إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الحجاب في القرآن

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحجاب في القرآن

    [FONT='Arial','sans-serif']الحجاب في القرآن[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']
    نبدأ هذا البحث من القرآن الكريم. وقد جاءت الآيات المتعلِّقة بهذا الموضوع في سورتين من القرآن إحداهما سورة النور، والأخرى سورة الأحزاب. ونحن هنا نأتي على تفسير الآيات، ثُمّ نعكف على بيان بعض المسائل الفقهيّة، وعرض الروايات، ونقل فتاوى الفقهاء.[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']
    الآية المتعلِّقة بموضوع بحثنا من سورة النور هي الآية (31)، الّتي تسبقها عدّة آيات تستعرض مسؤوليّة الاستئذان للدخول إلى المنازل:[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ*فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif'] * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ * قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ [/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]


    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]



    [FONT='Tahoma','sans-serif']أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].

    العين والبصر:استعملت الآية - أعلاه - كلمة "الأبصار" التي هي جمع "البصر". وهناك فرق في الدلالة بين كلمة "بصر" وكلمة "عين". فكلاهما يُطلق على العضو الباصر، غير أنّ كلمة "عين" تُطلق دون أنْ تتضمّن دلالة على الإبصار، في حين أنّ كلمة "بصر" تتضمّن فعل الإبصار.وحيث إنّ هدف الآية يتعلّق بفعل العين الذي هو "البصر"، استخدمت الآية كلمة "الأبصار" لا "العيون".
    [/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']
    الغض والغمض:استعملت الآية كلمة أخرى، وهي "يغضّوا" ومادّتها "الغضّ". ولم تستخدم الآية كلمة "غمض" الّتي تُستخدم عادة في مورد العين. وهناك من لا يُفرّق بين مدلول الكلمتين. يلزمنا هنا أنْ نفرّق بين معنى هاتين الكلمتين:الغمض يعني إطباق الجفون، أغمض عينه، أي أطبق عليها جفنيه. والمُلاحَظ أنّ كلمة "غمض" تُستخدم مع "العين". أمّا " غضّ" فتُستعمل مع البصر والنظر والطرف عادةً. والغضّ يعني تخفيف النظر، وقد جاء استعمال هذه المُفرَدة في القرآن الكريم في موردين:[/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]

    [FONT='Arial','sans-serif'] الآية (19) من سورة لقمان، حيث يقول في وصيّة لقمان لابنه: [/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِك[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']َ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']، والآية (3) من سورة الحجرات[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']: [/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ [/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']
    امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى[/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].

    وجاء استعمالها في حديث هند بن أبي هالة المعروف في ذكر شمائل وصفات النبيِّ صلى الله عليه واله وسلم : "وإذا فرح غضّ طرفه".
    ويُفسّر المجلسيُّ جملة "غضّ" في بحار الأنوار، ويقول: "أي كسره وأطرق ولم يفتح عينه، وإنّما يفعل ذلك ليكون أبعد من الأشر والمرح...".
    وقد جاء استخدام الكلمة في وصيّة الإمام عليّ عليه السلام لابنه محمّد ابن الحنفيّة حيث يقول: "تزول الجبال ولا تزل: عضّ على ناجذك. أعِر الله جمجمتك. تِدْ في الأرض قدمك. ارم ببصرك أقصى القوم، وغضّ بصرك"
    [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']1[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].

    وجاء استخدامها لدى الإمام عليه السلام في وصيّته لأصحابه أثناء الحرب، إذ يقول: "غضّوا الأبصار، فإنّه أربط للجأش وأسكن للقلوب، وأميتوا الأصوات، فإنّه أطرد للفشل..."
    [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']2[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
    يُفهم من مجموع موارد الاستعمال المتقدِّمة أنّ معنى الغضّ هو: خفض النظر، واجتناب التركيز به، ومتابعته، أي أنْ لا يقع النظر بشكل استقلاليّ.
    يقول صاحب مجمع البيان في التعقيب على الآية مورد البحث:[/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]

    [FONT='Arial','sans-serif']"أصل الغضّ النقصان، يُقال غضّ من صوته ومن بصره أي نقّص". ويقول في التعقيب على آية سورة الحجرات: "غضّ بصره إذا ضعّفه عن حدّة النظر". وقد فسّر الراغب الأصفهانيّ في كتابه الجليل "مفردات الراغب" هذه الكلمة بما يقرب من المعنى المتقدِّم.
    إذن، [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] تعني خفض وتقليل النظر، وعدم تركيزه، وبلغة علماء أصول الفقه أنْ يكون النظر آليّاً، لا استقلاليّاً[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'].

    إيضاح ذلك: قد يكون نظر الإنسان إلى شخص، بُغية تحديد ملامحه، والتدقيق في وضع ذلك الشخص، كأنْ يُريد أنْ يطّلع على وضع لباسه، وشكل شعره... الخ.
    وقد يكون نظر الإنسان إلى شخص يُقابله، بُغية الحديث معه، فينظر إليه لأنّ النظر يُلازم الحديث والحوار عادةً. الصنف الأوّل من النظر نظر استقلاليّ، والصنف الثاني نظر آليّ لأنّه مقدّمة وأداة للحديث.

    إذن، فمعنى الآية هو: قل للمؤمنين أنْ لا يُركّزوا نظراتهم على النساء، وأن لا يُتابعوهن بالنظرات.
    ينبغي أنْ نُضيف هنا أنّ بعض المفسّرين، الذين ذهبوا إلى أنّ "غضّ البصر" يعني ترك النظر، ادّعوا أنّ المقصود من ترك النظر هو تركه إلى العورة، كما أنّ الجملة اللاحقة في الآية تنظر إلى حفظ العورة. وكما قال الفقهاء: "والأمر بالغضّ لا عموم في متعلّقه، وحذفه لا يقتضيه، إذ حمله على العموم لكلِّ شيء ممتنع"
    [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']3[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]



    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]




    [FONT='Arial','sans-serif']أمّا إذا كان المقصود - كما استنتجنا - من "غض البصر[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']" وهو ترك التركيز في النظر، يعني أنْ ينظر الناظر بما يستلزمه الحديث ويقتضيه فحسب دون ملاحقة النظرات وتركيزها، فمِنَ المقطوع به أنّ متعلّق غضّ البصر هو الوجه فقط، إذ ما تقتضيه الضرورة هو هذا المقدار فقط، فما عدا الوجه ولعلّ الكفين أيضاً، لا يجوز النظر إليه حتماً مع غضّ البصر.

    ستر العورة:ثُمّ نأتي لعبارة
    [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] يعني أنْ تقول للمؤمنين أنْ يحفظوا عوراتهم. من الممكن أنْ يكون المقصود بهذه الآية هو طهارة الفروج عن كلِّ منافٍ وكلِّ عمل قبيح كالزنا والفحشاء ونظائرهما[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].

    إلّا أنّ اعتقاد المفسّرين المسلمين الأوائل، كما أنّ مفاد الأخبار والأحاديث الواردة هو: أنّ جميع الموارد الّتي استخدم فيها القرآن "حفظ الفُروج" أراد بذلك حفظها من الزنا، إلاّ في هاتين الآيتين فالمقصود فيهما حفظها من النظر، يعني: وجوب ستر العورة. وسواء أخذنا بهذا التفسير، أو حملنا "حفظ الفُروج" على مطلق الطهارة والعفاف، فهي تشتمل على كلا التقديرين على مسألة "ستر العورة".

    لم يكن "ستر العورة" عُرفاً مُلزِماً في جاهليّة العرب الأولى، وجاء الإسلام فألزم بستر العورة. وفي دنيا التمدُّن المُعاصِر هناك أيضاً من الغربيّين أمثال راسل من يؤيّد كشف العورة، فيُساق العالَم مرّةً أخرى إلى الجاهليّة الأولى.

    يُعقِّب القرآن بعد الأمر بستر العورة بقوله:
    [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']. فستر [/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]

    [FONT='Arial','sans-serif']العورة لون من الطهارة الروحيّة، حيث لا يكون الإنسان باستمرار ملتفتاً إلى الأعضاء الدنيا وما يرتبط بها من المسائل[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
    فقد أراد القرآن بهذه الجملة بيان فلسفة هذا العمل، وأراد في الواقع أنْ يُجيب أهل الجاهليّة القديمة والجديدة، لكي لا يعدّوا المنع غير منطقي، بل عليهم الالتفات إلى نتائج هذا العمل، ثم يقول بعد ذلك:
    [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].

    ثُمّ يقول في الآية اللاحقة:
    [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] فيذكر في هذه الآية نفس التكليفين السابقين[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']: اجتناب النظر، وستر العورة، الّلذين وجّههما للرجال، ويوجّههما للنساء.

    من هنا يتّضح جيّداً أنّ الهدف من هذه التعاليم هو رعاية مصالح بني البشر، سواء كانوا رجالاً أو نساءً.
    إنّ أحكام الإسلام لم تقم على أساس تمييز وتفضيل للرجل على المرأة، وإلّا يلزم أنْ توجّه كلّ هذه التعاليم للنساء دون فرض أيِّ حكم للرجال. وإذا لاحظنا أنّ مسؤوليّة "الستر" تعلّقت بالمرأة فقط، فذلك لأنّ ملاكها يختصّ بالمرأة. وكما أشرنا آنفاً، فالمرأة مظهر الحسن والجمال، والرجل تجسيد للإعجاب والإثارة، ومن المحتّم أنْ يُقال للمرأة: لا تستعرضي جمالك، ولا يوجّه مثل هذا الخطاب للرجل. لذا فرغم أنّ الأمر بالستر لم يوجّه للرجال فهم عمليّاً يظهرون في الملأ العام بشكلٍ أكثر ستراً من النساء، إذ الرجال ميّالون للنظر لا للتظاهر، بينما تميل النساء على العكس للتظاهر لا للنظر. فميل الرجل للنظر يدفع المرأة بشكلٍ أكبر لأنْ تتظاهر، والميل الضعيف للنظر لدى
    [/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]



    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]



    [FONT='Arial','sans-serif']
    النساء يجعل الرجال أقلّ ميلاً للتظاهر. ومن هنا كان "التبرُّج" من خصوصيّات النساء.

    الزينة:ثمّ تقول الآية في الجملة اللاحقة:
    [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']. كلمة "زينة" في لغة العرب شاملة لألوان التجمُّل، الّتي تلتصق بالبدن كالخضاب والكحل، والتي تنفصل عنه كالمجوهرات والذهب.

    ومفاد الحكم الوارد في الآية هو: لا ينبغي للنساء أنْ يُبرزن ما يتجمّلن به، ثُمّ يرد على هذا الحكم استثناءان، نضعهما موضع البحث تفصيلاً

    الاستثناء الأول
    [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']إِلاَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] ويُستفاد من هذا التعبير أنّ زينة المرأة على نوعين: نوع ظاهر، وآخر مخفيّ ما لم تُظهره المرأة عامدة. فلا يجب إخفاء النوع الأول من الزينة، أمّا النوع الثاني فيجب ستره وإخفاؤه. وهنا يُطرح استفهام بوصفه مشكلة أمام البحث، وهو: ما هي الزينة الظاهرة، وما هي الزينة المخفيّة؟[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].

    وقد طُرح هذا الاستفهام منذ أقدم الأزمنة على الصحابة والتابعين والأئمّة عليهم السلام ، وقد أُجيب عنه. يقول في تفسير "مجمع البيان":"وفيها ثلاثة أقاويل: أحدها: إنّ الظاهرة الثياب والباطنة الخلخالان والقرطان والسواران. عن ابن مسعود. وثانيها: إنّ الظاهرة الكحل والخاتم والخدّان والخضاب في الكفّ.. عن ابن
    [/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]


    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]



    [FONT='Arial','sans-serif']عبّاس، والكحل والسوار والخاتم.. عن قتادة[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
    وثالثها: إنّها الوجه والكفان.. عن الضحّاك وعطاء، والوجه والبنان.. عن الحسن"
    [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']4[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
    وقد طرح هذا الاستفهام كثيراً على الأئمّة الطاهرين عليهم السلام ،، وأجابوا عليهم السلام ،عنه. وننقل هنا عدداً من الروايات الواردة في كتب الحديث، وقد نُقل أغلبها في تفسير الصافي. ويظهر أنّ الاتفاق قائم على هذه الروايات.

    وإليك الروايات
    1- عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']إِلاَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] قال[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']: "الزينة الظاهرة الكحل والخاتم"[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']5[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']
    2 - عن عليّ بن إبراهيم القميّ، عن أبي جعفر عليه السلام في هذه الآية، قال: "هي الثياب والكحل والخاتم وخضاب الكفّ والسوار. والزينة ثلاث: زينة للناس، وزينة للمحرم، وزينة للزوج، فأما زينة الناس فقد ذكرناها، وأما زينة المحرم فموضع القلادة فما فوقها، والدملج وما دونه، والخلخال وما أسفل منه، وأما زينة الزوج فالجسد كلّه"[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']6[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']
    3 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزَّ وجلَّ: [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] قال[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']: "الخاتم والمسكة، وهي القلب"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']7[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']
    4 - عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: "ما[/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]

    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]



    [FONT='Arial','sans-serif']يحلّ للرجل من المرأة أنْ يرى إذا لم يكن محرماً؟ قال: الوجه والكفّان والقدمان[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']8[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
    تتضمّن الرواية الأخيرة حكم جواز النظر للوجه والكفّين، لا حكم عدم وجوب سترهما. والحكمان مسألتان مستقلّتان. ولكنْ سنقول لاحقاً إنّ الإشكال الأكبر يتعلّق بجواز النظر، لا بعدم لزوم الستر. فإذا كان النظر جائزاً كان عدم وجوب الستر ثابتاً بالأولويّة. وسنتناول ذلك البحث.[/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']
    5 - أتت أسماء بنت أبي بكر دار رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (بيت أختها عائشة)، وكانت ترتدي ثياباً تحكي عمّا تحتها، فأدار رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وجهه عنها وقال: "يا أسماء إنّ المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أنْ تُرى منها إلاّ هذا وهذا وأشار إلى كفّه ووجهه"[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']9[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].

    تنسجم هذه الروايات مع وجهة نظر ابن عبّاس والضحّاك وعطاء، ولا تتطابق مع وجهة نظر ابن مسعود، الّذي يدّعي أنّ المقصود من الزينة الظاهرة الثوب.
    ووجهة نظر ابن مسعود لا تقبل التوجيه، إذ الثوب ظاهر بنفسه فلا معنى حينئذٍ لأنْ يُقال: لا تبدي النساء زينتهنّ إلّا الثوب، فالثوب الظاهر لا يقبل الإخفاء والستر لكي يُستثنى، خلافاً للأشياء الّتي ذكرها ابن عبّاس، والضحّاك وعطاء، والّتي وردت أيضاً في روايات الشيعة الإماميّة، فهي قابلة لأنْ يرد الاستثناء عليها.[/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]


    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]



    [FONT='Arial','sans-serif']على أيِّ حال فهذه الروايات يُفهم منها أنّ ستر الوجه والكفّين حتى المعصم غير واجب على المرأة، ولا مانع أيضاً حتى من إظهار الزينة الاعتياديّة المُتعارَفة الّتي توجد في هذين القسمين "الوجه والكفّين"، كالخضاب والكحل، حيث لا تخلو المرأة منها، وحيث إنّ إزالتها عمل خارج عن الحدود العاديّة[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].

    وهنا نوضِّح: نحن نطرح المسألة هنا من وجهة نظرنا، ونذكر اجتهادنا في هذا الموضوع. ولكنْ يجب على كلِّ واحد من الإخوة والأخوات أنْ يُتابع ويُطبّق فتوى مرجع تقليده. وما انتهينا إليه من رأي يتطابق مع رأي بعض مراجع التقليد، ومن الممكن أنْ لا يتطابق مع رأي بعضهم الآخر (رغم أنّ الآخرين ليست لديهم فتوى بالخلاف، وإنّما يفتون بالاحتياط، لا بالجزم والصراحة).
    [/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']
    غرضنا من هذا البحث هو: أنْ تتعرّفوا عن قُرب إلى مصادر التشريع الإسلاميّ، وأنْ تتسلّحوا بالمنطق الإسلاميّ المُحكم والمتين.
    كلُّنا يعلم أنّ قطاعاً واسعاً من الأمّة - اليومَ - يطرح نفسه بوصفه "المثقّف والواعي"، وهذا القطاع ينظر إلى موقف الإسلام من المرأة نظرة سلبيّة. وهم لا يعرفون ماذا قال الإسلام، وهم ليسوا على اطّلاع على فلسفة الإسلام الاجتماعيّة، من هنا فنظرتهم السلبيّة خاطئة مئة بالمئة.

    إنّ تحـلُّـل هـؤلاء مـن الحجـاب والعفـاف عملـيّـاً لا ينحـصر في كونهم مُتابعين لشهواتهم، بل حيث إنّ هؤلاء يجهلون الحجـاب الإسلاميّ وفلسفته، ذهبوا إلى أنّه خرافـة، وأنـّه حكـم يُفضي إلـى تخلّف البشر،
    [/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]


    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]



    [FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Arial','sans-serif']وهذا الاعتقاد هو علّة بُعد وغربة بـل خـروج هـؤلاء من الإسلام[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
    ولو انحصر الأمر في المخالفة العمليّة ومتابعة الهوى والشهوة لكان يسيراً بل أصبح الأمر أمر إنكار الإسلام ورفضه. وعليك قارئي الكريم أنْ تتعرّف إلى منطق الإسلام وفلسفته الاجتماعيّة عن قرب، لتستطيع أنْ تُجيب عن شبهات هؤلاء.

    وبديهيّ أنّ مهمّة الذبّ عن الشبهات لا يكفي لها قرّاء الرسائل العمليّة، والمطّلعون على الفتاوى، بل لا بُدّ أيضاً من البحث القائم على الدليل من زاويتَي النصوص، وفلسفتها الاجتماعيّة. ولذلك وجدنا هذا البحث ضروريّاً، وبذلك اندفعنا لدراسة هذه المسألة دراسة استدلاليّة مصحوبة ببيان الأدلّة.
    أمّا ما هو الحدُّ الّذي تسمح الشريعة للمرأة بأنْ تُظهره أمام محارمها، فإنَّ الروايات والفتاوى مُختَلِفة في هذا المجال. والّذي يُستنتج من بعض الروايات، الّتي أفتى في ضوئها بعض الفقهاء، هو: يلزم ستر ما بين السرّة والركبة أمام المحارم عدا الزوج.

    كيفيـّة الستر
    بعد الاستثناء الأوّل تقول الآية:
    [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِن[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']ّ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] ومن الواضح أنّ الخمار ليس له خصوصيّة هنا، بل المقصود هو ستر الرأس والرقبة والنحر. لقد كانت جيوب نساء العرب واسعة، لا تغطي نحورهنّ وصدورهنّ. وكُنَّ يسدلن خمرهنّ من الخلف فتبدو آذانهنّ وأقراطهنّ ونحورهنّ وصدورهنّ. فجاء حكم هذه الآية، بلزوم أنْ يُستخدم القسم الّذي يسدل الخلف من الخمار لتغطية ما كان مكشوفاً[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']يتبع[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]

  • #2
    [FONT='Arial','sans-serif']يقول [/FONT][FONT='Arial','sans-serif']"ابن عبّاس" في تفسير هذه الجملة:"تُغطّي شعرها وصدرها وترائبها وسوالفها"[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']10[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
    فالآية تُشخِّص حدود الستر. وقد نقل السنّة والشيعة في التعقيب على هذه الآية رواية مفادها:"استقبل شابٌّ من الأنصار امرأة بالمدينة، وكانت النساء يتقنّعنَ خلف آذانهنّ، فنظر إليها، وهي مُقبِلة، فلمّا جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سمّاه "لبني فلان، فجعل ينظر خلفها واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشقّ وجهه، فلمّا مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره، فقال: والله لآتينّ رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، قال: فأتاه فلمّا رآه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال له: ما هذا؟ فأخبره، فهبط جبرائيل بهذه الآية: [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif'].[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']..[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']" إلخ [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']11[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
    التعبير المركّب من "على" و"ضرب" يُعطي هذا المعنى: أنْ تضع شيئاً فوق آخر، بحيث يعدُّ حاجباً ومانعاً. قال في تفسير الكشاف:"ضربت بخمارها على جيبها، كقولك ضربت بيدي على الحائط، إذا وضعتها عليهوجاء في تفسير الكشّاف في تفسير الآية (11) من سورة الكهف }فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ{ ما يلي: "أي ضربنا عليها حجاباً من أنْ تسمع".

    وفي تفسير مجمع البيان، يقول:"[/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']. والخمر المقانع، جمع خمار، وهو غطاء رأس المرأة المنسدل على جنبيها، أُمِرنَ بإلقاء المقانع على صدورهنّ، تغطيةً لنحورهنّ، فقد قيل إنّهن كُنَّ يُلقينَ مقانعهنّ على ظهورهنّ، فتبدو صدورهنّ، وكنّى عن الصدور بالجيوب، لأنّها ملبوسة عليها، وقيل إنّهن أُمِرنَ بذلك ليسترنَ شعورهنّ وقرطهنّ وأعناقهنّ. قال ابن عبّاس: تُغطّي شعرها وصدرها وترائبها وسوالفها"[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']12[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].

    وفي تفسير الصافي في نهاية تفسير جملة [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']: ستراً لأعناقهنّ.
    وعلى أيِّ حال فالآية تُشخِّص بصراحة تامّة حدود الستر اللازم. ومراجعة تفاسير وروايات السنّة والشيعة، وعلى الخصوص الشيعة، توضّح المسألة بشكلٍ كامل، ولا تُبقي مجالاً للشكّ في مفهوم الآية.

    الاستثناء الثاني
    [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَ لِبُعُولَتِهِنَّ[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif'].[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].. [/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] إلخ[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
    حدَّد الاستثناء الأوّل مقداراً من الزينة الّتي يجوز إظهارها لعموم الرجال. أمّا هذا الاستثناء فيُحدِّد الأشخاص الذين يجوز إظهار مطلق
    [/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'] الزينة أمامهم. دائرة الاستثناء الأوّل أوسع - من زاوية الأفراد، وأضيق من زاوية المواضع الّتي تظهر - من دائرة الاستثناء الثاني. وأغلب الأشخاص الذين ذكرتهم الآية هم عين ما يُدعى فقهيّاً "المحارم"، وهم:
    1 - لبعولتهنّ.
    2 - أو آبائهنّ.
    3 - أو آباء بعولتهنّ.
    4 - أو أبنائهنّ.
    5 - أو أبناء بعولتهنّ.
    6 - أو إخوانهنّ.
    7 - أو بني إخوانهنّ.
    8 - أو بني أخواتهنّ.
    9 - أو نسائهنّ.
    10 - أو ما ملكت أيمانهنّ.
    11 - أو التابعين غير أولي الإربة.
    12 - أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء.

    الاستثناء الثالث
    وأمّا الاستثناء الثالث الوارد في مسألة الحجاب
    [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif'].[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']..[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] [/FONT][FONT='Arial','sans-serif']13[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']، فهو ثالث[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'] استثناء في مسألة الحجاب، حيث ورد الأوّل والثاني في الآية 31 من نفس السورة.
    ما هو المقصود من القواعد؟ القواعد هُنَّ النساء العجائز الّلواتي قعدنَ جنسيّاً، حيث لا يكوننّ مورد قبول الرجال جنسيّاً، ولذا لا يكون لهنّ أمل في الزواج، وإنْ أمكن أنْ تكون لهنّ رغبة.[/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']
    ويُفهم من قوله: }أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ{ أنّ للمرأة نوعين من الّلباس، أحدهما لباس داخل المنزل، وآخر خارجه، وما أُجيز هو: خلع اللباس الذي يُستعمل داخل المنزل، دون تبرُّج وزينة.
    وقد حدّدت النصوص الإسلاميّة حدود خلع الستر الذي يجوز للقواعد من النساء. فقد ورد في الأثر عن الحلبيّ عن الصادق عليه السلام أنّه قرأ
    [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] قال: الخمار والجلباب، قلت: بين يدي من كان؟ فقال: بين يدي من كان غير متبرِّجة بزينة، فإنْ لم تفعل فهو خير لها [/FONT][FONT='Arial','sans-serif']14[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']
    يُمكن أنْ نستنتج قاعدة كليّة من قوله [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']، وهي: أنّه كلّما راعت المرأة جانب العفاف والستر بشكلٍ أكبر فهو أكبر حبّاً لله. وإنّ الرخص الّتي منحها الله إرفاقاً وتسهيلاً في كشف الوجه والكفّين، لا ينبغي أنْ تؤدّي إلى إغفال هذه القاعدة الكليّة[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].

    نساء النبيِّ صلى الله عليه واله وسلم الآيات الّتي تتعلّق بمسألة "الستر" هي آيات سورة النور الّتي
    [/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'] أوضحناها. كما أنّ هناك عدّة آيات في سورة الأحزاب يُمكن ذكرها على هامش هذه المسألة. بعض هذه الآيات متعلِّق بنساء
    رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، وبعضها الآخر أحكام وردت في حفظ حريم العفاف.
    فيما يتعلّق بالقسم الأوّل، فقد قال تعالى: [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً*وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']...[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'].

    ليس المقصود من الحُكم في هذه الآية سجن نساء النبيِّ في بيوتهنّ، إذ التاريخ الإسلاميّ يحكي لنا أنّ النبيَّ صلى الله عليه واله وسلم كان يصطحب نساءه في السفر، وكان لا يمنعهنّ من الخروج من دورهنّ. بل المقصود من الآية هو أنّ المرأة لا تخرج من بيتها لكي تستعرض نفسها أمام الرجال، وخصوصاً بالنسبة لنساء النبيِّ، فالحكم أكثر تأكيداً والمسؤوليّة أشدّ وأكبر.
    [/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']
    تقول الآية (53) من سورة الأحزاب: [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
    [/FONT]
    [FONT='Tahoma','sans-serif']
    [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']جاءت كلمة "الحجاب" في هذه الآية. وحينما يُقال آية الحجاب - كما أشرنا[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] - فالمقصود هو هذه الآية. وحكم الحجاب في هذه الآية يختلف عن حكم "الستر" الذي هو مورد بحثنا. فالآية تُحدِّد سلوكاً [/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']داخل أسرة محدَّدة، وتمنع من دخول محلِّ النساء، وتأمر بالحديث - حينما تقتضي الحاجة - من وراء حجاب[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']. وهذه المسألة لا علاقة لها بمسألة "الستر"، الّتي وردت في البحث الفقهيّ تحت عنوان "الستر"، لا "الحجاب".

    وجملة
    [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']نظير قوله[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']: [/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] [/FONT][FONT='Arial','sans-serif']15[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']، فهي تدلُّ على أنّه كلّما التزم الرجل والمرأة جانب الستر والحجاب، وأقلعا عن التعامل الّذي يُفضي إلى تبادل النظرات، فإنّ ذلك أقرب للطهارة الروحيّة والتقوى. وكما قُلنا: لا ينبغي إغفال رجحان "الستر والحجاب وترك النظر[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']" أخلاقيّاً على أساس الرخص والإباحات، الّتي أتت بحكم الضرورة.

    حريم العفاف
    تقول الآيتان (59 - 60) من سورة الأحزاب ما يلي:
    [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif'] * لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَ قَلِيل[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']اً[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']16[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
    ينبغي دراسة مسألتين بدقّة في هذه الآية: الأولى: ما هو معنى الجلباب، ودنو الجلباب؟
    الثانية: ذكرت الآية علّة الحكم فيها [/FONT]
    [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']أَ[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']نْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] فما هو[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'] ا[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']لمقصود بذلك؟[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']
    أمّا المسألة الأولى: فقد اختلفت كلمات المفسّرين واللغويّين في معنى كلمة "الجلباب"، فأضحى الوقوف على المعنى الصحيح لهذه الكلمة أمراً عسيراً.

    يقول في المُنجِد:"القميص أو الثوب الواسع".
    ويقول الراغب في مفرداته:"الجلابيب: القمص والخمر".
    ويقول صاحب القاموس:"والجلباب كسرداب وسنمار: القميص وثوب واسع للمرأة دون الملحفة، أو ما تُغطّي به ثيابها من فوق كالملحفة أو هو الخمار".
    ويقول في لسان العرب:"الجلباب ثوب واسع من الخمار دون الرداء تُغطّي به المرأة رأسها وصدرها". وتقترب عبارة الكشّاف من المضمون المتقدّم.
    ويقول في مجمع البيان حينما يُحدّد المدلول اللغويّ:"الجلباب: خمار المرأة الذي يُغطّي رأسها ووجهها إذا خرجت لحاجة".
    وضمن تفسير الآية يقول:"أي قل لهؤلاء فليسترن موضع الجيب بالجلباب وهو الملاءة الّتي تشتمل بها المرأة".
    ثم يقول بعد ذلك:
    [/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']"وقيل إنّ الجلباب هو الخمار".

    المُلاحَظ أنّ معنى "الجلباب" ليس واضحاً بجلاء لدى المفسّرين. ويظهر أنّ الأصحّ هو: أنّ الجلباب - في أصل الّلغة - يشمل كلّ ثوب واسع. ولكنّه كان يُطلق غالباً على الخمار، الّذي هو أكبر من المقنعة، وأصغر من الرداء. من هنا يتّضح أنّ هناك لونين من الخمار كانت النساء تستعملهما: أحدهما: ما يُدعى بالخمار أو المقنعة، وهو ربطة صغيرة تُستعمل غالباً داخل المنازل. والنوع الآخر: خمر واسعة تُستعمل خارج المنزل. وهذا المعنى يتطابق مع الروايات الّتي ورد فيها لفظ "الجلباب". كرواية عبيد الله الحلبيّ الّتي نقلناها في تفسير الآية (60) من سورة النور. حيث يُستفاد منها أنّ الجلباب كان غطاء لشعر الرأس.

    كما ورد في روايات أخرى في تفسير الآية المتقدّمة أنّ الإمام الصادق عليه السلام قال: "الخمار والجلباب إذا كانت المرأة مسنّة"
    17.
    على هذا الأساس فالمقصود من "دنوّ الجلباب" التستّر به. يعني حينما تُريد المرأة الخروج من المنزل عليها أنْ تلبس خمارها الواسع. ومن الواضح أنّ "تدني" لا تعني لغويّاً: تلبس، بل يُستفاد هذا المعنى من سياق ومورد الاستعمال، فحينما تقول لإمرأة: "ادني عليك ثيابك" فالمعنى هو أنْ لا تجعليها سائبة، بل اجمعيها، ولا تجعليها أمراً لا أثر له، بل تستّري بها.

    إنّ استفادة النساء من العباءة الّتي يضعنها على رؤوسهنّ على نحوين
    [/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']النحو الأوّل: يكون لبس العباءة فيه ذا صفة تشريفاتيّة فحسب، كما هو الحال في أيّامنا لدى بعض النساء اللاتي نراهنّ، حيث إنّ العباءة لديهنّ مجرّد اسم وعادة، فهي لا تُغطّي بعباءتها أيّ جزء من بدنها، بل تتركها مفتوحة، يبدو منها الشّعر والرقبة، رغم كونهنّ لا يمتنعنَ عن لقاء الرجال الأجانب، ذلك أنّهن لا مانع لديهنّ من تمتّع الآخرين بالنظر إلى أجسادهنّ[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']!.
    النحو الثاني: على العكس من الأوّل، حيث تُمسك المرأة بعباءتها، ولا تتركها مفتوحة، وهذا مؤشِّر على عفاف المرأة وتستّرها. فهي عمليّاً تدفع أنظار الرجال عنها، وييأس المنحرفون منها.
    [/FONT]
    [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']
    وسوف نُشير إلى أنّ التعليل الوارد في آخر الآية يُعطي المفهوم الأخير

    يتبع[/FONT]

    تعليق


    • #3
      [FONT='Arial','sans-serif']
      أما بالنسبة إلى المسألة الثانية: علّة الحكم الوارد في الآية:فقد ذكر المفسّرون: أنّ جمعاً من المنافقين كانوا يقفون ليلاً عند ابتداء دخول الظلام على مفترق الطرق وعلى رأس الأزقّة، للاعتداء على الإماء.

      وقد أشرنا سابقاً إلى أنّ الستر ليس بواجب على الإماء. وقد يعترض هؤلاء الشباب المنحرفون أحياناً سبيل الحرائر من النساء، بادّعاء أنّهم حسبوا كونهنّ إماءً، من هنا نزل الحكم للنساء الحرائر بأنْ لا يخرجنَ من بيوتهنّ دون جلباب يعني دون ثياب كاملة، لكي تُشخَّص الحرّة من الأمة بشكلٍ كامل، فلا يتعرّض لهنّ أحد.
      إنّ ما ذكره المفسِّرون في هذا المجال لا يخلو من إشكال، إذ يُفهم منه أنّ التعرّض للإماء لا مانع منه، وأنّ المنافقين استخدموا عذراً
      [/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']مقبولاً لممارستهم، والحال أنّ الأمر ليس كذلك، فرغم أنّ ستر الشَّعر ليس واجباً على الإماء، ولعلّ سببه أنّ وضعهنّ غير مثير ولا تقعن مورداً لرغبة الرجال، مضافاً إلى أنّ عملهنّ الخدمة - كما أشرنا[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] - ولكن وعلى أيِّ حال فالتعرُّض لهنّ ذنب، ولا يستطيع المنافقون أنْ يتخذوه ذريعةً لممارساتهم.

      هناك احتمال آخر طُرح في هذا المجال وهو: حينما تخرج المرأة من دارها مستورة مراعية جانب العفاف، فسوف لا يجرؤ المنحرفون على التعرُّض لها.
      يكون معنى الجملة في ضوء الاحتمال الأوّل: }ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ{ هو: أنّه بذلك سوف تُشخّص الحرّة من الأمة، فلا يتعرّض لها الشباب ولا تؤذى. أمّا على ضوء الاحتمال الثاني يكون معناها: أنّه بذلك سوف يُعرفن بأنّهنّ نساء عفيفات، وسوف ينصرف عنهنّ المنحرفون، إذ سيتضح أنّ هنا حريم العفاف، فتُعمى عين الخيانة وتُقطع يدها.
      [/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']
      لم يُبيّن في هذه الآية حدود الستر، فلا يُمكن أنْ نفهم من هذه الآية هل أنّ ستر الوجه واجب أو لا. والآية الّتي تعرّضت لحدود الستر هي الآية (31) من سورة النور، الّتي درسناها آنفاً.
      إنّ المفهوم الّذي يُستخلص من هذه الآية، حقيقة ترسم منهجاً رفيعاً، وهو: أنّه ينبغي للمرأة المسلمة أنْ تتحرّك بين الناس، بالشكل الذي تعكس خلاله العفاف والوقار والطهارة، بحيث تكون هذه المعالِم شارتها الّتي بها تُعرف. وعندئذٍ ييأس المنحرفون الّذين يتصيّدون،
      [/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif'] ولا تخطر في بالهم قضيّة استغلالهنّ. فالمُلاحَظ أنّ الطائشين من الشباب إنّما يعترضون سبيل النساء الرخيصات اللواتي لا يلتزمنَ بحجاب. وحينما يعترضونهنّ، ويعترضنَ، يُقال لهنّ: لو لم ترغبن بذلك ما كُنْتُنّ على الحال الّتي أنتنَّ عليها.

      ونظير حكم هذه الآية الحكم الّذي جاء في الآية الّتي تسبق هذه الآية بخمس وعشرين آية، حيث يوجّه القرآن الخطاب لنساء النبيّ صلى الله عليه واله وسلم ويقول: [/FONT]
      [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']. والحكم في هذه الآية يبيّن الوقار والعفاف في الحديث، بينما تبيّن الآية - مورد البحث - الوقار في المشي والذهاب والإياب.

      قُلنا آنفاً: إنّ حركات الإنسان وسكناته تحكي أحياناً، فأحياناً يكون وضع لباس المرأة ومشيها وحديثها ذا معنى، فيقول للرجل بلا لسان: أعطني قلبك، أطلبني، تابعني... وأحياناً تنطق بالعكس فتقول له بلا لسان: لا تتعرّض لسور عفافي. على أيِّ حال هذا هو المستفاد من هذه الآية، لا الكيفيّة الخاصّة للستر. وكيفيّة الستر توضّحه الآية (31) من سورة النور. ومع ملاحظة أنّ الآية - موضوع البحث - متأخّرة في نزولها عن آية سورة النور يُمكن أنْ نستخلص أنّ مفهوم قوله:
      [/FONT]
      [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] هو: لزوم رعاية حكم سورة النور بشكل كامل، لكي يخلصنَ من أذى الأشرار[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].

      الآية الّتي تسبق هذه الآية تقول:
      [/FONT]
      [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِينا[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']. فهذه الآية تُدين وتُحذِّر أولئك الّذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات. ثُمّ يُعقِّب القرآن الكريم مباشرة[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']
      بحكم الآية موضوع البحث، وذلك برعاية الوقار الكامل لتُصان أعراضهنّ من عدوان المنحرفين. فالالتفات للآية السابقة يُعين على فهم مقصود الآية بشكلٍ أفضل.

      حدود الستر
      نُريد الآن أنْ نُحلِّل من وجهة النظر الفقهيّة حدود الستر الّتي أوجبها الإسلام على المرأة، مع الأخذ بنظر الاعتبار وجهات النظر المختلفة في هذا المجال.
      ونُكرِّر هنا أنّ بحثنا ذا طابع علميٍّ ولسنا بصدد إعطاء فتوى في هذا المجال. فأنا أُقرِّر الرأي الّذي أنتهي إليه، وما على المكلَّف إلّا العمل بفتوى المجتهد الّذي يُقلِّده.
      يلزمنا بدءاً أنْ نُحدِّد الأمور القطعيّة من وجهة نظر الفقه الإسلاميّ، ثُمّ نأتي إلى نقاط الاختلاف.

      أوّلاً: لا شكّ في وجوب ستر ما عدا الوجه والكفّين على المرأة من وجهة نظر الفقه الإسلاميّ. وهذا الحكم من الأحكام الفقهيّة الضروريّة المسلّمة. فليس هناك تردّد وشكّ في هذا المقام لا على مستوى الأدلّة "الكتاب والسنّة"، ولا على مستوى الفتاوى، إنّما الخلاف حول لزوم ستر الوجه والكفّين إلى المعصم.

      ثانياً: يلزم أن نفصل بين مسألتين، مسألة "وجوب الستر" الّتي هي مسؤوليّة المرأة، ومسألة "حرمة النظر للمرأة" والّتي هي مسؤوليّة الرجل. فمِنَ الممكن أنْ يذهب شخص إلى عدم وجوب ستر الوجه والكفّين على المرأة، ويرى في نفس الوقت حرمة النظر على الرجل. فلا يصحّ الاعتقاد بأنّ هناك ملازمة بين هاتين المسألتين. كما أنّ الثابت فقهيّاً عدم وجوب ستر الرأس على الرجل، لكنْ هذا لا يكون دليلاً على جواز نظر المرأة إلى رأس وبدن الرجل.
      [/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']نعم، إذا قلنا بالجواز في مسألة النظر يلزمنا القول بعدم الوجوب بالنسبة للستر، إذ من المستبعد جدّاً أنْ يجوز نظر الرجل لوجه وكفّي المرأة، ولكنْ يحرم على المرأة كشف الوجه والكفّين. وسننقل أنّه لا يُمكن العثور على شخص بين قدماء المفتين يذهب إلى وجوب ستر الوجه والكفّين، ولكنْ هناك من يذهب إلى حرمة النظر[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
      ثالثاً: ليس هناك شكّ في مسألة جواز النظر من أنّ النظر إذا كان على أساس الّلذة والريبة فهو حرام.
      والنظر بقصد الّلذة يعني النظر لأجل حصول الّلذة الجنسيّة، أمّا الريبة فهي تحصل عادةً بحكم خصوصيّة الناظر والمنظور إليه، حيث يُصبح النظر أمراً مُريباً فيُخاف منه، ويُخشى حصول الميل الجنسيّ على أثره.

      فهذان الّلونان من النظر حرام مطلقاً، حتى بالنسبة للمحارم. والمورد الوحيد الذي استُثني هو النظر بقصد الزواج.
      ففي هذا المورد يجوز النظر وإن كانت هناك لذّة، وهي حاصلة في الغالب. وبديهيّ أنّ شرط الجواز هو أنْ يكون الشخص هادفاً في الواقع للزواج، يعني أنّ الرجل يُريد جدّيّاً رؤية المرأة لأجل الزواج، ويُريد الاطّلاع على سائر خصوصيّات المرأة المنظورة، الّتي يُريدها من الزوجة. لا أنّه يدّعي الزواج كذريعة لإشباع فضوله وشهوته. والقانون
      [/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']
      الإلهيّ لا يُشبه قوانين البشر، فيُريح الإنسان باله بالذرائع والحيل، ففي القانون الإلهيّ يكون وجدان الإنسان حاكماً، والله تعالى الّذي لا يخفى عليه شيء مُحاسِباً.

      من هنا يلزم القول إنّه ليس هناك استثناء في الواقع، إذ ما هو حرامٌ قطعاً هو النظر بقصد الّلذة، وما لا مانع منه هو النظر الذي لا يستهدف التلذّذ بل يكون التلذّذ لازماً قهريّاً له.
      لقد صرّح الفقهاء بأنّه لا يجوز لأحدٍ أنْ ينظر إلى النساء بقصد اختيار واحدة منهنّ للزواج. إنّما يجوز النظر إلى امرأة خاصّة تعرّف إليها ودرس جوانبها المختلفة، ولم تبق أمام زواجه منها أيّة عقبة سوى القناعة بشكلها وقيافتها، فيُريد النظر إليها لكي يقطع أمر الزواج منها. وقد طرح بعض الفقهاء هذه المسألة بصورة احتياطيّة.

      الوجه والكفّان:بعد أنْ أوضحنا الموارد القطعيّة للزوم الستر، يأتي دور البحث بصدد "ستر الوجه والكفّين".
      الفلسفة الّتي يقوم عليها الحجاب تتفاوت بشكلٍ كامل بين اتّجاهين، حسب الموقف من "مسألة الستر"، فإنْ اخترنا وجوب ستر الوجه والكفّين أصبحنا أنصار فلسفة نظام البردة، ومنع المرأة من ممارسة أيِّ عمل اجتماعيٍّ إلّا في محيط المنزل أو المحيط النسويّ البحت.
      أمّا إذا اخترنا لزوم ستر كامل البدن، وحرّمنا أيَّ لون من ألوان الإثارة على المرأة، وحرّمنا على الرجال أيضاً النظر بلذّة وريبة، واستثنينا من لزوم الستر الوجه والكفّين حتى المعصمين، بشرط
      [/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']تجنُّب أيِّ لون من التجميل المثير والمهيّج، حينئذٍ ستتّخذ المسألة وجهةً أخرى. وسنكون أنصار فلسفة أخرى، لا ترى ضرورة لحجز المرأة داخل البيت وحجبها، بل لا بُدَّ من رعاية اختصاص الممارسة الجنسيّة داخل محيط الأُسرَة، وتطهير المحيط الاجتماعيّ العام، وأنْ لا تُمارَس أيّة لذّة سواء كانت عن طريق النظر أو الّلمس أو السمع خارج إطار الزواج، وعليه يُمكن للمرأة أنْ تتحمّل مسؤوليّة الأعمال الاجتماعيّة[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']الخلاصة[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']
      إنّ الوجه والكفّين حدٌّ ما بين سجن المرأة وحرّيّتها. والاعتراضات الّتي يوردها معارضو فكرة الحجاب إنّما ترد إذا قُلنا بلزوم ستر الوجه والكفّين. أمّا إذا لم نذهب إلى وجوب سترهما فلا يُمكن لهم الاعتراض على ستر سائر أجزاء الجسد، بل الإشكال يرد عليهم حينئذٍ.
      فإذا لم تكن المرأة مريضة نفسيّاً، ولم ترغب الخروج عريانة، فلا يمنعها ستر تمام جسدها ـ عدا الوجه والكفّين حتى المعصمين - من ممارسة أيّة فعاليّة في المحيط العامّ. بل على العكس، فالتبرُّج، وارتداء الملابس الضيّقة، والموضات المتنوّعة، يُخرج المرأة على هيئة موجود مُهمَل، وغير مُنتِج، حيث تستهلك كامل وقتها للإبقاء على تجمُّلها ومظهرها. وإنّ استثناء الوجه والكفّين عن لزوم الستر، لأجل رفع الحرج، ومنح المرأة فرصة ممارسة النشاط العامّ، وعلى هذا الأساس نفسه لم يُلزم الإسلام بسترهما.
      [/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']مشاركة المرأة في الفعاليـّات الاجتماعيـّة[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']
      قد أمسكنا - من خلال مجموع ما طرحناه - بمفهومين:[/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']
      أحدهما: أنّ الإسلام اعتنى بشكلٍ كاملٍ بأهميّة وقيمة العفاف الرفيعة، وبضرورة شرعيّة العلاقة الجنسيّة بين الرجل والمرأة سواء كانت عن طريق النظر، أو الّلمس أو السمع، أو المضاجعة.
      ولم يرض أنْ تُخدش قيمة العفاف وشرعيّة العلاقة الجنسيّة على الإطلاق، وتحت أيِّ شعار، وبأيِّ اسم وعنوان. أمّا عالَمنا المعاصِر فقد أغفل هذه القيمة الإنسانيّة الرفيعة، وفي نفس الوقت فهو لم يُرِد الاعتراف بهذا الواقع السلبيّ رغم أنّ آثاره تحيق به.

      إنّ عالم اليوم أفسد نفوس الشباب بشدّة باسم حريّة المرأة وأكثر تحديداً باسم: حريّة العلاقات الجنسيّة. فبَدَلَ أنْ تُساهم هذه الحريّة في رشد الاستعدادات وتفتّحها فقد أخذت بتبديد الطاقات والاستعدادات الإنسانيّة بصورة أخرى تختلف عن الصورة القديمة لهذا التبديد. فقد خرجت المرأة من نطاق المنزل ولكن إلى أين ذهبت؟ إلى سواحل البحار، وإلى أرصفة الشوارع، وإلى قاعات الحفلات الساهرة! لقد هدّمت المرأة - اليوم، باسم الحريّة - الأُسرَة، دون أنْ تبني المدرسة أو تُعمِّر مكاناً آخر وإذا لم أُبالِغ فإنّها قد هدّمت المدرسة وغيرها أيضاً.
      فعلى أثر التحلُّل وضياع الحدود الإنسانيّة، انخفض مستوى تعليم الشباب، وهجروا المدارس، وارتفعت نسبة الجرائم الجنسيّة، وقد ازداد الإقبال على دور السينما، وامتلأت جيوب ذوي مصانع أدوات
      [/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']التجميل، وارتفع مقام الراقصين والراقصات على مقام العلماء والمفكّرين والمصلحين بمراتب[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].

      وإذا أردت أنْ تعرف حقيقة هذا الأمر فقارن بين استقبال راقصة ترد البلاد وبين استقبال مُخْتَرِع كبير يرد إليها، وقارن بين ردِّ فعل الشباب في كلا الحالين
      18.
      المفهوم الثاني: رغم اهتمام الإسلام بخطورة تجاوز حدود العفاف - ومن الواضح أن هذه السنّة الإلهية الطاهرة، سنّة معتدلة ومتعادلة وبعيدة عن كلِّ إفراط وتفريط، وأمّتها الأمّة الوسط -، فهو لم يُغفل الجوانب الأخرى. فلم ينه النساء عن المشاركة في الفعاليّات الاجتماعيّة ضمن حدود المحافظة على النظافة الأخلاقيّة، وقد أوجب مشاركتهنّ في بعض الموارد، كالحجّ، حيث تتساوى المرأة والرجل في تعلُّق الوجوب بهما، ولا يحقّ للرجل أيضاً منعها. كما اكتفى في موارد أخرى بإعطاء الإذن والرخصة.

      نحن نعرف أنّ الجهاد ليس واجباً على المرأة، إلّا حينما تقع بلاد
      [/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']المسلمين مورداً للهجوم وتكون الحرب دفاعيّة خالصة، ففي هذه الحالة - كما يُفتي الفقهاء [/FONT][FONT='Arial','sans-serif']19[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']- يجب الجهاد على المرأة أيضاً.
      لكنّه لا يجب في غير هذه الحالة. وقد أذن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم للنساء في المشاركة في الحروب عن طريق مساعدة ودعم المقاتلين والمجروحين، ولدينا قضايا كثيرة في تاريخ الإسلام، في هذا المجال
      20.
      لا تجب على النساء المشاركة في صلاة الجماعة إلّا إذا حضرن، فبعد حضورهنّ تجب عليهنّ المشاركة
      21.
      لا تجب على النساء المشاركة في صلاة العيدين، لكنّهنّ غير ممنوعات عن المشاركة. نعم يُكره للحسناوات من النساء المشاركة في مثل هذه المناسبات
      22.
      ولقد كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يصطحب إحدى نسائه في سفره، ويختارها من بينهنّ بالقرعة، كما عمل بهذا المنهج بعض الصحابة
      23.
      لقد أخذ رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من النساء البيعة، دون أنْ يُصافحهنّ، فقد أمر بإناء فيه ماء، ووضع يده فيه، وأمر النساء بوضع أيديهن فيه، وعدّ ذلك مبايعة
      24.وقد قالت عائشة: إنّ النبيَّ لم تُلامس يده طول حياته يدَ امرأة أجنبيّة.[/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']لم يمنع النساء عن المشاركة في تشييع الجنازة، رغم عدم وجوبها عليهنّ. وقد رجّح رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عدم مشاركة النساء في تشييع الجنازة،. ورغم ذلك فقد شاركنَ في بعض الموارد، وصلّينَ على الجنازة في موارد أخرى أيضاً[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].

      وقد جاء في رواياتنا أنّ الزهراء حين وفاة زينب - البنت الكبرى لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم - قد أقامت مع جمع من نساء المسلمين الصلاة عليها
      25.وقد ورد في روايات الشيعة أنّ مشاركة المرأة الشابّة في تشييع الجنازة عمل مكروه شرعاً. وقد نقل علماء أهل السنّة عن أمِّ عطيّة أنّ رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أوصاها بعدم المشاركة في تشييع الجنازة، ولكنّه لم يمنع26.[/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']
      رفعت أسماء بنت يزيد الأنصاريّ نيابةً عن نساء المدينة شكوى النساء إلى النبيِّ. روى عنها مسلم بن عبيد: أنّها أتت النبيَّ صلى الله عليه واله وسلم وهو بين أصحابه فقالت:بأبي وأمي أنت يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك. إنّ الله عزّ وجلّ بعثك إلى الرجال والنساء كافّة فآمنّا بك وإلهك، وإنّا معشر النساء محصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم وإنّكم معشر الرجال فُضِّلتم علينا بالجُمَع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحجّ بعد الحجّ وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله عزَّ وجلّ وإنّ الرجل إذا خرج حاجّاً أو مُعتمِراً أو مُجاهِداً حفظنا [/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم وربّينا لكم أولادكم، فنشارككم في هذا الأجر والخير[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].

      فالتفت النبيُّ صلى الله عليه واله وسلم إلى أصحابه بوجهه كلّه، ثُمّ قال:هل سمعتم مقالة امرأة قطّ أحسن في مساءلتها في أمر دينها من هذه؟ فقالوا: يا رسول الله ما ظننّا أنّ امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبيُّ صلى الله عليه واله وسلم إليها فقال: "إفهمي أيّتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أنّ حُسن تبعّل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتّباعها موافقته يعدل ذلك كلّه، فانصرفت المرأة وهي تُهلِّل"
      27.[/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']
      لقد أذن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم للنساء في الخروج لقضاء الحاجة. وقد خرجت سودة بنت زمعة، زوجة النبيِّ صلى الله عليه واله وسلم من المنزل ليلاً بإذنه صلى الله عليه واله وسلم ، وكانت سودة امرأة طويلة القامة. ورغم ظلمة الليل شاهدها عمر بن الخطاب فعرفها، وقد كان عمر شديد التعصّب على خروج النساء وكان يُكرِّر توصية الرسول بمنعهنّ، وقال لها: ظننتِ أنّني لم أعرفك؟ كلّا عرفتك، عليك أنْ تتحفّظي في خروجك من المنزل في الآتية. وبعد أنْ رجعت سودة إلى الدار، أخبرت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بما حدث، وقد كان صلى الله عليه واله وسلم يتناول طعام العشاء، ولم يُطل الأمر حتى نزل الوحي، فقال صلى الله عليه واله وسلم :"إنّه قد أُذن لكنّ أنْ تخرُجنَ لحوائجكنّ".

      نعم، هذا هو نهج الإسلام الوسط بين الإفراط والتفريط. وكما أشرنا، فالإسلام يُدرك تماماً أخطار الحريّة الجنسيّة الكاملة، ولذا بذل عناية خاصّة في تنظيم العلاقة بين الرجل والأجانب والنساء، فما
      [/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']دام الأمر لم يبلغ درجة الحرج فهو يناصر عزل النساء عن الرجال[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].

      ففي نفس الوقت الذي يُجيز فيه الإسلام مشاركة النساء في المساجد، يحكم بأنْ لا يكون ذلك سبباً لاختلاط النساء بالرجال، بل يعزل محلّ النساء عن الرجال.
      يُنقل أنّ النبيَّ صلى الله عليه واله وسلم أيّام حياته المُبارَكة أشار إلى اتّخاذ باب خاصّ من المسجد للنساء وآخر للرجال. وأشار إلى أحد الأبواب وقال:"لو تركنا هذا الباب للنساء".

      ويُنقل أيضاً أنّ النبيَّ صلى الله عليه واله وسلم أمر بخروج النساء بعد صلاة العشاء من المسجد قبل الرجال. فالنبيُّ صلى الله عليه واله وسلم لم يرغب أنْ يختلط الرجال والنساء حال خروجهم من المسجد، إذ هذا الاختلاط سبب من أسباب الإثارة.

      ولأجل ذلك أيضاً أمر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنْ يسير الرجل وسط الطريق وتسير النساء على جانب الطريق
      28.
      ولقد شاهد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم النساء والرجال يخرجون معاً من المسجد فخاطب النساء بالصبر والتريّث حتى خروج الرجال، وأمرهنّ بالمشي على جانب الجادّة، على أنْ يمشي الرجال في وسطها
      29.
      وبهذه المناسبة يُفتي الفقهاء بكراهة اختلاط الرجال بالنساء، فالسيّد الطباطبائي في "العروة الوثقى" المسألة 49، من الفصل الأوّل، يقول:
      [/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']"يُكره اختلاط الرجال بالنساء إلّا للعجائز".

      حقّاً إنّ الإنسان - إذا لم يكن شاذّاً - يُسلِّم بأنّ النهج الإسلاميّ هو طريق الاعتدال والتوازن. فرغم أنّ الإسلام بذل غاية جهده للحفاظ على سلامة العلاقات الجنسيّة ونظافتها، فهو لم يمنع أبداً من نمو استعدادات المرأة، بل لقد شرّع الإسلام منهجاً يؤدّي إلى الحفاظ على سلامة الأرواح كما يؤدّي إلى إحكام العلاقات الأُسَريّة وتوثيقها، ويؤدّي أيضاً إلى تهيئة البيئة والمحيط الاجتماعيّ لنشاطٍ سليم يُمارسه كلٌّ من الرجل والمرأة.

      إنّ ما يُريده الإسلام ولو على مستوى التوصية الاخلاقيّة هو: الحيلولة ما أمكن دون اختلاط الجنسين. فمجتمعنا المُعاصِر يشهد بأمِّ عينيه الآثار السلبيّة للمجتمع المختلط. فما هي ضرورة أنْ تُمارِس المرأة فعاليّاتها الاجتماعيّة جنباً إلى جنب مع الرجال، وهل أنّ أداءهنّ لأعمالهنّ بشكلٍ مستقلٍّ ومنفصلٍ عن الرجال يؤدّي إلى هبوط مستوى هذه الأعمال؟!.
      إنّ أثر الاختلاط هو الانشغال عن العمل، وذلك باهتمام كلٍّ منهما بالآخر، حيث ينتهي هذا الاختلاط غالباً إلى خلط وتكدير لصفو الأجواء.

      لا للحبس، لا للاختلاط
      إنَّ ما يدعو إليه الإسلام ليس هو ما يتّهمه به أعداؤه، يعني: حبس المرأة في الدار. وليس هو النظام الّذي يسود العالم المُعاصِر، والّذي تُرى نتائجه السلبيّة، يعني: اختلاط الجنسين.
      [/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']إنّ احتجاز وحبس المرأة في المنزل، لون من العقاب الّذي شرّعه الإسلام تشريعاً مؤقّتاً[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']:[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَاللاَتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾.[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']
      يقول المفسِّرون: المقصود من قوله تعالى: [/FONT]
      [FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']أنّ هذا الحكم مؤقّت، وسينسخه حكم آخر، والآية الثانية من سورة النور الّتي حدّدت جزاء الزاني والزانية هي الحكم الآخر الّذي تُشير هذه الآية إليه[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].

      على أيّة حال فالإسلام يُعارض الاختلاط، ولا يُعارض مشاركة المرأة في الحياة الاجتماعيّة مع التحفُّظ على الستر.
      الإسلام يقول: لا للحبس، ولا للاختلاط، بل للحدّ. إنّ سيرة المسلمين العمليّة منذ زمن رسول الله قائمة على عدم منع النساء من المشاركة في الفعاليّات العامّة، ولكنْ مع رعاية "الحدّ". فلم تختلط النساء مع الرجال في المساجد والمحافِل العامّة، بل حتى في الأزقّة والمعابر.
      إنّ مشاركة المرأة للرجل بشكل مختلط في بعض المناسبات، كما يحدث في المشاهد المشرّفة في أيّامنا - بحكم الزحام غير المألوف - أمر يتعارض مع رغبة الشارع المقدّس.
      [/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']فتاوى الفقهاء في حدود الستر والنظر[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']
      قُلنا إنّ الأدلّة تُثبت عدم وجوب ستر الوجه والكفّين، كما أنّها تعضد الرأي القائل بجواز النظر دون لذّة وريبة.
      نأتي الآن لنرى الفتاوى، فكلُّ شخص منّا يطمح ليطّلع على رأي علماء الإسلام بصدد هاتين المسألتين الهامّتين، منذ نشأة الفقه الإسلاميّ حتى اليوم.
      ما هو رأي فقهاء الإسلام بصدد مسألة ستر الوجه والكفّين؟ ثُمّ ما هو رأيهم بجواز النظر؟
      [/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']
      أمّا بالنسبة إلى عدم ستر الوجه والكفّين فالظاهر أنّه ليس هناك اختلاف بين علماء الإسلام حول هذه المسألة سواء السنّة أو الشيعة.. وشذّ عن هذا الاتفاق أحد علماء أهل السنّة وهو أبو بكر عبد الرحمن بن هشام، وخلافه لم يُحدّد هل أنّه حول لزوم ستر الوجه أثناء الصلاة أو لزومه بالنسبة إلى غير المحارم؟.[/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']
      ليس هناك أيّ خلاف حول الوجه، إنّما اختلف بعض العلماء حول ستر اليد إلى المرفق أو حول ستر القدم إلى الساق، وهل إنّ هذه الموارد من الموارد المستثناة أم لا؟.
      ولعلّ هذه المسألة من بين المسائل النادرة، الّتي اتّفق حولها علماء الإسلام السنّة والشيعة هذا الاتّفاق. وقبل نقل الأقوال ينبغي طرح مسألتين:
      الأولى: إنّ الفقهاء يتناولون مسألة الحجاب في بابين من أبواب
      [/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif'] الفقه، أحدهما باب الصلاة، لوجوب ستر المرأة تمام بدنها أثناء الصلاة سواء كان هناك محرم أم لم يكن. وهنا يُطرح الاستفهام
      التالي:هل يلزم ستر الوجه والكفّين مع سائر أجزاء البدن في الصلاة أم لا؟

      والآخر باب النكاح، بمناسبة بحث الحدود الّتي يجوز فيها للخاطِب أنْ ينظر إلى خطيبته. وهنا يُطرح عادةً بحث عام حول الحجاب أو حول جواز وعدم جواز النظر
      [/FONT]

      [FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
      [FONT='Arial','sans-serif']يتبع[/FONT]

      تعليق


      • #4
        [FONT='Arial','sans-serif']
        على هذا يُصبح لدينا نوعان من "الستر":الستر الصلاتيّ، يعني الستر الّذي يلزم التوفّر عليه أثناء الصلاة، ولهذا الستر شروط، كالطهارة، والإباحة.
        والستر غير الصلاتيّ، الّذي يجب مراعاته أمام الرجال والأجانب، وليس لهذا الستر شروط الستر الصلاتيّ.
        وسنُشير إلى أنّه لا يظهر لنا أنّ هناك تفاوتاً في وجهات النظر لدى الفقهاء بين الستر الصلاتيّ وغير الصلاتيّ من ناحية حدودهما ومقدارهما.
        الثانية: للفقهاء تعبير بصدد جسد المرأة، حيث يقولون: إنّ المرأة كلّها عورة. ولعلّ هذا التعبير يبدو - لدى بعضهم - غير مناسب. باعتبار أنّ العورة أمر قبيح ومُستقبَح. فهل أنّ بدن المرأة كالوجه والعورتين أمر قبيح؟.

        الجواب: إنّ كلمة "عورة" لا تعني القبيح. ولذا لا يُقال لكلِّ
        [/FONT]
        [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
        [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
        [FONT='Arial','sans-serif']أمرٍ قبيح [/FONT][FONT='Arial','sans-serif']"عورة"، وتُستعمل كلمة "عورة" في موارد ليس فيها أيّ مدلول على القبح. مثلاً: يقول القرآن الكريم في سرد قصّة الأحزاب حينما يستعرض معاذير بعض ضعاف الإيمان: [/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَ فِرَاراً[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']30[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] .
        فكلمة "عورة" هنا جاءت في وصف المنزل بأنّه معرّض للهجوم والاعتداء، وبديهيّ أنّ هذا الوصف لا يتضمّن أيّ معنى للقبح. وجاء استخدام "العورة" في الآية (58) من سورة النور الّتي تقدّم تفسيرها، وقد أُطلقت على أوقات الخلوة الثلاث: قبل صلاة الصبح، ومنتصف النهار، وبعد العشاء. والإطلاق هنا جاء باعتبار أنّ الناس عادةً يكشفون عن سترهم داخل غرفهم الخاصّة.

        صاحب "مجمع البيان في تفسير القرآن" الّذي يُمكن عدّه من بين المفسِّرين القلائل الذين اهتمّوا بتحليل المداليل الّلغوية للألفاظ يقول في خاتمة تفسير الآية (13) من سورة الأحزابوالعورة كلّ شيء يُتخوّف منه في ثغر أو حرب. ومكان معور، ودار معورة إذا لم تكن حريزة).
        إذن، فالتعبير الفقهيّ لا يتضمّن أيّ لون من ألوان الإهانة. وإنّما يُقال للمرأة "عورة" نظير قولنا للدار عورة فهي مكشوفة ومعرّضة ولا بدّ من سترها بحجاب.[/FONT]
        [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
        [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
        [FONT='Arial','sans-serif']نأتي الآن لنقل أقوال الفقهاء، يقول العلّامة في كتاب الصلاة من التذكرة:"عورة المرأة جميع بدنها إلّا الوجه بإجماع علماء الأمصار عدا أبا بكر بن عبد الرحمن بن هشام فإنّه قال كلّ شيء من المرأة عورة حتى ظفرها وهو مدفوع بالإجماع، وأما الكفّان فكالوجه عند علمائنا أجمع، وبه قال مالك والشافعيّ والأوزاعيّ وأبو ثور، لأنّ ابن عبّاس قال في قوله تعالى[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']: [/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] قال: الوجه والكفّين.. وقال أحمد وداود[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']: الكفّان من العورة، لقوله تعالى:[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']إِلاَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']، والظاهر منها الوجه. ويبطل بقول ابن عبّاس[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']"31.
        ثم يُتمّ العلّامة حديثه حول القدمين، وهل يلزم سترهما أم لا؟

        يتّضح من خلال الملاحظة أنّ فقهاء الإسلام يستندون في موضوع الستر الصلاتيّ إلى آية سورة النور، الّتي لا ترتبط بموضوع الصلاة، إذ ما يلزم ستره في الصلاة هو عين ما يلزم ستره أمام الرجل الأجنبيّ. وإذا كان هناك بحث فلعلّه ينصبّ على الاستفهام التالي: هل يلزم في الصلاة ستر أكثر مما يلزم ستره مقابل الأجنبيّ أم لا؟ أما ما يلزم ستره في الصلاة فلا جدال في عدم لزوم ستره أمام الأجنبيّ.

        وقد جاء في بداية المجتهد لابن رشد الحفيد ما يلي:"حدّ العورة في المرأة، فأكثر العلماء على أنّ بدنها كلّه عورة ما
        [/FONT]
        [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
        [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
        [FONT='Arial','sans-serif']خلا الوجه والكفّين، وذهب أبو حنيفة إلى أنّ قدمها ليست بعورة، وذهب أبو بكر عبد الرحمن وأحمد إلى أنّ المرأة كلّها عورة[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']"32.
        يقول الشيخ محمد جواد مغنيّة:"اتّفقوا على أنّه يجب على كلٍّ من المرأة والرجل أنْ يستر من بدنه في حال الصلاة ما وجب عليه ستره عن الأجانب خارج الصلاة. واختلفوا فيما زاد على ذلك. أي هل يجب أيضاً أنْ تستر المرأة الوجه والكفّين أو شيئاً منهما حال الصلاة، مع أنّه لا يجب ذلك عليها في خارجها؟ وهل على الرجل أنْ يستر ما زاد عمّا بين السرّة والركبة حين الصلاة، مع أن ذلك غير واجب إذا لم يكن في الصلاة؟
        [/FONT]
        [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
        [FONT='Arial','sans-serif']
        إنّ نقل أقوال العلماء في هذا المجال يستدعي وقتاً طويلاً، والسابقون من العلماء تناولوا هذا البحث بالطريقة الّتي عرضناها. فقد تعرّض الفقهاء - بشكلٍ عامّ - إلى مسألة الستر في باب الصلاة من الفقه، وتناولوا مسألة النظر في باب النكاح من الفقه. والغريب أنّ بعض كبار الفقهاء المعاصرين ذهب إلى أنّ العلّامة الحلّيّ يرى وجوب ستر الوجه كما في كتابه "التذكرة" وهذا خطأ.[/FONT]
        [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
        [FONT='Arial','sans-serif']
        فالعلّامة يختلف مع سائر الفقهاء في مسألة "النظر" كما سنُشير، لا في مسألة الستر والحجاب.أمّا مسألة جواز النظر وعدمه، فيقول العلّامة في كتاب النكاح من [/FONT]
        [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
        [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
        [FONT='Arial','sans-serif']"تذكرة الفقهاء" ما يلي 33:"النظر إمّا أنْ يكون لحاجة أو لا، الأوّل: أنْ لا يكون لحاجة، فلا يجوز النظر إلى الأجنبيّة الّتي لا يُريد نكاحها فيما عدا الوجه والكفّين، فأما الوجه والكفّان فإنْ خاف الفتنة حرم أيضاً لقوله تعالى: [/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِم[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']ْ[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']، وإنْ لم يخف الفتنة قال الشيخ: إنّه يُكره وليس بمحرّم لقوله تعالى[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']: [/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴿[/FONT][FONT='Tahoma','sans-serif']وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا[/FONT][FONT='Simplified Arabic','serif']﴾[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] وهو مفسَّر بالوجه والكفّين وهو قول أكثر الشافعيّة، ولهم قول آخر إنّه يحرم... وهو الأقوى عندي[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']".

        يقول المحقّق الحلّي في كتاب الشرائع:"ولا ينظر الرجل إلى الأجنبيّة أصلاً إلّا لضرورة، ويجوز أنْ ينظر إلى وجهها وكفّيها على كراهية فيه مرّةً، ولا يجوز معاودة النظر".
        وقد اختار الشهيد في اللّمعة هذا الرأي كما اختاره العلّامة في بعض كتبه. إذن، هناك ثلاثة أقوال في مسألة "النظر":
        [/FONT]
        [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
        [FONT='Arial','sans-serif']
        أ - المنع المطلق، اختاره العلّامة في التذكرة وقليل من الفقهاء، منهم صاحب الجواهر.

        ب - جواز النظر الأوّل ومنع تكراره. وتابع هذا القول المحقّق في الشرائع، والشهيد الأوّل في اللمعة، والعلّامة في بعض كتبه.
        [/FONT]
        [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
        [FONT='Arial','sans-serif']ج - الجواز، وهو ما أيّده الشيخ الطوسيّ، الكلينيّ، صاحب الحدائق، الشيخ الأنصاريّ، النراقي في المستند، والشهيد الثاني في المسالك. لقد ناصر الشهيد الثاني هذا القول، ونقض أدلّة الشافعيّة، الّتي مال إليها العلّامة. لكنّه يُشير آخر البحث إلى أنّ القول بالمنع المطلق هو الموافق للاحتياط وسلامة الدين[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'].
        ذكرنا حتى الآن آراء قدماء علماء الإسلام بصدد مسألة الستر والنظر. أمّا العلماء المتأخِّرون، فيقول المرحوم آية الله السيّد محمّد كاظم الطباطبائيّ اليزديّ في العروة الوثقى حينما يتعرّض لمسألة الستر في غير الصلاة ما يلي: "يجب ستر المرأة تمام بدنها عمّن عدا الزوج والمحارم، إلاّ الوجه والكفّين"
        34.

        ويقول في مسألة النظر:"لا يجوز النظر إلى الأجنبيّة، ولا للمرأة النظر إلى الأجنبيّ من غير ضرورة. واستثنى جماعة الوجه والكفّين فقالوا بالجواز فيهما مع عدم الريبة والتلذّذ، وقيل بالجواز فيهما مرّةً ولا يجوز تكرار النظر، والأحوط المنع مطلقاً"
        35.

        امتنع الفقهاء المتأخّرون والمعاصرون - في الأغلب - عن إبداء رأيهم صراحةً في رسائلهم العمليّة بصدد هاتين المسألتين. وسلكوا عادةً سبيل الاحتياط.
        [/FONT]
        [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
        [FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
        [FONT='Arial','sans-serif']غير أنّ للمرحوم آية الله الحكيم رأياً صريحاً في رسالته منهاج الصالحين، فقد استثنى بصراحة الوجه والكفّين، وقال[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']:"يجوز للرجل النظر إلى من يريد التزويج بها، وكذا إلى نساء أهل الذمّة، وكذا المتبذلات اللاتي لا ينتهين إذا نُهين عن التكشّف، وإلى المحارم اللاتي يحرم نكاحهن مؤبّداً لنسب أو سبب أو رضاع، بشرط عدم التلذُّذ في المجتمع، ويحرم النظر إلى غيرهنّ عدا الوجه والكفّين بغير تلذّذ أيضاً[/FONT]
        [FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
        [FONT='Arial','sans-serif']يتبع[/FONT]

        تعليق


        • #5
          [FONT='Times New Roman','serif']هوامش[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
          [FONT='Times New Roman','serif'] 1-نهج البلاغة، الخطبة 11، 222.[/FONT][FONT='Times New Roman','serif']
          2- م. ن, الخطبة، 11، 222.
          3- مستمسك العروة الوثقى، السيد الحكيم، ج5، ص243، الطبعة الثالثة.
          4- مجمع البيان، الطبرسي، ج5، ص37.
          5- الكافي، ج5، ص521.
          6- تفسير الصافي.
          7-الكافي، ج5، ص521.
          8-سنن أبي داود، ج2، ص383.
          9-مجمع البيان، ج5 ص37.
          10-الكافي، ج5 ص521, وتفسير الدر المنثور للسيوطي، ج5، ص40 آخر الآية.
          11-ينبغي التذكير هنا بمسألةٍ: يعكس هذا الحديث عادة قصة سفور المرأة عن رقبتها ونحرها، ويعكس أيضاً نظرة الرجل الشهوية العامدة. وقد نقل في كتب الحديث ونقله المفسرون بعنوان أنه مورد نزول آية }قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم...{.ويبدو للوهلة الأولى أن هذا الحديث لا علاقة له بالآية: }وقل للمؤمنات يغضضن...{ في حين أن هاتين الآيتين نزلتا معاً، وكما أوضحت الآية }قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم...{ وظيفة الرجل في النظر أوضحت الآية الثانية بـ}ولا يبدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها...{ وظيفة المرأة أيضاً. ولعل رفع هذا الاشتباه هو الذي دفع تفسير الصافي لذكر الرواية في التعقيب على تفسير الآية الثانية. واستدلالنا بهذا الحديث هنا على هذا الأساس نفسه.
          12- مجمع البيان، ج5 ص37.
          13- النور: 60.
          14-الكافي، ج5، ص522.
          15- النور: 60.
          16-الأحزاب: 59ـ 60.
          17- الكافي، ج5، ص522.
          18- قبل انتصار الثورة الإسلاميّة بعشر سنين تقريباً، ورد مدينة "طهران" فنّانان إيطاليّان ــ وهما زوجان على الطريقة الطبيعيّة على حدِّ تعبيرهم ــ لا على أساس القانون ــ. وقد استقبلهما شباب البلد وشابّاته استقبالاً لا نظير له، وقد انعكس ذلك في الصحف.وقد أطلق الشباب والشابّات في استقبالهما صيحات ونداءات مُدهِشة، للتعبير عن عواطف الحبِّ والإخلاص، بحيث إنّ رؤية الصور الّتي التُقطت لهم في هذه الحالة توحش ناظرها.وقد نشرت صحيفة "اطلاعات" في اليوم الّلاحق مقابلة صحفيّة مع الفنّانين الإيطاليّين "آلباتو وروميانباور" حيث قالا: "لقد أربكت اجتماعات الشباب والشابّات على باب الفندق، والمكالمات الهاتفيّة الّتي أجروها معنا في الفندق، برامجنا اليوميّة. ونحن لم نتوفّر على أنصار بهذا الحدِّ في أيٍّ من البلدان الأوروبيّة والأمريكيّة الّتي سافرنا إليها. وسنكون سعداء إذا امتدت إقامتنا في طهران أكثر من موعدها "الأسبوعين" بعدّة أيام.إذا لم تكن هذه الظاهرة مؤشّراً على السقوط ودليلاً على انحطاط وضياع الأجيال القادمة، فماذا ستكون؟
          19-راجع المسالك، كتاب الجهاد.
          20- راجع كتب التاريخ الإسلامي والسيرة، وراجع أيضاً صحيح مسلم ج5 ص 196-197، وسنن أبي داود ج2، ص17، والجامع للترمذي ص247.
          21-راجع وسائل الشيعة (آل البيت)، ج8، ص 334.
          22-راجع م. ن، ج7، ص 471.
          23-صحيح البخاري، ج7، ص43. وقد ذكر ذلك جميع المؤرخين.
          24- يتفق المؤرخون والمفسرون على هذه الواقعة.وقد ذكرها المؤرخون ضمن وقائع فتح مكة، كما ذكرها المفسرون في التعليق على الآية 12 من سورة الممتحنة.وفي الكافي ج5، ص526.
          25- مستدرك الوسائل، ج 2، ص 288..
          26-صحيح مسلم ج3، ص47، صحيح البخاري ج2، ص94، سنن أبي داود، ج2، ص180.
          27- أسد الغابة، ج5، ص399.
          28-الكافي، ج5، ص518.
          29-سنن أبي داود، ج2، ص658.
          30-الأحزاب: 13.
          31- بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج1، ص123.
          32-الفقه على المذاهب الخمسة، ص92.
          33-يقول السيد الحكيم في الجزء الخامس من المستمسك ص190 ــ 192 بعد انتصاره لأدلّة عدم لزوم ستر الوجه: "ومن ذلك يظهر ضعف ما عن التذكرة من المنع وقوّاه في الجواهر.." والظاهر أنّ صاحب الجواهر كان ينظر إلى موضوع "النظر" لا وجوب الستر، وعلى أيّة حالة فهذه النسبة للعلّامة غير صحيحة قطعاً.
          34-العروة الوثقى، ص184.
          35- العروة الوثقى، ص626.
          36- منهاج الصالحين، ص275.[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          x

          رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

          صورة التسجيل تحديث الصورة

          اقرأ في منتديات يا حسين

          تقليص

          لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

          يعمل...
          X