الوظيفة الأولى: معرفته عجل الله تعالى فرجه الشريف
"اللَّهمَّ عرّفني نَفْسَكَ فَانَّكَ إنْ لَمْ تَعرّفْني نَفْسَكَ لَمْ أعرِفْ نَبِيّك، اللَّهُمَّ عَرّفُني رَسَولَكَ فَإنَّكَ إن لَمْ تُعرّفْني رَسولَكَ لَمْ أعرفْ حُجّتَك، اللَّهُمَّ عَرّفْني حَجّتَكَ فَإنَّكَ إن لَمْ تُعرّفْني حُجّتَكَ ضَلَلْتُ عَن ديْني"1.
إن الوظيفة الإعتقادية الأولى للمكلف في غيبة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف هي معرفته، والمعرفة تكون من خلال تشخيصه، وإدارك معنى إمامته، ومعنى أنه إمام مفترض الطاعة، ففي الرواية عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: إنما يعبد الله من يعرف الله، فأما من لا يعرف الله فإنما يعبده هكذا ضلالاً قلت: جعلت فداك فما معرفة الله ؟ قال: تصديق الله عز
11
وجل وتصديق رسوله صلى الله عليه وآله وموالاة علي عليه السلام والائتمام به وبأئمة الهدى عليهم عليهم السلام والبراءة إلى الله عز وجل من عدوهم، هكذا يعرف الله عز وجل.
وكذلك يكون من خلال إدراك أنه المنقذ للبشرية وراد الإنسانية إلى جادة الدين المستقيمة، و معيد الحق إلى أهله، وأنه المظهِرُ لأحكام الله وشرائعه، كما ورد في زيارة آل ياسين:
"السَّلامُ عَلَيكَ يَا بَابَ اللَّهِ وَديّانَ دينهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ وَنَاصِرَ حَقِّهِ، السَّلأمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ وَدَليلَ إرادَتِهِ، السَّلأمُ عَلَيْكَ يَا تَالِيَ كِتَابِ اللَّهِ وتَرجُمانَهُ"
الوظيفة الثانية: الثبات على القول بإمامته
في الرواية عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضوان الله تعالى عليه يقول:
"لما أنزل الله عز وجل على نبيه ﴿يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أطِيعُواْ اللّهَ وَأطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأمْرِ مِنكُمْ﴾ قلت: يا رسول الله عرفنا الله و رسوله فمن أولوا الأمرالذين قرن الله طاعتهم بطاعتك ؟ قال: هم خلفائي يا جابر، وأئمة
12
المسلمين بعدي، أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن والحسين، ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر، وستدركه يا جابر، فإذا لقيته فاقرءه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي، ثم سميي وكنيي حجة الله في أرضه وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للايمان. قال: فقال جابر: يا رسول الله فهل ينتفع الشيعة به في غيبته ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إي والذي بعثني بالنبوة إنهم لينتفعون به: يستضيؤون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس، وإن جللها السحاب، يا جابر هذا مكنون سر الله، ومخزون علمه فاكتمه إلا عن أهله "2.
13
والمستفاد من الرواية الشريفة أن المؤمنين في عصر الغيبة، في ابتلاء وامتحان شديد، وسيتخلى عن القول بإمامة الحجة عليه السلام الكثير من الناس، وسيثبت آخرون على الاعتقاد به، وما سبب هذا إلا كثرة الامتحانات، من الدعوات الباطلة والمشككين وكثرة الابتلاءات مع قلة الصبر على طول الغيبة.
وقد ورد في الرواية عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: "يا منصور إن هذا الأمر لا يأتيكم إلا بعد إياس لا والله حتى تميزوا، لا والله حتى تمحصوا، لا والله حتى يشقى من يشقى، ويسعد من يسعد"3.
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام: "إنَّ لصاحبِ هذا الأمرِ غيبة، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد4 ثم قال هكذا بيده ثم قال: إن لصاحب هذا الأمر غيبة فليتق
14
الله عبد وليتمسك بدينه"5.
فهذه الفترة الطويلة من الغيبة الكبرى إنما هي امتحان وتمحيص من الله تعالى للمؤمنين ليتبين منهم الخلص ويصفَى القليلُ منهم ففي الرواية عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام، قال: "إذا فقد الخامس من ولدِ السابع من الأئمة فالله الله في أديانكم لا يزيلنَّكُم عنها أحد، يا بني إنه لا بدَّ لصاحب هذا الأمر من غيبة، حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنما هي محنةٌ من الله امتحن الله بها خلقه"6.
وقد عبرت بعض الروايات الشريفة عن هذا الأمر بالغربلة، فإن الناس ستغربل كما الحبوب ليبقى الصالح منها، ويرمى الفاسد ففي الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام: "والله لتميَّزن و الله لتمحَّصن والله لتُغربلُن كما
15
يُغربَل الزُؤان من القَمح"7.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا مصداقاً للحديث المروي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام قال: "يا علي أعجب الناس إيماناً وأعظمهم يقيناً قوم يكونون في آخر الزمان، لم يلحقوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحجب عنهم الحجة فآمنوا بسواد على بياض"8.
الوظيفة الثالثة: البراءة من أعدائه
فلا يكفي أن أوالي من فرض الله طاعته من دون البراءة من عدوه، وهذا الأمران متساويان في الأهمية ولا بد من اكتمالهما معا لتحقيق الإعتقاد الصحيح، وهذا ما نلمسه في زيارة آل ياسين:
16
"يا مولاي شقي من خالفكم وسعد من أطاعكم. فاشهد على ما أشهدتك عليه، وأنا ولي لك برئ من عدوك، فالحق ما رضيتموه، والباطل ما أسخطتموه، والمعروف ما أمرتم به. والمنكر ما نهيتم عنه، فنفسي مؤمنة بالله وحده لا شريك له، وبرسوله، وبأمير المؤمنين، وبأئمة المؤمنين وبكم يا مولاي. أولكم وآخركم، ونصرتي معدة لكم،فمودتي خالصة لكم آمين آمين"9.
17
هوامش
1- الكليني-الكافي- دار الكتب الإسلامية ,آخوندي-الطبعة الثالثة - ابن بابويه- علي- فقه الرضا-مؤسسة أهل البيت - ج 1 ص 337
2- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 36 ص 250
3- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 52 ص 111
4- " القتاد " شجرٌ عظيمٌ له شوكٌ مثل الإبر و " خرط القتاد " يضرب مثلاً للأمور الصعبة .
5- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 52 ص 111
6- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 52 ص 113
7- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 52 ص 114
8- الحر العاملي - محمد بن الحسن - وسائل الشيعة - مؤسسة أهل البيت - الطبعة الثانية 1414 ه.ق.- ج 27 ص 92
9- راجع مفاتيح الجنان – زيارة آل يسالوظيفة الرابعة: صلة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف
والمراد بصلته عليه السلام، أن يأخذ المرء من ماله ويدفعه هدية عن الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، ففي الرواية عن مفضل بن عمر قال: "دخلت على أبي عبد الله عليه السلام يوماً ومعي شيء فوضعته بين يديه، فقال: ما هذا؟ فقلت: هذه صلة مواليك وعبيدك قال: فقال لي: يا مفضل إني لأقبل ذلك، وما أقبل من حاجة بي إليه، وما أقبله إلا ليزكوا به. ثم قال: سمعت أبي عليه السلام يقول: من مضت له سنةٌ لم يصلنا من ماله قل أو كثر، لم ينظر الله إليه يوم القيامة إلا أن يعفو الله عنه ثم قال: يا مفضل إنها فريضةٌ فرضها الله على شيعتنا في كتابه إذ يقول: ﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾1، فنحن البرُّ والتقوى، وسبيل الهدى، وباب
21
التقوى، لا يحجب دعاؤنا عن الله، اقتصروا على حلالكم و حرامكم، فسلوا عنه، وإياكم أن تسألوا أحداً من الفقهاء عمَّا لا يعنيكم وعمَّا ستر الله عنكم "2.
وفي تفسير العيَّاشي: "روى أصحابنا أنه سئل أبو عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى:﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أمَرَ اللّهُ بِهِ أن يُوصَلَ﴾3، قال: هو صلة الإمام في كل سنة مما قل أو كثر، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: وما أريد بذلك إلا تزكيتكم"4.
وقد تحدثت الكثير من الروايات الشريفة عن الأجر الذي يناله المؤمن من صلته للإمام عليه السلام، ففي الرواية عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من وصل أحداً من أهل بيتي في دار
22
هذه الدنيا بقيراط كافيته يوم القيامة بقنطار"5.
هذا في الآخرة أما في الدنيا فلصلة الإمام عليه السلام أثر في غاية الأهمية وهو قضاء الحوائج، فمن كانت له حاجة إلى الله تعالى فليتقرب إليه بصلة أوليائه المعصومين، ولا سيما إمامنا القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف، فعن أبي عبد الله الإمام الصادق عليه السلام: "لا تدعوا صِلة آل محمَّد من أموالكم من كان غنياً فعلى قدرِ غناه، ومن كان فقيراً فعلى قدرِ فقره، ومن أراد أن يقضي الله أهمَّ الحوائج إليه فليصِلْ آل محمَّد وشيعتَهُم بأحوجِ ما يكون إليه من ماله"6.
وقد يطرأ السؤال التالي كيف نوصل هديتنا للإمام الغائب المحجوب عنا عجل الله تعالى فرجه الشريف؟
والجواب عليه أنه ينبغي أن يصرف المال المُهدَى إليه عجل الله تعالى فرجه الشريف في ما يحرز فيه رضاه، كأن ينفق في المجالس
23
التي تحيي ذكره أو يطبع به الكتب التي تعرف الناس إليه، وتقربهم منه، أو يعطى لمواليه بعنوان الهدية عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف.
الوظيفة الخامسة: الارتباط القلبي به عجل الله تعالى فرجه الشريف
إن الحب والمودة أمر قلبي مأمور به الإنسان المؤمن تجاه أهل البيت عليهم السلام، وهذا ما أشار إليه تعالى في الآية الكريمة ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾7، وفي الرواية أن الله تعالى قال لرسوله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "يا محمد أتحب أن تراهم؟ قلت: نعم، قال: تقدَّم أمامك، فتقدمت أمامي وإذا عليُّ بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة القائم كأنه كوكب دري في وسطهم، فقلت: يا رب من هؤلاء؟
فقال: هؤلاء الأئمة وهذا القائم، يحلُّ حلالِي ويحرِّم
24
حرامي وينتقم من أعدائي، يا محمد أحببه فإني أحبه وأحب من يحبه"8.
وإذا تملكت المحبة في القلب، فلا بد أن تظهر على جوارح الإنسان وسلوكه وأعماله فتكون كما يأمر الإمام ويرضى الله تعالى، " لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن أحب مطيع"9.
الوظيفة السادسة: تجديد البيعة له عجل الله تعالى فرجه الشريف
وهي أن يعقد الإنسان المؤمن العزم في نفسه على مناصرة الإمام عليه السلام والقتال بين يديه في حال ظهوره، وأن يسمع له في الأمر والنهي، ويلقي بأزمة نفسه بين يديه. هذه البيعة الواردة في دعاء العهد المروي عن الإمام
25
الصادق عليه السلام، وفيه: "اللهم إني أجدد له في صبيحة يومي هذا وما عشت من أيامي عهدا وعقدا وبيعة له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول أبدا... اللهم اجعلني من أنصاره وأعوانه والذابين عنه والمسارعين إليه في قضاء حوائجه والممتثلين لأوامره والمحامين عنه والسابقين إلى إرادته والمستشهدين بين يديه..."10.
الوظيفة السابعة: الحج نيابةً عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف
فقد روي أن أبا محمد الدعلجي كان له ولدان وكان من أخيار أصحابنا وكان قد سمع الأحاديث، وكان أحد ولديه على الطريقة المستقيمة وهو أبو الحسن كان يغسل الأموات وولدٌ آخر يسلك مسالك الأحداث في الإجرام، ودفع إلى أبي محمد حجة يحج بها عن صاحب الزمان عليه السلام، فدفع شيئاً منها إلى ابنه المذكور بالفساد وخرج إلى الحج
26
فلما عاد حكى أنه كان واقفا بالموقف فرأى إلى جانبه شابا حسن الوجه أسمر اللون، بذؤابتين مقبلا على شأنه في الإبتهال والدعاء والتضرع، وحسن العمل فلما قرب نفر الناس التفت إلي فقال: يا شيخ أما تستحيي؟
فقلت: من أي شيءٍ يا سيدي؟
قال: يدفع إليك حجة عمن تعلم فتدفع منها إلى فاسق يشرب الخمر، يوشك أن تذهب عينك هذه - وأومأ إلى عيني - وأنا من ذلك إلى الآن على وجل ومخافة.
وسمع أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ذلك قال: فما مضى عليه أربعون يوماً بعد مورده حتى خرج في عينه التي أومأ إليها قرحة فذهبت11.
الوظيفة الثامنة: تقديمه عجل الله تعالى فرجه الشريف في الدعاء
وهذا ما يتضح لنا من خلال الشواهد الكثيرة فمن
27
دعاء عرفة للإمام زين العابدين عليه السلام بعد أن مجد الله تعالى يقول:" أللَّهُمَّ إنَّكَ أيَّدْتَ دِينَكَ فِي كُلِّ أوَان بِإمَام أقَمْتَهُ عَلَماً لِعِبَادِكَ وَّمَنارَاً فِي بِلادِكَ، بَعْدَ أنْ وَصَلْتَ حَبْلَهُ بِحَبْلِكَ، وَجَعَلْتَهُ الذَّرِيعَةَ إلَى رِضْوَانِكَ، وَافْتَرَضْتَ طَاعَتَهُ، وَحَذَّرْتَ مَعْصِيَتَهُ، وَأمَرْتَ بِامْتِثَالِ أمْرِهِ، وَالانْتِهَآءِ عِنْدَ نَهْيِهِ، وَألا يَتَقَدَّمَهُ مُتَقَدِّمٌ، وَلا يَتَأخَّرَ عَنْهُ مُتَأخِّرٌ، فَهُوَ عِصْمَةُ اللائِذِينَ، وَكَهْفُ الْمُؤْمِنِينَ، وَعُرْوَةُ الْمُتَمَسِّكِينَ، وَبَهَآءُ الْعَالَمِينَ. أللَّهُمَّ فَأوْزِعْ لِوَلِيِّكَ شُكْرَ مَا أنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِ، وَأوْزِعْنَا مِثْلَهُ فِيهِ، وَآتِهِ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً، وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً، وَأعِنْهُ بِرُكْنِكَ الأعَزِّ، وَاشْدُدْ أزْرَهُ، وَقَوِّ عَضُدَهُ، وَرَاعِهِ بِعَيْنِكَ، وَاحْمِهِ بِحِفْظِكَ، وَانْصُرْهُ بِمَلائِكَتِكَ، وَامْدُدْهُ بِجُنْدِكَ الأغْلَبِ وَأقِمْ بِهِ كِتَابَكَ وَحُدُودَكَ، وَشَرَائِعَكَ وَسُنَنَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ
28
وَآلِهِ، وَأحْيِ بِهِ مَا أمَاتَهُ الظَّالِمُونَ مِنْ مَعَالِمِ دِينِكَ، وَاجْلُ بِهِ صَدَأ الْجَوْرِ عَنْ طَرِيقَتِكَ، وَأبِنْ بِهِ الضَّرَّآءَ مِنْ سَبِيلِكَ، وَأزِلْ بِهِ النَّاكِبِينَ عَنْ صِرَاطِكَ، وَامْحَقْ بِهِ بُغَاةَ قَصْدِكَ عِوَجاً، وَألِنْ جَانِبَهُ لأوْلِيَآئِكَ، وَابْسُطْ يَدَهُ عَلَى أعْدَائِكَ، وَهَبْ لَنا رَأْفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَتَعَطُّفَهُ وَتَحَنُّنَهُ، وَاجْعَلْنَا لَهُ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، وَفِي رِضَاهُ سَاعِينَ، وَإلَى نُصْرَتِهِ وَالْمُدَافَعَةِ عَنْهُ مُكْنِفِينَ، وَإلَيْكَ وَإلَى رَسُولِكَ صَلَواتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِذَلِكَ مُتَقَرِّبِينَ. أللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلَى أوْلِيآئِهِمُ الْمُعْتَرِفِينَ بِمَقَامِهِمْ، الْمُتَّبِعِينَ مَنْهَجَهُمْ، الْمُقْتَفِيْنَ آثَارَهُمْ، الْمُسْتَمْسِكِينَ بِعُرْوَتِهِمْ، الْمُتَمَسِّكِينَ بِوَلأيَتِهِمْ، الْمُؤْتَمِّينَ بِإمَامَتِهِمْ، الْمُسَلِّمِينَ لأمْرِهِمْ الْمُجْتَهِدِيْنَ فِي طاعَتِهِمْ، الْمُنْتَظِرِيْنَ أيَّامَهُمْ، الْمَادِّينَ إلَيْهِمْ أعْيُنَهُمْ، الصَّلَوَاتِ الْمُبَارَكَاتِ الزَّاكِيَاتِ النَّامِيَاتِ الغَادِيَاتِ، الرَّائِماتِ. وَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أرْوَاحِهِمْ، وَاجْمَعْ
29
َلَى التَّقْوَى أمْرَهُمْ، وَأصْلِحْ لَهُمْ شُؤُونَهُمْ، وَتُبْ عَلَيْهِمْ إنَّكَ أنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ وَخَيْرُ الْغَافِرِينَ، وَاجْعَلْنَا مَعَهُمْ فِي دَارِ السَّلأمِ بِرَحْمَتِكَ يَا أرْحَمَ الراحمين"12.
30
هوامش
1- آل عمران/92
2- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 93 ص 216
3- الرعد/21
4- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 93 ص 216
5- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 93 ص 215
6- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 93 ص 216
7- الشورى : 23
8- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 36 ص 223
9- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 75 ص174
10- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 53 ص95
11- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 52 ص 59
12- الصحيفة السجادية - دعاؤه في يوم عرفة .الوظيفة التاسعة: المحافظة على الأخلاق والالتزام
إن عصر الغيبة الكبرى عصر مليء بالمفاسد والمغريات، وفضلا عن كل هذا، إننا لم نر الإمام المعصوم عليه السلام بأم العين، ونعتقد به ونؤمن بوجوده، وأنه سيظهر في يوم لا نعلمه، وعلينا لكي نكون من المرضي عنهم عنده عجل الله تعالى فرجه الشريف أن نلتزم بكل أحكام الدين والصفات التي وصف الله تعالى بها المؤمنين، فالمثابرة على الطاعات والإلتزام الكلي بالأحكام الإلهية هو من أهم الوظائف.
وأي عبارة أهم من الكلمة الواردة في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: " إنَّ لنا دولةً يجيء الله بها إذا شاء. ثم قال عليه السلام: من سرَّه أن يكون من أصحاب القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق، وهو منتظر، فإن
33
مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدّوا وانتظروا هنيئاً لكم أيتها العصابة المرحومة"1، فهنيئاً لمن كان موضعاً لرحمة الله تعالى.
الوظيفة العاشرة: التوبة إلى الله تعالى
والتوبة إلى الله تعالى من الذنوب التي نبتلى بها على ارتباط وثيق بطول غيبته عليه السلام عنا، فقد ورد في التوقيع المبارك عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف:
"فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه، ولا نؤثره منهم، والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلواته على سيدنا البشير النذير، محمد وآله الطاهرين وسلم"2.
والمراد من التوبة هنا التوبة الحقيقة لا مجرد اللقلقة باللسان بذكر استغفر الله، التوبة بالقول والعمل، وقد بيّنت
34
الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام شرائطها:
" إنَّ الإستغفار درجة العليين وهو اسم واقع على ستة معان:
أولها الندم على ما مضى
والثاني العزم على ترك العود إليه أبدا
والثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله سبحانه أملس ليس عليك تبعة
الرابع أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها
الخامس أن تعمد إلى اللحم الذي تنبّت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى يلصق الجلد باللحم وينشأ بينهما لحمٌ جديد
السادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية"3.
35
وقد أشار صاحب وظيفة الأنام إلى مسألةٍ غايةٍ في الأهمية، وهي الالتفات إلى وساوس الشيطان الذي يتربص بالتائب إلى الله، حيث يقول:
" فانتبه إلى نفسك، ولا تقل: وعلى فرض أنّي أتوب ولكن الناس لا يتوبون فيستمر الإمام عليه السلام في غيبته فذنوب الجميع تؤدي إلى غيبته وتأخّر ظهوره! فأقول: إن كان جميع الخلق سبباً لتأخير ظهوره عليه السلام فالتفت إلى نفسك فلا تكون شريكاً معهم في ذلك، فأخشى أن يصبح حالك تدريجاً كحال هارون الرشيد في حبسه للإمام موسى الكاظم عليه السلام، وحبس المأمون للرضا عليه السلام في "سرخس"، أو حبس المتوكّل للإمام علي النقي عليه السلام في "سامراء"!".
ونعوذ بالله تعالى من أن يصير بنا الأمر لنقاس بمن وصل في أذيته لإمام زمانه إلى حد السجن والقتل، لذا نسأل الله تعالى أن يجنبنا الذنوب ويعطينا القوة للثبات على
36
طاعته والبعد عن معصيته الموجبة لسخطه، وتأخر نزول رحمته بظهور وليِّه الغائب المستور أرواحنا له الفداء.
الوظيفة الحادية عشر: المرابطة
والمرابط في سبيل الله تعالى على نوعين: المرابطة المعروفة بين الناس هي الذهاب إلى الثغور والبقاء هناك على يقظة لحفظ حدود بلاد الإسلام من الغزاة، وهذه المرابطة هي النوع الأول وقد جاء في فضلها الكثير من الروايات الشريفة منها ما روي عن رسول الله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: " رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليه"4.
وفي رواية أخرى عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "رباط يوم خير من صيام شهر وقيامه"5.
وهذه المرابطة من الأعمال التي تجر الخير لفاعلها إلى ما بعد الموت، فهي كالصدقة الجارية، ففي الرواية
يتبع
تعليق