[FONT='Arial','sans-serif']تعتبر الوراثة والمحيط والمجتمع والبيئة، من جملة العوامل الأساسية المؤثّرة في تشكّل شخصيّة الإنسان وبنيته الفكرية والروحية. ونظراً لما تتمتّع به هذه العوامل من أهمّيّة ومساهمتها المؤثّرة في تربية الأبناء دينياً، سنتناولها بالبحث، مع التذكير بأنّ هذه العوامل تشكّل الأرضية للتربية الدينيّة والأخلاقيّة وليست علّة تامّة لها. مع التسليم بتأثيرها على الكثير من الأبعاد التربوية في شخصية الصغير والكبير[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
الوراثة
1. مفهوم الوراثة:
الوراثة بمفهومها ومعناها العامّ تعني انتقال بعض خصائص وخصال الوالدين والأجداد أيضاً وحتى الأرحام إلى الأبناء. وقد تنبّه البشر من قديم الزمان إلى هذه الحقيقة، وهي أنّ الكائن الحيّ ينقل الكثير من صفاته وخصائصه إلى نسله وإلى الأجيال اللاحقة ـ أيضاً، وأنّ قانون الوراثة يقوم في الحقيقة بحفظ الصورة النوعية للنباتات والحيوانات والإنسان أيضاً. وفي الواقع إنّ النّسل التالي يَرِث صفات النّسل السابق، فبذرة الوردة قد حفظت في نفسها الخصائص الكليّة للسّاق والورق والصباغ النهائيّ والتي منها قد تشكّلت الوردة، وأثناء عملية النموّ تظهر جميع الخصائص فيها واحدةً تلو الأخرى. وكذا الحال بالنسبة للحيوانات. كما وإنّ الأبناء، ومن دون أدنى نشاطٍ اختياري، يشتملون على صفات الآباء والأمّهات وخصائصهم، ويولدون بمميّزات مشتركة كثيرة، وهذا ما بيّنته الدراسات العلميّة الحديثة. [/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
الوراثة
1. مفهوم الوراثة:
الوراثة بمفهومها ومعناها العامّ تعني انتقال بعض خصائص وخصال الوالدين والأجداد أيضاً وحتى الأرحام إلى الأبناء. وقد تنبّه البشر من قديم الزمان إلى هذه الحقيقة، وهي أنّ الكائن الحيّ ينقل الكثير من صفاته وخصائصه إلى نسله وإلى الأجيال اللاحقة ـ أيضاً، وأنّ قانون الوراثة يقوم في الحقيقة بحفظ الصورة النوعية للنباتات والحيوانات والإنسان أيضاً. وفي الواقع إنّ النّسل التالي يَرِث صفات النّسل السابق، فبذرة الوردة قد حفظت في نفسها الخصائص الكليّة للسّاق والورق والصباغ النهائيّ والتي منها قد تشكّلت الوردة، وأثناء عملية النموّ تظهر جميع الخصائص فيها واحدةً تلو الأخرى. وكذا الحال بالنسبة للحيوانات. كما وإنّ الأبناء، ومن دون أدنى نشاطٍ اختياري، يشتملون على صفات الآباء والأمّهات وخصائصهم، ويولدون بمميّزات مشتركة كثيرة، وهذا ما بيّنته الدراسات العلميّة الحديثة. [/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']1. الوراثة في النصوص الدينيّة:[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']
قانون الوراثة هو قانونٌ مقبولٌ من وجهة نظر الإسلام، إذ ينقل القرآن الكريم في قصّة النبي نوح عليه السلام طلبه عليه السلام من ربّه: [/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']1[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
وفقاً لهذه الآية، فإنّ الأبناء يرثون صفات آبائهم؛ الحسنة منها والسيئة. فمن المعلوم أن الأبناء كما يرثون من أمّهاتهم وآبائهم الخصائص الجسميّة، فهم يرثون منهم ـ أيضاً ـ الخصائص المعنوية والحالات الروحية والنفسية. مع الإشارة إلى أنّ قانون الوراثة لا يعني المطابقة في كلّ شيء، ولا يعني الجبر وعدم القدرة على تغيير هذه الخصائص، بل يبقى للإنسان القدرة على التغيير في ما لو أعمل إرادته بشكل سليم وصحيح على تغيير الكثير من هذه الصفات الموروثة وتبديلها.
وقد أكَّدتْ الروايات الواردة عن المعصومين عليهم السلام ـ أيضاً ـ على قانون الوراثة وتأثيره في عملية التربية بشكل مباشر أو غير مباشر، وعبّرت عنه بلفظ "العِرقْ" و"الأعراق"، والتي يُعبَّر عنه اليوم في المحافل العلميّة بـ "الجينات أو الخليّة الوراثية".
عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: "تزوجوا في الحجر الصالح، فإنّ العِرْقَ دسّاس"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']2[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
وعنه صلى الله عليه واله وسلم في رواية أخرى أنّه قال: "اختاروا لنطفكم؛ فإنّ الخال أحد الضجيعين"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']3[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']. وعنه صلى الله عليه واله وسلم ـ أيضاً ـ أنّه قال: "اختاروا لنطفكم؛ فإنّ الأبناء تشبه الأخوال"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']4[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
كما بُيّن دورُ الوراثة في الأخلاق، وفي تشكُّل خصال الإنسان وسلوكيّاته في الحِكَم العَلَويّة، فعن أمير المؤمنين ومولى الموحِّدين الإمام علي عليه السلام أنه قال: "حُسْنُ الأخلاق بُرهانُ كَرَمِ الأعراق"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']5[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
قانون الوراثة هو قانونٌ مقبولٌ من وجهة نظر الإسلام، إذ ينقل القرآن الكريم في قصّة النبي نوح عليه السلام طلبه عليه السلام من ربّه: [/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']1[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
وفقاً لهذه الآية، فإنّ الأبناء يرثون صفات آبائهم؛ الحسنة منها والسيئة. فمن المعلوم أن الأبناء كما يرثون من أمّهاتهم وآبائهم الخصائص الجسميّة، فهم يرثون منهم ـ أيضاً ـ الخصائص المعنوية والحالات الروحية والنفسية. مع الإشارة إلى أنّ قانون الوراثة لا يعني المطابقة في كلّ شيء، ولا يعني الجبر وعدم القدرة على تغيير هذه الخصائص، بل يبقى للإنسان القدرة على التغيير في ما لو أعمل إرادته بشكل سليم وصحيح على تغيير الكثير من هذه الصفات الموروثة وتبديلها.
وقد أكَّدتْ الروايات الواردة عن المعصومين عليهم السلام ـ أيضاً ـ على قانون الوراثة وتأثيره في عملية التربية بشكل مباشر أو غير مباشر، وعبّرت عنه بلفظ "العِرقْ" و"الأعراق"، والتي يُعبَّر عنه اليوم في المحافل العلميّة بـ "الجينات أو الخليّة الوراثية".
عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: "تزوجوا في الحجر الصالح، فإنّ العِرْقَ دسّاس"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']2[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
وعنه صلى الله عليه واله وسلم في رواية أخرى أنّه قال: "اختاروا لنطفكم؛ فإنّ الخال أحد الضجيعين"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']3[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']. وعنه صلى الله عليه واله وسلم ـ أيضاً ـ أنّه قال: "اختاروا لنطفكم؛ فإنّ الأبناء تشبه الأخوال"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']4[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
كما بُيّن دورُ الوراثة في الأخلاق، وفي تشكُّل خصال الإنسان وسلوكيّاته في الحِكَم العَلَويّة، فعن أمير المؤمنين ومولى الموحِّدين الإمام علي عليه السلام أنه قال: "حُسْنُ الأخلاق بُرهانُ كَرَمِ الأعراق"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']5[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']وعنه عليه السلام[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']: "من شرفِ الأعراق كَرَمُ الأخلاق"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']6[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']. وعنه عليه السلام أيضاً قال: "أطهرُ النّاس أعراقاً أحسنُهُم أخلاقاً"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']7[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
1. العلاقة بين الوراثة والأحكام الدينيّة:
بالالتفات إلى أهمّيّة الوراثة وتأثيرها الجدّي في تشكُّل الخصائص البدنيّة والعقليّة والدّينيّة والأخلاقيّة والرُّوحيّة للأبناء، بنى الإسلام الكثير من الأحكام وفِقاً لهذا القانون المسلَّم به، على سبيل المثال:
أ-أوصى الإسلام في مسألة اختيار الزوج للزوجة: أن يختارها من العائلات الصالحة؛ لأنّ خصال الآباء والأمّهات تورث. روي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال ذات يوم خطيباً: "أيّها الناس إيّاكم وخضراءَ الدِّمن، قيل يا رسول الله وما خضراء الدِّمن، قال: المرأة الحسناء في منبت السّوء"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']8[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
وأيضاً عنه صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: "أنكِحوا الأكفّاء وانكحوا فيهم واختاروا لِنطَفكم"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']9[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']. وسأل أحدهم الإمام أبي جعفر عليه السلام: "إنّ الرّجل المُسلم تُعجِبه المرأةَ الحسناءَ أَيصلُح له أن يتزوَّجَها وهي مجنونة؟ قال: لا" [/FONT][FONT='Arial','sans-serif']10[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']. وجاء في الحديث عن الإمام علي عليه السلام: "إيّاكم وتَزْويج الحمقاء فإنّ صُحبَتها بلاء ووُلْدَها ضِياعٌ"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']11[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
ب-أكَّد الإسلام ـ أيضاً ـ على المرأة أن تتفحّص أحوال زوجها المستقبليّ، وجعل مسؤولية هذا العمل على عاتق الوليّ الشرعيّ، روي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: "النكاحُ رقٌّ فإذا أنكح أحدُكُم وليدةً فقد أرَقَّها فلينظرْ أحدُكم لمن يرقّ كريمتَه"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']12[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']. [/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
1. العلاقة بين الوراثة والأحكام الدينيّة:
بالالتفات إلى أهمّيّة الوراثة وتأثيرها الجدّي في تشكُّل الخصائص البدنيّة والعقليّة والدّينيّة والأخلاقيّة والرُّوحيّة للأبناء، بنى الإسلام الكثير من الأحكام وفِقاً لهذا القانون المسلَّم به، على سبيل المثال:
أ-أوصى الإسلام في مسألة اختيار الزوج للزوجة: أن يختارها من العائلات الصالحة؛ لأنّ خصال الآباء والأمّهات تورث. روي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال ذات يوم خطيباً: "أيّها الناس إيّاكم وخضراءَ الدِّمن، قيل يا رسول الله وما خضراء الدِّمن، قال: المرأة الحسناء في منبت السّوء"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']8[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
وأيضاً عنه صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: "أنكِحوا الأكفّاء وانكحوا فيهم واختاروا لِنطَفكم"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']9[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']. وسأل أحدهم الإمام أبي جعفر عليه السلام: "إنّ الرّجل المُسلم تُعجِبه المرأةَ الحسناءَ أَيصلُح له أن يتزوَّجَها وهي مجنونة؟ قال: لا" [/FONT][FONT='Arial','sans-serif']10[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']. وجاء في الحديث عن الإمام علي عليه السلام: "إيّاكم وتَزْويج الحمقاء فإنّ صُحبَتها بلاء ووُلْدَها ضِياعٌ"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']11[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
ب-أكَّد الإسلام ـ أيضاً ـ على المرأة أن تتفحّص أحوال زوجها المستقبليّ، وجعل مسؤولية هذا العمل على عاتق الوليّ الشرعيّ، روي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: "النكاحُ رقٌّ فإذا أنكح أحدُكُم وليدةً فقد أرَقَّها فلينظرْ أحدُكم لمن يرقّ كريمتَه"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']12[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']. [/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']وعن الحسين بن بشّار الواسطيّ قال[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']: "كتبت إلى أَبي الحسن الرِّضا عليه السلام أنّ لي قرابةً قد خطب إليّ وفي خُلُقِهِ سُوءٌ، قال: لا تُزوِّجهُ إن كان سيّء الخلق"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']13[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
ج - الإسلام، وبسبب رعايته لقانون الوراثة، أقرَّ بعض التسهيلات القانونيّة في موارد محدّدة؛ لأجل فسخ عقد الزواج، من قبيل: الجنون، أو الإصابة بمرض البرص، أو الجذام، أو العجز الجنسي، وغيرها. فإذا تزوج الرّجل أو المرأة وأدرك أحدهما لاحقاً أنّ الطرف الآخر مصاب بأحد الموارد التي ذكرناها، له الحقّ في أن يفسخ العقد [/FONT][FONT='Arial','sans-serif']14[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']، ولا يحتاج إلى الطلاق لأجل التحرُّر من هذا الزواج؛ إذ يُعدُّ هذا القانون وسيلةً للحدِّ من الوراثة غير المحمودة[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
1. تغلّب التربية على الوراثة:
إنّ الصفات الوراثية ليست من الصفات الحتميّة، وليست من مصاديق القضاء والقدر الذي لا يتغيّر ولا يتبدّل. بل إنّ هذه الصفات والموروثات مهما كانت قوية ومؤثّرة، يمكن التغلّب عليها بقوّة الإرادة والإصرار، والمثابرة. فأيّ صفة وراثية إذا ما خضعت لعملية التربية المباشرة مصحوبة بإرادة قويّة ونافذة فبالإمكان تغييرها وتبديلها من صفة سلبيّة إلى أخرى إيجابيّة؛ لأنّ الإرادة والاختيار الإنسانيين هما أقوى من أيّ موروث أو أيّ عامل خارجي آخر.
فالوراثة لوحدها بالرغم من أثرها على الخصائص الجسدية والنفسية للوارث، لا تقدر على طمس معالم الفطرة، وتعطيل القدرة والاختيار الإنساني المُعطى للإنسان بالأصل من أجل تقرير مصيره بيده: [/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] يُغَيِّرُواْ مَا[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
ج - الإسلام، وبسبب رعايته لقانون الوراثة، أقرَّ بعض التسهيلات القانونيّة في موارد محدّدة؛ لأجل فسخ عقد الزواج، من قبيل: الجنون، أو الإصابة بمرض البرص، أو الجذام، أو العجز الجنسي، وغيرها. فإذا تزوج الرّجل أو المرأة وأدرك أحدهما لاحقاً أنّ الطرف الآخر مصاب بأحد الموارد التي ذكرناها، له الحقّ في أن يفسخ العقد [/FONT][FONT='Arial','sans-serif']14[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']، ولا يحتاج إلى الطلاق لأجل التحرُّر من هذا الزواج؛ إذ يُعدُّ هذا القانون وسيلةً للحدِّ من الوراثة غير المحمودة[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
1. تغلّب التربية على الوراثة:
إنّ الصفات الوراثية ليست من الصفات الحتميّة، وليست من مصاديق القضاء والقدر الذي لا يتغيّر ولا يتبدّل. بل إنّ هذه الصفات والموروثات مهما كانت قوية ومؤثّرة، يمكن التغلّب عليها بقوّة الإرادة والإصرار، والمثابرة. فأيّ صفة وراثية إذا ما خضعت لعملية التربية المباشرة مصحوبة بإرادة قويّة ونافذة فبالإمكان تغييرها وتبديلها من صفة سلبيّة إلى أخرى إيجابيّة؛ لأنّ الإرادة والاختيار الإنسانيين هما أقوى من أيّ موروث أو أيّ عامل خارجي آخر.
فالوراثة لوحدها بالرغم من أثرها على الخصائص الجسدية والنفسية للوارث، لا تقدر على طمس معالم الفطرة، وتعطيل القدرة والاختيار الإنساني المُعطى للإنسان بالأصل من أجل تقرير مصيره بيده: [/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] يُغَيِّرُواْ مَا[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Tahoma','sans-serif'] بِأَنْفُسِهِمْ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']15[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] [/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']16[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] [/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']17[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']، وإلا فلا معنى لأن يأمر الله الناس بالعمل[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']: [/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']18[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']، فقد شهدنا الكثيرين ممَّن وُلِدُوا من أبوين كافرين أو فاسقين، ولكنّهم تحرّروا في نهاية المطاف من تأثيرهما السلبي الموروث بعد مجاهدة الطبع الموروث وترويضه؛ ليكون خاضعاً لقوّة العقل والإرادة[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
فمهما كانت التأثيرات السلبيّة للوراثة أو التربيّة أو البيئة التي ينشأ فيها الإنسان قاسية وصعبة، يبقى الإنسان قادراً على التغيير، ويبقى مدد الهداية الإلهيّة محيطاً به على الدوام. إنّ عظمة الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم وأصحابه المنتجبين تكمن في سيرهم وتسنّمهم أعلى درجات الكمال رغم أنّهم نشأوا في أسوأ بيئة عرفتها البشرية، حيث استجابوا لنداء الفطرة والعقل المودعين في خلقة كلّ إنسان.
المحيط
إنّ مجموع العوامل الخارجية التي تحيط بالإنسان، والتي تؤثِّر بشكل مباشر أو غير مباشر في تربيته، تُسمّى المحيط. وهذه العوامل المتعدّدة تؤثِّر في الإنسان بأنحاء مختلفة منذ انعقاد النطفة وحتى موته. وأهمّ هذه العوامل المحيطة: البيت والأسرة، الصداقة والعشرة، المدرسة، المجتمع، البيئة الجغرافية والطبيعية. وسنتكلم عنها تباعاً:
1. البيت والأسرة:
يتفاعل الطِّفل في محيط البيت مع عناصر بشريّة عدّة أهمّها: الأب والأمّ، وتشكّل الأسرة أهمّ محيط لتربية الأطفال. فحينما يكتسب الولد لغة الأمّ والأب داخل البيت، [/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
فمهما كانت التأثيرات السلبيّة للوراثة أو التربيّة أو البيئة التي ينشأ فيها الإنسان قاسية وصعبة، يبقى الإنسان قادراً على التغيير، ويبقى مدد الهداية الإلهيّة محيطاً به على الدوام. إنّ عظمة الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم وأصحابه المنتجبين تكمن في سيرهم وتسنّمهم أعلى درجات الكمال رغم أنّهم نشأوا في أسوأ بيئة عرفتها البشرية، حيث استجابوا لنداء الفطرة والعقل المودعين في خلقة كلّ إنسان.
المحيط
إنّ مجموع العوامل الخارجية التي تحيط بالإنسان، والتي تؤثِّر بشكل مباشر أو غير مباشر في تربيته، تُسمّى المحيط. وهذه العوامل المتعدّدة تؤثِّر في الإنسان بأنحاء مختلفة منذ انعقاد النطفة وحتى موته. وأهمّ هذه العوامل المحيطة: البيت والأسرة، الصداقة والعشرة، المدرسة، المجتمع، البيئة الجغرافية والطبيعية. وسنتكلم عنها تباعاً:
1. البيت والأسرة:
يتفاعل الطِّفل في محيط البيت مع عناصر بشريّة عدّة أهمّها: الأب والأمّ، وتشكّل الأسرة أهمّ محيط لتربية الأطفال. فحينما يكتسب الولد لغة الأمّ والأب داخل البيت، [/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ينقل إليه أفراد العائلة الأفكار والآراء الأساسيّة من خلال المكالمة والحوار؛ فترتقي معارفه ومعلوماته إلى مستوى أفكار عائلته، وتحاكي أفعاله أفعال أفراد العائلة. من هنا، عندما نقوم بدراسةٍ لأفعال الإنسان اليوميّة وتحليلها وتجزئتها والبحث عن مناشئها، سنرى أنّ أكثرها يعود إلى التربية الأسريّة[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
ويعتبر الباحثون من خلال دراستهم لبعض الحالات النفسية، أنّ جذور كثير من الأمراض العصبيّة والنفسيّة تعود إلى سلوكيّات الأهل المنحرفة والسّيئة مع أولادهم، وخاصّة في سنوات الطّفولة الأولى. إذ تترك أفعال الأهل أثرها على الأولاد دون أن يقصدوا ذلك. فالأم التي تخيف ولدها، تُربِّي ولداً جباناً من حيث لا تشعر. كما أنّ الولد يتلقّى دين عائلته، ويتأثّر بعقائد وأخلاق وأفعال أسرته من حيث لا يدري أو يشعر. ففي الحديث عن رسولِ الله صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: "كُلُّ مولودٍ يُولد على الفِطرة حتى يكونَ أبواهُ يُهوِّدانه ويُنصِّرانه"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']19[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']. فقد خُلِقَ الطفل قابلاً للخير والشر معاً، ووالداه هما اللذان يمنحانه القيم الأخلاقيّة السليمة والحسنة أو عكسها.
وفي ما يلي هذه بعض الجوانب التربوية التي تؤثِّر فيها العائلة:
أ- على مستوى شخصيّة الطِّفل: فالعائلة هي المحيط الأوّل والأهمّ الذي يؤسّس لبناء شخصيّة الأبناء وسلوكيّاتِهم.
ب- على مستوى عقيدة الطِّفل: إنّ النواة الأولى لمنظومة الطِّفل الفكرية والعقائدية تتشكَّل في مراحلها الأولى داخل محيط الأسرة، من خلال ما يعيشه داخل الأسرة، وما يتلقّاه من مبادئ فكريّة وعقائدية، ومن خلال تفاعله مع الأنظمة الحاكمة داخل الأسرة نفسها. وفي حال لم تكن تلك المعتقدات صحيحةً سيكون تغييرها وإصلاحها في المستقبل أمراً بالغ الصعوبة؛ خاصّة لجهة الانحرافات والشبهات العقائديّة.[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
ويعتبر الباحثون من خلال دراستهم لبعض الحالات النفسية، أنّ جذور كثير من الأمراض العصبيّة والنفسيّة تعود إلى سلوكيّات الأهل المنحرفة والسّيئة مع أولادهم، وخاصّة في سنوات الطّفولة الأولى. إذ تترك أفعال الأهل أثرها على الأولاد دون أن يقصدوا ذلك. فالأم التي تخيف ولدها، تُربِّي ولداً جباناً من حيث لا تشعر. كما أنّ الولد يتلقّى دين عائلته، ويتأثّر بعقائد وأخلاق وأفعال أسرته من حيث لا يدري أو يشعر. ففي الحديث عن رسولِ الله صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: "كُلُّ مولودٍ يُولد على الفِطرة حتى يكونَ أبواهُ يُهوِّدانه ويُنصِّرانه"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']19[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']. فقد خُلِقَ الطفل قابلاً للخير والشر معاً، ووالداه هما اللذان يمنحانه القيم الأخلاقيّة السليمة والحسنة أو عكسها.
وفي ما يلي هذه بعض الجوانب التربوية التي تؤثِّر فيها العائلة:
أ- على مستوى شخصيّة الطِّفل: فالعائلة هي المحيط الأوّل والأهمّ الذي يؤسّس لبناء شخصيّة الأبناء وسلوكيّاتِهم.
ب- على مستوى عقيدة الطِّفل: إنّ النواة الأولى لمنظومة الطِّفل الفكرية والعقائدية تتشكَّل في مراحلها الأولى داخل محيط الأسرة، من خلال ما يعيشه داخل الأسرة، وما يتلقّاه من مبادئ فكريّة وعقائدية، ومن خلال تفاعله مع الأنظمة الحاكمة داخل الأسرة نفسها. وفي حال لم تكن تلك المعتقدات صحيحةً سيكون تغييرها وإصلاحها في المستقبل أمراً بالغ الصعوبة؛ خاصّة لجهة الانحرافات والشبهات العقائديّة.[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
2. العشرة واكتساب الأصدقاء:
الإنسان موجودٌ اجتماعي لديه الأهليّة لإقامة العلاقات والصّداقات ومعاشرة الآخرين، وهو بهذه الوسيلة يلبِّي احتياجاته الفطريّة، فيتأثَّر ويُؤثّر، ينفعل ويتفاعل. من هنا، نجد أنّ المعاشرة والمصادقة تسهمان مساهمة فعّالة وجدّيّة في تربية الأبناء سواء من النّاحية الإيجابيّة أم السلبية. لذا، يجب أن تكون العشرة مورد عناية واهتمام الوالدين، وكذلك القيّمين على الشأن التربوي. فالإنسان بمقدار صداقته ودرجة ارتباطه بالطرف الآخر يمكنه أن ينفُذْ في شؤونه المادّيّة والمعنويّة، ويؤثّّر على معتقداته وأخلاقه وحتى سلوكه وأقواله. روي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: "المرء على دين خليله"[/FONT][FONT='Calibri','sans-serif'][FONT='Arial','sans-serif']21[/FONT][/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
وعن الإمام علي عليه السلام أنّه قال: "واعلموا إنّ مجالسةَ أهل الهَوَى منسأةٌ للإيمان، ومحضِرَةً للشيطان"[/FONT][FONT='Calibri','sans-serif'][FONT='Arial','sans-serif']22[/FONT][/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
وروي عن النبي سليمان عليه السلام أنّه قال: "لا تحكموا على رجل بشيء حتى تنظروا إلى من يصاحب، فإنّما يُعرف الرجل بأَشكاله وأَقرانه وينسب إلى أَصحابه وأَخدانه"23.
يتبع[/FONT]
تعليق