالة ولمبادئها الأولى كالتوحيد، وبالمقابل إرساء قيم مبتدعة تقوم على أساس العنصر والدم والوراثة .(المصدر ص250)
    وفي قوله عن الدعاء: لقد جعلت الذهنيةُ الصفوية الدعاءَ بديلاً عن العمل، بينما كان النبي يجهد نفسه بالعمل ومن ثم يدعو ! (المصدر ص281)
    ومثله في الإمامة والعمل، يقول: ولكن التشيّع الصفوي ينظر إلى الاعتقاد بالأئمة من زاوية أخرى يكون فيها الاعتقاد بهم ليس سوى اعتقاد ب(12) شخصية من جنس ما وراء الطبيعة واثني عشر رقماً واسماً مقدساً يجب علينا أن نحبّ أصحابها ونثني عليهم ونتقرب إليهم دون السعي إلى الالتزام بالتبعية والاقتداء بهم..(ص256)..
    وفي نظائرها من الأقوال التي لا تمت للحقيقة بصلة، فلم يؤمن أحد من الشيعة بأن العترة وسيلة لتعطيل العمل بالقرآن وسيرة النبي (ص)!
    ولم تكن الإمامة يوماً قيمة قائمة على عنصر الوراثة غير المستحقة وإلا لكان في هذا طعن بالعدالة والحكمة الإلهية ! إنما هو استحقاق لهذه الأسرة الطاهرة المباركة التي تمتعت بخصائص أهلتها لتكون في أعلى مراتب الكمال..
    ولم يؤمن أحد من الشيعة بأن الدعاء بديل عن العمل.. ولا قالوا بسقوط وجوب التبعية والاقتداء..

    ولعل ما ينطبق على هذه الدعاوى التي نسبها لهم هو قوله نفسه: لقد مسخت كثير من القضايا التي تطرح في العالم وحرفت بطريقة بشعة بحيث اكتنفها الغموض أحياناً ولحقها الخطأ.(مسؤولية المثقف ص49)
    لكن أن لا يرى هذا الخطأ إلا الدكتور شريعتي ولا يعرف بوجود مثل هذه الاعتقادات أحد من الشيعة غيره لهو أمر غريب جداً !

    وبهذا (وبما سيأتي) يتضح أنه لا يوجد فعلاً تيار في الوسط الشيعي يؤمن بجملة مما يتحدث عنه الدكتور شريعتي.. ولا نعرف ما هي المصادر التي اعتمد عليها في كيله هذه الاتهامات الى الفئة الكبرى من التيار الشيعي في يومنا هذا.. بل إن كتب المخالفين لم تنسب لنا إلا النزر اليسير مما نحن منه براء! فهل أخذ الدكتور شريعتي بعضاً منها ونسج على منواله من وحي خياله ؟!

    والحمد لله رب العالمين
    شعيب العاملي

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم

      بإنتظار ما تجودون به على احر من الجمر.......

      تعليق


      • #4
        قبسات الهدى (3): العصمة بلا عصمة عند شريعتي !

        قبسات الهدى (3): العصمة بلا عصمة عند شريعتي !

        بسم الله الرحمن الرحيم
        وقع الاختلاف بين الشيعة والسنة على (حدود) عصمة النبي (ص)، بل حتى بين السنة أنفسهم، وقد التزموا (في الجملة) بعصمة الأنبياء في (التحمل والتبليغ) أي تحمل الوحي وتلقيه وتبليغه للناس، فجعلوا العصمة مختصة بالجانب الديني التبليغي، والتزموا بإمكانية خطأ الأنبياء في غيرها من الجوانب.. فيما آمن الشيعة بعصمة الأنبياء في أوسع دائرة، ونزاهتهم عن كل خطأ وعيب ورذيلة ورجس ودنس في كل مجال..
        بل التزموا بعصمتهم قبل البعثة كذلك، بل منذ ولادتهم، بل نزهوهم عما يخالف المروءة مطلقاً..

        أما الدكتور شريعتي فقد قال في العصمة: وهي تعني أن قائد الأمة ومن بيده أمور الناس والمجتمع و يتحمل أعباءهم الدينية يجب أن يكون بعيداً كل البعد عن الفساد والخيانة والضعف والخوف والمداهنة، ولا يحدّث نفسه بارتكاب الرذائل أبداً، واعتقاد الشيعة بالعصمة جعلهم على الدوام في حصانة اجتماعية وفكرية تصونهم عن التلوث بمفاسد السلطات والقوى الجائرة. (الشيع العلوي والتشيع الصفوي ص250)

        وللوهلة الأولى، يظن القارئ أن هذا هو معنى العصمة عند الشيعة فعلاً، لكنه يكمل فيرى أنه يفرق بين نوعين من العصمة، فيقول عن النوع الثاني منها: أما في التشيّع الصفوي فإن العصمة عبارة عن حالة فسلجية وبيولوجية وبار سيكولوجية خاصة لدى الأئمة تمنعهم من ارتكاب الذنوب والمعاصي، حسناً إذا كنت أنا مخلوقاً كذلك فلن أستطيع ارتكاب الذنوب حينذاك فما قيمة تقواي إذاً؟ ما قيمة التقوى الناجمة عن العجز عن ارتكاب المعاصي.(المصدر ص251)

        ولا ندري من أين جاء الدكتور شريعتي بدعوى أن العصمة تمنع من ارتكاب الذنوب عند أحد من الشيعة قاطبة !! وهذا المجلسي رمز التشيع الصفوي عنده يحتج بكلام من سبقه من العلماء في نفي الجبر هنا ! فينقل في بحار الأنوار ج17 ص94الى96 آراء كبار علماء الشيعة في ذلك ويحتج به ومن ذلك:
        الشيخ المفيد: والعصمة تفضل من الله تعالى على من علم أنه يتمسك بعصمته و الاعتصام فعل المعتصم و ليست العصمة مانعة من القدرة على القبيح و لا مضطرة للمعصوم إلى الحسن و لا ملجئة له إليه بل هي الشي‏ء الذي يعلم الله تعالى أنه إذا فعله بعبد من عبيده لم يؤثر معه معصية له و ليس كل الخلق يعلم هذا من حاله بل المعلوم منهم ذلك هم الصفوة و الأخيار.
        السيد المرتضى: اعلم أن العصمة هي اللطف الذي يفعله الله تعالى فيختار العبد عنده الامتناع من فعل القبيح فيقال على هذا إن الله عصمه بأن فعل له ما اختار عنده العدول عن القبيح و يقال إن العبد معصوم لأنه اختار عند هذا الداعي الذي فعل له الامتناع من القبيح‏.
        العلامة الحلي: العصمة لا تنافي القدرة بل المعصوم قادر على فعل المعصية وإلا لما استحق المدح على ترك المعصية ولا الثواب و لبطل الثواب و العقاب في حقه فكان خارجا عن التكليف و ذلك باطل بالإجماع و بالنقل..(انتهى)

        فماذا تعني العصمة التي أرادها الدكتور شريعتي إذاً ؟ وكيف نفهم عصمة النبي والإمام في سلوكياتهم ؟
        يمكن فهم العصمة التي ذكرها والتي يؤمن بها من سائر الموارد التي تحدث فيها عن المعصومين عليهم السلام، ومن ذلك أقواله التالية:
        1. اضطراب روح النبي بحثاً عن الحقيقة قبل البعثة
        قال: محمد لم يهجر مكة في الفترة بين سنّ الخامسة والعشرين وبين الأربعين، إلا أن حياته انطوت على المرحلتين اللتين يقول بهما توينبي: فراق المجتمع والعودة إليه، سوى أن هاتين المرحلتين تحققتا في وجدانه المليء بالأسرار، وروحه المضطربة بحثاً عن الحقيقة.. (معرفة الإسلام ص261)
        ثم يعود ويتحدث عن النبي وغار حراء قائلاً: ... لقد أنهكته الأفكار البعيدة والتأملات الأليمة التي تشابكت في روحه، كأنها لا تريد أن يستقر به المطاف. عاد إلى داخل الغار، وعادت نظراته الفاحصة واختفت في عينيه المتطلعتين إلى المجهول دون أن تفوزا بشيء جرّاء تأملهما ملياً في السماوات والآفاق البعيدة.(ص266)

        2. اليأس يصيب النبي بعد البعثة فيتمنى الموت
        ثم بعد أن نزل عليه الوحي يقول: غادر الغار فزعاً مذعوراً وانحدر صوب الوادي، الخوف يداهمه من كل صوب، يعدو مسرعاً علّه يصل إلى بيته... لقد استولى عليه الرعب والهلع بما لا يطيق... (معرفة الإسلام ص268)
        فهو يرى أن النبي وبعد أن أوحي إليه وأصبح (نبياً) لا يزال يعيش تلك الحالة من اليأس !! فيقول أنه رجع للغار وفي إحدى المرات:
        وشيئاً فشيئاً استلّ محمد نفسه من حالة اليأس والقنوط، أجهش باكياً، وثب من مكانه، خرج من الغار، كان مرهقاً للغاية، يعتريه القلق...
        خلد محمد إلى النوم تلك الليلة، ولا أمل لديه بالغد !
        .. وتوالت أيام اللوعة وليالي الانتظار... ثلاثة أعوام على هذه الحال، ولم يأت النداء. لقد انقطع الوحي ثلاث سنوات، وكل آن من آناتها تنوء بثقلها على صدر محمد لدرجة أنه يتمنى الموت، قتله الانتظار الطويل بلا طائل في جنح الظلام وأعماق الليل... حدّثته نفسه مرات بأن يلقي نفسه إلى أعماق الوادي، كيما يريحه الموت المحتوم من مخالب الحزن واللوعة التي تنشب بروحه ! (ص 274-275)

        3. الله يوبّخ النبي (ص) !
        يقول: كل ذلك على أساس قرآنه الذي وبّخ فيه نبيّه العزيز، لا شيء إلاّ لمجرد أنه عبس وجهه في وجه الأعمى الذي زاحمه وهو عاكف على تبليغ رسالة السماء وأداء وظيفته الإلهية في هداية الناس إلى الدين القويم .
        لم يشفع ذلك له كلّه، فاستحق التقريع والعتاب بشكل صريح وواضح وعلى مرأى ومسمع جميع الناس بل جميع من يخلق منهم إلى يوم القيامة. وهذا يعني أن الإرادة الإلهية لم تكن مستعدة لأن تشمل بكرمها الواسع شخص النبي المصطفى رغم تضحياته الجسيمة وإيثاره العظيم، فتغفر له هذه (التعبيسة ) حفاظاً على كرامته وحرمته بين الناس، أو على الأقل يوبّخ ولكن ليس في القرآن الذي سيبقى مقروءاً إلى الأبد ! (التشيع العلوي والتشيع الصفوي ص271، وتعرض لذلك أيضاً في معرفة الإسلام ص377)

        4. أخطاء النبي كثيرة !
        يقول: ليست قليلة تلك الآيات القرآنية التي تنتقد النبي وتسجل عليه أخطاءً وملاحظات، بل هي أكثر من الآيات التي تمدحه وتشيد به، وهذا في نفوس من يرون الحب أرفع منزلة من المدح والثناء، هو من أرفع سمات محمد وأحلى ما قاله الرب فيه... ولعل هذا هو تفسير المقولة الرائعة: حسنات الأبرار سيئات المقربين !
        ومحمد كان يتلقى هذه العتابات برحابة صدر واستئناس منقطع النظير، ويظل يردّدها في كل مكان، ويكأنه يفتخر بها! (معرفة الإسلام ص378)

        5. النبي لا يعرف القراءة والكتابة
        النبي أمي لا يعرف القراءة والكتابة: قال عنه (ص): إنسان (أمّي) محروم من نعمة الكتابة والقراءة (معرفة الإسلام ص199 و200) ويقول: النبي لم يكن يعرف القراءة والكتابة (ص379)

        6. جهل النبي بالكثير من الأمور يتركه في طريق التكامل
        النبي في تكامل ولا يعرف كل اللغات: قال: الشخص المسلم قد يقبل التكامل في كل شيء إلا التكامل على شخص النبي، إذ لا نقص في النبي - في نظر المسلم - حتى يكمل.
        إن عوام المسلمين يذهبون في تصوراتهم عن النبي إلى مستوى اعتقادهم بأنه يتقن كل اللغات ويطلع على جميع الأسرار ويحيط بالعلوم كافة، فأي مجال للتكامل بعد ذلك ؟
        توجد روايات وأحاديث حول خلقة النبي تتضمن التصريح بأن نور النبي قد خلق قبل خلق العالم ومن ثم خلق العالم وخلق آدم فحل فيه النور المحمدي.
        وفي ضوء ذلك فإن خلق محمد كان فعلاً إعجازياً خارج إطار المادة وقوانينها.
        هذا في حال أن صورة محمد في القرآن تختلف كثيراً، فهو إنسان يجدّ ويجتهد دائماً ليصبح أكثر كمالاً وفضلاً.
        والقرآن نفسه يحث النبي على تكرار الدعاء التالي (وقل رب زدني علماً) ويفهم من ذلك -ضمنياً- أن قانون التطور المعنوي العلمي صادق حتى في حق النبي، فهو أيضاً في حالة تكامل وتطور، بل أن التكامل والازدياد هي أعظم نعمة يطلبها النبي من ربه. (معرفة الإسلام ص121)

        7. علي يتردد في قبول دعوة النبي للإسلام
        وعلي يتردد في قبول دعوة النبي: من ثم دعا محمد عليا لإنكار الآلهة، وتلا عليه ما أوحي إليه من آيات. علي ما زال صبيا صغيرا لم يتجاوز الثامنة من العمر، وهو ربيب محمد ويؤمن به إيمانا مطلقا، لكن أنّى لرجل عجنت فطرته بالاستقلال والاستقامة أن ينقاد بهذه السهولة لعقيدة أو يتظاهر بالانقياد لها كذبا؟! فكان أن قال:
        (أمهلني أفكِّر بالأمر أو أستشير أبي!)
        ترك علي الغرفة، واتجه مباشرة نحو فراشه، وأمضى تلك الليلة يفكر في تلك الدعوة، وفي الآيات التي تلاها عليه محمد، وفي محمد نفسه ورسالته، وفي الله، وفي الآلهة والأوثان.. كان يجسّم كل هذه الأمور في ذهنه، هجوم هذه الأفكار جميعا وتقاطرها عليه أبقاه مستيقظا حتى الصباح. وفي الصباح حسم موقفه لصالح محمد، كأنه أيقن أن هذا الأمر مما لا يستشار فيه! (معرفة الإسلام ص280-281)
        وهنا يتبنى صريحاً عدم إيمان الإمام قبل إمامته الظاهرية، كما تبنى عدم إيمان النبي قبل جهره بالنبوة، بل وتردده بعد بعثته، وقد تكرر الأمر منه فذكر نظير هذا الكلام في (فاطمة هي فاطمة) ص179 وفي (الإمام علي في محنه الثلاث ص94-95) وفي الهامش كان النقل عن ابن الاثير في أسد الغابة ج4 ص92 (فلست بقاض أمراً حتى أحدث أبا طالب..)
        وفي المقابل يلتزم بإيمان أبي بكر دون تردد! قال: كان هذا الشيخ خامس الناس إسلاماً، وأولهم من خارج بيت محمد.
        أبو بكر بن أبي قحافة، التاجر المعروف ذو الوجاهة والنفوذ في اوساط قريش، يقبل بدعوة محمد ويؤمن به دون تردد (معرفة الإسلام ص287)

        8. فاطمة تقول ما لا تفعل في حس طفولي
        يقول: فيتبدل الإحساس الطفولي والحب الواله لهذه البُنية - والتي كانت قد كررت كثيراً أنها لن تتزوج ولن تترك أباها - يتحول تدريجياً إلى عهدٍ واعٍ، ويتخذ لوناً من المسؤولية والرسالة !(فاطمة هي فاطمة ص156)

        9. خطأ النبي نوح وجهله
        يقول: كلاّ ، لم يتوجّه نوح -عليه السلام –إلى ربّه بالمطالبة بإنقاذ ابنه إلاّ على أساس الوعد الإلهي السابق له بذلك : ولم يكن خطأ نوح هنا سوى أنه لم يكن يدرك بالضبط المراد الإلهي من اصطلاح (أهلك) ففسّره بما هو المعهود من هذه اللفظة بين أهل زمانه حيث تطلق على من تربطهم بالمرء رابطة الدم فيقال أنهم أهله ! (التشيع العلوي والتشيع الصفوي ص272)

        هذه بعض موارد النقض على مكانة الأنبياء والأئمة.. ولها نظائر أخرى في كتبه سنتعرض لبعضها بعدها إن شاء الله.
        وإذا أردنا أن نقارن بين معنيي العصمة لنرى أي عصمة هي التي يؤمن بها الشيعة (العلويون) حقاً.. نقارن بين رأي الدكتور شريعتي ورأي رمز التشيع الصفوي عنده ألا وهو العلامة المجلسي الذي نراه يقول:
        - مذهب أصحابنا الإمامية و هو أنه لا يصدر عنهم الذنب لا صغيرة و لا كبيرة و لا عمدا و لا نسيانا و لا لخطاء في التأويل و لا للإسهاء من الله سبحانه..
        - ثم اختلفوا في وقت العصمة على ثلاثة أقوال: الأول أنه من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله سبحانه وهو مذهب أصحابنا الإمامية.
        - العمدة فيما اختاره أصحابنا من تنزيه الأنبياء والأئمة ع من كل ذنب ودناءة ومنقصة قبل النبوة وبعدها قول أئمتنا سلام الله عليهم بذلك المعلوم لنا قطعا بإجماع أصحابنا رضوان الله عليهم مع تأيده بالنصوص المتظافرة حتى صار ذلك من قبيل الضروريات في مذهب الإمامية. وقد استدل عليه أصحابنا بالدلائل العقلية..(بحار الأنوار ج11 ص90-91)

        فإذا كان المجلسي يوافق اعتقاد علماء الإمامية السابقين منهم واللاحقين في ذلك، ويخالفهم الدكتور شريعتي، فمن يكون المخالف لتشيع علي عليه السلام ؟ العلامة المجلسي أم الدكتور شريعتي ؟
        وهل يكفي أن يصرح رجل باعتقاده ب(العصمة) ثم يلتزم بكل هذه الأمور مما (يبطلها وينقضها) ؟ فهل العصمة هي لفظ فارغ من المضمون ؟ وهي هي مختصة بالحالة الإنسانية والاجتماعية التي يهتم بها علم الاجتماع ؟!
        أم ستكون حينها (عصمة بلا عصمة) ؟!

        إن تطرق شريعتي للأبحاث من منطلق عالم اجتماعي او باحث حول (الانسان) كما يقول لا يمكن أن يكون مبرراً للالتزام بما يخالف عقيدة العصمة! إذ العلوم (التجريبية او الاختبارية) المبنية على التجارب أو التحليل لا يمكن أن تصمد أمام العقيدة التي لا بد وأن تبتني على أدلة قطعية لا تقبل الشك !
        وستأتي الإجابة التفصيلية على هذه الشبهات الثمانية في القبسات الآتية إن شاء الله تعالى.

        والحمد لله رب العالمين
        شعيب العاملي

        تعليق


        • #5
          اخي الفاضل
          إن لم تخني الذاكرة فإن شريعتي ذكر في كتابه انه الف التشيع ا لصفوي والتشيع العلوي إنتقاما من بعض الشيوخ الذين انتقدوه......

          تعليق


          • #6
            السلام عليكم
            ما هو تفسيركم لهذا التناقض في كلماته ؟
            وشكراً

            تعليق


            • #7
              ﻣﻦ ﺁﺭﺍﺀ ﻋﻠﻲ ﺷﺮﻳﻌﺘﻲ :

              1 – ﺇﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻧﺎ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻻﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻧﻪ
              ﻛﺎﻑ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻷﺑﺪ. ‏( ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺹ 69 ‏)
              2 – ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﺰﻭﺟﺎﺕ ﻫﻮ ﻧﻮﻉ ﺟﻨﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ. ‏( ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ
              ﻃﺒﻌﺔ ﺹ 508 ‏)
              3 – ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ
              ﺍﺟﺘﻤﻌﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻘﻴﻔﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺁﻳﺔ ﻟﻜﻲ ﻳﺒﻴﻨﻮﺍ ﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻤﺼﻴﺮ. ‏(
              ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺹ 38 ﺍ ‏)
              4 – ﺇﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍ ‏( ﺹ ‏) ﻗﺪ ﺗﺮﻋﺮﻉ ﻓﻲ ﺃﺣﻀﺎﻥ ﻋﺒﺪﺓ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ، ﺻﺤﻴﺢ ﺃﻥ
              ﻣﺆﺭﺧﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﺴﻌﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻄﻬﺮﻭﺍ ﺣﺠﺮ ﻋﺒﺪﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﻭﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻣﻦ
              ﺍﻟﺸﺮﻙ، ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻴﻞ ﻋﺎﻡ، ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﺤﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻄﻠﻪ
              ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻭﺍﻟﻤﺤﺘﺮﻡ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺓ ﻃﺎﻫﺮﺓ ﻭﺷﺮﻳﻔﺔ ﻭﻣﺤﺘﺮﻣﺔ. ‏( ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ
              ﺹ 462 ‏)
              5 – ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ‏( ﺹ ‏) : ﺍﻫﺪﺃ ﺃﺑﺎ ﺑﻜﺮ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : ﺳﺪﻭﺍ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ
              ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺇﻻ ﺑﺎﺏ ﻣﻨﺰﻝ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ. ‏( ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺹ
              436 ‏)
              6 – ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ. ‏(ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﻔﻌﻞ؟ ﺹ
              124 ‏)
              7 – ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ‏( ﺹ ‏) ﺍﺗﻜﺄ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻭﺻﻠﻰ. ‏( ﻣﻌﺮﻓﺔ
              ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺹ 445 ‏)
              8 – ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺳﻮﻯ ‏(ﻛﻠﻤﺔ ﻏﻴﺮ ﻭﺍﺿﺤﺔ ‏) ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ
              ﻳﻬﻮﺩﻳﺎ. ‏( ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺸﻴﻊ ﻓﻲ ﺹ 21 ‏)
              -9 ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻫﺬﻩ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﻣﻦ ﻋﻘﺎﺋﺪ ﻋﺒﺪﺓ ﺍﻷﻭﺛﺎﻥ .
              10 - ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻭﺍﺣﺪ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻣﺘﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ
              ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ .
              -11 ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻭﺻﻒ ﻣﻌﺮﺍﺟﻪ ﺃﻥ ﺃﺳﺎﺗﺬﺗﻪ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻗﺪ ﺃﺩﺧﻠﻮﻩ ﺍﻟﺠﻨﺔ
              ﻭﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﻮﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﻳﺪﻳﻪ ﻓﻲ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ
              ﻭﺑﺸﻜﻞ ﺻﺮﻳﺢ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻛﺎﻓﺮﺍ. ‏(ﻣﻮﻟﺪﻱ = ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻘﺎﺣﻠﺔ ‏)
              -12 ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﻟﻦ ﻳﺪﺧﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻭ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ.

              #منقول

              تعليق


              • #8
                احسنتم .. لا واعرف ما يراه الشباب اليوم بأمثال شريعتي وعلي الوردي حتى يركضون وراء كلماتهم لسخيفة

                تعليق


                • #9
                  اغلب اراءه تخضع للمناقشة وحتى هو يناقشها باسهاب ..
                  اعتقد ستكفرون الرجل وهو في قبره
                  يكفي وقوفه بوجه شاه ايران

                  تعليق


                  • #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة نصير الغائب
                    اغلب اراءه تخضع للمناقشة وحتى هو يناقشها باسهاب ..
                    اعتقد ستكفرون الرجل وهو في قبره
                    يكفي وقوفه بوجه شاه ايران
                    كذلك وقف الشيعويون في لبنان في وجه إسرائيل...
                    كلامه جيد وفيه الكثير الكثير الكثير من ا لأخطاء
                    لقد وقع في اخطاء اتهم فيها صاحب بحار الأنوار بإقترافها...

                    تعليق


                    • #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة المعتمد في التاريخ
                      كذلك وقف الشيعويون في لبنان في وجه إسرائيل...
                      كلامه جيد وفيه الكثير الكثير الكثير من ا لأخطاء
                      لقد وقع في اخطاء اتهم فيها صاحب بحار الأنوار بإقترافها...


                      لايوجد شخص لاتوجد عنده هفوات

                      وكل ابن ادم خطاء

                      تعليق


                      • #12
                        وكل ابن ادم خطاء
                        حتى ابو بكر كان خطاء ايضا

                        تعليق


                        • #13
                          بسم الله الرحمن الرحيم

                          الاخ المعتمد في التاريخ
                          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                          ستاتي بقية القبسات تباعاً إن شاء الله..
                          الآراء التي ضمّنها الدكتور شريعتي في كتابه (التشيع العلوي والتشيع الصفوي) بثها في سائر كتبه كما ألقاها في العديد من محاضراته، وهي تعبّر عن قراءة خاصة للمفاهيم الدينية لم يوفق في استيعابها جيداً كما مر وسيأتي في القبسات القادمة إن شاء الله، وهي ليست مجرد انفعال بل منهجية سار عليها وسنشير إلى عدم الجزم بها حتى عنده هو !!

                          الاخ زائر
                          يطرح تلقائياً احتمال أن تكون جملة من آراء الدكتور شريعتي قد تبدّلت بين فترة زمنية وأخرى، ويكون المعتمد عنده هو اللاحق منها دون السابق، ويرتفع التناقض في كلامه حينها..
                          لكن يلاحظ القارئ لكتبه أن التناقض (في المسائل الدينية) يرد أحياناً في نفس الكتاب الذي يعبر عن محاضرات متتالية، بل أحياناً في محاضرة واحدة، وأحياناً بين أسطر محدودة !
                          ولعلّ عدم التخصص الذي يعترف به الدكتور شريعتي أدى لضعف علميّ جعله غافلاً عن مثل هذه الاختلافات الفاضحة !
                          وأيا يكن السبب فلم يكن الغرض من بيان التناقض هو الانتقاص او الطعن، إنما كان الغرض هو بيان ما يرد على بعض كلماته من كلماته هو إتماماً للحجة..

                          الاخ يوسف
                          ما نقلتم هو من الامور التي اشتهر نقلها من آرائه، وقد تقدّمت الإشارة إلى براءته من بعض ما نسب إليه أو نقلها بشكل غير دقيق، ومنها بعض ما نقلتم، وستتم الإشارة لذلك لاحقاً إن شاء الله.

                          الاخت هدى
                          لئلا نبخس الناس أشياءهم، فإن الظرف الذي عاشه الدكتور شريعتي والاسلوب الذي طرح به جملة من المفاهيم الدينية والاجتماعية كان باعثاً حقيقياً لان يتأثر به عدد من الشباب في تلك الفترة، وبعض شبابنا اليوم كشباب تلك الأيام يأنس بعضهم بمثل هذا الخطاب خاصة من لم يطلع على بديل أكمل وأرقى لتقصيره في البحث..

                          الاخ نصير الغائب
                          أشرنا إلى أننا لسنا في مقام التكفير أو غيره.. وقد أشرنا إلى بعض الفتاوى التي صدرت متعرضة له أو لكتبه، وإلى بعض الكلمات التي امتدحته، وليس غرضنا هنا هو الدخول في هذا النقاش بغرض ما يهمنا النقاش العلمي لجملة من طروحاته..
                          وإن كانت (أغلب آرائه تخضع للمناقشة) فلا معنى لإباحة ذلك لأحد ومنعه على الآخر !

                          والحمد لله رب العالمين

                          شعيب العاملي

                          تعليق


                          • #14
                            قبسات الهدى (4).. شريعتي والأنبياء قبل البعثة

                            بسم الله الرحمن الرحيم
                            أشرنا فيما سبق إلى اعتقاد الإمامية مجمعين على عصمة الأنبياء قبل بعثتهم، وإلى أنه من ضروريات المذهب، وإلى قيام الأدلة العقلية القطعية عليه، إتماماً لحجة الله تعالى ﴿قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾.. ويلزم من هذا القول الاعتقاد بامتناع كونهم غير مؤمنين في أي وقت من الأوقات، فهم (أنبياء منذ ولادتهم) وقبل (بعثتهم)..

                            وبعبارة أخرى.. فإن للنبي مقامان:
                            الأول: مقام المعرفة الإلهية، والعمل والطاعة لأوامر الله جل جلاله.
                            والثاني: مقام الدعوة والتبليغ لما أمر به.
                            ولا تلازم بين هذين الأمرين، ولا يتوقف الأول على الثاني، ولا يلزم من انتفاء الثاني في ظرف زمني (قبل البعثة) انتفاء الأول فيه.

                            وإن ادّعى بعضهم أن هذا الكلام ليس من المسلمات التي يجب اعتقادها في أنبياء الله تعالى أجمعين، فلا شك بانطباقه على أنبياء أولي العزم عليهم السلام، وعلى وجه الخصوص سيّدهم وخاتمهم وأكملهم وأفضلهم وأرفعهم درجة عند الله، من قال عنه بارئ الخلائق ﴿ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ [النجم : 8-9]

                            وإن لم يكن غريباً أن يقول عيسى عليه السلام الذي يتشرّف بالإئتمام بمحمد صلى الله عليه وآله وقد ﴿كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً﴾: ﴿ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً﴾ [مريم : 30-33]

                            أفيكون غريباً ما روي عن النبي (ص) في الحديث المشهور: كنت نبياً وآدم بين الماء والطين ؟! (البحار ج18 ص278)

                            لكنّ للدكتور شريعتي رأي آخر عن النبي (ص)، وذلك حين يتحدث عن: روحه المضطربة بحثاً عن الحقيقة !! (معرفة الإسلام ص261)
                            ففيما (يُخلق النبي نبياً) يرى في روحه الدكتور شريعتي روحاً مضطربة لا تزال في طور البحث !!
                            لكنك تراه عندما يتحدث عن ليلة وفاة النبي (ص) في مورد آخر يقول: أخذ الهم والقلق يضغطان بشدة على الروح القوية التي لم تضطرب قط طيلة حياته المليئة بالمخاطرات.(محمد خاتم النبيين ص174) !!
                            فروح النبي كانت تارة مضطربة تبحث عن الحقيقة ! وتارة أخرى غير مضطربة طيلة حياته !!

                            ثم يتحدث عن تردد علي وتفكيره قبل الإيمان بالبعثة الظاهرة وقوله للنبي: (أمهلني أفكِّر بالأمر أو أستشير أبي!).... وأمضى تلك الليلة يفكر في تلك الدعوة (معرفة الإسلام ص280-281) وقد مرّت الإشارة إلى هذه الأقوال تفصيلاً..

                            وإذا كان الدكتور شريعتي قد استقى أقواله هذه من الكتب التي صرّح بأنها كتب البلاط، وسار خلف روايات منكرة متناً وسنداً رواها ابن الأثير (أسد الغابة ج4 ص17) وابن كثير (البداية والنهاية ج3 ص34) وابن إسحاق (سيرته ج2 ص118)، والتي يدعوا فيها النبي علياً قائلاً له (تكفر باللات والعزى) !!

                            فما الذي دعاه لهذا يا ترى وكتب القوم تطفح بمرويات تثبت أن علياً ممن: لم يكفروا بالله طرفة عين (راجع تفسير الثعلبي ج8 ص6، والكشاف للزمخشري ج3 ص319، وتفسير القرطبي ج15 ص20).. وهو قد أسرف في الاعتماد على كتب القوم فما باله أعرض عن مثل هذه النقولات عندهم واعتمد على المنكر من القول ؟!

                            ولو ألقى نظرة إلى نهج البلاغة لوجد فيه الخبر اليقين، فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: وَ لَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ فَأَرَاهُ وَ لَا يَرَاهُ غَيْرِي وَ لَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ خَدِيجَةَ وَ أَنَا ثَالِثُهُمَا أَرَى نُورَ الْوَحْيِ وَ الرِّسَالَةِ وَ أَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ وَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ ص فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الرَّنَّةُ فَقَالَ هَذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَ تَرَى مَا أَرَى إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ وَ لَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ وَ إِنَّكَ لَعَلَى خَيْر (نهج البلاغة الخطبة 192)

                            ولئن كان هذا اعتقاده بخاتم الأنبياء وسيد الأوصياء فلا عجب أن يعتقد بأن لسيدة النساء: إحساس طفولي.. يتحول تدريجياً إلى عهدٍ واعٍ (فاطمة هي فاطمة ص156)

                            ويلاحظ القارئ لكتب الدكتور شريعتي أنه يغرق أحياناً في نزعة مادية تكاد تنسيه كل لوازم الاعتقاد بعالم الغيب.. فيصبح الأنبياء والأوصياء والكمل من الخلق، الذين نعتقد أنهم أقرب الناس لله تعالى كغيرهم تماماً من حيث الخصائص الذاتية والمؤهلات الشخصية، فيجهلون ربهم تارة، ويترددون في الإيمان به تارة أخرى، ويخالف رأيهم بالأمس رأيهم اليوم وغداً.. فلا عجب أن يقال من بعد ذلك أن فلان أفضل من سيّد الخلق في هذا الأمر أو ذاك !

                            وكأنه يقيس آل محمد صفوة الخلق على نفسه وسائر البشر ! وحينها لا غرابة في مثل هذه النتائج الاعتقادية الكارثية !
                            وكأن الله تعالى لم يقل عن سيّدهم ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ [النجم : 3]
                            وكأن القرآن الناطق فاقد لمزية التناسق وعدم الاختلاف التي تميّز بها القرآن الصامت: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً﴾ [النساء : 82]
                            فإذا كان الاختلاف علامة على التناقض الذي يقع فيه البشر ويجل عنه ما ينسب لله تعالى، أفيكفي أن نجل (كتاب الله) عن الاختلاف ثم ننسب الاختلاف ل(رسول الله) ؟!

                            وهل يمكن أن يبلّغ الكتابَ (الكاملَ) غير رجل (كامل) يصح أن يكون (كتاباً ناطقاً) منزهاً عن ما يمكن أن ينقض عرى الحجة الإلهية التامة ؟!
                            وهل يمكن أن تخرم قاعدة إتمام الحجة هذه في عليٍّ نفس النبي أيضاً ؟! وفي الصديقة الكبرى التي قُرِنَ رضاها برضا الله والنبي وغضبها بغضبهما ؟!

                            وههنا يتضح موضع عقيدة العصمة عند الدكتور شريعتي بين مدرسة العترة ومدرسة مخالفيهم.. ويظهر أن من يعدّهم رموزاً في (المذهب الصفوي) ما حادوا عن الاعتقاد الحق في مذهب علي وآله عليهم السلام.. وأنه هو الذي يغرّد بعيداً عن سرب الخلص من الشيعة في معتقده..

                            وإذا كان هذا رأيه بالمعصومين، فلا غرابة أن يقول على لسان المعلم (الذي قد يقصد به نفسه أو غيره): إن رسالة فاطمة هي أن تعدّنا مثلها، وعلى كل فرد منّا أن يكون كفاطمة وكزينب. وكل فتاة يمكنها أن تكون كفاطمة، بل من واجبها أن تكون كفاطمة.(قصة حسن ومحبوبة ص20) وذلك في مقابل ما عبر عنه في قصته نقلاً عن (الملالي) في مسألة الاقتداء بالسيدة الزهراء والسيدة زينب عليهما السلام: لا يمكن اتخاذهما أسوة ومثالاً يحتذى (المصدر)

                            ولا ندري من هم هؤلاء الذين منعوا من اتخاذ المعصومين أسوة ومثالاً ! ولا أين سمع الدكتور شريعتي بمثل هذا الكلام الذي لو كان لبان !

                            ويظهر بهذا أنه عجز عن التفرقة بين أمرين:
                            أولهما: كون النبي قدوة وأسوة، وهو ما لا ينكره أحد من المسلمين، وكيف ينكره أحد منهم وقد قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21] وقال: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ [الممتحنة: 4] وقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾ [الحشر: 7]

                            ثانيهما: كون مقام الكُمّل مما لا يمكن لبشر أن يدركه، وهو ما أشارت إليه جملة كبيرة من الروايات منها قول النبي (ص) لأمير المؤمنين عليه السلام: يَا عَلِيُّ مَا عَرَفَ اللَّهَ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ غَيْرِي وَغَيْرُكَ وَ مَا عَرَفَكَ حَقَ‏ مَعْرِفَتِكَ غَيْرُ اللَّهِ وَ غَيْرِي (مناقب آل أبي طالب ج‏3 ص 268‏)
                            فمن تحدّث عن علوّ مكانتهم ورفعتهم ونفى إمكان الوصول لمرتبتهم الخاصة لم يخرج عن كونهم أسوة يجب الاقتداء بهم.. وقدوة يجب السير على خطاهم..

                            ونحن نزعم أن أحداً من الشيعة الذين يشملهم شريعتي بكلامه لا يلتزم بمثل هذه الدعوة، فليس فيهم إلا من يجعل العترة الطاهرة أسوة بعد النبي الأكرم (ص)، ولئن سلّمنا تنزّلاً بوجود فرقة ما منحرفة عن نهج العترة الطاهرة منقرضة أو باقية لم يسمع بها إلا الدكتور شريعتي أو قلة قليلة، فإن الشيعة براء من مثل هذه التهم، والأمر أوضح من الشمس في رابعة النهار !

                            والحمد لله رب العالمين

                            شعيب العاملي

                            تعليق


                            • #15
                              قبسات الهدى (5).. شريعتي وانتحار الرسول الخاتم !

                              بسم الله الرحمن الرحيم
                              عبّر الدكتور شريعتي عن حالة أصابت النبي عند انقطاع الوحي عنه فكان من ضمن ما وصف به سيد الكائنات عليه السلام بأنه (استولى عليه الرعب والهلع بما لا يطيق) وأصابته (حالة اليأس والقنوط) وكان (لا أمل لديه بالغد) وأنه كان (يتمنى الموت) ثم وصل لحد التفكير بالانتحار ! وأنه (حدّثته نفسه مرات بأن يلقي نفسه إلى أعماق الوادي، كيما يريحه الموت المحتوم).. (معرفة الإسلام 268 - 275) وقد مرت الإشارة إليها تفصيلاً فلتراجع..

                              واللافت في هذه الأقوال أنها تنسب حالات للنبي (ص) بعد بعثته أي حال كونه نبياً لا يتصف ببعضها إلا الكفار وأهل الضلال:

                              أولها: أنها تنسب الرعب والهلع للنبي (ص)، في حين يقول القرآن عن النبي: ﴿ فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ﴾ [التوبة : 40]
                              فلا يجتمع في قلب النبي (ص) (رعب وهلع) و(سكينة)..
                              والرعب في اللغة هو الخوف (معجم مقاييس اللغة ج2 ص410) .. والفزع (لسان العرب ج1 ص420) والهلع هو أفحش الجزع (الصحاح ج3 ص1308) ..
                              والسكينة هي الوقار (معجم مقاييس اللغة ج2 ص88) ... وزوال الرعب (مفردات ألفاظ القرآن ص417) ..

                              ثانيها: أنها تنسب للنبي (ص) اليأس وقد قال تعالى عن لسان يعقوب لبنيه: ﴿وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف : 87]

                              ثالثها: أنها تنسب له القنوط وقد قال تعالى: ﴿ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ﴾ [الحجر : 56]

                              فإذا كان اليأس من روح الله لا يليق بأبناء يعقوب الذين ظلموا أخاهم يوسف وألقوه في غيابة الجبّ، أفهل يصح نسبته لسيد الكائنات محمد صلى الله عليه وآله ؟! وإذا كان يعقوب عليه السلام يقول لهم ﴿لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ والإستثناء (إلا القوم الكافرون) بعد النفي (لا ييأس) يفيد الحصر، فهل كانت قمة (التحرر من التشيع الصفوي) عند الدكتور شريعتي هي بالالتزام ب(كفر النبي) صلى الله عليه وآله والعياذ بالله ؟! وكونه من (الضالين) ؟!

                              وهل يرى الدكتور شريعتي أن من لوازم الصفاء في ينابيع آل محمد الاعتقاد بكفر النبي آناً ما ؟! حتى بعد بعثته ؟!

                              فإن قيل: لعلّ الرجل لم يلتفت إلى هذه اللوازم ولم يلتزم بها !
                              قلنا: فضلاً عن تصريحاته الكثيرة التي تتضمن انتقاصاً هائلاً من شخصية النبي (ص) قبل البعثة وبعدها، فإن في هذا القول من الشناعة ما فيه حتى مع عدم الاعتقاد بكفر النبي في تلك الحالات، إذ يكفي الاعتقاد بأنه صلى الله عليه وآله كان في حالة من اليأس والقنوط والهلع وتمني الموت وأمثالها من الأمور وهو نبي مرسل مكلف بهداية البشرية .. يكفي مثل هذا الاعتقاد لتبطل الحجة الإلهية على الخلق وتهتز أركان الشريعة وتضطرب ركائزها..
                              فأي ثقة للناس في نبي لم يعرف الاستقرار العَقَدي ولا السكينة الروحية ولا اتصف بما اتصف به الأنبياء من قبله !
                              بل أيّ رب هذا الذي ما أرسل إلا رسولاً مضطرباً غير مستقر الحال يحتاج إلى من يأخذ بيده بدلاً من أن يأخذ بيد الناس !! وقد قال تعالى: ﴿أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [يونس : 35]

                              رابعها: أنها تنسب للنبي بأنه كان يحدّث نفسه بالانتحار ملقياً نفسه إلى أعماق الوادي..
                              فهل يعقل أن يحدّث (رسول الإنسانية) نفسه (مرّات) بما يذمّه العقل البشريّ قبل الشرائع السماوية ؟! إذ أي خيرٍ في سلب الحياة التي خلقها الله تعالى عن النفس الإنسانية ؟! بل عن أطهر نفس وأشرف مخلوق على وجه البسيطة ؟!
                              وإذا كان من أشنع ما ذمّ الله تعالى به الأقوام السالفة قتل النبيين أفلا يستحق النبي الذي تحدثه نفسه بالانتحار ذماً ؟
                              وقد قال تعالى فيهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [آل عمران: 21] ﴿.. وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ [آل عمران: 181]
                              بل إن آيات الكتاب الكريم صريحة في النهي عن قتل النفس، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً﴾ [النساء : 29]
                              وفي الحديث الصحيح عن الإمام الصادق عليه السلام: مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ مُتَعَمِّداً فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها. (الكافي ج7 ص45)
                              وعند العامة في صحيح البخاري عن النبي (ص): من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً (صحيح البخاري ج7 ص32، وقريب منه صحيح مسلم ج1 ص72)

                              فأي نبيّ هذا الذي يحدّث نفسه بالانتحار مراراً ثم تتوعد شريعته المنتحر بالخلود في نار جهنم ليكون على حد الكفر بالله تعالى، ومن المعلوم أن عقوبة المعاصي (دخول النار دون الخلود فيها) وعقوبة الكفر هي (الخلود في النار)!

                              وفضلاً عن كل هذا فلا نعرف وجهاً للجمع بين ما قاله الدكتور شريعتي هنا وما قاله في مورد آخرعن العصمة حيث كان مما شرحها به أن المعصوم: لا يحدّث نفسه بارتكاب الرذائل أبداً (الشيع العلوي والتشيع الصفوي ص250)

                              ثم ننقل الحديث إلى أصل القصة التي أسهب الدكتور شريعتي في سردها وبيان مفرداتها وهي مسألة (انقطاع الوحي) أو (احتباس الوحي) عن النبي صلى الله عليه وآله.. والتي دعت النبي لأن يحدث نفسه بالانتحار !!
                              وترجع هذه القصة إلى ما رواه الزهري عن عروة عن عائشة كما في صحيح البخاري وغيره: ثم لم ينشب ورقه ان توفي وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقى منه نفسه تبدى له جبريل فقال يا محمد انك رسول الله حقا فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه (صحيح البخاري ج8 ص67-68)
                              أما الطبري فينقل عن عائشة أيضاً أن النبي (همّ بالانتحار) عندما نزل عليه الوحي في أول البعثة (وليس أثناء انقطاع الوحي بحسب فريتهم فقط)، فقد روى: عن عائشة أنها قالت كان أول ما ابتدئ به رسول صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة.. ثم حبب إليه الخلاء فكان بغار بحراء.. حتى فجأه الحق فأتاه فقال يا محمد أنت رسول الله.
                              قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فجثوت لركبتي وأنا قائم ثم زحفت ترجف بوادري ثم دخلت على خديجة فقلت: زملوني زملوني حتى ذهب عنى الروع ثم أتاني فقال: يا محمد أنت رسول الله، قال: فلقد هممت أن أطرح نفسي من حالق من جبل... (تاريخ الطبري ج2 ص47)
                              وإلى هذه الروايات ونظائرها يرجع الاعتقاد بمحاولات النبي الانتحار!!

                              ومن العجيب جداً أن يلتزم منظّر للإسلام كالدكتور شريعتي وداعٍ له ومحرّض على تنقيته من (الإسرائيليات) وأمثالها بأسوا ما (أو مما) ورد فيها.. ويعتمد على كتب تعمدت الإساءة للنبي (ص)، ولم تكن هذه المصادر إلا كتب التاريخ الصفراء التي شنّعت على النبي صلى الله عليه وآله في كل صغيرة وكبيرة منذ بدء الوحي فجعلته (شاكاً) في (نبوّته) متردداً خائفاً مذهولاً مرعوباً، تفوقه زوجته في الإيمان والاطمئنان تارة وتشاركه في شكه تارة أخرى !! ولا يركن النبي عندهم إلى الوحي بقدر ما يركن إلى (ورقة بن نوفل) ! ويطمئن بما عند ورقة من أوراق تنسب لكتب الأنبياء السابقين أكثر مما يطمئن إلى وحي ربه!

                              ويلاحظ أن هذه المرويات كانت في الغالب عن عائشة كما يصرّح الطبري! فهل كانت عائشة في هذه الدنيا حين نزل الوحي على النبي (ص) وكانت عالمة بما يحدث به نفسه ؟ أم خص النبي (ص) عائشة من بين الخلق بأن أسرّ لها بمكنونات نفسه التي تجعله في مصاف (الشاكين المترددين الجاهلين) ؟

                              إلا أن جملة من علماء المخالفين أنكروا نقل هذه الروايات عن عائشة، ولم تسلم من النقد عندهم رغم روايتها في أصح كتبهم كصحيح البخاري، فيما قبلها أمثال الدكتور شريعتي !!

                              فها هو ابن حجر يقول: ثم إن القائل "فيما بَلَغَنا" هو الزهري.. وهو من بلاغات الزهري وليس موصولاً (راجع فتح الباري ج12 ص316) فيما صرّح الشافعي قبل ذلك بعدم اعتبار مرسلات الزهري قائلاً: وإرسال الزهري عندنا ليس بشيء (نقله عنه الخطيب البغدادي في كتابه الكفاية في علم الرواية ص425).. ومن بعدهم صرّح الألباني بتضعيفها فقال: إنها زيادة منكرة من حيث المعنى (دفاع عن الحديث النبوي ص42) بل يعد عزوه للبخاري خطأ فاحشاً وينفي صحته على شرط البخاري (ص40) ونسب له قوله: هذا الحديث ضعيف إسنادا منكر متنا..

                              وحرص بعض علمائهم غيره أيضاً على تقصي مثل هذه الروايات وتضعيفها وبيان بطلانها سنداً ومتناً، باعتبارها منافية لمكانة النبي (ص) وعصمته التي تعدّ حتى عندهم (أصلاً من أصول الإسلام) ولو بمفهومهم، مصرحين ب (رسوخ الإيمان بنبوته وكمال اليقين برسالته)!

                              هذا في خصوص محاولة النبي الإنتحار، أما في فرية انقطاع الوحي عنه صلى الله عليه وآله التي وردت في كتبهم فقد أوردوا لها وجوهاً عدة لتبريرها، لكن الإمامية لم يعتقدوا بصحة مثل هذه الدعوى رأساً، ولا يركن إلى ما رواه القمي مثلاً في تفسيره عن الإمام الباقر عليه السلام: وَ ذَلِكَ أَنَّ جَبْرَئِيلَ أَبْطَأَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص‏ ... فَقَالَتْ خَدِيجَةُ لَعَلَّ رَبَّكَ قَدْ تَرَكَك (ج2 ص428) ولا يعول عليه لوجوه:

                              أولها: أنه لم يصرح بانقطاع الوحي إنما ذكر بأنه (أبطأ)، والوحي إنما ينزل بحسب الإرادة الإلهية الناظرة للمصلحة، وبحسب اختلاف الموارد فقد يتنزل الوحي مرات في يوم وقد لا يتنزل في أيام وهكذا..
                              ثانيها: أنه من أخبار الآحاد التي لا تفيد علماً، وراويها هو أبو الجارود الذي تنسب إليه فرقة الجارودية، ‏وهو ممن لم يوثق وإن اعتمد عليه بعضهم لتوثيقات عامة، إلا أن فيه كلام وكلام..
                              وثالثها: أنها مخالفة للمقطوع به من نسبة الشك بالنبوة للسيدة خديجة وهي المنزهة عن ذلك بلا ارتياب.. فهي التي صدّقت النبي حين كذّبه الناس، وآمنت به حين كفروا به..

                              ثم نترك لخيال القارئ أمر محاكمة ما نسبه الدكتور شريعتي للنبي (ص) بعد أن تنبّه جملة من علماء المخالفين إلى خطورة مثل هذه الافتراءات بحق النبي (ص) فأنكروا صحتها!
                              وبعد هذا هل يصحّ نسبة مثل هذه الاعتقاد إلى (تشيع علوي) نقي من الشوائب كما يزعم الدكتور شريعتي ؟!

                              والحمد لله رب العالمين

                              شعيب العاملي

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X