دعوة لمعرفة النفس.
مصطفى الهادي.
(وإذا تجلى ضياء المعرفة في الفؤاد أحب، وإذا أحب لم يؤثر ما سوى الله عليه).
دعوة للتأمل فيما مر من سنوات العمر . هل نحن راضون عما فعلناه طوال سنوات العمر وعما نفعله الآن ؟ وهل طوال هذه السنوات قد أكتشفنا المنح والكمالات التي أودعها الله بداخلنا حتى نوظفها خلال أيام حياتنا في ترقية أنفسنا وفي أكتشا ف الحقائق من حولنا والوصول إلى معرفة ما هية الأشياء، بغية التصرف فيها وتسخيرها وتطويعها.
يسعى كل إنسان إلى اكتشاف ذاته ومعرفة نفسه، لأن عدم معرفة الإنسان بنفسه ستجعل هذا الإنسان ضائعاً ورقما بين المخلوقات لا هدف له في الحياة، لأنه لا يعرف ماذا يريد من الحياة ولا يعرف ما الذي عليه فعله في هذه الحياة ، فكل إنسان عليه معرفة قدراته وما الذي هو قادر على فعله حتى يستطيع رسم طريق له في الحياة ولا يصبح عبء على الأخرين، فالإنسان يجب أن يكون كما هو عليه ولا يظهر كشخص أخر.
ولمعرفة ذاتك إليك هذه الوسائل:
1.يجب أن يكون الإنسان صادق مع نفسه فلا يحيد عن مبادئه وقيمه في الحياة حتى لو كان في التخلي عنها منافع له.
2.يجب أن تعتني بنفسك من جميع النواحي الجسمانية والعقلية والروحية فتحافظ على صحتك وترفه عن نفسك وخض تجارب جديدة فهي تفيدك كثير في تعلم كيف تعيش.
3. يحاول أغلب الناس أن يخفوا عيوبهم ولكن على الإنسان إلا يخفي عيوبه فكل أنسان له عيوبه بل عليه أن يصلح هذه العيوب.
4.عليك أن تعرف ما تريد أن تفعله في هذه الحياة حتى تستطيع تحقيق ذاتك ومعرفة نفسك جيداً.
ولا يتسنى للإنسان أن يدرك حقيقة النفس إلا بسعيه لإصلاحها وإزالة الحجب عنها كحجاب الحسد وحجاب العجب وحجاب الكبر وحجاب الجهل، بل وحجاب العلم أيضا فإن العلم قد يكون أحيانا حجابا حاجز دون إشراق المعارف الإلهية على القلب سيما إذا كان العلم طريقا إلى استفحال أمر العجب والكبر، فمن يعجب بعلمه ويزهو به يكون ذلك العلم حجابا من حجب نفسه، وهكذا فالنفس قد تتكاثر عليها الحجب فتمنعها عن المعرفة الحقيقية لا بل أن كثرة (العبادة) أيضا حجاب يحول بينكم وبين معرفة الحقائق.
ومتى تجردت النفس عن تلك الحجب كلما زادت قابليتها لأدراك ما هو غائب عن الحواس من المعارف الربوبية، واشرقت في الفؤاد نور يكشف للإنسان الحقائق التي لا ينالها بأية حاسة من حواسه الظاهرة أو الباطنة، وبكشف جميع الحجب يجد الانسان نفسه شيئا ليس كالأشياء الأخرى فتتصل بعالم العقول المجردة فتنهال عليها المعارف فيصبح كل شيء في متناول عقله ، إلى ان يتصل بالعقل المطلق فيصبح لسان الله ويده ، فيعرف عندها ربه الذي ليس كمثله شيء فتصير النفس في تلك الحالة آية لمعرفة الله.وهنا تتحقق مصاديق قول الامام علي عليه السلام : (كيف يعرف ربه من لا يعرف نفسه).الذي هو أيضا مصداق قوله تعالى : ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق).
(( أعضاد وأشهاد ومناة وأذواد وحفظة ورواد فبهم ملأت سماءك وأرضك حتى ظهر أن لا إله إلا أنت)).
صورة Mostafa Hossein.
تعليق