[B]نعم هو سؤال واضح و مباشر، و أتى الجواب واضحاً و مباشراً،،،
أ
====================================
السؤال كان من الأخ الأستاذ طالب الحق على الشكل التالي:
السلام عليكم!!
أشعر أن إخواننا الشيعة مقتنعون بأنهم أهل الحق المطلق... وأراهم يناقشون غيرهم من المسلمين كما يناقش المسلم الملحد أو النصراني وهو يرى أن حججه لا رد عليها.
إذا كان الأمر كذلك فهناك ظاهرة تحتاج إلى تفسير أعتقد أن كل عالم شيعي عاقل من الدعاة لا ريب حاول تفسيرها:
لماذا وجدنا الكثيرين من علماء المسلمين العقلاء المنزهين المطلعين على أدلة الشيعة الإثناعشرية شيعة في الهوى (يعتقدون بأفضلية أهل الكساء على غير الأنبياء من البشر) ولكنهم لا يعتقدون اعتقاد الإثناعشرية؟
ما هو التلبيس الذي وقعوا فيه؟
أين تكمن هذه النقطة الصعبة في بناء الحجج الإثناعشري التي يصعب تقبلها من هؤلاء العقلاء المنصفين؟
لماذا لم يتشيع :
- لماذا لم يتشيع ابن أبي الحديد المعتزلي وأمثاله من المعتزلة؟
- لماذا لم يتشيع سبط ابن الجوزي وأمثاله من الأشاعرة والماتريدية؟
- لماذا لم يتشيع السادة الصوفية من آل البيت الذين شهد لهم مريدهم الإمام الشعراني بأنهم لا يقدمون على جدهم الإمام علي عليه السلام من الصحابة أحدا؟
- لماذا لم يتشيع الزيديون؟
- لماذا لم يتشيع السادة الغمارية في المغرب؟
- لماذا لم يتشيع سليم البشري ولا راضي تلميذ الكوثري؟
ما السبب؟؟
أرجو أن يكون الجواب صادقا منصفا قريبا مما يدور في رأس هذا الداعية من أفكار
===============================
و الحمد لله لم يقصر الأخوة فأجابوه بإجابات كلها تستحق الوقفة و لكن لضيق المقام نكتفي بذكر إجابة السيد علي نعمان الصدر حفظه الله حيث أنني حقيقة معجب بهذا القلم الفذ :
الأخ طالب الحق ، وفقك الله ورعاك ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
يسعدني جداً أن أرى أشعرياً يطلب الحوار مع إخوانه الشيعة فنحن بحاجة حقيقية للحوار البناء ، وحبذا لو كان حوارنا حول آمالنا وآلمنا المشتركة ، فكم نحن بحاجة إليها ؟ كما أننا بحاجة ماسة إلى معرفة الآخر بدقة وبنزعة الأخ الذي يريد أن يعرف ما عند أخيه .
ويسعدني أكثر ما أراه منك من توجه جميل في الحوار ونفسية أخوية في التعامل وهذا ما يجب أن نسعى إليه .
بدا لي أن أجيبك باختصار حول ما سألت :
يا أخي الكريم أن ما سألت عنه ، لو فكرت فيه ملياً ، لوجدته يمثل فكرة تحمل ضدها ، وهذا يقع حين الغفلة وتعجّل التفكير .
وسأبين لك كيف ذلك ..
لو عكست السؤال كما يلي :
لقد عرفنا بأن كثيراً من كبار المفكرين الإسلاميين هم من الشيعة ، فيهم أعاظم العقلاء والمنصفين وقد قرءوا الفكر السني واستوعبوا أدلته ، فلماذا لم يقتنعوا به أبداً ؟!.
لماذا لم يقتنع أئمة أهل البيت عليهم السلام الذي لا يشك مسلم بأنهم من أعاظم علماء المسلمين ومن عقلائهم ؟؟.
لماذا لم يقتنع صحابة وتابعين بالأطروحة السنية ، عمار بن ياسر ، أبو ذر ، المقداد ، مالك الأشر ، الحارث الأعور الهمداني ، وكميل بن زياد ، حجر بن عدي ، الخ .. ؟.
لماذا لم يقتنع أبان بن تغلب مع سعة اطلاعه ، ومئات العلماء المشهود لهم بالعلم والتقوى ؟!.
لماذا لم يتسنن الشعراء ورواد العربية الأصيلة مع اتصالهم بالثقافة السنية بل اتصالهم وصداقتهم للبيوت الحاكمة السنية أمثال : السيد الحميري ، مجنون ليلى ، كثير عزة ، جميل بثينة ، دعبل الخزاعي ، الفرزدق ، البحتري ، أبو تمام ، المتنبي ، الشريف الرضي ، السيد المرتضى ، أبو فراس الحمداني ، المعري ، ابن الرومي ، الصفي ، ابن المغربي ، ومئات بل ألوف الشعراء العلماء الحكماء .
لماذا لم يتسنن لماذا لم يتسنن بل لماذا لم يتجه إلى الفكر الأشعري أهم دارسي الفلسفة والعقليات و فلاسفة الإسلام وعلماء الكلام أمثال : الكندي ، ابن سينا ، الفارابي ، البيروني، ابن العربي والقيصري ( ليسا شيعيان ولكنهما ليسا أشعريين ولا سنيين بالمعنى الحرفي ) ، الطوسي ، الحلي ، صدر الدين الشيرازي ، الداماد ، وآلاف الفلاسفة والحكماء والمتكلمين !.
لماذا لم يتسنن آلاف الفقهاء الذين لا يشق لهم غبار ؟!.
ولماذا ؟.. و لماذا ؟..
فهذا هو ما يحتويه سؤالك ، إذا كنت تسير به على نفس المنوال ؟!.
أما لو كان سؤالك عن فكرة بعينها كالإمامة أو العصمة فسيكون السؤال بالجهة الأخرى أوسع من رفض فكرة بعينها حتى في أضيق الاتجاهات ، فلماذا لم يسلم المسلمون مطلقاً بما قاله الأشاعرة من نفي العلاقة السببية والتي بها موت العقل والإسلام ؟؟!
وهكذا ترى - يا حبيبنا الكريم - أن مثل هذا السؤال يحتوي على ضده ، وإن كنت أعلم علم اليقين بأن الفكر الأشعري يتحاشى مسألة استحالة جمع النقيضين وبالتالي جمع الضدين لأنهما أسهل ، فهو يمكن المتلبس به من تصور الضدين .
ولو أردت أن أجيبك حقيقة عن السؤال التالي :
لماذا لا يقتنع بعض من رأى الحجة الشيعية ؟ وهو لا يتهم بعقله وعلمه ؟
فأقول : هذا السؤال شخصي جداً فإن مدعي مثل هذا يجب أن يثبت أمرين ضروريين .. وهما :
أولاً : كونه اطلع على كامل الحجة .
ثانياً : كونه قابلاً لفهم الحجة .
وهذان أمران لا يتيسر ادعاؤهما وتصديقهما لمجرد الادعاء ، بل ينبغي التحقيق ؛ فلهذا فان من المجازفة بمكان إطلاق مثل هذا الإدعاء من أساسه ، لأنه من المصادرات المنطقية حيث أن النتيجة عين الدعوى والبرهان عين المدعى .
قد يصح في أكثر الأحيان بأن عدم القناعة بالفكر الأخر هي نتيجة حتمية لعدم جدية البحث عن الأفكار الأخرى، لظروف شخصية واجتماعية وسياسية ومصلحية ، وهذا ينطبق على كل الأفكار بدون تحديد بدين أو مذهب .
وكلنا يعلم أن أوربا قتلت وعذبت أصحاب أفكار ونبذت أفكارهم ثم بعد ذلك تبنوها و قالوا تطورنا ووجدنا أن هذه الأفكار هي الصحيحة حين تغيرت النظم والمفاهيم في العقلية الأوربية ، وهذا لا يعني بان المعاصرين لجاليلو والحاكمين عليه هم جهلة أو ليس لديهم إنصاف .
لأن مخالفي الشيعة لم يبحثوا بجد وفهم عميقين لما قال الشيعة ، نتيجة الضغط العام وعدم المصلحة في الوقوف عكس التيار ، وقد وجدنا العزوف الكلي عن بحث الدليل الشيعي من قبل الكثير ممن تصدى للزعامة العلمية أو للتفرغ العلمي والديني ، لنفس الأسباب يضاف إليها الحواجز النفسية .
فأنا شخصياً حاورت بعض الأجلاء فوجدته حين يكون الدليل ملزماً يتغاضى عنه ، ولاحظت تكرر ذلك ، فقلت له لا يمكن أن يكون هذا السلوك من عالم !! فقال بصراحة أنا في داخل نفسي حين اسمع دليلاً مقنعاً لكم ، أتذكر ما تعلمته من أنكم أصحاب فنون في الكلام وألاعيب ، فلا يتعدى عندي أن هذه محاولة فنية للتلاعب بعقلي ، ولذلك من دون شعور أغير الموضوع وأهرب من الإلزام !.
إذن هناك الحاجز النفسي يسيطر حتى على الأجلاء من أهل الفضيلة والعلم والدين .
هذا الحاجز لم يكن وليد صدفة أو حالة نزاع بسيط ، و إنما هو نتيجة منهج طويل متشابك بكل تعقيداته عبر التأريخ الإسلامي من أول يوم أسس فيه التأريخ الإسلامي ، ولم يكن التحذير من الشيعة عملاً فردياً بل هو عمل مؤسسات السلطة بكل جحافلها عبر مئات السنين .
ولا يخفى مقدار الترابط بين السلطة وبين غير المقتنعين بالفكر الشيعي خصوصاً وأنت أتيت بأسماء هم من قلب السلطة إما وزير أو شيخ إسلام !! وأنت لست ممن لا يعي هذا ؟!
وإلا لوجهنا لك السؤال الخطير المبتني على نفس البنية الفكرية التي بنيت عليها من الاستدلال بالمخالف العلم والقائد .
لماذا لا نسأل : لماذا لم يؤمن معاوية بأفكار علي ابن أبي طالب ؟؟!
أنا اعرف بأن لديك الجواب وهو لدينا أيضا ولكن السؤال مبني على منهج الأطروحة التي طرحتها .
ومع ذلك لو رجعت إلى أمثلتك من العلماء الذين ذكرتم لوجدت خللاً في البيانات وسأبحث في رجلين منهم .. هما ابن أبي الحديد والشيخ سليم البشري رحمهما الله .
ابن أبي الحديد المعتزلي ( الوزير السياسي ) ليس شيعياً عندنا قطعاً وقد سرني أن أسمع منك بأنه ليس شيعياً وانه سني معتزلي ، وهذا ما لم نسمعه من فترة طويلة من أخوتنا أهل السنة ، حيث أن التهم جاهزة له بأنه شيعي وانه لا يؤخذ بنقله الخ .. مع إننا نعرف بأنه بريء من التشيع .
غاية ما هنالك هو معتزلي وهو مفكر حر وله لقطات فكرية جميلة قد لا تتناسب مع الفكر السني خصوصاً غير المعتزلي بل في كثير من الأحيان جهز مادة النقد للفكر السني وهذا واضح في كتابه شرح نهج البلاغة ولا ننسى تجاهره بحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وسادة آل البيت نثراً وشعراً ، كما تفعل أنت الآن من إظهار الحب والتقدير لآل الرسول ص.
ولكن هل ابن أبي الحديد درس الحجة الشيعية ؟ وهل استوعبها ؟
للأسف الجواب سلبي للغاية ..
فإن دراسات أجريت لشرح النهج ولفكر ابن أبي الحديد بالذات في هذا الكتاب ، وجد بأنه انتقائي ، يعرض من الحجج ما يراه من زاوية معينة ، ويترك ما يراه ملزماً ، بل وجدناه ينفي أمراً في باب المقارعة الفكرية ويثبته في باب السرد التاريخي مثلاً .
وهذه انتقائية لا تخلو من شائبة ، ومجمل ما وجدنا عنده من نقاش ودفعٍ مبني على عدم فهم المطالب ، وكان في بعضها يناقش ما لا يقوله الشيعي بما يقوله الشيعي وهذا منتهى الخلط بين المعلومات فعقل ابن أبي الحديد بتقديرنا دائرة معارف تكديسية خالية من المنهج القيادي المنطقي .
وهذه في الحقيقة مشكلة في المنهج الاعتزالي ونحن أعرف به لأننا نتفق مع الاعتزال في مناهج التفكير ونعرف الفروق بيننا بدقة وأهم هذه الفروق هو آليات التحليل اللغوي والمفاهيمي ، ومسألة الحدود المعرفية عند الإنسان والحجة فيها ( دليل العقل ) ، ونظرية المعرفة ، ومناهج مصادر البيانات .
فهذا الرجل لم يكن قادراً على استيعاب الدليل الشيعي ولم يكن له القدرة النفسية على تتبع الدليل الشيعي بأصوله الدقيقة ، وليس المقام هنا مقام التفصيل ، ولكن كما تعلم ويعلم كل فاضل بأنه بدأ كتابه بخطبة ضمنها حمد الله على مخالفته منطق العدل والعقل بتفضيله المفضول على الفاضل !!
وهذه قضية يراها الأعمى والمبصر على السواء وهي مخالفة صريحة لمضمون القرآن الكريم ولدليل العقل ومنهج العدل ، وهي تحتوي على نظرة تبريرية تحاول أن تسقط الواقع الخارجي على الحجة العقلية بدل إسقاط الحجة على ذلك الواقع .
ولو لوجدت المكان أهلاً لبحث طريقة تفكير ابن أبى الحديد بطريقة تحليلية علمية جافة لتبين مدى البون الشاسع بين ما هو موجود في مخيلة صغار المثقفين من متانة هذا الرجل وبين واقع الهشاشة الفكرية ، وحين تتوفر شروط البحث فلن أبخل بمثله .
وهذا منهج لا يختلف عن منهج مكيافللي وابن قتيبة الدينوري غيرهم من مفكرين سياسيين يرون أن واقع الحاكم هو الحقيقة المطلقة وأنها اختيارات إلهية تكوينية !! وسلوكه يمثل المصلحة الحقيقية في بقاء الحضارة ، بغض النظر عن حجم الأخطاء كما يسمونها ، ونحن بصفتنا الشيعية نعتني فقط بجانب المخالفة منها للشريعة ؛ لأننا من دعاة الشرعية الدستورية للحاكم ، وهذا هو مفهوم الإمامة كما نفهمه وليس كما يفهمه الآخرون .
فحديثك عن ابن أبي الحديد خارج سؤالك تخصصاً ، وهو لا يصلح كمثال مطلقاً .
يتبع >>>>
أ
====================================
السؤال كان من الأخ الأستاذ طالب الحق على الشكل التالي:
السلام عليكم!!
أشعر أن إخواننا الشيعة مقتنعون بأنهم أهل الحق المطلق... وأراهم يناقشون غيرهم من المسلمين كما يناقش المسلم الملحد أو النصراني وهو يرى أن حججه لا رد عليها.
إذا كان الأمر كذلك فهناك ظاهرة تحتاج إلى تفسير أعتقد أن كل عالم شيعي عاقل من الدعاة لا ريب حاول تفسيرها:
لماذا وجدنا الكثيرين من علماء المسلمين العقلاء المنزهين المطلعين على أدلة الشيعة الإثناعشرية شيعة في الهوى (يعتقدون بأفضلية أهل الكساء على غير الأنبياء من البشر) ولكنهم لا يعتقدون اعتقاد الإثناعشرية؟
ما هو التلبيس الذي وقعوا فيه؟
أين تكمن هذه النقطة الصعبة في بناء الحجج الإثناعشري التي يصعب تقبلها من هؤلاء العقلاء المنصفين؟
لماذا لم يتشيع :
- لماذا لم يتشيع ابن أبي الحديد المعتزلي وأمثاله من المعتزلة؟
- لماذا لم يتشيع سبط ابن الجوزي وأمثاله من الأشاعرة والماتريدية؟
- لماذا لم يتشيع السادة الصوفية من آل البيت الذين شهد لهم مريدهم الإمام الشعراني بأنهم لا يقدمون على جدهم الإمام علي عليه السلام من الصحابة أحدا؟
- لماذا لم يتشيع الزيديون؟
- لماذا لم يتشيع السادة الغمارية في المغرب؟
- لماذا لم يتشيع سليم البشري ولا راضي تلميذ الكوثري؟
ما السبب؟؟
أرجو أن يكون الجواب صادقا منصفا قريبا مما يدور في رأس هذا الداعية من أفكار
===============================
و الحمد لله لم يقصر الأخوة فأجابوه بإجابات كلها تستحق الوقفة و لكن لضيق المقام نكتفي بذكر إجابة السيد علي نعمان الصدر حفظه الله حيث أنني حقيقة معجب بهذا القلم الفذ :
الأخ طالب الحق ، وفقك الله ورعاك ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
يسعدني جداً أن أرى أشعرياً يطلب الحوار مع إخوانه الشيعة فنحن بحاجة حقيقية للحوار البناء ، وحبذا لو كان حوارنا حول آمالنا وآلمنا المشتركة ، فكم نحن بحاجة إليها ؟ كما أننا بحاجة ماسة إلى معرفة الآخر بدقة وبنزعة الأخ الذي يريد أن يعرف ما عند أخيه .
ويسعدني أكثر ما أراه منك من توجه جميل في الحوار ونفسية أخوية في التعامل وهذا ما يجب أن نسعى إليه .
بدا لي أن أجيبك باختصار حول ما سألت :
يا أخي الكريم أن ما سألت عنه ، لو فكرت فيه ملياً ، لوجدته يمثل فكرة تحمل ضدها ، وهذا يقع حين الغفلة وتعجّل التفكير .
وسأبين لك كيف ذلك ..
لو عكست السؤال كما يلي :
لقد عرفنا بأن كثيراً من كبار المفكرين الإسلاميين هم من الشيعة ، فيهم أعاظم العقلاء والمنصفين وقد قرءوا الفكر السني واستوعبوا أدلته ، فلماذا لم يقتنعوا به أبداً ؟!.
لماذا لم يقتنع أئمة أهل البيت عليهم السلام الذي لا يشك مسلم بأنهم من أعاظم علماء المسلمين ومن عقلائهم ؟؟.
لماذا لم يقتنع صحابة وتابعين بالأطروحة السنية ، عمار بن ياسر ، أبو ذر ، المقداد ، مالك الأشر ، الحارث الأعور الهمداني ، وكميل بن زياد ، حجر بن عدي ، الخ .. ؟.
لماذا لم يقتنع أبان بن تغلب مع سعة اطلاعه ، ومئات العلماء المشهود لهم بالعلم والتقوى ؟!.
لماذا لم يتسنن الشعراء ورواد العربية الأصيلة مع اتصالهم بالثقافة السنية بل اتصالهم وصداقتهم للبيوت الحاكمة السنية أمثال : السيد الحميري ، مجنون ليلى ، كثير عزة ، جميل بثينة ، دعبل الخزاعي ، الفرزدق ، البحتري ، أبو تمام ، المتنبي ، الشريف الرضي ، السيد المرتضى ، أبو فراس الحمداني ، المعري ، ابن الرومي ، الصفي ، ابن المغربي ، ومئات بل ألوف الشعراء العلماء الحكماء .
لماذا لم يتسنن لماذا لم يتسنن بل لماذا لم يتجه إلى الفكر الأشعري أهم دارسي الفلسفة والعقليات و فلاسفة الإسلام وعلماء الكلام أمثال : الكندي ، ابن سينا ، الفارابي ، البيروني، ابن العربي والقيصري ( ليسا شيعيان ولكنهما ليسا أشعريين ولا سنيين بالمعنى الحرفي ) ، الطوسي ، الحلي ، صدر الدين الشيرازي ، الداماد ، وآلاف الفلاسفة والحكماء والمتكلمين !.
لماذا لم يتسنن آلاف الفقهاء الذين لا يشق لهم غبار ؟!.
ولماذا ؟.. و لماذا ؟..
فهذا هو ما يحتويه سؤالك ، إذا كنت تسير به على نفس المنوال ؟!.
أما لو كان سؤالك عن فكرة بعينها كالإمامة أو العصمة فسيكون السؤال بالجهة الأخرى أوسع من رفض فكرة بعينها حتى في أضيق الاتجاهات ، فلماذا لم يسلم المسلمون مطلقاً بما قاله الأشاعرة من نفي العلاقة السببية والتي بها موت العقل والإسلام ؟؟!
وهكذا ترى - يا حبيبنا الكريم - أن مثل هذا السؤال يحتوي على ضده ، وإن كنت أعلم علم اليقين بأن الفكر الأشعري يتحاشى مسألة استحالة جمع النقيضين وبالتالي جمع الضدين لأنهما أسهل ، فهو يمكن المتلبس به من تصور الضدين .
ولو أردت أن أجيبك حقيقة عن السؤال التالي :
لماذا لا يقتنع بعض من رأى الحجة الشيعية ؟ وهو لا يتهم بعقله وعلمه ؟
فأقول : هذا السؤال شخصي جداً فإن مدعي مثل هذا يجب أن يثبت أمرين ضروريين .. وهما :
أولاً : كونه اطلع على كامل الحجة .
ثانياً : كونه قابلاً لفهم الحجة .
وهذان أمران لا يتيسر ادعاؤهما وتصديقهما لمجرد الادعاء ، بل ينبغي التحقيق ؛ فلهذا فان من المجازفة بمكان إطلاق مثل هذا الإدعاء من أساسه ، لأنه من المصادرات المنطقية حيث أن النتيجة عين الدعوى والبرهان عين المدعى .
قد يصح في أكثر الأحيان بأن عدم القناعة بالفكر الأخر هي نتيجة حتمية لعدم جدية البحث عن الأفكار الأخرى، لظروف شخصية واجتماعية وسياسية ومصلحية ، وهذا ينطبق على كل الأفكار بدون تحديد بدين أو مذهب .
وكلنا يعلم أن أوربا قتلت وعذبت أصحاب أفكار ونبذت أفكارهم ثم بعد ذلك تبنوها و قالوا تطورنا ووجدنا أن هذه الأفكار هي الصحيحة حين تغيرت النظم والمفاهيم في العقلية الأوربية ، وهذا لا يعني بان المعاصرين لجاليلو والحاكمين عليه هم جهلة أو ليس لديهم إنصاف .
لأن مخالفي الشيعة لم يبحثوا بجد وفهم عميقين لما قال الشيعة ، نتيجة الضغط العام وعدم المصلحة في الوقوف عكس التيار ، وقد وجدنا العزوف الكلي عن بحث الدليل الشيعي من قبل الكثير ممن تصدى للزعامة العلمية أو للتفرغ العلمي والديني ، لنفس الأسباب يضاف إليها الحواجز النفسية .
فأنا شخصياً حاورت بعض الأجلاء فوجدته حين يكون الدليل ملزماً يتغاضى عنه ، ولاحظت تكرر ذلك ، فقلت له لا يمكن أن يكون هذا السلوك من عالم !! فقال بصراحة أنا في داخل نفسي حين اسمع دليلاً مقنعاً لكم ، أتذكر ما تعلمته من أنكم أصحاب فنون في الكلام وألاعيب ، فلا يتعدى عندي أن هذه محاولة فنية للتلاعب بعقلي ، ولذلك من دون شعور أغير الموضوع وأهرب من الإلزام !.
إذن هناك الحاجز النفسي يسيطر حتى على الأجلاء من أهل الفضيلة والعلم والدين .
هذا الحاجز لم يكن وليد صدفة أو حالة نزاع بسيط ، و إنما هو نتيجة منهج طويل متشابك بكل تعقيداته عبر التأريخ الإسلامي من أول يوم أسس فيه التأريخ الإسلامي ، ولم يكن التحذير من الشيعة عملاً فردياً بل هو عمل مؤسسات السلطة بكل جحافلها عبر مئات السنين .
ولا يخفى مقدار الترابط بين السلطة وبين غير المقتنعين بالفكر الشيعي خصوصاً وأنت أتيت بأسماء هم من قلب السلطة إما وزير أو شيخ إسلام !! وأنت لست ممن لا يعي هذا ؟!
وإلا لوجهنا لك السؤال الخطير المبتني على نفس البنية الفكرية التي بنيت عليها من الاستدلال بالمخالف العلم والقائد .
لماذا لا نسأل : لماذا لم يؤمن معاوية بأفكار علي ابن أبي طالب ؟؟!
أنا اعرف بأن لديك الجواب وهو لدينا أيضا ولكن السؤال مبني على منهج الأطروحة التي طرحتها .
ومع ذلك لو رجعت إلى أمثلتك من العلماء الذين ذكرتم لوجدت خللاً في البيانات وسأبحث في رجلين منهم .. هما ابن أبي الحديد والشيخ سليم البشري رحمهما الله .
ابن أبي الحديد المعتزلي ( الوزير السياسي ) ليس شيعياً عندنا قطعاً وقد سرني أن أسمع منك بأنه ليس شيعياً وانه سني معتزلي ، وهذا ما لم نسمعه من فترة طويلة من أخوتنا أهل السنة ، حيث أن التهم جاهزة له بأنه شيعي وانه لا يؤخذ بنقله الخ .. مع إننا نعرف بأنه بريء من التشيع .
غاية ما هنالك هو معتزلي وهو مفكر حر وله لقطات فكرية جميلة قد لا تتناسب مع الفكر السني خصوصاً غير المعتزلي بل في كثير من الأحيان جهز مادة النقد للفكر السني وهذا واضح في كتابه شرح نهج البلاغة ولا ننسى تجاهره بحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وسادة آل البيت نثراً وشعراً ، كما تفعل أنت الآن من إظهار الحب والتقدير لآل الرسول ص.
ولكن هل ابن أبي الحديد درس الحجة الشيعية ؟ وهل استوعبها ؟
للأسف الجواب سلبي للغاية ..
فإن دراسات أجريت لشرح النهج ولفكر ابن أبي الحديد بالذات في هذا الكتاب ، وجد بأنه انتقائي ، يعرض من الحجج ما يراه من زاوية معينة ، ويترك ما يراه ملزماً ، بل وجدناه ينفي أمراً في باب المقارعة الفكرية ويثبته في باب السرد التاريخي مثلاً .
وهذه انتقائية لا تخلو من شائبة ، ومجمل ما وجدنا عنده من نقاش ودفعٍ مبني على عدم فهم المطالب ، وكان في بعضها يناقش ما لا يقوله الشيعي بما يقوله الشيعي وهذا منتهى الخلط بين المعلومات فعقل ابن أبي الحديد بتقديرنا دائرة معارف تكديسية خالية من المنهج القيادي المنطقي .
وهذه في الحقيقة مشكلة في المنهج الاعتزالي ونحن أعرف به لأننا نتفق مع الاعتزال في مناهج التفكير ونعرف الفروق بيننا بدقة وأهم هذه الفروق هو آليات التحليل اللغوي والمفاهيمي ، ومسألة الحدود المعرفية عند الإنسان والحجة فيها ( دليل العقل ) ، ونظرية المعرفة ، ومناهج مصادر البيانات .
فهذا الرجل لم يكن قادراً على استيعاب الدليل الشيعي ولم يكن له القدرة النفسية على تتبع الدليل الشيعي بأصوله الدقيقة ، وليس المقام هنا مقام التفصيل ، ولكن كما تعلم ويعلم كل فاضل بأنه بدأ كتابه بخطبة ضمنها حمد الله على مخالفته منطق العدل والعقل بتفضيله المفضول على الفاضل !!
وهذه قضية يراها الأعمى والمبصر على السواء وهي مخالفة صريحة لمضمون القرآن الكريم ولدليل العقل ومنهج العدل ، وهي تحتوي على نظرة تبريرية تحاول أن تسقط الواقع الخارجي على الحجة العقلية بدل إسقاط الحجة على ذلك الواقع .
ولو لوجدت المكان أهلاً لبحث طريقة تفكير ابن أبى الحديد بطريقة تحليلية علمية جافة لتبين مدى البون الشاسع بين ما هو موجود في مخيلة صغار المثقفين من متانة هذا الرجل وبين واقع الهشاشة الفكرية ، وحين تتوفر شروط البحث فلن أبخل بمثله .
وهذا منهج لا يختلف عن منهج مكيافللي وابن قتيبة الدينوري غيرهم من مفكرين سياسيين يرون أن واقع الحاكم هو الحقيقة المطلقة وأنها اختيارات إلهية تكوينية !! وسلوكه يمثل المصلحة الحقيقية في بقاء الحضارة ، بغض النظر عن حجم الأخطاء كما يسمونها ، ونحن بصفتنا الشيعية نعتني فقط بجانب المخالفة منها للشريعة ؛ لأننا من دعاة الشرعية الدستورية للحاكم ، وهذا هو مفهوم الإمامة كما نفهمه وليس كما يفهمه الآخرون .
فحديثك عن ابن أبي الحديد خارج سؤالك تخصصاً ، وهو لا يصلح كمثال مطلقاً .
يتبع >>>>
تعليق