
القوات الأمريكية تنكل بالمتطوعين العرب
المتطوعون العرب دافعوا عن لصوص بغداد
بغداد- إمام الليثي- إسلام أون لاين.نت -26-4-2003
القوات الأمريكية تنكل بالمتطوعين العرب
أصر المتطوعون العرب على القتال ضد القوات الأمريكية في حي الخضارة بالعاصمة العراقية بغداد، رغم أن كلا منهم كان له من الأسباب ما يدفعه إلى العودة إلى بلاده؛ فقد كان بينهم المريض، ومن يستعد لإتمام إجراءات زفافه.. إلا أنهم جميعا وجدوا أنفسهم في النهاية يدافعون عن بغداد وعن سكانها الشرفاء، بل وعن النفر القليل منهم الذين تحولوا إلى لصوص يمارسون أعمال السلب والنهب.
أحد هؤلاء المجاهدين شاب سوري يدعى " مصعب شهيد محمد ديب" وجدت في حافظته ورقة رسم عليها قلبا وشمعة وزهرة ووضعها في حافظته قبل أن يواجه الأمريكيين في معركة نفق الشرطة بحي الخضارة، وقد أصر ديب على الجهاد في العراق رغم أنه استُبعد من صفوف الجيش السوري؛ لأنه غير لائق طبيًا.
وكان مصعب مصابا بضيق في شرايين القلب، لكنه لم يمت بمرضه ومات شهيدا برصاص القوات الأمريكية التي حصدته وحصدت معه الكثيرين من الشهداء.
أما "محمود خليل" -مصري الجنسية- الذي استشهد بنفس المعركة فقد كان يعمل بإحدى شركات أبو ظبي، إلا أنه في إجازته الأخيرة في مصر فضّل أن تكون تأشيرته هذه المرة إلى العراق؛ لتكون آخر تأشيرة يحملها جواز سفره.
ولم يكن "محمد زيدان صبحي" -السوري الجنسية- أفضل حالا من أخويه السابقين؛ فقد رفض -مثل أقرانه- استعطافات أهالي المنطقة في حي الخضارة الذين هرعوا إليهم محاولين إقناعهم باللجوء إلى مكان آمن من قوات الغزو، وكان رد الاستشهاديين جميعا أنهم قدموا من بلادهم للشهادة.
وكان "عمر علي أحمد" يستعد للزواج، وقد عثر في متعلقاته على بطاقة لفرقة بلابل للأفراح الإسلامية بسوريا، وبطاقة أخرى لإحدى شركات الأثاث... عله الآن يُزفّ في الجنة.
لكنني توقفت كثيرا أمام أوراق الليبي الذي يدعى "الهادي أبو القاسم الهادي"، وكان يحمل وثيقة من جهاز التنمية والضمان للاستثمار الليبي تفيد بأنه صاحب مشاريع لتربية الثروة الحيوانية بالنيجر؛
الأمر الذي أثار تساؤلات حول ما دفعه إلى القدوم إلى أرض المعارك، اللهم إلا زهده في الدنيا وسعيه وراء الشهادة.
وقال لي الدكتور "حسام الجاثم" الذي أشرف على دفنهم يوم الجمعة 12-4-2003: "لقد كانوا آخر نقطة أسقطت في بغداد، ودارت بينهم وبين الأمريكيين معركة ضارية، كنا نبتهل إلى الله في البيوت كي يسلمهم، ولكن لم يجرؤ أحد منا أن يخرج لهم".
وأضاف قائلا: "كانوا كثيرين ومنتشرين في أماكن عدة حول الحي، وكانوا في الصباح يتخفون عن عيون الجواسيس في بعض الدكاكين، ويخرجون بالليل"، وأشار حسام إلى أن المقاتلين كانوا يرون أن الهروب من ساحة المعركة ردة عن الإسلام.
ويضيف الجاثم: "لقد ثبت المقاتلون عندما تخلينا نحن عند بغداد؛ لعدم الاقتناع بالجهاد خلف حزب البعث ونظام الرئيس صدام حسين"، وأضاف قائلا: "كنا نعلم لعبة الحزب والحكومة، وكنا نحاول أن نساعد المقاتلين العرب بأن نخفيهم في بيوتنا، ولكنهم رفضوا، وعندما خلت الشوارع لم يجد الأمريكيون غير هؤلاء المتطوعين ليواجهوهم".
ومما يدعو للأسف -كما يقول الدكتور- أنه "في الوقت الذي كان فيه المتطوعون يقدمون أرواحهم فداء لهذا لوطن ولدين الله عز وجل، كان هناك نفر قليل جدا من العراقيين يتكالبون ليسرقوا أموال الموتى ومتعلقاتهم، وكان هناك بعض العسكريين والحزبيين يخلعون ملابسهم ليلبسوا أخرى مدنية، وخلت الشوارع من كل مظاهر العسكرية العراقية".
وفي الختام، بقيت 11 جثه لهؤلاء المجاهدين ممدده لفترة في ساحة مسجد تحول بعدها إلى مقبرة، وكانت الأجساد كلها في حالة سليمة لم تتفسخ ولم تتصلب، بل كانت طرية ندية، فيما عدا جثة واحدة كانت متفسخة بسبب احتراقها.
إنهم 11 بطلا واجهوا الموت وواجهوا أعتى قوة، وأعطبوا لها دبابتين بأسلحة صدئة، وبخبرة قليلة.
اقرأ قائمة ببعض شهداء معركة نفق الشرطة في حي الخضارة